المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حدود الأخلاق



البطاقة الخضراء
10-23-2007, 01:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

حدود الأخلاق

للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا ، و متى قصرت عنه كان نقصا و مهانة

فللغضب حد : و هو الشجاعة المحمودة و الأنفة من الرذائل و النقائص، و هذا عماله ، فإذا جاوز حده تعدى صاحبه و جار، و إن نقص عنه جبن و لم يأنف من الرذائل

و للحرص حد : و هو الكفاية في أمور الدنيا و حصول البلاغ منها ، فمتى نقص من ذلك كان مهانة و إضاعة و متى زاد عليه كان شرها و رغبة فيما لا تحمد إلى رغبة فيه

و للحسد حد : و هو المنافسة في طلب الكمال ، و الأنفة أن يتقدم عليه نظيره، فمتى تعدى ذلك صار بغيا و ظلما و يتمنى معه زوال النعمة من الحسود و يحرص على إيذائه، و متى نقص ذلك كان دناءة و ضعف همة و صغر نفس ، قال صلى الله عليه و سلم : لا حسد إلا في اثنتين : رجل أتاه الله مالا فسلطه على أهلكته في الحق، و رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها الناس ، فهذا حسد منافسة يطالب الحسد به نفسه إن يكون مثل المحسود لا حسد مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود

و للشهوة حد : و هو راحة القلب و العقل من كد الطاعة و اكتساب الفضائل و الاستعانة بقضائها على ذلك، فمتى زادت على ذلك صارت فهمة و شبقا، و التحق صاحبها بدرجة الحيوانات، و متى نقصت عنه و لم يكن فراغا في طلب الكمال و الفضل كانت ضعفا و عجزا و مهانة

و للراحة حد : و هو اجمام النفس و القوى المدركة و الفعالة للاستعداد للطاعة و اكتساب الفضائل و توفرها على ذلك بحيث لا يضاعفها الكد و التعب و يضعف أثرها ، فمتى زاد على ذلك صار توانيا و كسلا و إضاعة و فات به أكثر مصالح العبد ، و متى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها و ربما انقطع به كالمنبت الذي لا أرضا قطع و لا ظهرا ابقي

و الجود له حدين طرفين : فمتى جاوز حده صار إسرافا و تبذيرا و متى نقص عنه كان نجلا و تقتيرا

ة للشجاعة حد : متى جاوزته صار تهورا ، و متى نقصت عنه صار جبنا و خورا و حدها الإقدام في مواضيع الإقدام و الإجمام في مواضع الإجمام، كما قال معاوية لعمرو بن العاص : أعياني أن اعرف أشجاعا أنت أم جبانا !! حتى أقول من أشجع الناس و تجبن حتى أقول من اجبن الناس
فقال : شجاع إذا أمكنتني فرصة فان لم تكن لي فرصة فجبان

و الغيرة لها حد : إذا جاوزته صارت تهمة و ظنا سيئا بالبريء و إذا قصرت عنه كانت تفاعلا و مبادئ دياثة

و للتواضع حق : إذا جاره كان ذلا و مهانة ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر و الفخر

و للعز حد : إذا جاوزه كان كبرا و خلقا مذموما ، و إن قصر عنه انحرف إلى الذل و المهانة

و ضابط هذا كله العدل، و هو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط و التفريط، وعليه بناء مصالح الدنيا و الآخرة بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به فانه من خرج بعض أخلاطه عن العدل و جاوزه أو نقص عنه ذهب من صحته وقوته ذلك ، وكذلك الأفعال الطبيعية كالنوم و السهر و الأكل و الشرب و الجماع و الحركة و الرياضة و الخلوة و المخالطة و غير ذلك إذا كانت وسطا بين الطرفين المذمومين كانت عدلا إن انحرفت إلى احدهما كانت نقصا و أثمرت نقصا.

فمن اشرف العلوم و انفعها علم الحدود و لا سيما حدود المشروع المأمور و المنهي، فاعلم الناس أعلمهم بتلك الحدود ، حتى لا يدخل فيها ما ليس منها و لا يخرج منها ما هو داخل فيها.

قال تعالى { الأعراب اشد كفرا و نفاقا و أجدر إلا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله} التوبة ـ 97

فاعدل الناس من قام بحدود الأخلاق و الأعمال و المشروعات معرفة و فعلا، و لله التوفيق



منقول من كتاب الفوائد
ابن القيم الجوزية

محمد الصيعري
06-08-2012, 05:20 AM
(( بارك الله فيك وجزاك ربي خيراً ))

هشام بن الزبير
06-08-2012, 10:23 AM
والسؤال المحير لكل ملحد: - كيف للعقل أن يستقل بمعرفة وضبط هذه المسائل الأخلاقية الدقيقة التي لا يمكن إخضاعها للتجربة ولا يمكن للبشر أن يتفقوا عليها أصلا؟

Omar Saad
06-08-2012, 01:40 PM
السلام عليكم

لدي إضافة قد تكون خارج صلب الموضوع بعض الشيء إلا أنها ترتبط به كثيرا.

بدأت تتبادر إلى ذهني مؤخرا عبارة ألفتها بنفسي أقول فيها: "الأخلاق منافية للعلم التجريبي" - "Morality is anti-scientific"! ربما لا تكون هذه العبارة دقيقة تماما لكن برأيي المتواضع أن فيها من الصواب ما فيها!

مثال على ذلك, أن المحرقة النازية مثلا كانت عبارة عن تجربة علمية ضخمة! وكانت تتم بحياد علمي رهيب! وعلى إثرها بلغ التقدم العلمي في ألمانيا النازية مبلغا عظيما وخلال فترة قصيرة جدا!

لكن كان ثمة أمر خطير تفتقد إليه هذه التجربة, ألا وهو الوازع الأخلاقي! إذ كيف يعد من الأخلاقي أن يتم استعباد الملايين من البشر (و بالمناسبة لم يكونوا يهودا فقط, وإنما كان بينهم الغجر والمعاقين والعجزة وحتى الجنود المصابين إصابات لا يرجى شفاؤهم منها) وحبسهم في معسكرات السخرة وإخضاهم للتجارب العلمية بمنتهى البرود والحياد, ثم صناعة السجاد من شعرهم, والصابون ومعجون الأسنان من عظامهم وشحمهم.. إلخ؟!!

و عليه, فمن النظرة المادية العلمانية الشاملة البحتة, فإن الحديث عن كون هذه الممارسات منافية للأخلاق وما شابه لا معنى له مطلقا. ذلك أن هذا المشروع الضخم كان يساهم في تقدم العلم التجريبي (و الذي يعتبر دين أهل الإلحاد وعقيدتهم) بشكل لم يسبق له مثيل!

و بالتالي, فإن أي ملحد يتحدث عن "لا أخلاقية" المحرقة النازية إنما يناقض نفسه! لأنه يدخل مفهوم الأخلاق إلى المعادلة رغم أنه يتعارض مع عقيدته "الغراء" المتمثلة في العلم التجريبي!

7medZ
06-15-2012, 09:02 PM
الغضب ليس من الأخلاق بل هو عاطفة وانفعال وكذلك الشهوة هي ميول وليست خلقا ، الأخلاق نتعرف عليها بأنها تصير ميزة يتميز بها الفرد وقيمة تصدر عنها أفعاله

أبو عثمان
06-15-2012, 10:05 PM
الأخلاق نتعرف عليها بأنها تصير ميزة يتميز بها الفرد وقيمة تصدر عنها أفعاله
تعريف باطل ولوازمه أبطل
الوجه الأول :تأمل أنك جعلت التميّز علامة الخُلُق ! .. وفي "أي أعمل" ولا يحق لك الإعتراض
الثاني : الحشمة -العورة المغلّظة على أقل تقدير- سِمَة عالمية على مرّ التاريخ من جميع الأجناس والأعراق ذكر وإناث = فليست من الأخلاق في شيء ...
وأما قولك :

وقيمة تصدر عنها أفعاله
فترف اصطلاحي , ومن حشو الكلام , وللأسف لوازمها كسابقتها , هتلر ما كان يفعله ناتج عن قيمه منها صدرت أفعاله .

أبو عثمان
06-16-2012, 12:38 AM
لكي لا يساء فهمي من إخوتي , كلامي عن الحشمة وهتلر كان لتبيان لازم هذا التعريف الفاسد , لا أنّي أقول أن الحشمة ليست من الأخلاق !
وكلامي في الوجوه كلامٌ في اللوازم على وجه الخصوص .

المَاسَّةُ قُرطبة ©™
06-16-2012, 12:47 AM
لكي لا يساء فهمي من إخوتي , كلامي عن الحشمة وهتلر كان لتبيان لازم هذا التعريف الفاسد , لا أنّي أقول أن الحشمة ليست من الأخلاق !
وكلامي في الوجوه كلامٌ في اللوازم على وجه الخصوص .

بورك فيكم احسنتم التبيان.