المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يدّعون أن النبوّة لم تختم !!!



مجدي
07-13-2008, 05:39 PM
بناء جميل , كل من يراه وينظر اليه يعلم أنه كامل , وكل بناء ينتهي بآخر لبنة توضع فيه , و بعد ذلك يكتمل البناء , واذا كان هذا البناء على أتم وجه فلا يوجد نقص بعد اللبنة الأخيرة , ولا مكان للبنة اخرى ..

إنها حقيقية بديهية يعرفها عامة المسلمين فضلا عن علمائهم ، وبالرغم من ذلك فإنه يخرج لنا في كل عصر من العصور من يدّعي أن سلسلة النبوة لم تنته ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأنها مستمرّة حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، بل نرى بين الحين والآخر من يجعل من نفسه نبياً ، ويدّعي اتصاله بالوحي ، لغرضٍ في نفسه وهدىً في قلبه ، علّه أن يحضى باجتماع الناس حوله ، ولو أدّاه ذلك إلى إخراج معاني النصوص الشرعيّة عن سياقها ، وتحميلها ما لا تحتمله من المعاني ، لتوافق دعواه ، وتؤيّد هواه .

وهذه الدعوات على الرغم من سطحيّتها وتفاهتها ، إلا أنها تلقى رواجاً واسعاً في أوساط الجهلة والبسطاء ، أو تلك البعيدة عن مهبط الوحي ونور العلم في أصقاع الأرض ، فكان لابد من استعراض الشبهات التي ينطلقون منها ويستندون إليها.

ادعاء استمرار النبوّة- يرتكز من يدّعي أن باب النبوّة لم يقفل بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – على قوله تعالى : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } (الأحزاب/40) وذلك بإخراج الآية عن مفهومها ، بل وتحوير معناها لتكون دليلاً لهم لا عليهم .

وأغرب هذه التأويلات وأكثرها تعسّفاً ، هو قول البهائيّة في تفسير الآية ، حيث قلبوا بين معنى النبوّة والرسالة فجعلوا النبوّة أشمل من الرسالة، فالنبي – عندهم - هو صاحب الشريعة ، والرسول لا يأتي بشريعة جديدة ولكنه يرسل بشريعة من قبله .

و أضافوا إلى هذا الخلط رأياً عجيباً ، وهو أن ( الختم ) المقصود بالآية أمرٌ نسبي ، وذلك بتخصيص معنى ( الختم ) لكل مرحلة زمنيّة , فجعلوا من موسى عليه السلام خاتم رسالة اليهود ، وعيسى عليه السلام خاتم رسالة النصرانية ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم رسالة الإسلام .

ويشهد لفساد هذا كله الواقع واعتقاد أهل الأديان السماوية ، فاليهود لم يزعموا أنه لا نبي بعد موسى عليه السلام ، فمع تكذيبهم لنبوة عيسى ومحمد صلوات الله عليهم إلا أنهم يؤمنون بــ(الميسا ) وينتظروه ليتبعوه ، ولذلك قالوا لنبينا صلى الله عليه وسلم كما في الآية الكريمة: { الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار } (آل عمران:183) ، إذاً فاليهود لم يدعوا ذلك - كما قال البهائيون - ، والأمر معروف لمن أراد التحقق منه من اليهود أنفسهم وكتبهم .

أما النصارى فإنهم يعتبرون بولس مؤسس المسيحية الحالية بعد حرفها عن التوحيد ، والنصارى يؤمنون به كرسول ، وتعاليمه عندهم مقدسة ، أضف إلى ذلك البشارات التي جاءت في كتبهم والمتعلّقة ببعثة محمد – صلى الله عليه وسلم - ، وهذا يدلّ على عدم إيمانهم بختم النبوّة .

أما أهل الإسلام فأطبقوا على أنه لن يبعث نبي جديد بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - ، مع إيمانهم بأنّه قد أُرسل للناس كفاة , إذاً فرسالته هي للعموم الناس لا لأمة بعينها دون غيرها .

ثم كيف يستقيم القول بأن النبي هو صاحب الشريعة والله سبحانه وتعالى يقول : { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا }( المائدة : 144 ) ، وهذا يبطل القول من أساسه .

ومن التأويلات الباطلة لمعنى (ختم النبوّة ) ما زعمته القياديانية أو الأحمديّة ومن حذا حذوهم ، أن محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبوة , تشبيهاً له بالخاتم الذي يلبس بالأصبع ، فهو عليه الصلاة والسلام في الأنبياء الأجمل والأكمل , فلا يعني الوصف بـ( خاتم النبوّة ) كونه آخرهم .

والجواب على ذلك من عدّة أوجه
الأول : أنه قد ثبت صراحة في عدد من الأحاديث الصحيحة في مبناها ، الصريحة في معناها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – هو خاتم الأنبياء والرسل جميعا ، بدلالة الألفاظ التالية : ( ولكن لا نبي بعدي ) ( وأنا العاقب ) ، ( فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين ) ، ( لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ ) إلى غير ذلك من الأحاديث المشتهرة .

فمن يخالف هذه النصوص فقد حاد عن الشرع ، وخالف كلمة المسلمين وإجماعهم ، والله تعالى قد توعّد من قام بذلك بقوله : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }( النساء : 115 ) .

الثاني : معنى الختم في اللغة هو الانتهاء ، لأن "ختم " وكل ما يرد لها دائما تكون آخر الشيء ، كما قال ابن جريرة في تفسيره : " لا وجه للختم في كلام العرب إلا الطبع والفراغ" وهذا واضح وبين من كلام العرب.

فقد جاء في لسان العرب ( 12/163 ): " وخِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم آخرُهم عن ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتِمُ الأَنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام ، والخاتِم والخاتَم من أَسماء النبي صلى الله عليه وسلم وفي التنزيل العزيز : { ما كان محمد أَبا أَحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتِمَ النبيّين } : أَي آخرهم " .

وفي تاج العروس (ص : 7687 ) ما نصّه : " والخاتم من كل شئ عاقبته وآخرته ، و الخاتم آخر القوم كالخاتم ، ومنه قوله تعالى : { وخاتم النبيين } أي آخرهم " .

وفي مختار الصحاح ( 1/71 ) : " وخَتَمَ الله له بخير ، وختم القرآن : بلغ آخره ، واخْتَتَمَ الشيء ضد افتتحه ، والخَاتَمُ : بفتح التاء وكسرها والخَيْتامُ و الخَاتَامُ : كله بمعنى ، والجمع الخَوَاتِيمُ ، و تَخَتَّمَ : لبس الخاتم ، وخاتِمةُ الشيء آخره " .

وفي معجم المقاييس لابن فارس ( 2/200 ) : " (ختم) الخاء والتاء والميم أصلٌ واحد، وهو بُلوغ آخِرِ الشّيء. يقال خَتَمْتُ العَمَل، وخَتم القارئ السُّورة. فأمَّا الخَتْم، وهو الطَّبع على الشَّيء، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنّ الطَّبْع على الشيءِ لا يكون إلاّ بعد بلوغ آخِرِه، في الأحراز. والخاتَم مشتقٌّ منه؛ لأنّ به يُختَم، والنبي صلى الله عليه وسلم خاتَِمُ الأنبياء؛ لأنّه آخِرُهم " .

وجاء في تهذيب اللغة للأزهري : ((وقوله جلَّ وعزَّ: )مَا كانَ مُحَمّدٌ أبَا أحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ولكنَّ رسول اللهِ وخَاتِمَ النَّبِيِّين( معناه: آخر النَّبيِيِّن. )) ( 2/474 ) .

الثالث : إذا كان بوسع أهل الباطل ادّعاء المجاز في قوله تعالى : { وخاتَم النبيّين } بالفتح ، فلن يكون بوسعهم تأويل القراءات المتواترة والواردة بكسر التاء : { وخاتِم النبيّن } لا سيّما وأنها قراءة الجمهور عدا حفص ، والأمر المعروف بين أهل التفسير أن اختلاف القراءة يعطي الكلام دلالة وتوسيعا في المعنى أو توضيح له ، ولا يكون متناقضا فيما بين آياته { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } (النساء/82) ، وقراءة الجمهور نصٌّ في إثبات ختم النبوّة ، فكيف يسعهم الإجابة عن ذلك ؟ .

الرابع : لو تأمّلنا سياق الآية لوجدنا فيه الدلالة على ختم النبوّة ، وينفي معنى ( الأفضليّة ) الذي ذكروه ، ذلك لأنّ الآية تدلّ على انقطاع نسل النبي – صلى الله عليه وسلم – من الذكور ، لأن بنيه ماتوا صغاراً ، وقد جرت العادة أن الرسل عليهم السلام لم يخل عمود أبنائهم من نبي ، فلو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان نبياً ، ولم يكن هو خاتم الأنبياء ، فكان من المناسب أن يكون المعنى أنه عليه الصلاة والسلام آخر الأنبياء ، ولذلك قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية : " يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابنا يكون بعده نبيا " .

أما لو جعلنا معنى ( ختم النبوة ) المذكور في الآية هو أفضليّة النبي – صلى الله عليه وسلم – على من عداه من الأنبياء والرّسل ، فما العلاقة بين نفي الأبوّة المذكور في الآية وإثبات الأفضليّة له ؟ ، لا شكّ أن المعنى سيختلّ .

ولقد حاول المتؤوّلون لمعنى ( ختم النبوّة ) الاستناد إلى حديث صحيح يظنّون أنّه دالٌّ على ما يدّعونه ، وهو قول أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ( صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وإن مسجده آخر المساجد ) رواه مسلم ، فقالوا : " معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( آخر الأنبياء ) هو نفس معنى قوله : ( مسجده آخر المساجد ) وهو الإشارة إلى الفضل والمكانة ، فإننا نعلم أن مساجد كثيرة قد بُنيت بعد المسجد النبويّ ، فيكون معنى الحديث : مسجده عليه الصلاة والسلام أفضل المساجد ، وهو أفضل الأنبياء " .

وهذا التأويل غير مقبول ، لأن معنى (آخِر ) في لغة العرب تكون بمعنى الأخير ، ولذلك سًمّيت الدار الآخرة بهذا الاسم ، لأنّه لا دار بعدها ، ولم يُعهد أبداً ورود لفظة ( الآخِر ) بمعنى (الأفضل ) .

أما التوجيه الذي وجّهوا به الحديث ، فينفيه السياق ، فإن الحديث يعقد المفاضلة بين المساجد الثلاثة ، وهي المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وهذه المساجد الثلاثة قد بُنيت على أيدي الأنبياء كما هو معلوم في التاريخ ، ,وهذا أي مبنى المساجد يعني أي المساجد الثلاثة المذكورة سابقا لأن الألف واللام في قوله – صلى الله عليه وسلم - : ( المساجد ) ليست للجنس بل للعهد ، ويدلّ على ذلك صراحة ما رواه البزّار عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أنا خاتم الأنبياء ، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء ) .

ومن شبهات أهل الباطل ما ذكروه عند قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( ليس بيني وبينه نبيٌّ، يعني عيسى عليه السلام، وإنه نازلٌ ) رواه أبو داود ، فقالوا :كيف يكون النبي– صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء ,وقد أخبرنا أن المسيح عيسى عليه السلام سينزل ، والمسيح نبي؟

وهذا الحديث لا يؤيدهم في شيء ، بل هو حجة عليهم ؛ لأن عيسى عليه السلام بعث نبيا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - , ونزوله عليه السلام لا يسلبه نبوته ، بل إن الأحاديث تشير أنه يوحى اليه من الله ,والمسيح كان نبيا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - .

ومن شبهاتهم كذلك زعمهم أن حديث" لوعاش لكان صديقا نبيا" عن إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يدلّ على إمكانيّة وجود نبوّة بعده – صلى الله عليه وسلم - ، ومعلوم عند أهل اللغة أن لفظة ( لو ) لا تدلّ على إمكانيّة الحصول لأنها تفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط ، وذلك كقول المتخاصمين يوم القيامة : { قالوا لو هدانا الله لهديناكم } ( إبراهيم : 21 ) .

ثم إن هذا الأثر قد رُوي بطرق صحيحة عن الصحابة ما يدفع شبهة هؤلاء ، فعن عبدالله ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال : " لو قضي أن يكون بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي عاش ابنه ، ولكن لا نبي بعده " رواه البخاري ، وعن أنس رضي الله عنه قال : " رحمة الله على إبراهيم ، لو عاش كان صديقا نبيا ، و لكن لم يكن ليبقى ؛ لأن نبيكم آخر الأنبياء " رواه أحمد وابن ماجة .

وكذا باقي شبههم فإنها إما ببتر الحديث أوبالإستدلال بالضعيف والموضوع ، ومثال الثاني استدلالهم بخبر : ( يا عباس ، أنت خاتم المهاجرين ، كما أنا خاتم النبيين ) والحديث موضوع ، وكذا الخبر: ( أنا خاتم الأنبياء ، وأنت يا علي خاتم الأولياء ) ذكره الخطيب البغدادي وهو حديث باطل .

ومن مثال منهجهم الانتقائي للأحاديث انتقاء قول عائشة رضي الله عنها : "لا تقولوا لا نبي بعده ، ولكن قولوا خاتم النبيين" , فالعبارة ليست حديثا مرفوعا , وليس فيه نفيٌ لختم النبوّة ، وإنما قالته لدفع إنكار نزول عيسى عليه السلام ، يدلّ على ذلك ما ذُكر عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، فقد قال رجل عنده : " صلى الله على محمد خاتم الأنبياء ، لا نبي بعده " ، فقال المغيرة : "حسبك إذا قلت خاتم الأنبياء ، فإنا كنا نحدث أن عيسى عليه السلام خارج ، فإن هو خرج فقد كان قبله وبعده " رواه الطبراني في الكبير ، فكيف يستدل بمثل هذا الحديث على بعث أنبياء جدد بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟

والحاصل أن لفظ ختم تعني الطبع والإنتهاء , وأننا نقطع بأن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بعده نبي جديد , وأن $عيسى$$ عليه السلام نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم . ومن يثبتُ خلاف ذلك من أهل البدع ، فإنه يبحث عن ما يقوي بدعته بأي طريقة ، فيأخذ الموضوع ويترك الصحيح من الأخبار , ويقتطع أجزاء النصوص ويتمسك بها ويترك ما قبلها وما بعدها ، ويكفينا إجماع المسلمين على ختم النبوة بمحمد – صلى الله عليه وسلم - ، وبعد هذا لا يكون لأحد أن يخرج عن إجماع المسلمين في دين كفل الله بحفظه إلى يوم القيامة .

أبو المسيطر
07-16-2008, 03:13 PM
بارك الله فيك على هذا التوضيح وأرجوا ان يستفيد منه أهل البدع من البهائية عباد مرزا النوري واتباع الميت في مرحاضه في قاديان