المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التقريب.. حدود و آفاق



متعلم أمازيغي
11-24-2010, 07:06 PM
في حتمية الاختلاف و ضرورة الاتحاد و الائتلاف

غريب أمر هذه الأمة ، فهي مع ما اجتمع لها من مقومات الوحدة و الألفة، تظل من أشد الأمم تشرذما و تمزقا. إن أمة تشريعها رباني لحري بها أن تظل متحدة يعضد بعضها بعضا، إذ لا شئ أدعى للخلاف من تدخل أهواء بني البشر في التقنين و التشريع، و ما يزيد الأمر غرابة كون هذه الأمة محفوظ تشريعها و كلام ربها تعالى جده و التطبيق العملي له المجسد في حياة رسولها صلى الله عليه و على آله و سلم في بطون الكتب بما لم يحصل لأمة غيرها، و مع هذا فإن الخلافات المذهبية نخرت جسدها، و جعلتها قصعة شهية تداعت عليها الأمم، و ما أكثر ما يكون سبب هذا التداعي السبيل الذي يفتحه و يفرشه وردا أبناء الأمة لخصومها المتربصين فيجنون عليها و يؤثرون البعيد على القريب الذي يشاركهم القبلة من أجل خلافات ضيقة كان بالإمكان تجاوزها بحوارات هادئة و إصغاء متبادل للآراء الفكرية المختلفة . إن الاختلاف في فهم النصوص الدينية قد يكون أمرا مقبولا، بل مفهوما مادامت عقول البشر متفاوتة، كما أن كل متفاعل مع النص، يستنطقه و يستشكله، يجر معه موروثا فكريا ثقافيا يتسم بالتنوع بحكم اتساع رقعة بلاد الإسلام و احتضانها لثقافات جديدة، هذا الموروث الذي يقحمه و يوظفه المجتهد في فهمه للنص، من هنا، مادام الاختلاف من الحتميات التي لا حيلة لنا لدفعه، و مادام الاتحاد على كلمة التوحيد ضرورة ملحة، يصير التقريب بين المذاهب و الترحيب بالاختلاف بصدر رحب و بأفق فكري ينأى عن التعصب و الوثوقية الغبية من الأولويات اللازمات.

إن المنازعة لم تكن يوما مدعاة لتمزيق وحدة الجماعة، فعلى المستوى الصوري، الجماعة تحيل على الكم و العدد، أما المنازعة فتحديد لطبيعة العلاقة القائمة بين هذه الجماعة، أي تحديد للكيف، و الكم و الكيف لا يندفعان، كما يقول المفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن في كتابه "الحق العربي في الاختلاف الفلسفي"، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك، فيشكك في صدق عدم إمكان الجمع بين المتناقضين في كتابه "في أصول الحوار و تجديد علم الكلام"، غير أن رسم حدود "الماصدق"، كمفهوم منطقي يقصد به من يصدق عليهم أمرا ما، يستوجب منا أن نضع حدودا لجماعة التقريب، فثمة جماعات أخرى لا يتسع صدرها لتقبل الاختلاف مع من يشاركها في اسم مذهبها، كما هو أمر البعض الذين عمدوا باسم المبحث التراثي "الجرح و التعديل" و ضرورة التحذير من "المبتدعة" تجريح كل من اختلف معهم في فروع فقهية، هي من قبيل اختلاف التنوع لا حتى التضاد، مع أن عهد الجرح و التعديل قد ولى من غير رجعة، بل إننا نجد من العلماء المحدثين من يحذر من أعلام السنة الأجلاء كابن حجر و النووي و ابن الجوزي و غيرهم لمجرد أنهم اختلفوا معهم في تأويل بعض الصفات، كما لا يمكن أن نبني جسرا للتواصل و التلاقي الفكري مع من يطعن في أصول الإسلام، كالذين يقولون بتحريف القرآن، أو يصرحون بعدم حجية السنة النبوية و ضرورة التمسك بها و العض عليها بالنواجد، إذ أن الحوار البناء لا يقوم إلا على أرضية مشتركة تحوي جملة من المبادئ التي يتم الاحتكام إليها و تبنى النتائج على مقدماتها، و إلا متى تم الإخلال بشروط الحوار البناء، على مستوى تدليل الحوارات، أو تخليقها، نتجت عن ذلك آفات ثلاث تضر بالحوار و توقع في نقيض مقصوده من حيث ترمي جني ثمار المقصود، و هذه الآفات الثلاث يذكرها الفيلسوف الدكتور طه عبد الرحمن في كتابه "الحق العربي في الاختلاف الفلسفي"، و هي : الفرقة، الخلاف، العنف، فلنبسط الكلام في هذه الأخيرة.

أن يكون الإنسان حيوانا ناطقا قادرا على اللفظ المركب المفيد للوضع، و أن يعتبر الأخلاقيون الإنسان حيوانا أخلاقيا، ينتج عنهما أن الإنسان عاقل تعقيلا مؤيدا، و متى عُلِم أن الإنسان حيوان ناطق لزم منه أنه متكلم بالضرورة، و لا شئ يحول دون ذلك إلا محاولة نزع إنسانية الإنسان و الحجر على أبسط حقوقه، و الحوار بشتى أنواعه لا يقوم إلا بين ذاتين مختلفتين، فالأصل في الكلام إذن هو الحوار، و الأصل في الحوار الاختلاف، فلولا وجود الاختلاف لما احتاج الإنسان إلى أن يتحاور أصلا، من هنا، فالذي يضيق ذرعا بالاختلاف إنما يضيق من ميزة وهبها الله للإنسان، ألا و هي العقل. غير أن ماهية الإنسان المتمثلة في أخلاقياته، تفرض علينا أن نضفي مسحة أخلاقية على حياتنا كلها، فضلا عن حواراتنا الكثيرة المتكاثرة، إذ أن الإيمان بالاختلاف كنقيض للنزعات الدوغمائية العقدية يفتح باب فعل التفلسف على مصراعيه، و معلوم أنه لا مجال لممارسة فعل الفلسفة من غير استحضار الأخلاق. إن الدين إذن حتى يكون مجالا خصبا لفهم الاختلاف و التنوع، بل و تفهّمه، علينا أن نجعله يستسيغ الاختلاف، و يقبل الحجاج العقلي، إنها دعوة مفتوحة لتجديد علم الكلام أو إحداث فلسفة للدين تنأى عن محاكمة النوايا و إطلاق الكلام على العواهن، و صرخة عقل نافذة للتفكير و الاسترسال في التفكير عن طريق مواصلة السؤال، غير أنه سؤال مسؤول، و مسؤوليته نتلمسها في مسألتين : مسؤولية طرح السؤال كمهمة أخلاقية، فلا يطرح من الأسئلة إلا ما لنا فيه حاجة، و بالطريقة الأنسب، و مسؤولية تقديم الجواب الأنسب، و هي مهمة عقلانية. تعقيل الحوارات و تخليقها هي التي من شأنها أن تكون بردا و سلاما على حر الاختلافات المذهبية، و تدفع آفات الحوار.

التقريب.. بأي معنى؟

الدعوة إلى التقريب بين المذاهب عموما، و السنة و الشيعة بالخصوص، يحتاج إلى تمهيد، أو بعبارة أدق إلى "تقريب التقريب"، و ذلك على مستويين، أولهما على مستوى الوعي الجماهيري للأمة المسلمة، فالتقريب بين المذاهب، ليست دعوة محدثة، بقدر ما هي أصل قرآني متأصل، مستخرج بإعمال الأصل الفقهي-العقلي "القياس" الذي لم يشذ في حجيته إلا شرذمة من الظاهرية، فلما كان التقريب بين الأديان مع ما بينها من الشرخ و بعد الشقة و عمق الاختلاف دعوة قرآنية واضحة، يكون التقريب بين الأطراف المتنازعة فكريا على مستوى الدين الواحد أوضح و أوجب، يقول تبارك و تعالى "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" ، إن تأمل الآية الكريمة، من شأنه أن يرسم لنا بعض المعالم في طريقنا لنشدان التقريب، فهذا الأخير دعوة إلى السمو بالنفس عن سفاسف الأمور التي قد تفرق بين بني البشر جميعا، ففي قوله تعالى "و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله" تلميح جلي إلى جعل "الألوهية" نواة لكل فكرة وحداوية، و نبذ كل ما قد يوقع في نزاعات و الاتحاد على "كلمة سواء"، و من هذا الأخير يتفرع بعض مبادئ التقريب كالتركيز على المتفق عليه، و التعاون على إبرازه و ذلك بغية تحقيق اللحمة المنشودة و رأب الصدع و تقليص المسافات بين المختلفين، شرط أن لا نغلو في التقريب فنقع في الدمج، أعني أن التمايز بين المذاهب ينبغي أن يظل ثابتا، دون مزج مذهب مع آخر للحصول على مذهب مشوه ممسوخ، و ذلك بأن يذوب أحد المذاهب في بوثقة الآخر، أو يتخلى أحدهما عن بعض مواقفه من أجل وفاق صوري، أو يتبنى أحدهما فكرة معينة غير مقتنع بها، و قد وجدت مثل هذه التوفيقات – بالأحرى التلفيقات- في بعض مواقف الأستاذ محمد سليم العوا، و في مسألة خطيرة و هي الإمامة، و هو في ذلك يتبع رأي الشيخ الشيعي محمد مهدي شمس الدين –الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان- ، يقول محمد سليم العوا في كتابه "الفقه الإسلامي في طريق التجديد" : " وخلاصة رأيه –أي هذا الشيخ الشيعي- أن السنة و هم يقرون بمبدأ حق الأمة في الاختيار الذي تتم على أساسه بيعة الخليفة و توليته، و الشيعة و هم يعتقدون أن الإمام الثاني عشر لا يزال غائبا، و لا يعلم إلا الله متي تتحقق عودته، فإن الأمة تسترد في زمن الغيبة ولايتها، و يكون لها بطريق الاختيار و الانتخاب أن تعين الحاكم أو الحكام. و تمنحهم بإرادتها ولاية محدودة زمنا أو موضوعا. و هذا الحق يتفق عليه أهل السنة عملا بمبدأ حق الأمة في الاختيار، و يتفق عليه الشيعة مادام الإمام المعصوم غائبا. و هكذا تصبح الحكومة الإسلامية المقيمة للشريعة حكومة توليها الأمة و تغيرها بإرادتها الحرة، و بذلك تجتمع كلمة الفرقتين الكبيرتين : السنة و الشيعة". إن مثل هذه التأويلات تذكّر بتلفيقات بعض الفلاسفة المسلمين الذين حاولوا أن يجمعوا بين القول بقدم العالم و حدوثه، كما نجد مثلا عند الفارابي في نظرية الفيض الخرافية. إن الاختلافات السياسية بين السنة و الشيعة ينبغي أن تتناول على صعيد آخر و بمقاربة أعمق، و ذلك بالانطلاق من كون السياسة لعدم ورود نصوص قطعية الدلالة تنظم حقلها، بل مجرد كليات و مبادئ مجملة، ينبغي أن تعتبر من الفروع لا من الأصول كما يعتقد الشيعة، و أنه لا كفر و لا إيمان يلزم من فعل سياسي، أما مثل هذه التقريبات القشورية التي لا تنفذ إلى لب القضايا فمن شأنها أن تبعد الشقة بين السنة و الشيعة، أو على الأقل أن تنشئ وعيا زائفا.

بعد تقريب التقريب، يكون بالإمكان الحديث بارتياح كبير عن "تقرير التقريب"، و هذا هو المستوى الثاني، و الحق أن "تقريب التقريب" مهمة صعبة جدة، إذ أن أحادية الفكر السائدة و عدم الإيمان بالتعددية عند الجمهرة الغفيرة من المسلمين، تستوجب تكثيف الجهود و المساعي لتربية الأجيال على قبول الاختلاف و الإيمان بالتعدد، و عندئذ يمكن رسم خارطة للتقريب بين المذهبين الشيعي و السني، لا بدفن الموروث المختلف فيه أو بدفن رؤوسنا أمام الموروث، و إنما بالمناقشة و الحوار في جو تعايشي قائم على التسامح و الاحترام، و ينأى عن الاستفزاز و الابتزاز و التنابز بالألقاب، و الأهم من ذلك بربط القول بالعمل، فكثيرا ما نجد باحثين يتحدثون عن التقريب، فما أن يتناولوا قضايا تاريخية حتى يسلون سيوفهم و يطلقون العنان لألسنتهم للمز أهل السنة و القدح في أعلامها بأساليب صبيانية منحطة، و في الباحث المغربي إدريس هاني نموذج حي على ذلك، فإلقاء نظرة سريعة عابرة على كتابه "لقد شيعني الحسين" من شأنه أن ينقص من مصداقية ما يقول هذا الباحث بخصوص التقريب السنة و الشيعة، فكيف لنا أن نقترب ممن يرى في تاريخ أهل السنة نسخة لما يروّج في "جامع الفنا" بتعبير إدريس هاني؟ و هل تاريخنا الذي نتحرى فيه صحة السند و عدالة الرواة يشبه تاريخ كان يا مكان و كان في قديم الزمان كما يقول هذا الباحث؟ و هل السنة تغذي نزعة التمويه و التجهيل على حد تعبيره دائما؟ و ما الفرق بين إدريس هاني و ياسر الحبيب، ألم يصف إدريس هاني في كتابه هذا عائشة رضي الله عنها بالجاهلية لأنها خرجت على علي –حسب المزاعم-؟ و الكتاب كله لا يخلو من مواضع قلقة، فصاحبه لم يتحل بالحكمة و التبصر، بل إن طيشه و حماسه و تشبعه بثقافة "آخر ما قرأت" كما كان يسميها المرحوم الجابري، جعلته يحيد عن الوسطية التي طالما تغنى بها في مقالاته، و يقدم صورة نموذجية للمثل العربي "أسمع جعجعة و لا أرى طحنا" و "أسمع كلامك يعجبني، أرى أفعالك أتعجّب"، فقاتل الله الجهل...

إن ما ينبغي أن نعيه جيدا أن فكرة التقريب بين المذاهب على المستوى المؤسساتي حديثة، و هو مشروع فتي غير واضح المعالم، من هنا ندرك أهمية الإسهاب في تقرير التقريب بعد تقريبه.

التعقيل و التخليق في تناول صدر التاريخ الإسلامي

أعود فأقول، إن التقريب لا بد أن يقوم على مبدأين : التعقيل و التخليق، و سنحاول أن نبين كيف لهذين المنهجين أن يعينا في تأطير التناول الجدي لمسألة كثر فيها اللغط، و هي الخلافات التي نشبت بين الصحابة رضوان الله عليهم، بدءا من السقيفة و مرورا بالجمل و صفين و غيرهم، أما "النهروان" التي استشهد فيها علي رضي الله عنه و أرضاه فلا أظن أن المسألة خلافية بين السنة و الشيعة، مادام الصحابة لم يشاركوا في هذه الحرب ضد علي، بل إن أنصار علي من الخوارج هم الذين انقلبوا و أعلنوها حربا عليه، و كل من السنة و الشيعة يحزنون على هذه النهاية المأساوية لهذا الصحابي الجليل التي لا تختلف عن نهاية كل من عمر و عثمان رضي الله عنهما بشهادة الرسول صلى الله عليه و سلم، ففي صحيح البخاري أن النبي (ص) قال : "اُثبت أحدُ فإن عليك نبي و صدّيق(= أبو بكر) و شهيدان(= عمر و عثمان)". إن التعقيل في تناول التاريخ يكون بتحري النجوع في المنهج الموظف لقراءته، فمعلوم أن طبيعة الموضوع هي التي تحدد المنهج الأنسب المتوسل به في تذليل صعاب الموضوع، و لم تعرف أمة منهجا صارما في نقد الروايات كمنهج المسلمين المسمى "علم مصطلح الحديث"، يقول الإمام السيوطي في تعريفه :


علم الحديث ذو قوانين تحد يدرى بها أحوال متن و سند

فذانك الموضوع و المقصود أن يعرف المقبول و المردود

و قد اشترط أهل الحديث في صحة الأثر خمسة شروط في غاية الدقة، و هي : اتصال السند، عدالة الرواة، كمال الضبط (و من لم يكن ضابطا ضبطا جيدا فحديثه يصير حسنا)، ثم عدم الشذوذ بأن يخالف الثقة من هو أوثق منه، و عدم العلة و هي أسباب خفية تقدح في صحة الأثر. و قد وجدت من المفكرين المعاصرين من وظف هذا المنهج في نقد الروايات الواردة في الخلافات القائمة بين الصحابة، و هو الدكتور في التاريخ الإسلامي المفكر الجزائري خالد كبير علال، و له في ذلك مؤلفات قيمة مثل "بحوث حول الخلافة و الفتنة الكبرى" و "تحقيق مواقف الصحابيين طلحة و الزبير في الفتنة الكبرى" و "قضية التحكيم في موقعة صفين بين الحقائق و الأباطيل" و "الثورة على سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه –دراسة في أسبابها الظاهرة و الخفية-" و غيرهم من البحوث المفيدة في هذا المجال.

و أما التخليق فيكون بالتزام الضوابط و القيم الأخلاقية الإسلامية، فلا غلو و لا شطط، و التماس الأعذار للخصوم، و التعامل مع الموروث بحس نقدي منصف، و هو الذي وجدته كثيرا في تناول شيخ الإسلام ابن تيمية للتاريخ الإسلامي، فكان دائما ينقم على الشيعة مؤاخذتهم على الصحابة أمورا قد وقع في مثلها علي بن أبي طالب، و كمثال على ذلك اتهام عثمان بن عفان بتخصيص أهله بالولاية، مع أن عليا فعل الشئ نفسه عند التحقيق، ثم ترك السب و اللعن و الشتم، فليس المؤمن بالطعان و لا باللعان و لا بالفاحش و لا بالذئ كما قال عليه الصلاة و السلام، ثم الاعتراف بالجميل، فلا نتحامل على من سيئاته قد غرقت في بحر حسناته، فهذا من طبع اللئام أو كما يقول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله أن تصيد الأخطاء و اتباع العثرات و السقطات لا تصدر إلا من صاحب "نفس خنزيرية"، و هو ذاك الذي يمر بطيبات و لا يقع إلا على خبائث. و كذلك تحري الأمانة العلمية و العدالة الشرعية فلا نقوّل الخصم ما لم يقل، و لا نعمم ما هو في حكم الشاذ، و نحترز من وصف الخصم بما يكره، فمتى كان أهل السنة ينصبون العداوة لأهل البيت حتى يرميهم خصومهم بـ "الناصبة"؟

هكذا بالوعي بحتمية الاختلاف و ضرورة الائتلاف، نجد أنفسنا مرغمين على استئناف الحوار، و بروح عقلانية تحرص على نجوع الوسائل و النفع في المقاصد نستطيع أن نسير في طريق بناء حداثة إسلامية، إننا فعلا في حاجة إلى ما يسميه الدكتور طه عبد الرحمن في كتابه "سؤال الأخلاق" إلى عقل مؤيد.

المقال في المدونة هنا (http://adiltahiri.maktoobblog.com/225/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%a8-%d8%ad%d8%af%d9%88%d8%af-%d9%88-%d8%a2%d9%81%d8%a7%d9%82/)

داعية السلام
11-24-2010, 11:37 PM
شكراً جزيلاً لك على الطرح أخي متعلم أمازيغي ..

من وجهة نظري المتواضعة : أرى أن معضلة التقارب والائتلاف يقف أمامها حاجز أخلاقي أولاً وليس حاجز علمي أو معرفي ..

بمعنى أن هناك أسباب نفسية وأخلاقية تجعل أمر التقارب شبه مستحيل , لأنه لو كان الحاجز مجرد حاجز علمي معرفي : ألم تذبه ثورة الاتصالات ؟ ألم يصبح من المتاح لأهل المذهب الفلاني أن ييقرأوا أصول المذهب الآخر من كتبه لا من كتب خصومه ؟ طبعاً متاح ! ولكن القراءة غالباً ما تكون ( مُوَجّهة ) وذات خلفيات فكرية مسبقة .. بمعنى ماذا ؟

بمعنى أنك لو كنت تعتقد أنك تقرأ لشخص مسلم يصلي ويحب الله ورسوله وأمنيته نصرة الإسلام شئ , وأن تعتقد بأنك تقرأ لشخص مجرم شيطان خلف جدار شئ آخر تماماً !

ثم مع كثرة الحوار قد تظهر بعض دلائل الحق الذي وهبه الله لأهل المذهب الآخر من عباد الله المسلمين : فيرد المتحاور الحق الصراح لأجل نصرة مذهبه أو لأجل انتصاره هو !

المهم أن الحاجز بعد كل هذه الأزمنة المتطاولة ليس حاجزاً معرفياً أبداً ..

والسلام عليكم ورحمة الله ..