المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم التنوير في التصوُّر الإسلامي



جـواد
01-26-2009, 01:35 PM
مدخـل :

يُطرح مصطلح التنوير في ساحة السجال الفكري والجدل الثقافي، بصورة تُثير قدراً كبيراً من الشكوك حول دوافع هذا الطرح وأهدافه، حيث يغيب وجهُ الحق وسط ضباب كثيف من التضليل والمغالطات والدعاوى الباطلة.

ولقد ترتَّب على طرح هذا المصطلح غير المنضبط بضوابط التأصيل اللغوي والدلالة الحضارية، أن اختلطت مسألة التنوير بمسائلَ معقدةٍ، تَجَاوَزَتِ في العديد من الأحوال، المجالَ الثقافيَّ والسياق الفكري، إلى ما هو أقرب إلى الإطار السياسي. وبذلك صار الترويج للتنوير والتلويح به والتأكيد عليه، تعلةً تُستخدم لتحقيق أغراضٍ تبعد في أحايين كثيرة، عن المسار الطبيعي الذي يتجه إليه الفكر في توجّهاته ومنطلقاته الثقافية.

لقد اختلطت المفاهيم وشَابَ بعضَها غموضٌ افتعلته فئةٌ من الناس الذين تعالت أصواتهم هاتفةً بالتنوير، دون تحديد لمعناه، أو توضيح لغايته؛ أو شرح لمحتواه، بل بتحريفٍ متعمد لمفاهيمه، وبتزويرٍ مقصود لدلالاته ومقاصده. وبذلك تُحجب الحقيقة، ويضل الفهم، ويقع الناس في لبس عظيم.

ومما نلاحظه في هذا السياق، أن رواج مصطلح التنوير تَزَامَنَ مع اضمحلال المذاهب المادية الإلحادية، ونفوق سوقها في المجتمعات الحديثة، بما في ذلك المجتمعات العربية الإسلامية، وأن الإلحاح يشتدّ على ترويج مصطلح التنوير في زَمَنٍ يَتَصَاعَدُ فيه مدُّ العولمة ذات الهيمنة على مقدرات الشعوب، وعلى هوياتها الثقافية وخصوصياتها الحضارية.

لقد اقترن مصطلح التنوير بالتيارات الفكرية الكاسحة التي هبَّت على العالم العربي الإسلامي طوال العقد الأخير من القرن العشرين. والحدّة التي عُرف بها مصطلح التنوير في هذه المرحلة، هي أشدُّ وطأةً وأكثر ضراوةً مما كان عليه الأمر في العقود السابقة، وإن اختلفت الصيغة التي كانت تطرح حيناً بـ (حرية الفكر)، وحيناً آخر بـ (الفكر الحر)، وفي أحايين أخرى بـ (النهضة)، وذلك نظراً إلى ارتباط مفهوم التنوير الرائج اليوم، في بعض مستوياته، بالهيمنة الاستعمارية الجديدة.

ويمكن القول، ابتداءً، إن التنوير، كلمةُ حقٍّ يُراد بها باطلٌ تَسَبَّب في تضليل الرأي العام، والتشويش على الفكر المستقيم، وفي خلق بلبلة فكرية وثقافية وسياسية، أدَّت ــ ولاتزال تؤدي ــ إلى حالاتٍ من المواجهة الفكرية التي تقتضي أن تُوضّح فيها المسائل، وتقوّم المناهج، وتصحّح المفاهيم.


في تحرير مسألة التنوير :

لعلَّ من مقتضيات المنهج الذي ارتأينا اعتماده في هذه الدراسة، أن نسوقَ بين يدي الموضوع، الحديثَ في تحرير مسألة التنوير، قبلَ أن ننتقل إلى تَنَاوُل مفهوم التنوير في التصوّر الإسلامي، بما يقتضيه المقام من معالجة لشتى جوانبه، والخلوص إلى تبيان وجه الحق فيه.

أولاً : التنوير لغةً :

من حيث الدلالة اللغوية لمصطلح التنوير، جاء في لسان العرب لابن منظور، أن التنوير هو وقتُ إسفار الصبح، يقال قد نوَّر الصبح تنويراً، والتنوير : الإنارة، والتنوير : الإسفار. ويقال : صلَّى الفجر في التنوير.

وفي المعجم الوسيط، استنار : أضاء. ويقال : استنار الشعبُ : صار واعياً مثقفاً. وـــ به : استمدَّ شعاعَه. وـــ عليه : ظَفِرَ به وغَلَبَهُ. ونَوَّر اللهُ قلبَه : هداه إلى الحق والخير(1)

ويطلق اسم النور على الهداية كما في قوله تعالى { اللَّه وليّ الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات إلى النور}، أي الهداية { أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً }، أي هداية { اللَّه نور السمـوات والأرض}، أي هادي أهلها.

وجاء في كتاب الكليات : >النور هو الجوهرُ المضيء، والنورُ من جنس واحد، وهو النور بخلاف الظلمة ؛ إذ ما من جنسٍ من أجناس الأجرام، إلا وله ظل، وظُله الظلمة، وليس لكل جرم نور، وهذا كوحدة الهدي وتعدّد الضلال، لأن الهدي سواء كان المرادُ به الإيمان أو الدين، هو واحد، أما الأول فظاهر، وأما الثاني، فلأن الدين هو مجموعُ الأحكام الشرعية، والمجموعُ واحدٌ، والضلال متعدّدٌ على كلا التقديرين، أما على الأول، فلكثرة الاعتقادات الزائغة، وأما على الثاني، لانتفاء المجموع بانتفاء أحد الأجزاء، فيتعدّد الضلال بتعدّد الاِنتفاء ((2

وهذا كلام دقيق وتفصيل عميق لدلالة النور الذي منه يُشتق التنوير. ويثير الانتباه أن ما ذهب إليه الكفوي (تـ : 1094هـ/1683م) في كتاب الكليات، من أن النور واحد والظلمة تتعدّد، يَتَطَابَقُ مع ما جاء في القرآن الكريم من جمع الظلمة إلى الظلمات، وإفراد النور. كما سيتبيَّن لنا في موضعه.

وجاء في معجم ألفاظ القرآن الكريم، النور : المعارف والحقائقُ والدلائل التي تجلو الشك وتجلب اليقينَ في العقائد، وتنفي البلبلة والوسوسة، وعقائدَ الضلال(3). فليس النور أوهاماً وتخيُّلات، ولكنه حقائق ودلائل مقطوعٌ بصحتها وبسلامتها من الشك والريب، مبرأةٌ من العيوب. وهذا التعريف اللغويّ يحمل دلالةً فكريةً وثقافيةً لا ينبغي إغفالها في هذا السياق.

ثانياً : التنوير اصطلاحاً وفلسفةً :

ظهر مصطلح التنوير (enlightenment) في القرنين السادس عشر والسابع عشر في أوروبا تعبيراً عن الفكر الليبرالي البورجوازي ذي النزعة الإنسانية العقلية والعلمية والتجريبية. ويتضمن هذا الفكر نزعةً ماديةً واضحةً بعد إقصاء اللاهوت، وذلك بإحلال الطبيعة والعقل بدلاً من الفكر الغيبي الثيولوجي والخرافي في تفسير ظواهر العالم ووضع قوانينه ((4

والتنوير اتجاهٌ ثقافيٌّ ساد أوروبا في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين من أمثال (فولتير)، و(ديدرو)، و(كوندورسيه)، و(هولباخ)، و(بيكاريا)، الذين أخذوا عن الفلاسفة العقليين، (ديكارت)، و(سبينوزا)، و(لايبنتس)، و(لوك)، والذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي، حتى أُطلق على هذه الفترة اسم عصر العقل (the age of reason)، وكان التنوير نتاجه.

ويمكن بشكل عام، تقسيم أفكار التنوير في ثلاث مجموعات تحمل عناوين : (العقل، والطبيعة، والتقدم)، وتكوّن في مجموعها الفلسفةَ الطبيعية، والأخلاق الطبيعية، وأساسها العلم، وكان الإيمان به مطلقاً كالإيمان بالعقل (5)

لقد نشأت فكرة التنوير، أول ما نشأت، في البيئة الأوروبية إلحاديةَ المنزع، فقد كانت روح التنوير إلحادية، بل وشديدة العداء للكنيسة وللسلطة متمثلة في الدولة، وللخرافة وللجهل والفقر، وغَالَى التنويريون في دعوتهم للعودة بالإنسان إلى الطبيعة ((6

والتنوير في الفكر الأوروبي، يعنى التحرّر من التعاليم الموروثة التي تمَّ القبول بها على أساس سلطة ما، كما يعني إعادة صياغة الحياة على أساسٍ من النظر العقلي وإرادة العمل عن طريق العقل ((7

ويمثّل التنوير حركةً عقليةً أوروبيةً رأت في العقل الوجودَ الحقيقيَّ للإنسان، وسعت إلى تحرير الحضارة من الوصاية الكنسية والنزعات الغيبية والخرافات، وآمنت بتقدم الإنسانية عن طريق البحث العلمي ((8

ويرجع الفضل إلى الفيلسوف الألماني (كانت) في استخدام مصطلح التنوير كتعبير عن الحركةالعقلية التي بدأت في أوروبا في القرن السابع عشر وبلغت أوجها في القرن الثامن عشر، وقد امتدَّ تأثيره في الحضارة الأوروبية كلِّها، وفي الشعوب المتأثرة بالحضارة الأوروبية(9)

فالتنوير إذن، كمصطلح شائع في الحياة الفكرية، هو مصطلحٌ أوروبيٌّ النشأة والمضمون والإيحاءات، بل إنه عنوانٌ على نسق فكري سَادَ في مرحلة تاريخية من مراحل الفكر الأوروبي الحديث، حتى ليقال كثيراً، في تقسيم مراحل هذا الفكر : "عصر التنوير". وهذا المفكر من عصر التنوير. وهذا الفكر من أفكار (عصر التنوير)، أو ضد أفكار ذلك العصر (10)

السياق التاريخي للتنوير :

ونستطيع أن نقول إن التنوير قضيةٌ أوروبيةٌ محض، انبثقت في المحيط الأوروبي، نتيجة ظروف كانت تسود المجتمعات الأوروبية، وكردّ فعل لهيمنة الكنيسة الغربية على الحياة العقلية والفكرية والثقافية في أوروبا. ولذلك فإن قيام مفهوم التنوير الأوروبي على إلغاء دور الدين في الحياة، مسألةٌ طبيعية، إذا نظرنا إليها من زاوية ما كانت تمارسه الكنيسة الغربية من ضروب الاستبداد وألوان القهر، وما كانت تُشيعه من أباطيل وخرافات، وبحكم أن أوروبا كانت عهدئذ، تعيش العصور المظلمة، في حين كان العالم العربي الإسلامي يعيش ازدهاراً حضارياً واسع الإشعاع.

إن التنوير في المفهوم الغربي، كان تنويراً للقرون الوسطى المظلمة التي عاشتها أوروبا. وهنا ينبغي أن ننبه إلى أن كلمة (القرون الوسطى المظلمة)، لا تمثّلنا، ولكنها تمثّل أوروبا والغرب، حين سقطت روما في القرن الرابع، وعادت النهضة في القرن الرابع عشر، أما نحن المسلمين فقد قدّمنا الضياء للإنسانية والعالم كلِّه، منذ بزوغ الإسلام في القرن السادس خلال ألف سنة كاملة. لقد قام المسلمون في القرون الوسطى المظلمة في أوروبا بإعادة نور الحضارة والمدنية الذي كان قد انطفأ، في جميع بلاد الغرب والشرق حتى القسطنطينية (11)

لقد كانت حركة التنوير في أوروبا ردَّ فعلٍ طبيعياً على الجبروت التي كانت السلطات الكنسية تمارسه ضد العقل والإرادة الإنسانية. وهو وضعٌ لم تعرفه الحضارة الإسلامية، وحالةٌ لم يعشها المسلمون قط.

ولذلك، فإن الاستقلال بالرأي والاعتماد على العقل في تفسير الظواهر ومعرفة كنه الأشياء، اللذين مثَّلهما التنوير الأوروبي، كانا استقلالاً عن هيمنة الفكر الكنسي، وعقلانيةً رافضة للكهنوت، وتحرّراً من صورة المسيحية الغربية التي كانت سائدة يومئذ، وتقدماً عن الأفكار التي فرضها رجال الدين في أوروبا قبل عصر التنوير، ففي مواجهة (الفعل) التي تَمَثَّل في تحالف الكنيسة والإقطاع، كان (رد الفعل التنويري)، الذي أعلن رفضه لسلطان الدين، ورفع شعاره القائل : (لا سلطان على العقل إلا للعقل) (12)

فطغيان الكنيسة الغربية على ما كان يصحبه من قهرٍ لإرادة الإنسان، وتضييقٍ لحريته، وتزييفٍ لعقله وتضليلٍ له، هو الدافع الرئيس ــ الذي هو أقوى من كل دافع ــ لنشوء فكرة التنوير، مما يجعل من التنوير قضيةً أوروبيةً في المقام الأول، ينبغي فهمُها وبحثُها، من هذا المنظور، والتعامل معها في هذا الإطار، وليس بحسبانها قضيةً إنسانيةً عالميةً تفرض نفسها على الشعوب والأمم كافة.

لقد كانت القضية في أوروبا، واضحة المعالم، مفهومة الأدوار، منطقية التسلسل. كانت الكنيسة في الموقف الخاطئ، سواء بعقيدتها المحرَّفة، وحجرها على العقل لمنع الناس من كشف ما في عقيدتها من تحريف، أو بطغيانها في جميع المجالات، من طغيان روحي، وطغيان مالي، وطغيان سياسي، وطغيان علمي، أو بما وقع من الفساد بين رجال الدين، أو بفضائح الأديرة، أو بمهزلة صكوك الغفران، أو بمحاكم التفتيش، أو بوقوف الكنيسة ضد حركات الإصلاح التي تطالب برفع الظلم السياسي والاِجتماعي عن كاهل الناس. وكان (أحرار الفكر) أقرب إلى الصواب، في معارضتهم للكنيسة ومقولاتها على الأقل، وإن لم يكونوا على صواب في محاربة الدين كلّه من حيث المبدأ، والمناداة باستخدام العقل بديلاً من الدين، وقد منح اللَّه الناسَ العقلَ ليعرفوه به، لا لينكروه ويتمردوا عليه (13)

ولذلك، فإنَّه ليس من الموضوعية والمنهجية العلمية في شيء، فرض المفهوم الأوروبي للتنوير على المجتمعات العربية الإسلامية، وممارسة الضغط ــ الذي يبلغ أحياناً حدّ الإرهاب الفكري ــ للعمل بمقتضى هذا المفهوم الذي لا يمتّ بصلة إلى الفكر العربي الإسلامي، ولا يعبّر، على أي مستوى من المستويات، عن مرجعيتنا الإسلامية، وخصوصيتنا الثقافية، وهويتنا الحضارية، كما سيتبيّن لنا ذلك حين نعرض للتنوير في القرآن الكريم، ثم نؤسّس على ذلك، المفهومَ الإسلاميَّ للتنوير.


التنوير في القرآن الكريم :

لم يرد لفظ (التنوير) في القرآن الكريم، وإنما ورد مصدر التنوير، وهو النور، وتكرّر ثلاثاً وأربعين مرة. يقول اللَّه تعالى (اللَّه وليُّ الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}{ .. ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه){.. قد جاءكم من اللَّه نورٌ وكتاب مبين}(16). ]وبالتأمّل في هذه الآيات القرآنية، نجد أن إخراج الإنسان من الظلمات (وليست الظلمة الواحدة) إلى النور (وليست الأنوار)، لا يكون إلاَّ بالهداية الربانية للإنسان ؛ فالإنسان الذي يُخرجه اللَّه سُبحانه من ظلمات الجهل والشرك والخرافة، إلى نور الإيمان والعلم والمعرفة الحق، هو إنسان منوَّرُ العقل والبصيرة والوجدان. فالتنوير بهذا المفهوم، هو هدايةُ الخالق للإنسان. وبذلك يَتَلاَزَمُ التنوير ويرتبط بإرادة اللَّه عزَّ وجل.

وكما أن اللَّه تعالى قد قرن القرآنَ الكريم بالنور{ .. قد جاءكم من اللَّه نورٌ وكتاب مبين}(17)، فكذلك، التوراة والإنجيل، قد جعلهما اللَّه هدى ونوراً {وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور}(18)، {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور}(19). فالقرآن الكريم، والتوراة والإنجيل في أصلهما اللذين أنزلهما اللَّه تعالى على موسى وعيسى عليهما السلام، هدى ونور، وهي كتب هداية أنزلها اللَّه تعالى على رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور.

وبذلك جعل اللَّه الهداية مرتبطةً بالنور، فلا تكون هدايةٌ بلا نور من اللَّه، ولا نور يضئ قلب الإنسان ويُنير حياته، إلاَّ بإذن من اللَّه، لأن{اللَّه نور السمـوات والأرض أي هادى أهلها)

وهنا نلاحظ أن النور يأتي في القرآن مفرداً في كل الحالات، بينما تأتي الظلمات جمعاً، في كلّ الأحوال أيضاً. وفي هذا منتهى الدّقة في وصف هذه الأحوال، لأنه ما دام اللَّه ــ سبحانه ــ هو النور، وهو المصدر الوحيد لكل نور، فإن النور لابد، وبصورةٍ قطعيةٍ، أن يكون مفرداً، وأن لا يتعدَّد النور كما تتعدّد الظلمات.

إن الإنسان الذي هداه اللَّه إلى النور، يعيش في حالة من التنوير دائمة. يقول تعالى {ومن لم يجعل اللَّه له نوراً فما له من نور}(22)، وهل يستوي نور اللَّه الذي يقذفه الخالق في قلب المؤمن وفي عقله ووجدانه، مع أي نور، أو أنوار من أي مصدر؟.{قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور}((23]
وهذه استعارةٌ تصريحيةٌ، حيث شبَّه الحقُّ سبحانه، الكفر بالظلمات، والإيمانَ بالنور، جاء في تلخيص البيان : (.. وذلك من أحسن التشبيهات، لأن الكفر كالظلمة التي يتسكع فيها الخابط ويضل القاصد، والإيمان كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدى به الحائر، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم والثواب، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم والعذاب) (24)

ولس أبلغ في الدلالة على قيمة النور والتنوير، من هذه المعاني السامية التي صاغتها آيات القرآن الكريم، وفي ظلها، ومنها، نستمدّ المفهومَ الإسلاميَّ للتنوير.



المفهوم الإسلامي للتنوير :

يقوم المفهومُ الإسلاميُّ للتنوير على قاعدة راسخة من الإيمان والعلم ؛ فهو مفهومٌ مصطبعٌ بالصبغة القرآنية، منصرفٌ إلى حقيقة التنوير وطبيعته الأصلية، التي تجمع بين (تنوير العقل)، وبين (تنوير القلب)، بالإيمان باللَّه أولاً وابتداءً وفي المقام الأول، وبالعلم الذي لا ينفصل عن الإيمان، في تكامل وترابط وانسجام بين وظيفة كليهما. فليس المعوَّل عليه في التنوير بالمفهوم الإسلامي، هو العقل المجرد غير المهتدى بنور الإيمان، وبالقدر نفسه لا ينفع المرءَ إيمانُه إن لم يستخدم ما وهبه اللَّه من نعمة العقل، في التفكّر والتدبّر والتأمل وتصريف الأمور على الوجه الذي يحقق المصلحة العامة التي تنفع الناس وتمكث في الأرض.

إن التنوير الإسلامي، هو تنويرٌ للعقل والقلب، في توازن دقيق ومتكامل. يقول الشيخ محمد عبده في تبيان مكانة العقل في الحضارة الإسلامية : >إن الإسلام أطلق سلطان العقل من كل ما كان قَيَّده، وخلَّصه من كل تقليد كان استعبده، وردّه إلى مملكته يقضى فيها بحكمه وحكمته، مع الخضوع مع ذلك للَّه وحده، والوقوف عند شريعته، ولا حدَّ للعمل في منطقة حدودها، ولا نهاية للنظر يمتدّ تحت بنودها< ((25

والتنوير الإسلامي يقوم على استقلال الإرادة، واستقلال الرأي والفكر. يقول الشيخ محمد عبده أيضاً في هذا السياق : > ... بهذا وما سبقه، تمَّ للإنسان بمقتضى دينه; أمران عظيمان طالما حرم منهما، وهما : استقلال الإرادة، واستقلال الرأي والفكر، وبهما كملت له إنسانيتُه، واستعد لأن يبلغ من السعادة ما هيّأه اللَّه له بحكم الفطرة التي فطر عليها ((26وعلوُّ منزلة العقل في الإسلام جعل وظيفة الفكر تؤدّي رسالتها في الحياة العقلية والفكرية والعلمية في المجتمعات الإسلامية. وبذلك انتفت الأسباب التي تؤدي إلى طغيان أي مؤسسة من مؤسسات الدولة باسم الدين، وزالت كل المبررات التي يمكن أن تُستغل للحجر على الفكر وتقييد العقل وقهر العلماء والمفكرين.

ولأجل ذلك، لم تعرف الحضارة الإسلامية تلك الخصومة الضارية بين العلم والدين، كما عرفتها أوروبا في العصور الوسطى المظلمة، مما خلق الأجواء الملائمة لنشوء فكرة التنوير، ولقيام تلك الخصومة العنيفة بين أحرار الفكر ورواد حركة التنوير، وبين رجال الدين المسيحي في أوروبا.

إن الخلاف بين العلم والدين هو قضية غربية خاصة بالأوروبيين وموقفهم من الكنيسة وتفسيرات الدين، وقد نُقلت هذه القضية إلى أفق الفكر الإسلامي نقلاً باطلاً وزائفاً. وموقف الإسلام من العلم معروف، فليس في تاريخ الإسلام أو الفكر الإسلامي، ما يُشير إلى أن هناك مناهضة بين العلم والدين وقعت، أو أن الدين ناهَضَ العلم. إن علماء الغرب قد وجدوا في كتبهم المقدسة، ما يتعارض مع كشوف العلم فاختلفوا، أما القرآن وهو كتاب المسلمين المقدس، فليس فيه ما يخالف أو يختلف أو يتعارض مع حقيقة ثابتة من حقائق العلم، بل على العكس من ذلك، إن كثيراً من المفاهيم العلمية الثابتة لها مدلول في القرآن ((27

وكما نُقلت قضية الصراع بين العلم والدين في أوروبا، إلى المجتمعات الإسلامية، نُقلت قضية التنوير بالمفهوم الأوروبي الذي يُلغي الدين إلغاءً كاملاً، ويستبدل به العقلَ والطبيعةَ لفهم أسرار الحياة ولتنظيم شؤون المجتمع، ولإقامة العلاقات بين البشر. فلقد كان التنوير الغربي ينهج نهجاً مناهضاً للدين جملةً وتفصيلاً، ولا يزال المفهوم الأوروبي للتنوير يسير في هذا الاِتجاه، بينما التنوير الإسلامي يجمع بين الإيمان والعلم، وبين العقل والدين، في إطار الفهم الرشيد لوظيفة الدين في الحياة، والموازنة الواعية بين مقتضيات الشرع، وبين متطلبات الحياة، دون إخلالٍ بقاعدة من قواعد الدين الحنيف، أو تنازل عن ثابتٍ واحدٍ من ثوابته الراسخة.

إن العقل وحده لم يستطع أن يصل بالذين اعتمدوا عليه، إلى معرفة كل الحقيقة، وأدَّى إلى انحرافهم وفساد رأيهم، لأنه جزءٌ من حقيقة كاملة لا تكتمل إلاَّ بأمور أخرى، وكذلك أخطأ الذين نَحَّوا العقلَ وتجاهلوه والتمسوا المعرفة الباطنية، عن طريق الإشراق، أو الحدس، أو الوجدان وحده، ومن هنا جاء اكتمال النظرية الإسلامية للمعرفة، جامعةً بين العقل والقلب، وجامعةً بين عالم الشهادة وعالم الغيب (28)

إن مسألة تكبيل الدين للعقل البشري بالقيود، هي مسألةٌ تخصّ أوروبا والغرب، ولكن الإسلام لا يعرفها. ذلك كان حكم الفكر الأوروبي الحر على الدين مستمداً من التجربة الخاصة به ومحدوداً بها، فلم يكن من اليسير أن يطبق خارج هذه الدائرة (29)

وهكذا يتبيّن لنا أن الذين يدعون إلى الأخذ بالتنوير الأوروبي بكل مفاهيمه المناهضة للدين، وسيلةً ومنهجاً للإصلاح في البلدان الإسلامية، إنما يمارسون ضروباً من التدليس والاِحتيال على عقول الناس، لأن من يقول بالتنوير في مفهومه الغربي، إنما يقول بكل المبادئ التي قام عليها هذا المفهوم، وهي إسقاط الدين من الحساب، وإلغاؤه بالكامل.

إن التنوير الذي يدعو إليه هؤلاء القوم، يناهض المفهومَ الإسلاميَّ للتنوير مناهضةً كاملة، ولا يعبّر، من قريب أو بعيد، عن طبيعة الأمة الإسلامية. لقد نسي هؤلاء أن حال الأمة الإسلامية في جمودها، يختلف في أسبابه عن حال أوروبا في عصورها الوسطى المظلمة، وإن تشابهت الصورة في بعض جوانبها، فقد كان السبب في الجمود الفكري في أوروبا، أن الكنيسة حجرت على العقل أن يفكر، ورفعت الشعار الذي يقول : >آمن ولا تناقش<، وأن السبب في موقف الكنيسة هذا، كان كامناً في طبيعة الدين الذي آمنت به الكنيسة الأوروبية وقامت على نشره، وهو الدين المحرَّف والمخالف مخالفةً صريحةً، لدين عيسى عليه السلام، والذي يحوي أموراً يعجز العقل عن إدراكها، فزعمت الكنيسة أنها " أسرار"، وادعت أنه لا يعلم تأويل هذه الأسرار، إلاَّ آباء الكنيسة، وهم وحدهم المفوَّضون بتفسيرها، ولا يحق لأحد أن يناقشهم فيما يقولون، وإلاَّ اعتبر مُهَرْطِقاً، وحكم عليه بالحرمان (أي الحرمان من رحمة اللَّه)، إن لم يحكم عليه بإهدار دمه، أو حرقه حيّاً في النار. وهذا هو الذي أشاع الجمود والظلام في الفكر الأوروبي في العصور الوسطى، وليس الدين من حيث هو. فالدين الحقيقي الذي ارتضاه اللَّه للناس، وقال فيه سبحانه : {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} (30)، هو دين سمح لا غموض فيه ولا طلاسم، فالخلق كلهم عبيد للَّه، وهو المتفرد بالألوهية، وصلتهم به صلة مباشرة، لا وسطاء فيها ولا أوصياء. وهو إلى ذلك كلّه، دينٌ يحثّ على العلم والعمل الصالح، ويدعو إلى التأمل والتفكّر في الكون والكائنات وإعمال العقل لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة. بل عاب هذا الدين على الذين يعطلون عقولهم ولا يتفكرون ولا يعقلون، فعلَهم، واعتبره مخالفاً لمنهج اللَّه في الحياة.

وإذا كان (التنوير الإسلامي) هو تنويرٌ بالإسلام، أي النظر بعقل مؤمن في المنابع الجوهرية والنقية للإسلام، لفقه أحكامه، والاجتهاد في إيجاد الإجابات عن الأسئلة المعاصرة والأحكام المناسبة للنوازل والوقائع المتجدّدة، فإن التنوير الغربي ــ الوضعي ــ العلماني، قد أقام ويُقيم قطيعةً مع الموروث الديني، رافضاً استلهامه أو التزامه أو الانطلاق منه. ولهذا فإن الفرق شاسعٌ بين تنوير إسلامي، ينطلق من الدين، وبين تنوير غربي يرفض الدين ويتنكر لقيمه وهدايته.

ولما كان التنوير لغةً، وكما سبقت الإشارة، هو الإخراج من الظلمة إلى النور، ومعلوم أن الجهل ظلمة والمعرفة نور، فيكون التنوير المقوِّم للعمل وللحركة والفكر، توعيةً تُخرج الإنسانَ من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة. ومعلوم أن الإسلام يجعل من كل فعل، كائناً ما كان، خُلُقاً صريحاً يُحمَد أو يُذَم، يَحسُن أو يَقبُح. فإذن الفعل المعرفي، يُعدُّ فعلاً خلقياً في الممارسة الإسلامية. ويرتبط التنوير في المفهوم الإسلامي بالتحرير، الذي هو لغةً، الإخراج من العبودية إلى الحرية، ومعلوم أن التعلّق بالمخلوق عبوديةٌ، والتعلّق بالخالق حرية، فيكون التحرير المقوّم للعمل وللحركة وللفكر، تعبئةً تُخرج الإنسان من العبودية للمخلوق إلى الحرية في الخالق (31). وتلك ذروة التنوير في مفهوم الإسلامي.
------------------------------------------------

التنوير الإسلامي في مواجهة الواقع :

التنوير الإسلامي ليس نظرية، ولكنه حقيقةٌ من حقائق الدين الحنيف، قائمةٌ في حياة المسلمين، وإنْ تفاوتت درجات إشعاعها. إن الإسلام مصدر كلّ القوةٍ للبناء الحضاري الشامل. ولذلك فإن التنوير الإسلامي، هو حركةُ إحياء إسلاميٍّ في الاتجاه الذي يحقق المقاصد العليا للإسلام في حياة المسلمين. والتنوير بهذا المفهوم العميق والشامل والجامع، هو تجديدٌ لمفاهيم الدين، ولوظيفة الدين، للخروج من الجمود والقعود، إلى ساحات العمل الجدّي الهادف النافع للأمة، على هدى تعاليم الإسلام، وفي إطار الأخوة الإسلامية التي تجمع بين الأسرة الإسلامية الواحدة من منطلق التضامن الإسلامي.

إن أحداً ممن وهبه اللَّه فقهاً مستنيراً لواقع الأمة، لا يمكن أن ينكر أن هناك حاجةً شديدةَ الإلحاح إلى الإصلاح، وإلى التغيير الإيجابي، وإلى إعادة بناء أسس الحياة في المجتمعات الإسلامية. وليس من سبيل إلى ذلك، إلاَّ بالعمل الإسلامي الرشيد، في إطار ضوابط الشرع الحنيف، ومن خلال فهم مستنير بصحيح الدين، لمقتضيات الحركة في الاتجاه الصحيح، ولمتطلبات البناء على القواعد الراسخة. وهذا هو المعنى العمليُّ للتنوير الإسلامي.

والتنوير الإسلاميّ في مواجهته للواقع المعيش في العالم الإسلامي، لابد وأن يتجه الوجهة السليمة، حتى يؤدي الهدف منه، فهو ليس عملاً فكرياً ونشاطاً ثقافياً فحسب، ولكنه إلى ذلك كلِّه، حركةٌ وثَّابةٌ على طريق تصحيح المفاهيم تصحيحاً رشيداً عميقاً شاملاً، يردّ الحقَّ إلى نصابه، ويدرأ عن المعاني والدلالات ما شَابَهَا من تحريف وتزييف وتزوير، ومن غلوٍّ وتشدُّدٍ وتنطُّعٍ، وعقد العزم على إشاعة قيم الخير والسماحة والمحبة والتعاون والتضامن في المجتمعات الإسلامية، وإعلاء شأن العقل المهتدي بنور الإيمان ورفع منزلته، والحثّ على طلب العلم والعمل على اتخاذ مناهجه وأساليبه ووسائله سبيلاً إلى النهضة الحقيقية.

إنَّ العالم الإسلامي يقف على مفترق طرق، وقد آن الأوان لأن يجمع المسلمون شملهم ويوحدوا كلمتهم ويحدّدوا أهدافهم، لينطلقوا نحو الإقلاع الحضاري بالتخطيط المحكم، وبالأداة المناسبة والوسيلة الملائمة، والعمل الجادّ على تطوير الأمة بمنهج رشيد وبعقل راجح، في ظلّ الثوابت العقدية، والضوابط الشرعية.

إنَّ العوائق كثيرة والمثبطات عديدة والصعوبات شديدة، ولكن إرادة العاملين من أجل مستقبل أكثر إشراقاً للعالم الإسلامي، المستنيرة بالمنهج الإسلامي في البناء الحضاري، لن تنال منها هذه العوامل جميعاً. ولابد من التأكيد هنا، على وجوب تطوير أدوات العمل الإسلامي المشترك في قنواته الرسمية والشعبية، إضافةً إلى جامعات العالم الإسلامي التي تقع على عاتقها مسؤولية العمل على إشاعة التنوير الإسلامي في كل حقول النشاط الفكري والثقافي والعلمي على جميع المستويات.

إن هناك مسألة على قدر كبير من الأهمية، تتعلق بمجال التنوير الإسلامي وحدوده ووسائله. إن التنوير الإسلامي أشمل وأعمق وأرحب من أن ينحصر داخل حدود العلوم الشرعية، أو العلوم الإنسانية بوجه عام، ولكن التنوير الإسلامي عملية شاملة، تُعنى بكل مجالات النشاط العقلي والعلمي والثقافي في حياة المجتمعات الإسلامية. إن الإبداع في العلوم والتفوّق في التكنولوجيا، هما من صميم التنوير الإسلامي، لأن في ذلك إعمالاً لمَلَكَة العقل ولنعمة التفكير اللتين وهبهما الخالق سبحانه للإنسان. ولابد أن يكون العقل المسلم متفوقاً ومتألقاً ومبدعاً ومشاركاً في تطوير المجتمع ومعالجة مشكلاته وفي العمل على توفير أسباب التقدّم له. وكلُّ سعي يقوم به الإنسان في هذا الاِتجاه، وكلُّ جهد يبذله في هذا المجال، هو من صميم التنوير الإسلامي، لأنه جهدٌ تنويريٌّ إسلاميٌّ، يهدف إلى تطوير المجتمع وتقدمه وازدهار الحياة فيه من الجوانب كافة.
إن الفهم المستنير لقضايا المجتمع ولمشكلاته، ينبع من عقيدة راسخة ويقين عميق، وهذا الفهم هو ثمرةُ الإيمان. ولذلك فإن الرؤية الإسلامية لواقع المسلمين اليوم ولمستقبلهم، يجب أن تكون مرتبطةً بهذا الفهم، ومحيطةً بهذا المشهد بكلّ أبعاده.

الحقيقة غايتي
01-28-2009, 01:49 PM
أخي الكريم القلم الصارم , تحية طيبة و بعد :
مقال جميل و جهد تشكر عليه في توضيح تلبيس من يسمون أنفسهم دعاة التنوير من مثقفين و أنصاف مثقفين افتتنوا بتقدم الغرب المادي .
لي تعليقان على المقال أرجو أن تتقبلهما من أخ لك شرح الله صدره لهذا الدين فأحبه و اعتنقه و أحب أهل السنة و الجماعة فانتسب إليهم و أحب منهج السلف الصالح فسعى للسير عليه:

1- (( الله نور السموات و الأرض)) أولتها أخي الكريم بالهداية , و قد تعلمت في هذا المنتدى الطيب أن صفات الله عز و جل نأخذها كما هي دون تأويل كصفة الاستواء على العرش و قول الإمام مالك فيها أنا متيقن أنك تعرفه قبلي , فلماذا لا نقول هو سبحانه نور و كفى ؟ و طبعاً لا تشبيه فليس كنور الشمس أو نور المصباح الكهربائي؟

2- اقتباس أقوال الشيخ محمد عبده : و الرجل رغم علمه إلا أنني _ و صححوا لي إن كنت على خطأ_ أرى أن تحقيقه لكتاب [نهج البلاغة] و قد علمت أنه منسوب زوراً و بهتاناً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , لأن في الكتاب ذماً لكبار الصحابة من أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و طامات أخرى في الكتاب , يجعله محل شك من قبلي , فهو يمتدح هذا الكتاب و بلاغته و فصاحته رغم ما جاء فيه , فما قولك في هذا؟

أرجو أن تتقبل ملاحظات أخيك بصدر رحب أخي الكريم.
تحياتي لك.

جـواد
01-29-2009, 09:16 PM
اخي الحبيب بداً المقال قرأته في كتاب وعندما قررت وضعه بالمنتدى شددت على ان لا أنسى ثوتيقه بمصدره وهو لدكتور عبد العزيـز التويجري وها أنت ترى جل من لا يسهو .....


1- (( الله نور السموات و الأرض)) أولتها أخي الكريم بالهداية , و قد تعلمت في هذا المنتدى الطيب أن صفات الله عز و جل نأخذها كما هي دون تأويل كصفة الاستواء على العرش و قول الإمام مالك فيها أنا متيقن أنك تعرفه قبلي , فلماذا لا نقول هو سبحانه نور و كفى ؟ و طبعاً لا تشبيه فليس كنور الشمس أو نور المصباح الكهربائي؟

اخونا الغالي هنا على ما ارى وفهمت انه لا يوجد تشبيه (الله نور السموات والارض) أي هادي أهل السموات والمؤمنين من أهل الارض بنور الايمان كما فسرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فليس معناه أن الله نورٌ بمعنى ‏الضوء هذا ما لم يشر إليه الكاتب أبدا وكما قال الإمام ذي النون المصري " مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك "،




2- اقتباس أقوال الشيخ محمد عبده : و الرجل رغم علمه إلا أنني _ و صححوا لي إن كنت على خطأ_ أرى أن تحقيقه لكتاب [نهج البلاغة] و قد علمت أنه منسوب زوراً و بهتاناً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , لأن في الكتاب ذماً لكبار الصحابة من أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و طامات أخرى في الكتاب , يجعله محل شك من قبلي , فهو يمتدح هذا الكتاب و بلاغته و فصاحته رغم ما جاء فيه , فما قولك في هذا؟


إقتباسات أقوال محمد عبده هذا جاءت في صميم المقال وخصوصا الاخير وما يهمنا من الموضوع على كل حال محتواه وكشفه لدعوات التنويرية المادية القاصرة........ما دام لا يفسد قضية العقيدة الصافية (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1199)


أرجو أن تتقبل ملاحظات أخيك بصدر رحب أخي الكريم.
تحياتي لك


:emrose::emrose::hearts::emrose::emrose:

الحقيقة غايتي
01-30-2009, 07:19 AM
شكراً لك أخي الكريم القلم الصارم على التوضيحات السابقة بخصوص النقطتين اللتين أشكلتا علي و شكراً على سعة صدرك .
بالنسبة للشيخ محمد عبده فكما قلت الاقتباسات السابقة لا بأس بالأخذ بها طالما لا تفسد قضية العقيدة الصافية , لكنني عند رأيي بشأن تحقيقه و شرحه لكتاب نهج البلاغة بما فيه من تلفيقات نسبوها زوراً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه , و يزيد في شكوكي ما قرأته من ثناء طه حسين عليه في كتابه [الأيام] و أن [أهل الطرابيش=علمانيي ذلك الزمن] حزنوا عند وفاته أكثر من [أهل العمائم = إسلاميي ذلك الزمن]..
و لعل أحداً من الزملاء في المنتدى من المتخصصين بكشف الشخصيات يتناول شخصية الشيخ محمد عبده بشئ من التفصيل حتى يكون المرء على بينة.
تحياتي.

جـواد
01-30-2009, 07:53 PM
سلسلة كشف الشخصيات (4) : محمد عبده (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1199)
سلسلة كشف الشخصيات (5) : طه حسين (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1200)

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7922
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...1021#post71021 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=71021#post71021)