المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الممارسة الدينية بين المطالب الروحية و المادية



د.عزالدين المعيار
11-15-2009, 04:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل:
ننطلق في معالجة موضوع الممارسة الدينية بين المطالب الروحية و المادية من هذا السؤال الذي يبدو أنه مفتاح ولوجه:
هل الأزمة الحالية التي يعيشها المسلمون ، هي أزمة الدين أم أزمة المتدين ؟ أزمة الإسلام أم أزمة المسلم ؟
إن الجواب بالنسبة للمنصفين من أهل العلم و الإيمان ، فيما يتعلق بالشطر الأول من السؤال واضح ، و هو الاطمئنان التام على أن الدين في مأمن من كل خطر
زعموا بأن الدين فرق بينهم """ حاشاه بل هو جهلهم بالدين
الدين كان و لا يزال منارة """" يهدي الورى للشاطئ المأمون
أما بالنسبة للمتأزمين من المسلمين فهم إما من الشاكين فيما بين أيديهم من تعاليم و قيم ، وفي منطلقات الدين الروحية و صلاحياته التطبيقيه ، وهم يكادون يكونون على كلمة واحدة ، و هي أن الأزمة أزمة الدين ، متنصلين بذلك من مسؤوليات الإنسان و من أخطائه و تخاذله... أوهم من المغالين الذين يرون أن المسلمين انحرفوا عن الدين ، فيقدمون لهم الإسلام على أنه مجرد قيود و ممنوعات ، لا فسحة فيه و لا مجال للتمتع بالطيبات ، بل في كل اتجاه خطوط حمراء أو علامات قف ... و الأمثلة في هذا الباب كثيرة ، وبين هتين الفئتين يقع الإفراط و التفريط ،لكن تبقى الأمة في عمومها بخير كما سيأتي
و هذا يحيلنا تلقائيا إلى الشطر الثاني من السؤال ، و هو أن القضية في الواقع، قضية الإنسان المنتمي إلى الإسلام ، أما الدين {الإسلام} فقوي صامد يتحدى الأزمنة و الأمكنة ، و يعبر أكثر من أربعة عشر قرنا ، دون أن يذوب و يضمحل ، بل ظل الدين الشامل المستوعب لكل القيم و المبادئ السامية للرسالات السماوية السابقة ، ولكل الفلسفات و الأفكار الراقية التي ابتكرتها العقول البشرية قبله و بعده ...
دين الإسلام الذي جعل الروح تمثل أمر الله و إرادته ، وتسير الجسد وفق ذلك و تبقى بعده ، و حث الجسد على الوسطية و الاعتدال ، و حمل النفس المسؤولية الكاملة في التنسيق بين الروح و الجسد، بعد أن ألهمها فجورها و تقواها ...
في هذا الإطار يأتي هذا الطرح الهادف إلى الإسهام في إبراز المنهج الذي حدده الدين ، بما يسهل الحوار و الإقناع و التطبيق ، و يجنب التفريط أو التضييق ...
و لن يخوض هذا البحث في المصطلح ، و ما جاء من آيات و أحاديث في ذلك لأنه مما تناولته أقلام كثيرة تجنبا للتكرار، و إنما سأشير أحيانا إلى بعض الأسباب والمظاهر و الحالات التي يستدعيها السياق، كما لن أتعرض لتاريخ التطرف الطويل منذ فجر البشرية بصفة عامة، و لا في ظل الإسلام منذ البعثة النبوية إلى اليوم بصفة خاصة إلا فيما لابد منه ، خصوصا عندما يصل الأمر إلى حد التكفير و العنف و الخروج عن الأمة ...
و حديث الإسلام عن الإنسان هو حديث عن روحه و جسده في تلاقيهما المتوازن بالشكل الذي يجعله جديرا بالخلافة في الأرض ، لأن أي تغليب لأحد الجانبين على الآخر من شأنه أن يفضي إلى الخلل و الله تعالى يقول: { و ابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا }
ما أجمل الدين و الدنيا إذا اجتمعا """ و أقبح الكفر والإفلاس بالرجـل .
يتبع

سفيان الثوري
11-15-2009, 06:19 PM
تسجيل متابعة شيخنا الكريم

د.عزالدين المعيار
11-15-2009, 07:28 PM
الحلقة الثانية
غلبت بعض الحضارات البائدة منها و القائمة ـ كما هو معروف ـ الجانب الروحي على حساب الجسد و مطالبه كما هو شأن البوذية في الغلو في ذلك ،و مثل النصرانية التي اعتبرت التقشف و الترهب من أعظم القربات إلى الله ، و في المقابل قامت الحضارة الغربية الراهنة على التركيز على الجوانب المادية الجسدية إما في إطار المذهب الفردي بالنسبة للرأسمالية ، و إما في إطار المذهب الجماعي و قد رأينا قبل عقود قريبة سقوط هذا النقيض للرأسمالية في شخص الإتحاد السوفياتي رائد الشيوعية الأكبر و الفكر المادي الماركسي ، و ها نحن نرى ما يعاني منه العلمانيون من فراغ روحي رهيب حيث لبيت للإنسان الكثير من مطالبه المادية لكنه لم يستطع أن يجد الطمانينة و السكينةفي أي حال أو مكان
و بين هؤلاء و أولئك جميعا يقف الإسلام شامخا في وسطية و اعتدال ملبيا لحاجيات الإنسان الروحية و المادية و نحن حين نتحدث عن الإنسان لا بد أن ننطلق من ذلكم النزوع الفطري التلقائي في الإنسان نحو الإيمان ، قال الله تعالى :{ و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } الأعراف :132 و الذي كثيرا ما يظهر عند الأطفال في سن مبكرة عندما يسأل الواحد منهم أهله بمثل هذا السؤال: من أين أتيت ؟ و الذي غالبا ما يواجه برد سخيف غير مقنع
لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن الفطرة السليمة تظل بمفردها عاجزة عن الإمساك بالخيط الرفيع الذي يوصلها إلى معرفة الله ، ما لم تستنر بالوحي المنزل من عند الله ، و في قصة إبراهيم الخليل كما صورها لنا القرآن الكريم ببلاغته المعجزة ، مايبرز بجلاء قوة الإيمان المنطلق من اليقين ، سواء في تعلقه عليه الصلاة و السلام بقبة السماء بحثا عن الله أو في تحطيمه لأصنام قومه أو في سؤاله ربه أن يريه كيف يحيي الموتى ، و المهم أنه لم يتردد مع ذلك في الاستجابة لأمر الله { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } و الإسلام ـ كما هو معلوم ـ إنما هو دعوة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل{ ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا ، و لكن كان حنيفا مسلما } آل عمران 67 { هو سماكم المسلمين من قبل } الحج:78 و الإيمان هو صمام الأمان الذي يحمي الإنسان من الزيغ و الانحراف " لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن " ويمنحه السكينة و الطمانينة { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } و هو مراتب أعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق ، وقد يبلغ المومن أكمل صفات الإيمان و أعلى درجاته حين يدخل في مثل قوله تعالى :{ إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } الآيات وتحت الإيمان بالله تدخل الأمور العقديَّة والعمليَّة، الظاهرة والباطنة، ما يتعلّق منها بعالم الغيب والشّهادة، و ما كان منها في ا الدّنيا أو الآخرة
يتبع

اخت مسلمة
11-15-2009, 07:30 PM
القضية في الواقع، قضية الإنسان المنتمي إلى الإسلام ، أما الدين {الإسلام} فقوي صامد يتحدى الأزمنة و الأمكنة ، و يعبر أكثر من أربعة عشر قرنا ، دون أن يذوب و يضمحل ، بل ظل الدين الشامل المستوعب لكل القيم و المبادئ السامية للرسالات السماوية السابقة ، ولكل الفلسفات و الأفكار الراقية التي ابتكرتها العقول البشرية قبله و بعده ..

كلام رائع واقعي صحيح مئة بالمئة
بارك الله فيك ياشيخنا الفاضل د_عز الدين
متابعين ومنتظرين لما تقدمه لنا
جزاكم الله خيرا



تحياتي للموحدين

د.عزالدين المعيار
11-15-2009, 08:24 PM
الحلقة الثالثة
يفضي بنا الحديث السابق إلى الوسطية: التي هي سر قوة الإسلام و بقائه و استمراره { و كذلك جعلناكم أمة وسطا} البقرة:143
و هي من خَصائصِ هذه الأُمَّة و بسببها كانت خير أمة أخرجت للناس و الحديث عنها في مثل هذه ا لعجالة تكفي فيه الإشارة ، خصوصا أن ما نقدمه من مناهج و حلول ينطلق منها و ينتهي إليها ، و لا خير فيه إذا لم يكن مطبوعا بها و ما أروع ذلكم الموقف الوسطي من رسول الله تعليما و توجيها لنا كما تلخصه قصة الثلاثة الذين سألوا عن عبادته، صلى الله عليه وسلم فلما علموا ذلك كأنّهم تقالّوها‍! فقال أحدهم: أمّا أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أمّا أنا فأصّلي الليل أبدًا، وقال الآ: لا أتزوجّ النساء، فقال صلى الله عليه وسلم أأنتم الذين قلتم كذا وكذا، أمَا والله إني أخشاكم لله وأتقاكم له، لكنيّ أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منِّي » صحيح البخاري
يتبع

الثمرة
11-15-2009, 08:44 PM
الحلقة الثانية
غلبت بعض الحضارات البائدة منها و القائمة ـ كما هو معروف ـ الجانب الروحي على حساب الجسد و مطالبه كما هو شأن البوذية في الغلو في ذلك ،و مثل النصرانية التي اعتبرت التقشف و الترهب من أعظم القربات إلى الله ، و في المقابل قامت الحضارة الغربية الراهنة على التركيز على الجوانب المادية الجسدية إما في إطار المذهب الفردي بالنسبة للرأسمالية ، و إما في إطار المذهب الجماعي و قد رأينا قبل عقود قريبة سقوط هذا النقيض للرأسمالية في شخص الإتحاد السوفياتي رائد الشيوعية الأكبر و الفكر المادي الماركسي ، و ها نحن نرى ما يعاني منه العلمانيون من فراغ روحي رهيب حيث لبيت للإنسان الكثير من مطالبه المادية لكنه لم يستطع أن يجد الطمانينة و السكينةفي أي حال أو مكان
و بين هؤلاء و أولئك جميعا يقف الإسلام شامخا في وسطية و اعتدال ملبيا لحاجيات الإنسان الروحية و المادية و نحن حين نتحدث عن الإنسان لا بد أن ننطلق من ذلكم النزوع الفطري التلقائي في الإنسان نحو الإيمان ، قال الله تعالى :{ و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } الأعراف :132 و الذي كثيرا ما يظهر عند الأطفال في سن مبكرة عندما يسأل الواحد منهم أهله بمثل هذا السؤال: من أين أتيت ؟ و الذي غالبا ما يواجه برد سخيف غير مقنع
لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن الفطرة السليمة تظل بمفردها عاجزة عن الإمساك بالخيط الرفيع الذي يوصلها إلى معرفة الله ، ما لم تستنر بالوحي المنزل من عند الله ، و في قصة إبراهيم الخليل كما صورها لنا القرآن الكريم ببلاغته المعجزة ، مايبرز بجلاء قوة الإيمان المنطلق من اليقين ، سواء في تعلقه عليه الصلاة و السلام بقبة السماء بحثا عن الله أو في تحطيمه لأصنام قومه أو في سؤاله ربه أن يريه كيف يحيي الموتى ، و المهم أنه لم يتردد مع ذلك في الاستجابة لأمر الله { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } و الإسلام ـ كما هو معلوم ـ إنما هو دعوة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل{ ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا ، و لكن كان حنيفا مسلما } آل عمران 67 { هو سماكم المسلمين من قبل } الحج:78 و الإيمان هو صمام الأمان الذي يحمي الإنسان من الزيغ و الانحراف " لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن " ويمنحه السكينة و الطمانينة { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } و هو مراتب أعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق ، وقد يبلغ المومن أكمل صفات الإيمان و أعلى درجاته حين يدخل في مثل قوله تعالى :{ إنما المومنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } الآيات وتحت الإيمان بالله تدخل الأمور العقديَّة والعمليَّة، الظاهرة والباطنة، ما يتعلّق منها بعالم الغيب والشّهادة، و ما كان منها في ا الدّنيا أو الآخرة
يتبع

أثقلت بارك الله فيك .. متابع

د.عزالدين المعيار
11-15-2009, 09:36 PM
ما معنى ـ أخي ـ أثقلت ؟

فخر الدين المناظر
11-15-2009, 11:01 PM
ما معنى ـ أخي ـ أثقلت ؟

أخي الدكتور وشيخي الفاضل أعزك الله وحفظك، الرجل صاحب التعليق من الطائفة اللا أدرية، فهو لا يدري شيئا ومتوقف في معتقداته ... ولا يدري بأنه يستطيع أن يدري، وبعد الموت سوف يدري يقينا.
وسوف تصادف مستقبلا هؤلاء المشوشين، ممن تأزهم الشياطين أزا ولا يتحملون كلام أهل العلم، فأعرض عنهم وقل سلام وامض فيما انت ماض، حتى نستفيد وننهل من علمكم الوفير ... والمشرفون والمراقبون متكفلون بحذف كل مداخلة من شأنها التشويش او التطاول .

د.عزالدين المعيار
11-15-2009, 11:15 PM
بارك الله فيك ـ أخي الكريم الفاضل ـ على عواطفك النبيلة نحو أخيك الذي يرجو أن يكون عند حسن ظن إخوانه في هذا المنتدى المبارك ، دون أن يدخل في خصومات مجانية مع أحد

د.عزالدين المعيار
11-16-2009, 12:50 AM
الحلقة الرابعة
حين نترك جانب التصور القائم على الكتاب و السنة ، و ما اختارته أمتنا في ماضيها المجيد و ننزل إلى الواقع المعيش ، نجد أمتنا تتجاذبها اليوم تيارات و توجهات مختلفة و إذا كان من حق كل بلد إسلامي أن يختار ما يناسبه من مذاهب فقهية تناسبه من حيث الزمان و المكان ـ و في تجربة الإمام الشافعي الفقهية والتحول الذي عرفته بانتقاله من الحجاز إلى مصر خير مثال على ذلك فأصبح مذهبه القديم شيء و مذهبه الجديد شيء آخر ـ إذا كان الأمر كذلك فإنه ليس من حق أحد أن يعترض على الأخر على أنه ليس على حق و يدعي أنه وحده على الحق كما هو شأن بعض الناس الذين كثيرا ما يكون الرجل ـ مثلا ـ على مائدة الطعام يأكل باليمنى ، و يحمل كأس ماء أو شاي باليسرى للضرورة ، فلا يعدم منهم من يتصدى له زاجرا ، و ربما متوعدا بالعذاب الأليم مدعيا أن صاحبنا ارتكب حراما ...
و رحم الله العلامة المغربي الكبير الأستاذ الوزير الشيخ محمد المختار السوسي عندما قال مخاطبا أحد أصدقائه وأقاربه في الوقت نفسه وقد رآه ـ وهما على مائدة الطعام ـ يأخذ الكأس باليمنى مع كونها ملوثة بالمرق كعادة بعض الناس الذين لا يفرقون بين مقام ومقام :
لا تمسك المشرب باليمــــين * * * إن لطخت بمرق الطجيــــــن
أو بشواء أو إدام أو بمــــــا * * * يدك من ملمسه لن تسلمـــــا
فإن ذاك للإناء مفســـدة * * * فاعله جانب نهج المحمـــــــدة
فإنه بلا مراء يستــــحق * * * معذلة من المهذب المحــــــــق
فصاحب الشريعة المطهــرة * * * حث على النظافة الميســـــرة
وصح عنه أنه قد جمعــــا * * * يسراه واليمين في الأكل معـــا
إذ يأكل الرطب والقثـاء * * * كما سمعت في الحديث جـــــــاء
فجاز أن تشغل يسراك إذا * * * يمناك ذات الشغل فادر المأخذا ...
قال ا بن حجر في الفتح في كتاب الأطعمة : باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة .عند حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏يَاكُلُ الرُّطَبَ بالقثاء ‏... وقع في رواية الطبراني كيفية أكله لهما , فأخرج في " الأوسط " من حديث عبد الله بن جعفر قال " رأيت في يمين النبي صلى الله عليه وسلم قثاء وفي شماله رطبا وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة " وهو في الطب لأبي نعيم من حديث أنس " كان يأخذ الرطب بيمينه والبطيخ بيساره , فيأكل الرطب بالبطيخ , وكان أحب الفاكهة إليه " ...
و مثل ذلك من يتدخل أثناء الصلاة ليصحح حسب ما يتوهم و ضعية مصل في قيامه أو في ركوعه و سجوده و جلوسه ، و كثيرا ما يكون المتدخل أميا و المستهدف عالما و هذه إحدى المظاهر السيئة التي نراها بين الفينة و الأخرى هنا و هناك
و أكبر من هذا، التجرؤ على الفتوى من غير أهل العلم ، و قول أحدهم هذا حرام و هو لا يعرف الناسخ من المنسوخ و لا صحيح الحديث من سقيمه ، بل لا يعرف اللغة العربية و قواعدها فبالأحرى الفقه و أصوله ... وهذا لا يعني رفض النصيحة الدينية من أهل العلم لمن خالف ما لا يعذر أحد بجهله من الفرائض و الواجبات ...
يتبع

د.عزالدين المعيار
11-16-2009, 11:03 AM
الحلقة الخامسة:
وبعد ، فماذا يمكننا أن نقدم من اقتراحات في سبيل الخروج من هذه المآزق و شبهها ؟ في إطار تحقيق الحد الأدنى من مطالب الروح و الجسد بشكل متوازن
في الواقع نحن لا نقدم هنا و صفات علاجية مضبوطة و لا حلولا جاهزة ، و إنما نقدم اقتراحات مخلصة ، قد تتضامن مع غيرها فتعطي علاجا ناجعا و حلا مناسبا بإذن الله ، و سأركز هنا على أمرين بالنسبة للأفراد هما التربية و الحوار ، و على أمرين بالنسبة للجماعة { الأمة } هما الوحدة و التكتل من جهة ، والتجديد و التغيير من جهة أخرى ، مع الإشارة إلى أن هذه الأمور لا تعطي أكلها ، ما لم تتم في إطار مناسب و وفق شروط و ضمانات تتكفل بها الدولة و المجتمع ، و في مقدمتها العدل و المساواة و الحرية والعيش الكريم ... و كل الضرورات التي لابد منها
يتبع

ATmaCA
11-16-2009, 11:04 AM
بالنسبة للأخ الثمرة وقوله "أثقلت" فانا لا اعرف استخدام للكلمة بهذا الشكل ولعله يقصد اثقلت عقولنا اى اثريتنا وامتعتنا! , و ربما يقصد ان كلامك (ثقيل) اى كلام به حكم وشمول , نقول فى مصر (كلام تقيل) اى كلام حكيم به عبر ومواعظ وهذا له اصل فى اللغة . وقد قال تعالى : "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً" قال العلماء جاء فى بعض معانى قوله "ثقيلا" اى يتفكر فيما يشتمل عليه . قال الفراء: ثقيلاً رزيناً ليس بالخفيف السفساف لانه كلام ربنا . وقد اراد الاخ تشجيعك بدليل قوله : "بارك الله فيك .. متابع" ونحن نقول مثله فبارك الله فيك أخى الفاضل على كلامك النافع الماتع , أحسنت أخى الفاضل أحسن الله اليك , كلام واقعى ورائع , وفى انتظار التكملة .. والحمد لله رب العالمين .

د.عزالدين المعيار
11-16-2009, 11:09 AM
بارك الله فيك ـ أخي الكريم ـ على توجيهك الطيب لما قاله الأخ الثمرة ، و إن كنت أرغب أن أسمعه منه لأن الكلمة كما لا يخفى تحتمل المدح و الذم ...

الثمرة
11-16-2009, 07:22 PM
بارك الله فيك ـ أخي الكريم ـ على توجيهك الطيب لما قاله الأخ الثمرة ، و إن كنت أرغب أن أسمعه منه لأن الكلمة كما لا يخفى تحتمل المدح و الذم ...

لا يأتي احد بما اتيت به يادكتور .. الا مايستحق "بالضرورة" أن نُنخ ركابنا عنده ..
ولا اخفيك بأنك اثخنت لا ادريتي بمجرد حرف واحد اتى عليها إلا قليل .. نسأله
سبحانه ان يتم سعادتنا بوجودك مع الاخوة الافاضل ..بإجتثاثها .

الثمرة
11-16-2009, 07:25 PM
أخي الدكتور وشيخي الفاضل أعزك الله وحفظك، الرجل صاحب التعليق من الطائفة اللا أدرية، فهو لا يدري شيئا ومتوقف في معتقداته ... ولا يدري بأنه يستطيع أن يدري، وبعد الموت سوف يدري يقينا.
وسوف تصادف مستقبلا هؤلاء المشوشين، ممن تأزهم الشياطين أزا ولا يتحملون كلام أهل العلم، فأعرض عنهم وقل سلام وامض فيما انت ماض، حتى نستفيد وننهل من علمكم الوفير ... والمشرفون والمراقبون متكفلون بحذف كل مداخلة من شأنها التشويش او التطاول .

فجاز أن تشغل يسراك إذا * * * يمناك ذات الشغل فادر المأخذا

د.عزالدين المعيار
11-16-2009, 10:57 PM
بارك الله في الأخ الثمرة على كلماته الرقيقة في حق أخيه السعيد بأن يكون عند حسن ظن إخوانه

الثمرة
11-16-2009, 11:03 PM
بارك الله في الأخ الثمرة على كلماته الرقيقة في حق أخيه السعيد بأن يكون عند حسن ظن إخوانه

و بين هؤلاء و أولئك جميعا يقف الإسلام شامخا في وسطية و اعتدال ملبيا لحاجيات الإنسان الروحية و المادية و نحن حين نتحدث عن الإنسان لا بد أن ننطلق من ذلكم النزوع الفطري التلقائي في الإنسان نحو الإيمان

فقط اريد ان اعرف هل يمكن ان تكون "من"

الثمرة
11-16-2009, 11:06 PM
وهذا رجاء خاص يادكتور

د.عزالدين المعيار
11-16-2009, 11:56 PM
الحلقة السادسة:
أ ـ بالنسبة للأفراد و الفئات الصغيرة :
ينصب الحديث هنا بإيجاز عن التربية و التعليم ثم الحوار :
1ـ التربية : كثيرا ما تكون بين الداء و الدواء علاقة حميمة كما قال الشاعر : " و داويني بالتي كانت هي الداء "
و هو ما يصدق على التربية و التعليم ومن المعلوم أن مهمة التربية تتقاسمها عدة أطراف أهمها البيت و المدرسة و هما من العوامل المقصودة ، التي تمارس فيها العملية بشكل مباشر و موجه ، و إذا كان الطفل يولد صفحة بيضاء ، فإن البيئة سرعان ما تلوث هذه الفطرة ، خصوصا في عصرنا هذا الذي هاجمت فيه الحضارة المادية كل البيوت، عبر القنوات الفضائية المختلفة ، و عبر الأنترنيت و مختلف نظم المعلومات المعاصرة ، و وسائل الاتصال المختلفة ، في غياب تربية إسلامية دقيقة مستوحاة من الكتاب و السنة ، فتبلدت فطر كثير من الأجيال الصاعدة ، و في الحديث :"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..." ، ومن ثم فإن الأمة مطالبة ـ بإلحاح ـ بتلقيح أبنائها ضد الإلحاد و العقوق و الإنحراف و حتى الغلو و التطرف ، كما تلقحهم ضد الحصبة و الجدري و السل ، لينشئوا وقد اكتسبوا مناعة و حصانة ضد ما يناقض مقوماتهم و هويتهم ، و حتى ينظروا إلى ما يشذ عن ذلك نظرة نقد و رفض ، لا نظرة إعجاب و شوق، دون إغفال الدور الأساس للأبوين في ذلك ، خصوصا أن كثيرا من الأسر تخلت عن دورها في التربية في هذه المرحلة لتسلمها للخادمات أو الجارات أو دور الحضانة ..
كما تخلت عنها في المرحلة الموالية للمدرسة ،هذه الأخيرة التي تتبنى في مناهجها و طرقها و في كثير من برامجها النماذج الغربية المختلفة و قل مثل ذلك عن الجامعة أو أكثر
ونحن نعرف أن التعليم الإسلامي كما كان في القرويين و ابن يوسف و الزيتونة و الأزهر و غيرها من الجامعات و المعاهد في الوطن العربي و الإسلامي إنما أعطى عبر تاريخه الطويل الوسطية و الاعتدال و قلما أنتج التطرف و الغلو بالشكل الذي نجده اليوم في كثير من مؤسسات التعليم العصري و في الجامعات الحديثة على وجه الخصوص ،بل كثيرا ما نجد التطرف يمارس من بعض خريجي كليات الهندسة أو العلوم و هذا يقتضي مراجعة مناهج و برامج التربية و التعليم في البلاد الإسلامية بشكل متوازن تلتقي فيه الأصالة و المعاصرة في ظل الشخصية و الهوية الإسلامية ...

فخر الدين المناظر
11-17-2009, 02:25 AM
فجاز أن تشغل يسراك إذا * * * يمناك ذات الشغل فادر المأخذا

العيب كل العيب في عدم حسن اختيارك للألفاظ، ففي المرة القادمة أحسن اختيارها حتى لا تكتب عكس ما تبطن، ولا تتبهنس علينا بأبيات المختار السوسي فشتان بين المعاني.

ومع ذلك أعتذر منك إن بدر مني ما يسيئك او يقلقك خلال استضافتنا لك في المنتدى ... فمن حقك علينا إكرامك .

والمرجوا إخلاء الرابط للدكتور حتى يستكمل مقاله وبعدها اسألوا كما تحبون.

ابو يوسف المصرى
11-17-2009, 03:31 AM
تابع يا دكتور....حفظك الله تعالى ووفقك

د.عزالدين المعيار
11-17-2009, 12:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان هذا هو الحوار فأنا أعلن إنسحابي من المنتدى منذ الآن و ليلزم كل واحد حدوده ،وليعلم من أراد أن يوجهني أن الحق واحد و أنا أسعى لأكون مخلصا لما أومن به ...

ATmaCA
11-17-2009, 04:42 PM
بارك الله فيك أخى الدكتور عز الدين ..
ولا داعى للانسحاب كما فهمت من كلامك , ويمكن ان نطالب الادارة بحذف اى شىء تراه غير مناسب .
وليسامحنى الله على مشاركتى السابقة التى ربما ادت الى هذا التطور! ولكن ما اردت إلا الخير والتوضيح ..
ارجو ان تكون متواجد بيننا دائمًا , خصوصًا اننا فى حاجة الى اقلام جديدة فى المنتدى ..

والمنتدى أخى الحبيب للرد على الإلحاد كما تعلم , لذلك ستجد بعض المشاغبات الحوارية ان صح التعبير .
اسال الله تعالى ان يوفقك ويسدد خطواتك وينفعنا بعلمك .

مشرف 1
11-17-2009, 05:23 PM
تم ايقاف العضو "الثمرة" لفترة عشرة أيام لمنع مشاغباته وتشتيتاته

د.عزالدين المعيار
11-18-2009, 11:08 AM
استجابة لطلب كثير من الإخوان و تجاوزا لما حدث نواصل هذه الأحاديث آملين أن يكون في مناقشة الإخوان لها ما يغنيها
الحلقة السابعة:
2 ـ الحوار: لم يكن الإكراه في يوم من الأيام سبيلا إلى الإقناع ، و حسم الخلاف بين الناس ، بل إنه كثيرا ما يزيد الطين بلة ، و الشقة بعدا ، مع ما يبعث عليه من الحقد و الكراهية ، و ربما تبييت النية على الغدر و الانتقام ، و من ثم كان الحوار الهاديء البناء السبيل الأنجع للتفاهم و الإقناع ، بعيدا عن كل تعصب أو تشنج ، أو لجوء إلى القسر و الإكراه
قال تعالى :{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } البقرة :256 و قال :{ و لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا ، أفأنت تكره الناس حتى يكون مؤمنين } يونس :99
و الحوار المطلوب أولا و قبل كل شيء هو الحوار الإسلامي الإسلامي بين أهل السنة و الشيعة و بين المذاهب الفقهية و داخل المذهب الواحد أحيانا وبين الشيوخ و الشباب و بين و بين ...كل ذلك في إطار احترام متبادل و نقد ذاتي نزيه و في إطار تقريب الشقة بين الأطراف المختلفة ..و توحيد الكلمة بينهم ، و هذا الحوار الذاتي هو الأول ثم يأتي الحوار مع الآخر ، و موضوع الحوار حري بحلقات خاصة نسأل الله أن ييسرها ...

د.عزالدين المعيار
11-18-2009, 05:25 PM
الحلقة الثامنة :
ب ـ بالنسبة للجماعة أو الأمة : لا شك أن قوة الأمة تكمن في وحدتها و تكتلها في عالم بات لا مكان فيه للضعفاء ، ثم لا بد من التجديد وفق المستجدات و المتغيرات و الإكراهات التي تواجه الأمة كل يوم ، و هذا ما أشير إليه هنا من خلال :
1 ـ الوحدة: الوحدة مطلب إسلامي ملح و تتلخص ، في مبدأ التمسك بالسنة و الجماعة ، هذا المبدأ الذي يستمد مصداقيته من الكتاب و السنة
قال تعالى :{و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا } الآيات ، و في الحديث :"و ستفترق أمتي إلى ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال: من كان على ما أنا عليه و أصحابي " و في لفظ :" هي الجماعة "
و الجماعة هي الطائفة في قوله صلى الله عليه و سلم :" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم حتى ياتي أمر الله و هم كذلك " رواه الشيخان واللفظ لمسلم ... قال الإمام أحمد و غيره :"هم أهل الحديث " و قال القاضي :" إنما أراد أحمد أهل السنة و الجماعة ، و من يعتقد مذهب أهل الحديث "
وهم "أهل العلم " عند البخاري ، و مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلف متابعة ما أجمع عليه المجتهدون
و قال ابن بطال : المراد بالجماعة أهل الحل و العقد في كل عصر
و في مقابل أهل السنة و الجماعة ، يوجد أهل البدع و الفرقة ، قال تعالى :{ و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات ، و أولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه و تسود وجوه}
قال ابن عباس رضي الله عنهما :"أي يوم القيامة ، حين تبيض وجوه أهل السنة و الجماعة ، و تسود وجوه أهل البدعة و الفرقة"
و تحضرني في هذا السياق صورة بشعة للفرقة و التعصب المقيت سجلها لنا ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان في معرض حديثه عن مدينة "الري" فذكر أنها كانت مدينة عظيمة خرب أكثرها ، قال :" و اتفق أنني اجتزت في خرابها في سنة 617 هـ و أنا منهزم من التتر ، فرأيت حيطان خرابها قائمة و منابرها باقية و تزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلا أنها خاوية على عروشها ، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال : أما السبب في ذلك فقال : أما السبب فضعيف ، ولكن اله إذا أراد أمرا بلغه ، كان أهل المدينة ثلاث طوائف : شافعية وهم الأقل ، و حنفية و هم الأكثر ، و شيعة و هم السواد الأعظم ، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة و أما أهل الرستاق فليس فيهم إلا الشيعة و قليل من الحنفيين و لم يكن فيهم من الشافعية أحد ، فوقعت العصبية بين السنة و الشيعة فتضافر عليهم الحنفية و الشافعية ، و تطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف ، فلما أفنوهم وقعت العصبية بين الحنفية و الشافعية و وقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعية هذا مع قلة عدد الشافعية إلا أن الله نصرهم عليهم ، و كان أهل الرستاق و هم حنفية يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك و يساعدون أهل نحلتهم فلم ينفعهم ذلك شيئا حتى أفنوهم ، فهذه المحال الخراب التي ترى هي محال الشيعة و الحنفية ، وبقيت المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محال الري و لم يبق من الشيعة و الحنفية إلا من يخفي مذهبه ...
يتبع

د.عزالدين المعيار
11-18-2009, 08:33 PM
الحلقة الثامنة: ـ تابع
قال تعالى :{ وأطيعوا الله و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا إن الله مع الصابرين } الأنفال :46 و إذا كان الحق في كل مسألة عقلية واحدا فالحق في جميع المسائل يجب أن يكون مع فرقة واحدة ، و عنه أخبر التنزيل في قول الله عز وجل: { و ممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون }
و يؤكد أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام أن الحق واحد لا يختلف ، و أن الاختلاف منفي عن الشريعة بإطلاق لأنها الحاكمة بين المختلفين لقوله تعالى :{ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول } النساء :58 . إذ رد التنازع إلى الشريعة ، فلو كانت الشريعة تقتضي الخلاف لم يكن في الرد إليها فائدة ، و قوله { في شيء } نكرة في سياق الشرط ، فهي صيغة من صيغ العموم ، فالرد لا يكون إلا لأمر واحد ، فلا يسع أن يكون أهل الحق فرقا"
و الذي يستخلص من مجموع النصوص الواردة في هذا السياق أن المرجعية في وحدة الأمة تعود إلى النموذج المثال الذي حققه الرسول صلى الله عليه بالمدينة النبوية ، و اقتفى أثره فيه الصحابة من بعده.
هذا النموذج الذي سيبقى النسج على منواله لازما لتحقيق وحدة الأمة في كل عصر ، و لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، و إن أول خطوة في هذا السبيل هي المؤاخاة بين العناصر المكونة للمجتمع ، كما تمثلت في المدينة النبوية المطهرة بين المهاجرين و الأنصار، و الأوس و الخزرج ، مع ما كان من تنظيم العلاقات بين المسلمين و بين غيرهم من ساكنة المدينة الداخلين في الرعية السياسية .
و نحن نعتقد أن أمتنا بخير ، و أن التفريط أو الغلو فيها غالبا ما يصدرعن السفهاء من أبنائها ، و هم مدعوون إلى الحوار البناء ، مع النظر إلى الخلفيات التي قد يصدرون عنها عن حسن نية حينا و عن سوئها أحيانا ... و معالجتها بالتي هي أحسن.
يتبع

د.عزالدين المعيار
11-18-2009, 10:44 PM
الحلقة الثامنة ـ تتمة
إذا نظرنا من جهة أخرى إلى عدد المسلمين في العالم فسنجدهم يقدرون بحوالي مليار ونصف نسمة ، وهي قوة بشرية عظيمة لأمة وصفها الحق سبحانه بالخيرية في قوله عز و جل :{ كنتم خير أمة أخرجت للناس} الآية... وبالوسطية في قوله سبحانه :{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا } وبأوصاف أخرى ...
فلماذا لا يحقق المسلمون - في انتظار تحقيق وحدة شاملة للأمة الإسلامية - وحدات جزئية يحترم بعضها البعض ، و تراعى في هذه الوحدات المكونات المشتركة بينها من حيث العنصر البشري والجغرافي والاقتصادي والثقافي و غير ذلك
و نحن نعلم أنه على الرغم من أن الإسلام دين كوني جاء لإسعاد الناس كافة وتحريرهم من القيود والأغلال ومن العبودية لغير الله ، وأنه لم يعط قيمة للإنسان باعتبار انتمائه العرقي أو لسانه القومي وإنما بتقواه وعمله الصالح ، فإنه في الوقت نفسه لم يلغ خصوصيات الشعوب ما دامت لا تتقاطع مع الإسلام الذي يهتم بالوحدة الجزئية أو النسبية في سبيل الوحدة الكبرى الشاملة ، ما دامت ليست مفرقة ولا فاصلة ولا مشتتة للجماعة وما دامت تصب في اتجاه الوحدة الكبرى في إطار قول الله تبارك وتعالى:{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } الآية
إن قيام تكتلات و اتحادات في المغرب العربي والمشرق العربي وفي غيرها من بلاد العالم الإسلامي، هي قوة للإسلام ، ولا شك أنه إذا حسنت النيات تحققت الأمنيات ، ولا شك كذلك أن طلب الحق والسعي إليه والاجتماع عليه منحة ربانية ، قال الله تعالى:{ لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم } ولابن خلدون - في هذا السياق- كلمة قيمة في مقدمته قال فيها :" إن القلوب إذا انصرفت إلى الحق ورفضت الدنيا والباطل وأقبلت على الله اتحدت وجهتها ، فذهب التنافس وقل الخلاف وحسن التعاون والتعاضد واتسع نطاق الكلمة لذلك"
و بالإرادة و العزيمة نرى أوربا تسير بخطى ثابتة على درب الوحدة على الرغم من تنوعها الجغرافي و البشري ، و تعدد لغاتها و مصادر ثقافتها و ما تركته الحرب العالمية الأولى و الثانية من جراح لم تمر عليها غير عقود معدودة ...

د.عزالدين المعيار
11-19-2009, 10:18 AM
الحلقة التاسعة: أزمة الثقافة الإسلاميةالمعاصرة و مسئولية المسلمين
لا أحد ينكر أن الثقافة الإسلامية تمر اليوم بمرحلة عصيبة تضافرت عليها فيها مجموعة من العوامل الكابحة لأي مشروع إسلامي متطور هادف إلى التغيير والتجديد وإعادة بناء حضارة الإسلام التي باتت مهددة بالانهيار وفقدان الهوية في ظل عولمة ظالمة ، تفرض على الأمم والشعوب نموذجا وحيدا بالقوة والإرغام أحيانا و لا أحد يستطيع أن يعترض على ما يقع أو ينطق ببنت شفة ، لأن الواقع أكبر من أن يتصدى له شعب بمفرده ، بل لابد من قيام تكتلات واتحادات كبرى بين دول وشعوب تجمع بينهم عدة قواسم مشتركة...
في ظل هذا الوضع المخيم على أكثر بقاع الأرض تعيش الأمة الإسلامية - وهي المستهدف الأول في خارطة الحضارات الإنسانية الكبرى ، تشرذما وتمزقا وبلبلة في الفكر والثقافة ...
إن الركن الأساس الذي تقوم عليه حضارة الإسلام وهوية أمته هو الدين ومن خلاله وبتوجيه منه ترتب كل الأمور وهو - كما هو معلوم - دعوة عالمية يتساوى تحت ظلاله كل الناس دون استثناء وهو ما يقلق العولمة ويقض مضجعها
أما الركن الثاني في حضارة الإسلام فهو الإنسان ، صانع الحضارة و منفذ التعاليم السماوية السامية ، و المجتهد على ضوئها فيما يعرض للناس في حياتهم من معضلات ، دون أن يتعارض ذلك مع الاستفادة من تجارب الأمم والشعوب الأخرى لأن الحكمة ضالة المومن أنى وجدها التقطها ، ولم تكن الحضارة الإسلامية منغلقة على نفسها في يوم من الأيام ...
إن الانغلاق على الذات شأن الضعيف الفقير من حيث مبادؤه وقيمه ، أما القوي فلا يخشى الغرق و لا يركب مراكب الملق ، وذلك سر بقاء حضارة الإسلام قائمة شامخة على الرغم من ضعف المسلمين وتخاذلهم وتشرذمهم ...
والإنسان حين ينطلق من الإيمان ، يشعر بقوة دافقة مستمدة من الحق المتعال الذي يكفل للمتوكلين عليه التوفيق والسداد ، ويحصنهم ضد كل انحراف أو انجراف { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } والمومن حين يعمل ويكد ويسعى إلى الخير ، يفعل ذلك و هو يستحضر على الدوام الرقابة الإلهية التي لا تنقطع أو تغيب أبدا ، ولو أن المسلمين كل من موقعه الذي يسره الله له عملوا بذلك لصلحت الأحوال ولتبدل الناس غير الناس ، إذ تلك هي الغاية المرجوة التي يسعى إلى تحقيقها العاملون المخلصون الأمناء على مصالح الناس المقدرون لمسئولية الإنسان على الأرض ...

اخت مسلمة
11-20-2009, 04:23 AM
متابعين ياشيخنا الفاضل وجزاك الله خيرا

تحياتي للموحدين

د.عزالدين المعيار
11-21-2009, 04:00 PM
بارك الله في الأخت الكريمة على حسن ظنها بأخيها المحتاج إلى دعاء إخوانه و أخواته له ...

د.عزالدين المعيار
11-21-2009, 11:48 PM
الحلقة العاشرة:
2 ـ التجديد في الدين : ذهب العلماء إلى أن المجدد قد يكون من الأمراء و قد يكون من الأولياء ، و قد يكون من العلماء و لا يلزم أن يكون شخصا واحدا ، و قال بعضهم إن ذلك يكون في كل قطر بحسبه ، و ليس من شرطه أن يعم الدنيا أو غالبها و الأصل في ذلك الحديث الذي رواه أبو داود في السنن :"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
و رسم معالم الطريق و آليات العمل موكولة إلى المجدد الفرد أو الجماعة ، انطلاقا من الكتاب و السنة و الإجماع مع الإيمان بالاجتهاد و الرغبة في التجديد ، بناء على قواعد و ضوابط متينة مع مراعاة الأولويات .
و من أهم الضمانات للنجاح في هذا الاتجاه في المستقبل ، تأصيل الانتماء الحضاري في نفوس الناشئة عبر التربية و التعليم و الإعلام
ويدخل في هذا الإطار تجديد الخطاب بحيث يكون إسلاميا ناضجا مقنعا ، رحبا مبشرا يبرز جماليات الدين ، و يحول السلبيات إلى إيجابيات ، بأسلوب جديد لأن الأسلوب كالتحفة النفيسة التي إنما تحافظ على جاذبيتها بتعهدها بالصقل كلما علاها الصدأ ، و ربما أعيدت صياغتها من جديد ، إذا لم يعد شكلها صالحا للاستعمال مناسبا لتغير الزمان ، و القرآن الكريم و السنة النبوية ،أعظم مدرسة في هذا الباب ، و لاشك أن الخطاب المدني ، ليس بالتأكيد هو الخطاب المكي
يتبع

اخت مسلمة
11-23-2009, 10:43 PM
يتبع

ننتظر يادكتور عز الدين


تحياتي للموحدين

د.عزالدين المعيار
12-05-2009, 11:17 PM
تتمة
يفتح التشريع الإسلامي الباب ــ عند انعدام النص من الكتاب و السنة أو عدم وقوع الإجماع ،ــ للعقل للاجتهاد و إعمال الفكر من أهل العلم ، لضمان استمرار التجاوب بين الدين و الحياة ، و مواجهة ما يجد فيها من مستجدات ، بما يتطلبه ذلك من حلول ناجعة
ثم إن الأمة كلها مدعوة إلى الإسهام في البناء و التشييد يدا في يد كما قال تعالى:{ المومنون و المومنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكرو يقيمون الصلاة و يوتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم }
و بعد فهذه بعض الخواطر و النظرات المتعلقة بهذا الموضوع ، آمل أن تكون قد لامست الجانب العملي منه ، في إطار تحقيق توازن بين مطالب الروح و الجسد ، و الذي لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا في ظل الدولة و المجتمع و رعايتهما و في إطار المؤسسات ذات الصلة بالموضوع و خصوصا مؤسسات العلماء ...
ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا / و الحمد لله أولا و آخرا