المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا يكون وجود الله أكثر وضوحاً!؟



ساري فرح
02-02-2010, 01:18 PM
لماذا لا يكون وجود الله أكثر وضوحاً!؟

سؤال يحتج به كثير من الملاحدة؛ فهم يريدون أن يكون وجود الله أكثر وضوحاً! يعني إن لم يكن ممكناً أن نرى الله، فلماذا لا تكون هناك علامة على مخلوقاته مكتوب عليها اسمه أو "صنع الله"، أو أن يجعل علامة كبيرة في السماء أو في الأرض أو أي مكان منظور تدل على وجوده، بدلاً من أن يكون وجوده مبهماً كما هو الحال الآن، إن كان موجوداً! (على حد قولهم، سبحان الله وتعالى عما يصفون). أو لماذا لا يخاطب الله كل واحد منا مباشرة بدلاً من أن يختار بعض الناس كي يكونوا رسلاً وأنبياء؟
وعند التساؤل عن مدى جديتهم في طرحهم لهذه المطالب، تراهم يؤكدون جديتهم ويصرون على حقهم بالحصول على إجابات مقنعة، وإن لم تجبهم فأنت المهزوم في نظرهم وهذا دليل من أدلة عدم وجود الله في تصورهم...
لقد رد الله تعالى على هذه المزاعم في كتابه العزيز، {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء : 4] أي: إن نشأ ننزل على المكذبين من قومك من السماء معجزة مخوِّفة لهم تلجئُهم إلى الإيمان ، فتصير أعناقهم خاضعة ذليلة ، ولكننا لم نشأ ذلك; فإن الإيمان النافع هو الإيمان بالغيب اختيارًا. وكما كان الشيخ الشعراوي (رحمه الله) يقول في تفسيره لهذه الآية: "لكن الحق تبارك وتعالى لا يريد بالإيمان أنْ يُخضِع القوالب، إنما يريد أن تَخْضَع القلوبُ باليقين والاتباع." وقال أيضاً: "إذن لو أراد سبحانه لجعلَ الناس جميعاً مؤمنين وما عَزَّ عليه ذلك، لكنه أراد سبحانه أن يكون الإيمان باختيار المؤمن، فيأتي ربه طواعية مختاراً. حتى في أمور الدنيا وأهلها، قد ترى جباراً يضرب الناس، ويُخضعِهم لأمره ونهيه، فيطيعونه طاعةَ قوالب، إنما أيستطيع أنْ يُخضِع بجبروته قلوبَهم؟!" ا.هـ. وهذا يتوافق مع قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 256] إذ أن الإكراه هنا لا يقتصر على إكراه العباد للعباد لاعتناق الإسلام، بل أن الله تعالى لا يُكرِهُ أحداً من عباده على الإيمان.
وقد قال الشيخ الشعراوي (رحمه الله) في تفسيره لهذه الآية:
"إن الإكراه هو أن تحمل الغير على فعل من الأفعال لا يرى فيه هو الخير بمنطق العقل السليم. ولذلك يقول الحق سبحانه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ}. ومعنى هذه الآية أن الله لم يُكْرِه خلقَه ـ وهو خالقهم ـ على دين، وكان من الممكن أن الله يقهر الإنسان المختار، كما قهر السماوات والأرض والحيوان والنبات والجماد، ولا أحد يستطيع أن يعصى أمره. فيقول سبحانه:
{لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً} [الرعد: 31]
لكن الحق يريد أن يعلم من يأتيه مُحباً مختاراً وليس مقهوراً، لأن المجيء قهراً يثبت له القدرة، ولا يثبت له المحبوبية، لكن من يذهب له طواعية وهو قادر ألا يذهب فهذا دليل على الحب، فيقول تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ} أي أنا لم أضع مبدأ الإكراه، وأنا لو شئت لآمن من في الأرض كلهم جميعاً. فهل الرسل الذين أرسلهم سبحانه يتطوعون بإكراه الناس؟ لا، إنّ الرسول جاء لينقل عن الله لا ليُكْرِهَ الناس، وهو سبحانه قد جعل خلقه مختارين، وإلا لو أكرههم لما أرسل الرسل، ولذلك يقول المولى عز وجل:
{وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]
إن الرسول له مهمة البلاغ عن الله؛ لأن الله لم يُرِدْ خلقَه مكرهين على التدين، إذن فالمُبلَّغ عنه لا يُكره خلقَه على التدين..." ا. هـ.
بهذا نكون قد بيَّنا عدم صوابية ما يطالب به كثير من الملحدين من وجود "أكثر وضوحاً" لله تبارك وتعالى.
ولنتخيل معاً الحياة في عالم يتحقق فيه ما يطلبه الملحدون من رؤية لله، أو وجود آية عظمى يرونها رأي العين وتدلهم على وجود الله... بإيجاز، سيكون حال ذلك العالم كحال الموظفين الذين يعملون في حضرة مديرهم؛ لا يجرؤ أحد منهم على الخطأ، ويعملون كالآلات... والمدير الفطن الذي يريد معرفة مدى إخلاص موظفيه لعملهم، يغيب عنهم ويراقبهم دون أن يشعروا به ليتصرفوا على طبيعتهم دون تكلف أو تصنع، وعندئذ يتبين له مدى إخلاص موظفيه. ولله المثل الأعلى، إذ يقول ربنا جل وعلا: {لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ...} [المائدة : 94]
إن هذه الدنيا حقيقةً هي ابتلاء وامتحان لإيماننا وإرادتنا، وهذا وجهٌ من أوجه كون الله غيـباً لا تدركه الأبصار، وكذلك الأمر في تغيـيب الملائكة والجنة والنار وغيرها عن أبصارنا وحواسِّنا. لو رأى الناس الله، لما عصوه ولما كفروا به، والله يريد امتحان إيماننا به، وقد أعطانا ما يكفي من وسائل وأدلة للاستدلال على كون وجوده حقيقة مطلقة لا ريب فيها، فالكون بما فيه من المخلوقات المذهلة يدل على وجود الخالق. كما أن الله تعالى أرسل الأنبياء والرسل وأيَّدهم بالآيات البينات وأنزل الكتب التي تكمل ما توصلت إليه أفهامنا من حقيقة وجود الله، وتبين لنا حقيقة الوجود وما بعده.
والله تعالى أعلم.
أخوكم أبو مريم (عبد الله المسلم)

أبو يوسف المصرى
02-02-2010, 04:45 PM
السلام عليكم و رحمة الله

جزاكم الله خيرا على هذا الطرح الطيب

و ان كان الملحد لا يرى الله فصدقنى اخى الكريم العيب فى بصره هو

فقد أطلق بصره فى الحرام و غضه عن رؤية آثار الله فى كونه

قال تعالى

{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46