المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام، ذلك المنهج العظيم



melek achter
11-05-2010, 12:55 AM
الإسلام منهج قويم متماسك لم يترك شاردة ولا واردة في حياة الفرد و المجموعة إلا و قنّنها و جعل لها حدودا لضبطها و جاء هذا المنهاج من عمق بيئة كانت على أسوء حال و أعياها الضلال و الإنحلال فكانت تقتات من الغارات و تحيا بالصراعات و تأد البنات غابت عن صحاره القوانين فعاش بقوانين أشبه بقوانين الغابات و المحصّلة أبرهيت القريب و البعيد فتحوّلت الجزيرة العربية من شتات إلى حضارة يتحاكى بها الكل و قال الأديب العالمي (ليف تولستوي): يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة..انتهى كلامه.و قال المؤرخ الشهير "وول ديورنت": وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقل أن نجد إنساناً غيرة حقق كل ما كان يحلم به.. انتهى كلامه
قد وضع الإسلام للفرد نظاما محددا يسير في ظله وسن له حقوقا وواجبات مشددا على أهمية مراعاتها والامتثال لها فهي بمثابة الحد الفاصل بين الهمجية والتحضر بل جعل مراعاتها من علامات الإيمان الصريح للعبد فقال الله تعالى: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" ولهذا تجد المسلم حريصا على هذه القوانين أن لا يختعداها مجتهدا في الامتثال لها واحترامها إذ أن تحقيق الإيمان هو غايته ومطلبه فلا ريب أن إنزال تعاليم الإسلام منزلة كبيرة أمر بديهي عند كل فرد من، هذا من ناحية الحث على الإلتزام بقوانين الإسلام ومن ناحية أخرى فإن الرسالة المحمدية اتصفت بالشمولية وبتوزيع المهام على جميع أفراد المجتمع كل حسب مؤهلاته وكل حسب طاقاته رافعة شعار الكل مسؤول فقد اعتنى بالانسان كفرد وجعله راع في أسرته التي هي نواة المجتمع و لم يهمل الجانب الإجتماعي ليكون المسلم عنصرا فعالا رائدا ... و قامت فرائضه على العدل فلم يظلم جنسا على حساب الآخر و راعى لكل جنس قدرته و إمكانياته فحدّد له وظائفه و قامت مبادئه على التسامح و نبذ العنصرية العرقية و أرسى التوافق الشعبي و كان التكليف سيمته التخفيف فتجده يقرر مبدا عظيما يتمثل في :" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" و شرّع الرخص جاعلا من الشريعة مرنة تتلاشى من امامها الصعاب، وبعد ذكر التخفيف في الآية نجد بيان لمبدأ آخر عظيم لا يقل أهمية عن سابقه، إذ أنها تقرر أن كل انسان مرهون بعمله وكل انسان يجازى على ما قدم فيؤمن الانسان آنذاك بسفينة النجاة المتمثلة في العدل الإلهي والتي ترسي بالمجتمع على بر الأمان في دعة وسلام، فلا يتعدى المسلم حقوق أخيه ولا يجتاز المسموح له بقوله تعالى:" لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ".
إضافة لهذه الضوابط التي يضعها الإسلام نجد أيضا أمرا آخر مهم تميز به الاسلام عن بقية القوانين الأخرى به، حيث أنه جمع بين دقة قوانينه وصرامة تنفيذها وبين حب العبد لهذه القوانين وهذه الحدود ورغبته في تنفيذها عن اقتناع وامتثال لا نكاد نجد له نظير في أي قانون آخر فعلى سبيل المثال نذكر حادثة تحريم الخمر والتي وصفها بعض الصحابة أنه أقصى قانون نزل عليهم من شدة حبهم لها في أيام الجاهلية وبداية الإسلام ولكن رغم هذا فإنهم يقدمون حب الله تعالى ورسوله على الخمر حتى إن بعضهم سمع التحريم والكأس بين يديه فما رفعها لفيه في حين أنك تجد صعوبة بالغة إذا ما وضعت قانون وضعي لتحريم الخمر وستكابد الأمرّين في التخلص منه بل حتى المحاولة الحدّ من انتشاره حتى أن المقارنة بين الإسلام وبين أي قانون آخر من هذه الناحية يعد جنونا وضربا من المستحيل، فالأول يجعل العملية سهلة نابعة عن ايمان راسخ وقلب يهتف بحب الله تعالى ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه لا تعلوه الأهواء ولا تدنسه الخبائث ولا تعتريه النزوات الشخصية والأهداف الدنية والآخر إذا فرض على مجموعة خاوية من الإيمان لا هم لها إلا أنفسها فإذا غاب القانون عمت الفوضى وشتان شتان بين مشرق ومغرب وشتان بين صهيل الخيول ونهيق الحمير !! وانظر إلى الاسلام حين يجعل الفرد يضحي بماله ونفسه في الجهاد وهو في غمرات من السعادة والفرح راض بما يفعل لا يكترث بما بين يديه من زينة الحياة الدنيا، فقد استحوذ هذا المنهج على نفسية الانسان حتى جعله يفضل الموت على الحياة في ابتغاء الجهاد وجعله يفضل انفاق المال على أناس لا يعرفهم ولا تربطه بهم أي صلة قرابة ولا أي رابط آخر على أن يبقي ماله لأولاده وأهله فآثر هذا على ذاك رغم أن النفس البشرية تجعل من يد الانسان يد مغلولة إلى عنق صاحبها لا يحب البذل ولا العطاء لكن الغريب أن الاسلام أضفى على عقلية المسلم قاعدة أخرى غير معهودة فوثق رابط الأخوة بين المسلمين حتى جعلهم كالنفس الواحدة يرى الرجل مصيبة أخيه مصيبة له وعيب أخيه عيب فيه، يسر لفرحه ويبكي لألمه فهم كالجسد الواحد المترابط وأبهى صور هذا الترابط حين آخا الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأنصار والمهاجرين فتجد الرجل يؤثر أخيه على نفسه ويعطيه نصف ماله يخيره في أهله، لا يجمع بينهما أي رابط إلا رابط الإسلام لكنه رابط وثيق إذا تحقق لحذافره. كذلك بالنسبة لبقية الأعمال في الإسلام كالصلاة والصيام وبقية الفرائض فإنها في ظاهرها مخالفة لهوى الإنسان لكن المسلم عن حق الذي تدبر ما فيها من معاني سامية واسخرج ما تحويه هذه المعاني في قاعها من لؤلؤ وجوهر حافظ عليها وجعل منها قرة عين له. ولم يكتفي المنهج الإسلامي بسن هذه القوانين للبشرية فحسب ،والتي لو أردنا حصر نتائجها لما استطعنا ذلك، بل قد تابع عمل الفرد منا في هذه السنن من قبل بدايته إلى ما بعد الانتهاء منها، جعل من نية الفرد أمرا مهما في العمل ان لم نقل هي العمل كله فطلب منا أن نخلص العمل لله تعالى ونجعل منه ابتغاءا للدار الآخرة فسد بذلك كل الطرق الشيطانية التي يمكن أن تنخر كيان المجتمع الاسلامي من داخله من رشوة أو نفاق ورياء أو حسد أو غيره من الأعمال الخسيسة لدى بعض الناس فجعل الهم في العمل واحد لا غير، في سبيل الله وفي سبيل الارتقاء بالأمة الاسلامية وإعلاء راية الحق. ثم أوجب النظام الإسلامي أن نكون من المتقنين لأعمالنا المتميزين فيها، لم يقبل التأخر في المواعيد ولم يجز عدم إكمال المهمة على الوجه الاكمل فوضع قانونا صارما لتحمل المسؤولية بشموليتها من أولها لآخرها فمادمت راع فأنت مسؤول عما أودعك الله فيه. المهمة لا تنهي بانتهاء عمل وحسب بل يجعلك الدين في مهمة دائمة مادمت في هذه الحياة الدنيا ألا ترى أن الصلاة تتجدد كل يوم وليلة وصلاة الجمعة تصلى كل أسبوع والعيدين ورمضان كل عام فأنت لا تخرج من طاعة إلا وتسلط بصرك على الطاعة القادمة وكذلك بقية الأعمال الصالحة فأنت لا تكسوا عريان إلا وتحمل هم آخر ولا تشبع جوعان إلا وتنظر لغيره فيجعل من قلب الانسان منبعا فياضا بالعطاء والرحمة لمن حوله في داخله هم الأمة والانسانية بأكلمها لا يحيد عن قضية ولا تنحي همته في سفح الجبل إنما الغاية هي القمة وبلوغها فالاسلام يصنع جيلا كاملا من المسلمين القادرين على تحمل المسؤولية والنظر إلى أفق أبعد.


المصدر (http://radsar5.blogspot.com/2010/10/blog-post_25.html)

أبو لؤي التونسي
11-07-2010, 11:34 AM
بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ارك الله بك