المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رياض النعيم (7) هل الكافر مرحوم ؟!



ابوالمنذر
09-05-2005, 06:31 PM
7- هل الكافر مرحوم ؟!

سؤال قد يطرأ على ذهن المسلم لما يقرأ كتاب ربه الكريم ، ويقف وقفة تأمل عند بعض الآيات مثل قوله عزوجل:( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )( 1)
و قوله عزوجل( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ( 2)
وقوله عزوجل ( وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الشورى: من الآية5)
و يتردد داخل الإنسان تسؤالات منها :
هل الكافر له نصيب من الرحمة الربانية ؟
والكافر شئ .......! فما نصيبه من الرحمة ؟
وكذلك : هل له نصيب من الرحمة المحمدية ؟
وهو صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، والكافر من العالمين فما نصيبه من هذه الرحمة ؟

أولا: لابد أن نعلم أن رحمة الله عزوجل رحمة عامة تامة ، أي تنقسم في دراستنا إلى قسمين :
1) رحمة عامة شاملة .
2) رحمة خاصة تامة .

1) الرحمة العامة الشاملة :-
رحمة عامة لأنها عمت المؤمن والكافر ،و البر والفاجر،حتى الحيوان البهيم بل و الجماد الصلب العنيد ، و هي رحمة شاملة لأنها شملت جميع مناحي الحياة .
مذ كان الإنسان جنيناً في بطن أمه تقلب بيد الرحمة في أطواره كلها ، بل يوم كان نطفة دافقة من أبيه من بالرعاية أحاطه حتى إلى قرار أمه المكين أوصله ........................ أليست رحمة أرحم الراحمين ؟!
وما باله فمن بالعناية أحسن خلقه فإذا النطفة علقة فالعلقة مضغة فالمضغة عظاماً فكسي العظام لحماً فصوره فأحسن صوره ... .................أليست رحمة أرحم الراحمين ؟!
ثم بعد ذلك يسر له سبيلا فأخرجه، ثم من بين ترائب أمه لبن سائغاً سقاه من له أجراه ومن عليه أقدره ومن للرضاعة علمه .................. أليست رحمة أرحم الراحمين ؟!
ومن ...... ومن ...........وكم من رحمات فيها العبد يتقلب ................. ؟!
بل قل كم من رحمات به العبد يتقلب ؟!
فهو يتقلب في رحمة الله عزوجل برحمة الله عزوجل ، الرزق رحمة فهل منع الله عزوجل منه كافر لكفره ؟ أو فاجر لفجره ؟ وإنما هي للمؤمن منهم والكافر وللبر منهم والفاجر .
النعم التي يتقلب فيها الخلق من صحة وعافية وأموال وخيرات كلها من رحمة الله عزوجل فهل منع الله عزوجل منها الكفار ؟!
بل هم أكثر الناس فيها يتنعمون وبها يتمتعون. ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (3 ) ومن أعظم رحمات الله عزوجل رحمة إرسال الرسل و إنزال الكتب لرحمة الخلق بالهداية والدلالة على الله عزوجل ، وهذه رحمة عمت كل الأمم وشملت كما قال عزوجل ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (4 ) .
فهل حُرم الكافر رحمة البيان والدلالة ؟
قال ربي عزوجل ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى)(5 ) قال ابن القيم ’(فإن رحمته تمنع إهمال عباده وعدم تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم فمن أعطى اسم ( الرحمن ) حقه عرف أنه متضمن لإرسال الرسل وإنزال الكتب أعظم من تضمنه إنزال الغيث وإنبات الكلأ وإخراج الحب فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب وأدرك منه أولو الألباب أمرا وراء ذلك )(6 )
وقال الشيخ العثيمين ’ (7 )( وقوله عزوجل ]ربنا وسعت كل شيء رحمة[( 8): يدل على أن كل شيء وصله علم الله، وهو واصل لكل شيء، فإن رحمته وصلت إليه، لأن الله عزوجل قرن بينهما في الحكم ]ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما [.( 9)
وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات، حتى الكفار، لأن الله قرن الرحمة هذه مع العلم، فكل ما بلغه علم الله، وعلم الله بالغ لكل شيء، فقد بلغته رحمته، فكما يعلم الكافر، يرحم الكافر أيضاً.
لكن رحمته للكافر رحمة جسدية بدنية دنيوية قاصرة غاية القصور بالنسبة لرحمة المؤمن، فالذي يرزق الكافر هو الله الذي يرزقه بالطعام والشراب واللباس والمسكن و المنكح وغير ذلك).
وقد تظاهرت الأدلة على ذلك و منها ما أوردناه في الباب السابق ونذكر به على سبيل المثال لا الحصر:
- الرحمة الرزق قال عزوجل ( وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) (10 )
رزقه عزوجل مبذول لكافة خلقه مؤمنهم و كافرهم بل قد يكون أرزاق الكفار في دنياهم موفورة كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِناً حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِى الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِى الآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِى الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا »<رواه مسلم برقم 7267 واحمد بلفظ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُعْطَى عَلَيْهَا فِى الدُّنْيَا وَيُثَابُ عَلَيْهَا فِى الآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطِيهِ حَسَنَاتِهِ فِى الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُعْطَى بِهَا خَيْراً »رقم 12569 وذكره الألباني في الصحيحة برقم 2770 م /6>
- الرحمة النعمة قال عزوجل ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ) (11 )وقوله عزوجل( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) ( 12)
- الرحمة الغيث والمطر قال عزوجل ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 13)، وقوله عزوجل ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) ( 14)
- الرحمة الليل والنهار قال عزوجل ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)(15 )
- ما سخره الله من السفن العظيمة كأنها الجبال الرواسي في شموخها ، التي تمخر البحار وتجوب المحيطات ، والدواب المسخرة وما فتح على الإنسان من ألآت ميكانيكية كالسيارات على اختلاف أنواعها كما قال عزوجل ( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ(43)إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ(44) (يّـس)
( فسبحان اللَّه ما أحلمه ، وما أكرمه وما أرحمه ، يخلق ويُعْبَدُ غيرُه ، ويرزق ويُشكرُ سواه ، خيره إلى العباد نازل وشرهم إليه صاعد من الذين يدَّعون له الولد يصبر على أذاهم ويبعث إليهم بأرزاقهم ، عسى أن يصادف هذا الكرم عقلاً ذاكيًا أو قلبًا واعيًا أو نفسًا طيبة أو فطرة سليمة تفيق من غفوتها وترجع عن ضلالتها تعرف ربَّها فتعبده وحده وتحبه وحده سبحانه وتعالى .
وعن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه قال : قال النبي ص : (( ما أحدٌ أصبر على أذى سمعه من اللَّه يدَّعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ))( 16) .
هذه رحمته سبحانه بمن أشرك به ، فكيف رحمته بمن وحَّده وعبده وأطاعه وأحبه وأحب رسوله وجاهد في سبيله)(17 ) .


2 - الرحمة الخاصة التامة :-
الرحمة الخاصة التامة هي تلك المذكورة آنفاً في كلام ابن القيم ’ (فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب وأدرك منه أولو الألباب أمرا وراء ذلك )(18 )، وصدق والله فيما قال فإنها الرحمة والمنّة التي تتضاءل عندها كل منة ، وهل هناك أعظم من الدلالة عليه عزوجل ، وقال الشيخ العثيمين ’ ( 19) (أما المؤمنون، فرحمتهم رحمة أخص من هذه وأعظم، لأنها رحمة إيمانية دينية دنيوية ولهذا تجد المؤمن أحسن حالاً من الكافر، حتى في أمور الدنيا، لأن الله يقول: ]من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة[ [النحل: 97]: الحياة الطيبة هذه مفقودة بالنسبة للكفار، حياتهم كحياة البهائم، إذا شبع، روث، وإذا لم يشبع، جلس يصرخ هكذا هؤلاء الكفار إن شبعوا، بطروا وإلا جلسوا يصرخون ولا يستفيدون من دنياهم، لكن المؤمن إن أصابته سراء، شكر، فهو في خير في هذا وفي هذا، وقلبه منشرح مطمئن متفق مع القضاء والقدر، لا جزع عند البلاء، ولا بطر عند النعماء، بل هو متوازن مستقيم معتدل فهذا فرق ما بين الرحمة هذه وهذه ).

إذاً تبين فيما سبق أن الكافر مرحوم داخل في الرحمة العامة ، وهنا يأتي سؤال هل يجوز أن ندعو له بالرحمة ؟هذا سؤال هام لأن به معاقد الولآء و البرآء ، وتتميز به الفواصل الدينية والشرعية بين أهل الرحمة الخاصة وبين غيرهم وإليك تفصيل السؤال وإجابته من علم من أعلام الدعوة وهو الدكتور/ ناصر العمر حفظه الله تعالى
نص السؤال والإجابة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلنا أخيراً نبأ وفاة بابا الفاتيكان، فرأينا الكثير من المسلمين يتباكون ويعزون في وفاته، وسؤالي فضيلة الشيخ، وأرجو ألا تتأخروا في الإجابة لأهمية الأمر:
أولاً : هل هذا البابا كافر أم مسلم ؟
ثانياً : هل يجوزالدعاء له بالرحمة ؟
ثالثاً : هل يجوز لعنه والدعاء عليه ؟
رابعاً : هل الترحم عليه والحزن لأجله من الموالاة الناقضة للإسلام أم لا ؟أرجو الإجابة بأسرع ما يمكن لأهمية الأمر، وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن مما ابتليت به الأمة في عصورها المتأخرة كثرة الجهل وضعف العلم، مع كثرة قرائها وكتابها، ومن أثر ذلك ضعف معالم الولاء والبراء، والجهل بالبدهيات من أمور العقيدة، والرقة بالدين، ومداهنة أعداء الله.
وبعض ما ذكره السائلون يندرج في هذا الباب مثل السؤال هل البابا كافر أو مسلم، فإذا لم يكن البابا كافراً فمن الكافر، وهل عن مثل ذلك يسأل لولا ما ذكرت، وقريب منه الدعاء له بالرحمة، والله المستعان.
وأشك في صحة النقل بأن أحد المشايخ يوجب الترحم عليه، ولا يقول بذلك من له أدنى علم بالشرع فضلاً عن أن يكون من المشايخ، ولكن لعل السائل نُقِل له ذلك، أو التبس عليه ما قال، فإن ثبت ذلك فلا نقول: إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، قال _سبحانه_: "ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً"(المائدة /41)
وخلاصة الأمر:
1- البابا كافر، لا شك في كفره، ووصيته وشهادة قومه تؤكد أنه مات على ذلك، وما شهدنا إلا بما علمنا.
2- لا يجوز الترحم عليه، وهذا من الدعاء المنهي عنه، قال _سبحانه_: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" (التوبة:113)، وقال _سبحانه_: "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" (التوبة:84 ) والبابا مشرك؛ لأنه يعتقد أن عيسى ابن الله _تعالى الله عما يقولون_ "وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ" (التوبة: من الآية30)، ويقول بعقيدة التثليث، وهذا من بدهيات عقيدة النصارى.
3- أما لعنه، فالصحيح أنه يجوز لعن من مات كافراً، أما إعلان اللعن والدعاء عليه فتراعى فيه قاعدة المصالح والمفاسد – كما قرر أهل العلم -.
4- أما التعزية، ففيها تفصيل:
إن كان المراد تعزية أهله وقرابته لا أهل ملته، فقد كرهه بعض السلف، لكن الراجح جواز ذلك؛ لأن من السلف من عزى أهل الذمة في أمواتهم ، ذكر ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه الرائع (أحكام أهل الذمة) ج1/ص438 فصل في تعزيتهم.
لكن يجدر التنبيه إلى أنه لا يجوز في التعزية الدعاء للميت بالرحمة ولا لأهله الكفار بحصول الأجر والثواب ، كما يقال ذلك للمسلمين؛لأن الله لا يقبل من الكافر عملاً و لا طاعة حتى يسلم، وإنما يقال: أخلف الله لكم خيراً منه ، ونحو ذلك من الكلمات ،كما ذكر ذلك ابن القيم _رحمه الله_ قال في (أحكام أهل الذمة ): " قال الحسن : إذا عزيت الذمي فقل لا يصيبك إلا خير، وقال عباس بن محمد الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت له: اليهودي والنصراني يعزيني أي شيء أرد إليه، فأطرق ساعة ثم قال: ما أحفظ فيه شيئاً، وقال حرب: قلت لإسحاق: فكيف يعزي المشرك قال: يقول أكثر الله مالك وولدك"ا. هـ
أما تعزية أهل ملته إذا مات منهم قسيس ونحوه فلا يجوز؛ لأن مفسدتها تربو على مصلحتها،وحيث يوهم الجهال بأن ما هم عليه حق، وبذلك فيغتر أهل الكتاب والمسلمون على السواء ، بل إن تعزيته وبخاصة إذا كان معظماً فيهم كالبابا ، أشد أثراً وخطراً من مجرد تهنئتهم على عيدٍ أو شعيرةٍ دينية ، وهذا أمرٌ لا يخفى
قال الشيخ محمد بن عثيمين في حكم تعزية الكافر :" والراجح أنه إذا كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً، وإلا فينظر في المصلحة" (مجموع فتاواه 2/303) .
والذي يطالع كثيراً مما كتبته بعض وسائل الإعلام حول وفاة البابا يحزن لما وصلت إليه حال كثير من المسلمين، حتى إن بعضهم يمدحه بأنه خدم أهل ملته ونشر دينه، وصاحب هذا القول يخشى عليه؛ لأن خدمته لدينه هو نشر الكفر والشرك وحرب الإسلام – كما هو مشاهد وواقع – نسأل الله أن يلطف بنا ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء والجُهّال منا_.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
د. ناصر العمر(20)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

( 1) الأعراف: من الآية156
( 2) الأنبياء:107 وستتضح بعض هذه المعاني عند تفسير الآية عند الكلام على الرحمة المهداة .
( 3) آل عمران 197:196
( 4) النحل:36
( 5) فصلت: من الآية17
( 6) مدارج السالكين ج1 ص16
( 7) شرح العقيدة الواسطية ص 159
( 8) غافر:7
( 9) غافر:7
( 10) الإسراء:28
( 11) هود:9د
( 12) الروم:33
( 13) الروم:46
( 14) الشورى:28
( 15) القصص 73:71
( 16) رواه البخاري (6099، 7378) ، ومسلم (2804) .
( 17) النور الأسمى أمين بن الحسن الأنصاري
( 18) مدارج السالكين ج1 ص16
( 19) المصدر السابق
(20) موقع الشيخ د/ ناصر العمر حفظه الله عزوجل (المسلم )


يتبع إن شاء الله إن كان فى العمر بقية