المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تُقنع ملحداً !



البربهاري
11-11-2007, 01:19 PM
لست عالماً ولا متخصصاً في علم المنطق , ولكنِّي أناقش البسطاء أمثالي ممن استزلهم الشيطان , فأقول في سلسلة من مقالاتي المتواضعة جداً :


كيف تُقنع ملحداً , سؤال وجيه , وقفت في حيرة من أمري , انتابني خوفٌ عظيم , ليس على معتقدي , بل عليه هو .


كان السؤال , لا أدري هل الله موجود أم لا , وماهو الدليل على وجود الله , ربما لا يوجد صانع للكون , فقلت لهُ مبادراً :

السيارة أتت بي إلى هذا المكان من دون أن أقودها ومن دون قائدٍ لها , فكان الجواب الصريح , هذا ضربٌ من الجنون !

فقلت إذن هذا الشارع الذي أمشي عليه موجود منذ الأزل ولا واضع له ! كذلك هذا ضربٌ من الجنون .


فنقول , هذا شارع وهذه سيارة أو مركبة , فأيهما أعظم جبال وأنهار وبحار ووديان وصحارى وسماء وشمس وكواكب ونجوم ومجرات وكون وخلائق أم سيارة وشارع !

فتلك الأمور المذكورة آنفاً من جبال وصحاري وبحار وغيرها , استحالة أن يكونوا أوجدوا أنفسهم , فمثلاً هل السماء أوجدت نفسها ! أم هل الجبال أجدوا أنفسهم , الجواب بكل بساطة , مستحيل أن يوجدوا أنفسهم بأنفسهم .


إذن وصلنا لحقيقة عظيمة , لا أقررها بنفسي , بل العقل قبل ذلك يقررها , وهو إستحالة إيجاد الشيء من دون مُوجد له .

فلكل أثر سابق في فعله وتأثيره , وكلما كان الأثر عظيم كلما كان المؤثر عظيم , وعظمة الأثر من عظمة المؤثر عليه .

فالكون عظيم جداً , وعظمة هذا الكون العظيم من عظمة المُوجد لهُ من عدم , فكان حَريٌ بنا أن نقول أنَّ هذا العظيم لا يصلح لهُ إلا الكمال ولا نقبل فيه إلا الإيجاب والكمال .


فلو قلنا أنَّه أوجد هذا الكون لمجرد الإيجاد من دون سبب ! سيكون هذا نقص في المُوجد , وهنا افترقت الطرق بيني وبين المُحاور الذي حاورته , فهو أقر بوجود مؤثر وأقر بوجود مُوجد , ولكن عندما قلت هذا المُوجد الذي أوجد الكون , يجب أن نقبل فيه الكمال , ومن الكمال أن نقول أنَّه أوجد الكون لغاية !

حاد عنِّي ولم يُذعن لمقالي .


فأيهما أجمل في هذا المُوجد , هل أنَّه أوجد الكون لمجرد الإيجاد فأرحامٌ تدفع وأرض تبلع , أم أنَّه أوجد الكون لغرضٍ ما يجب أن يبلغنا به !!!

فأيهما العقل سيقبل , فلا ثالث لهذين الأمرين البتة ! فكان جواب الأخ المُحاور أنَّه قال : لا ربما أوجدنا هكذا , لما لا !

فكانت النقطة التي وقفنا عليها ولم يشأ المحاور أن يسلِّم بما أقول ولم أجبره على التسليم بما أقول , ولكنِّي فقط كنت أناشد عقله أن يسلَّم !



لذلك أقول : بعد أن عرفنا أن المُوجد عظيم ومما يليق بهِ أن يُوجد لغاية , فكان من العقل أن نعلم كيف سنعرف هذه الغاية !

فلو ظهر علينا وأمرنا هكذا بغايته لكان لا فرق بين الناس , فكلهم يعلمون سلطان المُوجد وعظمته , فخرج إليهم وأمرهم بغايتهِ , فلن تكون هناك أي حكمة في الأمر إذا خرج عياناً بياناً وأمرنا بغايته , لأن الكل سيطيع بعد أن يرى المُوجد جهرةً !


إذن يجب أن يكون هناك وسيلة بيننا وبينه , فكانت الوسيلة لنقل غايته ومُرادهِ هم الرسل , وفي ذلك بليغ الحكمة , فهذا الإنسي الذي بُعث يستطيع الإنسان أن يراه ويسمع منه ويجالسه , ولكن لو كان مخلوقاً آخر كيف سيأنس بهِ ويقبل منه !

والمعلوم جزع الإنسي من أي مخلوقٍ آخر .

عند هذه النقطة سنقف , كي لا نشتت الأفكار .

أخوكم / عبدالله العبدلي

البربهاري
11-11-2007, 01:21 PM
وصلت مع من يُريد الحق إلى ثمرة يانعة لا يصلح معها إلا القطف , وهي أنَّ هناك موجد , وهذا الموجد عظيم , وذلك بسبب عِظَم ما خلق وما صنع , فعندها نقف أمامه بإجلال وتقدير ونقول في حقه ما يقوله العقل , فالعقل يقول أنَّه عظيم ويستحق الكمال لأنه أنشأ عظيم وبديع الصنع , أليس كذلك !

المخالف عليه الرجوع إلى المقالة التي في أعلا الصفحة .


إذن بعد أن عرفنا كماله فنحن أمام أمرين لا ثالث لهما , وهذين الأمرين هما جوابان لسؤال واحد , والسؤال لماذا خلق ذلك الكون العظيم بمن فيه ! ؟


لن يكون إلا جوابان , الأول أنه خلقهم عبثاً لاعباً لا لشيءٍ آخر { تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً }

الجواب الثاني هو أنَّه خلقهم لغرض وغاية , وهذا أكمل وأليق وأصلح بحق هذا الموجد , والعقل لا يقبل إلا ذا .


لنكن موضوعيين , النقاش عن الموجود الآن وغرضه , وليس عن الكتب السماوية والجدالات الأخرى التي سنأتي إليها عند حينها , فكلامنا كما أسلفت عن الموجد وسبب إيجاده وما يصلح لنا أن نقول في ذلك .


فأريد جواب لسؤالين , الأول هل هناك موجد ؟ أجبنا عليه بأنَّ لكل أثرٍ مؤثر ولكل سابق مسبوق ولكل عدمٍ منشئ , ولكل نسقٍ مغير له , فنسق الماضي عدم فأصبح وجود , فمن غيَّر ذلك النسق من عدمٍ إلى وجود !

فإن أثبتنا وجودهِ وهو الموجد فماذا علَّنا أن نقول في حق إنشائه وما علة هذا الإنشاء من العدم ؟



نرجع لمضمون مقالنا الثاني , سنقول أيها الأفاضل : بعد إنشائه من العدم , وبعد أن قلنا في حقِّه أنَّه أنشأنا لغاية وليس هكذا , وذلك أليق بهِ .

فما هي الغاية كيف نعرفها !؟

كيف سنعرف الغاية , فإن قلنا أنَّه تركنا من دون أن يبينها لنا سنشتمه من حيث لا نعلم وسنضع في حقِّه النقص لأنَّ ذلك نقصاً فيه أن يوجدنا من دون أن يبين لنا أسباب إيجاده والغاية من ذلك وهذا أعظم الظلم , أليس من الأليق أن نقول أنَّه سيبيِّن لنا هذا الأمر بطريقةٍ ما !

فما هي هذه الطريقة التي سنعرف من خلالها غاية الموجد لنا من عدم !


سؤال نريد أن نقف عنده أيضاً كي لانشتت الأفكار , فإنَّا الآن مررنا بأربعة مراحل :


الأولى أنَّ لكل أثر موجد وعرفنا أنَّ للكون موجد .

الثانية أنَّ هذا الموجد لا يصلح في حقِّه إلا الكمال والإيجاب فلا يصلح أن نصفه بالنقص لأنه أوجدنا من عدم , فهو عظيم بسبب عظم ما أوجد .

الثالثة أنَّ السؤال لماذا أوجدنا له إجابتين , الأولى لعباً , والثاني لغاية , والأولى نقص , والثانية كمال , وهذا العظيم الذي أوجدنا من عدم لا يصلح أن نصفه بنقص , بل نصفه بكمال وبإيجاب فنقول أوجدنا لسبب وغاية .

الرابعة : هل وضح لنا السبب أم لا , إن قلنا لا فقد ظلمناه ووصفناه بنقص وإن قلنا نعم فقد وصفناه بالكمال الذي يليق بعظمته كموجد ومنشئ من عدم .


إلى هنا سنقف لتنتشي العقول ولنا عودة أيها الأفاضل .


وأقول لكل من يقرأ لمجرد أنّه مضمر الرد قبل القراءة ولا يريد الحق , كفَّ عنَّا جشاءك .

أخوكم / عبدالله العبدلي