المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهضة الأمة بين الواقع والمبدأ



ساري فرح
03-20-2010, 01:24 PM
نهضة الأمة بين الواقع والمبدأ


ما الفرق بين الدعوات المبدئية التي تلتزم بالمبدأ (عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام)، والدعوات الواقعية التي تساير الواقع؟

تَشعر الدعوات الواقعية بفساد الواقع القائم الذي تعيشه الأمة، وتشعر بوجوب التغيير، ولكنها تنتقل من هذا الشعور فوراً إلى العمل، دون أن يسبق هذا العمل تفكير عميق في حقيقة المشكلة التي يعاني منها المجتمع، ودون التفكير في المبدأ التي يراد النهوض بالمجتمع على أساسه، ولا في الطريقة التي ستسلكها من أجل الوصول إلى هدف محدَّد؛ فتقوم بأعمال مرتجلة عفوية غير مدروسة، وكثيراً ما تكون غير هادفة.
فيكون عملها في حقيقة الأمر مستمَداً من الواقع الفاسد الذي تعيشه، أي أنها جعلت الواقع – رغم فساده – مصدر المعالجة بدل أن يكون موضع المعالجة، مما يجعل عملها تكيُّفاً مع الواقع الفاسد وتكريساً للأسس التي يقوم عليها المجتمع.
وبذلك، تكون هذه الدعوات تعبيراً عما يسود المجتمع المنحدر من أفكار وقناعات ومقاييس ومشاعر. وبما أن الشعوب تنقاد لمن يعبِّر عن قناعاتها ومشاعرها وتوجهاتها، فإن الناس سوف تلتف حول هذه الدعوات منذ اليوم الأول. وبذلك تكون هذه الدعوات رجعية تساهم في تكريس الواقع الفاسد المتخلف الذي يعيشه المجتمع، وخاصة عندما تقوم بإضفاء ثوب الشرعية والعلم والفقه على الأفكار والقناعات الفاسدة، وإلصاق الأدلة الشرعية والشواهد الفقية بها. إلا أن هذا المجتمع إذا قُدِّر له أن ينهض بتأثير دعاة مبدئيين فإنه سرعان ما يتخلى عن تلك الدعوات التي لن عند ذلك تمثِّل قناعاته وأهدافه.

والدعوات المبدئية تحسُّ بفساد الواقع وتخلُّف المجتمع، فتنتقل من هذا الإحساس إلى دراسة الواقع والتعمق فيه لمعرفة حقيقة المشكلة، لأن الذي يجهل المشكلة لا يُتوقَّع منه أن يحلَّها. فتدرس المجتمع دراسة عميقة بما فيه من أفكار وقناعات ومقاييس ومشاعر، وما دخله من أفكار ومشاعر غريبة فاسدة، وتؤدِّي إلى فهم واقع الأنظمة التي تُرعى بها شؤون الناس، ثم بعد ذلك تنتقل إلى مبدئها (وهو بالنسبة لنا الإسلام) لتبحث من خلاله عن العلاج الصحيح للمشكلة، وهو يتمثَّل في مجموعة المفاهيم والأنظمة التي على أساسها سيتم تغيير المجتمع.
والدعوة المبدئية حين تقوم بالبحث عن العلاج الذي به تريد تغيير المجتمع، لا تتأثَّر بالواقع الفاسد الذي يعيشه الناس؛ فالمعالجة يجب أن تكون بريئة كل البراءة من كل الأوضاع الفاسدة التي تَلُمُّ بالمجتمع. ففي الوقت الذي تكون فيه الحركة الواقعية ملتصقة بالواقع الفاسد حيث تستمد تصوراتها ومعالجاتها منه ولا تملك الخروج من تأثيره، تكون الحركة المبدئية قد حلَّقت فوق الأجواء والأوضاع بما فيها من ظروف وملابسات، حلَّقت فوق الواقع لتدركه على حقيقته على نحوٍ أشمل وأدقّ، ولتستشرف النهضة المنشودة والغاية المرسومة التي تريد وضع الأمة على طريقها، ثم تعود بعد ذلك إلى المجتمع لتأخذ بيده في طرق الارتقاء والنهوض.
وهكذا تبدأ الدعوة المبدئية بمواجهة المجتمع المتردِّي بدعوتها، ويبدأ الصدام بين الفكر الموجود في واقع المجتمع، والفكر الجديد الذي تحمله الدعوة المبدئية، وبين سياسة الأنظمة التي تحكم المجتمع من جهة، والمعالجات التي يطرحها حملة الدعوة المبدئية من جهة أُخرى، الأمر الذي يجعل الحركة المبدئية تبدو لأول الأمر غريبة عن الواقع، ويُخيَّلُ للناس وكأنها أتت من عالم آخر لا يمُتُّ إلى مجتمعهم بِصِلة. إلا أن هذا الواقع يكون في الحقيقة من البشائر التي تُطمئِن حمَلَة الدعوة دائماً عبر التاريخ حين واجهوا الشعوب المنحطَّة.
ولا يلبث هذا الواقع أن يتغير ويتبدّل؛ فالدعاة المبدئيون حين ينطلقون بدعوتهم، يعُدّون أنفسهم قد دخلوا إلى ساحة معركة فكرية يجب أن يخرجو منها منتصرين. ساحة المعركة هي هذا المجتمع الغارق في ظلام التخلف والانحطاط (مهما تقدَّمت بهم سبل التطور المدني والتكنولوجيا، فالتخلف والإنحطاط يكمُنان في تدنِّي الأخلاق وتفكُّك الأُسَر وانتشار الفواحش وتحكيم غير شرع الله...) هذا الظلام الذي يستر الحقائق عن أعين الناس فلا يدركون زيف الباطل ولا صدق الحق، ولا يميِّزون بين الصحيح والخطأ ولا بين الصالح والفاسد.
ولكن حملة الدعوة الذين يتمتعون بحدة البصر ويدركون الأمور على حقيقتها يبدأون بمصادمة الأفكار والقناعات والأنظمة الفاسدة. وعندما يصطدم الفكر الصحيح بالفكر السقيم، والمفاهيم الراقية بالمفاهيم المنحطة، ينقدح من جرَّاء هذا الاصطدام شرر يُضيء الساحة فينكشف للناس عوار الباطل ويلمع صدق الحقّ {... كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد : 17] وهكذا تتكرر المصادمات ويتكرر الشرر، إلى أن يوجَد الوعي العام على المبدأ الذي حمله الدعاة، ويتحول هذا الوعي إلى رأي عام، ومن ثمَّ إلى حركة إيجابية في المجتمع، فتحتضن الأمة دعوة المبدئيين وتحمل قضيَّتهم وتسير ورائهم وتلبِّي نداءاتهم وتدافع عنهم، حتى تصل معهم إلى إعادة بناء المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية.

وهذا ما حصل مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهو عندما بدأ بالجهر بالدعوة، بعد أعوام ثلاث من الدعوة السرِّية، ومعه الصحابة القلَّة، واجه مجابهة عنيفة من مجتمع مكَّة الجاهلي. وواجه الاستهزاء والإيذاء والحِصار، ووصل الأمر إلى حدِّ قتل بعض أتباعه، وعُدَّ المسلمون جسماً غريباً عن المجتمع القائم. ولكنَّ قوَّة الرسالة الذي يحملها عليه الصلاة والسلام، وشدَّة إيمانه بها، وصبره ومن معه على تحمُّل الأهوال من أجل نشرها وإعلائها، كل ذلك أدَّى إلى إيجاد الرأي العام على الإسلام، وأصبحت الأجواء مؤاتية لإقامة الدولة الإسلامية في المدينة وتطبيق الإسلام عمليًّا.
إلا أن حملة الدعوة لن يُحقِّقوا التغيير المنشود إذا اتبعوا الطرق الملتوية أو حاولوا مسايرة الواقع الفاسد، أو جرَّبوا تملُّقَ الناس، أو داهنوا حمَلة أفكار الكفر والضلال. فمن المتوقَّع أن يتعرض الدعاة للإغراءات التي تدعوهم إلى مسايرة الأوضاع، أو مداهنة السوقة، أو كسب رضا الناس، كما قد تُثنيهم المصاعب والأهوال عن الاستقامة على الطريق المرسوم، وتدفعهم إلى البحث عن وسائل وأساليب قد تؤدِّي بالدعوة إلى الانكفاء والتقهقر.
وقد لفتَ القرآن الكريم النظر إلى هذه الحقيقة حين خاطب الرسول عليه الصلاة والسلام قائلاً: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً (75)} [الإسراء]
فعلى الدعاة المبدئيين أن يكونوا على حذر تامٍّ من هذه الامتحانات التي يتعرضون لها، وعليهم دائماً أن يُدرِكوا أن طبيعة الاحتكاك بين الإسلام والكفر هي التصادم الكُلِّي الذي يُعلي الحقَّ ويُزهِقُ الباطل {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء : 81]ومن شأن ذلك أن يؤدِّي إلى هزيمة الكفر وأهله {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء : 18]فالفرق بين الإسلام والكفر هو الفرق بين الحق والباطل، وبين النور والظلمات... فلا مجال للتلاقي، ولا مجال للمساومة، ولا مجال للمفاوضة.

فها هو رسول الله عليه الصلاة والسلام منذ أوَّل يوم بدأ فيه بنشر دعوته نراه يخاطب الناس بحزم وثقة ويواجه الكفر والكفار بقوَّة وجُرأة وصرامة تامَّة، ويطرح دعوته متحدِّيةً سافرة واضحة المعالم، محدَّدة الألفاظ والمعاني، لا تُبقي أيَ مجال للَّبس أوالشكِّ، وليس للتردُّد فيها أثرٌ ولا للخوف فيها تأثير.
فبدأ القرآن ينزل مسفِّهاً أحلام الكفار، يعيب عليهم آلهتهم ويشين طريقة عيشهم البالية، ويستهزئ بأعرافهم وتقاليدهم.
فهو حين يتناول أصنامهم نراه يقول: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء : 98] ويقول {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23)} [النجم]وحين يتناول تقليدهم الأعمى لآبائهم وتقديسهم لما ورثوه عنهم تراه يقول {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة : 170]وحين يتناول الحكام الطغاة بالذم والنقد نراه يقول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ (5)} [المَسَد]ويفضح الوليد بن المغيرة ويتوعده بالعقاب حين يقول {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} [القَلَم] وحين يتناول العلاقات الفاسدة نراه يتكلم عن تطفيف الكيلمثلاً (فساد اقتصادي)فيقول: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)} [المطفِّفين]
وحين حاول الكفار مساومة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة على أن يعبدوا إلهه سنة، جاء الردُّ من الوحي حازماً {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} [الكافرون] فقررت هذه الآيات المفاصلة الكاملة بين الإسلام والكفر بكل أنواعه، فليس بعد الحق إلا الضلال.
وحين عرضوا العروض على النبي عليه الصلاة والسلام من أجل أن يتخلَّى عن دعوته جاء الردُّ منه حاسماً: "واللهِ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهِرَه الله أو أهلك فيه ما تركته" [سيرة ابن هشام – مبادأة رسول الله عليه الصلاة والسلام قومه، وما كان منهم]
وهذا هو منهج الأنبياء أولي العزم من قبل. أنظر إلى قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ...} [الممتحنة : 4] ففي هذه الآية الكريمة يظهر بوضوح الموقف الصارم الذي يتخذه المؤمنون بالعقيدة الصحيحة إزاء كل ما يخالف قناعاتهم ومفاهيمهم التي قطعوا بصحتها ووقفوا حياتهم لأجلها. فقد أعلن سيدنا إبراهيم عليه السلام والذين معه البراءة التامة من كل عقائد قومهم ومفاهيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وأعلنوها حرباً بين الحقِّ والباطل، إلى أن ينتصر الحق ويزهق الباطل.
إذا سلك الدعاة هذا الطريق وباعوا أنفسهم لله ومن اجل إعلاء كلمة الله وتنفيذ شريعته، ولم يحيدوا عن الطريقة الشرعية التي رسمها لهم الله تعالى القائل في كتابه العزيز: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف : 108] {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام : 153]
إذا قام الدعاة بكل ذلك فإن الله سبحانه لا شكَّ سيحقِّق لهم وعده وسيُنجِزُ نصره، وهو القائل سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد : 7] {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور : 55]

[د. أحمد القصص، أسس النهضة الراشدة، 1995، ص 185 – 191، بتصرُّف]