المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجابري بقلم د.طيب بوعزة



متعلم أمازيغي
11-23-2009, 12:38 PM
من الرياضيات إلى الفلسفة

إعادة قراءة ابن خلدون

التراث ونقد العقل العربي






يُعد المغربي محمد عابد الجابري من بين المفكرين العرب ذوي المشاريع النظرية الأكثر لفتا للانتباه واجتذابا للنقاش والجدل في اللحظة الراهنة.

وإذا أردنا جمع هذه المشاريع حول سؤال مشترك، يمكن القول إن الهاجس الغالب عليها هو التفكير في سؤال النهضة؛ مع اختلاف في كيفيات طرق السؤال والإجابة عنه، بسبب تعدد واختلاف المداخل المنهجية التي توسل بها أصحاب تلك المشاريع.



أما المدخل المنهجي الذي اختاره الأستاذ الجابري فلم يكن مدخلا سياسيا ولا اقتصاديا بل أبستملوجيا، إذ يرى أنه لا نهضة دون تحصيل آلة إنتاجها أي العقل الناهض.

ولا يمكن تحصيل هذا الفكر القادر على صناعة النهضة دون نقد للعقل العربي وبحث صيرورته التاريخية وتحديد المفاهيم المتحكمة في بنيته، من أجل بيان الحاجة إلى عصر تدوين جديد يؤسس للعقل نظاما معرفيا قادرا على الاستجابة لتحديات الراهن.

هذا المطلب هو الذي اشتغل الأستاذ الجابري بقصد إنجازه طيلة ما يقرب من نصف قرن متوجا ذلك بإنتاج موسوعته “نقد العقل العربي” وهو الإنجاز الذي رأت اليونسكو أنه يستحق أن يُكرم في الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني

2006.


وقد كان الحفل تكريما لرمزين فكريين كان لهما إسهام مقدر في البحث الفلسفي، إذ بالإضافة إلى الجابري تم الاحتفاء أيضا بالفيلسوفة الألمانية حنا أرندت (1906-1975) بمناسبة الذكرى المئوية لميلادها.

فما هي لحظات مسار تطور فكر الجابري الذي تُوج بهذا التكريم؟ وما هي الإشكالات المعرفية التي طرحها ويطرحها مشروعه الفكري؟

في مقاربتي لهذا المسار الفكري لا أستهدف تقييمه نقديا، وإنما هو تقديم وصفي للحظات تطوره، مستحضرا محطات من السيرة الذاتية لصاحبه مع الوقوف عند اللحظات الخاصة بتأسيس مشروعه المعرفي.”

الرموز الحسابية الهندية كانت هي السبب في أن يولد الفيلسوف الجابري، فلولا تلك الرموز لاختار الطالب محمد عابد الجابري تخصص الرياضيات لا الفلسفة، وبذلك كنا بلا شك سنخسر مفكرا“

من الرياضيات إلى الفلسفة

كثيرا ما تلعب أقدار، تبدو صدفا في مسار حياة الناس، دورا رئيسا في تشكيل مستقبلهم، وبالرجوع إلى حياة الجابري يستوقفنا حادث كان هو المنعطف نحو توجهه إلى التخصص في الدراسات الفلسفية، لأن الرجل كان في ميوله الدراسية عاشقا للرياضيات.

وعندما تحدث الجابري في كتابه “مسار كاتب” عن علاقته بهذا العلم الدقيق وصف ميله إليه وتميزه فيه بلغة لا تخلو من جيشان العاطفة “كنت مولعا بالرياضيات.. كان لدي ما يشبه الموهبة في هذه المادة..”.

ففي المدرسة الابتدائية وكذلك في السنتين اللتين قضيتهما في المدرسة الثانوية (والكلام للجابري) كان الأستاذ يملي علينا في نهاية الدرس تمارين الحساب والهندسة ثم الجبر كواجبات منزلية، وكثيرا ما كنت أكتفي بالاستماع إليه وكتابة المعطيات الرقمية بدل كتابة نصوص التمارين بأكملها، حتى إذا انتهى من الإملاء كنت قد هيأت الجواب! وفي المنزل كنت أشتغل على تمارين مماثلة في الكتب الفرنسية! وكانت تستغرق جل أوقات الفراغ عندي“.

بهذا العشق لعلم الخوارزمي سافر الجابري إلى سوريا سنة 1957 ليتم دراسته في تخصص الرياضيات، وقد كان عمره آنذاك واحدا وعشرين عاما، بيد أن أمرا طريفا كان سيرغمه على تبديل اختياره التعليمي، فقبل أن يسجل نفسه في كلية العلوم أخذ الكتب المدرسية السورية لاستطلاعها والمقارنة بينها وبين ما تعلمه في المغرب.

وعندها فوجئ الطالب المغربي بما لم يكن قد تهيأ له، حيث يصف الجابري ما حدث قائلا “كانت صدمة كبيرة لي عندما وجدتني أمام (مشاهد) لم أكن قد تعودت عليها: أرقام هندية لا أستطيع قراءتها بسهولة، وأنا قد تعودت في المغرب على الأرقام العربية، العالمية الآن، وكانت مراجعي في مادة الرياضيات والفيزياء كلها مراجع فرنسية..”.

وأضاف الجابري: لقد وجدت نفسي في كتب الجامعة السورية في دمشق أمام أرقام ورموز ومعادلات ومصطلحات غريبة عني أو أنا غريب عنها، والرياضيات كلها رموز..

ويقول المفكر المغربي: شعرت أنه سيكون علي أن أقوم بدور المترجم لنفسي من العربية إلى الفرنسية ومنها إلى اصطلاحنا في المغرب.. فكان هذا شيئا مثبطا تماما.

وقرر الجابري ترك الرياضيات والتخصصات العلمية على حد سواء، والارتحال هاربا من استغلاق الرموز العلمية التي تحفل بها كتب الرياضيات والفيزياء… إلى حقل معرفي آخر، هو القانون، ولكنه بعد أن راجع كتب القانون لاحظ أنها تعتمد بالدرجة الأساس على الحفظ والذاكرة.

وقرر الطالب التغيير مرة أخرى، فسجل نفسه في كلية الآداب بالسنة الأولى في تخصص كان يسمى “الثقافة العامة” على أن يختار بالسنة الثانية شعبة الفلسفة، ودرس الجابري السنة الأولى في دمشق، ونجح بتفوق، فكان ترتيبه السادس من بين ما ينيف على خمسمائة طالب.

وفي نهاية العام عاد الجابري إلى المغرب ليجد أن كلية الآداب في الرباط استحدثت شعبة الفلسفة، فقرر العدول عن السفر إلى دمشق، ومتابعة دراسته في الرباط.

وهكذا يمكن أن نقول إن الرموز الحسابية الهندية كانت هي السبب في أن يولد الفيلسوف الجابري، فلولا تلك الرموز لاختار الطالب محمد عابد الجابري تخصص الرياضيات لا الفلسفة، وبذلك كنا بلا شك سنخسر مفكرا. “

ابن خلدون كان الدافع إلى توجيه الدفة مرة أخرى إذ جذب الاهتمام بالمقدمة الخلدونية تفكير الجابري إلى دراسة التراث“

إعادة قراءة ابن خلدون

وإذا كانت مجرد مسألة شكلية تتعلق بالرمز الرياضي قلبت دفة حياة الجابري الطالب من الرياضيات إلى الفلسفة، فإن ابن خلدون كان الدافع إلى توجيه الدفة مرة أخرى، ولكنها هذه المرة داخل التخصص نفسه، أي الفلسفة، إذ جذب الاهتمام بالمقدمة الخلدونية تفكير الجابري إلى دراسة التراث.

وعلاقة الجابري بابن خلدون تعود إلى الباكالوريا (الثانوية العامة) حين يحكي عن نفسه قائلا “في سنة 1957 كان قد مضى على استقلال المغرب نحو سنة ونصف السنة، وكنت آنذاك أهيئ البكالوريا“.

وذات يوم -يقول الجابري- حوالي الثامنة أو الثامنة والنصف مساء، فتحت الإذاعة المغربية فإذا بمحاضرة عن ابن خلدون وآرائه. كنت شابا في ذلك الوقت وقد علقت بذهني بعض المعلومات أثارت فضولي ورغبتي في الإطلاع..

ويضيف المفكر المغربي: استعرت كتاب “مقدمة ابن خلدون” من أحد الأصدقاء وبدأت أقرأ فيه.. أتذكر جيدا أن موضوعات المقدمة قد استهوتني، كأنني قد وجدت فيها شيئا يهمني!

وفي دمشق أيضا، التقى الجابري مرة ثانية بابن خلدون، إذ يذكر أن أستاذه في مادة علم الاجتماع الدكتور عبد الكريم اليافي كلفه بإنجاز عرض حول العلامة ابن خلدون، ويذكر أيضا أن عرضه هذا نال إعجاب الأستاذ والطلبة.

وبعد عودته من دمشق، وبعد حصوله على الإجازة في الفلسفة، وتحضيره للتسجيل في دبلوم الدراسات العليا، سيجد الجابري نفسه من جديد أمام ابن خلدون، فيقول “ألح علي الأستاذ المشرف، الدكتور محمد عزيز الحبابي أن يكون موضوع بحثي “آراء ابن خلدون في كتابة التاريخ” والنظر في الكتابات التاريخية المغربية المعاصرة في ذلك الوقت، إن كانت قد استفادت من نقد ابن خلدون للمؤرخين“.

وعندما أنهى الجابري رسالة دبلوم الدراسات العليا أحس أن الدراسة التي أنجزها عن ابن خلدون لم تكن هي ما يريده، كما أن الوجهة التي نظر من خلالها إلى مقدمة ابن خلدون لم تمكنه من استثمار المادة البحثية الكبيرة التي هيأها.

لذا شرع في إعادة النظر في بحثه مع توسيع مجال الرؤية إليه من أجل إعداد كتاب مستقل، فانتهى منه أواخر عام 1968، ثم قدم الكتاب إلى أستاذه الدكتور نجيب بلدي، ليرى إن كان يصلح للنشر وليكتب له مقدمة.

وبعد أسابيع يقول الجابري: فاجأني بأن تحمس له كثيرا وطلب مني أن أسجله أطروحة لدكتوراه الدولة.

التراث ونقد العقل العربي

قلت من قبل إن الاهتمام بابن خلدون هو الذي وجه اهتمام الجابري إلى دراسة التراث، بيد أنه يمكن أن أضيف شيئا آخر أكثر أهمية مما سبق، وهو أن في أسلوب دراسته لابن خلدون تبلور المنهج النقدي الذي سيعتمده الجابري لاحقا في قراءة متون التراث.

يقول الجابري “أذكر أنني حين كنت أكتب أو أقرأ عن ابن خلدون كنت منشغلا بهاجس أساسي وهو أن التأويلات المعاصرة والمتعددة لابن خلدون تخفيه عنا.. لذلك قررت أن (أنسى) كل ما كتب عن صاحب المقدمة.. وأن لا أتخذ لي مرجعا آخر غير نصوص ابن خلدون نفسه. هكذا قررت أن أكتب عن ابن خلدون وكأن أحدا لم يكتب عنه قبلي“.

هذا المنهج في القراءة المرتكز على العودة إلى النص وتخطي مختلف التأويلات المعاصرة، هو ما سيطبقه الجابري في دراساته اللاحقة، حين شارك في العراق سنة 1975 في ندوة عن الفارابي، متعاملا مع هذا الفيلسوف بالطريقة نفسها، أي أن لا ينشغل بما كتب عنه.

ثم كانت دراسات أخرى واحدة عن ابن رشد، وأخرى عن ابن سينا، بالمنظور المنهجي نفسه، أي العودة إلى المتون والنصوص ذاتها، وصرف النظر عن قراءات الآخرين لها.



وهذه الدراسات هي التي سيجمعها الجابري ثم يصدرها في كتابه “نحن والتراث“.


مشروع نقد العقل عند الجابري ليس مجرد تاريخ لتكوين العقل العربي بل هو مشروع لإنهاض هذا العقل، إذ هو لا يمارس النقد من أجل النقد بل من أجل التحرر مما هو ميت أو متخشب في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي



كان كتاب “نحن والتراث” بطبيعته مجموعة متفرقة من الدراسات عن شخصيات فلسفية، إلا أن المقدمة المنهجية التي كتبها المؤلف خصيصا لهذه الدراسات جعلته ينظر من جديد إلى الموضوع التراثي مكتشفا وحدة خفية وإطارا عاما ينتظم الإنتاج التراثي.

وهذا الإطار هو الذي سيحاول الجابري مقاربته من خلال دراسة العقل العربي في كتابه “تكوين العقل العربي” الذي يتناول فيه تشكل هذا العقل والشروط المعرفية والتاريخية لبنائه، مع تحديد مكوناته الأبستملوجية، والتوظيف الأيديولوجي الذي تم استخدام تلك المكونات لأدائها، منتهيا إلى اختزال النظم المعرفية التي تؤسس الثقافة العربية الإسلامية، “وتشرط” العقل العربي في ثلاثة نظم هي: البيان والعرفان والبرهان، وستكون موضوع دراسته اللاحقة “بنية العقل العربي“.



والواقع أنني عندما أستعيد الآن كتاب الجابري “تكوين العقل العربي” تحضرني مقولة أحد المؤرخين جوابا عن سؤال وجه إليه: كيف اخترت التاريخ كحقل للدراسة والاشتغال؟ فأجاب قائلا “إن الناس لا تقرأ التاريخ من أجل فهم الماضي بل تقرأه من أجل فهم الحاضر“.

وعلى ضوء ذلك فإن مشروع الجابري في قراءة التراث لم يكن من أجل مطلب يتعلق بفهم الماضي حصرا، بل كان أساسا من أجل فهم الحاضر، فهو نفسه في بداية كتابه يقول “يتناول هذا الكتاب موضوعا كان يجب أن ينطلق القول فيه منذ مائة سنة. إن نقد العقل جزء أساسي وأولي من كل مشروع للنهضة“.

ويتساءل الجابري “هل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض، عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه؟”. فمشروع نقد العقل عند الجابري ليس مجرد تاريخ لتكوين العقل العربي، بل هو مشروع لإنهاض هذا العقل “فنحن لا نمارس النقد من أجل النقد، بل من أجل التحرر مما هو ميت أو متخشب في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي“.

ووصلا بما ابتدأنا به هذا المقال، نقول إن الانشغال بالتراث عند الجابري كان مرتبطا بهاجس النهوض، واستمرارا في الانشغال بهذا الهاجس الذي سينتقل من نقد العقل المعرفي إلى نقد العقل السياسي ثم العقل الأخلاقي.

وفي سياق الاهتمام بما يؤسس العقل العربي يتناول الجابري في أحدث إصدار له “مدخل إلى القرآن الكريم” نص القرآن بوصفه النص المرجعي للعقل والحضارة الإسلامية.

وبمقدار ما حظي مشروع الجابري الفكري من استحسان واحتفاء، فإنه أثار أيضا الكثير من الاستهجان والنقد.

لكن الذي يستحق الذكر من هذه الانتقادات الكثيرة هو ما أصدره الأستاذ جورج طرابيشي ضمن سلسلته تحت عنوان “نقد نقدِ العقل العربي” إذ كان عمله أوسعَ وأشملَ بحث نقدي أُنجز حول مشروع الجابري.

lazer
11-23-2009, 01:03 PM
هل هو من يقول بتحريف القرآن ؟

متعلم أمازيغي
11-23-2009, 01:34 PM
حتى لا نكون سلبيين لنتعلم أن ننظر في إيجابيات فكر معين،و أن نرى الجوانب المشرقة في أعمال المفكرين..

حتى لا نكون من الذين يمرون على طيبات و لا يقعون إلا على خبيث..و قد علم من يفعل ذلك


الدكتور الطيب بوعزة أعلم مني و منك بسلبيات الجابري لكن ذلك لم بمنعه من التعريف يالمشروع الفكري للجابري،و الوقوف عند أهم محطات مسيرته الفكرية.

الحجاج بن يوسف
11-23-2009, 09:33 PM
شكرا للزميل على التعريف بفيلسوف المغرب العربي
محمد عابد الجابري بحق من اعمدة الفكر العربي ... كم نحتاج إلى عشرات من أمثاله
كل الود

مشرف 3
11-23-2009, 10:26 PM
حتى لا نكون سلبيين لنتعلم أن ننظر في إيجابيات فكر معين،و أن نرى الجوانب المشرقة في أعمال المفكرين..

حتى لا نكون من الذين يمرون على طيبات و لا يقعون إلا على خبيث..و قد علم من يفعل ذلك

هذه المسألة تحتاج فقها في المصالح والمفاسد
هناك فرق بين من يقع خطأه في الفروع وبين من يقع خطأه في الأصول

الأول إن بلغ مبلغا من العلم جاز لنا أن نسكت عن خطئه لا سيما إن كان اختلافه مما يسع الجميع
أما الثاني حتى لو كان جهبد زمانه فقد خالف اصولا في عقيدة الإسلام فلا يحق لنا هاهنا السكوت عن أخطائه بل علينا تحذير الناس منه من غير أن ننسى أن هذا الشخص من المُتفنين في التدليل من الذين يُمررون السم في كوب العسل

متعلم أمازيغي
11-24-2009, 01:28 PM
شكلرا للأخ المشرف 3 على مروره

و اعذرني فإني لم أعي ما تقصده بفقه المصالح و المفاسد؟

لعلك تقصد ما يسمى بفقه الموازنات و المقارنة بين المصالح و المفاسد المترتبة عن أمر ما؟ فما علاقة ذلك بموضوعنا؟

و لا أظن أن هناك مسلم يستطيع أن يسكت عن أخطاء الجابري و تشكيكاته،لكن الرجل عن حق مفكر خبير و فيلسوف كبير،و أعماله تستحق القراءة و الاهتمام،خاصة تلك المتعلقة بالتراث (قبل اهتمامه بالقرآن) مثل نحن و التراث و تكوين العقل العربي و بنية العقل و العقل السياسي و العقل الأخلاقي..

أما ما قاله عن القرآن فلا يهمنا في شئ هنا...و الكاتب الطيب لم يقم بقراءة نقدية للمفكر.

فخر الدين المناظر
11-24-2009, 11:07 PM
الجابري يبقى عندي فيلسوفا علمانيا اختلط الحابل والنابل عليه بامتياز وهذا عن وعي وقراءة لمؤلفاته حول القرآن العظيم ... سواء امتدحه الدكتور الطيب أم لا.

لكن سبق أن قلتُ في أحد الروابط ان الجابري خطير جدا في منهجيته، وقدراته وموهبته على إيصال فكره ...

والدكتور بوعزة لم يتطرق للنقد -وكنت أتمنى منه ان يخصص للجابري وقتا- بل فقط امتدح منهجه، وفي الحقيقة أرى بأن الدكتور يسوق لكتابات الجابري في حين أننا نريد رد النخبة المخدوعة إلى منهج الله عز وجل وأن نسقط أولئك المتلبسين بالعلم ظاهرا ويهدفون إلى نقد الإسلام باطنا.
أما طريقة التفكير ومناهجه فهذه موجودة عند الصالح والطالح، فـ فبيورباخ ونيتشه وسارتر وهايدغر ملاحدة لكن لهم مناهج في التفكير متميزة، لهذا فكل مفكر عنده منهج ومجموعة بناءات لكن ذلك لا ينفي عنهم الضلال والدعوة إلى الكفر.

لهذا فأعتبر بأن الدكتور بوعزة ما كان عليه أن يكتب هذا المقال في ظل هذا الدعم الذي يجده الجابري من العلمانية ... هذا فضلا عن أن الدكتور بوعزة لم يبلغ مبلغ العالم المرجع الذي يزكي فكرا ما أو يسقطه.

الدكتور بوعزة حفظه الله أخ ورفيق في الدعوة على الشبكة أحبه في الله، لكن الحق أحب إلينا من الرجال... وأتمنى بأن لا يكون كلامي ثقيلا على صدره.. وقد أجملتُ المداخلة ولم أرد التكلم بالتفصيل.

يحيى
11-26-2009, 11:46 PM
أنا أتفق مع الدكتور الطيب و كذلك مع الدكتور فخر الدين بارك الله فيكم و زادكم علما و حكمة
إذا كان الجابري يمرر السم في العسل فعلى المفكرين الذين يكتبون عن ايجابياته أن يمرروا انتقادا لخنفشرياته بين السطور حتى ينتبه الناس لهذا و ذاك.

شكرا اخي الاستاذ متعلم الامازيغي على الموضوع

بارك الله فيكم جميعا و عيدكم مبارك سعيد

memainzin
05-05-2010, 11:32 AM
فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ

اعترافات .. محمد عابد الجابري ..!



سليمان بن صالح الخراشي

هو : محمد عابد الجابري ، يكشف فيه بإيجاز عن الهدف الذي يسعى إليه من خلال كتبه ومشاريعه النقدية لما يسميه العقل العربي .. ، وكما هو معلوم للمتابعين فإن الجابري يعد على قائمة الرموز الذين تأثر بهم قلة من شبابنا المرضى بما يسمى ( العصرنة ) التي انتقلوا إليها من الطرف الآخر ( الغلو والتشدد ) !

. حيث عكفوا على كتبه وتأثروا بها ، فصبغتهم بأفكارها وألفاظها ، فأصبح مايهمه يهمهم ، مما أدى بهم إلى تحقيق شيئ من أمنياته على أرض الواقع كما سيأتي - إن شاء الله - .

سئل أحد هؤلاء المرضى عن الكتب التي أثرت في عقله ( القروي ) فقلبته 180 درجة !! فقال - بالنص - : ( أماالكتب المعاصرة فساذكر لك عناوين عابرة ربما تفيد :تكوين العقل العربي ، وبنية العقل العربي كلاهما لمحمد عابد الجابري) .

هذا الاعتراف للجابري ورد في مقابلة أجراها معه الكاتب ( عبدالإله بلقزيز ) في مجلة : المستقبل العربي ، العدد 278. أبان فيه عن سعيه إلى تحقيق الحداثة ( ! ) من خلال التراث لا من خارجه كما يفعل ( العلمانيون ) الفاشلون ! الذين لم تنجح دعوتهم لتغريب المجتمع المسلم؛ لأنها أتت من خارجه . أما هو فسوف يلجأ إلى أسلحة التراثيين ! ويجعلها ترتد في نحورهم ! في محاولة خبيثة لإعادة تشكيل العقل والتاريخ والتراث حسب ما يريد . ومن هنا تأتي الخطورة !هذا المعجبون به لدينا ،وقد تابعه على وحاولوا نقل مشروعه .....

يقول تركي الربيعو في كتابه ( المحاكمة والإرهاب ، ص 32 ) : ( الخطاب العربي المعاصر هو خطاب محكوم بسلف ، والمطلوب تحريره من ربقة السلف . هذا ما قادنا إليه الجابري ) .

يقول بلقزيز في سؤاله :
( مع كل هذا العطاء العلمي في ميدان الدراسات التراثية ، مقرونا بإطلالة غير منقطعة على أسئلة العصر وأسئلة الفكر الحديث ، هل ما زلت مقتنعا بأن الطريق إلى كسب مطالب العقلانية والحداثة والتقدم تمر حتما عبر تبيئتها وتأصيلها وعبر ربط الجسور باللحظات الحية والتقدمية في تراثنا ؟ أم انك أفسحت مجالا آخر ؟ أو تتفهم ذاك المجال الذي يمكن أن يكون ساحة لمنافذ أخرى قصد طلب هذه القيم والمبادئ ، طبعا دون المرور بمسائل التراث ؟

فيرد الجابري : إن وجهة نظري في هذا الموضوع تعبر عن اقتناع شخصي ليس فقط من خلال تجربتي منذ البداية ، وأنا على اتصال بالطلاب والمثقفين ، بل أيضا لأن هذا الاقتناع تكون لدي أساسا كنتيجة النظر في تاريخ النهضة العربية . أنت تعرف أنه كانت هناك ثلاثة تيارات معروفة ؛ هي التيار السلفي والتيار الليبرالي و التيار التوفيقي أو التلفيقي ، وأنت تعرف أن تجربة مائة سنة قد أسفرت عن جمود الحركة في هذه التيارات ، فلا أحد منها تطور وحقق أهدافه ، بل كل ما حدث هو اجترار وعود على بدء مستمر . لقد استنتجت من ذلك تلك القضية الأساس التي أدافع عنها وهي أن التجديد لا يمكن أن يتم إلا من داخل تراثنا باستدعائه واسترجاعه استرجاعا معاصرًا لنا ، وفي الوقت ذاته بالحفاظ له على معاصرته لنفسه ولتاريخيته ، حتى نتمكن من تجاوزه مع الاحتفاظ به (!) وهذا هو التجاوز العلمي الجدلي .

هذا هو اقتناعي إذا كنا نفكر في الأمة العربية و الإسلامية كمجموع ، وليس كنخبة محصورة العدد متصلة ببعض مظاهر الحداثة ، تنظرالى نفسها في مرآتها وتعتقد أن الوجود كله هو ما يرى في تلك المرآة . هذا في حين أن هذه النخبة صغيرة ، قليلة ، ضعيفة الحجة أمام التراثيين . والمطلوب منا في ما يخص الحداثة ليس أن يحدث المحدثون أنفسهم ، بل أن ينشروا الحداثة على أوسع نطاق ، والنطاق الأوسع هو نطاق التراث . فإذا لم نكن على معرفة دقيقة وعامة بالتراث وأهله فكيف يمكن أن نطمع في نشر الحداثة فيه ، أن نجدد فيه ، أن ندشن عصر تدوين في مجالاته ) .

ويقول في نفس المقابلة عن إحدى أمنياته :
( لو كان لدي ، وكان لدي مثل هذا الميل نحو مشروع إصلاحي ؛ لكان في برنامجي الاشتغال على ابن تيمية أيضا ، ولقدمت للقراء وجهًا آخر عنه ، يختلف عن الوجه السائد والمؤدلج ..) !

قلت : وقد وعدنا بعض تلاميذ الجابري عندنا بأنه سيقوم بهذه المهمة ، وسوف يبين لنا جهلنا بالشخصية الحقيقية لشيخ الإسلام - رحمه الله - !

ولا تعجب من هذا ..

فقد حرفت نصوص نبوية ..

وتؤلت آيات قرانية ..

فما ظنك بابن تيمية .. ؟!

الخلاصة : أن خطة القوم تقوم على التغيير من داخل البيت الإسلامي ، لا من خارجه من خلال العبث بالنصوص الشرعية بتأويلها وتفريغها من محتواها ( الحقيقي ) ، واستبداله بالمحتوى الذي يريدون ..

فيا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ...

ولاتغتروا بتلبيسات مدعي ( الإصلاح ) و ( تجديد الخطاب الديني ) ........... ولو كانوا من ذوي ( اللحى ) !

تنبيه : من أراد معرفة انحرافات الجابري والرد على أفكاره فليرجع مكرما إلى رسالة ( نظرات شرعية في فكر منحرف )

http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/12.htm

عَرَبِيّة
05-09-2010, 05:34 AM
أكَّد فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة -المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"- أن الدكتور محمد عابد الجابري الذي وافته المنية الأسبوع الماضي لم يكن عنده خصومة مع أمته، وكان يبحث عن طريق للنهضة وعن سرّ التخلف، كما أنه توجه خلال الفترة الأخيرة لمعالجة قضية الفكر الإسلامي بروح إسلامية على الرغم من الاختلاف معه حول عدد من المفاهيم.

مشيراً إلى أنه كان يدون الملاحظات على كتبه بقصد إرسالها للجابري، وأنه من الخطأ اعتبار الإنسان كائناً لا يتغير ولا ينتقل من مرحلة إلى أخرى.

وفي تعليقه على وفاة الجابري خلال حلقة أمس من برنامج "الحياة كلمة" أوضح العودة أن "الجابري بدأ ماركسيًّا، ولكن كالمعتاد الماركسيون غالبًا يتحولون إلى قوميين، ووجدوا أن الرافد الإسلامي في نهاية المطاف هو الأساس الذي يمكن أن يستندوا إليه في مواجهة طوفان العولمة".

وأضاف د. سلمان العودة : " لقد قرأت لمحمد عابد الجابري -رحمه الله- الكثير من كتبه وسيرته الذاتية (نقوش على الذاكرة)، والحق يقال إن هذا الرجل لم يكن عنده خصومةٌ مع أمته وكان يبحث عن طريق للنهضة وعن سر التخلف".

وتابع فضيلته: "أنا أقول دائمًا للناس الذين يتكلمون عن الأشخاص: عليكم أن تدركوا أن الأشخاص ليسوا حجارة أو حديداً، وإنما هم أناس يتمرحلون أي يمرُّون عبر مراحل، ولذلك أن يكون عند الإنسان روح الاعتدال وعدم الإطاحة، هذا معنى مهم ويجب أن نتفهمه".

وأشار الشيخ العودة إلى أنه قرأ قبل فترة كتاب الجابري (المدخل للقرآن الكريم) والذي يعد من آخر كتاباته وقال: "وجدت أن هذا الكتاب مقلق، في بعض مواضع به، على الأقل أنه لم يوصل الرسالة بشكل جيد، و كنت في ماليزيا وأعطاني أحد دكتور سوري نقدًا لكتاب جديد للجابري اسمه (فهم القرآن الحكيم) وسألته عن الكتاب قال: هذا يعتبر أحسن من غيره".

وأردف: "فاشتريت هذا الكتاب وبدأت أقرأه ومنذ بدأت أقرؤه والقلم معي كنت أكتب ملاحظاتٍ وأرسلُها للدكتور محمد عابد الجابري بعدما أنتهي منها ليطَّلعَ عليها، ملاحظات موضوعية هادئة لا تتعلق بقضية المختلف فيه بقدر ما تتعلق بنقاط ربما خانه فيها عدم التخصص".

وأوضح الشيخ سلمان أنه من خلال هذا الكتاب (فهم القرآن الحكيم) والذي يقع في ثلاث مجلدات، اقترب الجابري كثيرًا من الجو الإسلامي فمثلًا أصبح ينقل عن الطبري، والشنقيطي، كما أن روح سيد قطب وأسلوبه ليسا بعيدين عن الكتاب، حيث يعتمد على الدلالات اللغوية و الشرعية، أشبه ما يكون بكتاب تفسير.

ولفت الدكتور العودة إلى أن القارئ للكتاب يحس بأن الجابري يتكلم عن قضية الإلوهية وقضية النبوة بإيمان، إذًا هو رجل كان مخلصًا لأمته، حريصًا على معرفة مواضع العلل وعلى الرقي بها، وكان في تصاعد في مستمرّ، ربما هذا الكتاب (فهم القرآن الحكيم) طبعًا نختلف معه في أشياء كثيرة ومفاهيم لكن واضح جدًّا أنه توجه لمعالجة قضية الفكر الإسلامي بروح إسلامية وبأدوات إسلامية وأتى البيوت من أبوابها كما يقال، فقرأ معظم كتب التفسير وبدأ يناقش هذه الكتب.

وتابع: "وإن كان حتى الكتاب نفسه جعل ترتيب السور على حسب ترتيب النزول مع أنه فيه خلاف قوي جدًّا في مراحل ترتيب النزول، وكذلك كتب الآيات بطريقة عادية لأنه يريد أن يستطيع الجيل الجديد قراءتها.. إلا أن كل هذه الأشياء يمكن أن نتناقش فيها، ونختلف معه فيها، لكن من الواضح أن الروح التي كتبت فيها الكتاب هي روح نستطيع أن نقول عنها باطمئنان أنها روح إسلامية".

وأكد العودة أنه من الخطأ النظر إلى أي مفكر عربي أو إسلامي في مرحلة واحدة والتوقف عندها، واعتبار ما بعدها هو ذر للرماد في العيون، أو ما أشبه ذلك، مشيرًا إلى أن المفكر كائن حي يتطور وينمو ويكبر وينتقل؛ ولذلك أي إنسان من الطبيعي أن يمرَّ بمراحل وكل واحد في الوجود من البشر العاديين يمر بمراحل، ولذلك من الخطأ أنك تقف عند مرحلة معينة وتدينه بها.

مؤكداً أن هذا التصور يعد قصوراً في الفهم وحكما على النفس وليس على الآخر بالإدانة ، لأن الآخر قد انتقل من هذه المرحلة وتعدَّاها وتجاوزَها.

ولفت د. العودة في ختام حديثه عن الدكتور الجابري إلى أن بعض الناس ينتظرون من الكاتب أو المفكر أو من أي شخص أنه لا بدَّ أن يكتب "أنه كان فصار"، مشيراً إلى أن القضية ليست على هذا النحو وإنما القضية هي أن هو يقول للناس خذوني وادرسوني من بدايتي إلى نهايتي.

عن موقع الإسلام اليوم " المصدر (http://www.islamtoday.net/salman/artshow-78-132428.htm) "