المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابن تيمية : جبر بتوسط الإرادة ! ما المراد ؟



حيادي
09-17-2010, 05:24 PM
في مجموع فتاويه:

فإن قيل هب أن فعلي الذي أردته و اخترته هو و اقع بمشيئتى و إرادتي أليست تلك الإرادة و تلك المشيئة من خلق الله تعالى و إذا خلق الأمر الموجب للفعل فهل يتأتى ترك الفعل معه أقصى مافى الباب أن الأول جبر بغير توسط الإرادة من العبد و هذا جبر بتوسط الإرادة .
فنقول الجبر المنفي هو الأول كما فسرناه و أما إثبات القسم الثانى فلا ريب فيه عند أهل الاستنان و الآثار و أولي الألباب و الأبصار لكن لا يطلق عليه إسم الجبر خشية الإلتباس بالقسم الأول و فرارا من تبادر الأفهام إليه و ربما سمي جبرا إذا أمن من اللبس و علم القصد ... انتهى

ما مقصود ابن تيمية بأن العبد مجبور لكن بتوسط الإرادة؟!!!!

نور الدين الدمشقي
09-17-2010, 05:51 PM
لكن لا يطلق عليه إسم الجبر خشية الإلتباس بالقسم الأول و فرارا من تبادر الأفهام إليه و ربما سمي جبرا إذا أمن من اللبس و علم القصد
ابن تيمية رحمه الله يقول بأنه لا يطلق اسم "الجبر" على القسم الثاني (وهو الجبر بتوسط الارادة) الا لمن فهم المعنى المقصود.
وللتوضيح: الله علم ما سيعلم البشر. وعلمه كامل سبحانه لا يحتمل الخطأ. فكتب ما علم واراد حصوله. وعندما خلقنا نحن في هذا الوجود كانت لنا الارادة والمشيئة. فهذه الارادة (ارادتنا نحن واختياراتنا) لن تخرج ابدا عما أراد الله في الأزل لسابق علمه بها قبل حصولها (أي يستحيل ان يكون الله قد أخطأ في علمه تعالى عن ذلك وأراد غير ما سيحصل حقيقة) وبذلك يكون اختيارك بأمر ما بارادتك (جبرا بتوسط هذه الارادة) من باب أنه يستحيل ان تخرج عما اراده الله لسابق علمه بما ستختار. ولله المثل الأعلى: تخيل أنني اقول لك فكر في كلمة واضمرها ثم اخرج لك بورقة مكتوب فيها تلك الكلمة التي كانت في ذهنك. وكلما فكرت في كلمة اخرجت لك ورقة مكتوب فيها تلك الكلمة. فأنت لك حرية الاختيار في الكلمة (الارادة) ولكن أنا بذات الوقت اجبرك على الكلمة من حيث موافقتها دائما لما هو مكتوب عندي في الورقة. فلو اجبرتك على الكلمة التي تختارها بأن أقول يجب ان تكون الكلمة التي تختارها هي: "الانسان" (كان ذلك من القسم الأول وهو الاجبار بدون توسط الارادة حيث انني لم اسمح لارادتك ان تختار بحرية). واما ان فكرت فيها انت بحرية وارادة واضمرتها ثم وجدت ما عندي مكتوبا موافقا لها دائما (كان ذلك من القسم الثاني وهو الاجبار بتوسط ارادتك في اختيار الكلمة). ولعلك لن تطلق اسم "الاجبار" على الحالة في القسم الثاني لأنه ليس "اجبارا" حقيقيا...ولله المثل الأعلى. فذلك ما قصده رحمه الله بقوله:
لكن لا يطلق عليه إسم الجبر خشية الإلتباس بالقسم الأول و فرارا من تبادر الأفهام إليه و ربما سمي جبرا إذا أمن من اللبس و علم القصد.
والله أعلم

حيادي
09-18-2010, 04:49 PM
شكراً لك أخي

أستوعب جدا أن العلم لا يلزم منه الجبر لكن لا أستطيع قبول ذلك في الإرادة أو الخلق
أريد أن تفهمني أكثر :

عندما تكون عالماً بأنني سأقول كلمة إنسان لأي سبب من الأسباب حصل لك ذلك العلم فأنت فعلاً لم تجبرني على تلك الكلمة.
لكن عندما يكون المقتضي لأن أقول كلمة ( إنسان ) هو إرادتك التي لا يمكنني أن أخالفها فهذا هو الجبر في نظري.
كذلك عندما يكون المقتضي لأن أقول كلمة ( إنسان ) هو أنك أحدثتها أو خلقتها فيّ فلستُ مختاراً أبداً، أنا مجرد محل لتنفيذ إرادة غيري ومحل لوجود شيء أحدثه غيري .

أرجو أن تبين لي بشكل أوسع .

نور الدين الدمشقي
09-18-2010, 05:36 PM
أخالفها فهذا هو الجبر في نظري
ولهذا سماه ابن تيمية رحمه الله جبرا بتوسط ارادتك. لأنه بعدم مخالفة اختيارك لما علمه الله واراده منذ الأزل يكون جبرا بذلك المعنى العام...وليس جبرا في حقك.
خلاصة المسألة ان الموضوع نسبي. بالنسبة لك أنت فأنت تختار ما تريد (أم انك تشعر بغير ذلك؟ ). فهذه حقيقة مشاهدة تعرفها أنت كما أعرفها أنا. أما بنسبية تستطيع ان تعتبرها مطلقة: فان ما ستختاره سيكون موافقا لما أراد الله بمقتضى علمه. ما تعجز عنه عقولنا حقيقة هو كيفية معرفة الله للمستقبل والذي فيه عليه مدار الاشكالية عندك. ان علم الله للمستقبل هو ما تعجزه عقولنا عن فهمه. الله ليس محدودا سبحانه بزمان. وأنا وأنت محدودان بالزمان. فلو سألتك الآن من الذي أراد أولا؟ لن تعرف الاجابة. فباعتبار ان الله كشف المستقبل وعرف ما كنت انت ستريده ثم اراده وكتبه...ظننت انك انت المريد الأول...ثم اذا نظرت باعتبار انك لم تكن مخلوقا اصلا عندما اراده الله سبحانه..ظننت ان الله أراد أولا. لذلك فالحكم على مثل هذه الأمور لن يتجاوز التسليم لعلم الله وقدرته اللامحدودة لا بزمان ولا بمكان حتى...ولن نستطيع في الحقيقة فهم الزمان او معنى الخروج منه لأن عقولنا ببساطة قاصرة عن ذلك.
أنت اذا سلمت بعلم الله سبحانه فلا معنى لما تقول:

كذلك عندما يكون المقتضي لأن أقول كلمة ( إنسان ) هو أنك أحدثتها أو خلقتها فيّ فلستُ مختاراً أبداً، أنا مجرد محل لتنفيذ إرادة غيري ومحل لوجود شيء أحدثه غيري .
من قال انك لست مختارا اذا احدثها الله فيك؟ هو احدثها فيك على ما "انت تريده" بمقتضى سابق علمه لذلك!! والذي قد سلمت به
ارجوا ان يكون الموضوع قد اتضح

عياض
09-19-2010, 06:16 AM
عندما تكون عالماً بأنني سأقول كلمة إنسان لأي سبب من الأسباب حصل لك ذلك العلم فأنت فعلاً لم تجبرني على تلك الكلمة.
فان كان العلم قد قضى فيك قبلا بأنك ستقول كلمة انسان..فهل ستستطيع ترك قولها؟؟؟ فلا بد من لا فيكون قد اجبرك بتوسط ارادتك على فعلها ...و هذا هو مقصود الشيخ فالارادة تابعة للعلم...