المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العذاب الابدي



فارس
04-29-2005, 03:35 PM
السلام عليكم
لى استفسار اود ان اعرف اجابته منكم لما لاحظته فى هذا المنتدى من وجود اعضاء يتميزون بسعة العلم الشرعي والثقافة الواسعة فى شتى المجالات..
وسؤالى يتعلق بالعدل الالهى
ثابت بالنص القرآني ان المشرك والكافر مخلد فى النار الى ابد الابدين ..يستجير فلا يستجار..
فهل من العدل ان يكون العقاب ابديا على ذنب استغرق جزءا مهملا لا يذكر من الزمن بالنسبة للحياة الابدية؟؟؟
فالكافر عصى الله زمن حياته فقط فكيف يعاقبه الله بلا نهاية؟؟؟
اتمنى ان اجد لديكم جوابا شافيا ينير لى الطريق..
وفقنا الله واياكم الي ما يحبه ويرضاه..

ابو مارية القرشي
04-29-2005, 07:38 PM
الحمد لله وبعد
اما من عصى الله مع اتيانه باصل الدين من التوحيد قولا و عملا بلوازمه و شروطه فمثل هذا لا يعذب عاذبا ابديا بل يعاقب بقدر ما يستحق من ذنب و قد يعقى عنه فامره الى الله.
اما من بارز الله بالمحاربة و كفر به فمثل هذا يعذب في نار جهنم خالدا فيها أبدا.
والحياة اختبار فمن نجح دخل الجنة و فاز ومن رسب دخل جهنم و خسر.
وهل من العدل ان يستوي من عبد الله ومن كفر به؟
فهذا الكافر قد اعطي الفرصة ليثبت عبوديته لرب العالمين ولكنه كفر ، والله يخبرنا ان هذا الكافر لو عاد الى الدنيا مرة اخرى لكفر وفعل مثل ما فعل في المرة الاولى.
ولعلك تتنعم النظر المرة تلو الاخرى في كتاب الله لتعلم عظم ذنب الكفر والشرك.

وقد وضع الله سدودا اربعة تمنع الانسان من الشرك فمن تجاوزها فقد ظلم نفسه وخسر:
1-الميثاق:اخذ الله على الانسان العهد في عالم الذر على ان يعبده و لا يشرك به شيئا.
2-الفطرة:فالانسان يفطر على التوحيد.
3-العقل.
وهذه الثلاث كافية في ان يستحق الانسان العذاب اذا اشرك به عز وجل ومع ذلك فان الله لا يعذبه عباده الا بعد ان يبعث اليهم رسولا وهذا هو الحاجز الرابع الذي يمنع الانسان من الشرك.
4-الرسل.

أسد العقيدة
04-29-2005, 11:14 PM
السلام عليكم
لى استفسار اود ان اعرف اجابته منكم لما لاحظته فى هذا المنتدى من وجود اعضاء يتميزون بسعة العلم الشرعي والثقافة الواسعة فى شتى المجالات..
وسؤالى يتعلق بالعدل الالهى
ثابت بالنص القرآني ان المشرك والكافر مخلد فى النار الى ابد الابدين ..يستجير فلا يستجار..
فهل من العدل ان يكون العقاب ابديا على ذنب استغرق جزءا مهملا لا يذكر من الزمن بالنسبة للحياة الابدية؟؟؟
فالكافر عصى الله زمن حياته فقط فكيف يعاقبه الله بلا نهاية؟؟؟
اتمنى ان اجد لديكم جوابا شافيا ينير لى الطريق..
وفقنا الله واياكم الي ما يحبه ويرضاه..


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياك الله أخي فارس وأهلا بك عضوا مفيدا ومستفيدا بيننا

لو سمحت أيها العزيز ... سأتبع نفس منهجك في التفكير

وسأوجه لك نفس السؤال ولكن بمعطيات مختلفة كي تأخذ الموضوع من جانب آخر

السؤال

ثابت بالنص القرآني ان المؤمن الموحِّد مخلد في الجنة الى ابد الابدين ..له فيها ما تشتهيه الأنفس وما تريد ..

فهل من العدل ان يكون الجزاء ابديا على طاعة استغرقت جزءا مهملا لا يذكر من الزمن بالنسبة للحياة الابدية؟؟؟

فالمؤمن أطاع الله زمن حياته فقط فكيف يجازيه الله بلا نهاية؟؟؟


ما رأيك!؟

:emrose:

ATmaCA
04-30-2005, 01:12 AM
ثابت بالنص القرآني ان المشرك والكافر مخلد فى النار الى ابد الابدين ..يستجير فلا يستجار..

اخى صفة الكفر هى صفة مؤبدة فى النفس . . والنار تعتبر علاج لهذة النفس . .

ثانيا خالدين فيها ( الاماشاء الله ) . . ( الله اعلم بحالهم )

انظر سورة هود :

وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ{102} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ{103} وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ{104} يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ{105} فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ{106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ{108} فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ{109} سورة هود . .



فهل من العدل ان يكون العقاب ابديا على ذنب استغرق جزءا مهملا لا يذكر من الزمن بالنسبة للحياة الابدية؟؟؟

كما ذكرت لك انها صفة مؤبدة فى النفس ( صفة الكفر ) . . ليس فى الحياة الدنيا فقط . . بل هى صفة مؤبدة . .

يقول الله تعالى :

وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{28} سورة الانعام . .

يعنى لو اعادهم الله تعالى الى الحياة مرة اخرى . . لن يتوبوا بل سيظلوا كفرة . . وسينكروا ويجحدوا الله تعالى .

وفى موضع اخر يقول الله :

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ{18}

سيبعثهم الله تعالى . . وسيحلفون امام الله انهم لم يرتكبوا ذنب . . ( واقفين امام الله الملك الجبار . . وسيحلفون امامة كذباً ) .

اذا :

1-- سيدخلون النار ويعذبون فيها ولكن الله اعلم بالمدة ( وهناك مذهب يقول انهم سيفنون فى النار ) يمكنك سؤال الاخ ابو مريم عن هذة المسألة .

2-- ان الكفر صفة مؤبدة فى النفس وليست فى الحياة الدنيا فقط ـ والنار اصلاح لهذة النفوس .

3-- النار ليست محرقة يحرق فيها جلود البشر . . فالنار علم غيب لايعلمة الا الله .

تحيتى لك . .
:emrose: :emrose: :emrose:

أبو المثنى
04-30-2005, 06:23 AM
الزملاء الأفاضل

السلام عليكم ورحمة الله

أشكر الزملاء اتماكا وأسد العقيدة وأبومارية على إجاباتهم ...

ودعني أطرح السؤال التالي : في الحياة الدنيا ممكن واحد يعتدي على واحد ثاني ويقتله ... جريمة القتل أخذت فقط ساعة زمن . ومع ذلك يتم الحكم على القاتل بالإعدام وحرمانه من الحياة كلها ..... ليس الموضوع كم أخذت جريمته من وقت ، وإنما لعظم جريمته وهي ظلمه لإنسان ثاني بحرمانه من الحياة .

لنقس هذا على سؤال الزميل :
واحد بيكفر في الدنيا عمداً وقصداً 50 سنة ، ثم يخلد في النار
واحد بيجرم في القتل ساعة واحدة ، وبيحرم من الحياة كلها

إذن لا يوجد ظلم من الله بتخليد هذا الكافر بسبب جريمته الكبيرة (جحده بالله) طول عمره وظلمه لنفسه ،
تماماً مثلما لا يوجد ظلم في حرمان ذلك القاتل من الحياة ليس لأن جريمته لم تأخذ منه إلا (ساعة زمن) بل لأن جريمته كبيرة .

والله الهادي إلى سواء السبيل

:emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose: :emrose:

د. محمود عبد الرازق الرضواني
04-30-2005, 08:56 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..

أما قول السائل : فهل من العدل أن يكون العقاب أبديا على ذنب استغرق جزءا مهملا لا يذكر من الزمن بالنسبة للحياة الأبدية ؟
فلا يخفى أن الله عز وجل يفعل ما يشاء ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره وهو سبحانه مع ذلك حكيم لا يظلم أحدا من خلقه وهذا مقتضى الإيمان باسمه ووصفه ، ومن ثم فإن الله له حكمة بالغة في تعذيب الكافر آبد الآبدين وإن كان كفره واقع في لحظة أو سنين ، وخفاء الحكمة في ذلك نرد العيب فيها لجهلنا وليس في إلى فعل الله وأسمائه وصفاته .
أما ما يمكن قوله فضلا عن ذلك في بيان حكمة الله وحجته على الإنسان وتعذيبه أبد الآبدين إن كفر بالرحمن فبيانه كما يلي :
أن هذا الوضع الذي ابتلي فيه الإنسان بوجوده في الدنيا بين كفر وإيمان ثم يعقبه جزاء بجنة ونيران خيرنا الله في قبوله عند النشأة والتكوين ولم يجبر الإنسان على تحمله ، وتلك قصة الجهل بها أدى إلى حيرة شديدة وتساؤلات عديدة ، فالله عز وجل خيرنا في حمل الأمانة حين رفضتها السماوات والأرض والجبال ، وقد ابتلى هذه المخلوقات وخيرها في الموافقة علي مبدأ قبول الأمانة وتحمل الثواب والعقاب ، حيث سيكلف من يقبلها بمراعاتها على طريقة ما يشرعها لهم ، كما روى عن عبد الله بن عباس  أنه قال : (( يعني بالأمانة الطاعة ، عرضها عليهم قبل أن يعرضها علي آدم فلم يطقنها ، فقال لآدم : إني قد عرضت الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها ، فهل أنت آخذ بما فيها ، قال يا رب : وما فيها ؟ قال : إن أحسن جزيت وإن أسأت عوقبت ، فأخذها آدم فتحملها )) ( ) .
هذا العرض خيرت فيه السماوات والأرض والجبال والإنسان بنص القرآن ، والعقلاء عن الله يفهمون من قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72) اللوازم الآتية :
أولا : أن المخلوقات التي خيرت في حمل الأمانة أو رفضها وهي السماوات والأرض والجبال والإنسان كانت علي درجة واحدة في إمكانية القبول أو الرفض ، فلهن إرادة حرة مخيرة وليست مجبرة ، ولولا أن لهن اختيارا حرا ما عرض عليهن قبول الأمانة أو رفضها ولما عبر عن رأيهن بقوله عنهن :  فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا  فالإباء والرفض والإشفاق عكسه القبول والرغبة والموافقة ، وهذا دليل علي أن الله خيرهن دون جبر منه عليهن في قولهن أو فعلهن .
ثانيا : أن هذه المخلوقات التي عرضت عليها الأمانة لهن عقل وعلم ويتصفن بإدراك وفهم ، لأنه لا معني لتخييرهن في أمر لا يعرفن عنه شيئا ، فهذا نوع من العبث لا يقبله العاقل علي نفسه فضلا عن ربه فهل يعقل أن تخير أميا جاهلا في أن يكتب بالعربية أو اللاتينية ؟
ثالثا : دلت آية الأمانة على أن الإنسان له وجود غيبي سابق على الزمان ، وهذا الفهم يؤيده آيات كثيرة وردت في شأن آدم وحواء وهما في السماء في جنة الابتلاء قبل نزولها إلى الأرض ، وكذلك أحاديث متعددة تدل علي خلق الله لجميع الذرية وإيجاد أفراد النوعية الإنسانية لفترة وقتية معينة عند أخذ الميثاق عليهم لتعريف الحقوق والواجبات وإظهار الحكمة في تدبير أمر المخلوقات ( ) .
ومن ثم علمنا من مضمون الآية أن هذه المخلوقات يعقلن كلام اللَّه ويدركن ويفهمن ويسمعن وهن أحرار أخيار في قولهن وفعلهن ، وإلا كان تخييرهن لهوا ولعبا وقد نفي اللَّه العبث عن نفسه نفيا قاطعا فقال وتعالي :  وَما خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ  ( ) .
قال ابن الجوزي : (( قول الأكثرين في المراد بعرض الأمانة علي السماوات والأرض أن الله تعالي ركب العقل في هذه الأعيان وأفهمهن خطابه وأنطقهن بالجواب حين عرضها عليهن ، ولم يرد بقوله أبين المخالفة ولكن أبين للخشية والمخافة ، لأن العرض كان تخييرا لا إلزاما وأشفقن بمعني خفن منها أن لايؤدينها فيلحقن العقاب )) ( ) .
ومما روي عن السلف في ذلك أن عمر بن عبد العزيز  عرض العمل علي محمد بن كعب فأبي فقال له : أتعصي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تعالي حين عرض الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها هل كان ذلك منها معصية ؟ قال : لا ، فتركه ( ) .
وقال الواحدي : (( إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال ، الفرائض التي افترض الله سبحانه علي العباد وشرط عليهم أن من أداها جوزي بالإحسان ومن خان فيها عوقب ، أفهمهن الله سبحانه خطابه وأنطقهن فأبين أن يحملنها مخافة وخشية لا معصية ومخالفة )) ( ) .
• لماذا عرضت الأمانة وماذا حدث لمن رفضها؟
الأمانة عرضت علي المخلوقات ليتحقق عدل الله في الكون وينتفي الظلم ويستقر الأمن ، فمن عدله أنه لا يجبر مخلوقا علي فعل شيء وهو مقهور فقال تعالي :  وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا  ( ) ، فنفي الظلم مطلقا يدل علي كمال العدل ، ولكمال عدله قامت السماء والأرض بأمره علي الحق والميزان كما ورد في سورة الرحمن :  وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ  ( ) ، وقال أيضا في سورة الدخان :  وَما خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ  ( ) .
قال أبو السعود : (( وضع الميزان أي شرع العدل وأمر به بأن وفر كل مستحق ما استحقه ووفي كل ذي حق حقه حتى انتظم به أمر العالم واستقام )) ( ) .
ومن لوازم التخيير وكمال العدل أنه كان من الممكن لجميع من ورد ذكره في آية الأحزاب رفض الأمانة أو قبولها ، وكان من الممكن أيضا رفض الإنسان لحملها أو استجابة السماوات ، وكذا المقال في حال الأرض والجبال ، وللعاقل أن يسأل علي سبيل إظهار حكمة الله وبلوغ العدل منتهاه : ماذا لو فرضنا أن الكل رفض الأمانة أو اختارتها السماوات أو الأرض أو الجبال ؟ وجواب ذلك أن يقال : الله أعلم ، لكن العالم في تركيبه ستتغير معالمه علي وضع جديد يعلمه الله حتى يصل العدل في ملكه منتهاه وتظهر حكمته في سائر المخلوقات كما قال تعالي :  أَلَمْ تَرَي أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَي اللَّهِ بِعَزِيزٍ  ( ) .
وإذا كان الحق تبارك وتعالي يفعل ما يشاء في ملكه والخلق قائم علي أمره وكل شيء مفتقر إلي قضائه وقدره ، إن شاء استخلف الإنسان بغير إرادته ، وإن شاء أجبر السماء علي حمل أمانته ، وإن شاء أكره الأرض والجبال بقدرته ، إلا أن عدله من لوازم حكمته وتخيير المخلوقات في حمل الأمانة من كمال حجته واستقرار العالم وأمنه من بديع صنعته ، حتى بدت الأمور للعيان أن نتيجة التخيير قسمان ، قسم رفض الأمانة وقسم يتمثل في موافقة الإنسان .
فبعد تخيير الله للسماوات والأرض والجبال في قبول الأمانة أو رفضها ، وبعد ممارسة حقهن في الاختيار ورفضهن لها كان من كمال عدل الله تعالي أنه خيرهن مرة أخري ، ولكن التخيير هذه المرة كان لإظهار الرضي منهن في الطاعة التامة ، والاستجابة لأمر الله إذا كلفهن بعمل ما أو سخرهن لوظيفة ما حتى وإن كانت لصالح الإنسان الذي قبل الأمانة ، فاخترن جميعا الطاعة والخضوع لله عز وجل ، يكلفهن بما شاء وسوف يلتزمن بأحكام المشيئة والقضاء تمام الالتزام .
وبهذا التخيير الثاني قامت المخلوقات في السماوات والأرض علي محبة الله ، والرضا بأمره في العمل علي استقرار الكون وأمنه ، وبقائه علي الدوام ثابتا في أمان لأداء الأمانة التي حملها الإنسان ، ومعلوم أن تحقيق الأمن والأمان المبني علي الرضي أبلغ من الأمن والأمان المبني علي العدل فقط .
ووما يقال أيضا في جواب أن المؤمن يحاسبه الله بفضله والكافر يحاسبه بعدله فإذا أصر الكافر على شركه وكفره بربه بعد علمه بالعقاب استوجب أشد العذاب ، وقد تجلت للعيان في رحمة الله بالإنسان عدة أمور:
الأمر الأول : أن الله فتح باب التوبة للإنسان مهما بلغ به كيد الشيطان ما لم تغرغر النفس ، أو تطلع الشمس من مغربها ، فقد روي الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أن رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم قَال: ( مَنْ تَابَ قَبْل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَليْه ) و روي الإمام مسلم من حديث أَبِي مُوسَي الأشعري  أنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْل ليَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ الليْل حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) .
وروي الترمذي من حديث ابْنِ عُمَرَ أنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لمْ يُغَرْغِرْ ) حتى لو اتبع الإنسان الشيطان وتمادي في الجرم والعصيان ، فقتل مائة نفس وأراد التوبة والغفران تاب الله عليه ، وقبل منه الطاعة والإيمان ، روي البخاري من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنْه أنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيل رَجُلٌ قَتَل تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأتي رَاهِبًا فَسَأَلهُ فَقَال لهُ هَل مِنْ تَوْبَةٍ قَال لا فَقَتَلهُ فَجَعَل يَسْأَلُ فَقَال لهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ العَذَابِ فَأَوْحَي اللهُ إلي هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَي اللهُ إلي هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَال قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلي هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ له ) .
فالله عز وجل يتوب على الإنسان حتى لو تكرر منه العصيان وتكررت التوبة وطلب الغفران ، تاب الله عليه نكاية تقابل كيد الشيطان ، فعند البخاري من حديث أبي هُرَيْرَةَ  أن قَال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَال أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَال رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَال أَصَبْتُ فَاغْفِرْ لي فَقَال رَبُّهُ أَعَلمَ عَبْدِي أَنَّ لهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَال رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَال أَعَلمَ عَبْدِي أَنَّ لهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَال أَصَابَ ذَنْبًا قَال : قَال رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَال أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لي فَقَال أَعَلمَ عَبْدِي أَنَّ لهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لعَبْدِي ثَلاثًا فَليَعْمَل مَا شَاءَ ) ، ومعني فليفعل ما شاء أي على هذا المنوال كلما أذنب عاد مسرعا للتوبة لا يبيت النية للعصيان .
الأمر الثاني الذي جعله الله للإنسان حماية من كيد الشيطان : أن الله كما وعد بقبول التوبة عند رجوع الإنسان عن العصيان ، فإنه أيضا سيبدل للتائبين عدد ما فات من السيئات بنفس أعداها حسنات ، دل على ذلك قوله تعالى :  وَالذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلكَ يَلقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِل عَمَلا صَالحًا فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا  .
الأمر الثالث : أنه سيعامل المؤمنين بفضله وسيعامل الكافرين بعدله ، والعدل أن يستوي العمل مع الجزاء والفضل أن يفوق الجزاء العمل ، فعند البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  أن رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم قَال : ( إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لهُ بِعَشْرِ أَمْثَالهَا إلي سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لهُ بِمِثْلهَا ) وروي البخاري أيضا من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  أن رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم قَال :
( الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَل وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَليَقُل إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تعالى مِنْ رِيحِ المِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلي الصِّيَامُ لي وَأَنَا أَجزى بِهِ وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالهَا ) ، وروي البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهمَا عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَل قَال : ( إِنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلمْ يَعْمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ لهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلهَا كَتَبَهَا اللهُ لهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلي سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إلي أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلمْ يَعْمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ لهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلهَا كَتَبَهَا اللهُ لهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ) وعند البخاري أيضا من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَال : ( سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لا يُدْخِلُ أَحَدًا الجَنَّةَ عَمَلُهُ ، قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُول اللهِ ؟ قَال : وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ )
الأمر الرابع الذي جعله الله للإنسان حماية من كيد الشيطان: أن الله سيفرح بتوبة عبده فرحا شديدا ترغيبا للإنسان وتبكيتا للشيطان ، فإن المذنب مخطئ في جنب الله ، وعظم الذنب يقاس بعظمة من أخطأت في حقه ، فلو قبل الله توبة المذنب ، فإن مجرد القبول فقط ، كرم بالغ من الله عليه ، فما بالنا وهو يقبل توبة المذنب بعفو جديد وفرح شديد ، كما روي مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ  قَال قَال رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم : ( للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالتِهِ إِذَا وَجَدَهَا ) وفي مقابل توبة الإنسان وسجوده لرب العالمين ، يبكى الشيطان بكاء النادمين ، فعند مسلم أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَال : قَال رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم : ( إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ ، اعْتَزَل الشَّيْطَانُ يَبْكِي ، يَقُولُ : يَا وَيْلهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلي ، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلهُ الجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَليَ النَّارُ ) .
الأمر الخامس الذي جعله الله للإنسان حماية من كيد الشيطان : أن الله تكفل بإيقاف الشيطان وإخناسه ، عند استعاذة الإنسان من وسواسه ، فقال تعالى :  وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَليمُ  وكان يمكن أن يقال إذا نزغك الشيطان فقاومه بما استطعت من أسلحتك الفكرية ودلالاتك العقلية ، لكن فضل الله على الإنسان كان عظيما فقال :  قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، مَلكِ النَّاسِ ، إِلهِ النَّاسِ ، مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ ، الذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنْ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ  .
الأمر السادس : أن الله وعد الإنسان بألا يعذبه إلا إذا بعث له رسولا يذكره بالشيطان وعداوته للإنسان ، يقول تعالي : كُلمَا أُلقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلهُمْ خَزَنَتُهَا أَلمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلي قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلنَا مَا نَزَّل اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِير ِ ، وقال تعالى :  وَلوْ أَنَّا أَهْلكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلهِ لقَالُوا رَبَّنَا لوْلا أَرْسَلتَ إِليْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْل أَنْ نَذِل وَنخزى قُل كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَي  وقال سبحانه :  رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لألا يَكُونَ للنَّاسِ على اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل وَكَانَ اللهُ عزيزا حَكِيمًا  ، وقال :  تَاللهِ لقَدْ أَرْسَلنَا إلي أُمَمٍ مِنْ قَبْلكَ فَمثل نَ لهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالهُمْ فَهُوَ وَليُّهُمْ اليَوْمَ وَلهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ  ، وقال :  وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولا  ، ولو فرض أن إنسانا انقطعت به أسباب العلم بالشيطان وحقيقته ، ولم يعلم بشريعة الله في أرضه وأمانته ، ولم يسمع عن الإنسان ورسالته ، فإنه معذور عند الله بجهالته لاجتماع الأدلة على ذلك .
فلكون الإنسان هو الذي قبل الأمانة ورفضتها السماوات والأرض والجبال رفعه الله على غيره ، وجعل مكانته في الوجود أعلى ممن رفضها ، ثم سخر له كل من في الأرض ، وجعل الأرض أمانة بين يديه في هذا العالم ، فهو الوحيد بين هذه الكائنات الذي لم يرفض أمانة الله عند عرضها ، فاستحق بعدل الله الرفعة بعد قبوله لها ، وظهر هذا التكريم في الوصف الذي تميز به الإنسان عن غيره ، وهو استخلافه في الأرض وتهيئة العالم من حوله لهذه الغاية ، فالله استخلفه وخوله وفوضه أن يتصرف في الأرض على النحو الذي يشرعه صاحب الأمانة ويكلفه به ، من خلال الرسالة السماوية التي سيرسلها له تباعا ، وسيجعل الله كل ملك أو مال أو أرض أو أي نعمة يتملكها الإنسان أمانة بين يدية ، يستمتع بها ويتملكها على أمر الله وتوجيهه له فيها ، فهو مستخلف فيها فقط ، وهي أمانة مسئول عنها أمام ربه يوم القيامة ، فكل إنسان أمين حتى على نفسه وبدنه يتصرف فيه على مراد ربه ، فمالكه الحقيقي هو الله : دل على تكريمه قوله تعالى :  وَلقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلقْنَا تَفْضِيلا  ودل على استخلافه في الأرض آيات كثيرة وردت في القرآن منها قوله :  وَإِذْ قَال رَبُّكَ للمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَليفَةً  .
هذه بعض مقتطفات من الموضوع الذي يجب على السائل أن يدرك من خلاله حقيقة ابتلاء الإنسان وكيف ظهرت الحياة كدار للابتلاء والآخرة كدار للجزاء ، فإن أراد المزيد من معرفة هذه الحقائق ، فعليه أن يصبر عدة ساعات في قراءة الموضوع على هذا الرابط .
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=1396

نور
04-30-2005, 10:55 PM
فضيلة الدكتور. محمود عبد الرازق الرضواني

بارك الله فيك علي هذا التوضيح

و جزاك الله عنا خير الجزاء

مجدي
05-03-2005, 12:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الاخوة الاعزاء الحكمة سهلة جدا ومعروفة عند كل واحد منا .
الامر يتعلق بالماضي والحاضر .
فانت ترى الماضي كحلم مر وانقضى وتعيش حاضرك وتنتقل بين حال وحال فلو سالناك كيف انت فستقول بعد حمدالله بحالك الذي انت عليه .
ويوم القيامة يؤتا باكثر اهل الارض بؤسا من المسلمين فيغمس بالجنة فيساله الله عز وجل هل رأيت شرا قط ؟ فيقول لا وعزتك . وكذا يفعل بعكس الامر مع اكثر اهل الارض سعادة من الكفار فيغمس في النار فيقال له هل رأيت خيرا قط.
فيقول لا وعزتك .
فالانسان ابن لحظته وماضيه مثل حلم راح وانقضى ومستقبله سيكون لحظته ثم يصبح ماض .
هذا هو الواقع: فما مضى مما مضى فقد مضى .
فلو خرج الكافر من النار اليس هذا تحوله من سيء الى احسن .
الله اكبر لا شمات بظالم ***ولكن زوال القحط بشرى للورى
وكذا لو ان المسلم خرج من الجنة لكانت خسارة له
لا توازى لذة الحكم بما***ذاقه الشخص اذ الشخص انعزل
فبما ان الانسان ابن لحظته ولحظته زائلة فان حاله لا يعتبر الا باستقراره .
لذلك كانت الاخرة هي دار القرار.

حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ (101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)

يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً (104)