المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) الفتح



البشرى1
10-12-2010, 09:26 PM
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (40)وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41)كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (42)أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ (43)أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44)سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) القمر


ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس كما قال " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب " وقال تعالى " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا " . قال مجاهد " ولقد يسرنا القرآن للذكر " يعني هونا قراءته وقال السدي يسرنا تلاوته على الألسن وقال الضحاك عن ابن عباس لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل

ولقد جاء آل فرعون النذر
يقول تعالى مخبرا عن فرعون وقومه إنهم جاءهم رسول الله موسى وأخوه هارون بالبشارة إن آمنوا والنذارة إن كفروا .

كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر
وأيدهما بمعجزات عظيمة وآيات متعددة فكذبوا بها كلها فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر أي فأبادهم الله ولم يبق منهم مخبر ولا عين ولا أثر .

أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر
ثم قال تعالى " أكفاركم " أي أيها المشركون من كفار قريش " خير من أولئكم " يعني من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل وكفرهم بالكتب أأنتم خير من أولئكم ؟ " أم لكم براءة في الزبر " أي أم معكم من الله براءة أن لا ينالكم عذاب ولا نكال ؟ .

أم يقولون نحن جميع منتصر
أي يعتقدون أنهم يتناصرون بعضهم بعضا وأن جمعهم يغني عنهم من أرادهم بسوء .

سيهزم الجمع ويولون الدبر
أي سيتفرق شملهم ويغلبون . قال البخاري حدثنا إسحاق حدثنا خالد عن خالد وقال أيضا حدثنا محمد بن عفان عن وهيب عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر " أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا " فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده وقال حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول " سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر " وكذا رواه البخاري والنسائي في غير موضع من حديث خالد وهو ابن مهران الحذاء به . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال لما نزلت " سيهزم الجمع ويولون الدبر" قال عمر أي جمع يهزم ؟ أي جمع يغلب ؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول " سيهزم الجمع ويولون الدبر " فعرفت تأويلها يومئذ .


بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر
"بل الساعة موعدهم" بالعذاب "والساعة" أي عذابها "أدهى" أعظم بلية "وأمر" أشد مرارة من عذاب الدنيا

إن المجرمين في ضلال وسعر
يخبرنا تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق وسعر مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع من سائر الفرق.

يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر
أي كما كانوا في سعر وشك وتردد أورثهم ذلك النار وكما كانوا ضلالا يسحبون فيها على وجوههم لا يدرون أين يذهبون ويقال لهم تقريعا وتوبيخا" ذوقوا مس سقر " .

إنا كل شيء خلقناه بقدر
وقوله تعالى " إنا كل شيء خلقناه بقدر " كقوله " وخلق كل شيء فقدره تقديرا " وكقوله تعالى " سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى " أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة قال أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان الثوري عن زياد بن إسماعيل السهمي عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت " يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر " وهكذا رواه مسلم والترمذي وابن ماجه من حديث وكيع عن سفيان الثوري به . وقال البزار حدثنا عمرو بن على حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ما نزلت هذه الآيات " إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر " إلا في أهل القدر . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي حدثني قرة بن حبيب عن كنانة حدثني جرير بن حازم عن سعيد بن عمرو بن جعدة عن ابن زرارة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية " ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر " قال " نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله" .

وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر
وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال " وما أمرنا إلا واحدة " إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى تأكيد بثانية فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين

ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر
يعني أمثالكم وسلفكم من الأمم السابقة المكذبين بالرسل " فهل من مدكر " أي فهل من متعظ بما أخزى الله أولئك وقدر لهم من العذاب كما قال تعالى " وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل " .

وكل شيء فعلوه في الزبر
أي مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام .


وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) الفتح