المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قلب المؤمن السليم ......سلسلة متجددة !!!!!



حاتم موسى
04-12-2010, 11:14 PM
قلب المؤمن السليم ......سلسلة متجددة !!!!!



(الا من أتى الله بقلب سليم )
89الشعراء




بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، فبلَّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصـح الأمة، وجاهد في الله حقّ الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك،
فصلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع بإحسان سُنّته إلى يوم الدين،

أما بعد:

وقد ذكرنا فى موضوع .. ( التزكية أولا ..!!!!! )....

أن السبيـــل إلى تنشأة جيل التمكين الذي يعرف ربه، يبدأ من التزكيــــة ..وأهمية التزكيــــة …

فهي إحدى المهـام التي بعث الله عزَّ وجلَّ الرسل من أجلها ..

وذكرنا أن ....التزكيـــــة لا تكون إلا بمجاهدة النفس ..

فبمشيئة الله سنطرح سلسلة من الموضوعات تتضمن

خطوات عملية ...لتزكية القلوب....وشفاؤها....

أول موضوع !!!! نبدا به هو ..........


وسائل التزكيـــــة
الكاتب/ فريق حامل المسك

إن التزكيـــة نوعٌ من التطهيــر والنمــاء والصلاح ..

وتقوم على دعــــامتـــــان، هما:

1) التخليـــة .. أي التطهير من العيــوب والآفـــات ..

2) التحلية .. أي أن تستبدل الأخلاق الغير صالحة بأخرى صالحة،
كأن تستبدل الشُح بالجود والكرم .. واستبدال الكبر بالذل والإفتقار .. واستبدال الكسل بعلو الهمة.

والأسس التي يقوم عليها العلاج لآفــــات النفوس وتربيتها .. تنقسِم إلى نوعين ..

1) أسس عقديــــة. 2) أسس علميـــة.

أولاً: الأساس العقدي ..

ويكون من خلال تربية نفسك على الأمور التاليـــة ..

1) التوحيــــد .. ونحن بحاجة إلى أن نربي أنفسنا على معاني التوحيد؛ لأن القلب إذا فسد، يجعل المرء يقع في الشرك بلا شك ..

ومفسدات القلب خمس:

1) التعلق بغير الله .. 2) فضول الطعام .. 3) فضول الكلام .. 4) فضول المنام .. 5) فضول المخالطة.

وأخطرها التعلق بغير الله ..

كالتعلُق الشديد بين الرجل والمرأة حتى لو كانت زوجته، إن كان سيؤدي هذا التعلُق إلى التفريط في حقوق الله عزَّ وجلَّ ..
ناهيك عن العشق المُحرَّم والتعلُق بالمناصب العالية .. أو أن يكون شديد الحرص على رضا أبناءه، وذلك على حساب واجباته تجاه الله تعالى، فتجده لا يؤدي زكاة ماله حرصًا على تلبية رغباتهم .. أو الحرص على ثناء الناس حوله، مما يوقعه في الشرك الأصغر وهو الريــــاء .. وكل هذا تعلُق مذموم؛ لأنه يقطع على العبد أبواب الطاعة.

وأنواع التوحيــــد ثلاثة، هي:

توحيد الربوبية وتوحيد الأولوهية وتوحيد الأسماء والصفات ..

أ) توحيد الربوبية:

أن يتيقن العبد ويُقِرَّ أن الله وحده هو الخالق الرازق مُدبِّر الكون كله ومالكه المحيي المميت ..

فتوقن أنه لا يُدبِّر أمرك أحدًا سواه .. فلابد أن تفوض أمرك إلى ربِّك في كل الأمور وتوقن إنه وحده الذي يرزقك سبحانه .. وعندما يبتليك، لابد أن تتلقى هذا البلاء بالرضـــا والصبر .. فلا كاشف للضُر إلا الله سبحـــانه وتعالى.

ب) وتوحيد الألوهية:

ألا يُشرك أحدًا في عبادة الله سبحانه وتعالى، والعبودية هي: الحب التــــام والذل التــــام لله عزَّ وجلَّ ..

فلا تخضع ولا تذِل لأحدٍ غير الله تعالى .. ويكون حبك لله عزَّ وجلَّ أعظم من حبك لأي شيءٍ سواه،،

جـ) توحيـــد الأسماء والصفات:

أنه سبحانه متصف بصفات الكمال ومنزه عن كل نقص.
فتُعطي الحق لكل اسم من أسماء الله تعالى وصفاته في حيـــــاتك .. فأثناء سعيَّك للرزق، توقن أن الله عزَّ وجلَّ هو المُقيت ..
وتجعل لكل اسم حظًا في سائر حياتك .. فهو سبحـــانه الودود، المُجيــب، القريب ..

2) الإعتصام بالكتاب والسنة ..

أن يتمسك ويعتصم بالكتاب والسُنة، فمدار السعادة في الدنيا والآخرة عليهما ..

قال الله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ..} [آل عمران: 103] .. وحبل الله عزَّ وجلَّ هو الكتاب والسنة ..

وقال تعالى {.. فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ..} [النساء: 59] .. فعند الاختلاف، لابد أن نرد الأمر إلى الكتاب والسنة حتى ولو كان يخالف هواك ورأيك.

3) الإيمان بالقضاء والقدر ..

يقول الله جلَّ وعلا {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}
[الحج: 70] ..

عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله يومًا، فقال "يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني] ..

والإيمان بالقضاء و القدر

لا يتم على وجهه الأكمل، إلا إذا حقق الإنسان الإيمان بالخمسة أمور التي قبلها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ثمَّ الإيمان بالقدر خيره وشره.

ومن يرضى بقضاء الله يعيش في جو هادئ مما يدخله في جنة الرضا .. وأخطر ما يُهدد إيمان العبد، هو التسخُّط على قدر الله .. لإنه لن يرضى بشرع الله حينها، مما يوقعه في الذنوب.

عن أبي حفصة قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله يقول "إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة"، يا بني إني سمعت رسول الله يقول "من مات على غير هذا فليس مني" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]

كما إن من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر ..

سلامة الصدر من الحقد والحسد، ويغرس في القلب نوعًا من الشجاعة، ويُخفف من الجزع عند المصيبة، ويدفع المرء لبذل الجهد في العمل ويطرد عنه اليأس.

4) الإيمان باليـــوم الآخر ..

فمن آفــات النفوس ....

أنها ملول تميل إلى إتبــاع الهوى، مما يجعلها تعيش حياة الفوضى والعبثية .. ويخاطب الله عزَّ وجلَّ هؤلاء العبثيون،

فيقول تعالي {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] .. فذكَّرهم الله تعالى باليوم الآخر ..

فمن أعظم ما يزجر النفس عن المعاصي ..

هو استحضار مشاهد الآخرة بداية من الموت وعذاب القبر ثمَّ الحساب والمآل إما إلى الجنة أو النار ..

فتذكُّر الموت يُفيق العبد من غفلته وإنغماسه في شهوات الدنيا.

لذا عندما تجد نفسك غارقًا في الغفلة ..

عليك أن تستمع إلى المواعظ، وتقوم بزيارة قبر أو تغسيل ميت .. كي يتحرَّك قلبك ويحجزك عن المعاصي، مما يقوى الوازع الديني في قلبك ويبعثك على المسارعة في الطاعة والعمل الصالح .. وكل شيء يهون حينها في سبيل الله.

ثانيًا: الأساس العلمي ..


اعلم أن العلم النافع هو كل علمٍ يُقربَّك إلى الله تعالى ويزيدُ خشيتك له ويدفعك إلى العمل الصالح ..

أما إذا لم تجد هذا الأثر في العلم الذي تتعلمه، فاعلم أن هناك خلل وأن هذا العلم غير نافع لك في الوقت الحالي.

والعلم يكون نافعًا بما يلي:
1) أن تعرف عقيدتك .. بحيث تكون عقيدةٌ صحيحة، تُرَّسِخ الإيمان في قلبك وتُهذِّب نفسك.

2) أن تتعلم أحكام الحلال والحرام (الفقه).

3) أن يثمر الخشية من الله.

فهذا العلم يزجره عن فعل المعاصي والذنوب، مما يؤدي إلى تزكية نفسه،،

ثالثًا: العبــادات العمليـــة ..

وهي أهم طرق تزكيــــة النفس ..

1) الصـــلاة .. عن طريق تحقيق ثمرتها، وهي الخشوع والخضوع.

2) الزكــــاة .. فهي تُطهِّر النفس من آفة الشح، وتُجسِّد معنى من معاني شكر النعمة.

3) الصيــــــام .. لتقوية الإرادة والصبر، وفيه مجاهدة للنفس.

4) الحــــج .. فهو تدريب عملي على الإمتثال لأوامر الله عزَّ وجلَّ، وجهاد للنفس وتدريبها على تحمُّل المشــاق.

5) النوافل .. سواءًا كانت نوافل الصلاة والصيام والصدقات وتلاوة القرآن والعمرة وغيرها، فالإكثار من هذه الأعمال يقوَّيك ويجعلك في معيَّة الله عزَّ وجلَّ .. يقول تعالي في الحديث القدسي ".. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه .." [صحيح البخاري]

6) المحاسبــة والتوبـــة .. فقد أقسَّم الله عزَّ وجلَّ بالنفس اللوَّامة، في قوله تعالى {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] ..
وهذا من خلال المحاسبة والمشارطة والمراقبة والمعاقبة والمعاتبة للنفس ..

ذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" ..
وقال الحسن "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همته"

من الأمور التي تُعين على محاسبة النفس:

أ) استشعار أن الله يراك وتذكُّر الحساب ويوم القيامة.

ب) مطالعة سير الصحابة والسلف الصالح.
فينبغي أن تحاسب نفسك .. على المعاصي الظاهرة والباطنة، والنيـــات، وتفويت الطاعـــات، والنِعَم .. ويُستحب أن يكون ذلك قبل النوم، لكي تُحاسب نفسك على أعمال اليوم والليلة فتعلم إن كنت رابحًا أم خاسرًا.

وتتحقق التوبة من خلال .. الندم والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل.

والصحبـــة الصالحــة من أهم ما يُعينك في الطريق إلى تزكيـــة نفسك.

كانت هذه هي الأسس التي تقوم عليها التزكية ..

ومنها سنشرع إن شاء الله تعالى في استخلاص العلاج لكل آفة من الآفات المُهلكة للنفس، التي لا يمكن علاجها إلا بالتطبيق العملي.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها،،

حاتم موسى
05-02-2010, 10:29 PM
القلب المنافق

النفاق: فالداء العضال الباطن الذي يكون الرجل ممتلئا منه وهو لا يشعر فإنه أمر خفي على الناس وكثيرا ما يخفى على من تلبس به فيزعم أنه مصلح وهو مفسد.

وهو نوعان: أكبر وأصغر.

فالأكبر: يوجب الخلود في النار في دركها الأسفل وهو أن يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذب به لا يؤمن بأن الله تكلم بكلام أنزله على بشر جعله رسولا للناس يهديهم بإذنه وينذرهم بأسه ويخوفهم عقابه.

وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر

وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة:

>>>المؤمنين والكفار والمنافقين <<<<<

فذكر في المؤمنين أربع آيات .........

وفي الكفار آيتين........

وفي المنافقين ثلاث عشرة آية!!!!!!!!!!!

لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدا لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة

فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية ويزعمون

أنهم بذلك مصلحون 2 :12 {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}

61:8 {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران والغل والكفران فالظواهر ظواهر الأنصار والبواطن قد تحيزت إلى الكفار فألسنتهم ألسنة المسالمين وقلوبهم قلوب المحاربين

ويقولون 2 :8 {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}.

رأس مالهم الخديعة والمكر وبضاعتهم الكذب والختر وعندهم العقل المعيشي أن الفريقين عنهم راضون

وهم بينهم آمنون 2 :9 {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.


قد نهكت أمراض الشبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها وغلبت القصود السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها ففسادهم قد ترامى إلى الهلاك فعجز عنه الأطباء العارفون

2 :10 {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.

لكل منهم وجهان وجه يلقى به المؤمنين ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون والآخر يترجم به عن سره المكنون

2 :14 {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.

قد أعرضوا عن الكتاب والسنة استهزاء بأهلهما واستحقارا وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين
فرحا بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه أشرا واستكبارا فتراهم أبدا بالمتمسكين بصريح الوحى يستهزئون

2 :15 {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

خرجوا في طلب التجارة البائرة في بحار الظلمات فركبوا مراكب الشبه والشكوك تجري بهم في موج الخيالات فلعبت بسفنهم الريح العاصف فألقتها بين سفن الهالكين

2 :16 {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.

أضاءت لهم نار الإيمان فأبصروا في ضوئها مواقع الهدى والضلال ثم طفىء ذلك النور وبقيت نارا تأجج ذات لهب واشتعال فهم بتلك النار معذبون وفي تلك الظلمات يعمهون

2 :17 {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِياسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ
فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ}.

أسماع قلوبهم قد أثقلها الوقر فهي لا تسمع منادي الإيمان وعيون بصائرهم عليها غشاوة العمى
فهي لا تبصر حقائق القرآن وألسنتهم بها خرس عن الحق فهم به لا ينطقون

2 :18 {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ}.

لهم علامات يعرفون بها مبينة في السنة والقرآن بادية لمن تدبرها من أهل بصائر الإيمان

الرياء وهو أقبح مقام قامه الإنسان وقعد بهم الكسل عما أمروا به من أوامر الرحمن فأصبح الإخلاص عليهم لذلك ثقيلا

4 :143 {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}.

أحدهم كالشاة العائرة بين الغنمين تيعر إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ولا تستقر مع إحدى الفئتين فهم واقفون بين الجمعين ينظرون أيهم أقوى وأعز

4 :143 {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً}.

يعجب السامع قول أحدهم لحلاوته ولينه ويشهد الله على ما في قلبه من كذبه ومينه فتراه عند الحق نائما وفي الباطل على الأقدام

فخذ وصفهم من قول القدوس السلام:

2 :204 {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}.

أوامرهم التي يأمرون بها أتباعهم متضمنة لفساد البلاد والعباد ونواهيهم عما فيه صلاحهم في المعاش والمعاد وأحدهم تلقاه بين جماعة أهل الإيمان في الصلاة والذكر والزهد والاجتهاد

2 :205 {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.

فهم جنس بعضه يشبه بعضا يأمرون بالمنكر بعد أن يفعلوه وينهون عن المعروف بعد أن يتركوه ويبخلون بالمال في سبيل الله ومرضاته أن ينفقوه كم ذكرهم الله بنعمه فأعرضوا عن ذكره ونسوه وكم كشف حالهم لعباده المؤمنين ليتجنبوه
فاسمعوا أيها المؤمنون

9 :67 {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ
وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

إن حاكمتهم إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله رأيتهم عنه معرضين فلو شهدت حقائقهم لرأيت بينها وبين الهدى أمدا بعيدا ورأيتها معرضة عن الوحي إعراضا شديدا

4 :61 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً}.

فكيف لهم بالفلاح والهدى بعد ما أصيبوا في عقولهم وأديانهم وأنى لهم التخلص من الضلال والردى ! وقد اشترا الكفر بإيمانهم فما أخسر تجارتهم البائرة ! وقد استبدلوا بالرحيق المختوم حريقا

4 :62 {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً}.

نشب زقوم الشبه والشكوك في قلوبهم فلا يجدون له مسيغا

4 :63 {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}.

تباًّ لهم ما أبعدهم عن حقيقة الإيمان !

وما أكذب دعواهم للتحقيق والعرفان!!!!

فالقوم في شأن وأتباع الرسول في شأن لقد أقسم الله جل جلاله في كتابه بنفسه المقدسة قسما عظيما يعرف
مضمونه أولو البصائر فقلوبهم منه على حذر إجلالا له وتعظيما

فقال تعالى تحذيرا لأوليائه وتنبيها على حال هؤلاء وتفهيما

4 :65 {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

أحسن الناس أجساما وأخلبهم لسانا وألطفهم بيانا وأخبثهم قلوبا وأضعفهم جنانا فهم كالخشب المسندة التى لا ثمر لها قد قلعت من مغارسها فتساندت إلى حائط يقيمها لئلا يطأها السالكون

63 :4 {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ
يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.

يؤخرون الصلاة عن وقتها الأول.......

إلى شرق الموتى فالصبح عند طلوع الشمس والعصر عند الغروب ....

وينقرونها نقر الغراب إذ هي صلاة الأبدان لا صلاة القلوب........

ويلتفتون فيها التفات الثعلب إذ يتيقن أنه مطرود مطلوب.......

ولا يشهدون الجماعة بل إن صلى أحدهم ففي البيت أو الدكان.........

وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان......

هذه معاملتهم للخلق وتلك معاملتهم للخالق........

فخذ وصفهم من أول المطففين وآخر (والسماء والطارق)!!!!!

فلا ينبئك عن أوصافهم مثل خبير
9 :73 {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

فما أكثرهم ! وهمالأقلون وما أجبرهم ! وهم الأذلون وما أجهلهم ! وهم المتعالمون وما أغرهم بالله !
إذ هم بعظمته جاهلون 9 :56

{وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ}.

ثقلت عليهم النصوص فكرهوها وأعياهم حملها فألقوها عن أكتافهم ووضعوها وتفلتت منهم السنن أن يحفظوها فأهملوها وصالت عليهم نصوص الكتاب والسنة فوضعوا لها قوانين ردوها بها ودفعوها

ولقد هتك الله أستارهم وكشف أسرارهم وضرب لعباده أمثالهم واعلم أنه كلما انقرض منهم طوائف خلفهم أمثالهم فذكر أوصافهم لأوليائه ليكونوا منها على حذر

وبينها لهم فقال 47 :9 {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.

هذا شأن من ثقلت عليه النصوص فرآها حائلة بينه وبين بدعته وهواه
فهي في وجهه كالبنيان المرصوص فباعها بمحصل من الكلام الباطل واستبدل منها بالفصوص فأعقبهم ذلك أن أفسد عليهم إعلانهم وإسرارهم

47 :26، 28 {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ، فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.

أسروا سرائر النفاق!!!!!!!

فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم وفلتات اللسان ووسمهم لأجلها بسيماء لا يخفون بها على أهل البصائر والإيمان وظنوا أنهم إذ كتموا كفرهم وأظهروا إيمانهم راجوا على الصيارف والنقاد

كيف والناقد البصير قد كشفها لكم!!!!!!

47 :29، 30 {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ، وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}.

فكيف إذا جمعوا ليوم التلاق!!!!!

وتجلى الله جل جلاله للعباد وقد كشف عن ساق ودعوا إلى السجود فلا يستطيعون

68 :43 {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}.

أم كيف بهم إذا حشروا !!!!!!!

إلى جسر جهنم وهو أدق من الشعرة وأحد من الحسام وهو دحض مزلة مظلم لا يقطعه أحد إلا بنور يبصر به مواطيء الأقدام فقسمت بين الناس الأنوار وهم على قدر تفاوتها في المرور والذهاب وأعطوا نورا ظاهرا مع أهل الإسلام كما كانوا بينهم في هذه الدار

يأتون بالصلاة والزكاة والحج والصيام فلما توسطوا الجسر عصفت على أنوارهم أهوية النفاق فأطفأت ما بأيديهم من المصابيح فوقفوا حيارى لا يستطيعون المرور

فضرب بينهم وبين أهل الإيمان بسور له باب

ولكن قد حيل بين القوم وبين المفاتيح باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة وما يليهم من قبلهم العذاب والنقمة ينادون من تقدمهم من وفد الإيمان ومشاعل الركب تلوح على بعد كالنجوم تبدو لناظر الإنسان

57 13 {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}

لنتمكن في هذا المضيق من العبور فقد طفئت أنوارنا ولا جواز اليوم إلا بمصباح من النور

{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً}

حيث قسمت الأنوار فهيهات الوقوف لأحد في مثل هذا المضمار كيف نلتمس الوقوف في هذا المضيق فهل يلوي اليوم أحد على أحد في هذا الطريق وهل يلتفت اليوم رفيق إلى رفيق فذكروهم باجتماعهم معهم وصحبتهم لهم في هذه الدار كما يذكر الغريب صاحب الوطن بصحبته له في الأسفار

{أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}

نصوم كما تصومون ونصلي كما تصلون ونقرأ كما تقرؤون ونتصدق كما تصدقون ونحج كما تحجون

فما الذي فرق بيننا اليوم حتى انفردتم دوننا بالمرور!!!!!

{قَالُوا بَلَى}

ولكنكم كانت ظواهركم معنا وبواطنكم مع كل ملحد وكل ظلوم كفور .........

57 :14، 15 {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ
وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ، فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسالْمَصِيرُ}.


تالله!!!!!!!!

لقد قطع خوف النفاق قلوب السابقين الأولين ل

علمهم بدقة وجله وتفاصيله وجمله ساءت ظنونهم بنفوسهم حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين

قال عمر بن الخطاب لحذيفة رضي الله عنهما: "يا حذيفة نشدتك بالله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم قال لا ولا أزكي بعدك أحدا"

وقال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق

على نفسه ما منهم أحد يقول إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل" ذكره البخاري

وذكر عن الحسن البصري: "ما أمنه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن"

ولقد ذكر عن بعض الصحابة: أنه كان يقول في دعائه "اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق

قيل وما خشوع النفاق!!!!!!

قال أن يرى البدن خاشعا والقلب ليس بخاشع".

زرع النفاق ينبت على ساقيتين!!!!!!!!

ساقية الكذب ...... وساقية الرياء.........

ومخرجهما من عينين!!!!!!!!

عين ضعف البصيرة ..... وعين ضعف العزيمة........

فإذا تمت هذه الأركان الأربع استحكم نبات النفاق!!!!!!!!! وبنيانه..

ولكنه بمدارج السيول على شفا جرف هار
فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبلى السرائر وكشف المستور وبعثرما في القبور وحصل ما في الصدور
تبين حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق أن حواصله التي حصلها كانت كالسراب

24 :39 {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.

قلوبهم عن الخيرات لاهية وأجسادهم إليها ساعية والفاحشة في فجاجهم فاشية
وإذا سمعوا الحق كانت قلوبهم عن سماعه قاسية وإذا حضروا الباطل وشهدوا الزور انفتحت أبصار قلوبهم
وكانت آذانهم واعية.

فهذه والله أمارات النفاق فاحذرها!!!!!! أيها المؤمن ...

قيل أن تنزل بك القاضية إذا عاهدوا لم يفوا وإن وعدوا أخلفوا وإن قالوا لم ينصفوا وإن دعوا إلى الطاعة وقفوا
وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدفوا وإذا دعتهم أهواؤهم إلى أغراضهم أسرعوا إليها وانصرفوا
فذرهم وما اختاروا لأنفسهم من الهوان والخزي والخسران

فلا تثق بعهودهم ولا تطمئن إلى وعودهم فإنهم فيها كاذبون وهم لما سواها مخالفون

9 :75، 77 {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ
وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُم ْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ،
فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ}.

اللهم آت نفوسنا تقواها ....... وزكها أنت خير من زكها ..... أنت وليها ومولاها ....

تابع الموضوع القادم !!!!!!

حاتم موسى
05-14-2010, 11:23 PM
القلب الحاسد

الحسد من أمراض القلوب!!!!!!!!!
كما قال بعضهم في حده إنه أذى يلحق بسبب العلم.....
بحسن حال الاغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا..........
لأن الفاضل يجرى على ما هو الجميل .....

والحسد هو... تمنى زوال النعمة عن المحسود .......
وإن لم يصر للحاسد مثلها.......


الحسد الغبطة !!!!!!

هو... تمنى مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط .......

الحسد هو.....
البغض والكراهة......لما يراه من حسن حال المحسود ...

وهو نوعان......
أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم ...
وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه
فيكون ذلك مرضا في قلبه.....

ويلتذ بزوال النعمة عنه......
وإن لم يحصل له نفع بزوالها...........
لكن نفعه بزوال الألم الذي كان في نفسه ......
إن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها.............



و النوع الثاني..... أن يكره فضل ذلك الشخص عليه..... فيجب أن يكون مثله أو أفضل منه.........
فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة ........

وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا في الحديث المتفق عليه.....

من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما قال ....
لا حسد إلا في اثنتين.....

رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ......
ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق.....

هذا لفظ ابن مسعود ولفظ ابن عمر رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه في الحق آناء الليل والنهار ورواه البخاري

من حديث أبي هريرة.......
ولفظه لا حسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه الليل والنهار فسمعه رجل فقال يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا
فعملت فيه مثل ما يعمل هذا...
ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق
فقال رجل يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا

فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم

إلا في موضعين ......

هو... الغبطة......
وهو أن يحب مثل حال الغير...... ويكره أن يفضل عليه..........

وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء......


ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني......

وقد يسمى المنافسة ........

فيتنافس الإثنان في الأمر المحبوب المطلوب كلاهما يطلب أن يأخذه وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر....

والتنافس ليس مذموما مطلقا بل هو محمود في الخير ...

قال تعالى.((( المطففين إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون
تعرف في وجوهم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ...))))))

فأمر المنافس أن ينافس في هذا النعيم لا ينافس في نعيم الدنيا الزائل

وهذا موافق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه نهى عن الحسد

إلا فيمن أوتي العلم فهو يعمل به ويعلمه......

ومن أوتى المال فهو ينفقه فى طاعة الله......

بين أهل العلم الذين لهم اتباع من الحسد مالا يوجد فيمن ليس كذلك

وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله

فهذا ينفع الناس بقوت القلوب وهذا ينفعهم بقوت الأبدان
والناس كلهم محتاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا ......



ولهذا ضرب الله سبحانه مثلين مثلا بهذا فقال .....
النحل ..(((( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء
ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا
هل يستون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون***
وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء
وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوى
هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ..))))

والمثلان ضربهما الله سبحانه لنفسه المقدسة ولما يعبد من دونه
فإن الأوثان لا تقدر لا على عمل ينفع ولا على كلام ينفع

فإذا قدر عبد مملوك لا يقدر على شيء
وآخر قد رزقه الله رزقا حسنا
فهو ينفق منه سرا وجهرا
هل يستوي هذا المملوك العاجز عن الإحسان
وهذا القادر على الاحسان المحسن إلى الناس سرا وجهرا
وهو سبحانه قادر على الإحسان إلى عباده وهو محسن إليهم دائما
فكيف يشبه به العاجز المملوك الذي لا يقدر على شيء حتى يشرك به معه
وهذا مثل الذي اعطاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل والنهار ....

والمثل الثاني!!!!!

إذا قدر شخصان أحدهما أبكم لا يعقل ولا يتكلم ولا يقدر على شيء وهو مع هذا كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير فليس فيه من نفع قط بل هو كل على من يتولى أمره.....

وآخر عالم عادل يأمر بالعدل ويعمل بالعدل فهو على صراط مستقيم
وهذا نظير الذي أعطاه الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها للناس
وقد ضرب ذلك مثلا لنفسه فإنه سبحانه عالم عادل قادر يأمر بالعدل
وهو قائم بالقسط على صراط مستقيم

قال تعالى :آل عمران(( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة
وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )))

وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نافس أبا بكر رضي الله عنه الإنفاق...

كما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه....
قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق.....
فوافق ذلك مالا عندي...
فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي
قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله
وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله
فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا......

فكان ما فعله عمر من المنافسة والغبطة المباحة........

لكن حال الصديق رضي الله عنه أفضل منه وهو خال من المنافسة مطلقا
لا ينظر إلى حال غيره ...

وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال...
الحشر((( ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ))
أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون قال المفسرون لا يجدون في صدروهم حاجة أي حسدا وغيظا
مما أوتي المهاجرون ثم قال بعضهم من مال الفيء
وقيل من الفضل والتقدم
فهم لا يجدون حاجة مما أوتوا من المال
ولا من الجاه والحسد يقع على هذا ....



الحسد المذموم......

قال تعالى: البقرة: في حق اليهود(((( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق))))

يودون أي يتمنون أرتدادكم حسدا.... فجعل الحسد هو الموجب لذلك الود
من بعد ما تبين لهم الحق..... لأنهم لما رأوا أنكم قد حصل لكم من النعمة
ما حصل بل مالم يحصل لهم مثله حسدوكم ......


وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقت ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد

وقد ذكر طائفة من المفسرين أنها نزلت بسب حسد اليهود
للنبي صلى الله عليه وسلم حتى سحروه سحره لبيد بن الأعصم اليهودي

فالحاسد المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه بها ظالم معتد والكاره لتفضيله المحب لمماثلته .......

فإذا أحب أن يعطى مثل ما أعطى مما يقربه إلى الله فهذا لا بأس به....

وإعراض قلبه عن هذا بحيث لا ينظر إلى حال الغير أفضل ........

ثم هذا الحسد إن عمل بموجبه صاحبه كان ظالما معتديا مستحقا للعقوبة
إلا أن يتوب وكان المحسود مظلوما مأمورا بالصبر والتقوى فيصبر على أذى الحاسد ويعفو ويصفح عنه......


والمقصود أن الحسد مرض من أمراض النفس.....

وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ........
فمن وجد في نفسه حسدا لغيره
فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر
فيكره ذلك من نفسه ......


وحسد ابني آدم أحدهما لأخيه فإنه حسده لكون أن الله تقبل قربانه
ولم يتقبل قربان هذا فحسده على ما فضله الله من الايمان والتقوى

ولهذا قيل أول ذنب عصى الله به ثلاثة.......

الحرص والكبر والحسد......

فالحرص من آدم.....
والكبر من إبليس.....
والحسد من قابيل ....حيث قتل هابيل......

وفي الحديث ثلاث لا ينجو منهن احد الحسد والظن والطيرة ........

وسأحدثكم بما يخرج من ذلك ......

إذا حسدت فلا تبغض....
وإذا ظننت فلا تحقق ....
وإذا تطيرت فامض.......
رواه ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة

وفي الصحيحين عن أنس ابن مالك رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال......
لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا
ولا يحل لمسلم أن يهجر اخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ......
وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته من رواية أنس أيضا والذي نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.....

اللهم لاتجعل قلوبنا حاسده ...... ولاباغضه.....اللهم آمين....

حاتم موسى
07-23-2010, 11:21 AM
القلب الفاسق



فهو في كتاب الله نوعان......

مفرد مطلق .....ومقرون بالعصيان.......

المقرون بالعصيان .....قال الله تعالى 49 :7 {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}.

المفرد المطلق نوعان ...

فسوق كفر يخرج عن الإسلام .....وفسوق لا يخرج عن الإسلام .....

والمفرد الذي هو فسوق كفر يخرج عن الإسلام ....

كقوله تعالى 2 :26، 27 {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ، الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}

وقوله عز وجل 2 :99 {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ}

وقوله 32 :20 {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}

وأما الفسوق الذي لا يخرج عن الإسلام...........

قال تعالى 2 :82 {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}


وقوله 49 6 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ}

فإن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط لما بعثه رسول الله إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدقا وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية فلما سمع القوم بمقدمه تلقوه تعظيما لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال: إن بني المصطلق منعوا صدقاتهم... وأرادوا قتلى....
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ...وهم أن يغزوهم ...

فبلغ القوم رجوعه!!!!!!

فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم... فقالوا يا رسول الله سمعنا برسولك....
فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من حق الله...

فبدا له في الرجوع... فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاء منك... لغضب غضبته علينا ..

وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله.. فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

وبعث خالد بن الوليد خفية في عسكر وأمره أن يخفي عليهم قدومه ..وقال له انظر!!

فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم.. فخذ منهم زكاة أموالهم ..وإن لم تر ذلك ..

فاستعمل فيهم ما تستعمل في الكفار!!!

ففعل ذلك خالد ووافاهم فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء ..

فأخذ منهم صدقاتهم ولم ير منهم إلا الطاعة والخير.. فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وأخبره الخبر فنزل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية.

و(النبأ) هو الخبر الغائب عن المخبر إذا كان له شأن....

و(التبين) طلب بيان حقيقة والإحاطة بها علما......

وههنا فائدة لطيفة !!!!!

وهي أنه سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق وتكذيبه؟؟؟؟؟ ورد شهادته جملة ؟؟؟؟؟؟

وإنما أمر بالتبين !!!!!!!

فإن قامت قرائن وأدلة من خارج تدل على صدقه عمل بدليل الصدق.... ولو أخبر به من أخبر....
فهكذا ينبغي الإعتماد في رواية الفاسق وشهادته......
وكثير من الفاسقين يصدقون في أخبارهم ورواياتهم وشهاداتهم .....

بل كثير منهم يتحرى الصدق.... غاية التحري.. وفسقه!! من جهات أخر؟؟؟

فمثل هذا لا يرد خبره ولا شهادته!!!!!

ولو ردت شهادة مثل هذا وروايته لتعطلت أكثر الحقوق... وبطل كثير من الأخبار الصحيحة....


ولا سيما من فسقه؟؟؟ من جهة الإعتقاد؟؟؟؟

والرأي وهو!!!! متحر للصدق!!!!! فهذا لا يرد خبره ولا شهادته.


وأما من فسقه من جهة الكذب ؟؟؟؟؟؟؟

فإن كثر منه وتكرر بحيث يغلب كذبه على صدقه.... فهذا لا يقبل خبره ولا شهادته..


والفسوق الذي تجب التوبة منه.... أعم من الفسوق الذي ترد به الرواية والشهادة.....

وكلامنا الآن فيما تجب التوبة منه .....

وهو قسمان فسق من جهة العمل.... وفسق من جهة الإعتقاد.......

ففسق العمل نوعان: مقرون بالعصيان ومفرد.

فالمقرون بالعصيان: هو ارتكاب ما نهى الله عنه

والعصيان: هو عصيان أمره

كما قال الله تعالى 66 :6 {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}

وقال موسى لأخيه هارون عليهما السلام 20 :92، 93 {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}

وقال الشاعر:
أمرتك أمرا جازما فعصيتني فأصبحت مسلوب الإمارة نادما

فالفسق أخص بارتكاب النهى!!!!!!

ولهذا يطلق عليه كثيرا كقوله تعالى 2 :282 {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}

والمعصية أخص بمخالفة الأمر!!!!!!!

ويطلق كل منهما على صاحبه كقوله تعالى 18 :50 {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنّ ِفَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }

فسمى مخالفته للأمر فسقا ......


وقال 20 :121 {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}

فسمى ارتكابه للنهي معصية ......

فهذا عند الإفراد ....فإذا اقترنا كان أحدهما لمخالفة الأمر والآخر لمخالفة النهي......


شفاء القلب الفاسق ....بإذنه تعالى ..هو !!!!!


(((((( التقوى )))))))))

اتقاء مجموع الأمرين... وبتحقيقها.... تصح التوبة من الفسوق والعصيان....


بأن يعمل العبد بطاعة الله ....على نور من الله....

يرجو ثواب الله ....

ويترك معصية الله على نور من الله...

يخاف عقاب الله......

ماسبق هو فسق من جهة العمل .....


أما الفسق من جهة الإعتقاد....


كفسق أهل البدع !!!!!!

الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر..... ويحرمون ما حرم الله .....ويوجبون ما أوجب الله.....

ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله ....جهلا !! وتأويلا!!! وتقليدا !!!! للشيوخ...
ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك......

وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم.
وأما غالية الجهمية: فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب.


فالتوبة من فسوق الإعتقاد,,,,,,


بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتنزيهه عما نزه نفسه عنه ونزهه عنه رسوله

من غير تحريف ولا تعطيل وتلقى النفي والإثبات من مشكاة الواحي لا من آراء الرجال

ونتائج أفكارهم التي هي منشأ البدعة والضلالة.




فتوبة هؤلاء الفساق من جهة الإعتقادات الفاسدة.....



بمحض اتباع السنة ولا يكتفى منهم بذلك أيضا حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة ....

إذ التوبة من ذنب هي بفعل ضده ......


ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين!!!!!!


ما أنزل الله من البينات والهدى.....

البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان......

قال الله تعالى 2 :159، 190 {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ،
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}


وذنب المبتدع .... فوق ذنب الكاتم....

لأن ذاك كتم الحق.... وهذا كتمه ودعا إلى خلافه.... فكل مبتدع كاتم ....ولا ينعكس.


وشرط في توبة المنافق.........

الإخلاص .....لأن ذنبه بالرياء ......

فقال تعالى 4 :45، 46 {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار}

ثم قال {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}

اللهم آت نفوسنا تقواها....وزكيها أنت خير من زكها ....أنت وليها ومولاها ....
تابع الموضوع القادم بإذن الله تعالى .

( ملخص من الجزء الرابع ..كتاب مدارج السالكين .. إبن القيم الجوزية )

حاتم موسى
10-09-2010, 07:32 PM
الذل والانكسار والخضوع.......
والافتقار للرب جل جلاله…

فيشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة: ضرورة تامة وافتقارا تاما إلى ربه ووليه

ومن بيده صلاحه وفلاحه وهداه وسعادته……

وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها………….. وإنما تدرك بالحصول………

……. فيحصل لقلبه كسرة خاصة لا يشبهها شيء………..

بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض تحت الأرجل الذي لا شيء فيه ولا به ولا منه ولا فيه منفعة

ولا يرغب في مثله وأنه لا يصلح للانتفاع………
……إلا بجبر جديد من صانعه…….. وقيمه……

فحينئد يستكثر في هذا المشهد ما من ربه إليه من الخير……
ويرى أنه لا يستحق قليلا منه ولا كثيرا..

فأي خير ناله من الله استكثره على نفسه وعلم أن قدره دونه
وأن رحمة ربه هي التي اقتضت ذكره به وسياقته إليه
واستقل ما من نفسه من الطاعات لربه

ورآها ولو ساوت طاعات الثقلين من أقل ما ينبغي لربه عليه
….. واستكثر قليل معاصيه وذنوبه……….

فإن الكسرة التي حصلت لقلبه أوجبت له هذا كله.

فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور !

وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه !

وما أنفع هذا المشهد له وأجداه عليه !

وذرة من هذا ونفس منه أحب إلى الله من…….
طاعات ………أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم..



…….وأحب القلوب إلى الله سبحانه…….
قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة وملكته هذه الذلة …

فهو ناكس الرأس بين يدي ربه لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله…….


قيل لبعض العارفين:
أيسجد القلب قال:
نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء فهذا سجود القلب.


فقلب لا تباشره هذه الكسرة فهو غير ساجد السجود المراد منه!!!!!

إذا سجد القلب لله هذه السجدة العظمى سجدت معه جميع الجوارح وعنا الوجه حينئذ للحي القيوم
وخشع الصوت والجوارح كلها………

وذل العبد وخضع واستكان ووضع خده على عتبة العبودية….

ناظرا بقلبه إلى ربه ووليه نظر الذليل إلى العزيز الرحيم…..

فلا يرى إلا متملقا لربه خاضعا له ذليلا مستعطفا له يسأله عطفه ورحمته
فهو يترضى ربه كما يترضى المحب الكامل المحبة محبوبه المالك له الذي لا غنى له عنه
ولا بد له منه …..

فليس له هم غير استرضائه واستعطافه…
لأنه لا حياة له ولا فلاح إلا في قربه ورضاه عنه ومحبته له……

يقول: كيف أغضب من حياتى في رضاه.....؟؟؟؟؟؟؟
وكيف أعدل عمن سعادتي وفلاحي وفوزي في قربه وحبه وذكره؟.

وصاحب هذا المشهد:
يشهد نفسه كرجل كان في كنف أبيه يغذوه بأطيب الطعام والشراب واللباس ويربيه أحسن التربية
ويرقيه على درجات الكمال أتم ترقية وهو القيم بمصالحه كلها

فبعثه أبوه في حاجة له فخرج عليه في طريقه عدو فأسره وكتفه وشده وثاقا

ثم ذهب به إلى بلاد الأعداء...... فسامه سوء العذاب......

وعامله بضد ما كان أبوه يعامله به....
فهو يتذكر تربية والده وإحسانه إليه الفينة بعد الفينة...

فتهيج من قلبه لواعج الحسرات كلما رأى حاله
ويتذكر ما كان عليه وكل ما كان فيه ......
فبينا هو في أسر عدوه يسومه سوء العذاب ويريد نحره في آخر الأمر

إذ حانت منه التفاتة إلى نحو ديار أبيه!!!!!

فرأى أباه منه قريبا فسعى إليه وألقى نفسه عليه وانطرح بين يديه يستغيث:

يا أبتاه يا أبتاه يا أبتاه !

انظر إلى ولدك وما هو فيه!!!!!!

ودموعه تستبق على خديه قد اعتنقه والتزمه... وعدوه في طلبه ....
حتى وقف على رأسه وهو ملتزم لوالده ممسك به!!!

فهل تقول: إن والده يسلمه مع هذه الحال إلى عدوه... ويخلي بينه وبينه....

فما الظن بمن هو أرحم بعبده من الوالد بولده ومن الوالدة بولدها؟

إذا فر عبد إليه وهرب من عدوه إليه.....

وألقى بنفسه طريحا ببابه يمرغ خده في ثرى أعتابه باكيا بين يديه....

يقول: يا رب يا رب ارحم من لا راحم له سواك ولا ناصر له سواك ولا مؤوي له سواك
ولا مغيث له سواك مسكينك وفقيرك وسائلك ومؤملك ومرجيك لا ملجأ له ولا منجا له منك
إلا إليك أنت معاذه وبك ملاذه.

يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ولا يهيضون عظما أنت جابره ......

اللهم ربنا إجعل قلوبنا .... ذليله .. مكسورة ..خاضعه ..خاشعة ...لك

ياعزيز ...ياغفار...يارحمن يارحيم ..

{ اللهم آمين }

حاتم موسى
12-19-2010, 06:18 PM
--------------------------------------------------------------------------------


القلب العابد ........

العبودية والمحبة والشوق إلى لقاء الله......!

فتقر به عينه ويسكن إليه قلبه وتطمئن إليه جوارحه

ويستولى ذكره على لسان محبه وقلبه....

فتصير خطرات المحبة مكان خطرات المعصية..........

وإرادات التقرب إليه وإلى مرضاته مكان إرادة معاصيه ومساخطه

وحركات اللسان والجوارح بالطاعات مكان حركاتها بالمعاصي....

فقد امتلأ قلبه من محبته ولهج لسانه بذكره وانقادت الجوارح لطاعته

فإن هذه الكسرة الخاصة لها تأثير عجيب في المحبة لا يعبر عنه............!


وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول:

من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية.

وقال بعض العارفين:


لا طريق أقرب إلى الله من العبودية ولا حجاب أغلظ من الدعوى.......

ولا ينفع مع الإعجاب والكبر........ عمل واجتهاد......

ولا يضر مع الذل والافتقار...... بطالة يعني بعد فعل الفرائض........


والقصد: أن هذه الذلة والكسرة الخاصة تدخله على الله وترميه على طريق المحبة....

فيفتح له منها باب لا يفتح له من غير هذه الطريق .....

وإن كانت طرق سائر الأعمال والطاعات تفتح للعبد أبوابا من المحبة....!

لكن الذي يفتح طريق ..عبودية.. ومحبة الله سبحانه وتعالى ..

هو طريق.... الذل.. والانكسار.. والافتقار..وازدراء النفس ورؤيتها بعين الضعف والعجز...... والعيب والنقص والذم......

بحيث يشاهدها... ضيعة ..وعجزا.. وتفريطا.. وذنبا.. وخطيئة...!

نوع آخر وفتح آخر...

والسالك بهذه الطريق غريب في الناس... هم في واد.. وهو في واد .....

وهي تسمى طريق الطير.....!

يسبق النائم فيها على فراشه السعاة... فيصبح وقد قطع الطريق وسبق الركب....

بينا هو يحدثك... وإذا به قد سبق الطرف... و فات السعاة والله المستعان خير الغافرين....

وهذا الذي حصل له من آثار محبة الله له وفرحه... بتوبة عبده...

فإنه سبحانه يحب التوابين ويفرح بتوبتهم أعظم فرح وأكمله.....

فكلما طالع العبد.... منن ربه سبحانه عليه ....قبل الذنب.. وفي حال مواقعته.. وبعده...
وبره سبحانه به.... وحلمه سبحانه عنه... وإحسانه سبحانه إليه.....

هاجت من قلب العبد لواعج محبته سبحانه... والشوق إلى لقائه سبحانه .....

فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها....

وأي إحسان أعظم من إحسان سبحانه.... إلى من يبارزه العبد بالمعاصي....

وهو يمده بنعمه ... ويعامله بألطافه سبحانه ... ويسبل عليه ستره ...

ويحفظه من خطفات أعدائه المترقبين له أدنى عثرة ينالون منه.....

بها بغيتهم ويردهم عنه ويحول بينهم وبينه؟

وهو في ذلك كله بعينه يراه... ويطلع عليه.... فالسماء تستأذن ربها أن تحصبه....

والأرض تستأذنه أن تخسف به.... والبحر يستأذنه أن يغرقه......

كما في مسند الإمام أحمد..... عن النبي صلى الله عليه وسلم....

"ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه: أن يغرق ابن آدم والملائكة تستأذنه: أن تعاجله وتهلكه

والرب تعالى يقول: دعوا عبدي فأنا أعلم به إذ أنشأته من الأرض إن كان عبدكم فشأنكم به

وإن كان عبدي فمني وإلي عبدى وعزتي وجلالي إن أتاني ليلا قبلته وإن أتاني نهارا قبلته

وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا وإن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإن مشى إلي هرولت إليه

وإن استغفرني غفرت له وإن استقالني أقلته وإن تاب إلي تبت عليه من أعظم مني جودا وكرما

وأنا الجواد الكريم عبيدي يبيتون يبارزونني بالعظائم وأنا أكلؤهم في مضاجعهم وأحرسهم على فرشهم

من أقبل إلي تلقيته من بعيد ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ومن تصرف بحولي وقوتي

ألنت له الحديد ومن أراد مرادي أردت ما يريد أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيادتي

وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم

وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب"

والله الموفق.... لمراعاة ذلك.... والقيام به عملا وحالا...

كما وفق له علما ومعرفة...

فما خاب من توكل عليه.... ولاذ به.... ولجأ إليه.....

ولا حول ولا قوة إلا بالله.