المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسلمو "الإيجور".. القمع الصيني والنسيان الدولي



_aMiNe_
06-18-2008, 05:47 PM
مسلمو "الإيجور".. القمع الصيني والنسيان
الدولي

http://www.aljazeeratalk.net/forum/upload/2152/1212914517.jpg

فضل القاهر فضل الهادي ـ الجزيرة توك - إقليم تركستان الشرقية -الصين

في الوقت الذي أقامت فيه معظم دول العالم الدنيا ولم تقعدها بسبب ما يوصف بالانتهاكات التي
تعرض لها مواطنو إقليم "التبت" الذي يخضع لحكم ذاتي في الصين، فإن هذه الدول والمنظمات
الدولية غضت الطرف عن القمع الذي يتعرض له سكان "الإيجور" المسلمون في الصين
ومحاولات طمس الهوية المستمرة منذ سنوات من جانب حكومة بكين.

ومن المعروف أن الإيجور هي إحدى الأقليات الإسلامية وموطنهم الأصلي هو إقليم تركستان
الشرقية المسلم الغني بالبترول والذي يقع شمال غربي الصين والذي حصل على الاستقلال الذاتي
صوريًّا عام 1955م. ويبلغ عدد سكان "الإيجور" نحو 25 مليون نسمة بحسب مصادر في إقليم
تركستان بينما تقول الأرقام الرسمية الصينية إن عدد سكان المسلمين الإيجور لا يزيد على ثمانية
ملايين نسمة..

والإيجور يتكلمون لغة محلية تركمانية ويخطون كتاباتهم بالعربية ولهم ملامح القوقازيين، وكانوا
يشكلون 90% من سكان المنطقة، لكن هجرة الأقلية الصينية الشيوعية "هان" قوضت هذه
الأغلبية المسلمة.

ومنذ استيلاء الحكومة الشيوعية على إقليم تركستان عام 1949م تزايد عدد أقلية هان الشيوعية
الصينية في الإقليم من 6.7% إلى 40.6%، حسب الأرقام الرسمية، وأصبحوا يسيطرون على
كل الوظائف الرئيسة وعلى النشاط السياسي.

قيود

وتفرض الصين على أقلية الإيجور المسلمة في الغرب الأقصى من البلاد حالةً من العزلة كما تقيد
ممارستهم للشعائر الدينية، وتمنعهم من استخدام لغتهم في المدارس.

http://www.aljazeeratalk.net/forum/upload/2152/1212914528.jpg

وتقول بعض منظمات حقوق الإنسان الدولية إن السلطات الصينية تمارس رقابةً دينيةً وتدخلاً
قسريًّا ليطال تنظيم النشاطات الدينية وممارسي النشاطات الدينية والمدارس والمؤسسات الثقافية
ودور النشر وحتى المظهر والسلوك الشخصي لأفراد شعب تركستان الشرقية.

وتقوم السلطات المركزية بتقييم كل الأئمة سياسيًّا بشكل منتظم، وتطالب بجلسات "نقد ذاتي"،
وتفرض رقابةً على المساجد، وتطهّر المدارس من المعلمين والطلاب المتدينين، وتراقب الأدب
والشعر بحثًا عن إشارات سياسية معادية، وتعتبر كل تعبير عن عدم الرضى إزاء سياسات بكين
"نزوعًا انفصاليًّا" وهو يعتبر حسب القانون الصيني جريمةً ضد أمن الدولة تصل عقوبتها إلى
الإعدام.

ولا يتوقف الاضطهاد عند هذا الحد فقط من انتهاك حقوق الإنسان والتمييز في التوظيف وسياسة
التفقير المطبقة ضد مسلمي تركستان، بل إن تركستان تتعرض لحملة تستهدف تغيير التركيبة
الديموجرافية للسكان عبر تشجيع هجرة إثنية "الهان" على استيطان هذه المناطق؛ حيث يهيمنون
على الاقتصاد والحكومات المحلية، فضلاً عن أن العدد الساحق من العمال في حقول النفط
والمشروعات هم من الصينيين وليسوا من الإيجور.

ذريعة الإرهاب

http://www.aljazeeratalk.net/forum/upload/2152/1212914499.jpg

وبالرغم من أن الهجمة القمعية الشرسة والعزلة التي تفرضها حكومة بكين على مسلمي الإيجور
بدأت منذ عقود، إلا أنه كان لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م على الولايات المتحدة تأثير
كبير على معاملة مسلمي الإيجور وازدادت هذه الهجمة والإجراءات حدة عن ذي قبل بعد ارتفاع
نغمة "الحرب على الإرهاب"؛ حيث استغلت الصين هذا الحدث ذريعة لتزعم أن مَن يقومون بنشر
رسائل دينية أو ثقافية مسالمة هم "إرهابيون" غيروا من أساليبهم المنهجية، وعليه فإن
المسلمين الناشطين في المجالات الدينية السلمية يتعرضون للاعتقال والتعذيب والإعدام أحيانًا.

وذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن الصين تشن الآن حملةً أمنيةً لا هوادةَ فيها لضمان
بسط نفوذها الكامل وتأمين استغلال الغاز والنفط في تركستان الغنية بالموارد الطبيعية.

ولذ فإن المراقبين لا يرون مفارقةً عندما توجهت عدسة الإعلام العالمي على إقليم التبت البوذي
ومسألة استقلال الإقليم والدلاي لاما زعيم التبتيين الذي يعد في عرف الغرب رجل سلام حاصل
على جائزة نوبل للسلام، أما تركستان فلا تتجه إليهم تلك العدسة أبدًا.. وإن توجهت، فعلى أنهم
إرهابيون!

ولم تكتف الحكومة الصينية بما تقوم به من إجراءات بحق مسلمي الإيجور، بل إنها أنشأت شبكةً
واسعةً من المخبرين، ونشرت قوات من شرطة مكافحة "الإرهاب" المقنعين بالسواد حول
المساجد والأسواق وفي طرقات شينجيانج

ومن بين الإجراءات التي يرى مسلمو الإيجور أنها موغلة في الوحشية أن الصين أقدمت على
سحب جوازات سفرهم، فلم يعد أي منهم يستطيع أن يخرج من البلد حتى إلى الحج إلا بشروط
معينة.

وكشف مسئولو استخبارات غربيون أن الصين مستمرة في تضخيم مزاعم علاقة الإيجور بتنظيم
القاعدة، وارتكاب أعمال "إرهابية" وإقامة علاقات وتحالفات مع أحزاب وحركات إسلامية،
لانتهاز أي فرصة لقمعهم في ديارهم.

شرعية القمع

وتسعى الصين من خلال تلك الاتهامات للمسلمين الإيجور، لإضفاء الشرعية على الانتهاكات
الخطيرة لحقوق الأقليات العرقية بالإقليم بما فيها الحرية الدينية، واستغلال الإرهاب كحجة كي
يتغاضى العالم عما تفعله في تركستان الشرقية؛ حيث كانت بكين نادرًا ما تشير إلى أقلية الإيجور
باعتبارهم إرهابيين، ولكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر صار المسئولون الحكوميون
يستعملون يوميًّا كلمة "الإرهابيين" كجزء من المفردات الرسمية الحكومية.

http://www.aljazeeratalk.net/forum/upload/2152/1212914538.jpg

وفي محاولة منها لتثبيت هذه الاتهامات، شنَّت السلطات الصينية مؤخرًا هجومًا عنيفًا ضد مواطني
إقليم زينجيانج ذي الأغلبية المسلمة، ووجهت للمسلمين تهم التمرد والتخطيط لشن هجمات
إرهابية أثناء الألعاب الأوليمبية المزمع إقامتها في بكين 8 أغسطس 2008م.

وأعلنت السلطات الصينية أن شابةً مسلمةً حاولت تفجير طائرة تابعة لشركة "تشاينيز ساوذرن
إيرلاينز" أقلعت من "أورومكي" عاصمة زينجيانج متجهة إلى بكين، والتي وقعت في نهاية شهر
مارس الماضي.

وزعم بيان لحكومة محافظة "خوتان" في زينجيانغ أن "بعض المتطرفين حاولوا التحريض على
تمرد في سوق محلية بالمدينة في 23 مارس الماضي، وإثارة الشغب في السوق ودفع الناس إلى
القيام بتمرد".

إلا أن جماعات حقوق الإنسان كذبت ما قالته الصين بشأن حدوث "تمرد" في إقليم زينجيانج،
وأكدت هذه الجماعات إن الصين تحاول تأجيج المخاوف من هجمات إرهابية في زينجيانج كذريعة
لقمع المنشقين وتبرير الرقابة المشددة في الإقليم عشية الألعاب الأوليمبية في أغسطس المقبل.

ولم تقتصر ممارسات القمع ضد الإيجور على مستوى تركستان الشرقية؛ بل اتسع نطاقها إلى داخل
المدن الصينية حيث إنه نتيجة للدعايات الصينية بأن الإيجور "إرهابيون ولصوص وقطاع طرق"
يتعرض التجار والطلبة التركستانيون في أقاليم الصين الداخلية لمضايقات مستمرة من قوات الأمن
والصينيين العاديين على حد سواء.

فعلى سبيل المثال: تعرض الطلبة الإيجور الذين يدرسون في جامعة جانجان بمدينة شيان لهجوم
الآلاف من الطلبة الصينيين، ووقف حرّاس الجامعة إلى جانب الطلبة الصينيين، وأصيب العديد من
الإيجور بجراح أثناء الهجوم. وبعد الحادثة حملت إدارة الجامعة الطلبة الإيجور المسئولية، وطردت
عددًا منهم من الجامعة.

اللجوء للغرب

وهكذا ووسط حالة الضعف السياسي ضاع حق ضعفاء الإيجور على مرأى ومسمع من الدول
العربية والإسلامية التي تخشى الدخول في مناقشات مباشرة مع الصين التي ترفع شعار "شأن
داخلي" على الرغم من أن عالمنا العربي والإسلامي يستطيع فعل الكثير خاصةً أنه يعد سوقًا
إستراتيجيًّا كبيرًا مفتوحًا أمام المنتجات الصينية؛ ما يعطيه القوة في مطالبة الصين بمنح هذا الإقليم
استقلاله الفعلي ورفع الظلم والاضطهاد الواقع على أبنائه.

http://www.aljazeeratalk.net/forum/upload/2152/1212914486.jpg

ويبدو أن مسلمي الإيجور فقدوا الأمل في الدول العربية والإسلامية في تقديم المساعدة لهم ووقف
حملات القمع المستمرة ضدهم منذ عقود، فلجأوا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث دعا ناشطون
حقوقيون من الأقلية الإيجورية المسلمة الاتحاد الأوروبي إلى انتهاج سياسة جديدة تجاه الصين
تضع قضية الحريات والحقوق العامة لجميع الأقليات الدينية والإثنية هناك في صدارة أولوياتها.

وسلم الناشطون مكتب المفوضية الأوروبية في العاصمة الألمانية برلين الشهر الجاري رسالة
لرئيس المفوضية خوسيه مانويل باروسو تحثه على عدم الاقتصار في محادثاته مع المسئولين
الصينيين خلال زيارته لبكين على الحديث عن الأوضاع المضطربة في إقليم التبت فقط، وإدراج
"الانتهاكات الصينية المتزايدة لحقوق الإيجوريين" ضمن أجندة مباحثاته.

وجاء تسليم هذه الرسالة في ختام أعمال المؤتمر السنوي للإيجور في المنفى الذي انعقد في
العاصمة الألمانية برلين بمشاركة 80 من ممثلي الأقلية الإيجورية المسلمة المقيمين في 13
دولةً من دول الشتات منذ عام 1952.

وبحث المؤتمر تأثير الاضطرابات الحالية في التبت وإقامة دورة الألعاب الأوليمبية في الصين على
الأوضاع في إقليم شينجيانج، راميًا إلى إطلاع الرأي العام الألماني والأوروبي على الانتهاكات
الصينية الواسعة لحقوق الإنسان في الإقليم المسلم الواقع غرب الصين.

وفي النهاية فإن ما يتعرض له مسلمو الإيجور من حملات قمع وتنكيل شرسة من جانب الحكومة
الصينية هو أشبه بما يتعرض له المسلمون في فلسطين والشيشان والعراق وغيرها، وهو ما
الأمر الذي يحتم على الدول العربية والإسلامية بحكوماتها وشعوبها أن تنتفض من أجل نصرة
إخوانهم وانتشالهم من هذا القهر.