المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من موقع الحقيقة العظمى



الاشبيلي
12-20-2009, 09:40 AM
بسم الله

المبحث الأول : الأدلة من الكتاب والسنة
هناك من الأدلة في كتاب الله العزيز ، وفي سنة المصطفى محمد  ، وفي كتاب أهل الكتاب ما يكفي بل ويزيد على أن يثق المرء ويطمئن قلبه ، ويعترف لسانه بأن هذا النبي الأمي محمد  ، رسول من عند الله لم يدّعِ النبوة ، ولم يفترِها من تلقاء نفسه ، وإنما أرسله الله سبحانه وتعالى كما أرسل أنبياءه السابقين عليهم السلام ، وأيده بالبينات كما أيد رسله السابقين ، بل وزاده عليهم فأنـزل عليه هذا القرآن المعجز الخالد إلى يوم القيامة .
فما الذي جاء في هذا القرآن من أدلة تثبت نبوته  ؟
أقول -وبالله التوفيق - معنونةً لذلك :
بالمطلب الأول : الأدلة على نبوة محمد  من الكتاب العزيز .
النبي الأمي يأتي بأعظم العلوم والمعارف .
قال تعالى)هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ((1)
إن هذه الآية الكريمة تؤكد حقاً ويقيناً صدق نبوته  .
كيف لا وهو ذلك الرجل الأمي الذي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به .
ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن حقاً نبياً مرسلاً من عند الله عالم غيب السماوات والأرض ؟
لا جواب على ذلك إلا بالاعتراف بأنه  حقاً مرسل من عند الله العزيز العليم.
جاء في تفسير الظلال لهذه الآية ما يلي :" قيل إن العرب سمّوا الأميين لأنهم كانوا لا يقرأ ون ولا يكتبون - في الأعم الأغلب - وروي عن النبي  أنه قال : الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بإصبعه وقال :" إنا نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب "(2) والمنة ظاهرة في اختيار الله للأميين ليجعلهم أهل الكتاب المبين وليرسل فيهم رسولاً منهم ، يرتفعون باختياره منهم إلى مقام كريم ، ويخرجهم من أميتهم بتلاوة آيات الله عليهم وتغيير ما بهم ويميزهم عن العالمين "(3)، ثم يؤكد الله تعالى ما يتصف به رسوله – الذي اختاره معلماً للعالمين – من أمية فيقول عز من
قائل :) وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ((4) ،ثم يؤكد الله عز وجل على هذا المعنى ، فيأمر نبيه  بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية وأنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا

الاشبيلي
12-20-2009, 09:41 AM
المبحث الثاني: دلائل نبوته  في التوراة والإنجيل
قال تعالى)الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل((38).
ومع أن التوراة والإنجيل قد طالتها أيدي المحرفين والمبدلين، إلا أنه ما زالت فيها بقايا نصوص لا بأس بها تنص نصاً واضحاً على أن المقصود منها هو محمد  .
يقول أحمد ديدات: وعلى الرغم من أن نبوة ورسالة سيدنا محمد  ليست بحاجة في نظر المسلمين إلى إثبات من نصوص بكتاب آخر ولكن الله تعالى أشار إليها في القرآن الكريم ، فنحن نذكرها أيضاً لتقوم الحجة على اليهود الذين يؤمنون بالتوراة وعلى النصارى الذين يؤمنون بالإنجيل، وأيضاً فإن وجود شواهد وأدلة من التوراة والإنجيل على صحة رسالة ونبوة سيدنا محمد  له أهمية بالغة وحجية دامغة ، بالنسبة لغير المسلمين عندما يجدون أن كتابهم الذي يقدسونه رغم وقوع تحريف به لا تزال به أدلة تدل على صحة نبوة ورسالة محمد  (39)،فيما يلي نورد بعضاً منها على سبيل البيان لا على سبيل الحصر:
المطلب الأول: في التوراة
البشارة الأولى في سفر التثنية :جاء في النص"أقيم لهم نبياً من وسط اخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "(40) .
دار حوار بين العلامة (أحمد ديدات) والقس (فان هيردن) حول هذا النص فيما يلي نورد ملخصاً لأهم النقاط فيه:
زعم النصارى أن هذا النص ما هو إلا تنبؤ بعيسى  ولكن بنظرة فاحصة للنص يتضح الآتي :
نبياً مثل موسى " مثلك ":
تعني أن النبي المنتظر سيكون مثل موسى  ولكن:
1) عيسى إله !
حسب عقيدة النصارى فعيسى لا يشابه موسى؛ لأن عيسى إله, وأما موسى فلم يزعم أحد بأنه إله؛ فعيسى لا يشابه موسى عليهما السلام.
2) عيسى جاء من أجل الخطيئة:
وبمقتضى عقيدة النصارى أيضاً أن عيسى عليه السلام جاء ومات من أجل خطايا العالم(41), ولكن موسى لم يكن ليموت من أجل خطايا العالم،فعيسى لا يشابه موسى عليهما السلام.
3) الولادة:
إننا نجد تشابهاً بين موسى ومحمد  من حيث الولادة العادية , بالأسلوب الطبيعي الذي يحدث عن الاقتران بين الرجل والمرأة , ولكن يسوع خلق بالقدرة الإلهية المميزة.
4) عقد الزواج:
تزوج موسى ومحمد عليهما السلام , ولكن عيسى عليه السلام ظل أعزباً طوال حياته .
5) الزعامة الدينية والدنيوية :
محمد  وموسى  كانا زعيمين إلى جانب كونهما نبيين , بينما عيسى  كان نبياً فقط , فلم يكن يوماً ما زعيماً بيده السلطة الدنيوية بل كان زعيماً روحياً فقط .
6) الشريعة:
محمد وموسى  أتيا بشريعة جديدة , وأحكام جديدة ؛ أما عيسى فلم يأتِ بشريعة جديدة , بل كما قال :" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء , ما جئت لأنقض بل لأكمل "(42) .
7) الرحيل من الدنيا :
كلاً من محمد وموسى عليهما السلام قد توفاهم الله وفاةً طبيعية , ولكن عيسى وفقاً للعقيدة المسيحية مات شر ميتة وذلك بقتله على الصليب.
8) المقام السماوي :
إن كلاً من محمد وموسى عليهما السلام يرقد في قبره على الأرض, بينما يسوع طبقاً للتعاليم المسيحية فإنه يجلس
" عن يمين قوة الله "(43).
مما سبق من مقارنة اتضح منه أن عيسى  ليس مثل موسى في جوانب كثيرة وإن كانا الاثنان من بني إسرائيل
 محمد  من نسل إسماعيل  :
يقول النص : " أقيم لهم نبياً من وسط اخوتهم مثلك ...."(44) إن التركيز على هذه الكلمات " من وسط اخوتهم مثلك " , فالخطاب موجه إلى موسى  وشعبه , وعندما يقول النص " اخوتهم " فهو يعني العرب , فقد كان لإبراهيم  ولدان هما إسماعيل و إسحاق , وأبناء إسماعيل هم العرب وأبناء إسحاق هم اليهود , ومحمد  من نسل أخوة بني إسحاق وليس من نسل إسحاق بني إسرائيل , والنبي المذكور في النص هو من نسل أخوة بني إسرائيل أي من بني إسماعيل  .
 " وأجعل كلامي في فمه ":
تستأنف النبوءة قولها : " وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "(45) .
يقول أحمد ديدات مخاطباً القس فان هيردن: أنت تشاهد عندما أسألك أيها القس أن تفتح التوراة على سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر , والعدد الثامن عشر , في البداية , وإذا ما طلبت منك أن تقرأ , وإذا ما قرأت , هل أجعل كلامي في فمك ؟
أجاب القس : لا .
فقال أحمد ديدات : ولكن إذا أردت أن أعلمك لغة باللسان العربي , تلك اللغة التي لا تعلم عنها شيئاً , فإذا ما طلبت منك أن تقرأ أو تتلو القراءة عني فيما أنطق به على سبيل المثال)قل هو الله أحد * الله الصمد* لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد((46)، أما أضع هذه الكلمات التي لم تسمع عنها من قبل عن لسان أجنبي التي تنطق بها الآن في فمك ؟
وافق القس قائلاً : بالحق إنه هكذا .
قلت وبأسلوب مشابه في تنـزيل القرآن كان جبريل يجعل كلام الله في فم نبيه محمد  وحياً فنـزل به جبريل على قلب الرسول  ليكون من المرسلين, والنص من التوراة يقول : " وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به "(47) .
قال تعالى مخاطباً نبيه محمد  )لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه ((48) .
وقال تعالى:)اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم((49).
إن اعتكاف محمد  وتعبده في غار حراء واستجابته لبدء التنـزيل وحياً عن طريق جبريل المَلك إنما هو إنجاز لنبوءة في سفر أشعيا هذا نصها:
" أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة "(50) .
ويقول الله سبحانه وتعالى عن النبي الأمي في القرآن الكريم:)فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته((51).
"ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة"، هنا خطأ متعمد في الترجمة. ولكن بالمقارنة مع نسخة الروم الكاثوليك نسخة ديوىDouay version وكذلك مع النسخة القياسية نجد Revised standard version والترجمة المضبوطة:" ما أنا بقارئ لك" الكلمات التي فاه بها محمد مرتين للمَلك جبريل رئيس الملائكة عندما طلب منه قائلاً (اقرأ ).
ومن ألزم اللزوميات أن تعلم أنه لم تكن هناك نسخة عربية موجودة في القرن السادس الميلادي عندما عاش محمد  هذا فضلاً عن كونه أمياً لا يعرف الكتابة ولا القراءة(52).
عاقبة من لا يؤمن بكلامه:
أما عاقبة من لا يؤمن بهذا الكلام الذي يقوله هذا النبي فيكون كما جاء في نهاية النص في نفس الإصحاح في سفر التثنية :" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه "(53) .
فالويل لمن يكفر بالرسول عليه الصلاة والسلام وويل لكل أمة تناوئ هذا النبي(54).
البشارة الثانية في سفر التثنية :
جبال فاران :
جاء في سفر التثنية:" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال : جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم"(55).
"فمجيء الله تعالى من طور سيناء هو مجيء أمره وإنـزاله وحيه على موسى  باتفاق المسلمين وأهل الكتاب
ثم إشراقه من سعير ، هو نـزول وحيه على عيسى  ، ومجيئه بالإنجيل وهو الثاني ترتيباً والمسيح  من ساعير ( أرض الخليل وهي قرية تجاور بيت لحم مولد المسيح  وبها جبال تسمى ساعير) ،وكذلك يجب أن يكون استعلائه من جبال فاران إنـزاله القرآن والوحي على محمد  وجبال فاران هي جبال مكة "(56) .
البشارة الثالثة في سفر النبي حبقوق :
وجاء في بشارة حبقوق النبي بشارة قريبة من ذلك :" الله جاء من يتمان والقدوس من جبال فاران ،سلاه جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور من يده شعاع ، وهناك استتار قدرته ".
فقوله ( الله جاء من يتمان ) تبشير إلى بلد في جنوب شرقي تبوك قرب المدينة المنورة .
وقوله ( القدوس من جبل فاران ) إنما هي إشارة إلى مكة المكرمة .
وحينما يقول ( جلاله غطى السماوات) هي صيحات "الله أكبر " التي تتردد في الآفاق في كل الأرض التي يسكنها المسلمون قلوا أو كثروا .
إنها جلال الله الذي يغطي السماوات والأرض، فهي لا يمكن أن تشير إلى كنيس اليهود الذي يستخدم البوق ،
ولا تشير إلى كنيسة النصارى التي تستخدم الجرس )(57) .
أما قوله ( امتلأت من تسبيحه ) إشارة إلى إقامة الصلاة وما في الصلاة من تسبيح وتكبير وتعظيم لله عز وجل ، "ولا يحدث شيء من هذا لا في كنيس اليهود ولا في كنيسة النصارى فلا تمتلئ الأرض بتسبيح الله إلا في صلاة المسلمين ، بل وفي غير صلاتهم فهم دائماً أهل التسبيح والتحميد )(58) .
البشارة الرابعة في سفر أشعيا
نبوة أشعيا :
جاء في (سفر أشعيا 42: 11-13) الذي يقول "لترفع البرية ومدها صوتها ، الديار التي سكنها قيدار ، لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا، ليعطوا الرب مجداً ويخبروا بتسبيحه في الجزائر " تبين الفقرة أن هذا النبي يأتي من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فقيدار هو الابن الثاني لإسماعيل كما في(سفر التكوين 25: 13).
وقوله" لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ..." إن في دينه هتاف من رؤوس الجبال وتسبيح وتكبير ومؤتمر عالمي يعقد سنوياً والإسلام هو الدين الوحيد الذي يحدث فيه هذا ،إذ يجتمع كل الحجيج من ملوك وشعوب ومن مختلف البيئات والأعمار لا يجتمعون في القصور وإنما في رؤوس الجبال ،إن هذا ما يحدث في الإسلام فقط في ركنه الخامس وهو الحج(59) .
المطلب الثاني : في العهد الجديد
البشارة الأولى : في إنجيل يوحنا .
جاء في (إنجيل يوحنا 16: 12-14) " إن لي أموراً كثيرة أيضاً لا أقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما سمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ذاك يمجدني "(60).
" لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما سمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ".
وهذا ما تحقق في الرسول  الذي تلقى الوحي عن روح القدس جبريل  (61).
وقال يوحنا الإنجيلي : قال يسوع(62) المسيح في الفصل الخامس عشر من إنجيله :
" أن الفارقليط(63) روح الحق الذي يرسله أبي(أي ربي) وهو يعلمكم كل شيء " .
بشارة إنجيل برنابا:
"لقد وجدت نسختان من إنجيل برنابا في أول القرن الثامن عشر وهما نسختان أسبانيتان وقد فُقدتا ، إذا كان المتعصبون من النصارى يتلفون كل ما عثروا عليه من هذا الإنجيل وغيره من الأناجيل التي تعدها الكنيسة غير قانونية ، وأما النسخة الأخرى فهي باللغة الإيطالية القديمة وكانت في خزانة كتب (الفاتيكان)فسرقها منها راهب اسمه (مرينو)في أواخر القرن السادس عشر ويظن أنها النسخة الموجودة الآن في خزانة كتب بلاط (فينا) وقد ترجمت هذه النسخة بالإنجليزية في هذا العصر فسعينا إلى ترجمتها بالعربية سنة 1325هـ وطبعناها طبعاً دقيقاً في مطابع المنار"(64)
"اعلم يا برنابا أن الذنب وإن كان صغيراً يجزي الله عليه لأن الله غير راض ٍ عن الذنب ، ولما اكتسب أمي وتلاميذي لأجل الدنيا سخط الله لأجل هذا الأمر وأراد باقتضاء عدله أن يجزيهم في هذا العالم على هذه العقيدة غير اللائقة ليحصل لهم النجاة من عذاب جهنم ولا يكون لهم أذية هناك، وإني وإن كنت برياً لكن بعض الناس لما قالوا في حقي أنه الله وابن الله كره هذا القول واقتضت مشيئته أن لا تضحك الشياطين يوم القيامة مني ولا يستهزئون بي، فأراد بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والاستهزاء في الدنيا بسبب الموت يهوذا ، ويظن كل شخص أني صلبت لكن هذه الإهانة والاستهزاء تبقيان إلى أن يجيء محمد رسول الله فإذا جاء في الدنيا ينبه كل مؤمن على هذا الغلط وترتفع هذه الشبهة من قلوب الناس "(65)
"وجاءفي الفصل الثاني والسبعين من هذا الإنجيل أن المسيح أخبر الحواريين أنه سينصرف عن هذاالعالم ثم قال :
(7)فبكى حينئذٍ الرسل قائلين : يا معلم لماذا تتركنا ، لأن الأحرى بنا أن نموت من أن تتركنا(8 )أجاب يسوع : لا تضطرب قلوبكم ولا تخافوا .(9 )لأني لست أنا الذي خلقكم بل الله الذي يخلقكم يحميكم.(10 )أما من خصوصي فإني قد أتيت لأهيئ الطريق لرسول الله الذي سيأتي بخلاص للعالم .(11 ) ولكن احذروا أن تغشوا لأنه سيأتي أنبياء كذبة (66) كثيرون يأخذون كلامي وينجسون إنجيلي .(12 )حينئذٍ قال اندراوس :يا معلم اذكر لنا علامة لنعرفه (13)أجاب يسوع : أنه لا يأتي في زمنكم بل يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل إنجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمناً .
(14) في ذلك الوقت يرجم الله العالم فيرسل رسوله الذي تستقر على رأسه غمامة بيضاء ، يعرفه أحد مختاري الله وهو سيظهره للعالم.
(15) وسيأتي بقوة عظيمة على الفجار ويبيد عبادة الأصنام من العالم.
(16)وأني أسر بذلك ، لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله ويظهر صدقي .
(17) وسينتقم من الذين سيقولون أني أكبر من إنسان .
(18) الحق أقول لكم :إن القمر سيعطيه رقاداً في صباه .
(19) فليحذر العالم أن ينبذه لأنه سيفتك بعبده الأصنام .
(20) فإن موسى عبد الله قتل أكثر من ذلك كثيراً ، ولم يبق يشوع على المدن التي أحرقوها وقتلوا الأطفال
(21) لأن القرحة المزمنة يستعمل لها الكي .
(22) وسيجيء بحق أجلي من سائر الأنبياء وسيوبخ من لا يحسن السلوك في العالم .
(23) وسيحيي طرباً أبراج مدينة آبائنا بعضها بعضاً .
(24) فمتى شوهد سقوط عبادة الأصنام إلى الأرض ، واعترف بأني بشر كسائر البشر .فالحق أقول لكم : إن نبي الله حينئذٍ يأتي .
وجاء في الفصل السادس والتسعين من محاورة بين المسيح ورئيس كهنة اليهود :أن الكاهن سأله عن نفسه فأجاب بذكر اسمه واسم أمه ،وبأنه بشر ميت ثم قال الإنجيل ما نصه:
(3) أجاب الكاهن : إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله ، وسيأتي للعالم برحمة الله.(4) لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت مسيا الله الذي ننتظره؟(5) وأجاب يسوع: حقاً أن الله وعد هكذا ولكني لست هو ،لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي (67).(6) أجاب الكاهن : إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله .(7) لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل كلها أن تفيدنا حباً في الله بأية كيفية سيأتي مسيا؟(8) فأجاب يسوع : لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي.(2) أني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم .(3) قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض .(9) ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى لهذه الفتنة المعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله (10) فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً(11)حينئذٍ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله (12) الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام (13)وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به(15) وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً.
ثم قال في الفصل (97)ما نصه :
(1)ومع أني لست مستحقاً أن أحل سير حذائه قد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه (2)فأجاب حينئذٍ الكاهن مع الوالي والملك قائلين لا تزعج نفسك يا يسوع قدوس الله لأن هذه الفتنة لا تحدث في زمننا مرة أخرى لأننا سنكتب إلى مجلس الشيوخ الروماني المقدس بإصدار أمر ملكي أن لا احد يدعوك فيما بعد الله أو ابن الله (4)فقال حينئذٍ يسوع : إن كلامكم لا يعزيني لأنه يأتي ظلام حيث ترجون النور(5) ولكن تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب فيّ وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم (6)وإن ما يعزيني هو أن لا نهاية لدينه لأن الله سيحفظه صحيحاً.(7)أجاب الكاهن : أيأتي رسل آخرون بعد مجيء رسول الله ؟(8)فأجاب يسوع : لا يأتي بعده أنبياء صادقون مرسلون من الله (9)ولكن يأتي عدد غفير من الأنبياء الكذبة وهو ما يحزنني (10)لأن الشيطان سيثيرهم بحكم الله العادل فيتسترون بدعوى إنجيلي .(11)أجاب يسوع : من العدل أن من لا يؤمن بالحق لخلاصه يؤمن بالكذب للعنته (13) لذلك أقول لكم : إن العالم كان يمتهن الأنبياء الصادقين دائماً وأحب الكاذبين كما يشاهد في أيام ميشع وأرميا (1)لأن الشبيه يحب الشبيه (13)فقال الكاهن حينئذٍ: ماذا يسمى مسيا؟ وما هي العلامة التي تعلن مجيئه ؟(14)أجاب يسوع : إن اسم مسيا عجيب، لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي (15)قال الله:اصبر يا محمد لأني لأجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجماً غفيراً من الخلائق التي أهبها لك ، حتى أن من يباركك يكون مباركاً ، ومن يلعنك يكون ملعوناً (16)ومتى أرسلتك إلى العالم أجعلك رسولي للخلاص وتكون كلمتك صادقة ، حتى أن السماء والأرض تهونان ، ولكن إيمانك لا يهن أبداً (17)إن اسمه المبارك محمد.(18) حينئذٍ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم "(68)
إنجيل يوحنا الإصحاح (14-26) والعهد الجديد 143(69).
وقال يوحنا التلميذ :" إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطاً آخر , يثبت معكم إلى الأبد و الحق الذي لم يطق العالم أن يقتلوه لأنهم لم يعرفوه ، ولست أدعكم أيتاماً لأني سآتيكم عن قريب " (70)والعهد الجديد 143 (71).
وقال أيضاً :" إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله روح الحق الذي من أبي وهو يشهد لي ، قلت لكم هذا ، حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه " (72)والعهد الجديد 144(73).
وهذا اللفظ ، لفظ( الفارقليط ) في لغتهم ذكروا فيه أقوالاً :
قيل أنه الحماد ،وقيل أنه الحامد، وقيل أنه المعزي ، وقيل أنه الحمد ورجح هذا طائفة،وقالوا الذي يقوم عليه البرهان في لغتهم أنه الحمد والدليل عليه قول يوشع :" من عمل حسنة تكون لـه فارقليط جيد " أي حمد جيد .
ومن قال معناه ( المخلص ) فيحتجون بأنها كلمة سريانية ومعناها المخلص ، وقالوا : هو مشتق من قولنا (راوف) ويقال بالسريانية ( فاروق ) فجعل فارق . قالوا ومعنى ( ليط) كلمة تزاد والتقدير كما يقال في العربية رجل هو ، وحجر هو ، وبدر هو ، وذكر هو . قالوا : وكذلك يزاد في السريانية ( ليط) .
والذين قالوا: هو المعزي . قالوا : هو في لسان اليونان ( المعزي ) ،ويعترض على هذين القولين بأن المسيح لم تكن لغته سريانية ولا يونانية ، بل عبرانية (74).
ويقول البروفيسور عبد الأحد داود(75) :
( البرقليطوس ) ليس ( المعزي ) ولا ( الوسيط ) والمسيح لم يستخدم كلمة ( باركالون – Parakalon ) اليونانية قطعاً .
وإن كلمة ( برقليطوس ) تعني من الناحية اللغوية البحتة ( الأمجد والأشهر والمستحق للمديح ) وقد ورد ذلك في القاموس اليوناني .
والاسم مركب من مقطعين ، الأول (Per) والثاني (Kleitos) مشتق من التمجيد والثناء ويكتب (Periqlytos أو Periqleitos) مما يعني تماماً اسم أحمد باللغة العربية , أي أكثر ثناءً وحمداً .
فليس هناك أدنى شك أن (محمد) أو ( أحمد ) هو المعني بكلمة ( البرقليط ) فالاسمان متطابقان في اليونانية والعربية وكلاهما بمعنى الأشهر والأحمد تماماً(76) .
على الرغم من تحفظ المسلمين على صحة الكلام الموجود بالكتاب المقدس ، وعلى الرغم من اعتقادهم الراسخ أن يد التحريف والتبديل قد جعلت بعض أشقياء العاملين بشؤون الدين في العصور الماضية تبدل وتحرف كلام الله من مواضعه ، إلا أن بعض محتوى التوراة والإنجيل لا يزال صحيحاً ، إنّ مثلهم في ذلك مثل من يحرف أو يبدل في نصوص عقد أو وثيقة.
ليس من الضروري أن نتصور أن المحرف المبدل قد بدل وحرّف بعض الكلام فحسب(77)، فالنصوص السابقة نجد فيها دلالة واضحة على البشارة به  على الرغم من تحريفها .
مثال ذلك،قول عيسى  :" وسوف أطلب من الأب وسوف يعطيكم برقليطوس آخر يبقى معكم إلى الأبد "(78) يقول البروفيسور عبد الأحد داود: " يلاحظ التفكك في هذه العبارة من إنجيل يوحنا المنسوبة إلى عيسى المسيح إذ توحي بأن ( برقليطاً ) أو برقليطات قد جاؤوا في السابق وإن (برقليطاً) آخر سوف يأتي بناءً على طلب عيسى .. ومن المؤكد أن النص قد تعرض للتشويه فهو يدعي أن الأب سوف يرسل ( البرقليطوس ) بناءً على طلب المسيح وإلا فإن البرقليطوس لن يأتي؛ مما يدل على أن كلمة ( أطلب ) مصطنعة أيضاً لأنها تظهر بصورة كاذبة لمسة من الوقاحة من جانب المسيح ، وإذا أردنا أن نجد المعنى الحقيقي لهذا النص فعلينا استبعاد التحريف منه ليصبح كما يلي : " وسوف أذهب إلى الأب وهو سيرسل لكم رسولاً آخر سيكون اسمه البرقليطوس ويبقى معكم إلى الأبد"، وبهذا الشكل يعود تواضع المسيح الذي عرف عنه كما يتحدد البرقليطوس بشكل واضح )(79).
~
________________________________________
(38) الأعراف آية(157 ).(39) عتاد الجهاد :العلامة احمد ديدات ص 56(40) سفر التثنية ( 18 \ 18 –19 )
(41) رومية (5/8).(42) متى(5/17)(43) ( لوقا 22\69)(44) سفر التثنية 18 \18.(45) سفر التثنية 18 \18.(46) سورة الإخلاص .
(47) سفر التثنية (18\18).(48) سورة القيامة : (6-7)(49) سورة العلق 1-5(50) سفر أشعيا (29\12)(51) سورة الأعراف
159(52) ماذا يقول الكتاب المقدس عن محمد صلى الله عليه وسلم : احمد ديدات ص 13 – 38 بتصرف .(53) سفر التثنية 18 \19
(54) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 221(55) سفر التثنية 33: 1-2
(56) مختصر إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم – محمد إبراهيم حجاج ص 52.(57) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 225(58) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 226(59) اللواء احمد عبد الوهاب ، كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 234-235(60) يوحنا (16\12-14)
(61) مناظرة بين الإسلام والنصرانية ص 239 كما ورد في كتاب اليهود والنصارى – البروفيسور عبد الأحد ص204 .
(62) يسوع هذه هي الصيغة العربية للاسم العبري (يشوع) ومعنى الاسم (يهوه مخلص )الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح الجزء الخامس ص(284)لابن تيمية ، ويهوه هو: إله اليهود.
(63) الفارقليط : كلمة عبرانية معناها احمد  وقد كتبها النصارى بفتح الفاء وهي بكسرها ليكون معناها المحامي والمؤيد والشفيع والنائب عن غيره،وهكذا وقد جاء بدل هذه الكلمة في الترجمات الحالية ( المعتري ) .انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ج / 5 ص 284 .(64) تفسير المنار ، الإمام محمد رشيد رضا ،ج9/293.(65) تفسير المنار ،محمد رشيد رضا ،ص (292)
(66) متى 24:11(67) إنجيل يوحنا 15:1.(68) تفسير المنار، محمد رشيد رضا ، ص(293-296).(69)انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ج/5ص 284(70) يوحنا الإصحاح (14: 15-19)(71) انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ج/5ص 284(72) يوحنا الإصحاح (15: 26-27)
(73) المرجع السابق (74) الجواب الصحيح لمن بدل دين لمسيح لابن تيمية ج/5 ص 287-288(75) كان قسيساً كاثوليكياً ثم أسلم .
(76) محمد  كما ورد في كتاب اليهود والنصارى _ البروفسور عبد الأحد داود ص 194-200 باختصار.(77) عتاد الجهاد – احمد ديدات ص 56 .
(78) يوحنا( 14-16)(79)محمد كما ورد في كتاب اليهود والنصارى – البروفيسور عبد الأحد داود ص 194 .

الاشبيلي
12-20-2009, 09:43 AM
المبحث الثالث : عالمية الإسلام
المطلب الأول : أدلة عالمية الإسلام من القرآن الكريم
"نحن في رحاب القرآن الكريم نسمع نداءه العالمي وإن فصلتنا عنه حقب بعيدة من الزمان ، ونعي صراحته ومجاهرته ، بأن الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو مجتمع بعينه ،ولا يختص ببلد أو بلاد معينة ، بل هو دين ذو قوانين تسري على الأفراد على اختلافهم من العنصر ،و الوطن، واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأية فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية فهو عام في المكان والزمان "(80) .
جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى :ليكون للعالمين نذيراً قوله: والمراد بالعالمين هنا الإنس والجن ، لأن النبي  قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ،وأنه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة إلا نوح فإنه عم برسالته
جميع الإنس بعد الطوفان لأنه بدأ به الخلق(81).
وقال الزجاج: معنى العالمين كل ما خلق الله كما قال : وهو رب كل شيء، وهو جامع كل عالم ،قال ولا واحد لعالم من لفظه لأن عالماً جمع أشياء مختلفة فإن جعل عالم لواحد منها صار جمعاً لأشياء متفقة(82) قال ابن عباس في قوله تعالى الحمد لله رب العالمين رب الجن والإنس وقال قتادة رب الخلق كلم.
قال الأزهري : الدليل على صحة قول ابن العباس قوله عز وجل :تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً وليس النبي  للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خلق الله ؛ وإنما بعث محمد نذيراً للجن والإنس ،وروي عن وهب بن منبه أنه قال:لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا منها عالم واحد.
فهلم معنا أخي القارئ نقرأ نصوص القرآن التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، كي نتعرف على دلالته الواضحة ، على عالمية الرسالة المحمدية ، من عدة وجوه :
• الوجه الأول : نصوص صريحة.
النص الأول:قال تعالى:) تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ((83).
النص الثاني: قال تعالى :)وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ((84).
النص الثالث : قال سبحانه :) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ((85).
النص الرابع:قال سبحانه:)ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ((86)
النص الخامس : قال تعالى عن القرآن الكريم الذي أوحاه إلى نبيه  :) إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين ((87).
النص السادس : وقال عز من قائل :) وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ((88).
أي كل من يصل إليه بلاغ القرآن، وكل من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أي زمن من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ . قال تعالى :) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ((89).وقال تعالى :) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ((90).
إن هذه الآيات فيها من وضوح النص والدلالة ما يغني عن شرحها والتعليق عليها . فهي صريحة واضحة لا تقبل التأويل أبداً ، بل تدل على عالمية الرسالة المحمدية ، دلالة ضوء الشمس على طلوعها .
• الوجه الثاني : دعوة غير العرب .
جاء في القرآن الكريم دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمد  سواءاً كانوا من العرب أو غير العرب ،وبين لهم بأن الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل
الله سواه ،قال تعالى:)ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين((91)؛بل تجاوزت رسالة نبينا محمد  اليهود والنصارى والبشرية بأكملها فلم تقتصر على عالم الإنس فقط بل تعدت ذلك إلى عالم الجن أيضاً .قال تعالى :) قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنّا به ولن نشرك بربنا أحداً ((92)، وقال تعالى :) وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنـزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ((93)
• الوجه الثالث : خطابات القرآن ونداءاته العامة
" إن القرآن الكريم كثيراً ما يوجه خطاباته إلى الناس غير مقيدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أن خطاباته وتوجيهاته تعم الناس كافة "(94)، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمد وفيه أحكام الإسلام وهذا دليل على أن الإسلام لجميع البشر بل للإنس والجن .
وأمثلة لذلك قوله تعالى :) يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ((95).وقوله تعالى:) يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون((96).
وغيرها من الآيات كثير فهو يخاطب الناس جميعاً بقوله يا أيها الناس ولم يقل يا أيها العرب .
• الوجه الرابع : القوانين والتشريعات القرآنية عالمية :
لأنها من محتويات الإسلام ، والإسلام رسالة عالمية كما قلنا و الإسلام يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته , وما يخص الإنسان في معاشه ومعاده على طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر .
"ولا يجد الباحث مهما أوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما جاء به نبي الإسلام  أي طابع إقليمي،أو صبغة طائفية ،وتلك آية واضحة على أن دعوته دعوة عالمية لا تتحيز إلى فئة معينة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصة " (97).
فالعبادات والمعاملات والأخلاق..الخ , كلها ليس فيها صبغة الطائفية والإقليمية بل تكتسي بالصبغة العالمية ؛لأنها تناسب الإنسان وطبيعته فهي الصالحة له دون سواها.
وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقضائي..الخ ,لا تجد في ثنايا أياً منها أي تفكير طائفي أو نـزعة إقليمية .فمثلاً في المعاملات وما يترتب عليها من مقاضاة بين الناس يأمر الله سبحانه وتعالى المسلم أينما وجد زماناً ومكاناً , قائلاً :) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ((98)،بينما نجد غير المسلمين تتجسد الطائفية والنـزاعات العرقية فيهم بوضوح ،فهؤلاء اليهود كما يخبر عنهم الله عز وجل حين يتعاملون مع غير من ينتمي إلى دينهم فيقول عنهم سبحانه وتعالى :) ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ((99).
• الوجه الخامس : الإسلام ينبذ أي مقومات للتفرقة بين الناس :
إن أقوى دليل على أن الإسلام رسالة عالمية مكافحته للنـزاعات الإقليمية والطائفية فالإسلام لا يفرق بين أبيض و أسود ولا بين جنس و آخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياس للتفاضل في ميزان الإسلام و المقياس الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، قال تعالى :) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم ((100).
فالإسلام : هو أول من حارب العصبية ودعا إلى الأخوة تحت لواء التوحيد الخالص ومقتضاه الإسلام.
المطلب الثاني : أدلة عالمية الإسلام من السنة النبوية المطهرة
أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم أول ما بعثه أن يصدع بالحق بين عشيرته أولاً ، ثم تتسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كل من يستطيع أن يسمعه رسول الله  سواء مباشرة ، أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ما جاء به  من ربه سبحانه وتعالى .
النص الأول:ها هو  يخبر قومه قائلاً:" والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة "(101)
النص الثاني : ولتحقيق ما كلف به من تبليغ رسالته جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ،(فبعث سفراءه وفي أيدي كل واحد منهم كتاب خاص إلى قيصر الروم ، وكسرى فارس ، وعظيم القبط ، وملك الحبشة ،والحارث بن أبي شمرا الغساني ملك تخوم )(102)وغيرهم ، وما كتاباته  هذه إلى ملوك العالم في عهده إلا دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته  .
فهذه رسالته إلى كسرى ملك فارس يقول فيها :
"بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله ، إلى كسرى عظيم فارس : سلام على من اتبع الهدى ... وأدعوك بدعاية الله ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حياً ، ويحق القول على الكافرين ، اسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس "(103)،وهذا أيضاً ما كتبه إلى قيصر ملك الروم يقول فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم .. إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بالإسلام اسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين "(104).
النص الثالث : ما روى جابر رضي الله عنه عن رسول الله  أنه قال :"أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أبيض وأسود ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي ، وجعلت لي الأرض طيبة طهوراً ومسجداً فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر ، وأعطيت الشفاعة "(105).
النص الرابع : جعله الله رحمة مهداة للعالمين ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله  قال : " أنا رحمة مهداة "(106).
النص الخامس : ثم ما جاء عن كونه سيد الأولين والآخرين فإن فيه دليلاً على عالمية رسالته  فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله  :" أنا سيد ولد آدم ولا فخر " (107).
المطلب الثالث : الأدلة على عالمية الرسالة من كتب أهل الكتاب :
أولاً : في كتب العهد القديم (التوراة):
البشارة الأولى : من سفر النبي حجى : بشارة النبي حجى في سفره الوارد بالإصحاح الثاني عدد 7 يقول فيه :" وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم ،فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود".(108)
وفي العدد (9) يقول :"مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود"(109) .
ولفظ ( مشتهى كل الأمم ) لا تعني إلا رسول يأتي وتنتظره كل الأمم وعبر عن ذلك الانتظار بلفظ مشتهى كل الأمم بمعنى أنه يخرج من غير الإسرائيليين كما لا يكون مرسلاً إليهم خاصة بل إلى جميع أمم الأرض لأن هؤلاء الإسرائيليين يذكرون غيرهم من الناس بتعبير الأمم ... وإذا رجعنا إلى الأصل العبراني لكلمة(مشتهى كل الأمم ) نجد أنها ( حمدوت ) الأمم ، أي محمود الأمم ، واسم محمود(110) هو من ضمن أسماء النبي محمد  (111).
البشارة الثانية : من سفر التكوين :
جاء في سفر التكوين من الآية العاشرة من الباب التاسع والأربعين النص التالي :" فلا يزول القضيب من يهوذا أو المدبر من تحت فخذيه،حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم "(112). هذا في الترجمة العربية سنة 1722م وسنة 1831م وسنة 1844م .
وفي الترجمة العربية سنة 1811م (هكذا):" فلا يزول القضيب من يهوذا و الرسم من أمره إلى أن يجيء الذي هو له وإليه تجتمع الشعوب" .
"والقضيب هو النبوة على ارجح التفسيرات ومقتضى الكلام أن الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم لابد أن يكون محمداً  ، ولا يصح أن يفسر به غيره ، لأنه لو فسرنا أن المقصود بذلك المسيح لكان فهمنا متناقض مع النص ، إذ المسيح من آل إسرائيل ومن ذريته ، والكلام هنا عن نبوة تخرج عن ذرية إسرائيل إلى إنسان تجتمع إليه الشعوب من غيرهم وليس ذلك لغير محمد  (113)".
البشارة الثالثة : من الزبور :
وهي موجودة في الزبور في الإصحاح المائة والتاسع والأربعين، وهذه هي :" لأن الرب يسر بشعبه ، ويشرف المتواضعين بالخلاص ، يفتخر الأبرار بالمجد ويبتهجون على مضاجعهم ، ترفيع الله في حلوقهم ، وسيوف ذات ضمين في أياديهم ، ليضعوا انتقاماً في الأمم ، وتوبيخات في الشعوب ، ليقيدوا ملوكهم بالقيود وأشرافهم بالأغلال من حديد ، ليضعوا بهم حكماً مكتوباً ، هذا المجد يكون لجميع الأبرار" (114).
البشارة الرابعة : من سفر النبي أشعيا :
في الباب الثاني والأربعين من كتاب أشعيا هكذا : (9)" التي قد كانت أولها قد أتت ،وأنا مخبر أيضاً بأحداث قبل أن تحدث وأسمعكم إياها ".(10)"سبحوا للرب تسبيحه جديدة ، حمده من أقاصي الأرض راكبين في البحر وملؤه الجزائر وسكانهن"، (11)"يرتفع البرية ومدتها في البيوت كل قيدار سبحوا يا سكان الكهف،من رؤوس الجبال يصيحون"،(12)"ويجعلون للرب كرامة، وحمده يخبرون به في الجزائر "(115) فالتسبيحة الجديدة عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي الشريعة المحمدية وتعميمها على سكان أقاصي الأرض ، وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري إشارة إلى عموم نبوته  ، ولفظ قيدار أقوى إشارة إليه ، لأن محمداً  من أولاد قيدار بن إسماعيل . وقوله :" من رؤوس الجبال يصيحون إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام الحج ، يصيح مئات الآلاف من الناس (لبيك اللهم لبيك) . وقوله : حمده يخبرون به في الجزائر، إشارة إلى الأذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الأوقات الخمسة بالجهر "(116).
البشارة الخامسة : من سفر النبي أشعيا :
يقول سفر النبي أشعيا ( 21: 13-14) " في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الفدادين . هاتوا ماءاً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء ، وافوا الهارب بخبره "(117)، وطبعة كولينـزا الإنكليزية تعنون هذا الجزء من التوراة بعنوان (العبء على جزيرة العرب):" والعبء بدون ريب هو عبء تبليغ رسالة الله في عموم البشر حيث يصرح سفر أشعيا هكذا .أن الله سبحانه وتعالى قد ألقى هذا العبء على كاهل العرب"(118) .
ثم نجد النص يصرح ببلاد العرب وسكان قيدار هم سكان المدينة المنورة فهو يأمرهم بأنه إذا جاء النبي  ، هارباً من مكة بأن يستقبلوه ويعطوه الماء والخبز إكراماً له .
وهذا ما حدث فعلاً لنبينا محمد  ، عندما هاجر من مكة إلى المدينة .
ثانياً : الأدلة على عالمية الرسالة من العهد الجديد ( الإنجيل )
البشارة الأولى : من إنجيل يوحنا :
" لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي . ولكن إذا ذهبت أرسله إليكم ، ومتى جاء ذلك يبكّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة . أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين "(119).
قال عيسى  (يبكت العالم) فهذا القول بمنـزلة النص الجلي لمحمد  لأنه وبخ العالم سيما اليهود على عدم إيمانهم بعيسى  توبيخاً لا يشك فيه إلا معاند بحت،وكذلك أنذر ووبخ المنافقين والعصاة في جميع أنحاء العالم .
وقول عيسى  " أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي "وهذا يدل على أن المعزي (المواس ) يكون على منكري عيسى موبخاً لهم على عدم الإيمان به )(120).
البشارة الثانية : من إنجيل برنابا :
إن إنجيل برنابا قد أعطى أدلة قوية تثبت نبوة محمد  ،ولذلك أصدر البابا (جيلاسيوس ) الأول _ الذي جلس على الأريكة البابوية سنة 492 ميلادية ،أمراً ينهى فيه عن مطالعة إنجيل برنابا، ولذلك رفضه النصارى بلا مبرر (121).
جاء في الفصل السابع عشر من الإنجيل :" ولكن سيأتي بعدي بهاء كل الأنبياء الأطهار فيشرق نوراً على ظلمات سائر ما قال الأنبياء لأنه رسول الله "،أي يبين غامض أقوالهم (122) .
البشارة الثالثة : من إنجيل برنابا :
في الفصل الثالث والأربعين يقول :" الحق أقول لكم إن كل نبي متى جاء فإنه يحمل لأمة واحدة فقط علامة رحمة الله ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسلوا إليه ، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده فيحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه ، وسيأتي بقوة على الظالمين ، ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلاً : انظر فإني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ، وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيماً ، هكذا سيفعل نسلك .
أجاب يعقوب : يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد ، فإن اليهود يقولون بإسحاق والإسماعيليون يقولون بإسماعيل . أجاب يسوع ابن من كان داود ، من أي ذرية ؟ أجاب يعقوب من إسحاق لأن إسحاق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذريته داود ، فحينئذ قال يسوع : ومتى جاء رسول الله فمن نسل من يكون؟، أجاب التلاميذ من داود ، فأجاب يسوع : لا تغشوا أنفسكم لأن داود يدعوه في الروح رباً قائلاً هكذا قال الله لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئاً لقدميك يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك ، فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا ابن داود فكيف يسميه داود رباً؟، صدقوني لأني أقول لكم الحق: إن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق" (123).
البشارة الرابعة : من إنجيل برنابا
في الفصل الرابع والأربعين يقول " ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه العالم صدقوني إني رأيته وقدمت له الاحترام، ليكن الله معك وليجعلني أهلاً أن أحل سير حذاءك لأني إذا نلت هذا صرت نبياً عظيماً وقدوس الله "(124).
وهذه البشارة تؤكدها الآية الكريمة في قوله تعالى :) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه * قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ((125) .
البشارة الخامسة : من إنجيل برنابا :
في الفصل السادس والتسعين أجاب يسوع :" لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي؛ أني لست فيها مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض، ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فينجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً ، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله ، الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبدد الأصنام وعبدة الأصنام .
وسينـزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً "(126).
~
________________________________________
(80)معالم النبوة في القرآن الكريم – الشيخ جعفر السبحاني ص 41، بتصرف.(81) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، تحقيق عبد الرزاق المهدي ج13/ص6
(82) لسان العرب لابن منظور،ج2/ص420-421(83) الفرقان آية 1.(84) سبأ آية 28.(85) الأعراف آية 158.(86) آل عمران آية 85.(87) ص آية 87-88.
(88) الأنعام آية 19.(89) الصف آية 9(90) الأنبياء آية 107(91) آل عمران آية 85(92) الجن آية 1-2.(93) الأحقاف آية 29-30.(94) معالم النبوة في القرآن الكريم _ الشيخ جعفر السبحاني ص 49.(95) البقرة آية 168.(96) البقرة آية 21.(97) معالم النبوة في القرآن الكريم – الشيخ جعفر السبحاني ص 52.
(98) النساء آية 58(99) آل عمران آية 75(100) الحجرات آية 13(101) مجمع الزوائد ،الجزء 8، ص(484)(102) معالم النبوة في القرآن الكريم – الشيخ جعفر السبحاني ص 44(103) تاريخ الطبري ج 2 ص 295 , تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 61,عن معالم النبوة – الشيخ جعفر السبحاني ص 44
(104) السيرة الحلبية ج 2 ص 275 مسند احمد ج 1ص 263 عن معالم النبوة في القرآن الكريم الشيخ جعفر السبحاني ص 44(105) صحيح مسلم كتاب المساجد رقم 3
(106) المستدرك :(1: 35)وصححه على شرطهما واقره الذهبي – ومجمع الزوائد :( 8 : 257 )(107) صحيح مسلم – كتاب الفضائل – باب فضل نسب النبي رقم 1
(108) سفر حجي 2\7 (109) سفر حجي 2\9
(110) وهذا ما حققه عبد الأحد داود العراقي والذي كان قسيساً وأسلم وذلك في أبحاثه التي ضمنها كتابه ( الإنجيل والصليب ) في الباب الثالث .
(111) الميزان في مقارنة الأديان حقائق ووثائق – المستشار محمد عزت الطهطاوي ص 342-347 .(112) سفر التكوين 49 \10
(113) إظهار الحق : رحمة الله الهندي _ عن كتاب محمد  - سعيد حوى ص 419-417(114) سفر الزبور الإصحاح 149 .(115) سفر أشعيا (42 \9 – 12 ).
(116) إظهار الحق: رحمة الله الهندي عن كتاب محمد  ،ص420 باختصار .(117) سفر اشعيا ( 21 \13 – 14 ).(118) عتاد الجهاد العلامة احمد ديدات ص 12.
(119) إنجيل يوحنا 16: 7-11(120) انظر الرسول محمد  ، سعيد حوى ص 432-433 , وانظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ص 285-289
(121) الرسول محمد صلى الله عليه وسلم – سعيد حوى ص 434 بتصرف .(122) إظهار الحق – رحمة الله الهندي عن كتاب محمد صلى الله عليه وسلم ص 435
(123) انجيل برنابا الإصحاح 43(124) برنابا الإصحاح 44(125) آل عمران آية 81(126) انجيل برنابا الإصحاح 96

الاشبيلي
12-20-2009, 09:45 AM
المبحث الرابع :ختم الرسالات برسالة نبينا محمد  :
تمهيد
المراد بالخاتم :قال تعالى) قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ((127).فإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله أنه لا يؤمن ، يطبع الله على قلبه كما يطبع على الشيء بالشمع والطين فيصير قلبه كالمختوم عليه ، لا يدخله شيء ولا يخرج منه شيء ، فلا يدخله الإيمان ولا يخرج منه الكفر ، فالختم على الشيء بمعنى الطبع عليه كناية عن ختم أمره .
والختم على النبوة عبارة عن أنه أوصد باب النبوة وطبع على بابها، فهو مقفل إلى يوم القيامة لا يفتح في وجه أحد ... والنبي محمد  خاتم الأنبياء لأنه آخرهم "(128).
وفيما يلي نورد الآيات الدالة على كونه نبينا محمد  خاتم الرسل وأن رسالته خاتمة الرسالات .
المطلب الأول :أدلة القرآن على ختم الرسالات برسالة نبينا محمد 
النص الأول : قال تعالى :)ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ((129).
النص الثاني :قال تعالى:)وأنـزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه ((130) .
فالكتاب الذي نـزل على نبينا محمد  وصف بوصفين :
الأول : أنه مصدق لما بين يديه من الكتب السابقة المنـزلة من عند الله على من سبقه من الرسل.
الثاني : هو ما تميز به عن جميع الكتب السماوية فقد جعله الله مهيمناً عليها جميعاً .
" فهو مراقب أمين يشهد على الكتب النازلة قبله بالصحة في مورد وبالتحريف في مورد آخر ولو أراد أهل الكتاب الوصول إلى الحق الواضح ، لرجعوا إلى ذلك الكتاب , لأنهم لم يأتوا على كتابهم كله "(131)،
قال تعالى ) ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب((132).)ونسوا حظاً مما ذكروا به((133)، وفوق هذا وذاك طالت أيدي التحريف ما نـزل إليهم من ربهم . قال تعالى :) فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ((134)،وهناك فريق منهم عندما يقرأون ما بكتابهم من شريعة فإنهم يقرأونه بطريقة تغير ألفاظه ،قال تعالى:
)وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ((135) .
فالله سبحانه وتعالى يخبرنا عما آلت إليه كتبهم ، حيث لم تحفظ أصولها ، فكيف لا يكون القرآن الكريم الكتاب الذي وصفه الله بأنه تبيان كل شيء وأنه محفوظ بحفظ الله له من كل جانب كيف لا يكون مهيمناً على بقية الكتب إذن .
" لقد ختم الله تعالى بنبيه محمد  الأنبياء والرسل الكرام كما ختم بدينه- الإسلام- الديانات السماوية السابقة , فكما لا دين بعد دينه كذلك لا نبي بعده  )(136).
المطلب الثاني: أدلة السنة المطهرة على ختم الرسالات برسالة نبينا محمد  .
النص الأول : قال  كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه :" مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بنياناً فحسنه وأجمله إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين "(137).
النص الثاني :جاء أيضاً عن أبي هريرة  كما في قصة أهل العرض يوم القيامة، وفزع الناس إلى الأنبياء أن رسول الله  قال :" أنا سيد الناس يوم القيامة " الحديث، وفيه فيأتون فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ؛ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك " (138) .
النص الثالث : أخرج مسلم عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسلت إلى الناس كافة ، وختم بي النبيون "(139) .
النص الرابع : جاء في حديث المنـزلة (140)، أن رسول الله  خرج من المدينة إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه . فقال لـه علي : أخرج معك ؟ فقال  : لا ، فبكى علي ، فقال لـه رسول الله  أما ترضى أن تكون مني بمنـزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"(141).
النص الخامس: عن جبير بن مطعم عن أبيه أن النبي  قال :"أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي يمحى بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي وأنا العاقب(142) "(143)، فهذا الحديث عبّر عن الخاتمية بلفظ (العاقب).
المطلب الثالث:الأدلة على خاتميه الرسالة من كتب أهل الكتاب
أولاً : في كتب العهد القديم :
البشارة الأولى : في مزامير داود :
ورد في المزمور 45 :" أنت أبرع جمالاً من بني البشر، انسكبت النعمة على شفتيك،لذلك باركك الله إلى الأبد . تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار جلالك وبهاؤك ، وبجلالك اقتحم الركب من أجل الحق والدعة والبر، فتريك يمينك مخاوف نبلك المسنونة في قلب أعداء الملك ،شعوب تحتك يسقطون "(144) .
وصف بقوله " لذلك باركك الله إلى الأبد" ، فهذا يعني أن رسالة هذا النبي ستكون هي خاتمة الرسالات لأنها ستبقى إلى قيام الساعة ، ثم إن ( هذه النبوة في المزامير لم تصدق إلا على محمد فلقد كان السيف والنبل في زمنه أسلحة الجيش الإسلامي ،وقد قاتل رسول الله  بنفسه ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن انسكاب النعمة على شفتيه تشير إلى الفصاحة والإعجاز البياني الذي جاء به معجزة له في القرآن )(145).
البشارة الثانية : من سفر النبي ميخا :
جاء في الإصحاح الرابع من عدد (1) إلى عدد (7) "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتاً في رأسه الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري إليه شعوب وتسير أمم كثيرة ويقولون هلم نصعد إلى جبل الرب وإلى بيت إله يعقوب فيعلمنا منه طرقه ونسلك في سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب فيقضى بين شعوب كثيرين ..الخ "(146).
"وفي ذلك اليوم يقول الرب أجمع الظالعة وأضم المطرود والتي أضررت بها وأجعل الظالعة بغية والمقصاة أمة قوية ويملك الرب عليهم في جبل صهيون من الآن إلى الأبد "(147).
فهذه بشارة أن البيت الخاص بالرب في آخر الزمان يكون مبنياً على قمم الجبال وهذه صفة جبل عرفة وطرق الحج إلى البيت الحرام بمكة والذي بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام خصوصاً وأنه أشار إلى قول الرب أجمع الظالعة وأضم المطرودة والتي أضررت بها والمقصاة يجعل من نسلها أمة قوية وهذه الأوصاف لا تنطبق إلا على السيدة هاجر والتي أقصيت هي وابنها إسماعيل  إلى أرض الحجاز ومن نسله أمة الإسلام(148) .
البشارة الثالثة : في سفر النبي أشعيا :
جاء في الباب الرابع والخمسين من كتاب أشعيا :" سبحي أيتها العاقر التي لست تلدين ، انشدي بالحمد ، وهللي ، التي لم تلدي من أجل أن الكثيرين من بني الوحشة أفضل من بني ذات رجل يقول الرب" (149) .
المراد بالعاقر في الآية مكة المعظمة لأنها لم يظهر منها نبي بعد إسماعيل  ، ولم ينـزل فيها وحي ، هي بخلاف أورشليم لأنه ظهر فيها الأنبياء الكثيرون ، وكثر فيها نـزول الوحي ، وبنو الوحشة عبارة عن أولاد هاجر لأنها كانت بمنـزلة المطلقة المخرجة عن البيت ساكنة في البر.
ولذلك وقع في حق إسماعيل في وعد الله هاجر "هذا سيكون إنساناً وحشياً " كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من سفر التكوين ، وبنو ذات رجل عبارة عن أولاد سارة فخاطب مكة الله آمراً لها بالتسبيح والتهليل وإنشاد الشكر لأجل أن كثيرين من أولاد هاجر صاروا أفضل من أولاد سارة ،فحصلت الفضيلة لها بسبب حصول الفضيلة لأهلها ،ووفى بما وعد بأن بعث محمداً  رسولاً أفضل البشر وخاتم النبيين من أهلها وفي أولاد هاجر(150) .
ثانياً : البشارات في العهد الجديد :
البشارة الأولى : من إنجيل يوحنا :
ورد في إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عدد 19، 20، 21.
" قالت المرأة : يا سيدي أرى أنك نبي و آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون أن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه، فقال لها يسوع: يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب "(151)، أي أنه ليس هو آخر الأنبياء كما يظن قومه ، فآخر الأنبياء لم يأت بعد ، وإذا جاء آخر الأنبياء فإن قبلة السجود سوف تتغير ( فهذه إشارة من السيد المسيح إلى تغيير القبلة التي يتم نحوها السجود إلى الله وأنها لن تكون في أورشليم أو بيت المقدس بل ستكون في مكان آخر وهذا ما جاء به الإسلام ، فإن القبلة تحولت في عهده من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بمكة وهي التي بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام)(152) .
البشارة الثانية : من إنجيل برنابا :
ورد في الفصل السادس والثلاثين عدد 6"وقد جاء الأنبياء كلهم إلا رسول الله الذي سيأتي بعدي لأن الله يريد بذلك حتى أهيئ طريقه" (153).
البشارة الثالثة : من إنجيل متى :
جاء في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا :(42)"وقال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتاب الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب . كان هذا وهو عجيب في أعيننا" (43) "ولذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينـزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره "(44)" ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه" (154) .
وهذه البشارة تنطبق على قول النبي  " مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله ،إلا موضع لبنة ، فجعل الناس يطوفون به ويقولون ما رأينا بنيان أحسن من هذا إلا هذه اللبنة , فكنت أنا تلك اللبنة "(155).
~
________________________________________
(127) الأنعام آية 46
(128) معالم النبوة في القرآن الكريم – الشيخ جعفر السبحاني ص 125-126(129) الأحزاب آية 40(130) المائدة آية 48
(131) معالم النبوة في القرآن الكريم ، الشيخ جعفر السبحاني ، ص128.
(132) آل عمران آية 23(133) المائدة آية 13(134) البقرة آية 79(135) آل عمران آية 78
(136) عظيم قدرة ورفعة مكانته عند ربه عز وجل – د. خليل إبراهيم ملاخاطه ص 310
(137) صحيح البخاري : &

الاشبيلي
12-20-2009, 09:46 AM
المبحث الخامس: الأدلة الأخرى على نبوة محمد 
المطلب الأول : الإخبار عن الغيب
"من المعلوم المقرر أن علم الغيب مختص بالله تعالى وحده ، وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه الكريمة في غير آية من كتابه العزيز ,قال تعالى:)قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله((156)،وقال تعالى:)وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو((157)،وأمر الله تعالى رسوله محمد
أن يقول للناس:)قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب((158) .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها , قالت :" من زعم أن رسول الله  يخبر بما يكون في غدٍ فقد أعظم على الله الفرية(159) "(160).
فالأصل في علم الغيب أنه يختص به تعالى ،لا يشاركه في العلم به أحد ، قال تعالى: ) فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ((161)، فأداة الحصر (إنما ) تفيد حصر الغيب لله وقد قال  كما أخبر عنه الله عز وجل: ) ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ((162) .
ولكن الله سبحانه وتعالى أطلع بعض ملائكته ورسله على بعض الغيب فقد جاءت أدلة تفيد أن الله تعالى استثنى من خلقه من ارتضى من الرسل فأودعهم ما شاء من غيبه بطريقة الوحي إليهم , وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوتهم , قال تعالى: ) وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ((163).
وقال تعالى:)عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا((164).
"فتلخص من ذلك أن ما وقع على لسان رسول الله  من أخبار الغيب دلالة على ثبوت نبوته وصحة رسالته"(165).
وفيما يلي نورد بعضاً مما أخبر به  من الغيب مقسمين ذلك إلى ثلاثة فروع :
الفرع الأول : الإخبار عن الغيب فيما مضى :
أخبرنا رسول الله  عن غيب الماضي الذي لم يعرفه  من ذلك ما أطلعه الله سبحانه وتعالى على أخبار الأمم الماضية , وعن بدء خلق السماوات والأرض , وعن بدء خلق الإنسان , وغير ذلك مما جاء على لسان نبي أميّ لا يقرأ المكتوب, وليس له أدنى علم بالمحجوب فكان يخبر " مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه تعنتاً وتعجيزاً عن أخبار تلك القرون السالفة فينـزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً ، بالإضافة إلى ما جاءت به السنة المطهرة "(166) .
فأخبر "عن خلق آدم وقصته مع الشيطان وقصص الأنبياء مع أقوامهم وخبر موسى والخضر وأصحاب الكهف وذي القرنين ولقمان وابنه ،وعن بعض أحكام التوراة حتى تحداهم الله بقوله: )قل فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين ((167)، يتحداهم ذلك النبي الأميّ فلا يستطيعون رد شيء مما يقول(168)".
والقرآن الكريم مليء بهذا فقد أنبأ عن القرى التي ظلمت نفسها وأهلكها الله ، وأخبر عن ابني آدم(هابيل وقابيل ) وعن نوح  ، والطوفان ،وامرأة نوح ، وقوم تبع ، ولقمان وحكمته , وإبراهيم  وقومه , وأصحاب الرس , وأصحاب الكهف وأصحاب الرقيم , وعزير الذي أماته الله مائة عام ،والذين خرجوا حذر الموت ، وعاد (قوم هود ) وثمود ( قوم صالح ) ، وقوم لوط  وامرأته ، وذي القرنين ، ويعقوب  والأسباط ،امرأة العزيز ، وأصحاب مدين وابنتي شعيب، وفرعون وقومه ، وامرأة فرعون ( آسية) ،وموسى  وأمه ، وقومه ، والتابوت ، وهارون ، وقارون ، وسبأ وبلقيس , وعمران وامرأة عمران ومريم ابنة عمران , والحواريين , وأصحاب الأخدود.
وأخبر عن أهل الكتاب ( اليهود والنصارى باستفاضة ) فقد أخبر عن بني إسرائيل وما أمرهم الله به , وأخبر عن معاندتهم وتكذيبهم وقتلهم الأنبياء وأخذ الميثاق عليهم وتحريفهم كلام الله , وشدة حرصهم على الحياة وأقوالهم وجرأتهم على الله والأنبياء , وما حرّم عليهم بسبب بغيهم , وأصحاب السبت وغرورهم وأمانيهم.
وتحدث عن النصارى من حيث نسيانهم الميثاق , وأقوالهم وجرأتهم على الله , والحواريين , والتثليث.
وذكر الصابئة والمجوس أيضاً وغير ذلك من أنباء من سبق .
"سمى الله سبحانه وتعالى الإخبار عن الأمم السابقة غيباً وأشار إلى وجه دلالتها على صدق رسول الله  , وعلى كون القرآن الكريم إنما نـزل بوحي من الله سبحانه وتعالى , فكثيراً ما يفتتح القرآن القصة أو يختمها بالإشارة إلى أن هذه الأمور ما كان لرسول الله  طريق إلى العلم بها إلا عن طريق الوحي من الله تعالى شأنه وجلّت قدرته , فمثلاً بعد قصة مريم وكفالة نبي الله زكريا لها يقول تعالى)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون((169).
ويقول عز من قائل بعد قصة نوح  :)تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين((170) .
وبعد قصة يوسف يقول سبحانه)ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون((171) .
وقبل عرض قصة موسى  يقول عزمن قائل)نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون((172).
وبعد انتهائها يقول جل ثناؤه:)وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين* ولكنّا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنا مرسلين(173)("(174).
والآيات كثيرة في هذا القسم من الغيب فما عليك إلا أن تقرأ القرآن فإنها فيه واضحة جلية . وجاءت فيه أكثر مما هي في سنة رسول الله .
أما ما جاء من أخبار الماضي في السنة فيما يلي نذكر نماذج منها :
خلق آدم :
عن أبي هريرة  عن النبي  قال( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً , ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك , تحيتك وتحية ذريتك , فقال :السلام عليكم , فقالوا : السلام عليك ورحمة الله , فزادوه رحمة الله , فكل من يدخل الجنة على صورة آدم , فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن)(175).
تحذير نوح  قومه من الدجال :
قال  : ألا أحدثكم حديثاً من الدجال ما حدث به نبيّ قومه ؟ إنه أعور, وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار , فالتي يقول أنها الجنة هي النار , وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه "(176).
أخبر عن نبي الله هود  وقومه عاد :
قال  (نصرت بالصبا(177) وأهلكت عاد بالدبور ")(178).
أخبر عن نبي الله صالح  وقومه ثمود :
عن ابن عمر رضي الله عنهما(أن رسول الله  لما نـزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها , فقالوا : قد عجنّا منها واستقينا , فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهر يقوا ذلك الماء)(179).
أخبر سالم بن عبد الله عن أبيه  ( أن النبي  لما مر بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أو يصيبكم ما أصابهم , ثم تقنع بردائه وهو على الرحل) (180).
أخبر عن إبراهيم  :
عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  ( ليلة اسري بي رأيت موسى هو رجل ضربُ رجلُ كأنه من رجال شنوءة , ورأيت عيسى فإذا رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس(181) وأنا أشبه ولد إبراهيم  به ثم أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر فقال : اشرب أيهما شئت , فأخذت اللبن فشربته. فقيل : أخذت الفطرة , أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك)(182).
ذكر نبي الله لوط  :
عن أبي هريرة  أن النبي  قال( يغفر الله للوط أن كان ليأوي إلى ركن شديد )(183).
ذكر نبي الله أيوب  :
عن أبي هريرة  عن النبي ( بينما أيوب يغتسل عرياناً خر عليه رجل جراد من ذهب , فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه ألم أكن أغنيك عما ترى ؟ قال: بلى ولكن لا غنى لي عن بركتك)(184) .
ذكر نبي الله داود :
عن أبي هريرة  عن النبي  قال :( خفف على داود  القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه , ولا يأكل إلا من عمل يده)(185).
ذكر نبي الله سليمان  :
عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله  أن سليمان بن داود  لما بنى بيت المقدس سأل الله  خلالاً ثلاثة :سأل الله  حكماً يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله  ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه وسأل الله  حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئة كيوم ولدته أمه"(186) .
وعن أبي هريرة  عن النبي  قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله . فقال صاحبه : إن شاء الله ، فلم يقل , ولم تحمل شيئاً إلا واحداً ساقطاً أحد شقيه . فقال النبي  : لو قالها لجاهدوا في سبيل الله "(187) .
ذكر نبي الله يونس  :
عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله  " دعوة ذي النون التي دعا بها في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . لم يدع بها مسلم في كربة إلا استجاب الله له "(188).
ذكر يحيى  :
عن أنس بن مالك أن النبي  حدثهم عن ليلة أسري به :" ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح . قيل : من هذا ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال:محمد ،قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . فلما خلصت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة ، قال : فهذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح "(189).
ذكر نبي الله عيسى وأمه عليهما السلام :
قال أبو هريرة  سمعت رسول الله  يقول :" ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها ".
ثم يقول أبو هريرة  :" وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "(190).
بدء الخلق :
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال : دخلت على النبي  وعلقت ناقتي بالباب ، فأتاه ناس من بني تميم ، فقال :" اقبلوا البشرى يا بني تميم " قالوا : قد بشرتنا فأعطنا ، مرتين ، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن،فقال :" اقبلوا البشرى يا أهل اليمن ، إذ لم يقبلها بنو تميم " قالوا : قد قبلنا يا رسول الله ، قالوا : جئناك نسألك عن هذا الأمر ، قال :" كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض "(191).وعن أبي هريرة  قال : قال النبي  :" قال الله تعالى: "يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له ،أما شتمه فقوله : إن لي ولداً ، وأما تكذيبه فقوله : ليس يعيدني كما بدأني "(192).
تكوين الأرض :
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وكانت بينه وبين الناس خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك ، فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله  قال :"من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين "(193).
خيام أهل الجنة :
عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري ، عن أبيه :أن النبي  قال :" الخيمة درّة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون "(194) .
الفرع الثاني:الإخبار عن الغيب في الحاضر
وهو ما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه من المغيبات فوقع أثناء حياته ، وما أخبر عن حوادث لم يحضرها فأخبر بحقيقة ما جرى .
وفيما يلي نماذج للقسم الثاني :
قتل أمية بن خلف :
فعن عبد الله بن مسعود  ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمراً ، قال فنـزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نـزل على سعد ، فقال أمية لسعد : ألا انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت ؟ فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل ، فقال : من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد : أنا سعد ، فقال أبو جهل : تطوف بالكعبة آمناً وقد آويتم محمداً وأصحابه ؟ فقال : نعم . فتلاحيا(195)بينهما . فقال أمية لسعد :لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي . ثم قال سعد : والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام ، قال فجعل أمية يقول لسعد : لا ترفع صوتك ، وجعل يمسكه ، فغضب سعد فقال : دعنا عنك ، فإني سمعت محمداً  يزعم أنه قاتلك . قال : إياي ؟ قال : نعم . قال : والله ما يكذب إذا حدث . فرجع إلى امرأته فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ قالت : وما قال ؟ قال : زعم أنه سمع محمداً أنه قاتلي . قالت : فوالله ما يكذب محمد. قال: فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته : أما ذكرت ما قال أخوك اليثربي ؟ قال : فأراد أن لا يخرج فقال أبو جهل : إنك من أشراف الوادي فسر يوماً أو يومين ، فسار معهم يومين فقتله الله "(196) .
قصة العباس  :
ولما بعثت قريش في فداء أسراهم إلى رسول الله  بعد بدر ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا -وكان العباس أسيراً- قال : يا رسول الله قد كنت مسلماً فقال رسول الله  :" الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخويك " قال العباس : ما ذاك عندي , قال رسول الله  فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم ".
قال والله يا رسول الله لأعلم أنك رسول الله إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وأم الفضل "(197).
قصة موت النجاشي :
عن أم كلثوم بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله  قالت لما تزوج النبي  أم سلمة قال لها :" إني قد أهديت للنجاشي أواقي من مسك وحلّة وإني لأراه إلا قد مات ولا أرى الهدية إلا سترد إلي ، فإذا ردت إلي فهي لك "(198)، فكان كما قال  ، مات النجاشي وردت إلى النبي  هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة "(199) .
قصة عمير بن وهب الجمحي :
كان عمير شيطاناً من شياطين قريش ، كان يؤذي رسول الله  ، وأصحابه ، ويلقون منه عناءً وهو بمكة ، وكان ابنه ( وهب ابن عمير ) في أساري بدر ، فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم ، وكان معه صفوان بن أمية ، فقال صفوان والله ما في العيش بعدهم خير . قال عمير صدقت ، أما والله لولا دين عليّ ليس لـه عندي قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم ، قال فاغتنمها صفوان وقال عليّ دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء يعجز عنهم ، فقال عمير : فاكتم شأني وشأنك قال : أفعل .
ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر وما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ راحلته على باب المسجد متوشحاً السيف ، فقال عمر : هذا الكلب عدو الله والله ما جاء إلا لشر . ثم دخل عمر على رسول الله  فقال يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب ، وقد جاء متوشحاً سيفه ، قال فأدخله علي ،فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها .
وقال لرجال من الأنصار ادخلوا على رسول الله  فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله  ، فلما رآه رسول الله  قال : أرسله فدعا عمير فقال رسول الله  :" فما جاء بك يا عمير " قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه-يعني ولده -قال :" فما بال السيف في عنقك" قال : قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئاً ، قال :" اصدقني ما الذي جاء بك " قال : ما جئت إلا لذلك .
قال رسول الله  :" بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين عليّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له ، والله حائل بينك وبين ذلك " .
فقال عمير أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينـزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله  :" فقّهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن ، وأطلقوا له أسيره " ففعلوا ...)(200).
مصارع الطغاة :
عن أنس بن مالك  قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال . وكنت رجلاً حديد البصر . فرأيته ، وليس أحد يزعم أنه رآه غيري . قال : فجعلت أقول لعمر : أما تراه؟ فجعل لا يراه . قال يقول عمر : سأراه وأنا مستلقي على فراشي . ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال : إن رسول الله  كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس ، يقول هذا مصرع فلان غداً ، إن شاء الله قال : فقال عمر ، فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحديد التي حد رسول الله  . قال فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله  حتى انتهى إليهم فقال :" يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً ؟ فإني وجدت ما وعدني الله حقاً " قال عمر :يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها ؟ قال :" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ شيئاً "(201).
الأعمال بالخواتيم :
عن سهل بن سعد الساعدي  أن رسول الله  التقى هو والمشركون فاقتتلوا . فلما مال رسول الله  إلى عسكره ، ومال الآخرون إلى عسكرهم . وفي أصحاب رسول الله  رجل لا يدع لهم شاذة (202) إلا اتبعها يضربها بسيفه . فقالوا : ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان . فقال رسول الله  :" أما أنه من أهل النار " فقال رجل من القوم أنا صاحبه أبداً . قال فخرج معه ، كلما وقف وقف معه ، وإذا أسرع أسرع معه ، قال فجرح الرجل جرحاً شديداً . فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه(203) بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله  ، فقال : أشهد أنك رسول الله , قال :" وما ذاك ؟" قال الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك . فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحاً شديداً ، فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه . فقال رسول الله  عند ذلك :" إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار . وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة "(204).
الفرع الثالث:الأخبار عن الغيب في المستقبل
وهو ما أخبر به سيدنا محمد  من مغيبات المستقبل فضلاً عما جاء في القرآن الكريم ، والأحاديث في هذا القسم (أي الذي ورد في السنة النبوية) كثيرة جداً وسوف أقتصر على ذكر نماذج منها :
وهي تنقسم إلى قسمين :
1. القسم الأول : ما أخبر به  وقد تحقق ووقع فعلاً كما أخبر به .
2. القسم الثاني :ما أخبر به  ولكن لم يحن موعد تحققه وسيقع كما أخبر سواءً بسواء .
القسم الأول : ما أخبر به  ووقع فعلاً كما أخبر
1) ما أخبر به عدي :
عن عدي بن حاتم قال : بينما أنا عند النبي  إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل ، فقال : يا عدي ، "هل رأيت الحيرة " ، قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال :" فإن طالت بك حياة , لترين الضعينة ترتحل من الحيرة ، حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله - قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد – ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى " قلت كسرى بن هرمز ؟ قال :" كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة ، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه،وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه،وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له،فيقولن : ألم أبعث إليك رسولاً فيبلغك ؟ فيقول : بلى ، فيقول : ألم أعطك مالاً وولداً وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم ، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم " قال عدي : سمعت رسول الله  يقول :" اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة ". قال عدي : فرأيت الضعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله ، وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز ، ولئن طالت بكم حياة ، لترون ما قال النبي أبو القاسم  :" يخرج ملء كفه.. "(205).
2) ما أخبر به ابنته فاطمة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي  فقال النبي :" مرحباً بابنتي " ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثاً فبكت ، فقلت لها لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ، فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سرّ رسول الله  ، حتى قبض النبي  فسألتها ، فقالت أسر إليّ:" إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي " فبكيت
فقال :" أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين " فضحكت لذلك(206) .
وقد مات  في مرضه ذلك ، فتحقق ما أخبر به ابنته ، ثم كان أول من لحق به من أهله ، هي ابنته فاطمة رضي الله عنها .
3) فتح بيت المقدس :
جاء في حديث عوف بن مالك  أنه قال : قال رسول الله  :" أعدد ستاً بين يدي الساعة.. فذكر منها :"فتح بيت المقدس "(207)ففي عهد عمر بن الخطاب  تم فتح بيت المقدس سنة ست عشرة من الهجرة ؛ كما ذهب إلى ذلك أئمة السير ، فقد ذهب عمر  بنفسه، وصالح أهلها،وفتحها،وطهرها من اليهود والنصارى،وبنى بها مسجداً في قبلة بيت المقدس (208).
4) ظهور نار الحجاز :
عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ، تضيء أعناق الإبل ببصرى "(209).
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام أربع وخمسين وست مائة(654)، وكانت ناراً عظيمة ، أفاض العلماء ممن عاصر ظهورها ومن بعدهم في وصفها(210) .
قال النووي : ( خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وست مائة ، وكانت ناراً عظيمة جداً ، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة )(211).
5) انتشار الربا :
عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام "(212).
وهذا هو الحادث فعلاً فما زال مستمراً ومنذ زمن والمسلمون لا يتحرجون من تعاملهم بالربا .
( ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه أورد حديث أبي هريرة السابق في باب قول الله : )يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ((213)،ليبين أن أكل الأضعاف المضاعفة من الربا يكون بالتوسع فيه عند عدم مبالاة الناس بطرق جمع المال وعدم التمييز بين الحلال والحرام)(214).
القسم الثاني : ما أخبر به الرسول  ولم يحن موعد تحققه :
1) خروج القحطاني :
عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال:" لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه "(215).
قال القرطبي : قوله "يسوق الناس بعصاه"،كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه ، واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصا ، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له ، واستيلائه عليهم ، إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم وعنفه بهم(216) .
2) قتال اليهود :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله  يقول :" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر يا مسلم ، هذا يهودي ورائي فاقتله "(217).
3) ذكر المهدي :
عن أبي سعيد الخدري  ؛ قال : قال رسول الله  :" أبشركم بالمهدي ؛ يبعث على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً " فقال له رجل : ما صحاحاً ؟ قال :" بالسوية بين الناس " .
قال : " ويملأ الله قلوب أمة محمد  غنى ، ويسعهم عدله ، حتى يأمر منادياً فينادي ، فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول : أئت السدان (الخازن) ، فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً فيقول له : احث ، حتى إذا حجره وأبرزه ؛ ندم ، فيقول كنت أجشع أمة محمد نفساً ، وأعجز عني ما وسعهم ؟ . قال ، فيرده ، فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده " أو قال : " ثم لا خير في الحياة بعده "(218).
4) طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض :
عن أبي هريرة  ؛ قال : قال رسول الله  :" ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً:طلوع الشمس من مغربها،والدجال ، ودابة الأرض "(219).
وقال تعالى :)وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون((220).
فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة ، وأن ذلك يكون عند فساد الناس ، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق ، يخرج الله لهم دابة من الأرض فتكلم الناس على ذلك(221) .
وقد اختلف العلماء في تعيين ووصف هذه الدابة وقد رجح القرطبي أنها من نفس فصيل ناقة النبي صالح ، قال القرطبي : ( أولى الأقوال أنها من فصيل ناقة صالح , وهو أصحها ، والله أعلم )(222).
5) حسر الفرات عن جبل من ذهب :
عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو "(223).
6) عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً :
عن أبي هريرة  أن رسول الله  قال :" لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً "(224).
هذا الحديث يشير إلى أن أرض العرب التي هي صحراء ، كانت بساتين وأنهاراً ، وأنها سوف تعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
~
________________________________________
(156) النمل آية 65(157) الأنعام آية 59(158) الأنعام آية 50(159) صحيح مسلم ، حديث رقم 177
(160) نظرة النعيم ج 1 ص 542(161) يونس آية 20(162) الأعراف آية 188(163) آل عمران آية 179(164) الجن آية 26-27
(165) نظرة النعيم ج 1 ص 542-543(166) نظرة النعيم ج 1 ص 544(167) آل عمران آية 93
(168) الصحيح المسند من دلائل النبوة : مقبل بن هادي الوادعي ص 41(169) آل عمران آية 44.(170) هود آية 49.(171) يوسف آية 102.
(172) القصص آية 3.(173) القصص آية 44-45.(174) مباحث في إعجاز القرآن – أ.د مصطفى مسلم ص 261 باختصار.
(175) صحيح البخاري ج 6 ص 362.(176)صحيح البخاري ج 6 ص37 .
(177) الصبا رياح يقال لها القبول لأنها تقابل الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس وضدها الدبور : وهي التي أهلكت بها قوم عاد – دلائل النبوة – مقبل بن هادي الوادعي ص 254.(178) أخرجه مسلم ج 2 ص 617.(179) أخرجه مسلم ج 4 ص 2285(180) البخاري ج 6 ص 378(181) الديماس : الحمام – الصحيح المسند من دلائل النبوة – مقبل الوادعي ص 259(182) البخاري ج 6 ص 428 , ومسلم ج 1 ص 154.(183) البخاري ج 6 ص 415(184) البخاري ج 6 ص 420
(185) البخاري ج 6 ص 453.(186) النسائي ج 2 ص 28 وهو حديث صحيح ورجاله ثقات .(187) البخاري ج 6 ص 458.
(188) أخرجه الإمام أحمد في المسند ج 1 ص 170 وهو حديث صحيح الإسناد .(189) البخاري ج 6 ص 467 , ومسلم ج 1 ص 150
.(190) البخاري ج 6 ص 469 , ومسلم ج 4 ص 1838.(191) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.
(192) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1166.(193) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1168 .(194) صحيح البخاري : باب بدء الخلق ص 1185 .(195) تلاحيا : تلاوما وتنازعا ، نظرة النعيم :ص 544(196) رواه البخاري ، انظر الفتح : 6 ( 3632)(197) المستدرك على الصحيحين ، الجزء 3ص(366)
(198) الاستيعاب ،ج(4)، رقم (4202)
(199) من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم – عبد العزيز السلمان ص 8.(200) مجمع الزوائد، الجزء 8 ، ص(285)(201) رواه مسلم برقم 2873
(202) الشاذ والشاذة : الخارج والخارجة عن الجماعة والمعنى أنه لا يدع أحد . موسوعة نظرة النعيم ص545
(203) ذبابة : ذباب السيف هو طرفه الأسفل وأما طرفه الأعلى فمقبضه . موسوعة نظرة النعيم ص 546(204) رواه البخاري : حديث رقم 2898 , ومسلم برقم 112(205) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1317
(206) صحيح البخاري : باب المناقب : ص 1327(207) صحيح البخاري : كتاب الجزية والمودعة : باب ما يحذر من القدر : ج 6 ص 277 مع الفتح.
(208) البداية والنهاية ج 7 ص 55-57(209) صحيح البخاري : كتاب الفتن : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح ، وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة : ج 18 ص 30 مع شرح النووي .(210) أشراط الساعة – يوسف الوابل ص 117(211) شرح النووي لمسلم ج 18 ص 28.
(212) صحيح البخاري : باب قول الله عز وجل :" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا " ج 4 ص 313 مع الفتح .(213) آل عمران آية 130
(214) أشراط الساعة : يوسف الوابل : ص 140 –141.(215) صحيح البخاري : باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان ج 13 ص 76مع الفتح , وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 36 مع شرح النووي .(216) التذكرة ،المرجع السابق ص 635 .(217) صحيح البخاري : باب المناقب :ص 1316
(218) مسند الأمام أحمد ج 3 ص 37 مع منتخب الكنـز ، قال الهيثمي : رواه الترمذي وغيره باختصار كثير ورواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات ، مجمع الزوائد ( 7/ 313 –314).(219) صحيح مسلم : كتاب الإيمان : باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ج 2 ص 195 : مع شرح النووي .
(220) النمل آية 82
(221) تفسير ابن كثير ج 6 ص 220(222) تفسير القرطبي ج 13 ص 235.
(223) صحيح البخاري : باب خروج النار : ج 13 ص 78 مع الفتح, وصحيح مسلم ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ج 18 ص 18 : مع شرح النووي .
(224) صحيح مسلم.

الاشبيلي
12-20-2009, 09:48 AM
المبحث السادس: تأييده  بالمعجزات
تمهيد
يجب أن تكون آخر الرسالات السماوية تحمل في طياتها ما به يؤمن عليه البشر في جميع العصور والأزمنة على مختلف علومهم وثقافاتهم، ولأن دين محمد  هو آخر الأديان فقد اختص بهذه الصفة من بين جميع الأديان ، فكما نعلم أن موسى  قد أيده الله بالعصا وغيرها من المعجزات التي شاهدها قومه في عصره فقط ، وكذلك عيسى  فقد أيده الله بمعجزة إحياء الموتى وغيرها من المعجزات وهذه المعجزات معجزات موسى و عيسى ، كذلك جميع معجزات الأنبياء السابقين لم تعد موجودة ولا يمكن مشاهدتها اليوم ، كناقة صالح مثلاً . أما النبي الخاتم فله معجزة خالدة إلى يوم القيامة، قال  (ما من نبي إلا أوتي من الآيات ما آمن عليه البشر ، وكان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلىَّ وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)(225) فمعجزة خاتم الأنبياء والمرسلين لم ترتبط بحياته  وإنما جاءت منفصلة قائمة بذاتها لا تزول بوفاته  ، وتلك هي معجزة القرآن الذي أوحاه الله تعالى إليه بما فيه من إخبارات كشف العلم عنها في الوقت الحاضر قال تعالى :)سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد((226) وقال تعالى :)وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون(227)( وها هو ذا عصرنا بعلومه يصدق ما جاء في الآيتين السابقتين وغيرهما
حادثة انشقاق القمر :
روى البخاري ومسلم و غيرهما عن أنس بن مالك  أن أهل مكة سألوا رسول الله  أن يريهم آية فأراهم شق القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما(228). وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذا الانشقاق في القرآن الكريم فقال عز من قائل )اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر * ولقد جاءهم من الأنباء مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر((229).
" فكان هذا الانشقاق -كما قال الخطابي- آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء ، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع ، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة فلذلك صار البرهان به أظهر "(230)
يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني:"جرت بيني وبين أحد المستشرقين مناقشة ؛ قال لي فيها: كيف تثبت لي أن هذه الخوارق قد وقعت -وكانت المناقشة حول انشقاق القمر للنبي  فإنه قد انشق القمر نصفين على عهد النبي  وذلك لأن قريش كانت تطالب الرسول أن يريهم آية فشق الله سبحانه وتعالى القمر له نصفين، ورأى الناس القمر وقد انشق نصفين فكفار قريش عجبوا من هذه الرؤية ومن هذه المعجزة والآية وقالوا : سحرنا ابن أبي كبشة ،وبعضهم قال:سحر القمر، ثم قالوا: لكن إذا كان قد سحرنا نحن فإنه لا يستطيع أن يسحر المسافرين انتظروا حتى يأتي المسافرون، فلما جاء المسافرون من كل اتجاه سألتهم قريش : هل رأيتم انشقاق القمر ؟قالوا :نعم رأينا انشقاق القمر ،فقالت قريش : لقد جاء بسحر عظي‍م-فقلت له:(لقد وقع انشقاق القمر في عهد النبي  وكان هناك فريقان متصارعان متنافسان متباغضان يكيد كل منهما للآخر ، ولما وقعت حادثة انشقاق القمر كانت قريش تحرص على أن تجد شيئاً بسيطاً تكذب به رسول الله  وبعد أن وقعت الحادثة نـزل القرآن يقرأ عليهم ما حدث ويسجل مواقفهم من الحادثة قال تعالى: اقتربت الساعة وانشق القمر .وإن يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر،فلو أن القرآن سجل شيئاً لم يقع ( أي لو أن القمر لم ينشق) لكانت الفرصة لكفار قريش ليقولوا محمد يزعم أن القمر قد انشق وأننا رأيناه وأننا قد قلنا هذا سحر وما وقع من ذلك شيء ، أما المسلمون فكان منهم من سيرتد عن الإسلام إ ذ كيف يكذب عليهم ويقول وقع انشقاق ولم يقع؟
ولكن ما الذي حدث ؟ الذي حدث أنه ثبت المسلمون على إسلامهم واستمروا على إيمانهم وازدادوا إيماناً ، وتحول الكفار من الكفر إلى الإسلام وأصبحوا بعد ذلك من جيش الإسلام ....
وقد ورد عن ابن كثير وكما قاله صاحب كتاب فتح القدير (الشوكاني): وقد ثبتت هذه الحادثة بأعلى درجات الثبوت في كتاب الله وفي الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة ، فكيف ثبتت في أحاديث الذين شاهدوا ذلك رؤى كل واحد منهم مختلفة ، كان يقول : أنا رأيت انشقاق القمر ،رأيت فلق هنا وفلق هناك ،ومنهم من يقول: رأيت الجبل بين الفلقين ومنهم من يقول رأيت جزء من القمر قبل الجبل والجزء الآخر يغيب وراء الجبل ..
فسيتعجب من يقول : كيف ذلك؟
والسبب هو زوايا الرؤيا ؛ هذا يراه من زاوية وهذا يراه من زاوية أخرى، فتواترت بذلك أخبار الصحابة رضوان الله عليهم.
يقول (دويسي مسى دسكك) :" كنت واحداً من مجموعة تتحاور مع ثلاثة من كبار علماء أميركا من وكالة الفضاء (ناسا)فناقشناهم وقلنا لهم الناس يموتون جوعاً وأنتم تنفقون المليارات من أجل أن تصلوا إلى القمر ثم تعودون لنا بشيء من الصخور! فما قيمة تلك الصخور؟ (قالا استفززنا حفائظهم ) .
فردوا علينا : نحن ما خرجنا إلى القمر وما وصلنا إلى القمر من أجل ما قلتم ؛ إنما كان لنا هدف من الأهداف وهو أنه حيرتنا ظاهرة القمر ، لقد رأينا القمر مشقوق نصفين وعندما انشق القمر وعاد لم يلتئم كما كان مائة بالمائة وإنما حدث شيء من الزحزحة ؛ هذه الزحزحة التي حدثت وتكوين حزام من الصخور المتحولة -وهذه الصخور المتكونة لا تتكون إلا تحت ضغط شديد وحرارة عالية- فعندما عاد القمر حدث هذا الضغط الشديد والحرارة العالية و التحم القمر .
وتمكنوا من معرفة هذا الحزام بالقياسات الزلزالية التي أجروها على سطح القمر وتأكدوا أن القمر قد انشق نصفين ثم التحم .
ثم قال (دويسي مسى دسكك):لما علمت ذلك علمت أن محمد اً رسول الله.
فمن الذي يستطيع أن يشق القمر إلى نصفين ؟إنه لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا ؛ هذا من خوارق العادات فالعادة أن القمر نصف متكامل فإذا انشق نصفين استجابة لرغبة النبي  بأن يظهر الله آية لهؤلاء الكفار ؛ إن ذلك يكون دليلاً على أن محمداً صادق ، وأنه مؤيد من ربه الذي أيده بهذه المعجزات الباهرة "(231)
نهاية الكون بين علماء الكون والقرآن العظيم :
إن علماء الفلك مازالوا في اضطراب عظيم حول مصير هذا الكون المتوسع ، وإن آراءهم المتباينة قد تأسست على فروض شتى حول هيئة الكون كما يلي :
1) الكون كبالون هائل، ولسوف يتوسع باطراد حتى ينفجر في النهاية. ولقد بني هذا الرأي على تصور (كون مغلق) ينفجر في النهاية فيم سمي (الانسحاق العظيم ) (Big Crunch) .
2) الكون ليس مغلقاً ، ولكنه (كون مفتوح) ولسوف يتوسع إلى الأبد، وعليه ، فلا نهاية لتمدده ، إنه توسع بلا نهاية .
3) الكون مكون من العديد من (البالونات) كل واحد منها يتمدد حتى يكون لكل منها (يوم القيامة) الخاص به.
4) الكون كله لا يخضع لنفس القوانين الفيزيائية التي نعرفها ، وربما كانت هناك أكوان أخرى غير كوننا تخضع لقوانين لا علم لنا بها البتة. وهناك آراء أخرى لعلماء آخرين(232).
دلالة القرآن العظيم
إن محمداً لم يكن عالماً فلكياً قط ، ولا جاء حتى في عصر الفلكيين ، وعلى الرغم من ذلك فإن القرآن يعطينا فكرة بالغة التحديد عن نهاية العالم ، بحيث يمكننا ببساطة فهمها دون الاضطرار إلى مراجعة أمهات الكتب في الكونيات لاينشتاين ، وستيفن هوكنج ، وهايزنبيرج وماكس بلانك ، وهابل* وغيرهم ، ولكننا كمسلمين ، يمكننا اختيار دلالة القرآن على مسألة فناء الكون أو نهايته على النحو التالي:
إن كثيراً من آيات القرآن قد ذكرت أن حدثاً هائلاً سوف يكون سبب نهاية الكون ، وأن ذلك سيكون بزلزلة بالغة العنف، وأن العلامات الأولى لهذا الحدث الجلل هي (الانفطار) ، (الانشقاق)، (الانفتاح) للسماء (المادة الكونية) وأن ذلك سوف يؤدي إلى الانهيار المفاجئ للتوتر الهائل الكائن حالياً ، يقول الله تعالى:)وانشقت السماء فهي يومئذٍ واهية((233). وقال تعالى )فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان((234). وقال تعالى)يوم تكون السماء كالمهل((235). وقال تعالى)يوم تمور السماء مورا((236).
فهذا الانهيار الذي يحدث للسماء بمجرد الانشقاق لهذه السماوات المثقلة بالتوتر الشديد ، فإننا ندرك ببساطة أن هذا التوتر والشد ما هو إلا نتيجة الاتساع الكوني المستمر والذي هو في وقتنا الحالي على أعلى درجاته وفي لحظة فاصلة ، فإن الانشقاق والانفطار للسماء هو المصير المحتوم ، يقول الله تعالى)إذا السماء انشقت((237).ويقول سبحانه )إذا السماء انفطرت* وإذا الكواكب انتثرت((238). ويقول أيضاً سبحانه )فإذا النجوم طمست* وإذا السماء فرجت((239).
إن بداية نهاية الكون-على ما نفهمه من إخبارات القرآن - ستبدأ بانشقاق السماء وبعده(انفطار) وبعده انفراج السماء وانفتاحها مما يؤدي إلى توقف عملية (التوسع) الكوني؛ لأن هذا التمزق الحاد في جسم السماء سيؤدي إلى انهيار قوى الشد والتمدد لينتهي بالسماء إلى الحالة الواهية المذكورة في سورة الحاقة.عقب تلك الأحداث الهائلة فإن مرحلة الكون الأخيرة تطل برأسها،إنها مرحلة الانسحاق العظيم قال تعالى) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب((240)، تحت تأثير قوى الجذب الجبارة التي لا يمكن وصفها ، إنها القوة التي كانت تقاوم التوسع قبل تمزق السماء وهكذا فإن الطي العظيم سينتهي بالكون إلى حالته الأولى قبل أي تمدد أو اتساع.
تماسك الكون
قال تعالى )والسماء ذات الحُبُك((241) وقال تعالى )خلق السماوات بغير عمد ترونها((242) وقال تعالى )ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه((243) وقال تعالى )الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها((244) .يستفاد من لسان العرب لابن منظور ومن غيره من المعاجم أن الحُبك : جمع حبكه وحباك و حبيكة ، ولها عدة معان منها : طرائق : جمع طريق (والسماء ذات الحبك) تعني طرائق النجوم ، والحبكة هي الحبل الذي تشد به الأشياء ليثبت بعضها البعض الآخر. وقد اختصر أحد العلماء النظام الكوني بالجملة الجامعة التالية : (في الكون كل شيء يدور ويجري ويشد بعضه بعضا) ففي السماء حبال غير مرئية تشد المجرات والكواكب والنجوم إلى بعضها البعض فتجعلها تلتزم بمسارات محددة بكل منها ، عنينا بذلك قوى الطبيعة الأربع التي يقوم عليها النظام الكوني وهي : قوى الجاذبية والكهرطيسية والنووية القوية والضعيفة(245)، فهل كان محمد  عالماً بهذه القوى في عصر الناقة والصحراء؟!
الجواب : بالطبع لا ، ولكن هذا الخبر جاءه من لدن عليم خبير هو الله خالق هذا الكون العظيم .
لكل داء دواء:
سبق الإسلام الطب القديم والحديث بجملة هائلة من المعلومات الطبية فبدأ ببيان أهم القواعد الطبية؛ إن لكل داء دواء – وأنه ما من داء إلا وله شفاء عرفه من عرفه ، وجهله من جهله . كما روى مسلم في صحيحة من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي  أنه قال :(لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل )(246).
الإعجاز في الحبة السوداء :
قال  :(عليكم بهذه الحبة السوداء ، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام )(247) . والسام : الموت ، كما روى البخاري الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي  يقول:"إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام"(248) ، وفي روايه لمسلم :(ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء إلا السام)(249)، لقد أثبتت التجارب الحديثة التي أجريت على الإنسان والحيوان أن للحبة السوداء تأثيراً موسعاً للشعب الهوائية ، يفيد في علاج النـزلة الشعبية وتأثيراً مضاداً للميكروبات ، وتأثيراً منظماً لضغط الدم ، وتأثيراً ، مدراً لإفراز المرارة .
كما بينت دراسة تأثير السميات على الحيوانات أن مستخرجات الحبة السوداء خالية من أي تأثير سمي ضار حتى لو تم حقنها بكميات كبيرة . وقد ثبت أن تناول حبوب النيجيللا ساتيفا (الحبة السوداء)بالفم بجرعة جرام واحد مرتين يومياً له أثر مقوي لوظائف المناعة ، وقد تكون لهذه النتائج فائدة عملية عظمى ، إذ من الممكن أن يلعب مقوي طبيعي للمناعة مثل الحبة السوداء دوراً هاماً في علاج السرطان والإيدز وبعض الظروف المرضية الأخرى التي ترتبط بحالات نقص المناعة (250).
وجه الإعجاز في الحبة السوداء :
معلوم أن جهاز المناعة له تأثير مباشر وغير مباشر في جميع أجهزة الجسم ، وعليه فإن أي خلل في هذا الجهاز يعود بالخلل على جميع أجهزة الجسم ، كما في مرض الإيدز مثلاً ، وأن صحة هذا الجهاز وتقويته تعود بالفائدة المباشرة أو غير المباشرة على جميع أجهزة الجسم وعليه عندما يصاب الإنسان بمرض ما في بعض أجهزته تؤثر قوة جهاز المناعة في الشفاء من هذا المرض تأثيراً مباشراً أو غير مباشر . ولقد ثبت بالبحث أن الحبة السوداء تقوي جهاز المناعة في الجسم ، وتحسن وظائف هذا النظام ، وذلك بما ثبت من تحسن نسبة المساعد إلى المعوق في خلايا (ت)(ت4 : ت8) وفي تحسن النشاط الوظيفي لخلايا القاتل الطبيعي. وهكذا يجلي العلم اليوم هذه الحقيقة ، وما كان لأحد من البشر أن يتكلم بهذا منذ أربعة عشر قرناً إلا بوحي من الله تعالى.(251)
~
________________________________________
(225) رواه البخاري ومسلم . (226) فصلت : (53).(227) النمل (93).
(228) صحيح البخاري أنظر الفتح ج7 ص(3868)ومسلم (2802). (229) القمر (1- 5).(230) فتح الباري ج7 ص(224)عن نظرة النعيم ص(528).
(231) من شريط: براهين الإيمان، للشيخ عبد المجيد عزيز الزنداني ،باختصار.
(232) أنظر - البرت أينشتين : تطور الفيزياء – أكاديمياً-بيروت لبنان - 1993.
* (استيفن هوكنج : مختصر في تاريخ الزمن – أكاديمياً – بيروت – لبنان – 1990. ويرنر هايزنبرج : فلسفة الفيزياء – المكتب الأكاديمية – القاهرة 1993.
ريتشارد فايتمان : خصائص قوانين الفيزياء – مؤسسة الرسالة – سوريا – دمشق - 1965 نقلا عن محمد  والمعجزة العظمى د/ توفيق علوان ص(52). )
(233) الحاقة (16).(234) الرحمن (37).(235) المعارج (8).(236) الطور(9).(237) الانشقاق (1).(238) الانفطار (1- 2)(239) المرسلات(8- 9)
(240) الأنبياء (104).(241) الذاريات (7).(242) لقمان (10).(243) الحج (65).(244) الرعد (2)
.(245) من علم الفلك القرآني د/ عدنان الشريف ص(61-63).بتصرف.
(246) صحيح مسلم . الإنترنت – موقع جامعة الإيمان ، ( WWW. Aliman . org ) الحبة السوداء ص(1).
(247) أخرجه البخاري (10-121) في الطب : باب الحبة السوداء ، ومسلم (2215) باب التداوي بالحبة السوداء ص(9-22)باختصار.
(248) فتح الباري (10/143ج5687).(249) صحيح مسلم (4/1736 ج89).(250) الحبة السوداء شفاء من كل داء د/ أحمد القاضي د/ أسامة قنديل ، ص23.
(251) الحبة السوداء شفاء من كل داء د/ أحمد القاضي د/ أسامة قنديل ،ص(25).



المصدر

http://www.truth.org.ye/

الاشبيلي
03-07-2010, 12:44 PM
للرفع.........................

إلى حب الله
07-09-2011, 11:28 AM
للرفع .....
مع طلب خاص من أحد الإخوة أو الأخوات ...
هل يستطيع أحدكم تلوين ما خطه أخونا الإشبيلي جزاه الله خيرا ً:
بأن يقوم بعمل اقتباس مثلا ًلكلامه : ثم يقوم بتلوين النصوص التي فيه ..

وأجره وثوابه على الله ...

لأني أعرف أن الكلام الملون : يجذب غير المعتادين على القراءة الكثيرة مثلنا ..

والله الموفق ..