المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عصيان مدني ! [ثورة تونس]



د. هشام عزمي
01-13-2011, 01:27 PM
عصيان مدني !
بقلم الأخ مهاجر
http://aljame3.net/ib/index.php?showtopic=9818


حالة من شبه العصيان المدني تشهدها إحدى دول شمال إفريقية التي كانت قيادتها العلمانية المتطرفة تتغنى بتجربتها الفاشلة التي ضارعت تجربة أتاتورك البوليسية في قهر المسلمين على انتهاج العلمانية ، ومن صور نقلتها بعض المواقع تستوقف الناظر صورة متظاهر يحمل رغيفا من الخبز "الفينو" كما نسميه في مصر ، وهو المعد لعمل الشطائر ، ويلوح به في إشارة إلى تردي الأحوال المعيشية لا سيما في مسألة التوظيف فالبطالة قد تفشت في ذلك البلد ، حتى وصلت نسبة التوظيف لخريجي الجامعات إلى 16 % فقط ، إن لم تخني الذاكرة ، وهي معلومة قرأتها في أحد التقارير التي رصدت تلك التجربة العلمانية المتطرفة ، فتفشت البطالة في ذلك القطر مع غناه بالثروات وقلة عدد سكانه نسبيا بالمقارنة مع بقية دول الشمال ما عدا ليبيا ، وأرجع بعض المتابعين السبب ، كالعادة إلى تسلط الأسرة المالكة ! ، مع أنها جمهورية أو هكذا تزعم ، فقرينة الرئيس وأسرتها قد صيروا البلد ضيعة خاصة حتى صار ذلك مما يتندر به المواطنون ، فقد أزكمت رائحة الفساد الأنوف ، وإدخال النساء في شئون الحكم ، كالعادة ، نذير خراب للممالك ، ومما أثر عن داهية بني العباس أبي جعفر المنصور ، الخبير بشئون السياسة والملك ، أنه أوصى ابنه المهدي بألا يدخل النساء في هذا الأمر ، فأبى سلاطين زماننا إلا إقحامهن إقحاما وكثير من سفاهات الحكام يلمح الناظر فيها بصمات السيدة الأولى ! .
والأخطر من ذلك أن الدولة تتغنى بما حققته من مكاسب فكرية ، فرئيس الدولة يحرص على نعت الحجاب بالزي الطائفي ، وسلفه المخرف الهالك هو الذي حظر الحجاب ونعته في الدستور بهذا النعت الباطل ، ووزير أوقافه ، الموكل كحال كثير من وزراء الأوقاف في بلادنا بوقف المد الإسلامي وتحجيمه ، يدافع عن وزارته ضد استجواب تقدمت به نائبة في البرلمان عن تأذي المواطنين بأصوات الأذان فيقول بأنه على اتصال بوزارة البيئة لمكافحة التلوث السمعي ! في تسجيل عرض على شبكة المعلومات على صفحات مفكرة الإسلام من أيام ، وهو كرئيسه ، فالناس على دين ملوكهم ، ينعت الحجاب بنفس النعت فليس من الإسلام في شيء ، فليت الأمر اقتصر على حرب النقاب كما هي الحال عندنا في مصر ، فضلا عن التضييق على الحجاج بمتابعتهم أمنيا في المشاعر ! ، وقد وصل الأمر إلى إلغاء الحج العام الماضي خوفا من فيروس إنفلونزا الخنازير ، ودعا الرئيس شعبه المبتلى به ! إلى ادخار أمواله وعدم إنفاقها في السياحة الدينية ، فالسياحة الداخلية أولى بها ! ، وصور الفساد قد انتشرت بشكل غير مسبوق ، مع قبضة أمنية حديدية تبطش بكل توجه إسلامي ، حتى صارت حيازة الكتب الإسلامية جريمة ، فصاحبها عضو في حركات متطرفة ، مع رقابة صارمة على شبكة المعلومات فيها من التسلط على العقول ما فيها ، وهي تعنى فقط بالمواقع الإسلامية فلا شأن لها بالمواقع الإباحية ! ، وقد فر كثير من شباب ذلك البلد من المتدينين إلى بلاد الجوار ، وقابلت بعضهم عندنا قبل أن يتم القبض عليهم ، بلا أي جريرة ، وترحيلهم بموجب اتفاقيات التعاون الأمني التي لا ينفذ غيرها تقريبا ! ، وكالعادة لم يجد الرئيس إلا التغني بحالة الاستقرار التي يشهدها القطر ، فلا بد من الحفاظ عليها من القوى التي تكيد للوطن فتثير الفتن ! ، مع أنها كمعظم حالات الاستقرار في بلادنا : حالة استقرار إجبارية برسم القهر البوليسي ، فأعداد أفراد الشرطة هناك قد بلغت أعدادها في دول تفوقها في عدد السكان الكلي بستة أضعاف ، وكأن الدولة بأكملها قد صارت شرطة علنية أو سرية مندسة بين جموع الشعب لضمان الاستقرار والأمن ، للنظام طبعا ! .

وهو في برجه العاجي لا يدري ما يعانيه المواطنون وأبرز ما يعانون منه وإن غفلوا عنه في ظل نداء الحاجة المادية ، هو حاجتهم المعنوية الدينية التي قصروا كمعظم المسلمين في استيفائها ، فسكتوا ، كما سكتنا ، عن صنوف الفساد الديني والأخلاقي ، ولم يطيقوا صبرا لما طال العسف دنياهم فخرجوا يلوحون بأرغفة الخبز ، وذلك يشبه إلى حد كبير ثورة شعبية مشهورة وقعت عندنا في مصر في عام 77 استخف بها الرئيس فسماها "انتفاضة الحرامية" ! ، أو اللصوص ، فثار المواطنون لارتفاع ثمن رغيف الخبز وبلوغ سعر الكيلوجرام من اللحم : جنيه واحد ، وهو الآن على مشارف الستين ! ، مع أنهم لم يثوروا لما صادر قرار الأمة بأكملها ووقع على اتفاقية كامب ديفيد المشئومة التي نعاني الآن من آثارها السلبية ، بل تلمس كثير منا العذر له ولا زال ، والتقصير لا يختص به وحده من بين قادة المنطقة فهذه حقيقة أولى ، ولكنه المقصر الأول فهذه حقيقة ثانية ، فهو الذي سن سنة الاتفاقيات الثنائية برسم السلام الدائم ، وهي سنة سيئة تابعه عليها من تابع ، فعليه وزرها ووزر من سار عليها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا ، فكانت ثورة ، أيضا ، لمطالب الجسد وإن خربت الروح بل وماتت .

ومثلها عقوبات أخرى في دول كان أهلها يتندرون على من يقوم الليل فأقامهم الرب ، جل وعلا ، في البرد القارص من أجل جالون من الكيروسين يستدفئون به ، في أزمة وقود ، فــ : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) .

لا يمكن النظر في الأمر بعين الشرع فقط ، دون عين القدر ، فإن استقامة أمور الدنيا مطلب رئيس لصفاء الذهن حتى يتفرغ لتحصيل أمور الدين ، وقد كان الخلفاء الأوائل يعتنون بذلك أيما عناية ، فعثمان ، رضي الله عنه ، يسأل الناس عن ثمن البقرة ، وهو على المنبر يوم الجمعة قبل أن يخطب ، وهو يعلم أن البقرة ليست مرادة لذاتها ! ، فلم يخلق الناس لشرائها والتمتع بلحومها وألبانها وإنما هي وسيلة من وسائل المعاش ، وعمر ، رضي الله عنه ، يسأل في المواسم عن الأسعار ويجمع الناس على الطعام ليحسب كم يكفي الواحد من العطاء الذي يفرضه لكل مسلم ليسد جوعته ، وإن جاع هو ، وأخباره في ذلك مشهورة معلومة ، وفي طبقات ابن سعد رحمه الله :
كان عمر يصوم الدهر قال فكان زمان الرمادة إذا أمسى أتي بخبز قد ثرد بالزيت إلى أن نحروا يوما من الأيام جزورا فأطعمها الناس وغرفوا له طيبها فأتي به فإذا فدر ، (وهو القطعة كما في "لسان العرب") ، من سنام ومن كبد فقال أنى هذا قال يا أمير المؤمنين من الجزور التي نحرنا اليوم قال بخ بخ بئس الوالي أنا إن أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها ارفع هذه الجفنة هات لنا غير هذا الطعام قال فأتي بخبز وزيت قال فجعل يكسر بيده ويثرد ذلك الخبز ثم قال ويحك يا يرفأ احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام وأحسبهم مقفرين فضعها بين أيديهم .
فخص الناس بطيب الجزور ، ثم خصهم بطعامه من الخبز والزيت وإن طوى جائعا ، فليس في تصوره إلا رعيته التي سيسأل عنها ، وعمر هو عمر وكفى ! .
وعمر بن عبد العزيز ، رحمه الله ، يصل بالفقر إلى نسبة صفر % في سابقة تؤكد علو كعب الإسلام على بقية الأنظمة الحادثة ....... إلخ .

ولكن مع ذلك لا بد من النظر بعين الشرع فإن ما يحدث هو عقوبة نزلت بشتى الأمصار تقريبا ، فليس معيار النجاح كما كان يقال في تلك البلاد : عدد مستخدمي الهاتف المحمول وعدد من يمتلكون أجهزة حاسب آلي وعدد من يتعاملون مع شبكة المعلومات وإنما معياره عدد من يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ، فلذلك أنزل المال ، فهو وسيلة لا غاية ، والإمامة في دين الإسلام ليست لسياسة الناس بالجور فيتنعم الحاكم ويشقى المحكوم ، حتى أثر عن بعض الرؤساء المعاصرين والعهدة على الراوي الذي كتب عنه أنه كان يتناول إفطارا من فطائر بالتفاح يستورد دقيقها له خصيصا من سويسرا وكان كلبه يتناول معه وجبة من لحم البوفتيك ! والشعب آنذاك لا يجد رغيف الخبز ! وهكذا فليكن التلاحم بين القيادة والشعب فهي تحس بكل آلامه ! ، فليست الإمامة لذلك أو لإطعامهم كالبهائم فطالما وجد العلف فالجميع راض مطمئن فإذا شح ثار الناس وانتفضوا ! ، وإنما الإمامة منصب ديني تقام به الأديان وتساس به الدنيا فلا صلاح لها إلا بصلاح الدين الذي فسد في كثير من أمصار المسلمين .
والله أعلى وأعلم .

shahid
01-13-2011, 03:29 PM
سددك الله وجزاك خيرا .
مقال رائع حقا اعجبني . التحية لك اخي والتحية لكاتبه ان لم تكن .

إلى حب الله
01-13-2011, 03:52 PM
ما شاء الله ..
كتابات الأخ مهاجر التي تنقلها أخي الحبيب د هشام : كلها في الصميم ..
بارك الله له ولك .. وحفظني معكم وكل من نحب من كل شر ..

أدناكم عِلما
01-13-2011, 04:13 PM
بارك الله لك وفيك
وللاسف ( يقوم الناس لبطونهم وهذا حقُّهم ..... ولكن اذا سُبَّ الاله يبقوا نِيام ) (تاليف اللحظة فلا تلوموني حهههه )

bouziane
01-14-2011, 07:52 PM
الظلم لايدوم
هذا الرجل ظن أنه يستطيع محاربة الله

bouziane
01-14-2011, 07:58 PM
الأحواز .. ماذا تعرف عنها ؟

لأن القضايا لا تتجزأ، لذا فالموقف العربي يجب أن يكون موقفاً موحداً باتجاه كل القضايا العربية و منها القضية الأحوازية...

يبلغ تعداد سكان الأحواز 8 ملايين عربي من العرب الأصليين في وطن تبلغ مساحته 372 ألف كيلو متر مربع تمتد من مضيق باب السلام أو ما يسمى هرمز إلى العراق.372

وقضية بهذا الحجم لا يمكن للعرب أن يتناسوها وينسوها فهي قضية عربية يجب أن نمد يد العون لها لأن أرض الأحواز هي الجبهة الأمامية للتدخلات الفارسية، وسيثبت التاريخ أن الأحواز إذا تحررت ستكون السد المنيع للتدخلات الفارسية في الوطن العربي، ومن جهة ثانية إن تحرير الأحواز هو السند الرئيسي للعروبة في الخليج، "يعني" إذا تحررت الأحواز تحررت الضفة الشرقية للخليج العربي، فيكون الخليج عربياً بكل أصالته وعراقته.
ورغم عدالة القضية الأحوازية إلا أنها مغيَّبة عنا كعرب لذا علينا إلقاء الضوء عليها لأن إثارتها ستوضح للعالم الأطماع التوسعية لإيران كما أنها ستشكل ورقة ضغط على الفرس خاصة في ظل تدخلهم في شؤوننا العربية

bouziane
01-14-2011, 08:05 PM
هذامصير عباد اليهود والنصارى فلقد تركوه بعد أن أراد الله أمرا (تونس)

د. هشام عزمي
01-15-2011, 04:37 PM
قال الأخ مهاجر :
والت الأحداث بشكل غير متوقع وذلك تقدير الرب العليم تبارك وتعالى :
فمن تطورات هذه النازلة التي تصاعدت بشكل مؤسف وامتدت إلى دول الجوار ولكن ليس بنفس الحدة ، وإن أريقت فيها دماء المسلمين التي هانت عليهم ، فليس ثم تدخل خارجي هذه المرة ، من تطوراتها :
تضارب الأنباء عن حقيقة هذه الأحداث ومن يقف خلفها ، فالزعيم الهارب ! كعادته يلقي التبعة على حزب أعداء النجاح الباهر الذي حققته البلاد في عهده الزاهر ! ، فليس ثم إلا متطرفون ، وربما كانوا كالعادة إسلاميين اندسوا في صفوف الجماهير الغاضبة ، والمعارضة تقول في سيناريو يتكرر كثيرا في دول العالم الثالث ! ، بأن السلطات هي المسئولة فهي ميليشيات تابعة للنظام تمارس صورا من الإرهاب والتصفية للجماهير التي خرجت لما طفح الكيل ، وقد تواردت الأنباء عن قيام ميليشيات مسلحة بإرهاب المواطنين بالهروات والسيوف وهم ذيول النظام الذي أصبح بين عشية وضحاها : بائدا ! بعد أن كان رموز الشعب من السياسيين والفنانين ! يتوسلون إلى الهارب من شهور ليبقى في الحكم بعد 2014 فشعوب العالم الثالث لا تستطيع العيش إلا بالزعماء الخالدين ! ، وكثير من الزعماء يهون عليهم كل شيء في سبيل الاحتفاظ بالعرش ، فتهون الديانة وتهون الكرامة وتهون المصالح العليا لشعوبهم وتهون دماؤهم ........ إلخ ، وقد دبر زعماء ملهمون في السابق محاولات اغتيالات فاشلة لذواتهم المقدسة ! ، واتخذوها ذريعة للتنكيل بالمسلمين في مهزلة تاريخية معروفة إبان مد الانقلابات الجارف الذي شهدته الدول العربية بعد حرب 48 في إطار حملة التغيير للعملاء ! بعد زوال ملك بريطانيا وصعود نجم أمريكا ، وفي ساحل العاج الآن تمارس الميليشيات الحكومية نفس الدور ، ولكن علانية ، ففي سبيل احتفاظ جباجبو بالحكم ، تراق الدماء ، وأغلبها مسلمة ، على أيدي أفراد الميليشيات التابعة له ، وليس مهما أن تراق دماء شعبه ولكن المهم ، أيضا ، هو الاحتفاظ بعرشه والأمثلة كثيرة ، وقد حاول الزعيم استرضاء الشعب بخطاب وعود معسولة بتلبية مطالب الجماهير ، مع أنها ، وإن كانت دنيوية بحتة : الشغل والكرامة والحرية ، مطالب ضرورية فهي من مطالب الآدميين البدهية التي يفترض أن ينالها كل إنسان دون حاجة إلى إشعال ثورة وإنشاب قتال في الشوارع لا سيما في دول تزعم أنها دول مؤسسات وديمقراطية ......... إلخ من الشعارات الزائفة ، مع التحفظ على شرعيتها ، ولكنهم ، لم يفلحوا حتى في تطبيق النموذج الغربي مع ما فيه من قصور ظاهر ، فعدلوا عن الفاضل إلى مفضول ليس فيه فضل لنا ، فنحن في غنى عن العلمانية وإن افنقرت إليها أوروبا ، ومع ذلك فشلوا في تحقيقه ! .

وزعم أنه أصدر الأمر إلى قواته بعدم إطلاق النار إلا في الضرورة القصوى ، مع أن الأنباء قد ترددت بأنه قد عزل رئيس أركان الجيش لأنه رفض في موقف يحسب له أن يطلق النار على العزل ، فاكتفى الجيش بحراسة المرافق الرئيسة ، ولقي ذلك ترحيبا من المواطنين بعدما لقوه من قوات الشرطة ، فلجئوا إلى وحدات الجيش فرارا من بطش الشرطة المعهود في الدول البوليسية المتخلفة ، فهم سياج النظام الذي تنفق عليه الملايين وتجند له مئات الآلاف من البشر الظاهرين والسريين ، وكادت تقع مواجهة بين الجيش والشرطة ، بعدما استفزت تصرفات عناصر الشرطة الهمجية قوات الجيش ، فكان تدخل الجيش ، على غير العادة في دول العالم الثالث رحمة ! ، فهو أمر ذو دلالات :

فهو دليل على فشل النظام في السيطرة على الأمر فنزول الجيش آخر ما عنده لحفظ الأمن أو حتى حل إشكال مدني كإدارة المخابز كما قد وقع عندنا في مصر في أزمة شهداء رغيف العيش من سنتين أو يزيد ! ، فهو مئنة من فشل مؤسسات الدولة المدنية فاضطرت آسفة إلى الاستعانة بالمؤسسة العسكرية .
وهو ، أيضا ، مما يفسر تأخير هذا القرار إلى النهاية دائما ففي دول العدل يكون تدخل الجيش آخر خيار لحفظ الأمن حقا ، كما قد وقع زمن عثمان ، رضي الله عنه ، فإنه رفض إلى اللحظات الأخيرة أن تزاحم الجيوش أهل المدينة ، ولو كان ذلك للدفاع عنه بوصفه الرئيس الشرعي المنتخب للدولة ، فحمايته فرض على المؤسسات التي بايعته بيعة حقيقية ! ، ومنها المؤسسة العسكرية ، ومع ذلك تأخر القرار إلى اللحظة الأخيرة ، بل وتأخر قدوم جيش الشام حتى استشهد الخليفة رضي الله عنه ، وأما في دول الجور فالأمر على العكس ، فالحاكم المستبد يسعى دائما إلى عزل الجيش عن الحياة المدنية ، ولو كان هو يوما أحد أفراده ، فأغلب هذه الحكومات حكومات عسكرية مستبدة لا تعرف إلا القهر والاستبداد ، ولكنه مع ذلك ، كما يقول بعض الفضلاء ، يخشى أن يحس الجيش بنبض الشارع فيتعاطف معه فينقلب عليه ! ، أو على الأقل يكون ذلك ذريعة إلى تدخل الجيش في الشأن العام ، وعدم تدخله هو الأصل الصحيح ، فوظيفته في دول العدل : حماية الأمة فقط فلا بد أن يتفرغ للعمل العسكري فلا يتدخل في الشأن السياسي ، بل تدخله مما أفسد الدول قديما وحديثا ، وتدخل قادة الأتراك الذين اصطنعهم المعتصم العباسي في الحياة السياسية في دور الخلافة العباسية الثاني خير شاهد على الفوضى التي يحدثها تدخل الجيش في الحياة العامة مع ما أثر عن قادته من حب للزعامة وقسوة في القلب تهون معها إراقة الدماء ، فيحصل الصراع على السلطة حتى بين قادة الجيش ، وقد وصل الأمر في خلافة بني العباس إلى السيطرة على منصب رئيس الدولة نفسه : تولية وعزلا فصار الخليفة رئيسا دينيا لا سلطان له فله سلطة روحية دون السلطة الزمانية في وضع يشبه إلى حد كبير وضع العلمانية في فصلها بين الدين والدولة ، أو هو وضع يشبه وضع الملكيات الأوروبية كإنجلترا فليس للملكة إلا السلطان الديني بوصفها راعية الكنيسة الإنجليكانية وحتى هذا المنصب يغلب عليه الطابع الشرفي فليس لها شيء تقريبا ، ولكن البديل في إنجلترا حكمومة مدنية بخلاف ما كانت الحال عليه في الدور الثاني من أدوار خلافة بني العباس ، فقد كان البديل عسكريا لا فقه له في إدارة شئون الحياة العامة ، بل وفي إدارة شأنه الخاص ! ، وهو ما دعاهم في مرحلة تالية إلى الاستغاثة بالخلافة التي قيدوها ! ، لتختار لهم قائدا قوي الشكيمة يخضعون له فيحسم مادة الصراع بينهم ، فاختير لهم ولي العهد الموفق العباسي ، ولكن في دول الجور قد يكون تدخل الجيش نوع مصلحة ، كما حدث في النازلة الأخيرة ، وإن لم يخل من مفسدة ، وقد تزيد المفسدة بتدخله كما وقع في آخر خلافة بني عثمان من تدخل الإنكشارية في شئون الحكم فصاروا سيفا مسلطا على الدولة بعد أن كانوا سيفها المشهر لفتح الأرض برسم الشرع فكانوا أفضل مقاتلي زمانهم ثم انقلبوا وبالا على الخلافة ، وجاءت بعدهم الجمعيات السرية التي تغلغلت في الجيش ، ونجحت في القضاء على الخلافة برسم الزعامة الأتاتوركية ، وهي ، كالعادة ، زعامة عسكرية غاشمة سامت الموحدين سوء العذاب ، وقل مثل ذلك في انقلاب 52 في مصر ، ولكل تجربة ظروفها التي تحتف بها ، ولكن الأصل فساد الشأن العام بتدخل العسكر . والزعيم الهارب نفسه جنرال سابق ! فهو منهم وإن خلعوه بعد أن طفح الكيل .

وقد بدا الزعيم مسكينا ، وهو يتوسل إلى شعبه الذي نفد صبره ، فلن يجدد الشعب له البيعة الإجبارية عام 2014 ! ، ولن يكمم الأفواه ....... إلخ من الوعود فلسان حاله : ذروني في الحكم وسوف ألبي لكم كل ما تطلبون ، بل وسأزيدكم إن استطعت ! . فقد علم مطالب الشعب أخيرا بعد 23 عاما من دولة الجور وغيره لم يعلم حتى الآن ! ، وأبى الشعب تصديق الأكاذيب وكان ما كان .

ومع اقتراب عدد القتلى من المسلمين من 70 بدأت التدخلات الدولية حتى من فرنسا الحليف التقليدي ، وهو شيطان أخرس سكت عن سنوات من القهر للمسلمين ، لا يسكت عنها الفرنسيون يوما واحدا فسكت عنها المسلمون سنين ولا زالوا ، ثم رفض ساركوزي استقباله بعد أن انتهى دوره كأي ديكتاتور سابق مع أنه كان صديقه الأول في شمال إفريقية ! ، ومرة أخرى تخرج العلمانية لسانها سخرية من المسلمين لا من الإسلام ، وتحذر أتباعها في خلط متعمد من الإسلام ، فأولئك مسلمون ، فالإسلام ليس الحل ! ، مع أن الإسلام مغيب في بلادهم ، فإنما يصح زعمها لو كان الإسلام يقر بتلك المهازل ، أو كان من يتولى الحكم على أقل تقدير يتولاه برسم الإسلام ولو دعوى ، بل هو يتولاه برسم العلمانية التي نقلها عنهم فتوجه الذم إلى العلمانية هو المتعين .

وأغلب الظن ، والله أعلم ، أن الخلع قد جاء من الجيش بعد إقالة رئيس الأركان ، فقرر الجيش خلع جنراله السابق .

والبلاد تشهد حالة فوضى يسهل فيها تحقيق مكاسب مادية ودعائية كبيرة لتلميع أي زعيم جديد ، والله ، جل وعلا ، رحيم بإخواننا ، يحفظهم ويحقن دماءهم ويسدد آراءهم لاختيار ما يصلح دينهم ودنياهم ، في هذه الفتنة العامة التي لم تكن على الحسبان : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
والله أعلى وأعلم .

عياض
01-15-2011, 04:51 PM
وهو شيطان أخرس سكت عن سنوات من القهر للمسلمين
كلا بل هو شيطان ناطق..ففي الأزمة كانت فرنسا تصرح بلا مواربة بأنها على استعداد لتزويد تونس بالعناصر الاستخباراتية و الأمنية لقمع الثورة...و لكن بعد ان رأته قد انهزم لفظته و انضمت الى المنتصر...في هذا سياساتهم ثابتة وواضحة من تتبع المصالح التي تهمهم...
السيد المهاجر له نظرة حقوقية و تاريخية نافذة قلة تشتمل عليها...لا أخفيك شيخنا الكريم كم سيفرحني لو علمت انه مشتغل بمشروع علمي لتطوير النماذج المعاصرة للبناء الحقوقي السياسي الاسلامي...في هذه الأزمات اكثر من غيرها تبدو الحاجة الى سنين عمل النملة في الصيف لأيام الشتاء..

د. هشام عزمي
01-16-2011, 04:27 AM
السيد المهاجر له نظرة حقوقية و تاريخية نافذة قلة تشتمل عليها...لا أخفيك شيخنا الكريم كم سيفرحني لو علمت انه مشتغل بمشروع علمي لتطوير النماذج المعاصرة للبناء الحقوقي السياسي الاسلامي...في هذه الأزمات اكثر من غيرها تبدو الحاجة الى سنين عمل النملة في الصيف لأيام الشتاء..

أنا موش شيخ يا مولانا ..!!
أما أخونا مهاجر فيكتب هذه المقالات على هامش مقالاته الطويلة في اللغة والتفسير والرقائق في منتدى الجامع ..
http://aljame3.net/ib/index.php?act=SF&s=&f=7
ولا أدري إن كان يعمل على مشروع علمي لتطوير النماذج المعاصرة للبناء الحقوقي السياسي الاسلامي (اسم المشروع مهيب فعلاً) ..
والله تعالى أعلم .

أبو المظفر السناري
01-16-2011, 04:37 AM
أنا موش شيخ يا مولانا ..!!

عدِّيها بَقَى يا عم الحَجّ! وكِفَاياك معاتبة للراجل كل مرة؟:ANSmile: :ANSmile:

حسام الدين حامد
01-16-2011, 04:43 AM
يعجبني إصرارك على موقفك أخي عياض :): ..

عياض
01-16-2011, 04:48 AM
يعديها ازاي يا شيخ ابا المظفر..توك بصمت عليها انها غلطة؟؟
أما بالنسبة للهيبة يا شيخنا الكريم..فيكفي لتقدير هيبته النقص و الحاجة الملحة ..و انظر الى الأحوال المقدرة التي نعيشها...التساؤل الذي يطرح امام الناس: اين هي برامجكم و نماذجكم التطبيقية؟؟ و يكفي ايضا لبيان ما اقصده و الحاجة الى امثال الأخ المهاجر ممن هضموا القديم و الجديد ما حققناه في المجال الاقتصادي بالمقارنة مع المجال الحقوقي الاسلامي المتوقف منذ ايام جيل عبد القادر عودة...هذا التطوير الاقتصادي للنماذج ادى بالناس مسلمين و مبتدعين و منافقين و كفارا الى المطالبة به و وضعه في اجندة العمل و فرض نفسه بنفسه...و لو صرفت نفس الجهود في المجال الحقوقي السياسي علم الله ما كان سيسد هذا من ثغرات لا تسدها الاف البنادق..هذا دون الحديث عن المجال الاجتماعي و المجال الفني و غيرها...و لمثل هذا ما زال الناس يقولون حي على العمل...لمثل هذه الساعات..

عياض
01-16-2011, 04:51 AM
يا سيدي الدكتور الاصرار ضروري لتطبيق العدالة..و هذا الشيخ قد اوغل في جريمة الاطلاع و التفنن و العمل الصامت...فاستحق العقوبة ...و ان عاد عدنا !..

حسام الدين حامد
01-16-2011, 04:55 AM
نعم ..
الشيخ هشام كما ذكرت .. لو كانت لوحة الوجوه التعبيرية متاحة عندي لأريتك وجهًا أكيد أنت تتوقعه يا دكترة ..

د. هشام عزمي
01-16-2011, 07:58 AM
أنت تحسنون الظن بي كثيرًا جدًا إلى درجة مبالغ فيها جدًا ، وإلى الله المشتكى ! حتى أنت يا شيخ سعيد !! ودكتور حسام كمان !!!!! طيب لما أشوفك (وجه متوعد يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور) ! طيب أخي عياض لقبني بالدكتور كما تلقب الدكتور حسام ، ما رأيك ؟

عياض
01-16-2011, 05:57 PM
الدكتور حسام على كثرة اطلاعه ربما اكثر من كثير ممن يلقبون بالشيوخ من طلبة العلم..لكن هو لون آخر فيه صفة لا أدري ما هي بعد..ربما شغفه بالأدب..ربما في الطبع ..لا أدري..:):
قضية الأخ مهاجر شيخنا الكريم شغلتني فعلا البارحة و سأكلمك على الخاص ان أذنت لي..

د. هشام عزمي
01-17-2011, 01:08 PM
قال الأخ مهاجر معلقًا في نفس الموضوع بمنتدى الجامع :
وعلى خلفية الثورة :
الصراع الذي خفت حدته ، ولله الحمد ، بين الجيش وذيول النظام البائد ، فقتل بعضهم ، وقبض على البعض الآخر أثناء محاولة الهروب إلى الجار الشرقي الذي يحظى النظام البائد بتعاطف قيادته ، فالأخ العميد للحكام العرب بوصفه الأقدم ! ، لا زال يدافع عن جاره ، فتلك حقوق الجار ! ، وأغلب الظن أن ذلك من أعراض الخوف الذي بدأ يدب في أركان كثير من سلاطين الجور في المنطقة ، وكالعادة كان الزعيم الهارب يحتفظ بقوات خاصة لديها من الفنون القتالية والسلاح الحديث ما لا يوجد عند بقية القطاعات العسكرية بما فيها الجيش المسئول عن حماية الدولة ، والشرطة المسئولة عن حماية المجتمع ، أو هكذا يفترض ! ، فقد استأثر أولئك بالتدريب في أمريكا ، وذكر مراسل إحدى الفضائيات أنهم تلقوا تدريبا في مصر ! ، التي تفخر دوما بتجاربها الأمنية الرائدة ، فلم تحقق نجاحا إلا في تطبيق الخطط الأمنية الصارمة برسم القهر ، وكان آخر إنجازاتها ! ، قتل محمد سيد بلال ، رحمه الله ، وإرهاب أسرته من بعده ، بعد أن عجزت حتى الآن ، عن إلقاء القبض على مفجري كنيسة القديسين ، ولسان حال بعض رءوسها المعاصرين : إن أردنا معرفة أي معلومة عن أي مواطن فذلك بمقدورنا فنحن نعلم الغيب ! ، ولم يعلموا مع ذلك أن محمدا ، رحمه الله ، ليس له أية علاقة بالتفجير ! ، والشاهد أن الديكتاتور البائد كان كأي حاكم مستبد : يحيط نفسه بحلقات من الجند المحترفين ، وظهر أن بعضهم مرتزقة ، ولعلهم من الشركات الأمنية المحترفة كبلاك ووتر سيئة الصيت التي بدأت تنال عقودا أمنية في دول أخرى غير العراق فقد فازت بعقد في الضفة الغربية ، ولا يبعد أن يكون لها أو لغيرها من الشركات الأمنية الخاصة دور كبير في حماية أنظمة الجور القائمة حاليا ، وحماية حاشية الحاكم وأقاربه فقد وقعت أيضا معركة سريعة بين قوات الجيش والحرس الخاص لابن أخيه ، وقد أحسن الجيش إذ ألقى القبض على عدد منهم وسعى في تصفية ومطاردة الباقين سواء أكانوا محليين أو مستوردين من الخارج ! ، ومن الطبيعي في ظل حصول هذا التغيير الكبير ، بإذن الرب القدير جل وعلا ، من الطبيعي أن تقع هذه المعركة بين ذيول تصارع الموت من عصابات لا هم لها إلا إرهاب الناس وإشاعة الفوضى وسلب الممتلكات على طريقة ما وقع في العراق بعد سقوط بغداد وحل الجيش والشرطة ، وهو ما لم يقع ، ولله الحمد ، هذه المرة ، فليس ثم تدخل خارجي مباشر ، وإن كان الغرب قد باع صديقه بعد أن أدى دوره وصار لشيخوخته وجموده ، كما يقول بعض المحللين ، مصدر قلق واضطراب ، وهي كحال كثير من شيوخ المنطقة الحاليين ! ، فالدعم الغربي لهم قد تضاءل بعد أن استنفدوا كثيرا من أغراضهم ولم يعد بقاؤهم إلا بقوة السلطان القاهر ، فتجد حالة عسكرة لقطاعات كبيرة داخل المجتمع مع تسليح حديث وميزانيات ضخمة ، مما يؤدي إلى حدوث كثير من الاحتكاكات بين المجتمع وبين تلك البؤرة السرطانية المتورمة ، وقد قيل عن الديكتاتور البائد بأن جهازه الأمني : ستة أضعاف العدد الطبيعي لأي جهاز شرطة في العالم ! ، وهذا التورم يوجد في دول كمصر التي يفوق ، كما يقول بعض المحللين ، عدد عسكر الشرطة فيها للمرة الأولى عدد عسكر الجيش ! ، فالمعركة الآن قد صارت مع الشعب ، وذلك ، كما تقدم ، مئنة من الخوف المسيطر على أركان أي نظام جائر فيستكثر من الجند والحرس الخاص ، ويهمل بقية القطاعات العسكرية بل يتعمد إضعاف الجيش فهو المنافس الوحيد ، ولا يعنيه أي يقيم حربا أهلية بين الجيش والشرطة ، لو لزم الأمر لحفظ سلطانه ، ثم لا يعني قواته أن تثير الفتن في المجتمع فتستبيح الحرمات ، كما يحدث الآن من فلول النظام السابق ، فهو قتال اليائس ، فلا نظر لأية مصلحة عامة وإنما النظر فقط للمصلحة الخاصة قبل وبعد هروب الزعيم ! ، فبعد سقوط الرأس ، تم القبض على أعداد كبيرة منهم ولا زالت عملية التصفية مستمرة ، فليس ثم إلا القتال ! ، ويعجب الناظر كيف يستجيز أولئك الزعماء سفك الدماء برسم العموم ، فيصدرون أوامر باستخدام الذخيرة الحية ، وكيف ينفذ الجند التعليمات ولو كانوا قليلي الديانة والمروءة بل والأدب ، وتلك حال كثير من المنتسبين إلى الشرطة في معظم دول المنطقة ، فهذا السيناريو قد يتكرر في كثير من بلادنا ، لأن الوضع متشابه ، مع اختلاف الدرجات فقد بدأت آثار هذه الميليشيات في الزوال ، ولله الحمد ، لأن المواطنين شكلوا لجان دفاع تعضد عمل الجيش ، ولكنها في بلاد أخرى كالعراق استمرت شهورا بل وسنين بل وآثارها لما تزل إلى الآن ، لأن التدخل في العراق جاء من الخارج صراحة برسم الاحتلال الذي قضى على مؤسسات الدولة قضاء تاما فأشاع حالة من الفوضى العامة الخلاقة ! ، وأما الوضع الحالي فهو حالة من الفوضى المؤقتة لبقاء مؤسسات الدولة متماسكة فنجحت إلى حد كبير ، ولله الحمد ، في إعادة الأمن والهدوء تدريجيا ، ومطاردة مثيري الفتنة من ذيول النظام السابق .
وللبقاء في السلطة يبذل أمراء الجور كل ممكن ، ويقترفون ما لا يخطر على البال من جرائم إبادة ضد شعوبهم ، ولو أشعلوها حربا أهلية فالمهم هو الاحتفاظ بالعرش ! .

وما يهمنا في الأمر كمسلمين صيانة دماء وأعراض وممتلكات إخواننا وعودة الاستقرار بعد زوال آثار النازلة سريعا إن شاء الله ، جل وعلا ، وهذا ما يستحق إفراده بدعاء في سجود للرب الرحيم جل وعلا .

وإلى الله المشتكى .

مستفيد..
01-17-2011, 01:40 PM
بارك الله في الكاتب والناقل
إضافة بسيطة لما قاله الأخ مهاجر :
من الواضح أن من أهداف هذه الفوضى إضافة لما قاله الأخ مهاجر مسح آثار مشبوهة ربما وثائق وأسماء لشخصيات لم تُذكر علنا..فحرق مراكز الشرطة ومراكز الدولة الحساسة بطريقة منظمة ثم الإنتقال لحرق السجون الواحد تلو الآخر وفي نفس الوقت تقريبا لهو خير دليل على أن هناك من يسعى لمسح أدلة ووثائق مهمة أو ربما اتفاقيات مشبوهة قد يكون متورط فيها رؤوس دول وشخصيات من داخل البلد ومن خارجه والدليل هو مسك الجيش لجنسيات مختلفة تعمل على تنفيذ هذا الأمر..
فالمسألة أراها لا تقتصر على الأمن الرئاسي بل أرى ان هناك أياد أخرى قد دخلت على الخط ربما لمسح آثار ما كما قلنا او ربما لإخافة الشعوب المجاورة بأن هناك ثمنا باهضا للثورات..
ومن طرائف هذا الوضع أخي هشام هو تبادل الأدوار فالمواطنين شكلوا لجان تفتيش في الطرقات للتثبت من هويات رجال الشرطة
بل وصار المجرم التقليدي أوالمشاغب يقبض على رجال الشرطة

أمَة الرحمن
01-17-2011, 02:33 PM
العجيب أن الطاغية الهارب لم يجد من يأويه إلا أهل أرض الحرمين! بلاد المسلمين الذين احتقرهم و نعتهم بالتخلف و الرجعية!

أعوذ بالله من غضبِ الله! و الله لا أرى هذا إلا عقاباً نفسياً آخر من رب العالمين، و هذا جزاء كل ظالم يأمن مكر الله.

عياض
01-17-2011, 03:31 PM
أضحكني تعليق في الفايسبوك يقول: بن علي يكره الأذان و يكره اصحاب اللحى و يكره الحجاب...فما الذي يفعله في السعودية ؟؟ :)):

د. هشام عزمي
01-18-2011, 07:03 AM
كتب الأخ مهاجر :
ومن توابع هذه النازلة :
ما حصل من نوع تعد في إطلاق بعض الألقاب ، ولا يمكن الفصل بين ذلك ، وبين الظرف الكوني الذي مرت به البلاد في عهد الطاغية البائد فقد جفف منابع الإرهاب ! ، بكفاءة منقطعة النظير جعلت تجربته تجربة رائدة في حرب الدين وأهله وهو ما أسكت الغرب عنه وعن مخازيه التي تضاد حتى مبادئهم العلمانية بل ومصالحهم الأخرى فقدموا المصلحة العظمى بتنحية الدين عن بلد له من العراقة الدينية والتاريخية ما يعرفه كل دارس لتاريخ إفريقية فقد كان ذلك اسم القطر ، وكان منطلقا لفتوحات كفتوحات عقبة وأبي المهاجر ، رحمهما الله ، ومنشأ لحركات إصلاحية أثرت في جنبات المغرب حتى أقصى الغرب كحركة الشيخ عبد الله بن ياسين ، رحمه الله ، التي كانت دولة المرابطين الزاهرة ثمرتها ، فنحي الدين من لدن الاستقلال حتى الآن وهذا ما أثر بالسلب على العقائد والشعائر والأخلاق ، وهذا أمر مطرد في كل أمة تعزل عن دينها قهرا ، وقد جرى لنا في مصر شيء من ذلك بل وأشياء في الستينيات ! حتى وقعت فضيحة 67 التي ردت الناس إلى دينهم ، وكذلك الشأن هنا فالقطر قد شهد قبل إقصاء الطاغية نشاطا دينيا ملحوظا وانتشارا للمظاهر الإسلامية ، ولو نسبيا ، رغم كل القهر الديني الذي عانى منه الناس ، ولكن يبقى الأمر في مجمله : قهرا دينيا وإفسادا أخلاقيا متعمدا أثر على الأجيال الناشئة ، ومنها محمد البوعزيزي ، غفر الله له ، والتمهيد السابق كان لبيان الظرف الكوني لواقعة انتحاره بعدما لقيه من ضيم بلغ حد الإهانة النفسية ، والإهانة الجسدية بصفع امرأة له ! ، وهو تصرف يدل على حقارة أصل وفساد طبع جعل المرأة تستأسد على الرجل في دولة كان للسيدة الأولى فيها نفوذ معروف صار مضرب المثل ! ، فسرت تلك الأسدية من رأس الأفعى إلى أذنابها ولا يبعد أنها هي الأخرى كانت تصفع الطاغية على قفاه ، وهو الذي ظهر مرتجفا في آخر خطاب ، فقد أبان عن جبن عظيم لا يبعد معه أي شيء ! ، فكل ذلك ، مع ضعف الوازع الديني بشكل عام لما لقيه المجتمع من حرب في دينه ، وضيق الرزق الذي يولد في النفس سرعة جزع وانفعال ، كل ذلك مما ينبغي النظر إليه قبل الحكم على الفعل ، فعين الشرع تحكم على المنتحر بالعذاب ، عذابا غير مؤبد ، على الراجح من أقوال أهل العلم ما لم يستحل الفاعل ، فيصلى عليه وإن لم يصل أعيان البلد من باب التعزير الزاجر ، وهو مع ذلك تحت المشيئة فهو من أصحاب الكبائر التي قد يغفر الرب ، جل وعلا ، لصاحبها ابتداء بحسنات ماحيات أو مصائب مكفرات وما أكثر مصائب محمد من رقة حال وإخفاق في العمل بعد التخرج وإهانات مستمرة لا يسلم منها الباعة المتجولون في البلاد المتخلفة كبلادنا ! ، فالأمر محتمل ، فتلك عين الشرع ولا بد معها من عين القدر التي ترحم فتلتمس العذر وإن لم تبطل الحكم فحكم الشرع مقدس لا مداهنة فيه ، فالأمر ما بين :
إفراط في التغليظ كما فعل مفتي القطر في فتوى تفتقر إلى أي نظر بعين القدر ، فأفتى بعدم جواز الصلاة على المنتحر ! ، وليته أفتى بعدم جواز ما فعله الطاغية وحرمه ومن تعلق بأهدابهما من رموز الفساد العائلي طوال سني حكمه الزاهر ! .
وإفراط في التمجيد حتى أطلق بعضهم على محمد ، غفر الله له ، لقب : فتى أصحاب الأخدود ! ، وهو قياس مع الفارق ، أي فارق ، بل وقال أهل مدينته بأنهم سيشيدون له تمثالا فقد صار رمز الثورة ...... إلخ من المبالغات غير المحمودة شرعا وعقلا .

ثم شهدت البلاد المجاورة سريانا لهذه الفعلة ، وكأنها سنة حسنة تستحق المتابعة ، وليست إلا ظرفا كونيا قاهرا فات صاحبه حكم الشرع ، فوقعت في مصر والجزائر وموريتانيا حتى الآن ! ، فهي مرشحة للزيادة ، وحلم الثورة ، مع اختلاف أحوال الأمصار وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الشرعي والعقلي ، حلم الثورة قد أصبح يراود جميع الأمصار المجاورة تقريبا ، وذلك ، أيضا ، من صور المبالغة فقد يحسن في بلد ما لا يحسن في آخر ، وقد ينجح فعل في بلد فتتحسن الأحوال ولو نسبيا ويفشل في آخر فتسوء الأحوال ، فلا بد من النظر في المصالح والمفاسد دون إفراط أو تفريط .

ولا يمكن الحكم على أي فعل بمعزل عن العوارض الكونية التي تحتف به .

ولو قارنا بين هذه الواقعة التي أخذت هذا البعد الجماهيري لما ترتب عليها ، وواقعة مقتل محمد بلال ، رحمه الله ، قتيل الإسكندرية تحت وطأة تعذيب رجال الشرطة في محاولة تلفيق أي اعتراف حول حادثة تفجير كنيسة القديسين حفظا لماء وجوههم القبيحة وإرضاء لسادتهم من أئمة الجور ، وأئمة الكفر الأصلي من النصارى ، لو قارنا بينهم لوجدنا بونا شاسعا في الحكم الشرعي على كلا الرجلين ، فالثاني لم يرتكب ما ارتكبه الأول ، بل قتل مظلوما ، فقتله عند الله ، جل وعلا ، أعظم ، ومع ذلك لم تحظ واقعة قتله بالتغطية الإعلامية المطلوبة لا سيما من المنظمات التي تزعم أنها حقوقية والقيادات التي تزعم أنها دينية وهي لا تجيد إلا التملق والتزلف إلى النصارى برسم التسامح ، فأين هي ، كما وجه لها السؤال بعض الفضلاء عندنا في مقال على موقع طريق الإسلام من بيان حكم قتل المسلم المعصوم الدم بمجرد الظن ، بل حتى الظن غير حاصل ، فهو قتل لمجرد الظلم استبقاء لهيبة زائفة ، فذلك البون الشاسغ في التعاطي مع الحدثين لما ترتب على الأول من ثورة عامة ، يجعل الإنسان يعيد النظر في أحكامه لتسير على مقتضى الشرع دون إغفال كما تقدم للظرف الكوني الذي يحتف بالنازلة .

رحم الله محمد بن بلال وغفر لمحمد بوعزيزي .

والله أعلى وأعلم .

د. هشام عزمي
01-21-2011, 06:19 AM
ومن محاولات الالتفاف على الثورة :
التخريب عن بعد وهو مسلك معتاد ، فسياسة الأرض المحروقة سياسة مفضلة للطغاة حال اليأس أو الانتقام من الأمم التي خلعتهم ، فالتواصل بينه وبين ذيوله وقدرتهم بعض المصادر بنحو 800 عندهم من الإمكانيات القتالية والتكنولولجية ما يشكل تهديدا حقيقيا لأمن البلاد ، وذلك مسلك اتبعة كثير من السياسيين فأحرق نيرون روما ، وأحرقت كاهنة جبال الأوراس مدن شمال إفريقية الزاهرة لظنها أن ذلك يزهد المسلمين في الفتح فهم طلاب غنائم ! ، وأحرق الوزير العبيدي شاور القاهرة إرضاء للفرنجة واستمر الحريق 54 يوما كما ذكر ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" ، فليس مهما الإنسان أو البنيان ، وإنما المهم استبقاء السلطان .
ومنها محاولات الالتفاف الداخلي من بقايا الحزب ، وقد بارزوا الرأس السابق بالعداوة ، فامرأته ، كما صرح الوزير الأول في عهده ، هي التي كانت تدير الشأن العام ، بعد أن كان هو القائد الهمام فليس إلا شبحا تضاءل أمام نفوذ المرأة الحديدية ! ، وهي محاولة للبقاء في الصورة لا أكثر بصب اللعنات على السابق لما ارتحل زمانه ، كما يقع غالبا بعد كل حقبة فساد فيأتي اللاحق ليكشف عن عمد ستر من سبقه فذلك مما يرفع أسهمه فبضدها تتميز الأشياء ! ، وقد وقع في مصر شيء من ذلك عقيب رحيل الزعيم الخالد ! ، وتم طرد الطاغية من الحزب واستقال الرئيس والوزير الأول منه في مسلك دبلوماسي شكلي لا يغير من الحقيقة شيئا فالشخوص واحدة والأفكار ما زالت كما هي ، سواء أكان صاحبها عضوا في الحزب الحاكم أم في غيره ، وذلك الوزير الأول من ضمن المتهمين بالتحريض على قتل المواطنين بالذخيرة الحية فكيف يصير الآن عدو النظام البائد ورئيس حكومة الإنقاذ ؟! ، ولم تخل محاولات الالتفاف عن محاولات التفاف من الجنرالات ، فمدير الأمن السابق حاول قبل القبض عليه الاستئثار بالمغنم ، كما تحكي بعض المصادر ، والعلم عند الرب جل وعلا ، فأقنع الطاغية بأن في الأفق محاولة اقتحام للقصر الرئاسي وهو يخشى عليه ! ، فسارع بالفرار دون أن يصطحب أي شيء من متعلقاته الشخصية فهرب بملابسه فقط ! ، فخلت الساحة لمدير الأمن الوطني أو هكذا ظن قبل إلقاء القبض عليه ، وفي أزمنة الفتن تبرز الانتهازية بروزا قويا فهي مرحلة عدم اتزان تصعد فيها كثير من القوى الهابطة ، وقد يستولي صعلوك على الحكم لمجرد أن لديه قوة تمكنه ، ففي الفتنة لا صوت يعلو على صوت القوة التي تحسم النزاع بالسلب أو الإيجاب .

ولم تخل أيضا من محاولة التفاف خارجية ، فأمريكا ، كما تقول بعض المصادر ، وهي لا تفضل التدخل المباشر فيكفيها ما هي فيه من نوازل خارجية وداخلية تؤذن بقرب سقوطها إن شاء الرب جل وعلا ! ، بدأت في الاتصال برئيس أركان الجيش الذي كان امتناعه عن تنفيذ الأمر بقتل المسلمين بالذخيرة الحية سببا رئيسا في سقوط النظام السابق ، بدأت في الاتصال به ونسيان الماضي ! فهي لا تهتم كثيرا بعملاء أكل الزمان عليهم وشرب ، وسياستها ، كما يقول بعض المحللين ، عدم توطيد عرى الصداقة خلافا لما يظنه أولئك الأغبياء من أنها نصير قوي وحليف استراتيجي ، فتحالفاتها كلها تكتيكية بحتة لتحقيق أهداف معينة تنحل بعدها عرى التحالفات ، فلا صداقات مستمرة وإنما مصالح مستمرة ، كما يقول بعض ساسة الغرب ، فتلك من أصول الميكيافيللية التي تقوم عليها السياسة الأوروبية ، فهي لا تريد أصدقاء دائمين لا سيما إن كانوا ثقيلي الظل فتبعات صداقتهم وقد احترقوا أمام شعوبهم تبعات باهضة وليس من ورائها جدوى فعلام المجاهرة بعداء الشعوب الصديقة في مرحلة جديدة ؟! ، والإشكال عند أولئك الأغبياء أنهم يتوكلون على أمريكا أكثر من توكلهم على الله ، جل وعلا ، إن كان لهم من ذلك نصيب ابتداء ! ، والتاريخ يذكر أن القادر بن ذي النون الذي سلم طليطلة لألفونسو السادس في مقابل بلنسية لم تنفعه صداقة ألفونسو لما أحيط به وقتل جزاء على خيانته وتخاذله ، وفي العصر الحديث توكل حسني الزعيم زعيم أول انقلاب في الشام عليهم فأنجز لهم ، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين ممن صنف في تاريخ قضية بيت المقدس ، أنجز لهم عدة اتفاقيات ، ثم تركوه فأعدمه الجيش بعد 150 يوما من الحكم ، وكذلك جرى لملك مصر بعد أن باعه الإنجليز وبدأ دورهم في التضاؤل فتم التخلص منه وجاءت عصابة الأشرار برسم الثورة لتكمل المهمة بعد أن تسلمت أمريكا ملف الشرق الأوسط ، وكذلك وقع لشاه إيران ، ولموبوتو في زائير ....... إلخ ، وليس ثم من يعتبر ! ، فبعد فراره يتم الآن التحضير مع رئيس أركان الجيش لضبط الأمور في البلاد عن بعد بما يحفظ لهم فيها مصالحهم الاستراتيجية ، وأمريكا خبيرة في صناعة الانقلابات كما صنعت في مصر قبل ذلك ، فكان لها دور رئيس في استثمار ، أو سرقة ثورة المصريين على الأوضاع الفاسدة لا سيما بعد خيانة 48 ، فاصطنعت أبطالا وهميين يرضون الجماهير بخطاباتهم المسرحية وينفذون ما تريد بحذافيره و 67 وكامب ديفيد على ذلك خير شاهد ، وهي خبيرة في جني ثمار ثورات لم تشارك فيها بشكل مباشر وإن أقرتها بالسكوت ، كما هي الحال الآن ، فلا يبعد أنها تخطط لسرقة منجزات الثورة التي يتآمر عليها من بالداخل ومن بالخارج ، ويتوجس الجيران منها خيفة فليس ثم من يؤيدها صراحة ، وليس ثم قيادة فكرية وحركية توجه هذه الطاقات لئلا تضيع سدى ، فعلى المسلمين في ذلك القطر العزيز أن يعيدوا النظر في أهداف الثورة لئلا تقتصر على المطالب الدنيوية البحتة بل لا بد من إطار شرعي فكري كامل يعم أمر الدين والدنيا معا وإلا انتقلت القيادة من طاغوت إلى آخر كما انتقلت من الأول إلى الثاني في انقلاب 87 الذي سبق بتحضير مسرحي أيضا لزعيم جديد هو المنقذ ! ، وليس إلا انتهازيا انتهز أحداث ثورة وقعت في الثمانينيات لنفس الأسباب وإن كانت أخف وطأة من هذه .

والله أعلى وأعلم .

د. هشام عزمي
01-21-2011, 06:22 AM
ولم يخل انقلابه على زعيم الأمة مدى الحياة فهو المواطن الأول والرئيس الأوحد ! ، لم تخل ثورته على مبدل الشرائع صراحة في الدستور المكتوب ثم في الواقع المشهود بمطاردة أهل الدين ومظاهر التدين من قبيل الزي الطائفي البغيض ! ، ومحاولة إلغاء أو تقليص الصيام برسم النسخ للعدد ! ، ومحاولة إجبار الشيخ الفاضل : ابن عاشور رحمه الله على الإفتاء بذلك في واقعة مشهورة ، لم يخل انقلابه على ذلك الجاهل ، كما ذكر بعض الفضلاء ، من استمالة لقلوب الموحدين بإجراءت من قبيل إذاعة الأذان من المسجد الحرام ، فذلك مما يزيد شعبية الحاكم الجديد بإطلاق الحريات الممنوعة وأولها في زماننا بطبيعة الحال الحريات الدينية ومن ثم يتم تقييدها شيئا فشيئا وتعود الحال كما كانت أو أسوأ ، والنموذج البارز الآن هو حال الجمهوريات السوفييتية كأوزبكستان وطاجيكستان على وجه الخصوص فقتل المعتقلين بعد التعذيب البشع والحجر على المساجد برسم التأميم كما هي حال وزارات الأوقاف عندنا ! وقد استعانت طاجيكستان بالتجربة المصرية الرائدة في ذلك ! والحجر على أهل العلم والدعاة وأئمة المساجد ....... إلخ من إجراءات القمع التي يسكت عنها الغرب سكوته عما جرى قبل الثورة الأخيرة فالمصلحة آنذاك كانت تقتضي الإبقاء على الطاغية ، كل ما تقدم من صور الارتداد عن الحرية الدينية ولو محدودة عقيب الاستقلال عن الحكم السوفييتي الملحد صراحة هو : من قبيل استعادة المكاسب فقد انقضت فترة الهدنة الانتقالية من زمن بعيد فاشتعلت الحرب مرة أخرى بل زادت ، وقل مثل ذلك في تحالف القيادة السياسية في مصر مع التيار الإسلامي عقيب رحيل الزعيم الخالد فإزالة آثار الهزيمة المعنوية مهمة دينية بحتة لا يقدر عليها إلا التيار الإسلامي فاقتضت المصلحة السياسية تخفيف القيود عن التيار الإسلامي واقتضت المصلحة الشرعية على الجانب الآخر ، فلكل رؤيته ، اقتضت قبول العرض بعقد التحالف المؤقت لتجديد روح الدين في القلوب وكانت تلك من أعظم مكاسب الهزيمة في 67 ولا زالت آثارها الطيبة باقية مع ما عرض للصحوة من فتور ظاهر في الآونة الأخيرة ثم حدث الانقلاب أيضا فقد كان الأمر مجرد تحالف تكتيكي لا أكثر وبدأ التضييق وهو إلى يومنا في ازدياد لا سيما في الفترة الأخيرة بعد وقوع الأحداث الطائفية التي حمل التيار الإسلامي وزرها بلا ذنب ، ووصل المسلسل في آخر حلقاته إلى المطالبة بمنع إذاعة خطبة الجمعة عبر الميكروفونات الخارجية في المساجد ! وهو إجراء قد يبدو جزئيا ولكنه يدل على مدى التعنت والتضييق حتى في الأمور الجزئية الني لا تشكل خطرا ظاهرا على النظام ! .

والشاهد أن هذا التحالف المؤقت أمر ظاهر حتى في المجتمعات النصرانية التي نبذت الدين من قرون ، ومع ذلك لا تجد غير العاطفة الدينية لحشد الجموع تحت راية الصليب كما وقع في البلقان مع أن القيادات والجموع في سلوكها الإنساني علمانية لا تقيم للدين وزنا ومثله الحشد الطائفي لنصارى مصر الآن مع أن أغلبهم أيضا علماني الطريقة فلا يقيم للدين وزنا فقد انصرف إلى جمع الدنيا والتمتع بلذاتها قدر استطاعته بما في ذلك القيادات التي تترأس باسم الدين صراحة فهي تجيد العزف على وتر الاضطهاد والاسنشهاد ...... إلخ من المصطلحات الدينية التي تستعمل لتحقيق مآرب سياسية فالتحالف هنا أيضا إجراء تكتيكي ، وإن كانت سمة الدين فيه أظهر فالعبرة بالمعاني لا بالمباني ، فالمعنى في حقيقته لا يمت للدين بصلة وحال أتباعه في شأنهم الخاص وقلة اكتراثهم بالديانة على ذلك خير شاهد .

والشاهد أن إظهار شعار الإسلام مؤقتا : إجراء تكتيكي لا أكثر ، وهو من وجه آخر : مئنة من رسوخ تعظيم الديانة في نفوس الموحدين في ذلك البلد المسلم ذي التاريخ الزاهر ، رغم كل محاولات التغييب عن الإسلام والتغريب التي ازدهرت عقيب التحرير ! ، وفي كل بلاد المسلمين عموما ، فكثيرا ما يلجأ الحكام إلى استمالة القلوب بإظهار شعار الدين ولو زورا ! ، وبعضهم يترأس رياسة ذات صبغة دينية ، وهو ما حرص عليه العباسيون ، على سبيل المثال التاريخي ، مع الفارق طبعا فقد كانت دولة بني العباس إسلامية برسم الخلافة الدينية المشوبة بالملك الزماني ، فقد اتخذوا شعار الإمامة وارتسموا برسومها من لبس البردة والإمساك بالقضيب ...... إلخ فصورتهم في أذهان الرعية : صورة الأئمة بل قال بعضهم بأنه سلطان الله ، جل وعلا ، في أرضه ! ، وفي زماننا يكتسب بعض حكام البلاد نوع تعظيم بانتسابهم إلى بيت النبوة ، كما هي الحال في المغرب والأردن ، والشاهد من كل ذلك أن استعمال الدين ولو رسوما لخدمة السياسة واستمالة الشعوب بوعود الإصلاح الديني وتجديد رسوم الإسلام ..... إلخ مسلك معروف في تاريخ الأمم ، بل قد قيل عن أتاتورك أنه ممن سلكه مع عدائه الفاحش للدين ولكنه اضطر إلى انتحاله حينا حتى بلغ مراده .

وهو ما يجعل الإنسان يتريث في الحكم على أية مرحلة جديدة حتى تتضح الصورة ، فالحال الآن : إطلاق للحريات المكبوتة ، وإطلاق لسجناء الرأي ومعظمهم من الإسلاميين ، فهي فترة سعة ، ولو مؤقتة ، وفيها يحرص المرشحون لنيل القيادة على تأليف قلوب كل شرائح المجتمع إسلامية كانت أو علمانية ، وقد يكون ذلك ، أيضا ، إجراء تكتيكيا ، فالمهادنة بين الإسلام والعلمانية قد تحصل لا سيما إن كانا يواجهان عدوا مشتركا ، ومصر ، على سبيل المثال ، تشهد نوعا من هذا التحالف التكتيكي ، فبعض الحركات العلمانية تندد بحملات الاعتقال التي تعرض لها أتباع التيار الإسلامي ، والسلفي تحديدا ، في الثغر السكندري ، وفي المحافظات القريبة منه ، عقيب حادثة تفجير الكنيسة ، وهو مسلك صحيح ، بغض النظر عن نية فاعله ، ولكنه لا يعني بداهة ، دوام التحالف أو التوافق الفكري بين تيار إسلامي وآخر علماني ، فلا بد أن تقع المفاصلة ولو بعد حين ، فتلك سنة الرب ، جل وعلا ، في الكون ، فالتهادن ممكن ، والتصالح محال إلا إن انضم أحدهما إلى معسكر الآخر ، فيفقد وصفه وينتهي الأمر ! ، وليس من المصلحة الشرعية نصب العداء الظاهر لمن سالم وهادن في مرحلة حساسة لا زالت آثار النازلة فيها باقية ، وهي مظنة الاضطراب وعدم الاستقرار ، فالمجاهرة بالعداوة في زمان الفتنة قد تولد فتنة أكبر تقسم المجتمع إلى أحزاب متنافرة ، مع ما يعانيه من عدم وضوح في الرؤية الشرعية ، لطول تغييب عن الدين بمفهومه الشامل بل والتضييق على شعائره ، فمنطلقات الثورة الرئيسة كانت إنسانية بحتة لا إسلامية ، وهي منطلقات ينظر لها بعين الاعتبار كونا ، ويتوخى الحذر منها شرعا لكي لا تصير هي قطب الرحى فلن تقيم دولة عادلة بمفهوم العدل الكامل وإن حصل نوع انفراجة بزوال طاغية مستبد ، فقد يأتي بعده من يسرق الثورة ويكون أشد طغيانا ، وتلك تجربة وقعت في دول أخرى كالباكستان مثلا فقد اكتفى التيار الإسلامي بالشأن الداخلي في اتفاق غير مكتوب مع الجيش الذي استأثر بالحكم الحقيقي ، حتى في ظل حكومات مدنية ، فظهر منه في آخر الأمر طاغية خلع ، أيضا ، بعد استنفاد أغراضه في الحرب العالمية على الإرهاب ! ، فقد قدم دعما عسكريا واستخباريا ، بلغ حد التآمر على شعبه المسلم فاشتعلت بؤر الصراع بين الجيش والقبائل ، وضحى الزعيم بجملة من مواطنيه وجملة من الوافدين فنشطت مخابراته في اصطياد الإرهابيين وتسليمهم إلى أمريكا ، وكان منهم نساء كما قد وقع للدكتورة عافية صديقي ، فك الله أسرها ، وتلك خسة ما بعدها خسة فهي تخالف كل دين ومروءة اشتهر بها أهل تلك البلاد ، مع ما يقتضيه الإنصاف من الإشارة إلى وجوه أخرى من التعاون بين قطاعات من المخابرات والمقاومة في بلاد الأفغان ، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي يعرض مبالغ كبيرة لشراء الولاء وفك الارتباط بين المخابرات والمقاومة ، والشاهد أن سرقة الثورة ، كما تقدم ، أمر غير مستغرب ، بل قد وقعت محاولات لذلك في الخفاء ولا تزال ، فقد يكون السارق جنرالا من الجيش ، أو ثائرا وافدا من الخارج برسم البطولة في التصدي للطاغية البائد ، فيكون هو الطاغية الجديد أو على الأقل : رجل المرحلة الجديدة التي يحسن فيها اللين بعد سنين من الشدة ، والأسماء المرشحة لتولي الأمر إلى الآن : أسماء ذات نهج ليبرالي وبعضها شيوعي ، وهو ، مع ذلك ، يحتفظ بعلاقات تكتيكية بكل القوى بما فيها القوى الإسلامية مع التباين الكامل في المنطلقات والأهداف ، وعموما فإن الشعب قد أنجز ، بتقدير الرب ، جل وعلا ، الفصل الأول من ثورة لم تنته فصولها بعد ، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين ، فلا زال للحديث بقية تظهرها الأيام القادمة بإذن الرب ، جل وعلا ، فقدره الكوني نافذ ، وسنته جارية .

والله أعلى وأعلم .