ماكـولا
12-07-2009, 11:37 PM
.:الحجاج بن يوسف الثقفي:.
هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي أمير العراق أبو محمد. ولد سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، كان فصيحاً بليغاً مفوهاً، فاسقاً ظلوماً، غشومَاً سفاكاً للدماء، روى أنه لم يرضع الثدي حتى قال بعض الكهان: اذبحوا له ثلاث جدي، وألعقوه بعض دمها، وغسلوه بالدم، ففعلوا؛ فلذلك آتى يحب سفك الدم.
واعلم ان العلماء اختلفوا في تكفيره
قال ابن العربي "الحجاج ظالم معتدي ملعون على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم من طرق خارج عن الإسلام عندي باستخفافه بالصحابة كابن عمر وأنس كذا ذكره في المعارضة
قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم، ما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة.
وقال ابن سيرين: إني لأرجو للحجاج ما أرجو لأهل لا إله إلا الله، فبلغ قوله الحسن - يعني البصري - فقال: أما واللّه ليخلفن اللّه رجاءه فيه.
قال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبد العزيز يبغضُ الحجاج، فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: اللهم اغفر لي؛ فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.
وقال الأصمعي: أَنشَدَ الحجاج لما احتضر: من البسيط:
يَا رَب قَد حَلَفَ الأَعدَاءُ وَاجتَهَدُوا ... بأنَنِي رَجُلٌ مِن سَاكنِي النارِ
أيحلفُونَ عَلَى عمياءَ؟ وَيحَهُمُ ... ما عِلمُهُم بعظيمِ العَفوِ غَفَّارِ
فأخبر الحسن بذلك، فقال: إن نجا فبهما.
وروى أن الحسن حين أخبر بموت الحجاج، سجد شكراً للّه.
قال العباس الأزرق، عن السري بن يحيى قال: مَر الحَجاج في يوم جمعة، فسمع استغاثة فقال: ما هذا؟ قيل: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، فقال: قولوا لهم: " قَالَ اَخسئوُا فِيهَا وَلا تُكلِمُونِ " " المؤمنون: 108 " قال فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جمعة. "
سمط النجوم العوالي في أنباء العوالي 2-120-138
وكان مرضه بالآكلة وقعت في باطنه فدعا بالطبيب لينظر إليها فأخذ لحماً وعلّقه في خيط وسرَّحه في حلقه وتركه ساعة ثم أخرجه وقد لصق به دود كثير."
الوافي بالوفيات" 8-44
وقال رجل لسفيان: أشهد على الحجاج وعلى أبي مسلم أنهما في النار فقال: لا، إذا أقرّا بالتوحيد." المرجع السابق"
وجلس الحجاج يوماً لقتل أصحاب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، فقام رجل منهم فقال: أصلح الله عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، قال: سبك عبد الرحمن يوماً فرددت عليه، فقال: من يعلم ذلك قال: أنشد الله رجلاً سمع ذلك إلا شهد به، فقام رجل من الأسرى فقال: قد كان ذاك أيها الأمير، قال: خلوا عنه، ثم قال للشاهد: فما منعك أن تنكر كما أنكر قال: لقديم بغضي إياك، قال: ولنخل عنه لصدقه."
وفات الأعيان2-29
وذكر الحسن بن محمد بن هلال الصابئ أن الحجاج انفرد يوماً عن عسكره فمر برجل يسقي ضيعة له، فقال له: كيف حالكم مع أميركم فقال: لعنه الله، المبيد المبير الحقود، عجل الله الانتقام منه، فقال له: تعرفني قال: لا والله، قال: أنا الحجاج، فرأى الرجل أن دمه قد طاح فرفع عصاً كانت معه وقال: أتعرفني أنا أبو ثور المجنون، وهذا يوم صرعي، وأزبد وأرغى وهاج وأراد أن يضرب رأسه بالعصا، فضحك منه وانصرف. "
وفيات الأعيان 2-29"
وعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم. بخاري
عن أبي نوفل: رأيت عبدالله بن الزبير على عقبة المدينة قال فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبدالله بن عمر فوقف عليه فقال السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير ثم نفذ عبدالله بن عمر
فبلغ الحجاج موقف عبدالله وقوله فأرسل إليه فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك
قال فأبت وقالت والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني
قال فقال أروني سبتي فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال كيف رأيتني صنعت بعدو الله ؟
قالت رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين أنا والله ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا إخالك إلا إياه قال فقام عنها ولم يراجعها. رواه مسلم
( أبا خبيب ) كنية ابن الزبير كنى بابنه خبيب وكان أكبر أولاده
( والله لأمة انت شرها أمة خير )قال النووي هكذا هو في كثير من نسخنا لأمة خير وكذا نقله القاضي عن جمهور رواة صحيح مسلم وفي اكثر نسخ بلادنا لأمة سوء ونقله القاضي عن رواية السمرقندي قال وهو خطأ وتصحيف
( ثم نفذ ) أي انصرف
( من يسحبك بقرونك ) أي يجرك بضفائر شعرك
( أروني سبتي ) السبت هي النعل التي لا شعر عليها
( يتوذف ) يسرع وقال أبو عمرو معناه يتبختر
( ذات النطاقين ) قال العلماء النطاق أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل تفعل ذلك عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها
( كذابا ) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي كان شديد الكذب ( مبيرا ) أي مهلكا
( إخالك ) أظنك
وعن عبد الله بن عصم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في ثقيف : كذاب ومبير
قال أبو عيسى : يقال الكذاب المختار بن أبي عبيد و المبير الحجاج بن يوسف
حدثنا أبو داود سليمان بن سلم البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن هشام ابن حسان قال : أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل. رواه الترمذي
الحجاج وابن الزبير وجها لوجه:.
كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بضعف ابن الزبير وتفرُق أصحابه، ويستأذنه في دخول الحرم لحصار ابن الزبير ويستمده، فكتب عبد الملك إلى طارق باللحاق بالحجاج، فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين...
سار إلى الحجاج بمكة في خمسة آلاف، ولما قدم الحجاج مكة، أحرَم بحجة ونزل بئر ميمون، وحج بالناس، ولم يطف ولا سعى، وحصر ابن الزبير عن عرفة فنحر بدنه بمكة. ولم يمنع الحجاج من الطواف والسعي، ثم نصب الحجاج المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة...
كانت الحجارة تقع بين يدي ابن الزبير، وهو يصلي فلا ينصرف، ولم يزل القتال بينهم، وغلت الأسعار، وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح ابن الزبير فرسه، وقسم لحمه في أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمُد من الذرة بعشرين، وبيوت ابن الزبير مملوءة قمحَاً وشعيراً وذرة وتمراً، ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق يقوي به نفوس أصحابه، ثم أجهدهم الحصار.
وبعث الحجاج إلى أصحاب ابن الزبير بالأمان، فخرج إليه منهم نحو عشرة آلاف وافترق الناس عنه، وكان ممن فارقه ابناه حمزة وخبيب، وأقام ابنه الزبير حتى قتل معه، وحرض الحجاج الناس، وقال: قد ترون قلة أصحاب ابن الزبير وما هم فيه من الجهد والضيق، فتقدموا وملئوا ما بين الحجون إلى الأبواب
حوار بين الأم وابنها:.
دخل ابن الزبير على أمه أسماء، وقال: يا أمه، قد خذلني الناس حتى ولدي، والقوم يعطونني ما أردتُ من الدنيا فما رأيك؟ فقالت له: أنت أعلم بنفسك، إن كنت على حق، وتدعو إليه، فامض له؛ فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكِّن من رقبتك تلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا، فبئس العبد أنتَ أهلكْتَ نفسك ومن قتل معك، وإن قلت: كنت على حق، فلما وهن أصحابي، ضعفتُ، فليس هذا بفعل الأحرار ولا أهل الدين.
فقال: يا أمه، أخاف أن يمثلوا بي ويصلبوني، فقالت: يا بني، الشاة لا تألم بالسلخ، فامض على بصيرتك واستعز باللّه، فقبل رأسها، وقال: هذا رأيي الذي خرجتُ به داعياً إلى يومي هذا، وما ركنت إلى الدنيا، وما أخرجني إلا الغضب لله، وأن تستحلَّ حرماته، لكن أحببت أن أعلم رأيك، فقد زدتني بصيرة، وإني يا أمه في يومي هذا مقتول، فلا يشتد حزنك وسلمي الأمر لله، فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عملا بفاحشة، ولم يخن ولم يغدر، ولم يظلم، ولم يقر على الظلم، ولم يكن عندي آثر من رضا اللّه تعالى، اللهم، لا أقول هذا تزكية لنفسي، لكن تعزية لأمي حتى تسلو عني. فقالت: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك جميلا، إن تقدمتنِي، أحتسبك، وإن ظفرتَ، سررت بظفرك، ثم قالت: اخرج حتى أنظر إلامَ يصير أمرك، فقال: جزاك الله خيرَاً، فلا تدعي الدعاء، فدعت له، فودعها وودعته، ولما عانقته للوداع، وقعت يدها على الدرع، فقالت: ما هذا صنيعُ مَنْ يريد ما تريد، فقال: ما لبسته إلا لأشد منك، فقالت: إنه لا يشد مني، فنزعها، وقالت له: البس ثيابك مشمرة.
مقتل ابن الزبير:.
خرج فحمل على أهل الشام حملة منكرة، فقتل منهم، ثم انكشف هو وأصحابه، وأشار عليه بعضهم بالفرار، فقال: بئس الشيخ أنا في الإسلام إن أوقعت قومَاً قتلوا، ثم فررت على مثل مصارعهم.
وامتلأت أبواب المسجد بأهل الشام، والحجاج وطارق بناحية الأبطح إلى المروة، وابن الزبير يحمل على هؤلاء وهؤلاء وينادي أبا صفوان لعبد الله بن صفوان ابن أمية بن خلف، فيجيبه من جانب المعرك.
ولما رأى الحجاج إحجامَ الناسِ عن ابن الزبير، غضب وترجل وصمد إلى صاحب الراية بين يديه، فتقدم ابن الزبير إليهم عنه وكشفه، ورجع فصلى ركعتين عند المقام، وحملوا على صاحب الراية، فقتلوه عند باب بني شيبة، وأخذوا الراية، ثم قاتلهم وابن مطيع معه حتى قتل.
ويقال: أصابته جراحة، فمات منها بعد أيام.
بطل على الصليب:.
أصابته جراحة في وجهه، فأرعش لها ودمى وجهه، ثم قاتل قتالا شديدَاً، وقتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وحمل رأسه إلى الحجاج فسجد، وكبَّر أهل الشام، وسار الحجاج وطارق حتى وقفا عليه وبعث الحجاج برأسه، ورأس عبد الله بن صفوان، ورأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك، وصلب جثته منكسة على ثنية الحجون اليمني، وبعثت إليه أسماء في دفنه فأبى، وكتب إليه عبد الملك يلومه على ذلك، فخلى بينها وبينه.
هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي أمير العراق أبو محمد. ولد سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، كان فصيحاً بليغاً مفوهاً، فاسقاً ظلوماً، غشومَاً سفاكاً للدماء، روى أنه لم يرضع الثدي حتى قال بعض الكهان: اذبحوا له ثلاث جدي، وألعقوه بعض دمها، وغسلوه بالدم، ففعلوا؛ فلذلك آتى يحب سفك الدم.
واعلم ان العلماء اختلفوا في تكفيره
قال ابن العربي "الحجاج ظالم معتدي ملعون على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم من طرق خارج عن الإسلام عندي باستخفافه بالصحابة كابن عمر وأنس كذا ذكره في المعارضة
قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم، ما كان يصلح لدنيا ولا لآخرة.
وقال ابن سيرين: إني لأرجو للحجاج ما أرجو لأهل لا إله إلا الله، فبلغ قوله الحسن - يعني البصري - فقال: أما واللّه ليخلفن اللّه رجاءه فيه.
قال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبد العزيز يبغضُ الحجاج، فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: اللهم اغفر لي؛ فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.
وقال الأصمعي: أَنشَدَ الحجاج لما احتضر: من البسيط:
يَا رَب قَد حَلَفَ الأَعدَاءُ وَاجتَهَدُوا ... بأنَنِي رَجُلٌ مِن سَاكنِي النارِ
أيحلفُونَ عَلَى عمياءَ؟ وَيحَهُمُ ... ما عِلمُهُم بعظيمِ العَفوِ غَفَّارِ
فأخبر الحسن بذلك، فقال: إن نجا فبهما.
وروى أن الحسن حين أخبر بموت الحجاج، سجد شكراً للّه.
قال العباس الأزرق، عن السري بن يحيى قال: مَر الحَجاج في يوم جمعة، فسمع استغاثة فقال: ما هذا؟ قيل: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، فقال: قولوا لهم: " قَالَ اَخسئوُا فِيهَا وَلا تُكلِمُونِ " " المؤمنون: 108 " قال فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جمعة. "
سمط النجوم العوالي في أنباء العوالي 2-120-138
وكان مرضه بالآكلة وقعت في باطنه فدعا بالطبيب لينظر إليها فأخذ لحماً وعلّقه في خيط وسرَّحه في حلقه وتركه ساعة ثم أخرجه وقد لصق به دود كثير."
الوافي بالوفيات" 8-44
وقال رجل لسفيان: أشهد على الحجاج وعلى أبي مسلم أنهما في النار فقال: لا، إذا أقرّا بالتوحيد." المرجع السابق"
وجلس الحجاج يوماً لقتل أصحاب عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، فقام رجل منهم فقال: أصلح الله عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، قال: سبك عبد الرحمن يوماً فرددت عليه، فقال: من يعلم ذلك قال: أنشد الله رجلاً سمع ذلك إلا شهد به، فقام رجل من الأسرى فقال: قد كان ذاك أيها الأمير، قال: خلوا عنه، ثم قال للشاهد: فما منعك أن تنكر كما أنكر قال: لقديم بغضي إياك، قال: ولنخل عنه لصدقه."
وفات الأعيان2-29
وذكر الحسن بن محمد بن هلال الصابئ أن الحجاج انفرد يوماً عن عسكره فمر برجل يسقي ضيعة له، فقال له: كيف حالكم مع أميركم فقال: لعنه الله، المبيد المبير الحقود، عجل الله الانتقام منه، فقال له: تعرفني قال: لا والله، قال: أنا الحجاج، فرأى الرجل أن دمه قد طاح فرفع عصاً كانت معه وقال: أتعرفني أنا أبو ثور المجنون، وهذا يوم صرعي، وأزبد وأرغى وهاج وأراد أن يضرب رأسه بالعصا، فضحك منه وانصرف. "
وفيات الأعيان 2-29"
وعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم. بخاري
عن أبي نوفل: رأيت عبدالله بن الزبير على عقبة المدينة قال فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبدالله بن عمر فوقف عليه فقال السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا أما والله إن كنت ما علمت صواما قواما وصولا للرحم أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير ثم نفذ عبدالله بن عمر
فبلغ الحجاج موقف عبدالله وقوله فأرسل إليه فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك
قال فأبت وقالت والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني
قال فقال أروني سبتي فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف حتى دخل عليها فقال كيف رأيتني صنعت بعدو الله ؟
قالت رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك بلغني أنك تقول له يا ابن ذات النطاقين أنا والله ذات النطاقين أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا فأما الكذاب فرأيناه وأما المبير فلا إخالك إلا إياه قال فقام عنها ولم يراجعها. رواه مسلم
( أبا خبيب ) كنية ابن الزبير كنى بابنه خبيب وكان أكبر أولاده
( والله لأمة انت شرها أمة خير )قال النووي هكذا هو في كثير من نسخنا لأمة خير وكذا نقله القاضي عن جمهور رواة صحيح مسلم وفي اكثر نسخ بلادنا لأمة سوء ونقله القاضي عن رواية السمرقندي قال وهو خطأ وتصحيف
( ثم نفذ ) أي انصرف
( من يسحبك بقرونك ) أي يجرك بضفائر شعرك
( أروني سبتي ) السبت هي النعل التي لا شعر عليها
( يتوذف ) يسرع وقال أبو عمرو معناه يتبختر
( ذات النطاقين ) قال العلماء النطاق أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل تفعل ذلك عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها
( كذابا ) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي كان شديد الكذب ( مبيرا ) أي مهلكا
( إخالك ) أظنك
وعن عبد الله بن عصم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في ثقيف : كذاب ومبير
قال أبو عيسى : يقال الكذاب المختار بن أبي عبيد و المبير الحجاج بن يوسف
حدثنا أبو داود سليمان بن سلم البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن هشام ابن حسان قال : أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألف قتيل. رواه الترمذي
الحجاج وابن الزبير وجها لوجه:.
كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بضعف ابن الزبير وتفرُق أصحابه، ويستأذنه في دخول الحرم لحصار ابن الزبير ويستمده، فكتب عبد الملك إلى طارق باللحاق بالحجاج، فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين...
سار إلى الحجاج بمكة في خمسة آلاف، ولما قدم الحجاج مكة، أحرَم بحجة ونزل بئر ميمون، وحج بالناس، ولم يطف ولا سعى، وحصر ابن الزبير عن عرفة فنحر بدنه بمكة. ولم يمنع الحجاج من الطواف والسعي، ثم نصب الحجاج المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة...
كانت الحجارة تقع بين يدي ابن الزبير، وهو يصلي فلا ينصرف، ولم يزل القتال بينهم، وغلت الأسعار، وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح ابن الزبير فرسه، وقسم لحمه في أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمُد من الذرة بعشرين، وبيوت ابن الزبير مملوءة قمحَاً وشعيراً وذرة وتمراً، ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق يقوي به نفوس أصحابه، ثم أجهدهم الحصار.
وبعث الحجاج إلى أصحاب ابن الزبير بالأمان، فخرج إليه منهم نحو عشرة آلاف وافترق الناس عنه، وكان ممن فارقه ابناه حمزة وخبيب، وأقام ابنه الزبير حتى قتل معه، وحرض الحجاج الناس، وقال: قد ترون قلة أصحاب ابن الزبير وما هم فيه من الجهد والضيق، فتقدموا وملئوا ما بين الحجون إلى الأبواب
حوار بين الأم وابنها:.
دخل ابن الزبير على أمه أسماء، وقال: يا أمه، قد خذلني الناس حتى ولدي، والقوم يعطونني ما أردتُ من الدنيا فما رأيك؟ فقالت له: أنت أعلم بنفسك، إن كنت على حق، وتدعو إليه، فامض له؛ فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكِّن من رقبتك تلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا، فبئس العبد أنتَ أهلكْتَ نفسك ومن قتل معك، وإن قلت: كنت على حق، فلما وهن أصحابي، ضعفتُ، فليس هذا بفعل الأحرار ولا أهل الدين.
فقال: يا أمه، أخاف أن يمثلوا بي ويصلبوني، فقالت: يا بني، الشاة لا تألم بالسلخ، فامض على بصيرتك واستعز باللّه، فقبل رأسها، وقال: هذا رأيي الذي خرجتُ به داعياً إلى يومي هذا، وما ركنت إلى الدنيا، وما أخرجني إلا الغضب لله، وأن تستحلَّ حرماته، لكن أحببت أن أعلم رأيك، فقد زدتني بصيرة، وإني يا أمه في يومي هذا مقتول، فلا يشتد حزنك وسلمي الأمر لله، فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر، ولا عملا بفاحشة، ولم يخن ولم يغدر، ولم يظلم، ولم يقر على الظلم، ولم يكن عندي آثر من رضا اللّه تعالى، اللهم، لا أقول هذا تزكية لنفسي، لكن تعزية لأمي حتى تسلو عني. فقالت: إني لأرجو أن يكون عزائي فيك جميلا، إن تقدمتنِي، أحتسبك، وإن ظفرتَ، سررت بظفرك، ثم قالت: اخرج حتى أنظر إلامَ يصير أمرك، فقال: جزاك الله خيرَاً، فلا تدعي الدعاء، فدعت له، فودعها وودعته، ولما عانقته للوداع، وقعت يدها على الدرع، فقالت: ما هذا صنيعُ مَنْ يريد ما تريد، فقال: ما لبسته إلا لأشد منك، فقالت: إنه لا يشد مني، فنزعها، وقالت له: البس ثيابك مشمرة.
مقتل ابن الزبير:.
خرج فحمل على أهل الشام حملة منكرة، فقتل منهم، ثم انكشف هو وأصحابه، وأشار عليه بعضهم بالفرار، فقال: بئس الشيخ أنا في الإسلام إن أوقعت قومَاً قتلوا، ثم فررت على مثل مصارعهم.
وامتلأت أبواب المسجد بأهل الشام، والحجاج وطارق بناحية الأبطح إلى المروة، وابن الزبير يحمل على هؤلاء وهؤلاء وينادي أبا صفوان لعبد الله بن صفوان ابن أمية بن خلف، فيجيبه من جانب المعرك.
ولما رأى الحجاج إحجامَ الناسِ عن ابن الزبير، غضب وترجل وصمد إلى صاحب الراية بين يديه، فتقدم ابن الزبير إليهم عنه وكشفه، ورجع فصلى ركعتين عند المقام، وحملوا على صاحب الراية، فقتلوه عند باب بني شيبة، وأخذوا الراية، ثم قاتلهم وابن مطيع معه حتى قتل.
ويقال: أصابته جراحة، فمات منها بعد أيام.
بطل على الصليب:.
أصابته جراحة في وجهه، فأرعش لها ودمى وجهه، ثم قاتل قتالا شديدَاً، وقتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وحمل رأسه إلى الحجاج فسجد، وكبَّر أهل الشام، وسار الحجاج وطارق حتى وقفا عليه وبعث الحجاج برأسه، ورأس عبد الله بن صفوان، ورأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى عبد الملك، وصلب جثته منكسة على ثنية الحجون اليمني، وبعثت إليه أسماء في دفنه فأبى، وكتب إليه عبد الملك يلومه على ذلك، فخلى بينها وبينه.