المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القول بالصّرفة في باب الإعجاز باطل ..



مالك مناع
03-12-2009, 08:21 PM
من أردأ أقوال الناس وأبعدها عن الحق قول من قال: إن إعجاز القرآن في صرف الناس عن معارضته مع قدرتهم على ذلك وقيام الداعي إليه، وقد اشتهر بقوله النظام أحد رؤوس المعتزلة، ويلزم من هذا القول سلب الإعجاز عن ذات القرآن و جعله في شيء خارج عن القرآن.

والقول به باطل من وجوه:

الأول: أن القرآن تحدى الخصوم أن يأتوا بمثله، واستثار حميتهم، وكرر التحدي والتقريع به، ودعى إلى الاستعانة بكل من يمكن الاستعانة به للإتيان بمثله. وهذا التحدي إنما هو دعوة إلى المعارضة وإغراء بها واستثارة إلى محاولة وممارستها.

الثاني: أنهم لم يجدوا أنفسهم مصروفين عن المعارضة بل قد حاولوا وجاءوا بما زعموه معارضاً فافتضحوا وتمكن إعجاز القرآن، قال ابن تيميه -رحمه الله- "وقد انتدب غير واحد لمعارضته، لكن جاء بكلام فضح به نفسه، وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله، مثل قرآن مسيلمة الكذاب، كقوله ( يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي كم تنقين، لا الماء تكدرين ، ولا الشراب تمنعين، رأسك في الماء وذنبك في الطين ) " الجواب الصحيح 4/76-77.

الثالث: أنه لو كان الإعجاز في الصرفة لكانت هي المعجزة لا القرآن نفسه، ولكان تحداهم بأن ينصرفوا إلى معارضته لا بالمعارضة نفسها. قال الباقلاني " ومما يبطل ما ذكروه من القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزاً وإنما يكون المنع معجزاً، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه " إعجاز القرآن ص 54

والنظام نفسه ما قال بالصرفة إلا تبريراً لإنكاره الإعجاز البلاغي؛ حيث أن القرآن عنده ليس بمعجز في البلاغة والفصاحة؛ ولما لم يأت أحد بمثله في البلاغة والفصاحة فقد اضطر النّظّام اضطراراً إلى القول بأن الله صرف الناس عن ذلك، ولأجل ذلك فلا حاجة لمن أقر بالإعجاز البلاغي للقول بالصّرفة أصلاً.

اخت مسلمة
03-12-2009, 09:06 PM
بارك الله فيك
لقد انتشر مذهبُ الصرفةِ في بيئةِ المعتزلة , كما يقرر كثيرٌ من الباحثين , ووجهُ احتجاجِهم للصرفةِ , " أنهُ إذا جازَ عقلاً عدمُ تعذرِ المعارضةِ , ثم عجز بلغاءُ العربِ – فضلاً عن من دونهم – عن معارضتِهِم وانقطعوا دونه , فذلك برهانٌ على المعجزة " .
ولله الحمد كما تعودنا ان لكل محنة منحة فقد كانَ لِظهورِ هذه الشبهة حولَ إعجازِ القرآنِ أثرٌ كبيرٌ في ثراءِ مكتبةِ الإعجاز البلاغي في القرآن , حيث تصدى لهذه الشبهة عددٌ كبيرٌ من العلماءِ بالردِّ والتفنيد , وإثباتِ وجوهٍ متعددةٍ لإعجازِ القرآنِ في ذاتِهِ , وليسَ بسببِ الصرفِ والمنعِ ؛ لأنَّ التسليمَ بِهذا القولَ يُفضي إلى نقضِ إجماعِ الأمةِ على إضافةِ الإعجازِ للقرآنِ كما قالَ الإمامُ الزركشيُّ :" فكيف يكون معجزا غيره وليس فيه صفة إعجاز بل المعجز هو الله تعالى حيث سلبهم قدرتهم عن الإتيان بمثله , وأيضا يلزم من القول بالصرفة فساد آخر وهو زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي وخلو القرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة فإنهم أجمعوا على بقاء معجزة الرسول العظمى ولا معجزة له باقية سوى القرآن وخلوه من الإعجاز يبطل كونه معجزة ".
هذا ويمكنُ تفنيدُ القولِ بالصرفةِ بأدلةٍ عديدةٍ منها :

1. تحدي اللهِ لهُم في آياتٍ عديدةٍ من كتابهِ المعجز من ذلك قوله سبحانه وتعالى :{ قل لئن اجتمعت الإنسُ والجِنُّ على أنْ يأتُوا بِمِثلِ هذا القرآن ِ لايأتُونَ بِمِثْلِهِ ولو كانَ بعضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيْراً }[ الإسراء :88] ." فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ولو سلبوا القدرة لم يبقَ لهم فائدة , لاجتماعهم لمنزلته منزلة اجتماعِ الموتى , وليسَ عجزُ الموتى مما يحتفلُ بِذِكْرِه ".

وفي الآيةِ وجه آخرَ ذكرهُ الخطابي مفادهُ أن الأمر في الآية يتطلب الاجتهادَ والتكلف , وسبيله الاحتشادُ والتأهب , والصرفةُ تخالف هذا المعنى , فدل على أن المراد غيرها !!.

أما الشيخ عبدالقاهر الجرجاني فيرد على أهل الصرفة من الآية بأن من لم يستطع هذا النظم في الذي مضى , ولن يستطيعه في الذي هو آت, وأنه لايقال لمن كان يستطيعه فيما مضى ثم صار لايستطيعه , والقولُ بذلك خروج بالكلام عن معانيه , وإنما يقال فيمن كان يقدر على الشيء ثم عاد لايقدر عليه... , وبهذا يتبين بطلان القول بالصرفة على هذا الوجه ".

2.وصف الله تعالى القرآن" بأوصافٍ ذاتية تجعله في منزلة لاتصل إليها المعجزات الأخرى , وبين أن وجود القرآن بينهم يتلى عليهم كافياً ومغنياً عن كل معجزة مادية أخرى :{ وقالوا لولا أُنْزِلَ عليهِ آياتٌ من ربِّهِ قل إنما الآياتُ عند الله وإنما أنا نذيرٌ مبين * أولَم يكفِهِم أنَّا أنزلنا عليكَ الكتابَ يُتلى عليهم إن في ذلكَ لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنُونَ }.

فالقولُ بالصرفةِ يسلبُ هذهِ الصفاتِ الذاتيةِ عنِ القرآنِ الكريمِ ويجعلَ الإعجاز في المنع الذي حال بينهم وبين الإتيان بمثله ".

3. أن محاولة العرب معارضة القرآن , تنفي القول إن الله صرفهم بصرف الدواعي عن الاهتمام بالمعارضة , ولجوؤهم إلى الضرب والطعن ومحاولة التخلص من النبي –صلى الله عليه وسلم – ومن معجزته ؛ تؤكد عِظمَ المُعجِزة ووضوح العَجْزِ بعدَ طولِ المحاولة , حتى عجزوا عن المعارضة ولو بأقصر سورة , كما أن ماذهب إليه أهل الصرفة من أن الصرف خاصٌّ بزمن التحدي , ومحاولة مسيلمة وغيره المعارضة , ثم فشلهم في ذلك , ينفي كون الإعجاز بالصرفة , فالنظام من كبار الفصحاء , ومااستطاع المعارضة , والمتنبي شاغل الناس عجز عن تأليفٍ عربي يضاهي القرآن في رفعة أسلوبه ونظمه .

كانَ القرآن معجزاً بذاتِهِ , من وجوهٍ متعددة لاتحصى ,لأنه نزل من عندِ علاَّمِ الغيوب , خالقِ العرب , وصانع لغاتهم , ومبدع تكوينهم , ويكفي للتدليل على أنه لايضاهيه كلام العرب , الاقتباسُ منه في أي خطبة , فإنه يبرز بإشعاعه الإلهي حتى لو لم يميز بأقواس , أو يرتل في خطاب شفهي , ولو سعى شخصٌ لإزالة حرفٍ أو إدخالِ آخر لزالَ الإشعاعُ الإلهي , ولم يعد إلا بعودة النصية للآية والسورة المتلوة .
اجتهدَ أولئكَ في البحث عن سرِ إعجازِ القرآن , لعظمته وإبهارهِ لأسيادِ الفصاحة , ربما أخطأوا , لكن وحده الله–سبحانه – من يحاسب , فيغفر أو يعاقب .
غفر الله لنا ولك وجزيت خيرا على الطرح
تحياتي

أميرة الجلباب
03-12-2009, 09:11 PM
الرد على القائلين بالصرفة..من دلائل الإعجاز للجرجاني.
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=505