المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزف الرحيل فعجل



abosohib
05-09-2008, 01:39 AM
دقات الساعة تنذر بالخطر.. وأنك تخطو إلى القدر.. وحياة الإنسان ساعات
معدودة.. " وإنما أنت عدد.. "

دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقـائق وثواني

والموت قادم " فاغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك،
وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، " [2] إن حياتك
محدودة.. وأيامك معدودة.. فإياك أن تلقى الله وأنت غافل.. ولا تغتر
بالدنيا وزينتها فما أرى الأمر إلا أسرع من ذلك.. ماذا قدمت لسؤالك يوم
القيامة.. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لن تزولا قدما
عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه.. وعن شبابه
فيما أبلاه.. وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه.. وعن علمه ماذا عمل
فيه "[3] فهل أعددت للسؤال جوابا ؟..

هذه ساعة لندن تطرق في نهاية كل يوم.. لسان حالها ينادي يا بني آدم: هذا
يوم قد مضى فابكوه.. وهذا يوم أتاكم فاغتنموه.. " وحاسبوا أنفسكم قبل
تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا.. "

خذ من الدنيا اليسير فأنت إلى الموت تسير.. وإياك تغتر بشبابك فإنك بعده
تهرم.. أو طول حياتك فأنك بعدها تموت.. واعمل فما لك بعد الموت إلا
العمل.. فإن كان خير فاحمد الله وإن كان غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك..
"فيداك أوكتا وفوك نفخ.." والدنيا تنذر أهلها بما فيها من المصائب.. وكل
رهن عمله، وأنت وما تشتهى أن ترى يوم القيامة.

دقـات السـاعـة إنـذار *** بـدنو العـمر مـن الأجـل

وحـياة الـدنيـا مشـوار *** و الـراحـة تجـنى بالـعمل

هاك أعلام السبق قد رفعت.. ورايتها قد نصبت.. وتسابق الأبطال.. بعزم
الرجال..فـ

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله **** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر

" ولن يبلغ البطال منازل الأبطال " على ركاب الجد ينال الفوز في السباق..
وعلى مطايا العزيمة يبلغ الطالب حاجته.. إن مصير الناس مرهون بالعمل..
وإن طريق الجنة محفوف بالخطر..

بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها *** تنال إلا على جسـر من التعب

" إذا طلع نجم الهمة وردفه قمر العزيمة أشرقت أرض القلب بنور ربها.. لا
تسأم من الوقوف أمام الباب ولو طردت.. ولا تقطع الاعتذار ولو رددت.. فإن
فُتح للمقبولين.. فدونك فاهجم هجوم الكذابين وادخل دخول الطفيلية وابسط
كف { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}[4]" [5]

سُأل أحمد بن حنبل متى الراحة ؟ فقال: عند أول قدم نضعها في الجنة. " فيا
مخنث العزم الطريق طريق تعب فيه آدم.. وناح لأجله نوح.. ورمي في النار
الخليل.. وأضجع في للذبح إسماعيل.. وبيع يوسف بثمن بخس.. ولبث في السجن
بضع سنين.. ونشر بالمنشار زكريا.. وذبح السيد الحصور يحيى.. وقاسى الضر
أيوب.. وزاد على المقدار بكاء داود.. وسار مع الوحش عيسى.. وعالج الفقر
وأنواع الأذى محمد r تزها أنت باللهو واللعب.. وليس من أعد للاستفراخ كمن
هيئ للسباق "[6] أيها الجاهل أتعبت نفسك باللعب.. وتريد بلوغ المعالي..
ويحك.. إنما يسبق من جد لا من رقد.. وينال العلا من بذل لا من
بخل..ويحك.. أتريد الجنة ولم تبذل مهرها.. وتزعم المحبة ولم تؤد حقها
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللّهُ }[7]. ولا يبلغ الراحة من آثر الراحة..

عجبا.. لماذا أنت على حطام الدنيا لاهث وعن زيفها تقضي طوال حياتك باحث
كأنك لم تخلق إلا لها ولن تعيش إلا فيها تلقي بنفسك في أحضانها غير
مكترث

عجبا.. غفلت عن الآخرة وإليها معادك وأعرضت عنها وأنت تعلم أن إليها مآلك
جهنم تنادي كل يوم هل من مزيد وأنت تطلب من الدنيا المزيد

عجبا.. كأنك لن تموت ولن تدفن مع الأموات ولن تخلو وحدك في القبر في
الفلوات.. كأنك قد نسيت سكرة الموت أو تناسيت وأشغلت نفسك بالمعاصي
وتماديت نسيت قول الله تعالى: { إنك ميت وإنهم ميتون }

كـأنـك لـن تمـوت غـدا *** ولـن تـودع إلى الـقـبري

لماذا أنت في اللذة سادر.. وبالمعاصي مجاهر.. رضيت بالعقوق.. ولم تؤدي
الحقوق.. إلى متى تسير وأنت غافل.. وتقول بقول الجاهل: إن الله غفور
رحيم..! ونسيت أنه شديد العقاب {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ
بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ{81}[8]

كأنـك لم تسـمع بأخبـار مـن مضـى **** ولم تر في الباقين مـا يصـنع
الـدهر

فإن كنـت لا تـدري فتلـك ديـارهم **** محاهـا مجـال الريح بعـدك والقطـر

علـى ذاك مـروا أجمعـون وهـكـذا **** يمـرون حـتى يسـتردهم الحشــر

فحتـام لا تصـحو وقـد قرب المدى **** وحتـام لا ينجاب عن قلبك السـكر

بلى سوف تصـحو حين ينكشف الغطا وتذكر قولي حـين لا ينفـع الـذكر

" تيقظ لنفسك يا هذا وانتبه.. وأحضر عقلك وميز ما يشتبه.. أما هذا منزلك
اليوم.. وغدا لست به.."[9]

هاهو الليل قد ولى طاويا معه دموع المخبتين.. وعبرات الخاشعين.. ولى وقد
نعم المحبون بمناجاة ربهم وقاموا يتمون بيعة { قُلْ إِن كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ }[10].

قاموا وقد المنادي هل سائل فأعطيه.. هل من داع فأستجيب له.. هل من مستغفر
فأغفر له..

فقاموا سراعا يجيبون الداعي علهم يحضون بشيء من عطاياه.. قاموا وهم
يريدون جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين.. فتجافت جنوبهم عن
المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا.. سكبوا دموع الخشية من ربهم ورفعوا أكف
الضراعة إليه..

فاستجاب لهم ربهم أني قد أعطيت كل واحد مسألته وأثابهم نورا في وجوههم
وحضوا بشهادة " أشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت لهم " وفازوا بجائزة " إن
المرء مع من أحب ".

فطوبى لهم ما حضوا به وفازا ونالوا رضا ربهم ونادى المنادي " عند الصباح
يحمد القوم السرى.. "

ها هو يناديك:

" يا ابن آدم.. إنك ما دعوتني، ورجوتني، إلا غفرت لك، على ما كان منك ولا
أبالي.. "[11]

علم أنك ذو حاجة، وأن حاجتك لا تقضى إلا بيديه، فناداك أني قد قضيتها إن
أتيت.. فلماذا لا تقبل عليه.

ها هو يناديك:

" يا ابن آدم.. لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك.. ".

غفور رحيم.. جواد كريم.. يقبل التائب مهما كان ذنبه وإسرافه.. ومهما
أرتكب من الآثام.. فلماذا لا تقبل عليه.

ها هو يناديك:

" يا ابن آدم.. إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا.. ثم لقيتني لا تشرك بي
شيئا.. لأتيتك بقرابها مغفرة.. "

واسع الرحمة.. قابل التوبة.. يدعوك أن أقبل، وأنا أغفر لك.. فلماذا لا
تقبل عليه.

ها هو ينادي ويقول:

" إن تقرب إلي بشبر.. تقربت إليه ذراعا.. وإن تقرب إلي ذراعا.. تقربت
إليه باعا.. وإن أتاني يمشي.. أتيته هرولة.. "[12]

أتاك بنفسه.. وأقبل عليك برحمته.. وتقرب إليك بعفوه.. يدعوك أن تعال..
فلماذا لا تقبل عليه.

ها هو ينزل في الثلث الأخير.. وينادي:

" من يدعوني فاستجيب له..

من يسألني فأعطيه..

من يستغفرني فأغفر له.. "[13]

فتح بابه للسائلين.. ورفع حجابه عن الطالبين.. يمد يده بالليل ليتوب مسيء
النهار.. ويمد يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.. فلماذا لا تقبل عليه. جهلت
قدره.. وأمنت مكره.. وعصيت أمره.. فما أجهلك.. ما أجهلك.

إلى متى يا هذا ابتعادك.. وعن ديار الحب اغترابك ؟!.. ناداك الحبيب أن مد
حبال الوصل فأبيت.. وناداك أن قد قبلت اعتذارك فآليت وما باليت.. إلى متى
تطلب وصال الهوى الذي فيه المر.. وتترك الحب الذي فيه حلاوة ؟!.. أتجعل
الوداد للخلق ؟!.. وتؤثر الله بالعداوة ؟!.. ويحك.. ألم تعلم بقدر
وصاله.. وتذق طعم وداده ؟!.. أم يا ترى جهلت الكثير فطلبت القليل.. أم
أنك استدللت هواك فخانك الدليل ؟!.. أنت تريد الكثير.. وما عند الله
كثير.. ولكنك طلبت القليل.. ولم تعلم أن كل حظ لك دون الله قليل.. طلبت
الدنيا ولم ترض بالآخرة.. وعند الله ثواب الدنيا والآخرة..إلى متى تنافس
على الفاني القليل.. والقوم قد فازوا برضا الواحد الجليل ؟!. إلى متى
ترضى بالقعود.. ولا تراعي الحدود.. و تؤثر الصدود ؟!.. إن القوم قد سبقوا
إلى دار المحبة..وأنت مازلت على أبواب المغبة.. لو تدري بحال المحبين
لاحتقرت هواك.. وعلمت أنك مفتون بدنياك عن أخراك.. " قلوب العارفين
مملوءة بذكر الحبيب.. ليس فيها سعة لغيره..

والله ما طلـعت شمس ولا غربت *** إلا وذكـرك في قلبي وسـواسي

ولا جلست إلى قـوم أحـدثهم *** إلا وأنت حديـثي بين جـلاسي

ولا هممت بشرب الماء من عطش *** إلا رأيت خـيالا منك في الكأس

أقواتهم ذكر الحبيب.. وأوقاتهم بالمناجاة تطيب.. لا يصبرون عنه لحظة..
ولا يتكلمون في غير رضاه بلفظة.. "[14]

فإلى متى أنت ترضى بهواك لغيره يا مسكين