المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلمة معالي الشيخ صالح آل الشيخ خلال ( ندوة الاختلاف )



فريد المرادي
06-11-2008, 11:42 AM
كلمة معالي الشيخ صالح آل الشيخ خلال ( ندوة الاختلاف )


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : هذا نص الكلمة القيِّمة التي ألقاها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خلال " ندوة الاختلاف " التي جرت وقائعها في مدينة الرياض يوم الخميس 24 جمادى الأولى 1429 هـ ، وهي على اختصارها عظيمة النفع والفائدة لمن تأمَّلها ، والله الموفق .

/////////

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد ربي الحمد كله ، وأثني عليه الخير أجمعه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه كلما صلى عليه المصلون وصلى الله عليه كلما غفل عن الصلاة عليه الغافلون وسلم تسليماً مزيداً .

أيها الإخوة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وإني في فاتحة هذه الندوة التي نرجو أن تكون مباركة النفع اليوم وغداً لأعبّر عن عظيم احتفائي وسروري بهذا اللقاء والجمع المبارك من نخبة كبيرة من أبناء المملكة العربية السعودية ، الذين أثّروا فيها ماضياً وأثّروا فيها حاضراً ، وسيظلون يؤثرون فيها مستقبلاً ، وإن المحافظة على الديانة وحراسة الملة يقتضي أن ندخل إلى واسع إيجابياتنا فننظر إليها نظر المستأنس والمتفائل والمحافظ ، وننظر أيضاً نظرة أخرى إلى ضيق سلبياتنا فننظر إليها نظر مستبصرٍ معتبرٍ مصحح ، وهذه الندوة التي أخذت موضوع الخلاف والاختلاف ، هذه الندوة لها معانيها الظاهرة والباطنة في هذا الوقت بالذات ، يدرك هذا الحضور جميعاً ، وإني لأشكر مؤسسة الإسلام اليوم وخاصة فضيلة أخي وصديقي الشيخ الدكتور سلمان العودة وجميع الإخوة الذين يعملون على تنظيم هذا اللقاء ، الذي هو باكورة تعاون واسع في خدمة الإسلام والمسلمين بين المؤسسات العاملة الأهلية ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، ولا شك أن عمل هذه المؤسسات اليوم يعتبر كبير الأثر ويعتبر كبير التأثير في الساحة الإسلامية اليوم ، في زمن تهدّمت فيه الأسوار وذهبت فيه الحدود فأصبحت الكلمة من منزل تبلغ أقصى منزل في الأرض ، ولهذا عظمت التبعة على حراس الإسلام في هذه الجزيرة المباركة ، عظمت التبعة في أن يحموا الناس جميعاً من اغتيال قلوبهم واغتيال عقولهم في زمن ساد فيه التغريب وسادت فيه العولمة ونُسيت فيه سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

إننا بحاجة إلى أن نكون على مستوى التحدي وبحاجة إلى أن نكون على مستوى الفأل ، والله هو الذي قال لنا : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا ) .. وكفى بالله شهيدا ، وكفى بالله شهيدا هو الذي شهد بهذه المنحة والمنة على هذه الأمة ، ولكن الشأن في أننا هل نرعى ما قاله الله - جل وعلا - وقاله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومشى عليه هدي سلفنا الصالح وأئمة الإسلام في سعة ما قالوه وفعلوه .

الخلاف والاختلاف لا بد منه ( ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ) ، والتفرّق مذموم ، والجماعة رحمة كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الجماعة رحمة والفرقة عذاب " ، والجماعة المقصود منها السواد الأعظم في الناس الذين يجتمعون على الحق والهدى ، ووجود الاختلاف لا يفسد الاجتماع إلا إذا أثّر في الاجتماع العام ، فإنه يكون حينئذ مذموماً ، أما إذا كان في نطاق تقوية الاجتماع العام والحماية وصلابة العود وحسن التوجه للجماعة بعامة في الأمة فإنه حينئذ قد يكون مصدر حمد ، لأن الله عز وجل قدّر أن يكون الناس مختلفين .

لهذا كان الاختلاف في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، اختلف أبو بكر وعمر في مجلسه - عليه الصلاة والسلام - ، فقام عنهم - عليه الصلاة والسلام - فقال أبو بكر لعمر أو قال عمر لأبي بكر : ما أردت إلا مخالفتي .

وهذا أنصاري يختلف مع مهاجر فيقول مناديا ومنتخيا : يا للأنصار ويقول ا لمهاجر يا للمهاجرين فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم " .

وجود الاختلاف إذا تحول إلى تحزب إذا تحوّل تعصب ، إلى انتصار لفئة دون انتصار للأمة إلى اعتزاز بشخص أو فئة أو زمان أو مكان دون النظر إلى ما يخدم صالح الأمة في حاضرها وفي مستقبلها فإنه يكون مذموماً ، ويكون كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم " .

إننا اليوم في هذه الندوة وفي البحوث التي ستتلوها ، أو كما أخبر فضيلة الشيخ سلمان في كلمته بالتقارير التي ستصدر من مؤسسة الإسلام اليوم - نريد أن نرفع مستوى المؤثرين في النظر إلى الاختلافات التي تكون ، وإذا كانت الاختلاف الفقهية التي مُثّل لبعضها أو الاختلافات الدعوية أو الاختلافات في الرؤية لبعض الواقع أو الاتجاهات أو لبعض الأحداث التي تقع في الأمة إذا كان هذا حاصلاً فإن الشأن ليس في حصوله فقدر الله ماض ، ولكن الشأن في كيفية تناولنا له ، وتعاملنا معه ، والصبر والحكمة والأناة دائماً سلاح ماض في تجاوز أي محنة أو تجاوز أثر سيئ لفتنة .

أيها الإخوة إننا نحتاج اليوم إلى أن ننظر إلى مستقبل بعيد تزول فيه كثير من هذه التحديات وإذا كان الأمر كذلك فإن أولى العتبات أن نرفع الأثر السيئ لحظ النفس برؤية رأيها وقولها أنه هو الرأي الماضي أو القول الماضي .

اليوم في عالم الإسلام هناك الكثير من الفقهاء والكثير من العلماء والكثير من الاتجاهات الإسلامية الدعوية والكثير من المهتمين بالإسلام في عمل فردي أو جماعي والكثير من المؤسسات الرسمية التي تعمل للإسلام والكثير من الأعمال الحية لخدمة الإسلام ، أيضاً نحتاج إلى أن ننظر نظراً فاحصاً في كيفية التعامل الإيجابي مع هذه الجميع .

إننا إذا جعلنا كل عامل للإسلام في إطار أهل السنة والجماعة و إذا نظرنا إلى كل عامل للإسلام في إطار أهل السنة والجماعة أنه يمكن أن يكون عضواً صالحاً في أمة تنهض بالأمة فإنا قد وضعنا نظرنا على أول الطريق .

أما إذا نظرنا إلى أنفسنا بأننا سنحدث دوياً في العالم دون أن يكون لنا من إخواننا في شرق العالم أو في غربه أعوان وأنصار فإنا سنضعف وهي أولى عتبات الضعف .

لذلك فإن المحافظة على الأصل الذي هو الإسلام و السنة وهدي السلف ومنهج السلف الوضيء الواضح الذي أذن الله لمن تسمك به بالنجاح .. إن أخذنا بذلك يعطينا النظرة الواسعة لمفهوم ومعنى السلفية .

إن السلفية ليست نطاقاً محدوداً ولا إطاراً محدوداً بزمان أو مكان أو رجال ، إن السلفية في الحقيقة هي الصورة الأولى لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولهدي صحابته ، ولذلك فإن هذا المنهج بسعة مفهومه لا بضيق أفكار أو رؤى ، وكما صلح في أول الزمان فإنه الذي يصلح آخر الزمان .

وإذا اجتمع الناس على هدي واسع ورؤية واسعة لنصرة الإسلام باتفاق وتعاون وعدم اختلاف أو عدم تأثير سلبي في الاختلاف فيما بينهم فعندئذ فإننا سننهض بالأمة بالإسلام وهدي السلف و سننهض بالأمة بهدي أئمة الإسلام الذين اجتمعوا على حماية الإسلام وعلى الذود عنه .

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية هي تمثل الاجتماع لجميع الفعاليات التي تخدم الإسلام في داخل المملكة وفي خارجها ، وهذه الندوة سيكون لها بإذن الله الأثر البالغ نظرياً وعملياً ، فيما سيناقش فيها أصحاب الفضيلة في ندواتهم ومداخلاتهم ستؤثر نظرياً وعملياً فيما سنراه جميعا في مستقبل الأيام .

ومؤسسة الإسلام اليوم هي مؤسسة الإسلام اليوم وغداً وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد .

المصدر :

http://www.islamtoday.net/nadwah/wazeer.htm