المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصدّيق ومحبته الشديدة للحبيب



خطاب السلفي
04-18-2005, 05:02 AM
[center]الصدّيق ومحبته الشديدة للحبيب
لقد أحب أبو بكر – رضي الله عنه – النبي – صلى الله عليه وسلم – حبًا ملك عليه لُبَّه وفؤاده وجوارحه، حتى إنه كان يتمنى أن يفدى النبي – صلى الله عليه وسلم – بنفسه وولده وماله والناس أجمعين.
تقول عائشة – رضي الله عنها -: لما اجتمع أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الظهور، فقال: ( يا أبا بكر إنا قليل.).
فلم يزل أبو بكر يُلح حتى ظهر رسول الله – صلى الله عليه وسلم ، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته ، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الله ، وإلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا ، ووطئ أبو بكر ، وضُرب ضربًا شديدًا ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفها لوجهه، ونزَّ (أي وثب) على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهه من أنفه ، وجاء بنو تميم ( قوم أبي بكر) يتعادون ، فأجلت قريشًا عن أبي بكر ، وحملت بنو تميم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، ثم رجعت بنو تميم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تميم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: ما فعل رسول الله؟ فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، ثم قاموا، وقالوا لأمه أم الخير: انظري أن تطعميه شيئـًا أو تسقيه إياه.
فلما خلت به ألحت عليه ، وجعل يقول: ما فعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: والله ما لي علم بصاحبك ، فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ، فقالت: ما أعرف أبا بكر، ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك ذهبت، قالت: نعــم، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعًا دنفـًا ، فدنت أم جميل وأعلنت الصياح ، وقالت: والله إن قومًا نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم.
قال: فما فعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هذه أمك تسمع ، قال: فلا شيء عليك منها، قالت: سالم صالح . قال: أين هو؟ قالت: في دار ابن الأرقم.
قال: فإن لله عليّ ألا أذوق طعامًا، ولا أشرب شرابـًا حتى آتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم. فأمهلتاه حتى إذا هدأت الرِجل ، وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم – فأكب عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقبَّله، وأكب عليه المسلمون، ورقَّ له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رقة شديدة، فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله ، ليس بي بأس! إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها ، وأنت مبارك فادعها إلى الله ، وادع لها عسى أن يستنقذها بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودعاها إلى الله فأسلمت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موقف يعجز القلم عن وصفه
وها هي صفحة مشرقة من حياة الصدَّيق – رضي الله عنه – الذي بذل نفسه وماله فداءً لله وفداءً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم.
فعن علي بن أبي طالب ، قال: ( لقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأخذته قريش فذا يجبأه ( أي فجأة وبغتة ) ، وهذا يتلتله ( أي يحركه ويزعزعه من مكانه ) ، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهًا واحدًا؟ قال: فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا ، ويجأ هذا ويتلتل هذا ، وهو يقول : ويلكم ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ) ، ثم رفع ( علي ) بردة كانت عليه ، فبكى حتى اخضَّلت لحيته ، ثم قال: أنشدكم الله ، أمؤمن آل فرعون خيرٌ أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: ألا تجيبوني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن آل فرعون ، ذاك رجل يكتم إيمانه ، وهذا رجل أعلن إيمانه)
وعن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: بينما رسول الله بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلفَّ ثوبه في عنقه فخنقه خنقـًا شديدًا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ، ودفعه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم قال: ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) [ غافر:28].

منقول من كتاب أصحاب الرسول [ 68 :71]
للشيخ/ محمود المصري – حفظه الله ورعاه.