المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة في دراسة الأديان



بكار
03-10-2010, 07:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
وبعد : فإن الله عزوجل أرسل نبيه محمداً (ص) على فترة من الرسل وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفو فيه ، فصار الناس فريقين مؤمن وكافر .
فأما المؤمنون : فهم فرقة واحدة على سبيل الحق .
وأما الكافرون: فهم على سبل متشعبة متفرقة ، يجمعهم الكفر وتفرقهم الأهواء والشهوات:فمنهم الملحد الذي يتعامى عن ربه. ومنهم الوثني الذي الذي ضل عن ربه ، ومنهم اليهودي الذي أضله الله على علم وختم على قلبه وسمعه ، ومنهم النصراني عابد الصليب، اتخذ إلهه هواه حتى عدَّ الوثنية ديناً حقاً .
لهذا صار لزوماً على المسلم الداعية أن يعرف شيئاً من أديان الناس ، فإن لذلك عدَّة فوائد :
أولاً : عامل مساعد للداعية يسهل له دعوة الأديان المنحرفة بإبراز مواضع الإنحراف في ديانتهم ، ثم نقلهم إلى ما يقابلها في الدين الإسلامي .
ثانياً : إن المنصرين غزوا كثيراً من بلاد الإسلام ، فبمعرفة المسلم لديانة هؤلاء المنصرين يستطيع أن يبيّن للمسلمين فساد دعوتهم.
ثالثاً : إن النظرة الفاحصة الواعية لما عليه الأديان غير الإسلام تزيد المسلم يقيناً بدينه، كما يتضح له سلامة مصادر الإسلام من التحريف.
رابعاً : تحريف أصحاب الديانات الباطلة لأديانهم تصديق لخبر الله عزوجل عنهم.
خامساً :معرفة تاريخ تلك الأديان وواقعها يتبيّن به المسلم مدى الإنحراف الذي وقع فيها ،
وأسبابه ، فيجتنب هذه الأسباب .



مدخل لدراسة الأديان
أولاً : تعريف الدين:
الدين في اللغة : مشتق من الفعل الثلاثي (دان) وهو تارة يتعدى بنفسه ، وتارة باللام ، وتارة بالباء .
- إذا تعدى بنفسه (دانه) بمعنى ملكه وساسه .
- إذا تعدى باللام (دان له) بمعنى خضع له.
- إذا تعدى بالباء (دان به) بمعنى اتخذه ديناً ومذهباً.
الدين في الإصطلاح : وأرجح التعريفات أن يقال : هو اعتقاد قداسة ذات ، ومجموعة السلوك الذي يدل على الخضوع لتلك الذات ذلاً وحباً ، رغبةً ورهبةً .

ثانياً: تقسيم الدين :
تنقسم الأديان باعتبار النظر في المعبود إلى قسمين :
القسم الأول : أديان تدعو إلى عبادة الله . وهي الإسلام ثم يليه اليهودية ثم النصرانية.
القسم الثاني : أديان وثنية شركية تدعو إلى عبادة غير الله عزوجل . وهي الهندوكية والبوذية وغيرها من الشركيات القديمة والحديثة.

ثالثاً: علم الأديان في القرآن الكريم وكتابة المسلمين :
القرآن الكريم هو كتاب دعوة وهداية لهذا ذكر الله عزوجل فيه أديان الناس السابقة والمتزامنة من نزوله ، فإن عرض ما عليه من الباطل وبيان أوجه بطلانه مع عرض الحق والتركيز عليه على مميزاته ، مماينير الأذهان التي غفلها التقليد ، وإذا نظرنا في القرآن الكريم نجد أنه حوى من ذلك الشيء الكثير . والمعلموات الغزيرة عن الاديان التي وردت في القرآن الكريم تدل دلالو واضحة على أهمية هذا العلم في مجال الدعوة إلى الله عزوجل ، فتنبّه لذلك علماء المسلمين فكتبوا ف الأديان ، فكان من أوائل من كتب في ذلك :
علي بن ربن الطبري في كتابيه (الرد على النصارى) وكتاب (الدين والدولة في إثبات نبوة النبي(ص)) والجاحظ في كتابه (الرد على النصارى) والأشعري في كتابه (الفصول في الرد على الملحدين) والمسعودي ف يكتابه (المقالات في أصول الديانات) وغيرها.


رابعاً: باعث التدين :
قال الله عزوجل (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً) وقال (وإنْ من أمة إلا خلا فيها نذير) قال ابن كثير رحمه الله عند الآية الأولى : (وبعث في كل أمة أي من كل قرن وطائفة رسولاً..)
وذلك يعني أن التجمعات البشرية لم تخلُ من دين تتدين به ، وهذا ما أكده علم الآثار والبحوث الإجتماعية في التجمعات البشرية ، أن التجمعات البشرية القديمة والحديثة كان لها دين تدين به .
ونحن المسلمين نعتقد أن الباعث على التدين : هو الفطرة ، ونعتمد في على الوحي الإلهي والنور الرباني ، فإن القرآن والسنُّة نصًّا على أن الإنسان مفطور على الإقرار بالخالق والعبودية له .
والأدلة صريحة في بيان أن الإنسان مفطور على الإقراربالخالق والعبودية له ، كما دلت على أمرين :
أحدهما : أن الفطرو قابلة للتأثر والتغير.
ثانيهما : أن المؤثرات التي تؤدي الى انحراف الفطرة ثلاثة :
1- الشياطين : وهو الامؤثر الخارجي الأصلي والأول.
2- الأبوان ويقوم المجتمع بدور الأبوين في حال فقدهما : وهذا هو أقوى المؤثرات.
3- الغفلة
ومع ذلك فإن لهذا الفطرة فوائد عدة :
أولاً : عرزت في النفس البشرية التدين والتعبد لله تعالى .
ثانياً :جعلت في جبلّة الإنسان قبول العبودية والإنسجام مع لوازمها .
ثالثاً : أن هذه الفطرة مرجّحة للحق.
رابعاً: تهب للمهتدي يقيناً بالحق الذي هو عليه وإن لم يكن عنده الأدلة النظرية.

خامساً : بيان أن التوحيد سبق الشرك :
زعم الملحدون : أن الشرك كان أسبق في الوجود على الأرض من التوحيد ، وهو قول مبني على إنكارهم للخالق جلا وعلا وأن لهم عليه دليلين :
أولاً: القياس على الصناعة ، أن الإنسان قد تطور ف صناعته فهو كذلك تطور في ديانته.
ثانياً : أن حفريات الآثار دلتهم على أن الناس وقعوا في الشرك وتعدد الآلهة وأن التوحيد عرف متأخراً .
وهذا في الواقع قياس فاسد ، فقولهم إن الدين كالصناعة قياس مع الفارق لعدة أمور :
أولاً: أن الصناعات شيء مادي ، والأديان شيء معنوي ، فكيف يقاس دعنوي غير محسوس على مادي محسوس.
ثانياً : أن الصناعة تقول على التجربة والملاحظة .
ثالثاً :يلزم من هذا القياس أن يكون الإنسان في هذا الزمن صادق التدين ، لأن الصناعةقد بلغت مبلغاً عالياً من التطور .
أما زعمهم الإستدلال على قولهم بالآثار ، فيقال: إن هذه الآثار ناقصة ، فلا دلالة فيها سوى التخمين ومحاولة الربط بين أمور متباعدة ، وغاية ما تدل عليه الحفريات والآثار أن الأمم السابقة وقعت في الشرك ، وهذا لا ننكره بل القرآن والسنّة نصّا على ذلك وبيناه.

اختصاراً من كتاب (دراسات في الأديان : اليهودية والنصرانية)
من ص 5 إلى ص 39 .