المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اذا كان هذا عقلك فقد استرحت



سالم
01-06-2010, 04:43 PM
" إن كان هذا عقلك فقد إسترحت !!!!! "


جذبتني هذه الكلمات جدا ًَ عندما قرأتها . كل شخص منا يرتاح لقراراته وتفكيره وآراءه في جميع الأمور سواء كانت هذه القرارات والآراء صحيحة كانت أو خاطئة .
ولم يتنهي الأمر عند هذا الحد بل زاد حتى أصبحنا لا نقبل بتغيرها ولا نتقبل النصيحة والرشد بل أصبحنا نمشي وراء رغباتنا حتى لو كانت تخالف الكتاب والسنة .
وعند التعرض لأي ضغط يضعف الشخص ويتنازل عن معتقداته وأفكاره ( إلا من رحم ربي ) .

إليكم القصة التي ذكرت فيها هذا الجملة :

في زمن الإمام أحمد بن حنبل قالوا له إن " القرآن مخلوق " ، قال لهم القرآن كلام الله غير مخلوق .... سجنوه وضربوه ... وقال الذي ضربه : ضربت أحمد سبعة عشر سوطا ًَ لو ضربها جبل لانهد .

**** قال أبو سعيد الواسطى : دخلت علي أحمد السجن قبل الضرب فقلت : يا أبا عبد الله ، عليك عيال ولك صبيان وأنت معذور كأني أسهل عليه الإجابة .

""" وكأنه يقول بلغة عصرنا وراك عيال ويحتاجون إليك قل ما يريدون وأخرج ألست من داخل قلبك تعتقد أن القرآن كلام الله ، إذا ًَ لا حرج عليك ، طالما أن قلبك مطمئن بالإيمان """

فقال الإمام أحمد " يا أبا سعيد ، إذا كان هذا عقلك فقد استرحت !!! "

وما أكثر العقول المستريحة في زماننا .... أراح دماغه تارك نفسه مع الماشي وحينما يموت لا يجد إلا النار والعياذ بالله .

لو كنت تعرف أن الشرع أمرك لشئ واضطرتك الظروف أن تخالفها هل ستفعل ؟؟؟؟ سأترك لكل واحد منا الإجابة بما يراه في نفسه


========

أنجو بنفسي وأضل جميع هؤلاء

هكذا كان العلماء يضحون بانفسهم ويتمسكون بالعقيدة و لايقبلون ان يغيروا عقائدهم حتى لو كان في ذلك نجاتهم في سبيل ان لا يضل عامة الناس

في حين ان في الشرع يبيح ان ينجو ابن حنبل بنفسه

قول الله تعالى ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ولكن حرص الإمام على تعليم الناس وإيصال الحق لهم ولمن يأتي بعدهم وعدم مشاركة أهل البدع في بدعهم جعلته يتحمل هذا الأذى وهذا العذاب،

سالم
01-06-2010, 04:45 PM
====================

قال الإمام أحمد :

علقت بالسـقف من رجلي وبيني وبين الأرض مسـافة ذراع فكانوا يعذبونني على هذه الشاكلة فإنقطع الحبل بي فدكت عنقي بالأرض فأغمي علي ولم أدري ما وراء ذلك ، وجيئ به في اليوم الثالث فلف في حصـيرة وظلوا يدوسـون عليه حتى أغمي عليه وفي كل ذلك يقولون له قل بقولنا بأن القرآن مخلوق وهو يأبى ، فتركه المعتصم لعله يلين ولعله و لعله ، في تلك الفترة وهو في قصر المعتصم يجيئه بعض تلاميذه الذين يترخصــون ، أحد تلامذته اسمه ابن أبي زهير يقول له أيها الإمام ما عليك أن تجيب ..... فإن لك عيال ولك أولاد ولك كذا فلو أجبتهم والنية عند الله ، فنظر له الإمام أحمد نظرة ملية وقال له يا أبا سعيد إن كان هذا عقلك فقد إسترحت ، فالإمام يدرك أن صموده نصرة للحق ....
ويجيئه آخر من تلامذته ويقول أيها الإمام ما عليك أن تجيب فيقول له نعم انظر من خـلال الشرفة وأخبرني ماذا ترى فينظر فيقول إني أرى أهل بغداد قد اجتمعوا كل معه القرطاس والقلم ينتظرون ما تقول به, قال: أف ...أنجو بنفسي وأضل جميع هؤلاء !!!.
وقال بشر بن الحارث الحافي الزاهد العابد المشهور رحمه الله في تلك الأيام وكان مهابا من الجميع ، كان في تلك الأيام يجمع العامة حول القصر ويجعلهم على حب أحمد ويقول وهو يمد رجله ما أقبح هذه الساق ألا يكون فيها القيد نصرة لهذا الرجل ، نصرة للإمام أحمد بن حنبل .
و بتلك الصرامة و الحساسية المرهفة و الصمود
زرعت المعانى . فأثمرت تقوى فى قلوب المؤمنين من ثبات الإمام أحمد و من معه من الثابتين الذين سبقوه و قضوا نحبهم فى سبيل العقيدة ....
و منهم نعيم بن حماد الـخـزاعي إمام الحديث بمصر مات فى السجن ساعتها رافضا التنازل , و البويضي الفقيه بمصر مات فى الطريق أيضا
كلاهما قضى نحبه ...
و كان هناك علم آخر صمد لا يصح أن ننساه
لكنه لم يعذب لكبر سنه , هو ( أبي نعيم الفضل بن زكين ) شيخ البخاري ومن أئمة الـحديث بالكوفة .,جيئ به إلى المعتصم , و كان شيخا مسنا تجاوز السـبعين فقال له المعتصم أقْطَعُ عطائك أى راتبك الخارج من بيت المال , ، فمد يده إلى ذر ثوبه فَسَلَّهُ أي قطعه ثم وضعه بين أصبعين من أصابعه ثم رماه على المعتصـم قائلا له والله ما دنياك عندي إلا أهون من ذر قميصي هذا ، فهاب المعتصم أن يفعل به شيئا لسنه الكبير و لشهرته ....
و أقبل أحمد على الناس في السجن يعلِّمهم ويهديهم.


===================

الفتنة التي تعرَّضَ لها الإمـام أحمـد : حول خلق القرآن الكريم

لمَّا دعا المأمون الناس إلى القول بخلق القرآن ، أجابه أكثر العلماء والقضاة مُكْرهين ، واستمر الإمام أحمد ونفرٌ قليل على حمل راية السنة ، والدفاع عن معتقد أهل السنة والجماعة .
قال أبو جعفر الأنباري : لمَّا حُمِلَ الإمام أحمد بن حنبل إلى المأمون أُخْبِرتُ فعبرتُ الفُرات ، فإذا هو جالس في الخان ، فسلمتُ عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنَّيْت ؟ فقلتُ : ليس هذا عناء .

وقلتُ له : يا هذا أنت اليوم رأس الناس ، والناس يقتدون بكم ، فو الله لئن أجبتَ ليُجيبُنَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلقِ الله تعالى ، وإنْ أنتَ لم تُجِبْ ليمتنِعُنَّ خلقٌ مِنَ الناس كثير ، ومع هذا فإنَّ الرجل إنْ لم يقتلك فإنَّك تموت ، ولابدَّ مِنْ الموت ، فاتَّـقِ الله ولا تُجيبهم إلى شيء .
فجعل أحمد يبكي ويقول : ما شاء الله ، ما شاء الله . ثم سار أحمد إلى المأمون فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إنْ لم يُجبه إلى القول بخلقِ القرآن ، فـتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أنْ لا يجمع بـيـنه وبين الخليفة ، فبينما هو في الطريق قبل وصوله إلى الخليفة إذ جاءه الخبر بموت المأمون ، فَرُدَّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبِس ، ثم تولَّى الخلافة المعتصم ، فامتحن الإمام أحمد .


وكان مِنْ خبر المحنـة أنَّ المعتصم لمَّا قصد إحضار الإمام أحمد ازدحم الناس على بابه كيوم العيد ، وبُسِطَ بمجلسه بساطاً ، ونُصِبَ كرسيـاً جلس عليه ، ثم قال : أحضروا أحمد بن حنبل ، فأحضروه ، فلمَّا وقف بين يديه سَلَّمَ عليه ، فقال له : يا أحمد تكلم ولا تَـخَـفْ ، فقال الإمام أحمد : والله لقد دخلتُ عليك وما في قلبي مثـقال حـبَّـةٍ من الفزع ، فقال له المعتصم : ما تقول في القرآن ؟
فقال : كلام الله قديم غير مخلوق ، قال الله تعالى : وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ


فقال له : عندك حجة غير هذا ؟ فقال : نعم ، قول الله تعالى : الرَّحْمَنْ * عَلَّمَ القُرْآنْ ولم يقـل : الرحمن خلق القرآن وقوله تعالى : يس * والقُـرْآنِ الْحَكِيم ولم يقـل : يس والقرآن المخلوق , فقال المعتصم : احبسوه ، فحُبِسَ وتفرَّقَ الناس

فلمَّا كان مِنَ الغد جلس المعتصم مجلسه على كرسيه وقال : هاتوا أحمد بن حنبل ، فاجتمع الناس ، وسُمعت لهم ضجة في بغداد ، فلمَّا جيء به وقف بين يديه والسيوف قد جُردت ، والرماح قد ركزت ، والأتراس قد نُصبت ، والسياط قد طرحت ، فسأله المعتصم عمَّا يقول في القرآن ؟
قال : أقول : غير مخلوق .

وأحضر المعتصم له الفقهاء والقضاة فناظروه بحضرته في مدة ثلاثة أيام ، وهو يناظرهم ويظهر عليهم بالحُجج القاطعة ، ويقول : أنا رجـل عَلِمتُ علماً ولم أعلم فيه بهذا ، أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله حتى أقول به .
وكلما ناظروه وألزموه القول بخلق القرآن يقول لهم : كيف أقول ما لم يُقـل ؟ فقال المعتصم : قهرنا أحمد .


وكان من المتعصبين عليه محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم ، وأحمد بن دُوَاد القاضي ، وبشر المريسي ، وكانوا معتزلة قالوا بخلق القرآن ، فقال ابن دُوَاد وبشر للخليفة : اقـتله حتى نستريح منه ، هذا كافر مُضِـل .

فقال : إني عاهدتُ الله ألا أقـتله بسيف ولا آمر بقـتله بسيف ، فقالا له : اضربه بالسياط ، فقال المعتصم له : وقرابتي من رسول الله لأضربنَّك بالسياط أو تقول كما أقول ، فلم يُرهبه ذلك ، فقال المعتصم: أحضروا الجلادين ، فقال المعتصم لواحد منهم : بكم سوطٍ تـقـتله ؟

قال : بعشرة ، قال : خذه إليك ، فأُخْرِجَ الإمام أحمد من أثوابه ، وشُدَّ في يديه حبلان جديدان ، ولمَّا جيء بالسياط فنظر إليها المعتصم قال : ائـتوني بغيرها ، ثم قال للجلادين : تقدموا ، فلمَّا ضُرِبَ سوطاً..

قال : بسم الله ، فلمَّا ضُرِبَ الثاني قال : لا حول ولا قوةً إلاَّ بالله ، فلمَّا ضُرِبَ الثالث قال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، فلمَّا ضُرِبَ الرابع قال : قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا

وجعل الرجل يتقدَّم إلى الإمام أحمد فيضربه سوطين ، فيحرضه المعتصم على التشديد في الضرب ، ثم يـتنحَّى ، ثم يتقدَّم الآخر فيضربه سوطين ، فلمَّا ضُرِبَ تسعة عشر سوطاً قام إليه المعتصم فقال له : يا أحمد علام تقتـل نفسك ؟ إني والله عليك لشفيق .


قال أحمد : فجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه وقال : تريد أنْ تغلب هؤلاء كلهم ؟ وجعل بعضهم يقول : ويلك ! الخليفة على رأسك قائم ، وقال بعضهم : يا أمير المؤمنين دمه في عنقي اقـتله ، وجعلوا يقولون : يا أمير المؤمنين : إنه صائم وأنت في الشمس قائم ، فقال لي : ويحك يا أحمد ما تقول ؟ فأقول : أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله حتى أقول به.

ثم رجع الخليفة فجلس ثم قال للجلاد : تقدمَّ ، وحَرَّضه على إيجاعه بالضرب .

قال الإمام أحمد : فذهب عقلي ، فأفقت بعد ذلك ، فإذا الأقياد قد أُطلِقت عنِّي ، فأتوني بسويق فقالوا لي : اشرب وتـقيأ ، فقلت : لستُ أُفطر ، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم ، فحضرتُ صلاة الظهر ، فـتقدَّم ابن سماعة فصلى ، فلمَّا انفـتل من الصلاة قال لي : صليتَ والدمُ يسيل في ثوبك ، فقلت له : قد صلَّى عمر وجرحه يسيل دمـاً .

ولمَّا ولِّيَ الواثق بعد المعتصم ، لم يتعرض للإمام أحمد بن حنبل في شيء إلاَّ أنَّـه بعث عليه يقول : لا تساكنِّي بأرضٍ ، وقيل : أمره أنْ لا يخرج من بيتـه ، فصار الإمام أحمد يختفي في الأماكن ، ثم صار إلى منزله فاختـفى فيه عدة أشهر إلى أنْ مات الواثق .


وبعد ذلك تولَّى الخلافة المتوكل بعد الواثق ، فقد خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد ، وطعن عليهم فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ، ونهى عن الجدال والمناظرة في الأداء ، وعاقب عليه ، وأمر بإظهار الرواية للحديث ، فأظهر الله به السُـنَّـة ، وأمات به البدعة ، وكشف عن الخلق تلك الغُمَّـة ، وأنار به تلك الظُلمة ، وأطلق من كان اعـتُـقِـلَ بسبب القول بخلق القرآن ، ورفع المحنـة عن الناس .

* قال أحد الجلادين بعد أن تاب : لقد ضربت الإمام أحمد ( 80 ) جلدة ، لو ضربـتُها في فيل لسقـط .

فَرَحِمَ اللهُ هذا الإمام الجليل أحمد بن حنبل ، الذي ابتُـليَ بالضرَّاء فصبر ، وبالسرَّاء فشكر ، ووقف هذا الموقف الإيماني كأنـه جبلٌ شامخ ، تـتكسَّرُ عليه المِحَنْ ، وضَرَبَ لنا مثـلاً في الثبات علـى الحـق

----------------------

الإمام أحمد بن حنبل وثباته على الحق

وائل الظواهر الفئات الرئيسية للموضوع
قصص وعبر




للعلماء الربانيين مواقف عديدة يتضح منها مدى ثباتهم على الحق، وتمسكهم به، وعدم تزحزحهم عنه، وبذل أنفسهم في سبيل الله رخيصة، طلبا لمرضاته ومغفرته. ومن هذه المواقف العظيمة موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، عندما تعرض إلى فتنة القول بخلق القرآن، التي دعا إليها الخليفة العباسي المأمون، بناء على مذهب أحمد بن أبي دؤاد ومشورته له بذلك، وقد رفض عدد من العلماء القول بهذه المقولة، فمنهم من قتل ومنهم من سجن، ومنهم من استجاب ظاهرا فقط ليحفظ دمه أخذا بقوله تعالى (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان... ). أما الإمام أحمد فكان له معهم شأن آخر، فقد رفض الانصياع لمثل هذا القول، وآثر قول الحق مهما كلفه ذلك من عذاب وشدة، فكان نتيجة ذلك أن رفع الله شأنه في الدنيا، وعرف الناس الحق. وكانت بداية المحنة أن أمر المأمون إسحاق بن إبراهيم – وهو صاحب شرطة المأمون على بغداد - أن يمتحن الناس بالقول بخلق القرآن، فمن أبى منهم حبس، فأجابه القوم إلى ذلك إلا أربعة: أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح والقواريري والحسن بن حماد المعروف بسجادة لكثرة عبادته، فدعاهم إلى القول بخلق القرآن فأبى أن يجيبه أحد منهم، فأدخلوا الحبس ثم أجاب إلى هذا القول القواريري والحسن بن حماد، وبقي أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح على قولهم. قال الفضل بن زياد: لما خرج أحمد بن حنبل من عند إسحاق بوم امتحنه -وكان ذلك في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة ومائتين- قعد في المسجد فقال له جماعة أخبرنا بمن أجاب – يعني إلى القول بخلق القرآن – فكأنه ثقل عليه، فكلموه أيضا فقال: لم يحب أحد من أصحابنا والحمد لله. ثم ذكر من أجاب من العلماء ومن وافقهم على ما أرادوا، ثم قال: امتحنهم مرة، مرة، وامتحنني مرتين، مرتين. فقال: ما تقول في القرآن؟ قلت: كلام الله غير مخلوق. فأقامني وأجلسني في ناحية، ثم سألهم، ثم ردني ثانية، فسألني وأخذني في التشبيه. فقلت: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) فقال لي: وما السميع البصير؟ فقلت: هكذا قال تعالى. فلما بلغ المأمون رفض الإمام أحمد ومحمد بن نوح القول بأن القرآن مخلوق، أمر بإحضارهما إليه مقيدين، وكان مقيما بمدينة طرسوس. قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: فجعلوا يذكرون أبا عبد الله وهو بالرقة في التقية وما روي فيها من الجواز. فقال: كيف تصنعون بحديث خباب: إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار، لا يصده ذلك عن دينه. فأيسنا منه وعلمنا أن لن يجيبهم إلى ما أرادوا. ثم قال: لست أبالي بالحبس ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا أخاف قتلا بالسيف، إنما أخاف فتنة السوط – يعني الجلد بالسياط – فسمعه بعض أهل الحبس فقال له: لا عليك يا أبا عبد الله، فما هو إلا سوطان ثم لا تدري أين يقع الباقي. فكان ذلك سببا في التخفيف عنه. وحدث الإمام أحمد قال: ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق، قال: يا أحمد، إن يقتلك الحق مت شهيدا، وإن عشت، عشت حميدا. فقوى قلبي. هذا وقد كان الإمام أحمد يدعو الله كثيرا ألا يجتمع بالمأمون، فاستجاب الله دعاءه فلم يجتمع به، وذلك أنه مات قبل أن يصلا إليه. فلما بلغهم نبأ وفاة المأمون، ردا في قيودهما إلى بغداد، فأما محمد بن نوح فإنه مات في الطريق ففك قيده وصلى عليه الإمام أحمد ودفنه وقال: ما رأيت أحدا على حداثة سنه وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، إني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير، قال ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله، الله، إنك لست مثلي. أنت رجل يقتدى بك. قد مد الخلق أعناقهم إليك، لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله، أو نحو هذا. فلما تولى المعتصم الخلافة بعد المأمون استمر على نفس الأمر، وأمر بسجن الإمام أحمد. حدث صالح بن أحمد قال: قال أبي: كان يوجه إلي كل يوم رجلين أحدهما يقال له: أحمد بن رباح والآخر يقال له: أبو شعيب الحجام فلا يزالان يناظراني حتى إذا قاما دعي بقيد فزيد في قيودي، فصار في رجلي أربعة أقياد، فلما كان اليوم الثالث دخل علي فناظرني فقلت له: ما تقول في علم الله؟ قال: مخلوق. قلت: كفرت بالله، فقال الرسول- الذي كان يحضر من قبل إسحاق بن إبراهيم-: إن هذا رسول أمير المؤمنين، فقلت: إن هذا قد كفر. فلما كان في الليلة الرابعة وجه يعني المعتصم ببغا الكبير إلى إسحاق، فأمره أن يحملني إليه، فأدخلت على إسحاق، فقال: يا أحمد إنها والله نفسك إنه لا يقتلك بالسيف، إنه قد آلى إن لم تجبه أن يضربك ضرباً بعد ضرب، وأن يقتلك في موضع لا يرى فيه شمس ولا قمر، أليس قد قال الله تعالى (إنا جعلناه قرآنا عربيا) أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ فقلت: فقد قال الله تعالى: (فجعلهم كعصف مأكول) أفخلقهم؟ قال: فسكت. فلما صرنا إلى الموضع المعروف بباب البستان أخرجت، وجيء بدابة فأركبت وعلي الأقياد ما معي من يمسكني، فكدت غير مرة أن أخر على وجهي لثقل القيود فجيء بي إلى دار المعتصم فأدخلت حجرة ثم أدخلت بيتا وأقفل الباب علي في جوف الليل ولا سراج، فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا أنا بإناء فيه ماء وطست موضوع فتوضأت وصليت. فلما كان من الغد أخرجت تكتي وشددت بها الأقياد أحملها وعطفت سراويلي فجاء رسول المعتصم فقال أجب فأخذ بيدي وأدخلني عليه والتكة في يدي أحمل بها الأقياد، وإذا هو جالس وأحمد بن أبي دؤاد حاضر، وقد جمع خلقا كثيرا من أصحابه، فقال لي المعتصم: ادنه، ادنه فلم يزل يدنيني حتى قربت منه، ثم قال: اجلس فجلست، وقد أثقلتني الأقياد فمكثت قليلا ثم قلت: أتأذن في الكلام؟ قال: تكلم. فقلت: إلى ما دعا الله ورسوله؟ فسكت هنية ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قلت: إن جدك ابن عباس يقول: لما قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الإيمان، فقال: أتدرون ما الإيمان؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا الخمس من المغنم. قال أبي: فقال، يعني المعتصم: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك. ثم قال: يا عبد الرحمن بن إسحاق، ألم آمرك برفع المحنة؟ فقلت: الله أكبر إن في هذا لفرجا للمسلمين، ثم قال لهم: ناظروه وكلموه، يا عبد الرحمن كلمه. فقال: ما تقول في القرآن؟ قلت: ما تقول أنت في علم الله؟ فسكت، فقال لي بعضهم: أليس قال الله تعالى (الله خالق كل شيء) والقرآن أليس شيئا؟ فقلت: قال الله (تدمر كل شيء) فدمرت ما أراد الله. فقال بعضهم: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) أفيكون محدث إلا مخلوقا؟ فقلت: قال الله (ص والقرآن ذي الذكر) فالذكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألف ولام. وذكر بعضهم حديث عمران بن حصين (إن الله خلق الذكر) فقلت: هذا لفظ خطأ حدثنا غير واحد (إن الله كتب الذكر). واحتجوا بحديث ابن مسعود: ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي. فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض ولم يقع على القرآن. فقال بعضهم: حديث خباب: يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. فقلت: هكذا هو. قال صالح: وجعل ابن أبي دؤاد ينظر إلى أبي كالمغضب. قال أبي: وكان يتكلم هذا فأرد عليه، ويتكلم هذا فأرد عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين، هو والله ضال مبتدع، فيقول: كلموه ناظروه فيكلمني هذا فأرد عليه، ويكلمني هذا فأرد عليه، فإذا انقطعوا يقول المعتصم: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقول به. فيقول أحمد بن أبي دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في الكتاب والسنة؟ فقلت له: تأولت تأويلا فأنت أعلم وما تأولت ما يحبس عليه ولا يقيد عليه. قال صالح: وجعل ابن أبي دؤاد يقول: يا أمير المؤمنين والله لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار فيعد من ذلك ما شاء الله أن يعد. فقال: لئن أجابني لأطلقن عنه بيدي، ولأركبن إليه بجندي، ولأطأن عقبه. - يعني بذلك إكرامه – ثم قال: يا أحمد: والله إني عليك لشفيق، وإني لأشفق عليك كشفقتي على ابني هارون، ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئا من كتاب الله وسنة رسوله. فلما طال المجلس، ضجر وقال: قوموا وحبسني عنده وعبد الرحمن بن إسحاق يكلمني. وقال: ويحك أجبني وقال: ويحك ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والحج والجهاد معك، فيقول: والله إنه لعالم وإنه لفقيه وما يسوءني أن يكون معي يرد عني أهل الملل. ثم قال: ما كنت تعرف صالحا الرشيدي؟ قلت: قد سمعت به. قال: كان مؤدبي وكان في ذلك الموضع جالسا-وأشار إلى ناحية من الدار- فسألته عن القرآن فخالفني فأمرت به فوطئ وسحب , يا أحمد أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي. قلت: أعطوني شيئا من كتاب الله وسنة رسوله. فطال المجلس وقام ورددت إلى الحبس. فلما كان المغرب وجه إلي برجلين من أصحاب بن أبي دؤاد يبيتان عندي ويناظراني ويقيمان معي، حتى إذا كان وقت الإفطار جيء بالطعام ويجتهدان بي أن أفطر فلا أفعل - وكانت ليالي رمضان – قال: ووجه المعتصم إلى أبي دؤاد في الليل فقال: يقول لك أمير المؤمنين ما تقول؟ فأرد عليه نحو مما كنت أرد. فقال ابن أبي دؤاد: والله لقد كتب اسمك في السبعة. يحيى بن معين وغيره. فمحوته ولقد ساءني أخذهم إياك. ثم قال: إن أمير المؤمنين قد حلف أن يضربك ضربا بعد ضرب وأن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس ويقول: إن أجابني جئت إليه حتى أطلق عنه بيدي ثم انصرف. فما أصبحنا جاء رسوله فأخذ بيدي حتى ذهب بي إليه فقال لهم: ناظروه فجعلوا يناظروني فأرد عليهم، فإذا جاءوا بشيء من الكلام مما ليس في الكتاب والسنة قلت: ما أدري ما هذا؟ قال: فيقولون: يا أمير المؤمنين إذا توجهت الحجة علينا ثبت، وإذا كلمناه بشيء يقول لا أدري ما هذا؟ فقال: ناظروه. فقال رجل: يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله. فقلت: ما تقول في قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)؟ قال: خص بها المؤمنين. قلت: ما تقول إن كان قاتلا أو عبدا؟ فسكت. وإنما احتججت عليهم بهذا لأنهم كانوا يحتجون بظاهر القرآن. فحيث قال لي: أراك تنتحل الحديث اجتججت بالقرآن يعني وإن السنة خصصت القاتل والعبد. فأخرجتهما من العموم، قال: لم يزالوا كذلك إلى قرب الزوال. فلما ضجر قال: قوموا ثم خلا بي وبعد الرحمن بن إسحاق فلم يزل يكلمني ثم قام ودخل، ورددت إلى الموضع. فلما كانت الليلة الثالثة قلت: خليق أن يحدث غدا من أمري شيء، فقلت للموكل بي: أريد خيطا فجاءني بخيط فشددت به الأقياد ورددت التكة إلى سراويلي، مخافة أن يحدث من أمري شيء فأتعرى، فلما كان من الغد أدخلت إلى الدار فإذا هي غاصة، فجعلت أدخل من موضع إلى موضع وقوم معهم السيوف وقوم معم السياط وغير ذلك، ولم يكن في اليومين الماضيين كبير أحد من هؤلاء. فلما انتهيت إليه قال: اقعد ثم قال: ناظروه كلموه. فجعلوا يناظروني يتكلم هذا فأرد عليه ويتكلم هذا فأرد عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم فجعل بعض من هو قائم على رأسي يومئ إلي بيده، فلما طال المجلس نحاني ثم خلا بهم، ثم نحاهم وردني إلى عنده، وقال: ويحك يا أحمد أجبني حتى أطلق عنك بيدي، فرددت عليه نحو ردي. فقال: عليك، وذكر اللعن، خذوه اسحبوه. فسحبت. قال: وقد كان صار إلي شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كم قميصي، فوجه إلي إسحاق بن إبراهيم يقول: ما هذا المصرور؟ قلت: شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعى بعضهم ليخرق القميص عني، فقال المعتصم: لا تخرقوه، فنزع فظننت أنه إنما درئ عن القميص الخرق بالشعر. قال صالح: قال أبي: لما جيء بالسياط نظر إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها، ثم قال: للجلادين تقدموا فجعل يتقدم إلي الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شد قطع الله يدك، ثم يتنحى ويقوم الآخر فيضربني سوطين، وهو يقول في كل ذلك: شد قطع الله يدك، فلما ضربت تسعة عشر سوطا قام إلي – يعني المعتصم – وقال: يا أحمد علام تقتل نفسك إني والله عليك لشفيق، قال: فجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم؟ وجعل بعضهم يقول: ويلك الخليفة على رأسك قائم، وقال بعضهم: يا أمير المؤمنين دمه في عنقي اقتله، وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت في الشمس قائم، فقال: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول به فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدم وأوجع قطع الله يدك، ثم قام الثانية فجعل يقول: ويحك يا أحمد أجبني، فجعلوا يقبلون علي ويقولون: يا أحمد إمامك على رأسك قائم، وجعل عبد الرحمن يقول: من صنع من أصحابك في هذا الأمر ما تصنع؟ وجعل المعتصم يقول: ويحك أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي، فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئا من كتاب الله، فيرجع ويقول للجلادين تقدموا فجعل الجلاد يتقدم ويضربني سوطين ويتنحى وهو في خلال ذلك يقول: شد قطع الله يدك، قال أبي: فذهب عقلي فأفقت بعد ذلك فإذا الأقياد قد أطلقت عني، فقال لي رجل ممن حضر: إنا كببناك على وجهك وطرحنا على ظهرك بارية ودسناك، قال أبي: فما شعرت بذلك وأتوني بسويق فقالوا لي: اشرب وتقيأ، فقلت: لا أفطر، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم فحضرت صلاة الظهر فتقدم ابن سماعة فصلى، فلما انفتل من صلاته قال لي: صليت والدم يسيل في ثوبك؟ فقلت: قد صلى عمر وجرحه يثغب دما. قال صالح: ثم خلي عنه فصار إلى منزله، وكان مكثه في السجن منذ أخذ وحمل إلى أن ضرب وخلي عنه ثمانية عشر شهرا، ولقد أخبرني أحد الرجلين اللذين كانا معه قال يا ابن أخي رحمة الله على أبي عبد الله، والله ما رأيت أحدا يشبهه، ولقد جعلت أقول له - في وقت ما يوجه إلينا بالطعام-: يا أبا عبد الله أنت صائم وأنت في موضع تقية فيأبى، ولقد عطش فقال لصاحب الشراب: ناولني فناوله قدحا فيه ماء وثلج فأخذه ونظر إليه هنيهة ثم رده ولم يشرب، فجعلت أعجب من صيره على الجوع والعطش وهو فيما هو فيه من الهول. قال: صالح فكنت ألتمس وأحتال أن أوصل إليه طعاما أو رغيفا في تلك الأيام فلم أقدر. وأخبرني رجل حضره أنه تفقده في الأيام الثلاثة وهم يناظرونه فما لحن في كلمة قال: وما ظننت أن أحدا يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه. قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ذهب عقلي مرارا فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي، وإذا استرخيت وسقطت رفع عني الضرب، أصابني ذلك مرارا، ورأيته يعني المعتصم قاعدا في الشمس بغير مظلة، فسمعته وقد أفقت يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتكبت إثما في أمر هذا الرجل. فقال: يا أمير المؤمنين إنه والله كافر مشرك قد أشرك من غير وجه، فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد، وقد كان أراد أن يخليني بلا ضرب فلم يدعه ولا إسحاق بن إبراهيم. هذه هي قصة الإمام أحمد وثباته على الحق وعدم تزعزعه عنه، وإن فيها لعبرة لمن أراد الاعتبار، وفيها دليل على زهد العلماء في الدنيا وتضحيتهم في سبيل نشر الحق بين الناس. لقد كان بإمكان الإمام أحمد أن ينطق بما أرادوا على سبيل التقية كما فعل غيره من العلماء الذين كان مستندهم في ذلك قول الله تعالى ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ولكن حرص الإمام على تعليم الناس وإيصال الحق لهم ولمن يأتي بعدهم وعدم مشاركة أهل البدع في بدعهم جعلته يتحمل هذا الأذى وهذا العذاب، ولقد عانى الإمام أحمد بعد ذلك عدة سنوات فظل مطاردا من الحكام حتى تولى المتوكل على الله الخلافة، وأمر برفع الفتنة، ومنع الناس من الخوض والكلام في هذه المسألة، عند ذلك بدأ الأمر يخف عن الإمام أحمد بعد ما يقرب من ثمانية عشر عاما خرج منها إماما للمسلمين.

سالم
01-06-2010, 04:47 PM
خلق القرأن

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=52399&highlight=%C7%E1%DE%D1%C2%E4+%E3%CE%E1%E6%DE

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=61579