abd_allah_ehab
12-14-2010, 01:35 PM
من آنسه قراءة القرآن لم توحشة مفارقة الأخوان .
من قرأ القرآن الكريم لابد له من عبرة على خدية نزلة , ورقة فى قلبه داخلة , وشفقة على الكائنات مثمرة , ولما لا ؟ وفيه من آيات الرحمة والمغفرة ما يبكى من سماعها العصاة والجبارون , وفيها من آيات العذاب والوعيد ما يبكى من خشيتها الطائعون والمخبتون , وهذا القرآن الذى فيه ذكر الله تعالى وتقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم , وهو الذى لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله تعالى , وحال المؤمنين مع القرآن تجده فى السحر يوم باتت العيون مغمضة , والألسن مبيتة , والأجسام على الآسرة راقدة , فإذ بقيام الليل نادى عاشقية وقد لبى كل مُنَادى بالصلاة وفيها الحمد لله رب العالمين وإذا بالخاشعين يبكون ويزيدهم خشوعا , حالهم كمن قال :
بَكَى البَاكُونَ لِلرَّحمنِ لَيلاً
وبَاتُوا دَمعُهُم ما يَسأَمُونَا
بِقَاعُ الأَرضِ من شوقي إِليهم
تَحُنُّ متى عَليها يَسجُدونا
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبكى عند استماع القرآن من غيره كما قال عبد الله بن مسعود قال قال لي النبي صلى الله عليه و سلم ( اقرأ علي ) . قلت يا رسول الله آقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال ( نعم ) . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا "(41:النساء) . قال ( حسبك الآن ) . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . رواه البخارى .
وكان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج ، كثير البكاء , و كان في خد عمر رضي الله عنه خطان من آثار الدموع , وكان علي رضي الله عنه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع , وكان ابن عمر إذا قرأ " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " (16: الحديد) بكى حتى يغلبه البكاء , وقال ابن عباس فى قول الله تعالى " وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ "(83:المائدة ) نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه، الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن بكوا حتى أخضلوا لحاهم قال سعيد بن جُبَير والسُّدِّي وغيرهما: نزلت في وَفْد بعثهم النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوا كلامه، ويروا صفاته، فلما قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن أسلموا وبَكَوا وخَشَعوا، ثم رجعوا إلى النجاشي فأخبروه.
أما عن حال الباكين المعاصرين فهذا الشيخ خالد الغامدى يقرأ أياتٍ من سورة ال عمران حتى إذا وصل إلى قول الله تعالى " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ " (195: ال عمران) بكى حفظة الله وهذا الشيخ أحمد العجمى يقرأ فى سورة ص حتى بكى حفظة الله تعالى وهذا الشيخ سعود الشريم يبكى بكاء شديداً وهو يقرأ سورة الفاتحة حفظة الله تعالى , رجال وقع القرآن فى قلوبهم وعلى سمعهم فهم فى نور من نور , وهذه المعانى الرقيقة بين المؤمنين وبين القرآن الكريم لايعرفها النصارى , لا عوام ولا علماء إن جاز أن فيهم علماء , وكيف يسيرون بكتابهم إلى طريق البكاء بالليل والنهار , سراً وعلانية , وعندهم أن سليمان قد مات على الشرك وقد غفر له لمحبة الرب لوالده , وكيف يتذوقون لذة البكاء والخوف والوجل والرهبة والرغبة إلى ملك الملوك وعلام الغيوب وليس عندهم وصفاً للجنة والنار كما هو للمسلمين , وكيف يبكون من كتاب أصابة اللمس والمس واللبس والسحر والصرع والجنون والسبات والغفلة وكله تحريف على تحريف , وشطط على شطط , وإضافة على إضافة إلا نذر يسير ثم يقولون هذا من عند الله , فمن تاه فى كتاب النصارى صعب عليه أن يجتمع على القرآن الكريم .
فما سمعنا أن قساً كغراب الليل بكى من قراءة كتابهم ولا شهق من سماع آية عندهم بل كثير من الأتباع لا يفهمون ما يقال فى الأعياد والمراسم والقداس , حتى من كبراء القوم فهو خلط بين الأرامية واليونانية والعبرية وتشوه لما ترجم إلى اللغة العربية ,فهو تحريف بشتويه , فليتنا نرى أناساً يبكون من سماع الكتاب المقدس هذا !
أفلا يتدبرون القرآن .
أفلا يتدبرون القرآن , هؤلاء الذين طعنواْ فى كتاب ربنا , وخاضواْ فيه بجهل دون أن ينظرواْ فيه أو نظرواْ فيه بلا تدبر , أفلا يقارنواْ بين الوحى المنزل وبين النقش المدون , هذه قاعدة جليلة علمية قل ما تجدها فى كتب القوم , أنه لو كان هذا القرآن من عند غير الله لوجدنا فيه أختلافاً كثيراً , والحمد لله أن ثبت لنا هذا لما نظرنا فى كتاب الله , فانعجم البليغ فى المقال , وساوت الأدباء والشعراء والبلغاء والصرفيون والنحويون عند قول واحد , سبحانك , وأما الكتاب المقدس ففيه من الأخطاء الأعرابية ما الله به عليم , فضلاً عن إختلاف الأناجيل وكاتبيها , ففيها من الأختلافات بين الأنجيل والآخر ما بين السماء والأرض , فثبت لنا أن الكتاب الحق ما ثبت عند التأملات والنظرات المدققات وعلامات صدقه عدم الأختلاف , فطبق إيها القس الحزين على كتابك وأخبرنى بما تخلص .
إستعاذة بالله الواحد الأحد .
فإذا قرأت القرآن , هؤلاء الكهان العميان يقرئون القرآن بنجاستهم الحسية والمعنوية , ولذا هم يحرمون كثيراً مما فى القرآن الكريم , ومساكين هم , فمن أين تعلمواْ الطهارة , ومن أين تعلمواْ إزالة النجس وارتفاع الحدث , وزاواْ على ذلك عدم إستعاذهم من الشيطان الرجيم الذى هو بعلزبول عندهم وهم يتعرفون بسلطانه على المؤمنين فى كتابهم , فإذا صنع القس منهم هذا وإستعاذ بالله الواحد الأحد من الشيطان الرجيم يوشك أن يقرأ القرآن بعين صافية وضمير مستريح وقلب واعى و عقل راشد ,وهذا كله بعد أن يغتسل , فيفتح الله له بنور آية كما فتح على كثير من القساوسة والرهبان ودخلواْ فى دين رب الأنام , فلا تعاملواْ القرآن الكريم كما تعاملواْ الأنجيل , فإذا جاز لكم تلاوة الأنجيل فى المراحيض كما هى الفتوى المشهورة , فلا يجوز حمل القرآن بدون طهارة , فأغتسلواْ واتلواْ القرآن تعلمواْ عن رب الأنام .
الدعوة الصريحة فى عجز الثقلين .
لا يأتون بمثله , لو أجتمعت الوثنية الثالوثية المقدسة مع الصهيونية اليهودية مع الجن وباقى الأنس ما أستطاعواْ أن يأتواْ بمثل هذا القرآن , والدعوة مذ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم يرفع القرآن من الصدور والسطور , ولقد تحدى الله تعالى الناس جميعاً أن يأتواْ بمثله فما أجابواْ , وبعشر سورة مفتريات فما لبُّواْ , وبسورة من مثلة فما نطقواْ , وبحديث وهو أصغر من أصغر سور القرآن فما راحواْ ولا حطواْ , وهذه الأسفار التى بين الكتاب المقدس تحمل قداسةً مفبركة , إذ أن الناس قد أتواْ بأسفار كاملة حتى أختلط الكل ببعض ولأن المصدر واحد لم يعلم من أفضل مِنْ من إلا بالأقتراع وحظ النفس والشيطان والبركة فى المجامع النصرانية , وعلى بركة الرب , فلما كتبت الأسفار على الطريقة البشرية سهل على الناس نقضها , والقبض على أسفار مزيفة ومنحولة , وتوجيه الأتهامات لها ولغيرها وليس هذا من المسلمين بل من إبناءهم وفلذة أكبادهم , ولا تزال الدعوة إلى القرآن الكريم قائمة ولن تجد لها سبيل على طريقة لن المعتزلية إن كانواْ يفهمون .
إذعان المؤمنين بالقرآن العظيم .
لقد آمن الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بما أنزل إليهم من ربهم , كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر خيره وشره , ولما استمعت الجن للقرآن الكريم ذهبواْ إلى أقوامهم منذرين , رغبواْ ورهبواْ , قالواْ سمعنا قرآناً عجباً , يهدى إلى الرشد به آمنا , أجيبواْ وإلا , فهو إذعان من الثقلين ممن آتاهم الله قلوبنا نابضة , وعقولاً متدبرة , لا تستكبر على نور القرآن ولا آياته , وهذا الكتاب المقدس الآن ما سمعنا بأن فيه دعوة صريحة للجن لقبول الفادى والمخلص , بل ولا حتى للناس جميعاً ولقد علمتم أن المسيح الرسول أرسل إلى خراف بنى أسرائيل الضالة , ومن الطرائف أن المسيح عليه السلام لن يعرف هؤلاء الذين قبلوه فى الدنيا من العرب , ولهذا لسببين لأنه رسول من الله , ولأنه مرسل إلى بنى إسرائيل , فيا حسرتهم فى الآخرة ويا ضيعتهم فى الدنيا , خسرواْ الدنيا والآخرة .
شفاء رب العالمين
.
وينزل الله من القرآن ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين , فهو الطبيب المعالج , وهو الدواء الشافى بإذن رب المشارق , فيه شفاء لما فى الصدور والأبدان , إذا عرضت الشبهات على القلوب فهو هادمها عن بكرة أبيها , وأن دخلت الشهوات فهو نازعها وجعل الأيمان فيها , كم من آية فيها توحيد وكم من آية فيها توضيح لما يضمر الأنسان فى قلبها , حتى هذه الأمور التى لا يجوز للعقل الخوض فيها لم تترك بل أُمرنا فى القرآن أن لا نسأل عن أشياء أن تبد لنا تسوئنا , حتى تنقطع كل الوساوس الشيطانية والنفسية والقسيسية والرهبانية , فليس لهذه الشبهات عندنا مكان , وكذا الأمراض العضوية فإن القرآن فيه الرقية الشرعية تشفى بإذن رب البرية , حتى المصروعين بالجن والعفاريت فإن آية واحدة شفاء لهم , ولا يحتاج المعالجون إلى تلاوة القرآن كله بل لو بآية الكرسى ففيها قمع للجآن والعفاريت , ولن تجد ذلك أبداً فى أى كتاب آخر , وهذا الكتاب المقدس على ما فيه من مائات النصوص الوحيية كما يزعمون لا تجدها تشفى عليلا فى باب التوحيد , ولا غيره وهو الركن الركين والطريق القويم , لا يشفى أى مريد لمعرفة التوحيد بأقسامه الثلاثة , فهو فى باب الألوهية شرك محض وكفر صدق , دعوة صريحة إلى تأليه المسيح مع عدم ثبوثها عنه وعن المخطوطات التى نقلت منها , لكنها تدعواْ إلى الأشراك بالله تحت دعوى المحبة والفداء والخطيئة , بل أن الرب قد غفر لسليمان كما فى توراتهم وقد مات على الشرك لأن الرب قد أحب أباه , وعن توحيد الربوبية فيه تشويش عظيم , إذ لما خلعواْ العبادة للمسيح جعلواْ الخلق والتدبير والرزق والتغيير لجزء من الإله وللأقنوم , بل إن كتابهم يسلب القدرة من ربهم وخالقهم لما صارع اسرائيل رب البلاد والعباد كما يقولون , فتعالى الله عما يقولون , وعن توحيد الأسماء والصفات فكتابهم وإن دل على شىء من جانب الصفات العليا والآسماء الحسنى فى نص فأنه ينقض المتقضى واللازم فى نصوص آخر , فهم معطلة فرت من قسورة , فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟
من قرأ القرآن الكريم لابد له من عبرة على خدية نزلة , ورقة فى قلبه داخلة , وشفقة على الكائنات مثمرة , ولما لا ؟ وفيه من آيات الرحمة والمغفرة ما يبكى من سماعها العصاة والجبارون , وفيها من آيات العذاب والوعيد ما يبكى من خشيتها الطائعون والمخبتون , وهذا القرآن الذى فيه ذكر الله تعالى وتقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم , وهو الذى لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله تعالى , وحال المؤمنين مع القرآن تجده فى السحر يوم باتت العيون مغمضة , والألسن مبيتة , والأجسام على الآسرة راقدة , فإذ بقيام الليل نادى عاشقية وقد لبى كل مُنَادى بالصلاة وفيها الحمد لله رب العالمين وإذا بالخاشعين يبكون ويزيدهم خشوعا , حالهم كمن قال :
بَكَى البَاكُونَ لِلرَّحمنِ لَيلاً
وبَاتُوا دَمعُهُم ما يَسأَمُونَا
بِقَاعُ الأَرضِ من شوقي إِليهم
تَحُنُّ متى عَليها يَسجُدونا
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبكى عند استماع القرآن من غيره كما قال عبد الله بن مسعود قال قال لي النبي صلى الله عليه و سلم ( اقرأ علي ) . قلت يا رسول الله آقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال ( نعم ) . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا "(41:النساء) . قال ( حسبك الآن ) . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . رواه البخارى .
وكان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج ، كثير البكاء , و كان في خد عمر رضي الله عنه خطان من آثار الدموع , وكان علي رضي الله عنه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع , وكان ابن عمر إذا قرأ " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " (16: الحديد) بكى حتى يغلبه البكاء , وقال ابن عباس فى قول الله تعالى " وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ "(83:المائدة ) نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه، الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن بكوا حتى أخضلوا لحاهم قال سعيد بن جُبَير والسُّدِّي وغيرهما: نزلت في وَفْد بعثهم النجاشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوا كلامه، ويروا صفاته، فلما قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن أسلموا وبَكَوا وخَشَعوا، ثم رجعوا إلى النجاشي فأخبروه.
أما عن حال الباكين المعاصرين فهذا الشيخ خالد الغامدى يقرأ أياتٍ من سورة ال عمران حتى إذا وصل إلى قول الله تعالى " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ " (195: ال عمران) بكى حفظة الله وهذا الشيخ أحمد العجمى يقرأ فى سورة ص حتى بكى حفظة الله تعالى وهذا الشيخ سعود الشريم يبكى بكاء شديداً وهو يقرأ سورة الفاتحة حفظة الله تعالى , رجال وقع القرآن فى قلوبهم وعلى سمعهم فهم فى نور من نور , وهذه المعانى الرقيقة بين المؤمنين وبين القرآن الكريم لايعرفها النصارى , لا عوام ولا علماء إن جاز أن فيهم علماء , وكيف يسيرون بكتابهم إلى طريق البكاء بالليل والنهار , سراً وعلانية , وعندهم أن سليمان قد مات على الشرك وقد غفر له لمحبة الرب لوالده , وكيف يتذوقون لذة البكاء والخوف والوجل والرهبة والرغبة إلى ملك الملوك وعلام الغيوب وليس عندهم وصفاً للجنة والنار كما هو للمسلمين , وكيف يبكون من كتاب أصابة اللمس والمس واللبس والسحر والصرع والجنون والسبات والغفلة وكله تحريف على تحريف , وشطط على شطط , وإضافة على إضافة إلا نذر يسير ثم يقولون هذا من عند الله , فمن تاه فى كتاب النصارى صعب عليه أن يجتمع على القرآن الكريم .
فما سمعنا أن قساً كغراب الليل بكى من قراءة كتابهم ولا شهق من سماع آية عندهم بل كثير من الأتباع لا يفهمون ما يقال فى الأعياد والمراسم والقداس , حتى من كبراء القوم فهو خلط بين الأرامية واليونانية والعبرية وتشوه لما ترجم إلى اللغة العربية ,فهو تحريف بشتويه , فليتنا نرى أناساً يبكون من سماع الكتاب المقدس هذا !
أفلا يتدبرون القرآن .
أفلا يتدبرون القرآن , هؤلاء الذين طعنواْ فى كتاب ربنا , وخاضواْ فيه بجهل دون أن ينظرواْ فيه أو نظرواْ فيه بلا تدبر , أفلا يقارنواْ بين الوحى المنزل وبين النقش المدون , هذه قاعدة جليلة علمية قل ما تجدها فى كتب القوم , أنه لو كان هذا القرآن من عند غير الله لوجدنا فيه أختلافاً كثيراً , والحمد لله أن ثبت لنا هذا لما نظرنا فى كتاب الله , فانعجم البليغ فى المقال , وساوت الأدباء والشعراء والبلغاء والصرفيون والنحويون عند قول واحد , سبحانك , وأما الكتاب المقدس ففيه من الأخطاء الأعرابية ما الله به عليم , فضلاً عن إختلاف الأناجيل وكاتبيها , ففيها من الأختلافات بين الأنجيل والآخر ما بين السماء والأرض , فثبت لنا أن الكتاب الحق ما ثبت عند التأملات والنظرات المدققات وعلامات صدقه عدم الأختلاف , فطبق إيها القس الحزين على كتابك وأخبرنى بما تخلص .
إستعاذة بالله الواحد الأحد .
فإذا قرأت القرآن , هؤلاء الكهان العميان يقرئون القرآن بنجاستهم الحسية والمعنوية , ولذا هم يحرمون كثيراً مما فى القرآن الكريم , ومساكين هم , فمن أين تعلمواْ الطهارة , ومن أين تعلمواْ إزالة النجس وارتفاع الحدث , وزاواْ على ذلك عدم إستعاذهم من الشيطان الرجيم الذى هو بعلزبول عندهم وهم يتعرفون بسلطانه على المؤمنين فى كتابهم , فإذا صنع القس منهم هذا وإستعاذ بالله الواحد الأحد من الشيطان الرجيم يوشك أن يقرأ القرآن بعين صافية وضمير مستريح وقلب واعى و عقل راشد ,وهذا كله بعد أن يغتسل , فيفتح الله له بنور آية كما فتح على كثير من القساوسة والرهبان ودخلواْ فى دين رب الأنام , فلا تعاملواْ القرآن الكريم كما تعاملواْ الأنجيل , فإذا جاز لكم تلاوة الأنجيل فى المراحيض كما هى الفتوى المشهورة , فلا يجوز حمل القرآن بدون طهارة , فأغتسلواْ واتلواْ القرآن تعلمواْ عن رب الأنام .
الدعوة الصريحة فى عجز الثقلين .
لا يأتون بمثله , لو أجتمعت الوثنية الثالوثية المقدسة مع الصهيونية اليهودية مع الجن وباقى الأنس ما أستطاعواْ أن يأتواْ بمثل هذا القرآن , والدعوة مذ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم يرفع القرآن من الصدور والسطور , ولقد تحدى الله تعالى الناس جميعاً أن يأتواْ بمثله فما أجابواْ , وبعشر سورة مفتريات فما لبُّواْ , وبسورة من مثلة فما نطقواْ , وبحديث وهو أصغر من أصغر سور القرآن فما راحواْ ولا حطواْ , وهذه الأسفار التى بين الكتاب المقدس تحمل قداسةً مفبركة , إذ أن الناس قد أتواْ بأسفار كاملة حتى أختلط الكل ببعض ولأن المصدر واحد لم يعلم من أفضل مِنْ من إلا بالأقتراع وحظ النفس والشيطان والبركة فى المجامع النصرانية , وعلى بركة الرب , فلما كتبت الأسفار على الطريقة البشرية سهل على الناس نقضها , والقبض على أسفار مزيفة ومنحولة , وتوجيه الأتهامات لها ولغيرها وليس هذا من المسلمين بل من إبناءهم وفلذة أكبادهم , ولا تزال الدعوة إلى القرآن الكريم قائمة ولن تجد لها سبيل على طريقة لن المعتزلية إن كانواْ يفهمون .
إذعان المؤمنين بالقرآن العظيم .
لقد آمن الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بما أنزل إليهم من ربهم , كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر خيره وشره , ولما استمعت الجن للقرآن الكريم ذهبواْ إلى أقوامهم منذرين , رغبواْ ورهبواْ , قالواْ سمعنا قرآناً عجباً , يهدى إلى الرشد به آمنا , أجيبواْ وإلا , فهو إذعان من الثقلين ممن آتاهم الله قلوبنا نابضة , وعقولاً متدبرة , لا تستكبر على نور القرآن ولا آياته , وهذا الكتاب المقدس الآن ما سمعنا بأن فيه دعوة صريحة للجن لقبول الفادى والمخلص , بل ولا حتى للناس جميعاً ولقد علمتم أن المسيح الرسول أرسل إلى خراف بنى أسرائيل الضالة , ومن الطرائف أن المسيح عليه السلام لن يعرف هؤلاء الذين قبلوه فى الدنيا من العرب , ولهذا لسببين لأنه رسول من الله , ولأنه مرسل إلى بنى إسرائيل , فيا حسرتهم فى الآخرة ويا ضيعتهم فى الدنيا , خسرواْ الدنيا والآخرة .
شفاء رب العالمين
.
وينزل الله من القرآن ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين , فهو الطبيب المعالج , وهو الدواء الشافى بإذن رب المشارق , فيه شفاء لما فى الصدور والأبدان , إذا عرضت الشبهات على القلوب فهو هادمها عن بكرة أبيها , وأن دخلت الشهوات فهو نازعها وجعل الأيمان فيها , كم من آية فيها توحيد وكم من آية فيها توضيح لما يضمر الأنسان فى قلبها , حتى هذه الأمور التى لا يجوز للعقل الخوض فيها لم تترك بل أُمرنا فى القرآن أن لا نسأل عن أشياء أن تبد لنا تسوئنا , حتى تنقطع كل الوساوس الشيطانية والنفسية والقسيسية والرهبانية , فليس لهذه الشبهات عندنا مكان , وكذا الأمراض العضوية فإن القرآن فيه الرقية الشرعية تشفى بإذن رب البرية , حتى المصروعين بالجن والعفاريت فإن آية واحدة شفاء لهم , ولا يحتاج المعالجون إلى تلاوة القرآن كله بل لو بآية الكرسى ففيها قمع للجآن والعفاريت , ولن تجد ذلك أبداً فى أى كتاب آخر , وهذا الكتاب المقدس على ما فيه من مائات النصوص الوحيية كما يزعمون لا تجدها تشفى عليلا فى باب التوحيد , ولا غيره وهو الركن الركين والطريق القويم , لا يشفى أى مريد لمعرفة التوحيد بأقسامه الثلاثة , فهو فى باب الألوهية شرك محض وكفر صدق , دعوة صريحة إلى تأليه المسيح مع عدم ثبوثها عنه وعن المخطوطات التى نقلت منها , لكنها تدعواْ إلى الأشراك بالله تحت دعوى المحبة والفداء والخطيئة , بل أن الرب قد غفر لسليمان كما فى توراتهم وقد مات على الشرك لأن الرب قد أحب أباه , وعن توحيد الربوبية فيه تشويش عظيم , إذ لما خلعواْ العبادة للمسيح جعلواْ الخلق والتدبير والرزق والتغيير لجزء من الإله وللأقنوم , بل إن كتابهم يسلب القدرة من ربهم وخالقهم لما صارع اسرائيل رب البلاد والعباد كما يقولون , فتعالى الله عما يقولون , وعن توحيد الأسماء والصفات فكتابهم وإن دل على شىء من جانب الصفات العليا والآسماء الحسنى فى نص فأنه ينقض المتقضى واللازم فى نصوص آخر , فهم معطلة فرت من قسورة , فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟