المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحق الإسلامي في الاختلاف طه عبد الرحمن



rajamaroc
08-21-2007, 04:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
طه عبد الرحمان
العصامية الكبيرة في العطاء الفكري.
الاستمرارية و مواصلة مشروعه الفكري
تتويجه من طرف الإيسيسكو.
المكانة المرموقة التي يحظى بها في المنتديات البحثية و الأكاديمية الدولية.
سبق لي ان طرحت موضوعا مماتلا يلخص قكر الدكتور و رأيته عن الحق الإسلامي في الاختلاف
و اليوم نعود معكم لنكمل باقي النصوص و نضعها بين ايديكم بتحليلها المتماسك و المحكم و المترابط و الدي يضعنا امام فكر طه عبد الرحمن مباشرة و البحث حصريا على منتديات التوحيد

وسوف نتناول المواضيع التالية و دلك عبر حلقات
1-كيف تجيب الأمة عن أسئلة هذا الزمان ؟
2-خصائص الجواب الإسلامي المؤسس لحق الاختلاف
-أولا: مبدأ اختلاف الآيات
-ثانيا: مبدأ اختلاف الناس
--- و لكن كما يقول المؤلف يبقى على الأمة أن تجيب عن و احد من أشكل الأسئلة في هذا الزمان" المتعولم" و هو "سؤال الكونية", و صيغته: كيف يمكن الجمع بين الخصوصية الإسلامية و الكونية؟---
3--كيف نجمع بين الخصوصية الإسلامية و واقع الكونية
أولا: الجمع بين الخصوصية الإسلامية و مبدأ الكونية
ثانيا: الفصل بين الخصوصية الإسلامية و الواقع الكوني
*النقد الإيماني لواقع الكونية
** النقد الأخلاقي لواقع الكونية
الباب الأول النقد الإيماني للواقع الكوني
1-الفصل بين الآيات و القيم
2-حصر القيم في نطاق الثقافة
مدخل الباب الثاني
الواقع الكوني و النقد الأخلاقي

مدخل الباب الثالث تفعيل الإيمان و تأصيل الأخلاق
الفصل الأول
اختلاف القيم و تقرير التصادم
الفصل الثاني
تدمير القيم الإسلامية
الفصل الثالث
تفضيل القيم الأمريكية
الفصل الرابع
الاختلاف الفكري و وقاحة الاستعلاء
الفصل الخامس
الفكر الاثنيني و وقاحة الإنكار
الفصل السادس
الفكر الأحدي و وقاحة الاجتثاث
الفصل السابع
تفعيل الإيمان و جهد الارتقاء
الفصل الثامن
تأصيل الأخلاق و جهد الاكتمال
الخاتمة
لم الخوف من الإبداع؟

ان شاء الله ما يضيع العمل سدى و نستقيد جميعا كما استفاد اخرون ممن قام بانجاز البحث و التنقيب في كتب الدكتور مرورا بمن تكلف بجمع البحث حتى نشره على منتدانا منتدى التوحيد
فما رأيكم في الموضوع

rajamaroc
08-21-2007, 04:26 AM
الحلقة الاولى

كيف تجيب الأمة عن أسئلة هذا الزمان ؟
قد يبعث هذا السؤال على استغراب البعض لعدة أسباب, أحدها أن مفهوم الأمة المسلمة يبدو إلى الوهم أقرب منه إلى الحقيقة متى نظرنا إلى حال المسلمين, و الثاني أن الأمة عاجزة عن أداء المسؤولية عن هذا الزمان و حمل أمانته بالرغم أنها مسئولة عنه و مؤتمنة عليه بموجب نسبتها إلى الدين الخاتم, و الثالث أنها تتعرض لعمليتي سلب منسق, إحداهما نهب خيراتها المادية, و الأخرى محو قيمها الروحية بنشر الفساد بين أبنائها حتى وصلوا إلى حرمان هذه الأمة من حقها في أن تختص بأصول إعتقادية من لدن أولئك الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الحقوق و الحريات في العالم ,و حسبنا شاهدا على ذلك ما حملوا عليه ولاة أمر هذه الأمة من تغيير برامجها التعليمية و التربوي بما يخدم مصالحهم في الهيمنة, حتى استدرجوهم إلى أن يحذفوا منها آيات قرآنية و أحاديث نبوية لا تعجبهم, و في هذا منتهى الظلم و الفساد.

و يخف هذا الاستغراب إذا نظرنا للأمة على أنها واجب ينبغي القيام به في ظرف الواقع المحقق, و على أنها مجموعة قيم تسعى إلى أن تساهم في توجيه الأحداث المشهورة, و هذه القيم تتطلع إلى التنبيه على كيفية تغيير هذا الواقع على قدر الطاقة, و لهذا فإن المطلوب في المقاربة الفكرية ليس الانحصار في قضايا الواقع و إنما الاشتغال على كل قضايا العقل, سواء تعلقت بما هو كائن أو بما ينبغي أن يكون, و بالتالي حق لنا أن نقول أن للأمة الإسلامية جوابها الخاص عن أسئلة زمانها.

و لذا استقر عزمنا على إبراز الروح الخاصة التي تميز الجواب الإسلامي و التي تؤمن للأمة المسلمة حق الاختلاف في فكرها عن الأمم الأخرى, و لو كانت أشد منها بأسا, و حقيقة هذه الروح أنها جملة خصائص تؤسس لحق الاختلاف, و لذلك لزم أن يظهر خصوم الجواب الإسلامي بمظهر الخصوم الألداء لمبدأ الاختلاف.

خصائص الجواب الإسلامي المؤسس لحق الاختلاف

تبنى هذه الخصائص على مبدأين, مبدأ اختلاف الآيات,"سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" 53 سورة فصلت, و الثاني مبدأ اختلاف الناس و يمثله خير تمثيل اختلاف الأمم فتدبر الآيات الكريمة " و من آياته خلق السموات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين"22 الروم, " و لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم و تمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين"19 هود, " لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جمعيا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"48 المائدة.

أولا: مبدأ اختلاف الآيات
هناك فرق بين " الظاهرة"و "الآية", ذلك أن الظاهرة هي كل ما يظهر للعيان محددا في الزمان و المكان و حاملا لأوصاف تقو بينها علاقات موضوعية مثل "نول المطر", و لما كان كتاب الأمة المسلمة- القرآن- يسمي "عالم الظواهر" باسم"عالم الملك" جاز لنا أن نسمي النظر إلى الأشياء بوصفها ظواهر باسم "النظر الملكي", فتدبر الآيات الكريمة الكثيرة التي ورد فيها لفظ الملك نحو الآية"و لله ملك السموات و الأرض و ما بيننا يخلق ما يشاء"17 المائدة, و الآية "له ملك السموات و الأرض يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير" 2 الحديد, و الآية هي الظاهرة منظورا إليها من جهة المعنى الذي يزدوج بأوصافها الخارجية دال على الحكمة من وجودها, و هذا المعنى هو عبارة عن قيمة ينبغي لمن يدركها العمل بمقتضاها, كما هو معنى "الحياة" الذي تشير إليه ظاهرة "نزول المطر", و قد يقارن الظاهرة أكثر من معنى بحيث تصير الظاهرة الواحدة عبارة عن آيات متعددة كما في نزول المطر الذي يعني الحياة و البعث و الرحمة و النعمة و هي أربع آيات مختلفة, و لما كان كتاب الأمة المسلمة – القرآن- يسمي "عالم الآيات"باسم "عالم الملكوت" جاز لنا أن نسمي النظر إلى الأشياء بوصفها آيات باسم "النظر الملكوتي", فتدبر الآية الكريمة".... و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات و الأرض و ليكون من الموقنين"75 الأنعام, و الآية الكريمة" أو لم ينظروا في ملكوت السموات و الأرض و ما خلق الله من شيء و أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون"185 الأعراف.
و الأصل في نظر المسلم إلى الأشياء أنها تأمل في آيات أي "نظرة ملكوتية", و لا يصار إلى عدها ملاحظة لظواهر أي "نظرة ملكية" إلا بدليل, كما إذا باشر الكشف عن قوانينها السببية و لذلك فإن للمسلم نظرين اثنين إلى الأشياء لا ينفك يزاوج بينهما.
1- نظر أصلي يتدبر به الأشياء هو النظر الملكوتي الذي يوصله إلى الإيمان.
2- نظر فرعي يدَّبر به الأشياء و هو النظر الملكي الذي يوصله إلى العلم.
و لا نزاع في أن أسمى المعاني أو القيم التي يمكن أن تدل عليها الظواهر في كليتها جاعلة منها آيات لا متناهية هي بالذات "الألوهية" و هي القيمة التي تنهض بحاجة الإنسان إلى تعليل وجود الأشياء بدءا من وجود ذاته, و المسلم إنما هو هذا الإنسان الذي يجزم بوجود الألوهية ذلك أن نظره الملكوتي لا ينفك يطلبها في كل شيء يعرض له أو يحيط به, مهما دق شأنه أو جل, و هذا يجعله يعتقد على وجه اليقين أن لهذه الآيات إلها أوجدها و أمدها, و من هنا يلزم أن النظر الملكوتي و هو النظر في مختلف الآيات للوقوف على قيمها هو الأصل في إيمان المسلم, فإيمان المسلم إيمان ملكوتي بحق.

ثانيا: مبدأ اختلاف الناس
هناك فرق بين"المجتمع" و "الأمة", ذلك أن المجتمع هو مجموعة أفراد يسلكون سبيل الاشتراك في سد الحاجات و أداء الخدمات, و لما كان كتاب الأمة المسلمة- القرآن- يطلق على الانتظام في أعمال جماعية, خيرا كانت أو شرا, اسم التعاون, جاعلا التعاون بين المجتمعات من جنس تعاون الأفراد المختلفين أو بين المجتمعات المختلفة باسم"العمل التعاوني", تدبر الآية الكريمة"....و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله..."2 المائدة, أما الأمة فهي المجتمع منظور إليه من جهة القيم التي يدعو إليها و التي تؤهله لأن يبلغها إلى الأمم الأخرى, سعيا وراء الارتقاء بالإنسان, و لما كان القرآن يطلق على "العمل بقيم الخير" اسم الإتيان بالمعروف جاعلا العمل بهذه القيم بين الأمم المختلفة من جنس العمل بين الأشخاص داخل الأمة الواحدة, جاز أن نسمي التعامل بين الأشخاص المختلفين و بين الأمم المختلفة على مقتضى قيم الخير باسم" العمل التعارفي", إذ حقيقة التعارف هو أنه تعاون على المعروف و ترك التعاون على المنكر,تدبر الآية الكريمة التالية"إن إبراهيم كان أمة قانتا لله و لم يك من المشركين"120 النمل و الآية"و من قوم موسى أمة يهدون بالحق و به يعدلون"159 الأعراف, فالأمة قد يكون شخصا واحدا أو أمة أو عدة أمم داخل المجتمع الواحد, و تدبر الآيات الكريمة الكثيرة التي نصت على المعروف" و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون"104 آل عمران
و تدبر الآية الكريمة"يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و أولئك من الصالحين"114 آل عمران, و ليس تعامل المسلم مع أخيه مجرد تحصيل خدمات منه أو توصيلها إليه, و إنما جلب صلاح إليه أو استجلابه مننه أو دفع فساد عنه أو استدفاعه به, و ذلك لأن التعامل بين المسلمين يبتغي الارتقاء إلى رتبة الأمة, و هذه الرتبة لا تدرك إلا بالعمل التعارفي, أي بتعارف الأشخاص داخل الأمة على المعروف و هو عبارة عن القيم التي تمثلها مكارم الأخلاق, تدبر الآية الكريمة"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"13 الحجرات.
و المسلم على الخصوص لا ينفك يتغلغل في العمل التعارفي لأن يمده بالأخلاق التي تجعله قادرا على التعامل مع مختلف الأمم التي يتكون منها العالم, و من هنا يلزم أن العمل التعارفي و هو التعامل مع مختلف الأشخاص و الأمم على مقتضى المعروف هو الأصل في تخلق المسلم, فتخلق المسلم تخلق تعارفي بحق, و المقصود بالتخلق هو عملية اكتساب.
فيوجد عندنا الآن نظران , نظر ملكي و نظر ملكوتي وهو الأصل, و عملان عمل تعاوني و عمل تعارفي بحيث يتأسس العمل التعاوني على العمل التعارفي, و متى سلمنا بأن العلاقة بين النظرين و العملين هي علاقة تأسيس صريح لزم أنها تتصف بصفتين أساسيتين: هما التسديد و التكميل.
أ‌- التسديد يقصد به أن يتولى الطرف المؤسس بكسر السين تقويم الاعوجاج لدى الطرف المؤسس بفتح السين, و قد ظهر أن النظر الملكي لا يتعدى طور الظواهر و هو بحاجة إلى النظر الملكوتي لكي يوجهه إلى الأغراض النافعة,و كذلك العمل التعاوني يمكن أن يتبع مسالك لا ترقى بسلوك الإنسان و إنما تنحط به كما يجوز أن تغريه مكاسبه بقلب المعيار الأخلاقي و حينئذ يكون واجب العمل التعارفي أن يرشده إلى المسالك التي ترتفع بسلوك الإنسان, و أن يوجهه إلى الضوابط التي تفصل بين المعروف و المنكر.
ب‌- و التكميل يقضي بأن يتولى الطرف المؤسس بكسر السين سد النقص الذي يقع فيه الطرف المؤسس بفتح السين في أي رتبة من رتبه و في أي شعبة من شعبه, فمهما ارتقى النظر الملكي في الكشف عن قوانين الظواهر و الأحداث فإنه لا يستطيع أبدا أن يخرج منها إلى أفق المعايير المثلى التي تضبط هذه القوانين, حتى لا تفضي إلى الإضرار بعقل الإنسان, و هنا ليس للنظر الملكي بد من أن يستعين بالنظر الملكوتي لكي يزوده بهذه المعايير العليا و مكملا نقصه, إذ تؤخذ هذه المعايير من القيم الروحية التي اختص بها النظر الملكوتي, و كذلك الأمر بالنسبة للعمل التعاوني فمهما اجتهد فإنه لا يستطيع أن يهتدي بنفسه إلى المعايير المثلى التي تضبط تلبية الرغبات و الحاجات و لذلك لا بد من أن يستعين بالعمل التعارفي حتى يزوده بالمعايير العليا مكملا نقصه, إذ تؤخذ هذه المعايير من القيم الخلقية التي اختص بها العمل التعارفي.
مما تقدم نجد أن روح الجواب الإسلامي عن أسئلة هذا الزمان تتجلى في حقيقتين اثنتين: هما الإيمان و يتوصل إليه بالنظر في مختلف الآيات, أي بالنظر الملكوتي بوصفه مؤسسا للنظر الملكي, و الثانية التخلق و يتوصل إليه بالتفاعل بين مختلف الأشخاص و الأمم, أي بالعمل التعارفي بوصفه مؤسسا للعمل التعاوني.
و هاتان الحقيقتان( الإيمان و التخلق) تكفيان لتحديد خصوصية الجواب الإسلامي, لأن الجواب الإسلامي سيختلف بالطبع عن باقي الإجابات عن أسئلة هذا الزمان, و من خصوصيات الجواب الإسلامي:
ا- يختص الجواب الإسلامي بكونه أصلا جوابا اختلافيا, لأن الأصل في نظر المسلم أن يكون نظرا ملكوتيا, و الأصل في عمله أن يكون عملا تعارفيا, و النظر الملكوتي يجعله ينظر في آيات لا يتناهى اختلافها, تدبر الآيات الكريمة في موضوع اختلاف الحجر و النبات و الحيوانات و الإنسان"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءا فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها و من الجبال جدد بيض و حمر مختلف ألوانها و غرابيب سود و من الناس و الدواب و الأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور"26-28 فاطر, و ظاهر أن المقصود بالعلماء هنا ليس أولو النظر الملكي الذين يتوقفون عند الظواهر, و إنما أولو النظر الملكوتي الذين ينفذون إلى الآيات, و الأصل الثاني وهو عمله يجعله يتعارف مع أشخاص و أمم لا يضاهى اختلافهم.
ب-تختص اختلافية هذا الجواب بكونها اختلافية إيمانية و أخلاقية, فهي اختلافية إيمانية لأن النظر الملكوتي يورث المسلم رسوخ الإيمان, و كذلك اختلافية أخلاقية لأن العمل التعارفي يورثه دوام التخلق.
ج- تختص إيمانية الجواب الإسلامي بكونها أشمل إيمانية, لقد أشرنا إلى أن المسلم يعتقد جازما أن الدين الإسلامي هو خاتمة الأديان السماوية, و لا تعني هذه الخاتمية أن هذا الدين أنهى نزول الوحي إلى الناس فقط, بل تعني أيضا أنه جمع ما في سابق الأديان من أسرار الإيمان و زاد عليها أسرارا أخرى ليست فيها, فتكون القوة الإيمانية للدين الإسلامي أوسع مدى من القوة الإيمانية لغيره من الأديان, و إذ ذاك لا عجب أن يرى المسلم في كل شيء سببا للزيادة في إيمانه فأينما توجه وجد ربه.
د- تختص أخلاقية الجواب الإسلامي بكونها أكمل أخلاقية, معلوم أن المسلم يعتقد جازما أن الأخلاق الإسلامية تتمم الأخلاق السابقة عليها, تأمل الحديث الصحيح المروي عن أبي هريرة " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" و هناك رواية أخرى "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"و و لا تعني هذه "التتميمية" أن هذه الأخلاق تضيف إلى أخلاق الأمم الأخرى قيما سلوكية لم تعرفها من قبل فحسب, بل تعني كذلك أنها تنشئ من القيم الخلقية التي عرفتها هذه الأمم مراتب و مقامات عليا لم تعرفها من قبل, فتكون القوة الأخلاقية للدين الإسلامي أعلى رتبة من القوة الأخلاقية لغيره من الأديان, و عندئذ لا غرابة أن يتوسل المسلم بكل فعل أتى به إلى تكميل تخلقه , إذ كيفما تصرف طلب القيمة التي تزكي تصرفه.
و نلخص الخصوصية بإيجاز شديد بكون الجواب الإسلامي جواب اختلافي و اختلافه إيماني و أخلاقي, و إيمانية الجواب الإسلامي أشمل إيمانية و أخلاقية الجواب الإسلامي أكمل أخلاقية.
-----و لكن كما يقول المؤلف يبقى على الأمة أن تجيب عن و احد من أشكل الأسئلة في هذا الزمان" المتعولم" و هو "سؤال الكونية", و صيغته: كيف يمكن الجمع بين الخصوصية الإسلامية و الكونية؟