المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأفكار الخفية في الخطة التوماسية جمال أسعد/ رد على الأسقف توماس



قتيبة
09-02-2008, 07:46 AM
الأفكار الخفية في الخطة التوماسية
ـ جمال أسعد

لاشك أن تلك المحاضرة التي ألقاها توماس أسقف القوصية في معهد هدسون الأمريكي ذو التوجه الإسرائيلي الصهيوني وباللغة الإنجليزية قد فجرت قضايا كثيرة ليست جديدة ولكنها قد تم طرحها على أرضية ليست سياسية تخص كل المصريين فيما يخص الهوية المصرية بل قام توماس وهذا مقصود لذاته بطرح تلك القضية على أرضية دينية طائفية.
والغريب هنا وبالرغم من خصوصية تلك القضية وهي تعني الهوية المصرية أي هوية مصر والمصريين أن تطرح في أمريكا وباللغة الإنجليزية. ولذا يصبح علينا هنا إعادة القراءة من تلك الزاوية نعم هناك قطاع من المصريين ذوي النزعة الشوفينية المصرية ينزعون إلى العودة إلى الفرعونية ومحاولة فصل مصر عن محيطها العربي والإسلامي وذلك بتكريس الحقبة الفرعونية.
وهذا إذا جاز على المستوى المصري لكل المصريين فهذا وارد. بمعنى أن هناك بعض المصريين من المسلمين والمسيحيين يحنون ويتوقفون بل يهاجرون إلى حقبة تاريخية بذاتها حتى وإن كان هذا يعتبر قراءة مبتسرة للتاريخ وإسقاط حلقات وجقبات من تاريخ واحد لشعب واحد وبالرغم من أن هذا لا يوجد له أي مبرر علمي أو انثربيولوجي ولكن هذا وارد ولكن الأخطر فيما يريد توماس ومن معه من الذين لا يريدون لمصر موحدا أو استقرارا هو طرح هوية مصر مع تخصيصها وفقط للمصريين المسيحيين ـ أي حصر وحصار الهوية المصرية (الفرعونية والقبطية للمسيحيين ـ ومنعها وإسقاطها عن المصريين المسيحيين أيضا ولكنهم قد انتقلوا للإسلام. والأغرب أن توماس وكأنه قد ورث عرش مصر الفرعوني وقد صور له خياله المريض أن يصدر قرارا فرعونيا على المسلمين أن يكونوا تابعين للبدو في الجزيرة العربية وذلك في إطار من التعالي البغيض ومن التقليل من الآخر المماثل له مصريا وتاريخيًا. ولا نعلم هنا من ذا الذي يتصور أن مقولة الغزو الإسلامي تعني تغييرا في الهوية المصرية العربية الإسلامية التي استقوت طوال 1400 عام وباتت هي قدرها المحتوم. وهل يتصور أحد أنه يمكن للمصرين المسلمين أن يخرجوا عائدين إلى الجزيرة العربية كما يقول السيد توماس العالم العلامة المتأمرك كما أن توماس إذا كان يؤمن بأن مصر هي ملك للمصريون قبل دخول الإسلام. فلماذا لم يطالب وعلى هذه الأرضية وهو عضو مجلس أمناء معهد هدسون بأن تعود أمريكا إلى أصحابها الأصليين من الهنود الحمر ويتم طرد الإنجليز البردتان الذين سيطروا على أمريكا وغيروا لغتها إلى الإنجليزية. ولماذا لا يطالب هذا التوماس بتحرير بعض أجزاء الإمبراطورية الرومانية من البربر الوافدين عليها وما رأيه في قبائلب الفرانك والتي جاءت إلى بلاد الغال وحولت لغتها إلى الفرنسية وقد أصبحت الآن باسم فرنسا. إذن هنا يجب أن نتوقف عند سر خفي يريده هذا ومن معه. اعتقد أن قضايا أمريكا وفرنسا وعودتها إلى أصحابهم الأصليين فهذه قضايا افتراضية لا مكان لها على أرض الواقع. ولكن القضية الأساسية والمحورية والتي يخدم عليها وأمثاله من الذين باعوا أنفسهم لتلك المراكز الحقوقية التي تعمل في إطار الأجندة الأمريكية الصهيونية هي إسرائيل.. كيف؟. ذلك لأن إسرائيل تزعم أنها صاحبت الأرض الأصلية وقد تم حرق هيكلها وطرد شعبها ثم أصبحت باسم فلسطين. فكانت الحركة الصهيونية بمساعدة أوروبية ثم أمريكية جاءت إسرائيل للمنطقة كدولة عنصرية استيطانية استعمارية بحجج واهية وكاذبة.فلو تم تطبيق مثل هذه الحجج لتغيرت خريطة العالم بأسره.
ولذا فما هي العلاقة بين كلام توماس وبين إسرائيل؟ العلاقة تتمثل في البداية وهي ان توماس قد باع نفسه لمصير آخر غير موقعه الديني والكهنوتي المبجل والمحترم. إلى تلك المنظمات التي سعى منذ بداية علاقته بها إلى لعب الدور الغير وطني والذي تمثل في تلك التقارير التي تزعم اضطهاد الأقباط وهذا باعتراف تلك المنظمات ذاتها (هناك وقائع قام بها توماس في القوصية لم يكشف عنها بعد).
وهذا الدور يسهل لأمريكا التدخل في شئون مصر بحجة مشاكل الأقباط. والكارثة الوطنية الكبرى أن توماس قال هذا صراحة طالبًا التدخل الأمريكي لحماية الأقباط في محاضرته. وللعلم توماس أول مصري كنسي يطلب بصراحة ذلك التدخل في شئون مصر مسقطًا تاريخ الكنيسة الوطني الذي رفضت فيه الكنيسة التدخل في كل مراحل التاريخ. كما أن الزعم من توماس بوجود اضطهاد للأقباط ومطالبته بالتدخل الأمريكي. فهذا هو الطريق المعروف والمعلن لتطبيق المخطط الأمريكي في المنطقة بإعادة تقسيمها على أسس طائفية. وهذا أولا وأخيرًا يتم في صالح تثبيت أركان دولة إسرائيل في المنطقة وتقويتها وهذا لا يتم إلا بتفتيت المنطقة إلى كنتونات طائفية.
ومنهج توماس لا يهدف إلا إلى تقسيم مصر إلى مصر المسيحية أصحاب الوطن وحماة الهوية المصرية ومصر المسلمين الغزاة الذين لا علاقة لهم بالهوية المصرية بل بالهوية العربية.
ومعاداة توماس الغير منطقية للعربية كلفته تلك المعاداة الغير واقعية هي معاداة للعرب من المحيط للخليج لتلك الكتلة البشرية التي إذا توحدت مثل ما كان في العهد الناصري فعنئذ تمثل حائط الصد للمخطط الأمريكي الصهيوني. ولذا فكل متأمرك مثل توماس ولا أقول مصري فهو ضد العرب والعروبة والإسلام والناصرية لأن هذه المكونات هي العدو الرئيسي حاليا ومستقبلا لأمريكا ولإسرائيل.
ولذا فعندما يدعو توماس الذي أصبح ممثلا لذلك الفريق من الذين باعوا أنفسهم لمن هو ضد الوطن. إلى هويتين للمصريين فهي دعوة للكراهية والعنصرية والتفتيت.
أما الجانب الآخر في قضية توماس والذي يؤكد دوره في تفتيت مصر لصالح إسرائيل هو علاقاته مع معهد هدسون الإسرائيلي الصهيوني والمعادي لمصر وللعرب.
كما أن هذا المعهد معروف بيمينيته الأمريكية واليمين الأمريكي هناك هو ذلك الذي يستغل النص الديني لصالح إسرائيل من خلال الاختراق الصهيوني للمسيحية عن طريق تسويقه ما يسمى بعقيدة الحكم الألفي. تلك العقيدية التي تزعم أن المجئ الثاني للمسيح لن يتم إلا بعد بناء هيكل سليمان. بما يعني أن من يريد عودة المسيح ثانية يجب عليه مساعدة إسرائيل ومساندتها والوقوف بجانبها حتى تكمل السيطرة على المنطقة بأسرها حتى تتمكن من بناء الهيكل الذي يعني بالتبعية هدم المسجد الأقصى. ولذا يصبح من خلال التداخل المخل لتلك القضايا أن يصل توماس ومن معه إلى الآتي: المسيحيون المصريون هو مصر وهم أصحابها الأصليين قبل ما إسرائيل هي صاحبة الأرض. ما دون ذلك هم مسلمون وعرب ولا علاقة لنا بهم. بل الأخطر أن النص الديني يجعلنا أن نقف مع إسرائيل في مواجهة العرب.
(نكتفي بهذا) ونقول أن توماس بهذا يتجاوز ليس حدوده كموطن مصري يجب عليه أن يحافظ على مصر في مواجهة الآخر بل أصبح توماس يقايض بمصلحة مصر لصالح الآخر.
بل إن توماس هنا قد خرج عن إجماع الكنيسة المصرية الأرثوذكسية. فهو هنا يطلب التدخل الأجنبي في شئون مصر يسقط أنصع فترات التاريخ الكنسي الوطني.
وعندما يعمل على شق وحدة الوطن وتفتيته فهو ضد كل القيم المسيحية العظيمة من الحب والتسامح والبذل. كما أنه عندما يستغل الكنيسة في غير دورها الروحي. بل يستغلها في دور غير وطني وغير مصري وهي الكنيسة الوطنية المصري. أي أنه يسخر شباب المنتفعين منه ومن أموال الخارج في نشر تلك الأفكار الهدامة وغير كنيسة والتي تتناقض مع قيم المسيحية والتي ليست لها أي علاقة بالدين أو الإنجيل أو الكنيسة بل هي أفكار تهدم ولا تبني ويصبح واجبًا علينا مطالبة المجمع المقدس بمحاكمة توماس على كل ذلك حفاظًا على تاريخ الكنيسة الوطني وحفاظًا على دورها التاريخي في مواجهة الفكر الغربي الذي يتمرغ فيه توماس الآن.
ناهيك هن غياب توماس عن القوصية وعن دوره الروحي الذي استبدله بأدوار لا علاقة لها بموقعه الكنسي الذي لا يعنيه الآن كما أعلن سابقًا.


http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=53083&Page=7