المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر في معرفة علة تعذيب الكفار أبد الآبدين، وتنعيم المؤمنين أبد الآبدين



مصطفى الفاسي
08-03-2005, 01:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


خواطر في معرفة علة تعذيب الكفار أبد الآبدين، وتنعيم المؤمنين أبد الآبدين



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه أجمعين


مقدمة بين يدي الإجابة


من المعلوم أن الأصل في علل الأفعال وحِكمها، أنها تُتطلب من الفاعل نفسه ولا تُتطلب من المفعول له أو المفعول به، إذ هذا هو الأصوب. أو تُلتمس عن طريق الاستقراء مع العلم أن الوسيلة الأخيرة - في هذا الموضوع - تأتي بنتائج ظنية وفي كثير من الأحيايين وهمية.

فعندما عُرفت علة خرق السفينة ،وعلة قتل الغلام من الخضر عليه السلام وهو الفاعل= زال وهم موسى عليه السلام من أن ذلك كان خِطئا وعملا منكرا غير معروف. ولو تركت العلة للمعلّلِ له لأنكر هذا الفعل - وقد فعل- ورسخ ذلك المفهوم في ذهن القارئ.

وأضرب مثالا آخر:

افترض أننا رأينا رجلا يقطع يد رجل آخر، فإنه يبتدر إلى أذهاننا نكارة هذا الفعل حيث يكون إنكارنا له أحد أقوى لوازمه، ولكننا حين سألنا ذلك الرجل عن علة قطعه أخبرنا أنه كان طبيبا وبتر تلك اليد المصابة بداء السرطان لكي لا يسري الداء إلى باقي الجسد.

ولهذا أقول فإن كثيرا من تكليفات الله لعباده نتلمس لها عللا وحِكما لسنا ببالغيها، وإن وصلنا إلى بعضها فلن تكون بدرجة القطع إلا إذا جاءت من البارئ سبحانه الذي أنزل وقدّر تلك الأحكام لأنه أعلم بما أنزل وله الحكمة البالغة سبحانه.

وبناء على هذا المبدأ، يكون زمن الإدلاء بعلة الفعل متوقف على ما يقرره المعلل نفسه ، وهذا هو الذي جعل الخضر عليه السلام يمتنع عن متابعة تعليم موسى عليه السلام لأنه اضطره (أي الخضر) للتعليل وفق الوقت الذي ارتآه موسى لا ما أراده الخضر،

والله سبحانه يفعل ما يريد ومتى يريد، وعلل كثير من العبادات، وتواقيتها سوف تعرف في الوقت الذي يحدده رب العزة لا في الوقت التي يريده الإنسان فالإنسان عجول بطبعه، ويطلب ما لن يعطيه الله إلا بمقدار ما يريده الله، لأنه لا يمكن للإنسان أن يعلم كل شيء وعلل كل شيء، فذاك علم متناهٍ، وأما العلم اللامتناهي فذاك من صفات الله سبحانه علام الغيوب. والله وحده الذي يعلم علل كل شيء.

ومما نستخلصه كذلك أن معرفة العلة والحكمة من وراء الشيء يأتي كذلك في وقت معين لحكمة كذلك، فمن غير الطبَعي أن نتلمس الحكمة وراء الأشياء، ثم يعين وقت معرفتها اعتباطا أو لوقت يريده الإنسان المعلل له، إذ لا بد أن يكون ذات التوقيت لحكمة تصدر من الحكيم سبحانه الذي يضع الأشياء في مواضعها ومن هذه الأشياء: الوقت الذي يُطلع فيه عباده على علل أقداره،.

أرأيتك أيها الإنسان إذا أخذت طفلا لك للتطعيم في عيادة طبيب وغرز الإبرة في ظهره عملية مؤلمة لا يحبها، وسألك ابنك عن الحكمة من وراء ذلك التطعيم ، ستجدك تخبره بعلة تناسب عقله كقولك له " لكي يعافيك الله عند الكبر" "أو لكي تصبح قويا إن شاء الله" أو غير ذلك وأنت تحاول تبسيط المسألة له، وذلك لقصور عقله على استيعاب العلة الحقيقية التي سوف يعلمها بعد حين. ومع الوقت سوف يستوعب تلك العملية بل سيجبر أبناءه عليها.

وكذلك أيها الإنسان هل تناقش طبيبك كثيرا عن علة إعطائك بعض أنواع الأدوية، أم أنك تسلم له لعلمك بطريق العقل والتجريب أن هذا الطبيب مختص ويعلم ما يفعل؟ ولا شك أنك سوف تختار الأخير وهو التسليم لأهل الاختصاص؛ ولَإِن سألت الطبيب عن العلة لأعطاك علة تناسب عقلك، وسوف يقول لك: هذا الدواء مفيد لك لأنه آخر دواء اكتشفه علماء الطب والكيمياء، ولن يدخلك في تعقيدات علم الكيمياء لقصور أو لصعوبة استيعاب الكثيرين لتلك العلوم ودقائقها.

فكذلك الأمر بالنسبة لعلل أحكام الشرع التكليفية والوضعية والحِكم من ورائها، فإنها سوف تظهر للإنسان في الوقت الذي يريده الله سبحانه، وقد يدرك الإنسان في الدنيا بعض الحكم وبعض علل الأشياء ولكن ذلك يبقى نسبيا كمّا وناقصا كيفا، لأنه انبثق من إنسان، والإنسان ناقص خلقة، ومهما رجح من علل واستنبط من حِكم، لا بد وأن يعتريها شيء من النقص لأنه ليس مصدر تلكم الأحكام بل هو مستقبل تلك الأحكام والمنفعل لها.

لكن الحكم الذي صدر من الله سبحانه الحقِّ المطلق وصاحبِ الكمال المطلق، لا بد أن تكون الحكمة من أفعاله حقا مطلقا لا نسبية فيه، إذ ما يصدر عن الحق سبحانه يكون حقا ضرورة،.


يتبع إن شاء الله

السويدى
08-03-2005, 10:04 AM
مصطفي الفاسي الشكر الجزيل لك لطرح هذا الموضوع الهام

مصطفى الفاسي
08-08-2005, 02:07 AM
أولا إني أعتذر عن التأخير كما أعتذر عن الأخطاء التي وقعت في المقدمة وإليكم تصحيح الفقرة الأخيرة من المقدمة.

فكذلك الأمر بالنسبة لعلل أحكام الشرع التكليفية والوضعية والحِكم من ورائها، فإنها سوف تظهر للإنسان في الوقت الذي يريده الله سبحانه، وقد يدرك الإنسان في الدنيا بعض الحكم وبعض علل الأشياء ولكن ذلك يبقى نسبيا كمّا وناقصا كيفا، لأنه انبثق من إنسان، والإنسان ناقص خلقة، ومهما رجح من علل واستنبط من حِكم، لا بد وأن يعتريها شيء من النقص لأنه ليس مصدر تلكم الأحكام بل هو مستقبل تلك الأحكام والمنفعل لها.

لكن الحكم الذي صدر من الله سبحانه الحقِّ المطلق وصاحبِ الكمال المطلق، لا بد أن تكون الحكمة من أفعاله حقا مطلقا لا نسبية فيه، إذ ما يصدر عن الحق سبحانه يكون حقا ضرورة،.


الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله :salla1:


لقد كثر الكلام عن عِلّـيّـة تعذيب الكافر وتخليده في النار، وعن وجه العدالة في ذلك، مع الاعتقاد بأن الله هو الحكم العدل، وأنه لا يظلم أحدا، ويظنه الكثيرون أن السؤال هو في غاية من الإحراج للمسلمين المدعين بكمال دينهم وصحة عقيدتهم وعلو شريعتهم وفوقانية وحيهم.

ولكن الأمر في غاية من البساطة والسهولة لكن يحتاج إلى بسط بحث نصوب فيه المناظير على صلبه ومركزه،

وسأتناول الجواب عن السؤال على ثلاثة محاور رئيسة وأستعين بالله على ذلكم.

:emrose: المحور الأول:

وبالتتبع والاستقراء نجد أن نظام العقوبات لا تخرج عن أنواع من العقوبات:

1. العقوبات الوضعية:

وهي ما كانت عن طريق الوضع والتواطؤ بين أهل القانون وحكماء السلطة، كاتفاقهم على مدة معينة من السجن للمدمن والمزور وكل من خرق الإطار العام للدستور، أو هي ما وضعه الله لعباده من عقوبات يتحاكم بها الناس في الدنيا كعقوبة السارق والزاني،

2. العقوبات العِلِّية:

وهي التي تكون نتيجة طبيعية لمقدمة ما: كالذي يأكل السم مثلا، فإن الموت هي عقوبة طبيعية لهذا الفعل، أو من عرّض يده للنار فإن يده ستحترق، وهذه نتيجة طبيعية وعقوبة حتمية لا يختلف عليها الناس على تعرضه للنار، وسواء انتبه لفعله ذلك أو لم ينتبه.

3. العقوبات التكشّفية:


وهي العقوبات الأخروية التي توعّد الله بها عبيده الخاطئين يوم القيامة، وهي التي تجمع بين أن تكون علية وبين أن تكون وضعية، وتزيد على ذلك بكونها فةق عقلية ، وإليكم البيان:

يقول الله سبحانه " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " بين الله سبحانه أن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما هم يأكلون في بطونه النار على الحقيقة ولم يقل سبحانه " كأنما يأكلون " إذن وإن كنا نراهم في الدنيا لا يأكلون إلا أموال الناس فإنهم لا ياكلون في بطونهم إلا النار، وإن كان الفعل من آكل هذا المال معنويا إلا أنه كائن ماديا في حقيقة الأمر،

وأزيد الأمر توضيحا، يقول الله سبحانه "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ "

فإن الذين كذبوا بلقاء الله سيأتون يحملون أوزارهم على ظهورهم، أي أن الذنوب تكون مجسمة وخاضعة للمقياس والمكيال والميزان وهذا ممتنع في الدنيا ولا يمكن تحقيقه، فهل رأى أحدنا يوما رجلا يحمل "الكذب " على ظهره، وهل رأينا أحدا يحمل "الخيانة " على ظهره، فهذا ممتنع حسا، ولا يمكن أن يكون له تطبيق في الدنيا أو في هذا العالم، وإنما الحديث عن عالم الغيب،

ويقول سبحانه " يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"

ويقول سبحانه: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ "

فسيجد الناس أعمالهم محضرة يوم القيامة، وستأتي بطاقة لا إله إلا الله يوم القيامة وسيوضع الميزان يوم القيامة وتوضع فيه الأعمال،

و"يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح" كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري عنه.

إذن إن كثيرا من الأشياء المعنوية الكائنة في الدنيا هي في الحقيقة عند الله في عالم الغيب على غير ما نألفه ونأنَسُه في الدنيا، وهذا غير مدركٍ عن طريق الحس، بل هو مدرك عن طريق العقل بأنه ماوراء عقلي، فكما أن الخرافة هي تحت العقل، فالدين هو كذلك فوق العقل، ولا يمكن للعقل إلا أن يقف إجلالا وهو يسلم بذلك،

فليس كل ما لم يدركه العقل هو ضد العقل، بل قد يكون فوق إدراكات العقل.

وخذ هذا المثال:

عندما كان هناك انبعاج في مسار كوكب نبتون في القرن التاسع عشر اتهم العقل مسار الكوكب بعدم الكمال ولم يتهم نفسه بالقصور، وعندما تقدم العلم واكتُشف كوكب بلوتو علم العلماء علة هذا الانحراف في مسار نيبتون، ورأوا أن لذلك علاقة بمسار كوكب بلوتو.

فهل كل ما لم يدركه العقل كان مضادا للعقل ؟؟؟

فكما أن البصر محدود، والسمع محدود، والصوت محدود، وقوة الإنسان محدودة، وصبره محدود، وحياته محدودة، وعلمه محدود وذاكرته محدودة... فكذلك إن عقله محدود وهذا لا يعارضه إلا مغرور، فإن العالم المعرفي وهو يكتشف أسرار هذا الكون البديع اللامتناهية =فإنه يكتشف مدى ضآلة علمه وحجمه وفهمه وقصوره، أو قُل بدأ يعرف عقل الإنسان قدره وحجمه،

والعجب أن الإنسان لا يكتشف إلا بديع خلق الله وجماله، وليس يكتشف كونا أوجده الإنسان نفسه، فالدقة اللامتناهية التي في هذا الكون الذي يكتشفه الإنسان هي دقة موجودة قبل نشوء الإنسان، فلماذا يتكبر ويدعي لنفسه الكمال،

فهذا المسكين هو كمن دخل إلى قصر كبير جميل كثير المرافق وكل يوم يدخل ويكتشف جمال هذا القصر، ثم لا يعترف لصاحب القصر بإنشائه وهذا غباء وجهل من هذا الداخل بعدم الاعتراف. ما بالك بهذا الكون البديع الكامل لأنه من صنع صاحب صفة الكمال والجلال.

فنستخلص من هذا المحور أن العقوبات الأخروية لا يمكن أن تدرك بطريق العقل، وغير خاضعة لمقاييس العقل الدنيوية، وبالتالي لا يمكن أن تفهم علل هذه العقوبات بطريق العقل، وكذلك لا يمكن أن تعرف مقدار خضوعها لميزان العدالة الذي يتغنى به الإنسان، بل الإنسان ذاته لا يتفق أفراده على ميزان أُقر بطربق الإجماع، فمن الأناسي من يرى عقوبة الإعدام عدلا، ومنهم من يراها ظلما، ومنهم من يرى سجن المدمنين على الخمر عدلا ومنهم من يراها ظلما ويقول أن هذا يحتاج إلى علاج لا إلى عقوبة، فاختلف الإنسان في مقياس العدالة في هذه الدنيا، فكيف يريد هذا الإنسان القاصر أن يتباحث مبدأ العدالة مع العدل سبحانه.

فيكون مخرج السؤال المطروح هو الشعور لا العقل. ودليل ذلك هو أن الإنسان سأل جزعا مما يسوؤه ويؤلمه وهو العقوبة، ولم يسأل لماذا يؤمن الإنسان بالله ويطيعه مدة عشرين سنة أو أربعين أو ستين سنة فقط، ثم ينال الثواب عل ذلك أبد الآبدين وجنات عرضها السماوات والأرض. لأن الإنسان يستزيد من النعم ويطلبها ومهما أخذ فإن يطلب عدم انتهاء النعم وشمولها جميع المدركات، فيطلب مزيد طولا في الزمن وكثير كما في العدد، وجودَة كيفا في النوع.

يقول سبحانه " فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "، ويقول " أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "، ويقول " أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "، " ويقول "أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "

فالباء في هذه الآيات هي باء السببية، أبسبب ما كانوا يعملون، وليست باء الثمنية، إذ ليس المقصود هو (ثمنا لما كنتم تعملون) إذ أن المؤمن جاء بالسبب فقط، ولن يستطيع أن يدفع ثمن الجنان الخالة الأبدية، بل ولن يستطيع دفع ثمن سمعه وبصره وصحته، وهذا جاء صراحة في حديث رسول الله الذي جاء في الصحيحين: عن أبي هريرة رضي الله عنه ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( لن ينجي أحدا منكم عمله ) . قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ( ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة).،

فنفى النبي صلى الله عليه وسلم أن يظن المؤمن أن الجنة هي ثمن مستحَقٌ لأعمال المرء، ولكن الأعمال الصالحة تسببت في نيل رحمة الله وكرمه وفضل،

فهبْ أنك أردت أن تموضع سيارتك بمكان - والأماكن معدودة- فجاء رجل كبير السن بسيارته وهو يريد نفس الموضع فتنازلت له عليه، حتى لا تكلفه عناء البحث عن مكان، ثم جاء هذا الرجل المسن فأعطاك شيكا قدره 2 مليون دولارا مثلا هدية منه، فإنك لا تستحق هذا المبلغ كاملا على الحقيقة ولكنك استحققته عن طريق أنك كنت سببا في تنعم وتفضل هذا الرجل الفاضل بهذا المبلغ، ولله المثل الأعلى، فالإنسان لن يؤدي ثمن الجنة على الحقيقة مهما عمل،فعمله متناه في الكم والكيف وجنان الله لا متناهية الأنواع لا متناهية في الأمد، فكيف يكون ما عمل في الأمد ثمنا لما يحصل للأبد.


فيكون السؤال عن العلية شعوري لا عقلي






إلى اللقاء مع المحور الثاني: مِلاك ومقياس الأبدية في العقوبة الأخروية.


مصطفى الفاسي

فخر الدين المناظر
06-15-2008, 02:32 AM
للأسف مداخلتين هامتين فقط للأخ مصطفى الفاسي ثم غادرنا ولم يكمل محاور بحثه .


إلى اللقاء مع المحور الثاني: مِلاك ومقياس الأبدية في العقوبة الأخروية.

نصرة الإسلام
06-23-2008, 11:50 AM
للأسف مداخلتين هامتين فقط للأخ مصطفى الفاسي ثم غادرنا ولم يكمل محاور بحثه .

طيب , من فضلك يا استاذ فخرالدين المناظر ان استطعت انت ان تتفضل باكمال بقية هذا الموضوع , يكون لك جزيل الشكر و الثناء , فهو موضوع جد قيم و مفيد و من الواضح ان الاخ مصطفى الفاسى - جزاه الله خيرا - قد انشغل فنسى ان يكمله ( لعل المانع يكون خيرا باذن الله تعالى ) .

السيف الصقيل
11-09-2011, 02:42 PM
( لا يُسأل عما يفعل و هم يُسألون ) ( و الله يجكم لا معقب لحكمه ) ( و لكن الله يفعل ما يريد )
هذه آيات قرآنية من تدبرها و آمن بها تقلب في نعيم كبير لا يعلمه إلا الله و شع قلبه نورا و اغتنى و ارتاح من و ساوس شياطين الإنس و الجن فالسؤال عن حكمة كذا و حكمة كذا مخالف مخالفة صريحة للأية الأولى و قوع و قوعا لا شك في النهي الذي نهى الله عنه في الآية ( لا يُسأل عما يفعل و هم يُسألون )
فلا إله إلا الله سمعنا و اطعنا و استسلمنا و خضعنا لخالقنا العظيم سبحانه يفعل بنا ما يشاء لامعقب لحكمه و هو على كل شيء قدير

د. هشام عزمي
11-09-2011, 04:19 PM
الله تعالى لا يفعل شيئًا إلا لحكمة وغاية ، ولا يصدر عنه تبارك وتعالى إلا كل فعل حسن موافق للحكمة البالغة ..

horisonsen
11-10-2011, 09:40 PM
بالنسبة للعقوبة الأبدية فهي صادرة عن عدله سبحانه وتعالى، أما بالنسبة للنعيم الأبدي فهي صادرة عن فضله ورحمته ولا يدخل أحد الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته فيفوز فوزا عظيما.
بالنسبة للعذاب الأبدي فقد نص الله على حكمة لذلك في هذه الآية:
{ولَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}
فنص على أنهم لن يؤمنوا إذا أخرجوا من النار، فكان العدل أن يبقوا فيها مؤمنين، ولننظر في هذه الآية:
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
أي أن بعض القلوب كقلوب اليهود قاسية أكثر من الحجارة فلا تؤمن ولا تلين للإيمان، فكانت كالحجارة لا تلين إلا مع التعرض للنار في عذاب الجحيم، وبهذا تنصهر وتؤمن بالله {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} لكن مع إيمانها بوحدانية الله فيما يختص به، في حال الانصهار فهي كالحجارة المنصهرة إذا أخرجت من الجحيم تعود فتتجمد لتصبح جلمودا صلبا فتعود قاسية لا تؤمن بالله{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، وقد أخبرني أحد زنادقة الفلاسفة الإيرانيين شخصيا أن الجحيم فرضا لو أنه دخلها فإنه لن يؤمن بها لأنه من الاحتمال أن تكون خيالا وأحلاما وسرابا، فقلت له ما فائدة السراب أو المنام إن كان أبديا؟ فتلعثم ولم يحر جوابا، فقلت في نفسي أنه سيحكم أنها سراب فقط في حال خروجه من العذاب الأليم.
فهذه فائدة وضعتها في أيديكم لعلنا نتذكر أننا يجب أن نحافظ على لين القلب ولا نعرضه لعوامل القساوة من الشرك والمعاصي، ونتضرع إلى الله اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، ونداوم على ذلك، فمن أدمن هذا الدعاء نجّاه الله مما يكره.
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}
هذه الآية سمعها الفضيل بن عياض وقد كان قاطع طريق، فقال "بلى يا ربي، قد آن" فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام. فتاب وجاور بمكة وحسن علمه وعمله حتى أصبح من علماء السلف الصالح المحذرين من البدع في الدين. وإن شئتم اقرؤوا ترجمته في سير أعلام النبلاء.

مجرّد إنسان
01-01-2014, 09:45 AM
وفقك الله أخي مصطفى الفاسي في غربتك...وأعادك إلينا سالماً

أمَة الرحمن
01-10-2014, 03:29 PM
فكذلك الأمر بالنسبة لعلل أحكام الشرع التكليفية والوضعية والحِكم من ورائها، فإنها سوف تظهر للإنسان في الوقت الذي يريده الله سبحانه، وقد يدرك الإنسان في الدنيا بعض الحكم وبعض علل الأشياء ولكن ذلك يبقى نسبيا كمّا وناقصا كيفا، لأنه انبثق من إنسان، والإنسان ناقص خلقة، ومهما رجح من علل واستنبط من حِكم، لا بد وأن يعتريها شيء من النقص لأنه ليس مصدر تلكم الأحكام بل هو مستقبل تلك الأحكام والمنفعل لها.



فليس كل ما لم يدركه العقل هو ضد العقل، بل قد يكون فوق إدراكات العقل.

هذه و الله وحدها كافية لمن آمن بحكمة خالقه و احترم حدود عقله البشري.

أمَة الرحمن
01-10-2014, 03:39 PM
بالنسبة للعذاب الأبدي فقد نص الله على حكمة لذلك في هذه الآية:
{ولَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}
فنص على أنهم لن يؤمنوا إذا أخرجوا من النار، فكان العدل أن يبقوا فيها مؤمنين، ولننظر في هذه الآية:
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
أي أن بعض القلوب كقلوب اليهود قاسية أكثر من الحجارة فلا تؤمن ولا تلين للإيمان، فكانت كالحجارة لا تلين إلا مع التعرض للنار في عذاب الجحيم، وبهذا تنصهر وتؤمن بالله {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} لكن مع إيمانها بوحدانية الله فيما يختص به، في حال الانصهار فهي كالحجارة المنصهرة إذا أخرجت من الجحيم تعود فتتجمد لتصبح جلمودا صلبا فتعود قاسية لا تؤمن بالله{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، وقد أخبرني أحد زنادقة الفلاسفة الإيرانيين شخصيا أن الجحيم فرضا لو أنه دخلها فإنه لن يؤمن بها لأنه من الاحتمال أن تكون خيالا وأحلاما وسرابا، فقلت له ما فائدة السراب أو المنام إن كان أبديا؟ فتلعثم ولم يحر جوابا، فقلت في نفسي أنه سيحكم أنها سراب فقط في حال خروجه من العذاب الأليم.

مداخلة ممتازة. و قد شدّ انتباهي حقيقة أن الكفار الذين ماتوا على الكفر لن يؤمنوا إلا و هم في النار، فقبلها هم كفار و ان خرجوا منها فسيعودون كفاراً (نتيجة لرضاهم بالكفر و ايثارهم له حتى انطبع في قلوبهم فصار جزءاً لا يتجزأ من أنفسهم).

و لأن الكفر ينتهي بنهاية الحياة الدنيا، فلن يكون هنالك في الآخرة إلا الإيمان (ايمان المؤمنين في الجنة و ايمان الكفار المخلدين في النار).

هذا ما تبادر إلى ذهني، و الله تعالى أعلى و أعلم.

مستفيد..
01-10-2014, 04:59 PM
فائدة ولا أروع أخي horisonsen..
جزاكم الله خيرا..وكذلك الأخت أمة الرحمن على لفت الإنتباه..

lightline
01-11-2014, 10:49 PM
في النهاية الله الخالق هو من يملك هذا الجسد وله الحق ان يخلده في النعيم او الجحيم
وليس للكفار الحق للأعتراض ابداً
الا اذا كان هو من خلق نفسه

رحلة الذاكرين
01-12-2014, 12:17 AM
طبيعة الكفر عند ذلك الكافر أبدية ... يعني لو عاد للدنيا مليون مرة ... فإنه سيعود للكفر .... ولو عاش في الدنيا مليون سنة ... فإنه سيظل كافراً ...

طبيعة الكفر لديه أبدية ... لذلك إقتضى هذا الأمر أن يبقى إلى الأبد في النار ....

{ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }الأنعام28

اللهم توفنا مسلمين موحدين مخلصين لك الدين آمين

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، في العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

أمَة الرحمن
01-12-2014, 12:58 AM
طبيعة الكفر عند ذلك الكافر أبدية ... يعني لو عاد للدنيا مليون مرة ... فإنه سيعود للكفر .... ولو عاش في الدنيا مليون سنة ... فإنه سيظل كافراً ...

و لو خلّد في الأرض فسيظل كافراً باختياره و عن اصرار، و بعد ذلك يتجرأ بكل وقاحة على الإعتراض على عقوبة تخليده في النار (بحجة أن حياته في الدنيا كانت محدودة)!!

مسلم أسود
01-12-2014, 08:24 AM
و يقول عز من قائل ((وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ))