المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطريقة والشريعة والحقيقة والوصول



عماد
02-09-2005, 02:52 PM
الطريقة والشريعة والحقيقة والوصول
الولد: أبي ما معنى الطريقة وما معنى الشريعة وما معنى الحقيقة وما معنى الواصل ؟
الأب: لقد قلت لك يا بني إما أن يكون عمل الإنسان موافقاً لشرع الله سبحانه فهو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى وهو شريعة الله وهو الموصل إلى المقامات العلية ، وإما أن يكون على غير ما شرع الله لعباده فهو مردود على صاحبه . فالله سبحانه غير محتاج لصيامنا وجوعنا وصلاتنا وتعبنا ووضوئنا إنما فتح لنا باب التفاضل عنده بامتثال أمره واجتناب نهيه قال سبحانه : ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملاً وهو العزيز الغفور ) فقال سبحانه : ( ليبلوكم ايكم احسن عملاً ) ولم يقل ايكم اكثر عملاً علماً بأن الحسن ليس بالكثرة ولكن الكثرة من الحسن . أتدرى ما هو العمل الأحسن ؟ هو الأكثر موافقة لما شرعه الله سبحانه وتعالى ، فكلما كانت صلاة الإنسان مثلاً موافقة لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أفضل واحسن وكذلك الصيام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير الصيام صيام أخي داوود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) كما قال عليه الصلاة والسلام : ( صائم الدهر لاصام ولا أفطر ) إذاً فالصيام الموافق لما شرع الله هو الأحسن وهو المقبول عند الله سبحانه وتعالى ، واما من صام الدهر كله فلا اجر لـه في صيامه لانه خالف شرع الله تعالى لان القصد من فرض العبادات على الخلق هو تحقق العبد بالعبودية وذلك بامتثال أمر الله تعالى سلباً وإيجابا ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) .
انظر يابني : إن الله فرض علينا صيام رمضان كله وحرم علينا صيام يوم العيد ، فمن افطر آخر يوم من رمضان أثم ومن صام اليوم الذي يليه وهو يوم عيد الفطر أول يوم من شوال أثم فما هو الفرق بين اليومين المتواليين الطعام واحد واليومان متواليان ؟!
المراد والله تبارك وتعالى اعلم هو ليس الأكل وعدم الأكل ولكن المراد هو الامتثال لأمر الله تعالى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ليس عليه امرنا فهو رد ) وهذا الحديث يؤكد ما قلت لك بأن المقصود من التكاليف الشرعية في العبادات هو مجرد الامتثال حيث بالامتثال تتجلى وتتحقق العبودية قال الله تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) على أنني لا أنكر أن في جميع التكاليف سواءً كانت في العقائد أم في العبادات أم في المعاملات منافع للناس لكن الغاية الأولى هي العبادة .
واما الحقيقة فهي كل ما جاء من عند الله سبحانه من عقائد وعبادات ومعاملات هذا هو تفسيري والله اعلم .
واما الوصول فهو عندي الوصول إلى مرضاة الله تعالى ، كما أن الوصول هو الوصول في الدنيا إلى رؤية الله سبحانه في الدنيا بعين البصيرة . أتدري ما معنى ذلك ؟ هو اليقين التام بوجود الله وعظمة الله كما لو رأيت الله ببصرك ولكن دون إحاطة ، إذ لا تحيط بالله أمصار ولا بصائر ولربما تستغرب ذلك ... سأشرح لك ذلك : لو قلت لك ثلاثة دراهم وثلاثة دراهم كم تكون ؟ الولد : ستة دراهم .
الأب : لو سلمتك ثلاثة دراهم ثم سلمتك ثلاثة أخرى وعددتها ستكون ستة أيضا هل عندما استلمت الدراهم وعددتها ازددت يقينا بأن ثلاثة وثلاثة تساوي ستة ؟ الولد : لا يا أبي .
الأب : هذا اليقين والمعرفة بالله سبحانه وتعالى هو الوصول إلى الله في دار الدنيا وهو لا يكون إلا بسلوك الطريق إلى الله تبارك وتعالى .
أما ما يقصده الآخرون فهم يعتقدون ان الشريعة هي التكاليف الشرعية والطريقة هي العبادات المعينة التي يكلف الشيخ بها مريده مقرونة بالطاعة للشيخ ولو في معصية الله دون إساءة الظن بالشيخ ودون مناقشة ، فعندهم ما افلح مريد قال لشيخه : لم ، محتجين بقصة الخضر عليه السلام وقد أبطلنا وجه الاستدلال لان الخضر نبي معصوم ولا عصمة لغير الرسل، فكل متمشيخ يأمر مريديه بغير أمر الله فهو دجال مضل فاحذره يابني .
واما الحقيقة عندهم فلهم فيها أقوال وتفسيرات : فمنهم من يقول بأنها الوصول إلى وحدة الوجود يعني أن هذه الموجودات هي الله ومنهم من يقول أنها الحلول ومعنى الحلول ان الله حل في الكون كما حل السكر في الماء، فليس كل ما في الكأس ماء ولا كله سكر، ولكن اختلطت جزيئات السكر بالماء فلم تعد محصورة في جزء معين .
ومنهم من نظر إلى القدر دون الالتفات إلى التكاليف فطالما لا يقع في الكون إلا ما شاء الله فلا حلال ولا حرام ولا صلاة ولا صيام ، وهذا أيضا هو الوصول عندهم وحجتهم في ذلك أن جبريل عليه السلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور عند الناس عن الإسلام والإيمان والإحسان وهذا تستّر من المغرض وخطأ من المضلين إذ المقصود من الحديث هو كما فسره رسول الله عليه وسلم بقوله:(انه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ) أي ماذا يجب عليكم أن تؤمنوا به وماذا يجب عليكم أن تعملوا وكيف تكون صفة أعمالكم. والطريق إلى الله تبارك وتعالى هو الطريق التي رسمها الله لخلقه وليس ما ابتدعه الناس........ الشيخ محمد علي سلمان القضاة رحمه الله