محمد عبد الرحمن
07-20-2005, 12:00 AM
تعريف المصادفة :
أي شيء يحدث دون أي درجة من درجات التخطيط المسبق من أي طرف من الأطراف المتصادفة نقول فيه إنه حدث صدفة .
فهو حدث دون تخطيط مسبق و دون هدف .
أما العلماء و الفلاسفة فيقولون : لا وجود في الحقيقة للمصادفة و إنما يقول بها الإنسان إذا جهل السبب .حتى إذا عرف السبب أنكر أن يسميها مصادفة و سماها باسمها الذي يفسره السبب . و لذلك تجد التعليل بالمصادفة أكثر ما تجده لدى الأطفال و عند الشعوب الابتدائية و الطبقات الجاهلة . أما العالِـم فإنه يبحث دائما عن السبب و ينشد الحكمة و لا يتغافل عن دقة النظام و قوة الإحكام .
المصادفة رياضيا :
إن للمصادفة دراسة رياضية في بحث الاحتمالات و لها قوانين تتحكم بها و هي قوانين احتمالية غير لازمة لحدوث المصادفة .و القانون العام يقول : إن احتمال حدوث المصادفة يتناسب عكسيا مع عدد الإمكانات المتكافئة المتوافرة . أي كلما زادت الإمكانات قل حظ المصادفة من الاحتمال .
فالاحتمال النظري للحصول على الرقم 6 من أول رمية لحجر الزهر هو 1/6. لاحظ أنه يمكن رمي الحجر 20 مرة دون لزوم الحصول على الرقم 6 . لكن قوانين الاحتمالات تنطلق من مبدأ أنه إذا رميت الحجر عددا كبيرا جدا من المرات فإنك تحصل على عدد رميات متساوية الأرقام من 1 إلى 6.
أما سحب الكرة الحمراء من بين 100 كرة متساوية و مختلفة الألوان فهو نظريا 1/100 و احتمال سحب الكرة البيضاء من بين الباقي هو 1/99 .أما احتمال سحب الكرة الحمراء ثم البيضاء مباشرة فهو 1/100* 1/99 = 1/9900 . و إذا أردنا سحب كل الكرات المائة و بتسلسل معين للألوان عندها ينخفض الاحتمال لحدوث تلك المصادفة إلى الرقم : 1/100*1/99*1/98*1/97......1/1 = 1/ ....... رقم يصعب النطق به .
أي أن احتمال حدوث هذه المصادفة هو واحد من بلايين بلايين بلايين المرات من المحاولات . و الآن تصور لو أن كل كرة يشترط استخدامها لمرة واحدة فقط سيتوجب علينا إذن استعمال كرات جديدة في كل مرة نعيد فيها السحب . فما سعة المكان الواجب لحفظ الكرات اللازمة لهذه المصادفة ؟ ناهيك عن أن الزمن اللازم سيقاس أيضا بمليارات مليارات السنين . و هذا غير متوافر لدينا من عمر الكون .
ضرب أحد العلماء مثلا لنصيب الاحتمال في الأمر المحكم و النسق المنتظم ليرد بذلك على من يسند نظام الوجود الدقيق إلى المصادفة . قال : لو وضعت عشر قطع معدنية في جيبك و جعلتها مرقومة من واحد إلى عشرة و حاولت أن تخرجها مرتبة بحيث لا تخطئ في تقديم عدد و لا تأخيره لكان بالحساب احتمال خروج الرقم الذي تريده كالواحد مثلا هو 1/10 و لكي يخرج هذا الرقم في دوره سوف يكون له احتمال 1/10مع كل من الأرقام العشرة فيكون الاحتمال 1/100 و لخروج قطع النقود العشرة بغير خطأ يكون الاحتمال : 1/10*1/10*/10...( 10 مرات) 1/10 10 أي يكون الاحتمال واحدا من 10 مليارات .
وبهذا يتبين لك واضحا من حساب الاحتمالات أن المصادفة في ظهور الأرقام العشرة مرتبة هو احتمال واحد من عشرة مليارات من الاحتمالات أي أننا يمكن أن نخطأ في هذه التجربة عشرة آلاف مليون مرة إلا واحدة لكي نخرجها مرتبة دون خطأ .
وإذا كانت القاعدة الرياضية في حساب الاحتمالات أو قانون المصادفات تقول " إن حظ المصادفة يتناسب عكسا مع عدد الاحتمالات المتزاحمة" فماذا بقي لحظ المصادفة بالنسبة لأعداد لا تتناهى و أرقام لا تحصى ؟
أي أنه إذا كان الاحتمال بالنسبة لعشرة أرقام واحد من عشرة مليارات فما عسى أن يكون الاحتمال بالنسبة لملايين الأرقام من ملايين الحوادث تتعاقب ليل نهار و تجري بنظام واحد لا يخطئ و حساب دقيق لا يحيد .و هذا كله بالنسبة لحادثة حيوية واحدة . فما بالك بالحوادث الحيوية و القوانين الغريزية و شروط الحياة الضرورية في عالم النبات و الحيوان و الإنسان . وما هو شأن قوانين الماء و الهواء و السحاب في عالم الفيزياء و الكيمياء و قوانين الجاذبية و الشروق و الغروب في عالم الفلك و الكواكب ؟؟
الصدفة و الخلق :
في عام 1986 قام الفيزيائي الأمريكي مايكل طالبوMichael Talbot بتأليف كتاب " Beyond the quantum " أكد فيه ضرورة خالق لهذا الكون .
وقد ذهب إلى أن المصادفات إذا كانت عديدة و متعددة لا يمكن أن تكون مجرد مصادفات .لذلك جمع في كتابه كثيرا من التجارب و الأبحاث العلمية لتأكيد حقيقة علمية أن للكون خالقا عالما حكيما .
و مما ذكره في كتابه :
يضرب براندون كارتر Brandon Carter وهو عالم فضاء من كامبردج مثلا لنجم ما ( كالشمس ) فوجوده مرتبط بالتوازن الدقيق بين القوى الكهرومغناطيسية التي تمسكها في مكانها و بين قوة الجاذبية و التي تميل إلى تدميرها . .و يلاحظ كارتر أنه أثناء الخلق لو لم تتغير قوة الجاذبية إلا بـ 39 10 أي برقم واحد مسبوقا بأربعين صفرا لما وجد هذا النجم و لا سائر المخلوقات الأخرى .
أما وليام فولار William Fowler - عالم فضاء في California Institute of Technology و فرد هويل Sir Fred Hoyle وهو عالم فضاء و رياضيات بريطاني فقد تحدثا عن عنصري الفحم و الأكسجين الموجودين في النجوم و خََـلُصَا إلى أنه لو تغيرت نسبة أحدهما إلى الآخر لما وجدت حياة أصلا .
ثم يستشهد بــفريمان ديسن Freeman Dyson وهو فيزيائي أمريكي الذي قال : لو أن القوة النووية التي تجمع بين النيترونات و البروتونات كانت أقل أو أكثر مما هي عليه لكانت النتيجة ما يلي :
1- أقل : لحرمت النيترونات و البروتونات من أي قوة تماسك .
2- أكثر : لتجمعت البروتونات بصورة تمنع تكوين الذرات أي استحالة أي كوكب أو أي حياة .
أما أشغال فرانسيس كريك Francis Crick ( مكتشف الـد ن أ ) مع فرد هويل Fred Hoyle فقد أدت بهم أشغالهم إلى استنتاج ما يلي :
في كل خلية من جسم الإنسان يوجد عشرون نوعا مختلفا من الأحماض الأمينية ( من أهم مكونات البروتينات ) وهذه الأحماض الأمينية تحتاج لتقوم بعملها إلى حوالي 2000 أنزيم . و لكن حتى يقوم أنزيم واحد بمهمته كاملة فإن على ثلاثين حمضا أمينيا أن يتناسقوا .و قانون الصدفة هنا مرفوض لأن إمكانية تلاقي ألف أنزيم فقط للقيام بوظائفها هي في حدود 40000 10 مقابل واحد . أي واحد مقابل واحد مسبوق بــ 40001 صفر ....
و الآن ...:
هل تم اختراع جهاز الرادار نتيجة المصادفة أم عن طريق التصميم و الاختراع ؟ ثم هل تم تكوين جهاز الرادار الموجود بجسم الوطواط و الذي لا يحتاج من الحيوان إلى انتباه و لا يتطلب منه إصلاحا و الذي يستطيع أن يورثه لذريته عبر الأجيال . نقول هل تم كل ذلك عن طريق المصادفة أم عن طريق التصميم و الإبداع ؟
هل من المصادفة أن تقوم الدجاجة بتقليب بيضها أثناء حضانتها حتى لا يفسد ؟ و إلا لما بقيت دجاجة و لا ديك في العالم ؟
هل من المصادفة أن يتخاطب النحل بلغة لم يفهمها البشر إلا مؤخرا .؟ إذ نال من أجلها العالم الألماني فون فيشر جائزة نوبل عام 1973 . و رغم ذلك يبقى السؤال كيف تعلم النحل هذه اللغة ؟ هل الصدفة تفسر ذلك ؟
هل المصادفة هي التي جعلت الماء العنصر الوحيد الذي إذا جمد أصبح أخف من الماء السائل حتى يطفو الجليد فوق السائل و حتى تنجو الأسماك و الأعشاب في قاع البحار ؟
هل كان محض مصادفة أن تنتج الأزهار ذلك الرحيق الحلو الذي يجتذب الحشرات فتلقح الأزهار و تؤدي إلى زيادة المحصول في العام التالي ؟ هل هو محض مصادفة أن تهبط حبوب اللقاح الرقيقة على مبسم الزهرة فتثبت و تسير في القلم حتى تصل إلى المبيض فيتم التلقيح و تتكون البذور ؟
هل ذرات الكون و جزئياتها و حركة الإلكترونات فيها وجدت صدفة ؟ و اختلاف شحناتها و ثبات مداراتها صدفة ؟ و سعة كل مدار و إمكانية الاتحاد بين الذرات لتشكيل المواد المختلفة للكون صدفة ؟ انتظام الشموس في مداراتها و الظروف الملائمة على الأرض للحياة صدفة ؟ الإنسان بمجموعه حواسه و عقله و استعداداته المختلفة صدفة ؟
هجرة الطيور و الأسماك المتكررة كل عام تتم صدفة ؟
التعقيد المعجز داخل الخلية صدفة ؟ وظيفة حامض الـ RNA و الـ DNA و الكروموزومات صدفة ؟
هل المصادفة خلقت الجراثيم و قدرت الأمراض ثم أنبتت الأعشاب و خلقت و دبرت كل ما يمكن به معالجة تلك الأمراض ؟
فهل يتصور عاقل أو يفكر أو يعتقد أن المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة ؟ أو أنها هي التي أوجدت هذا النظام و تلك القوانين ثم فرضته على نفسها ؟
إن التصميم أو النظام أو الترتيب أو سمها ما شئت لا يمكن أن تنشأ إلا بطريقين : طريق المصادفة أو طريق الإبداع و التصميم و كلما كان النظام أكثر تعقيدا بعُـد احتمال نشأته عن طريق المصادفة . و نحن في خضم هذا اللانهائي لا نستطيع إلا أن نسلم بوجود الله .
إن من يؤمن بالمصادفات التي أوجدت كل حوادث هذا الكون إنما يعطي لهذه المصادفة إرادة مطلقة و تفكيرا و خبرة و حكمة و ذكاء لا متناهيا فقد رفض الإله الحكيم المريد و أيد المصادفة بغبائها و عشوائيتها و أعطاها كل صفات الإلهية فتحولت من مشكلة إيمان بالخالق إلى عقدة نفسية ضد الإله .
إن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع بعض الذرات و الجزئيات عن طريق المصادفة يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة و صيانتها و توجيهها بالصورة التي نشاهدها في الخلايا الحية . و للشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة فهذا شأنه وحده و لكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجازا و صعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق هذه الأشياء و دبرها .
----------------------------------------------------
المراجع :
- الله يتجلى في عصر العلم .
- البحث عن الحقيقة الكبرى . عصام قصاب
- توحيد الخالق. عبد المجيد الزنداني
- الوجود الحق .حسن هويدي .
-Les scientifiques à la recherche de Dieu .jackie Landreaux .
أي شيء يحدث دون أي درجة من درجات التخطيط المسبق من أي طرف من الأطراف المتصادفة نقول فيه إنه حدث صدفة .
فهو حدث دون تخطيط مسبق و دون هدف .
أما العلماء و الفلاسفة فيقولون : لا وجود في الحقيقة للمصادفة و إنما يقول بها الإنسان إذا جهل السبب .حتى إذا عرف السبب أنكر أن يسميها مصادفة و سماها باسمها الذي يفسره السبب . و لذلك تجد التعليل بالمصادفة أكثر ما تجده لدى الأطفال و عند الشعوب الابتدائية و الطبقات الجاهلة . أما العالِـم فإنه يبحث دائما عن السبب و ينشد الحكمة و لا يتغافل عن دقة النظام و قوة الإحكام .
المصادفة رياضيا :
إن للمصادفة دراسة رياضية في بحث الاحتمالات و لها قوانين تتحكم بها و هي قوانين احتمالية غير لازمة لحدوث المصادفة .و القانون العام يقول : إن احتمال حدوث المصادفة يتناسب عكسيا مع عدد الإمكانات المتكافئة المتوافرة . أي كلما زادت الإمكانات قل حظ المصادفة من الاحتمال .
فالاحتمال النظري للحصول على الرقم 6 من أول رمية لحجر الزهر هو 1/6. لاحظ أنه يمكن رمي الحجر 20 مرة دون لزوم الحصول على الرقم 6 . لكن قوانين الاحتمالات تنطلق من مبدأ أنه إذا رميت الحجر عددا كبيرا جدا من المرات فإنك تحصل على عدد رميات متساوية الأرقام من 1 إلى 6.
أما سحب الكرة الحمراء من بين 100 كرة متساوية و مختلفة الألوان فهو نظريا 1/100 و احتمال سحب الكرة البيضاء من بين الباقي هو 1/99 .أما احتمال سحب الكرة الحمراء ثم البيضاء مباشرة فهو 1/100* 1/99 = 1/9900 . و إذا أردنا سحب كل الكرات المائة و بتسلسل معين للألوان عندها ينخفض الاحتمال لحدوث تلك المصادفة إلى الرقم : 1/100*1/99*1/98*1/97......1/1 = 1/ ....... رقم يصعب النطق به .
أي أن احتمال حدوث هذه المصادفة هو واحد من بلايين بلايين بلايين المرات من المحاولات . و الآن تصور لو أن كل كرة يشترط استخدامها لمرة واحدة فقط سيتوجب علينا إذن استعمال كرات جديدة في كل مرة نعيد فيها السحب . فما سعة المكان الواجب لحفظ الكرات اللازمة لهذه المصادفة ؟ ناهيك عن أن الزمن اللازم سيقاس أيضا بمليارات مليارات السنين . و هذا غير متوافر لدينا من عمر الكون .
ضرب أحد العلماء مثلا لنصيب الاحتمال في الأمر المحكم و النسق المنتظم ليرد بذلك على من يسند نظام الوجود الدقيق إلى المصادفة . قال : لو وضعت عشر قطع معدنية في جيبك و جعلتها مرقومة من واحد إلى عشرة و حاولت أن تخرجها مرتبة بحيث لا تخطئ في تقديم عدد و لا تأخيره لكان بالحساب احتمال خروج الرقم الذي تريده كالواحد مثلا هو 1/10 و لكي يخرج هذا الرقم في دوره سوف يكون له احتمال 1/10مع كل من الأرقام العشرة فيكون الاحتمال 1/100 و لخروج قطع النقود العشرة بغير خطأ يكون الاحتمال : 1/10*1/10*/10...( 10 مرات) 1/10 10 أي يكون الاحتمال واحدا من 10 مليارات .
وبهذا يتبين لك واضحا من حساب الاحتمالات أن المصادفة في ظهور الأرقام العشرة مرتبة هو احتمال واحد من عشرة مليارات من الاحتمالات أي أننا يمكن أن نخطأ في هذه التجربة عشرة آلاف مليون مرة إلا واحدة لكي نخرجها مرتبة دون خطأ .
وإذا كانت القاعدة الرياضية في حساب الاحتمالات أو قانون المصادفات تقول " إن حظ المصادفة يتناسب عكسا مع عدد الاحتمالات المتزاحمة" فماذا بقي لحظ المصادفة بالنسبة لأعداد لا تتناهى و أرقام لا تحصى ؟
أي أنه إذا كان الاحتمال بالنسبة لعشرة أرقام واحد من عشرة مليارات فما عسى أن يكون الاحتمال بالنسبة لملايين الأرقام من ملايين الحوادث تتعاقب ليل نهار و تجري بنظام واحد لا يخطئ و حساب دقيق لا يحيد .و هذا كله بالنسبة لحادثة حيوية واحدة . فما بالك بالحوادث الحيوية و القوانين الغريزية و شروط الحياة الضرورية في عالم النبات و الحيوان و الإنسان . وما هو شأن قوانين الماء و الهواء و السحاب في عالم الفيزياء و الكيمياء و قوانين الجاذبية و الشروق و الغروب في عالم الفلك و الكواكب ؟؟
الصدفة و الخلق :
في عام 1986 قام الفيزيائي الأمريكي مايكل طالبوMichael Talbot بتأليف كتاب " Beyond the quantum " أكد فيه ضرورة خالق لهذا الكون .
وقد ذهب إلى أن المصادفات إذا كانت عديدة و متعددة لا يمكن أن تكون مجرد مصادفات .لذلك جمع في كتابه كثيرا من التجارب و الأبحاث العلمية لتأكيد حقيقة علمية أن للكون خالقا عالما حكيما .
و مما ذكره في كتابه :
يضرب براندون كارتر Brandon Carter وهو عالم فضاء من كامبردج مثلا لنجم ما ( كالشمس ) فوجوده مرتبط بالتوازن الدقيق بين القوى الكهرومغناطيسية التي تمسكها في مكانها و بين قوة الجاذبية و التي تميل إلى تدميرها . .و يلاحظ كارتر أنه أثناء الخلق لو لم تتغير قوة الجاذبية إلا بـ 39 10 أي برقم واحد مسبوقا بأربعين صفرا لما وجد هذا النجم و لا سائر المخلوقات الأخرى .
أما وليام فولار William Fowler - عالم فضاء في California Institute of Technology و فرد هويل Sir Fred Hoyle وهو عالم فضاء و رياضيات بريطاني فقد تحدثا عن عنصري الفحم و الأكسجين الموجودين في النجوم و خََـلُصَا إلى أنه لو تغيرت نسبة أحدهما إلى الآخر لما وجدت حياة أصلا .
ثم يستشهد بــفريمان ديسن Freeman Dyson وهو فيزيائي أمريكي الذي قال : لو أن القوة النووية التي تجمع بين النيترونات و البروتونات كانت أقل أو أكثر مما هي عليه لكانت النتيجة ما يلي :
1- أقل : لحرمت النيترونات و البروتونات من أي قوة تماسك .
2- أكثر : لتجمعت البروتونات بصورة تمنع تكوين الذرات أي استحالة أي كوكب أو أي حياة .
أما أشغال فرانسيس كريك Francis Crick ( مكتشف الـد ن أ ) مع فرد هويل Fred Hoyle فقد أدت بهم أشغالهم إلى استنتاج ما يلي :
في كل خلية من جسم الإنسان يوجد عشرون نوعا مختلفا من الأحماض الأمينية ( من أهم مكونات البروتينات ) وهذه الأحماض الأمينية تحتاج لتقوم بعملها إلى حوالي 2000 أنزيم . و لكن حتى يقوم أنزيم واحد بمهمته كاملة فإن على ثلاثين حمضا أمينيا أن يتناسقوا .و قانون الصدفة هنا مرفوض لأن إمكانية تلاقي ألف أنزيم فقط للقيام بوظائفها هي في حدود 40000 10 مقابل واحد . أي واحد مقابل واحد مسبوق بــ 40001 صفر ....
و الآن ...:
هل تم اختراع جهاز الرادار نتيجة المصادفة أم عن طريق التصميم و الاختراع ؟ ثم هل تم تكوين جهاز الرادار الموجود بجسم الوطواط و الذي لا يحتاج من الحيوان إلى انتباه و لا يتطلب منه إصلاحا و الذي يستطيع أن يورثه لذريته عبر الأجيال . نقول هل تم كل ذلك عن طريق المصادفة أم عن طريق التصميم و الإبداع ؟
هل من المصادفة أن تقوم الدجاجة بتقليب بيضها أثناء حضانتها حتى لا يفسد ؟ و إلا لما بقيت دجاجة و لا ديك في العالم ؟
هل من المصادفة أن يتخاطب النحل بلغة لم يفهمها البشر إلا مؤخرا .؟ إذ نال من أجلها العالم الألماني فون فيشر جائزة نوبل عام 1973 . و رغم ذلك يبقى السؤال كيف تعلم النحل هذه اللغة ؟ هل الصدفة تفسر ذلك ؟
هل المصادفة هي التي جعلت الماء العنصر الوحيد الذي إذا جمد أصبح أخف من الماء السائل حتى يطفو الجليد فوق السائل و حتى تنجو الأسماك و الأعشاب في قاع البحار ؟
هل كان محض مصادفة أن تنتج الأزهار ذلك الرحيق الحلو الذي يجتذب الحشرات فتلقح الأزهار و تؤدي إلى زيادة المحصول في العام التالي ؟ هل هو محض مصادفة أن تهبط حبوب اللقاح الرقيقة على مبسم الزهرة فتثبت و تسير في القلم حتى تصل إلى المبيض فيتم التلقيح و تتكون البذور ؟
هل ذرات الكون و جزئياتها و حركة الإلكترونات فيها وجدت صدفة ؟ و اختلاف شحناتها و ثبات مداراتها صدفة ؟ و سعة كل مدار و إمكانية الاتحاد بين الذرات لتشكيل المواد المختلفة للكون صدفة ؟ انتظام الشموس في مداراتها و الظروف الملائمة على الأرض للحياة صدفة ؟ الإنسان بمجموعه حواسه و عقله و استعداداته المختلفة صدفة ؟
هجرة الطيور و الأسماك المتكررة كل عام تتم صدفة ؟
التعقيد المعجز داخل الخلية صدفة ؟ وظيفة حامض الـ RNA و الـ DNA و الكروموزومات صدفة ؟
هل المصادفة خلقت الجراثيم و قدرت الأمراض ثم أنبتت الأعشاب و خلقت و دبرت كل ما يمكن به معالجة تلك الأمراض ؟
فهل يتصور عاقل أو يفكر أو يعتقد أن المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة ؟ أو أنها هي التي أوجدت هذا النظام و تلك القوانين ثم فرضته على نفسها ؟
إن التصميم أو النظام أو الترتيب أو سمها ما شئت لا يمكن أن تنشأ إلا بطريقين : طريق المصادفة أو طريق الإبداع و التصميم و كلما كان النظام أكثر تعقيدا بعُـد احتمال نشأته عن طريق المصادفة . و نحن في خضم هذا اللانهائي لا نستطيع إلا أن نسلم بوجود الله .
إن من يؤمن بالمصادفات التي أوجدت كل حوادث هذا الكون إنما يعطي لهذه المصادفة إرادة مطلقة و تفكيرا و خبرة و حكمة و ذكاء لا متناهيا فقد رفض الإله الحكيم المريد و أيد المصادفة بغبائها و عشوائيتها و أعطاها كل صفات الإلهية فتحولت من مشكلة إيمان بالخالق إلى عقدة نفسية ضد الإله .
إن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع بعض الذرات و الجزئيات عن طريق المصادفة يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة و صيانتها و توجيهها بالصورة التي نشاهدها في الخلايا الحية . و للشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة فهذا شأنه وحده و لكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجازا و صعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق هذه الأشياء و دبرها .
----------------------------------------------------
المراجع :
- الله يتجلى في عصر العلم .
- البحث عن الحقيقة الكبرى . عصام قصاب
- توحيد الخالق. عبد المجيد الزنداني
- الوجود الحق .حسن هويدي .
-Les scientifiques à la recherche de Dieu .jackie Landreaux .