المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصب نفسه رسولاً الجزء الثاني



dr.elramady
07-04-2010, 04:39 PM
{ ‏لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * ‏وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } [ آية رقم 82 من سورة المائدة]

الجزء الثاني :

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، القائل في كتابه العزيز : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ آية رقم 153 من سورة الأنعام ] وقال عز من قائل { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِينَ } [ آ ية رقم 4 من سورة المائدة ] . وقال تعالى { إِنَّ الْدِينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلاَم } [ آية رقم 19 من سورة آل عمران ] وقال سبحانه وتعالى :{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلُ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين } . [ آ ية رقم 84 من سورة آل عمران ] .
وأشهد أن الذي قال : « وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي » نبي الله وخاتم المرسلين محمد بن عبدالله فأكد صلى الله عليه وسلم ما جاء عن الله في هذا في أحاديث ؛ فعن عبدالرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية يقول وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال : « قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد » (*) . ويزيد الأمر وضوحاً فيقول صلى الله عليه وسلم : « قد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حيا ما وَسِعَهُ إلا اتباعي » ، فكان المسلمون في العصور الأولى المشهود لها بالخير في قوله : « خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم » . وهؤلاء الصحابة والتابعون على أحسن الهدي ، والطريقة المثلى ، متمسكين بالأصلين والوحيين ، كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، يرجع عامتهم إلى فقهائهم المُسَمَّين القراء لاقتصارهم على كتاب الله ، لأنهم يعرفون بسليقتهم دلالاته متفقهين في مقاصده بما تلقوه من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم المنزل عليه - القولي والعملي- ؛ ولهذا لما سُئلت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلِقِه قالت : « كان خلقه القرآن » ، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ، تفرق أصحابه في الأمصار ، وكل حَدَّث بما عنده ، واتبع أهل كل بلد من كان عندهم من الصحابة لا يخالفونهم إلا لدليل وهذا قليل ، وتعاقبت الأزمان فخلف من بعد هؤلاء - رضي الله عنهم أجمعين - خلفٌ أطلت معهم البدع برؤوسها ، وتحرك أهل الأهواء ، فظهر الخوارج ، والشيعة ، والقدرية ، والمرجئة . هذه الأربعة هي أصول الفرق والنِّحل المبتدعة ، وهذه الأولى - الخوارج - هي التي ظهرت باكراً في العصر الأول ، وشَمَّرَ أهلُ الحقِ عن ساعدِ الجد في مقاومة الباطل وملاحقته ، وكان من جراء ذلك أن دُوِّنت السُّنة ، وظهرت العناية بالرواة ونقدهم [ وهذا ما لم نجده عند أهل المسيحية ] ، واتجه الفقهاء المجتهدون إلى تحرير القواعد والتأصيل ، فامتاز منهم الأربعة المشهورون ، هذا ترتيبهم حسب الأقدمية: أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطى الكوفي ، المولود سنة 80هـ ، والمتوفى ببغداد سنة 150هـ ، وقبره بالأعظمية شهير . ومالك بن أنس الأصْبَحِي اليمني الأصل ، المولود سنة 93هـ ، والمتوفى بالمدينة سنة 179هـ ، وقبره ببقيع الغرقد معروف بالمدينة المصطفوية ، يليه تلميذه : محمد بن إدريس الشافعي القرشي ، المولود بغزة فلسطين الإسراء سنة 150هـ ، والمتوفى بمصر سنة 204هـ ، وضريحه بمصر القاهرة مشهور ، يليه تلميذه : أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، المولود ببغداد سنة 164هـ ، والمتوفى بها سنة241هـ ، ويقال بأن قبره تحيفه نهر دجلة . هذه المذاهب الأربعة المنسوبة لأهل السنة هي التي كُتب لها البقاء إلى الآن ، وقد كان معها وقبلها مذاهب فقهية كثيرة اندثرت : كمذهب سفيان الثوري بالكوفة ، والحسن البصري بالبصرة ، وعبدالرحمن الأوزاعي بالشام والأندلس ، ومحمد بن جرير الطبري وأبي ثور ببغداد ، وداود بن علي الأصفهاني الظاهري بكثير من الأمصار ، وهذا الأخير كان هو الرابع بدل الحنبلي كما قال المقدسي في " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " ، وهو من أهل القرن الرابع ، وكان الحنابلة يسمَّون أهل الحديث يومئذ ، بل إن المذهب الظاهري (1) عُدَّ هو الخامس ، واستمر كذلك إلى القرن الثامن كما في " ديباج ابن فرحون " ، ومعلوم أنه كان له نفوذ وظهور بالأندلس وبالمغرب على الخصوص أيام الدولة الموحدية ، لأن هذه الدولة كانت ظاهرية ، فكانت تؤيد هذا المذهب وتناصره ، ثم دَرَسَ ولم يبق إلا الأربعة ، ومذاهب أخرى من أهل البدع بقي منها إلى الآن : الشيعة الإمامية الاثناعشرية الجعفرية الروافض ، والإباضية من الخوارج ، والزيدية ، أما الإسماعيلية فطوائفها تزعم الانتماء إلى الإسلام ، وهم كثيرون : كالنصيرية بسوريا ، والبُهرة بالهند والنزارية الأغاخانية بالهند وباكستان ، والمَكارمة باليمن وهم موجودون مع الأسف حتى بالمدينة إلى الآن ، ويسمون بالنَّخاولة ، ولهم حي هناك بالقرب من قباء ، وهم ينطوون على أفكار وعقائد خبيثة لا تتمشى مع الإسلام أبداً ، فالحق أنهم خارجون عن الإسلام .

أخي الكريم أردتُ بهذه المقدمة التاريخية تثبيت دعامة الإيمان في وسط فسطاط الإسلام ، فالقضية بالنسبة لنا جميعاً إما موافقة تامة لما أتى به خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وآله وسلم أو مخالفة ؛ فقد جاء رجل إلى ابن عمر فقال له : " يا ابن عمر إني أحبك في الله " ، فقال له ابن عمر : " أما أنا فأبغضك في الله " ، قال له الرجل: " ولمَّ يا ابن عمر ؟!!" ، قال ابن عمر : " لأنك تلحن في آذانك وتأخذ عليه أجراً" ؛ وقد نهى ابن مسعود رجلاً يصلي بعد الفجر ، فقال له الرجل : " هل يعذبني الله على الصلاة ؟!!"، فقال ابن مسعود : " بل يعذبك لمخالفتك السنة " .
ونختم هذه المقدمة - والتي رأيتها ضرورية - بقوله الحبيب الرؤوف الرحيم بأمته صلى الله عليه وآله وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم " ، وقال أبو ذر رضي الله عنه : " لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً " .

" أشعر أنني ملزم ؛ قبل أن استأنف هذا البحث ، بأن أقدم للقارئ الكريم اعتذارات وايضاحات في آن معاً ، وبالفعل ليست هذه التتمة سوى تكرار امين (2) لما قال به العلماء من أمة الإسلام ، ونُقُول من الكتاب المقدس ؛ خاصة العهد الجديد منه باسفاره واصحاحاته وأقوال علمائهم ، بل حرفي في كثير حنايا البحث والدراسة لما كتبته من قبل حول موضوع التصفية والتربية - مسمى هذه السلسلة - ؛ القسم الأول منها الشخصيات المحورية في الديانة المسيحية ، وأشهد الله عز وجل بأني لم أقصد الإطالة بل قصدت التأصيل لآمرين ؛ الأول منهما : عقيدة الإسلام التي نادى بها جميع أنبياء ومرسلين الرحمن الرحيم ـ صلوات الله وسلامه عليهم آجمعين ـ وصحتها ومدى قوتها ، إذ قد قيل إن : " أخبار الأمم السالفة لا تضر روايتها عن أهل الكتاب لكونها لا يترتب عليها أحكام عملية " وهذه القضية - رواية الأخبار المسيحية والإسرائيلية - هي فكرة من أبطل الأفكار التي رافقت علم التفسير - عند المسلمين - وساهمت مساهمة سلبية في تمرير العقائد المسيحية والإسرائيلية على الدين الإسلامي : مبادئه وشرائعه ، عقائده ومقاصده " ، إذ أنها : " لم تكن هذه الأخبار تُوزن في ميزان القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ". (3) ولا بمقياس صحة الحديث النبوي الشريف ؛ كما ثبت عند أجلاء العلماء ؛ أصحاب هذا الفن من العلوم الإسلامية الشرعية ، هذه الرسالة الأولى إلى ابناء أمتي.
والآمر الثاني : خشيتي على زملاء دراسة أو رفقاء عمل أو جيران عمارة من مصير مظلم وحساب شديد ؛ أهل الكتاب المحرف وأصحاب الآهواء من النصارى إذا ما تمسكوا بما هم عليه الآن ؛ ولا يملكون في أيديهم دليل ، ولم يعيدوا النظر ومراجعة عقائدهم وما هم عليه من شؤون الدين البولسي أو التخطيط السياسي القسطنطيني . فعلينا " نصرة الحقيقة ، والقيام بواجب الأخوة الإنسانية ، لأنه فرض في ديننا دعاء الناس إلى الحق ، وواجب علينا أن ندعوهم لمشاركتنا في أحسن شئ عندنا وهو ديننا " (كلمة تقديم الأستاذ محمد طاهر التنير ؛ ص : 6 ، العقائد الوثنية في الديانة النصرانية ، الناشر مؤسسة الإحسان المدينة المنورة ، الطبعة الثانية بكراتشي 1408 هـ ، إدارة القرآن للطباعة والنشر والتوزيع ، باكستان)


مدخل لقضية « نصب نفسه رسولاً » :


لا يوجد مانع عند احد في قبول رواية ما طالما يستطيع قائلها أن يُثَبِت دعائمها ويُثْبِت صحتها وإذا طلب منه أن يأتي بشهود عيان أحضرهم فيشهدون على صحة روايته ودقة قوله . هذه البديهية سقطت من رواية « حادثة في طريق دمشق » ، وينبهنا الأستاذ التنير بقوله : " وقد توقينا فيه ـ أي كتابه ـ مس إحساس أحد من المتدينين بأي دين كان ، وإننا لم نأتِ بشئ جديد من عندنا ، بل جئنا بحقائق راهنة ، ومن يشك بواحدة منها فما عليه إلا أن يراجع مصدرها الذي ذكرناه عند كل مادة وبحث " (المصدر السابق نفس الصفحة) ، والكاتب يسير على هذا النهج ، وسبب التشكيك أولاً في الرواية ثم التوقف عن قبولها فالإمتناع عن تصديقها يعود للنقاط التالية :

1.) رعاية رئيس الكهنة وجميع أفراد المشيخة لما يقوم به شاءول ورضاهم عن ذلك (4)
2.) مؤلف الرواية ذهب إلى دمشق في مهمة رسمية كما قال بلسانه (5)،
3.) مهمته الرسمية كُلف بها دون غيره ؛ وإن رافقه آخرين لم تذكر الرواية مَنْ هم ، فهم رفقة طريق ( المسافرون ) فهو الصالح لها ، أو القائد الفعلي لهذه المهمة،

ينبغي الإهتمام بمسألة ذات أهمية قصوى إلا وهي :
4.) النشأة الأولى لشاءول/ بولس : إذ يقول صاحب كتاب سيرة رسول الجهاد ص : 9 ؛ فلقد : " عبَدَ الشعبُ في طرسوس آلهة يونانية وسريانية" ، شرقية وغربية على السواء وانتشر بين أهلها ديانات ذلك العصر وهي ما تسمى بالديانات السرية (6) ، ويقول حبيب سعيد : " على أنه شاباً مثقفاً - بولس - في مدينة كهذه لابد أن يكون قد تشبع بكثير من الآراء اليونانية ، وبالجو السياسي والديني في العالم الأكبر المحيط به خارجاً عن بيئته اليهودية المحافظة" (7) ،

وأيضاً إلقاء مزيدَ ضوءٍ على
5.) طريقة تربيته وأسلوب تلقينه الناموس الموسوي (8) تلزمه - كما روى بنفسه - التمسك بما عليه آبائه – وقد تركنا عن عمد دور نشأته الأولى في مدينة طرسوس وتأثره بمدارسها "جامعتها" والمناخ الثقافي والفكري والعقائدي (9) الذي عايشه وتعايش معه ؛ لبحث قادم، إذ أنه من يهود الشتات (10) ، الذين يتأثرون بما يرونه أو يسمعونه ؛ وكأن حالة من الإندماج قد تولدت في عقلية ونفسية الوليد ثم الطفل الناشئ فالشاب اليافع - شاءول - قبل أن يلحقه والده بالمدرسة التي تعلم فيها على يد الحاخام اليهودي (11) الشهير غمالائيل ، غير أن العالم المسيحي شارل جنيبير يشكك في تلمذة بولس على يد غمالائيل (12) فيقول جنيبير : " وليس في وسعنا بطبيعة الحال نفي هذا الخبر بصورة قاطعة ، ونستطيع القول بأنه على أي حال لا يتفق كثيراً مع الصورة العامة التي تكونت لدينا من دلائل مختلفة " (13) ثم يقول ص: 83 : " ونكرر أننا لا نثق في هذا الادعاء - تلمذته لغمالائيل – بل نعتقد أنه يبعد بنا عن الحقيقة" (14) ، والآخير هذا لم يكن يقبل في مدرسته بأطفال أو صغار السن ؛ وكما اسلفت تركنا توضيح دور النشأة الأولى هذه إلى جزء قادم ؛ وإن مررنا عليها مرور الكرام في الجزء الأول من هذه الدراسة .
6.) يشهد تاريخه المعلن على لسانه وباعترافه والثابت حتى هذه اللحظة في الكتاب المقدس العهد الجديد ؛ متابعة وملاحقة ومحاربة (15) وسجن (16) وعقاب أتباع السيد المسيح عليه السلام وطردهم إلى المدن التي في الخارج (17) ونفث (18) تهديداً وقتلاً ، والموافقة على قتل الأتباع (19) ، فيقول عجيبة : " أشار إلى أنه كان يفتي بقتلهم ثم وضح السبب في هذا الاضطهاد وهو حقده على هؤلاء النصارى " (20) ، والسطو (21) على الكنائس وتدميرها (22) ، فيقول د. عجيبة يوضح سفر الأعمال أيضاً أن :" بولس كان يشاهد بفرح عظيم وارتياح شديد الحجارة التي تنهال بشدة على استفانوس . وكان راضياً وسعيداً لقتل استفانوس (23) ....
7.) ما قام به من أفعال وأقوال ضد أتباع « يسوع الناصري » قام بها لقناعته بوجوب محاربة هذه الفرقة الخارجة عن التعاليم الموسوية والناموس،
8.) موقفه المعلن من وقوفه بكل قوته أمام « ملك اليهود » كما كان يطلق على عيسى ابن مريم (24) فاعتبره شاءول من الأنبياء الكذبة.
9.) قدراته؛ فيتحدث عنها „Wells“ فيقول : " وقد أوتي بولس قوة عقلية عظيمة، كما كان شديد الاهتمام بحركات زمانه الدينية : فتراه على علم عظيم باليهودية والميثرائية وديانة ذلك الزمان التي تعتنقها الإسكندرية " (25) ، ويؤكد „Wells“ في كتابه الآخر على أنه : " من الراجح جداً أن بولس تأثر بالمثرائية .." (26) فمدينة طرسوس كانت مركزاً من مراكز الرواقية (27).

سنفصل مسألة نشأة بولس مرة آخرى لحصولنا على مراجع جديدة في المسألة .


محصلة القول :

... تأخذ بيدنا فقرات العهد الجديد التي اعتمدناها من الكتاب المقدس في هذا الجزء من الدراسة إلى محصلة هذه الأفعال والأقوال فـــ :" هكذا يتبين لنا أن بولس كان من أشد المضطهدين للنصارى ، وأنه استخدم في اضطادهم كل الوسائل التي تمكنه من القضاء عليهم سواء بالقول أو الفعل " ، ويعلق الكثير من الباحثين على هذه الصفات بقولهم : " وعجباً أن توجد هذه الصفات في إنسان ثم يصبح رسولاً ومؤسس ديانة " (28) ؛ فهو يعد إذاً قبل دخوله المسيحية من أكبر قادة الاضطهاد ضد النصارى ، فقد كان يكيل لهم البطش والتنكيل ما تشهد به أسفار العهد الجديد بذلك .

هذه المقدمات هي البيئة التي تربى فيها شاءول وهذا المناخ العام كان يرافق شاءول في رحلته إلى دمشق ، وبدون تفصيل أو تباطؤ نقبل أن ينتقل المرء من عقيدة إلى آخرى أو يعتنق دين ويترك آخر؛ بيَّد أن المقدمات هذه تعسر فهم ما حدث بعد ذلك ؛ لا أقصد اعتناق عقيدة يسوع الناصري ، النبي المرسل إلى خراف بني إسرائيل الضالة والمناداة بتعاليمه بل أنه صار رسول السيد « الرب » بُعَيّد أن أبرقت السماء ، والمتحدث باسمه في المجامع ويكرز باسم الآب والإبن والروح القدس .

اللهم أمنا بك رباً واحداً فرداً صمداً لم تلد ولم وتولد ولم يكن لك كفؤا أحد ؛ اللهم إذا كان هذا البحث لمرضاتك ووفق مشيئتك فيسره لي وإن كان لسمعةٍ أو صيت فأعني على نفسي وارشدني لكل ماتحبه وترضاه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الطريق من أورشليم إلى دمشق :

1.) يوقت د. شلبي هذه الحادثة فيقول : " وكان ذلك حوالي سنة 38م " (29) .

وهذا حديثنا القادم ؛ إذا أراد صاحب الأمر والنهي ....
كتبه/ عبدالله وابن عبده وآمته
محمد بن إبراهيم الرمادي.
22 رجب الفرد 1431 هـ ~ 4 يوليو 2101م
ــــــ

الهوامش والمراجع :
(1.) قال الإمام أبو محمد ابن حزم : ولم نبالِ من خالفنا فيه ـ قصد المذهب ـ ولا استوحشنا منه كثروا أو قلّوا صغروا أو جلّوا ولم نتكثر بمن وافقنا فيه كائنا من كان من قديم أو من حديث وقليل وكثير وليس ممن كان معه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قلة ولا ذلة ولا وحشة إلى أحد ولا فاقة إلى وفور عدد.
(2.) سيغموند، د. فرويد، موسى والتوحيد، صدر الكتاب النسخة الأصلية عام 1948م، ترجمة جورج طرابيشي، الطبعة العربية الخامسة، تموز (يوليو) 2004م، دارالطليعة للطباعة والنشر ـ بيروت - لبنان .
(3.) بوهندي د. مصطفى، التأثير المسيحي في تفسير القرآن : ص: 139. دارالطليعة، الطبعة الثانية يونيو 2007م. سلسلة أديان مقارنة ، & جزء من أطروحة دكتوراه : العقائد النصرانية وعلم التفسير الإسلامي (دراسة تحليلة مقارنة).
(4.) أعمال 22: 4، 5، أعمال 26: 9- 11، راجع فيلبي 3: 6.
(5.) أعمال 9: 1، 2.
(6.) راجع الفكر اللاهوتي في رسائل بولس ص 45؛ فهيم عزيز؛ دار الثقافة المسيحية؛ القاهرة، وايضاً أبحاث تأثر المسيحية بالأديان الوضعية : نقلا عن عجيبة ص: 153 وص 347.
(7.) راجع فجر المسيحية ص: 40، وعجيبة ص: 154؛ تأثر المسيحية بالأديان الوضعية .
(8.) غلاطية 1: 14
(9.) عجيبة؛ د. أحمد علي؛ موسوعة العقيدة والأديان، الجزء العاشر، تأثر المسيحية بالأديان الوضعية، ص: 156 ط:1 2006م، دار الأفاق العربية.
(10.) يقول شارل جنيبير في كتابه المسيحية : نشأتها وتطورها ص : 69 ما نصه :" أحسن - بولس - التعبير عن الروح اليهودية التي كانت تسود في معابد المهجر المتأثرة بالفكر اليوناني". وهذا مانخشاه على أبناء الأقليات المسلمة في الغرب الأمريكي أو الأوروبي، بمعنى أن يظل الشاب منهم مسلما أسماً وهو في حقيقة الأمر يحمل طريقة تفكير الغرب .
(11.) نقلاً عن عجيبة؛ نفس المصدر السابق؛:ج 10، ص: 157، راجع الكتاب المقدس العهد الجديد: سِّفر أعمال الرسل الأصحاح 22: 3.، وأيضاً راجع : يوسف حداد؛ فلسفة المسيحية في رسائل بولس ج:1/52؛ (جزءان) سلسلة دراسات إنجيلية، لم يذكر اسم الناشر، سنة 1968.، والمدخل إلى العهد الجديد ص : 344-345. دار الثقافة المسيحية. القاهرة.
(12.) نقلا عن عجيبة؛ المصدر السابق؛ ج:10 ص 158: المسيحية نشأتها وتطورها ص 69، ؛ ترجمة د. عبدالحليم محمود، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت.
(13.) نقلاً عن عجيبة؛ المصدر السابق ؛ ص 158،
(14.) نقلاً عن عجيبة ج: 10؛ ص: 158.
(15.) أعمال 7: 60، 8: 3.
(16.) أعمال 22: 4، 5، راجع فيلبي 3: 6.
(17.) أعمال 26: 9- 11.
(18.) كما ينفث الثعبان سمه القتال : يشرح معنى الكلمة : د. ماكرتني : في كتابه " أعظم الرجال في الكتاب المقدس"؛ ص 6؛ نقلا عن عجيبة؛ مرجع سابق؛ ج: 10 ، ص: 160.
(19.) الطبعة الكاثوليكية تذكر :" كنت مما أصدر رأيه بقتلهم".
(20.) وهذا ما كتبه يقول لوقا في أعمال الرسل 7: 60، 8: 3، راجع أيضاً عجيبة ج10 ؛ ص: 160.
(21.) يقول باركلي:" وكلمة السطو في اللغة الأصلية اليونانية ـ تفيد عملاً وحشياً كما ينقض وحش على فريسته؛ المرجع : وليم باركلي : تفسير العهد الجديد؛ سفر أعمال الرسل ص: 106، ترجمة جوزيف صابر، دار الثقافة المسيحية، سنة 1982م. القاهرة.
(22.) غلاطية 1: 13؛ راجع أعمال 8: 3.
(23.) أعمال 22: 3 . راجع د. عجيبة ص 161؛ ج: 10:
(24) يقول „Berry“ :" وكان عيسى يهودياُ وقد ظل كذلك أبداً" نقلا من شلبي؛ د. أحمد، المسيحية ص: 115.
(25.) „Wells, A Short History of The World pp.178-179“
(26.) „Wells, Outline of History Vol. 3. p.696“ نقلاً عن شلبي؛ د. أحمد، المسيحية 2 ص: 115.
(27.) عجيبة؛ د. أحمد علي؛ موسوعة العقيدة والأديان، الجزء العاشر، تأثر المسيحية بالأديان الوضعية ، ص: 151 ط:1 2006م، دار الأفاق العربية.
(28.) انظر شلبي؛ د. أحمد ، مقارنة الأديان، 2 المسيحية، ص: 112، الطبعة العاشرة 1998، الناشر مكتبة النهضة المصرية القاهرة.
(29.) د. شلبي، أحمد ص112، 2 المسيحية، مرجع سابق.
(*) تخريج أحاديث ليلها كنهارها :
الحديث الأول

نوع الحديث صـحـيـح
نص الحديث [ قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بما عرفتم من سنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف ؛ حيثما قيد انقاد ] . ( صحيح ) . عن العرباض بن سارية يقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله ! إن هذه لموعظة مودع ؛ فماذا تعهد إلينا ؟ قال : فذكره .
الكتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني
المؤلف محمد ناصر الدين الألباني
الناشر مكتبة المعارف للنشر والتوزيع الرياض
الطبعة طبعة جديدة منقحة ومزيدة
تاريخ الطبعة 1415 هـ - 1995 م
الثاني :

نوع الحديث حســن
نص الحديث الفقر تخافون ؟ ! والذي نفسي بيده ؛ لتصبن عليكم الدنيا صبا ؛ حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هيه ، وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ؛ ليلها ونهارها سواء
الكتاب سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الثاني
المؤلف محمد ناصر الدين الألباني
الناشر مكتبة المعارف للنشر والتوزيع الرياض
الطبعة طبعة جديدة منقحة ومزيدة
تاريخ الطبعة 1415 هـ - 1995 م
الثالث :
صحيح ابن ماجة1
الصفحة 13
نوع الحديث صـحـيـح
نص الحديث 43 حدثنا إسمعيل بن بشر بن منصور وإسحق بن إبراهيم السواق قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية يقول وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن عمرو عن العرباض بن سارية قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة فذكر نحوه * ( صحيح ) _ الصحيحة 937 الظلال أيضا
الكتاب صحيح سنن ابن ماجة باختصار السند
المؤلف محمد تاصر الدين الألباني
الناشر مكتب التربية العربي لدول الخليج الرياض
الطبعة الطبعة الثالثة
تاريخ الطبعة 1408 هـ - 1988 م
الحديث الرابع :
صحيح ابن ماجة1
نوع الحديث حســن
نص الحديث عن أبي الدرداء قال : خرج علينا رسول الله ( ص ) ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال : الفقر تخافون والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لايزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هيه وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء قال أبو الدرداء : صدق والله رسول الله ( ص ) تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء ( حسن _ الصحيحة 688 وظلال الجنة في تخريج أحاديث كتاب السنة 47 )
الكتاب صحيح سنن ابن ماجة باختصار السند
المؤلف محمد تاصر الدين الألباني
الناشر مكتب التربية العربي لدول الخليج الرياض
الطبعة الطبعة الثالثة
تاريخ الطبعة 1408 هـ - 1988 م

سلسلة : الشخصيات المحورية في الديانة النصرانية
الجزء الأول القديس بولس؛ رسول الأمميين
يتبع....