wahid1
10-15-2010, 12:22 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
استكمالاً لمقالي السابق «كيف تحاور ملحداً» الذي عرضت فيه بإيجاز الدورة الفكرية التدريبية التي ألقاها الدكتور عمرو شريف في القاهرة وبمناسبة افتتاح معرض الكتاب الدولي في الكويت اليوم الأربعاء فإنني أهتبل المناسبة لأعرض كتاباً رائعاً من تأليف الدكتور عمرو شريف أستاذ ورئيس قسم الجراحة - كلية الطب - جامعة عين شمس.
ولقد عرضت الكتاب في حلقة «لماذا خلق الله الشر في الكون» في (14) رمضان الماضي ثم توسعت في عرضه في حلقة (18) رمضان «كتب في الصميم»، ومما زادني فرحا ان الكتاب نفد من المكتبات بما في ذلك مكتبة جرير، وهذا مؤشر على أن الناس تنتظر من يرشح لها ما يصلح للقراءة أو ما هو جدير بالاطلاع، ولم أكتب مقالا طوال السنوات الماضية عن كتاب أيام المعرض إلا وينفد وأظن ان من مهمات المثقف التشويق لما يعتقد أنه جاد وجميل بشرط ألا يقع أسير الوهم الشعبي بأن الممنوع يجعل الكتاب مهماً أو مجرد العراك الإعلامي حوله يجعل منه أحد أهم مصادر المعرفة العلمية التي إذا لم يقرأه «البني آدم» أو لم يدخل المعرض فإن الجهل يعم والعقل ينتحر والفكر المستنير يطفئ مصابيحه ويعود الناس إلى العصر الحجري والمعرض صار بلا ثقافة... بلا علم... وانما تحول إلى كهف للسحر والشعوذة!
تصوروا أن هذا المنطق لم يقله شاب في المرحلة الثانوية (ما طرَّ شاربه ولا بقلت لحيته) كما يقولون، وإنما نطق به أكاديميون وأكاديميات!! هذه الهوجة بحد ذاتها نكبة ثقافية!
والسؤال من هو كبير الملاحدة الذي قصدته في عنوان مقالي؟
انه سير «أنتوني فلو Sir Antony Flew» (أستاذ الفلسفة البريطاني) اسم ذائع الصيت في مجالات الفكر والفلسفة والالحاد والتدين! كان يعد بحق من أكبر ملاحدة العصر الحديث، وتعتبر كتاباته الغزيرة جدول أعمال الفكر الالحادي طوال النصف الثاني من القرن العشرين، في التاسع من ديسمبر عام 2004 فوجئ العالم بخبر مازال صداه يتردد في الأوساط الفلسفية والعلمية والثقافية والدينية، لقد أعلن أنتوني فلو المولود في لندن 1923/2/11 (بعد أن بلغ من العمر ثمانين عاماً) انه صار يؤمن بأن «هناك إلهاً». وقد أذاعت وكالة أنباء الاسوشيتد برس الخبر بعنوان: «ملحد شهير يؤمن بالاله، بدافع من الشواهد العلمية» أصاب الخبر الملاحدة من زملاء أنتوني فلو وتلاميذه بهستيريا عارمة، حتى امتلأ إعلام العالم الغربي الحر بسخريتهم وازدرائهم لهذا التحول! وقد طُلب من «أنتوني فلو» مرارا أن يصدر كتابا يعرض فيه رحلته، من صبي مؤمن إلى رجل ملحد إلى شيخ في الثمانين يؤمن بوجود الاله. وأخيراً صدر عام 2007 الكتاب المنتظر: «هناك إله: كيف عدل أشرس ملحد عن الالحاد» There is a god How the Worlds most notorious atheist changed his mind وقام الدكتور عمرو شريف بعملين الأول ترجمة الكتاب، والثاني طرح العلاقة بين الدين والعقل والعلم للتحليل مع مقدمة من التعريف بالالحاد المعاصر ونشأته، والحق انني وجدت تحليل الدكتور عمرو في النصف الثاني من صفحات الكتاب والذي فاق في عدد صفحاته الكتاب الأصلي لأنتوني فلو، وجدت فيه اضافات عميقة واستدراكات بما هو أكثر اثراءً معرفيا من تجربة الفيلسوف العائد إلى الإيمان.
ولقد سمى عمرو شريف الكتاب المترجم وتعليقاته عليه ودراساته حوله (رحلة عقل) وقام بتقديم الكتاب د. أحمد عكاشة رئيس مركز بحوث الصحة النفسية لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب والرئيس الأسبق للجمعية العالمية للطب النفسي وقال عن الكتاب «انه طرح جديد كل الجدة، يعتبر ثورة في المفاهيم العلمية، وثورة في النظر إلى الدين».
أما مقدمة كتاب أنتوني فلو «هناك إله» فقد كتبها نصيره في الإيمان (روي ابراهام فارجيس Roy Abraham Vargeece) يعد من أفضل من كتب باللغة الانكليزية عن العلاقة بين الفلسفة والدين والعلم، وأشهر كتبه التي نالت حظا كبيرا من الذيوع «أعجوبة الوجود Wonder of the world»، صدر عام 2003 وكتاب «الكون والحياة والاله Cosmos Bios Theos صدر عام 1992، ويعرض مفاهيم 24 عالما من الحاصلين على جائزة نوبل، واختير أفضل كتاب صدر في ذلك العام عن الاله. كما حصل روي ابراهام فارجيس على جائزة تمبلتون عام 1995.
يقول الدكتور عمرو شريف تحت عنوان «رحلة انتوني فلو في الميزان»: يمكننا اعتبار انتوني فلو من أنصار مفهوم الدين الطبيعي Deism. الذي يؤمن بالله دون الأديان، كما يمكن أن يُصنف كأحد العلمانيين المعتدلين. لكنني أرى انه يختلف عن هؤلاء جميعا في أمر شديد الأهمية، وهو أنه لا يزال يبحث بصدق عن الحق، وانه على استعداد للإيمان بدين من الأديان إذا قاده الدليل إلى ذلك».
وهذا الكلام في غاية الأهمية إذ ان كثيرا من المنكرين للإله تسوقهم دوافع نفسية وتجارب شخصية قاسية ومآرب لا تمت إلى العقل بصلة.
وكتاب (رحلة عقل) من مطبوعات دار الشروق الدولية - القاهرة صدر 2010.
المصدر: صحيفة الرأي
استكمالاً لمقالي السابق «كيف تحاور ملحداً» الذي عرضت فيه بإيجاز الدورة الفكرية التدريبية التي ألقاها الدكتور عمرو شريف في القاهرة وبمناسبة افتتاح معرض الكتاب الدولي في الكويت اليوم الأربعاء فإنني أهتبل المناسبة لأعرض كتاباً رائعاً من تأليف الدكتور عمرو شريف أستاذ ورئيس قسم الجراحة - كلية الطب - جامعة عين شمس.
ولقد عرضت الكتاب في حلقة «لماذا خلق الله الشر في الكون» في (14) رمضان الماضي ثم توسعت في عرضه في حلقة (18) رمضان «كتب في الصميم»، ومما زادني فرحا ان الكتاب نفد من المكتبات بما في ذلك مكتبة جرير، وهذا مؤشر على أن الناس تنتظر من يرشح لها ما يصلح للقراءة أو ما هو جدير بالاطلاع، ولم أكتب مقالا طوال السنوات الماضية عن كتاب أيام المعرض إلا وينفد وأظن ان من مهمات المثقف التشويق لما يعتقد أنه جاد وجميل بشرط ألا يقع أسير الوهم الشعبي بأن الممنوع يجعل الكتاب مهماً أو مجرد العراك الإعلامي حوله يجعل منه أحد أهم مصادر المعرفة العلمية التي إذا لم يقرأه «البني آدم» أو لم يدخل المعرض فإن الجهل يعم والعقل ينتحر والفكر المستنير يطفئ مصابيحه ويعود الناس إلى العصر الحجري والمعرض صار بلا ثقافة... بلا علم... وانما تحول إلى كهف للسحر والشعوذة!
تصوروا أن هذا المنطق لم يقله شاب في المرحلة الثانوية (ما طرَّ شاربه ولا بقلت لحيته) كما يقولون، وإنما نطق به أكاديميون وأكاديميات!! هذه الهوجة بحد ذاتها نكبة ثقافية!
والسؤال من هو كبير الملاحدة الذي قصدته في عنوان مقالي؟
انه سير «أنتوني فلو Sir Antony Flew» (أستاذ الفلسفة البريطاني) اسم ذائع الصيت في مجالات الفكر والفلسفة والالحاد والتدين! كان يعد بحق من أكبر ملاحدة العصر الحديث، وتعتبر كتاباته الغزيرة جدول أعمال الفكر الالحادي طوال النصف الثاني من القرن العشرين، في التاسع من ديسمبر عام 2004 فوجئ العالم بخبر مازال صداه يتردد في الأوساط الفلسفية والعلمية والثقافية والدينية، لقد أعلن أنتوني فلو المولود في لندن 1923/2/11 (بعد أن بلغ من العمر ثمانين عاماً) انه صار يؤمن بأن «هناك إلهاً». وقد أذاعت وكالة أنباء الاسوشيتد برس الخبر بعنوان: «ملحد شهير يؤمن بالاله، بدافع من الشواهد العلمية» أصاب الخبر الملاحدة من زملاء أنتوني فلو وتلاميذه بهستيريا عارمة، حتى امتلأ إعلام العالم الغربي الحر بسخريتهم وازدرائهم لهذا التحول! وقد طُلب من «أنتوني فلو» مرارا أن يصدر كتابا يعرض فيه رحلته، من صبي مؤمن إلى رجل ملحد إلى شيخ في الثمانين يؤمن بوجود الاله. وأخيراً صدر عام 2007 الكتاب المنتظر: «هناك إله: كيف عدل أشرس ملحد عن الالحاد» There is a god How the Worlds most notorious atheist changed his mind وقام الدكتور عمرو شريف بعملين الأول ترجمة الكتاب، والثاني طرح العلاقة بين الدين والعقل والعلم للتحليل مع مقدمة من التعريف بالالحاد المعاصر ونشأته، والحق انني وجدت تحليل الدكتور عمرو في النصف الثاني من صفحات الكتاب والذي فاق في عدد صفحاته الكتاب الأصلي لأنتوني فلو، وجدت فيه اضافات عميقة واستدراكات بما هو أكثر اثراءً معرفيا من تجربة الفيلسوف العائد إلى الإيمان.
ولقد سمى عمرو شريف الكتاب المترجم وتعليقاته عليه ودراساته حوله (رحلة عقل) وقام بتقديم الكتاب د. أحمد عكاشة رئيس مركز بحوث الصحة النفسية لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس اتحاد الأطباء النفسيين العرب والرئيس الأسبق للجمعية العالمية للطب النفسي وقال عن الكتاب «انه طرح جديد كل الجدة، يعتبر ثورة في المفاهيم العلمية، وثورة في النظر إلى الدين».
أما مقدمة كتاب أنتوني فلو «هناك إله» فقد كتبها نصيره في الإيمان (روي ابراهام فارجيس Roy Abraham Vargeece) يعد من أفضل من كتب باللغة الانكليزية عن العلاقة بين الفلسفة والدين والعلم، وأشهر كتبه التي نالت حظا كبيرا من الذيوع «أعجوبة الوجود Wonder of the world»، صدر عام 2003 وكتاب «الكون والحياة والاله Cosmos Bios Theos صدر عام 1992، ويعرض مفاهيم 24 عالما من الحاصلين على جائزة نوبل، واختير أفضل كتاب صدر في ذلك العام عن الاله. كما حصل روي ابراهام فارجيس على جائزة تمبلتون عام 1995.
يقول الدكتور عمرو شريف تحت عنوان «رحلة انتوني فلو في الميزان»: يمكننا اعتبار انتوني فلو من أنصار مفهوم الدين الطبيعي Deism. الذي يؤمن بالله دون الأديان، كما يمكن أن يُصنف كأحد العلمانيين المعتدلين. لكنني أرى انه يختلف عن هؤلاء جميعا في أمر شديد الأهمية، وهو أنه لا يزال يبحث بصدق عن الحق، وانه على استعداد للإيمان بدين من الأديان إذا قاده الدليل إلى ذلك».
وهذا الكلام في غاية الأهمية إذ ان كثيرا من المنكرين للإله تسوقهم دوافع نفسية وتجارب شخصية قاسية ومآرب لا تمت إلى العقل بصلة.
وكتاب (رحلة عقل) من مطبوعات دار الشروق الدولية - القاهرة صدر 2010.
المصدر: صحيفة الرأي