المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إبليس بين سفاهة أتباعه و لعن أعداءه



محمد عبد الرحمن
06-14-2005, 07:55 AM
هل عصى إبليس ربه حين رفض السجود لآدم ؟ وهل رفضه دلالة على توحيده لله عز و جل ؟ وهل رفضه يعتبر طاعة أم عصيانا ؟ و أسئلة أخرى يرمي بها الملاحدة و المشككون كشبهات للصد عن دين الله .

و لكن ما الفرق بين الطاعة و المعصية ؟
و لكي تقع التفرقة بين الطاعة و المعصية يجب تبيين معنى " التقدير الإلهي"

التقدير الإلهي هو تعليق صفة العلم الإلهي و صفة الإرادة الإلهية بالمقدر و كلتا هاتين الصفتين أزلية أبدية كذاته سبحانه و تعالى .فهو الأزلي الأبدي الأول بلا بداية و الآخِر بلا نهاية .
و الشؤون كلها مكشوفة لله سبحانه و تعالى أزلا بصفة العلم فلم يخف عليه شيء منها . لقد علمها بأوصافها الكلية و الجزئية فلم يعزب عنه مثقال ذرة منها . و لم يتجدد له سبحانه علم بمعلوم . فكل معلوم موجودا قد تعلق العلم الإلهي به أزلا قبل وجوده و ما برح معلوما له سبحانه من قبل و من بعد و لم يزدد سبحانه بوجوده علما . و مرد هذا إلى ظهور علمه بالمعلوم الذي كان خفيا على غيره ليرفع و يضع و يخفض و يرفع و يأجر و يأزر . فهو سبحانه عالم الغيب و الشهادة و علام الغيوب و العليم بذات الصدور -كما وصف نفسه -.

و ليس لصفات الله سبحانه تقدم لبعض منها على بعض آخر في الوجود فالإرادة الإلهية و العلم الإلهي ليس بينهما أي ترتيب وقوعي إذ كلا منهما أزلي و أبدي معا .كما أنه ليس للإجبار دخل في هاتين الصفتين المتعلقتين بالتقدير الإلهي فإن العلم بالشيء لا يعني الإجبار عليه و لا الإلزام به .

و التقدير الإلهي تناول كل شيء و لم يخرج عنه أي شيء . فالطاعة و المعصية داخلان في إطاره و لكن هناك فرق بينهما إذ الطاعة تكون في الفعل المقدر المأمور به بينما المعصية هي الفعل المقدر المنهي عنه .
و لئن كان إبليس اللعين غير خارج عن نطاق المشيئة الإلهية لكنه فاسق عن الأمر و شارد عن الحق و لهذا استحق اللعن .

ثم إن الادعاء بالتخيير في الأمر التشريعي ليس صوابا لأن التخيير إنما يكون في المباح فقط . أما الواجب فلا خيار فيه للعبد من حيث أنه مطالب به و مهدد بالعقاب على تركه .

و قد يزعم بعض الزنادقة أن السجود لآدم شرك بالله لأن المشيئة الإلهية تقول بالتوحيد أي و كأن إبليس أبى أن يشرك بالله عز و جل فرفض هذا السجود .

و يا عجبا :

هل يأمر الله بالشرك الذي يغفره ؟

و هل يأذن الله بالكفر الذي لا يرضاه ؟

و هل الملائكة المعصومون من العصيان كانوا كفارا مشركين حين سجدوا لآدم امتثالا لأمر ربهم سبحانه ؟ و لم يخلص من دنس الشرك المزعوم إلا اللعين إبليس فكان هو وحده الموحد ؟

إنما يكون السجود لآدم كفرا و شركا أن لو كان على وجه العبادة له لا طبقا لأمر الله سبحانه و تعالى له على وجه الاحترام و التكريم تعظيما لما عظمه في موافقته لأمره عز و جل و طاعته . إن هذا ليس من الشرك في شيء . و الحلال ما أحله الله و الحرام ما حرمه الله . و الدين ما شرعه الله و الأمر أمره و النهي نهيه .



وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .
الأنعام 121