المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يحق للملحد اتخاذ موقف؟



ontology
06-12-2010, 01:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

هل يحق للملحد اتخاذ موقف ما ؟ ومن اعطاه هذه الحاجة لاتخاذ هذا الموقف او العقيدة ؟

العقيدة هو كل ما عقد عليه القلب, وعلى هذا يتكون الموقف الفكري والعملي عليه.
اذا سألت اي شخص بماذا يعتقد : سيقول اما عقيدة سماوية او وضعية او يكون لا ادري او لا ديني او ملحد وكلها وجب الزمه من وجود موقف وعقيدة يعتقد بها فالملحد موقفه الاعتقاد بعدم وجود الله, واللا ادري يأخذ موقفه وعقيدته بأنه لا يعلم ولا يدري وكذا الباقي.

النقطة المحورية
المادة صماء ليس لها ارادة ومقيدة بقوانينها فليس لها إلا علتها من حيث وجودها وتحتاج الى اجزائها من حيث التركيب.
الحاجة في الانسان في اتخاذ موقف هي حاجة ميتافيزيقية وليست مادي, فالانسان له حاجة الزامية في وجوده من اتخاذ موقف.

السؤال هو من وضع في الانسان هذه الحاجة الى الاعتقاد واتخاذ موقف؟
الاول: ان المادة هي التي اعطته هذه الحاجة = إذاً كيف يعطي من له فقط حاجة مادية (كعلّته واجزائه) شئ لمادة اخرة زائداً فيه (الانسان) حاجة ميتافيزيقية (وهي الاعتقاد واتخاذ موقف)

الثاني: ان المادة لها حاجة ميتافيزيقية في وجودها (الله تعالى), فإذا كانت فاقدة لهذه الحاجة إذاً كيف اعطت لاختها المادة (الانسان) هذه الحاجة فكيف تعطي شئ هي لا تملّكه.

النتيجة :

أ - الانسان في جزء من كينونته الحاجة لاتخاذ موقف او عقيدة.
ب- المادة لا تملك هذه الحاجة
النتيجة: هناك من له القدرة على اعطاء الانسان هذه الحاجة, فأعطاها اياها.

أ - المادة لها حاجة ميتافيزيقية في وجودها.
ب- الانسان له حاجة ميتافيزيقية في نفسه وهي (وجوب الاعتقاد بشئ واتخاذ موقف)
النتيجة : هناك من موجود غير مادي تفتقد وتحتاج المادة اليه.

فأيهم الملحد يختار...؟ فلديه احتمالين في كِلاهما سوف يأخذ موقف وعقيدة من ورائها.. اليس كذلك؟

بوعابدين
06-12-2010, 02:53 AM
السلام عليكم.
بارك الله في أخي أنتولوجي على هذا التسائل.
يا أخي هذا نداء الفطرة فلا يملك الإنسان إلا أن يتخذ موقفا فالبحث عن العلة فطرة في كل البشر والإنسان مفطورعلى اللإعتقاد والإعتقاد مبدأ العبادة العبادة التي خلقه الله لها. ولكن الإنسان وإن ضل عن عبادة الله فلن يستطيع أن يتملص من فطرته في البحث عن ملاذ يفرغ فيه هذا الكم الهائل من طبيعته كعبد فتى المنحرف يلحد فيعبد المادة ويألهها واللاأدري يقدس عقله ويكتفي بما أوصله إليه وإن كان مازال في عقله القدرة على ما هو أكثر من هذه اللاأدرية البلهاء التي تحجم العقل وتجمده دون الغاية العليا وهي معرفة الله . وترى اللاديني يعبد هواه ويقول ما أراد الخالق منا شيئ بل خلقنا وتركنا وشأننا.
وصدق من قال من لم يعبد الله كان عبدا لسواه و أول ما سوى الله الهوى.
أما بخصوص المادة فلا يخفى على عاقل عجزها عن تفسير أبسط الأمور فضلا عن ما طرحته أخي فهي مادة منقادة رغما لا اختيارا.
وهذا يتجسد في الإنسان نفسه فضلا عن ما هو أعظم.
فلقد عجز الماديون عن أن يفسرو إرادة البشر في ظل الفلسفة المادية العمياء.
فلو سألت ملحدا ماهي سر إرادتك فسيقول دماغي المادي وما يحصل فيه من عمليات وسرعان ما يلجأ لكيمياء الدماغ.
ولكن لو قلنا له فهل كيمياء الدماغ خاضعة لقوانين الكيمياء المعلومة أم أنها ميتاكيمياء على غرار ميتافيزيقا فإن قال أنها ميتاكيمياء فقد نقض مبدأ إلحاده وهو الايمان بما وراء المحسوس. فلن يجد بدا من أن يقول إنه خاضع لقوانين الكيمياء وهذا هو المتفق عليه عند علماء كيمياء الدماغ.
وهنا يبرز سؤآل أين تكون الإرادة البشرية و كيف تكون ما دامت خاضعة لقوانين معينة لا دخل للإنسان بها وهنا يقع في ما يعرف بالجبرية المادية إذ لا دخل للإنسان في هذه القوانين وهو يسير وفقها مجبورا لا مختارا وهنا يصبح لا معنى للجرية والعقاب والقوانين وهذا أمر لا يخفى فساده.
ولأوضح أكثر أضرب مثلا:
لو أراد الإنسان أن يقول كلمة فماذا يحصل في دماغه وفقا لمذهبهم المادي أن هنالك تفاعلات تحدث في الدماغ.
فالسؤآل هل هذه تفاعلات معلومة منظمة تؤتي نتيجة واحدة هي تلك الكلمة أم أنه عشوائية إن قال هي عشوائية فهذا مردود لأن العشواء لا ينتج نتيجة محدد بل ينتج نتيجة عشوائية كأن يريد أن يقول كلمة بدل ذلك يرفع يده أو ينفخ بطنه.
بقي القول بتنظيم ذلك التفاعل منشئ تلك الكلمة فنقول هنا من نظم ذلك التفاعل وأمر بحصوله وهو أصل الإرادة.
فهنالك احتمالان أولهما أن يكون هو قرر نفسه أي التفاعل فنقول كيف يكون قرر نفسه قبل أن يوجد أصلا وهنا لم يبق إلا الإعتراف بأن هنالك منظم ومريد لهذا التفاعل وهو غير مادي ألا وهو الروح وإنما الدماغ من أدوات هذا الكيان الغير مادي وهنا يعجز الملحد عن تفسير أبسط حركاته في ظل فلسفته البليدة ولكنها عميت عليهم
وإني لأكره و أحتقر المادين لما يحتويه مذهبهم من بلادة وقتل للعقل البشري الذي ميز الله به الإنسان وكرمه.
وأخيرا لا مناص للمنصف من الملحدين أن يؤمن بروحه وبإلاهه الذي هو أصل البديهات

ontology
06-12-2010, 01:23 PM
جزاك الله خير الجزاء يا استاذي وعزيزي بوعابدين على هذا الإثراء,
المسألة بغض النظر عن العملية الاستدلالي التي ذكرتها من حيث مصدر هذا الوجوب في اتخاذ الموقف, فانها مسألة فطرية كما ذكرة استاذي بوعابدين فقد قال تعالى في كتابه المجيد : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) و يقول النبي (ص): ( كل مولود يولد على الفطرة )
الراوي: - المحدث: ابن تيمية - المصدر: درء التعارض - الصفحة أو الرقم: 3/136خلاصة حكم المحدث: صحيح
بل وقد عبر عنها بعض علماء والفلاسفة بهـذه الفطرة الدينية ,أو الحاجة الاعتقادي الديني الفطري بالبعد الرابع للروح و ومنهم في حوالي (سنة 1920م) الفيلسوف الالماني (رودلف ات ).
وقد نُشر مقال تحت عنوان ((البعد الرابع للروح الانسانية)) في مجلة فرانسية في اوكتوبر بعام 1958م جاء فيها: ((يتميزّ هذا العصر بأنه اكتشف فيه مقولة رابعة الى جانب المفاهيم الثلاثة: الجمال و الخير والحق ,وهي مقولة قدسية أو إلهية ,وتشكل في الحقيقة البعد الرابع للروح الإنسانية)).
و قد ايد العلماء و المهتمون في ان الاعتقاد الفطري بالتدين والإيمان بالله امر فطري عريق في ذات البشروقد صرحُ بها بكلمات واضحة ومختصره وصريحة منها:
يقول العالم النفساني( زيجموند فرويد) : ((الدين قوة عظمى تمتلك أقوة مشاعر البشرية)).
ويقول ( اشبلنجر) : ((إن جذور الإلهية قوة غريزية خلاقة في وجودنا )).
ويقول الفيلسوف والإقتصادي الفرنسي (پردون): ((قبل أن تكتشف عقولنل وجود الله تشهد قلوبنا بوجوده)).
ويقول (ارنست رنان) الكاتب والمؤرخ الفرنسي : ((يمكن أن يذهب وينمحي كل ما نحبه من اللذائذ والنعم الحياتيه ولاكن من المستحيل ان يذهب الدين وينمحي بين البشر )).

نستفيد مما نقلناه من اقوال علماء و فلاسفة غربيين نتيجتين:

الاُولى ـ ان ظاهرة التدين ظاهرة عامة للبشرية.
الثانيه ـ ان معرفة الله ذات جذور فطريه في كيان الإنسان

وهناك اربع اشارت من الوجب ذكرها حول الفطرة في وجود الله:
أ - ان الامور الفطريه هيا متصله في جوف الانسان وطبيعته البشرية ,لذلك فهي تتحقق بالشمولية والعموميه ,فليس هنالك احد من ابناء البشر من يفقدها .
ب- الامور الفطريه تتحقق و تنوجد في كيان الانسان بنداء و وحي الفطرة ولا تحتاج الى اي تعليم معلم و ان كان نموها يحتاج الى ذلك فهي جعل من الله تعالى.
ت- كل فكرة او عمل تكون ذات صله فطريه لاتخضع لاي تإثير عوامل سياسية , جغرافيه , اقتصادية , وتعمل وتتحقق بدون اي عوامل خارجيه.
ث- الدعايات المكثفة و المستمرة ضد الأمور الفطريه,يمكن ان تحد من نموها و لاكن لا تستطيع استئصالها والقضاء عليها.
وهناك ملاحظة اخيرة انا لم اشير اليها او اوضحها, وهي هناك فرق بين الاعتقاد واتخاذ الموقف فمفهوم الاعتقاد مفهوم جزئي واما اتخاذ موقف فهو كلي.
تحياتي