المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الروح ..



مالك مناع
09-11-2005, 09:54 AM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ‏‏:‏ ‏"‏ومذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر سلف الأمة وأئمة السنة‏:‏ أن الروح عين قائمة بنفسها، تفارق البدن، وتنعم، وتعذب، ليست هي البدن، ولا جزء من أجزائه، ولما كان الإمام أحمد رحمه الله ممن نص على ذلك كما نص عليه غيره من الأئمة؛ لم يختلف أصحابه في ذلك‏"‏‏.‏

وقال في موضع آخر ‏: ‏"‏والصواب أنها ليست مركبة من الجواهر الفردة، ولا من المادة والصورة، وليست من جنس الأجسام المتميزات المشهودة المعهودة، وأما الإشارة إليها؛ فإنه يشار إليها، وتصعد، وتنزل، وتخرج من البدن، وتسيل منه؛ كما جاءت بذلك النصوص ودلت عليه الشواهد العقلية‏.‏

وأما قول القائل‏:‏ أين مسكنها من الجسد‏؟‏ فلا اختصاص للروح بشيء من الجسد، بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد؛ فإن الحياة مشروطة بالروح؛ فإذا كانت الروح في الجسد؛ كان فيه حياة، وإذا فارقته الروح؛ فارقته الحياة‏"‏‏.‏

الروح مخلوقة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ‏‏:‏ ‏"‏روح الآدمي مخلوقة مبدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة، وقد حكى إجماع العلماء على أنها مخلوقة غير واحد من أئمة المسلمين‏"‏‏.‏

وقال تلميذه العلامة ابن القيم‏:‏ ‏"‏والذي يدل على خلقها وجوه‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏، وذكر اثني عشر وجها‏:‏

منها‏:‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ‏}‏ ؛ فهذا اللفظ عام، لا تخصيص فيه بوجه ما، ولا يدخل في ذلك صفاته؛ فإنها داخلة في مسمى اسمه؛ فالله سبحانه هو الإله الموصوف بصفات الكمال، وهو سبحانه بذاته وصفاته الخالق وما سواه مخلوق‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا‏}‏ ، وهذا الخطاب لروحه وبدنه، وليس لبدنه فقط؛ فإن البدن وحده لا يفهم ولا يخاطب ولا يعقل، وإنما الذي يفهم ويعقل ويخاطب هو الروح‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ‏}‏ ، وهذا الإخبار إما أن يتناول أرواحنا وأجسادنا كما يقوله الجمهور، وإما أن يكون واقعا على الأرواح قبل خلق الأجساد كما يقوله من يزعم ذلك، وعلى التقديرين؛ فهو صريح في خلق الأرواح‏.‏

ومنها‏: النصوص الدالة على أن الإنسان عبد بجملته، وليست عبوديته واقعة على بدنه دون روحه، بل عبودية الروح أصل، وعبودية البدن تبع؛ كما أنه تبع لها في الأحكام، وهي التي تحركه وتستعمله، وهو تبع لها في العبودية‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا‏}‏ ؛ فلو كانت روحه قديمة؛ لكان الإنسان لم يزل شيئا مذكورا؛ فإنه إنما هو إنسان بروحه لا بدنه‏.‏

ومنها‏:‏ حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في ‏"‏صحيح البخاري‏"‏وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏(‏الأرواح جنود مجندة؛ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف‏) ، والجنود المجندة لا تكون إلا مخلوقة‏.‏

ومنها‏:‏ أن الروح توصف بالوفاة والقبض والإمساك والإرسال، وهذا شأن المخلوق المحدث المربوب‏.‏


(الإرشاد الى صحيح الاعتقاد للعلامة الفوزان)


يتبع ..

أبو جهاد الأنصاري
09-12-2005, 12:43 AM
اعتدنا من الأخ مالك مناع الكتابة باتزان شديد وروية
جزاك الله خيرا
عذراً فهذه مشاركة مرور ومطالعة

مالك مناع
09-12-2005, 11:39 AM
جزاك الله خيراً أخي أبو جهاد :emrose:



كيفية قبض روح المتوفى وما لها بعد وفاته

قد جاء بيان كيفية التوفي ومآل الروح بعده في حديث البراء بن عازب الطويل، وهذا نصه‏:‏

عن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال‏:‏

( ‏كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له، فقال أعوذ بالله من عذاب القبر؛ ثلاث مرات ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا؛ نزلت إليه الملائكة، كأن على وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، فجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول يا أيتها النفس الطيبة‏!‏ اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها؛ فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة‏؟‏ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك‏؟‏ فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك‏؟‏ فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم‏؟‏ فيقول هو رسول الله فيقولان له ما علمك‏؟‏ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسخ له في قبره مدَّ بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت‏؟‏ فوجهك الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول يا رب‏!‏ أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة‏!‏ اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرَّق روحه في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث‏؟‏ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏ فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ ‏{‏ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق‏}‏ فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك‏؟‏ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم‏؟‏ فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت‏؟‏ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر‏!‏ فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة‏)‏ ‏
.‏
رواه الإمام أحمد وأبو داوود والحاكم وأبو عوانة في ‏"‏صحيحيهما‏"‏ وابن حبان‏.‏

قال شارح الطحاوية‏:‏ ‏"‏وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد في الصحيح‏"‏‏.‏

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ ‏"‏أما الحديث المذكور في قبض روح المؤمن، وأنه يصعد بها إلى السماء التي فيها الله؛ فهذا حديث معروف جيد الإسناد، وقوله‏:‏ ‏"‏فيها الله‏"‏‏:‏ بمنزلة قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ‏}‏ ‏"‏



يتبع ..‏

أبو جهاد الأنصاري
09-12-2005, 12:43 PM
جزاك الله خير يا أخ مالك
أتابعك باهتمام
وأرجو بعد الانتهاء من عرض مادتك تماماً
أن تخصص جزءاً منها للرد على الشبهات التى أثيرت حول مسألة الروح.

مالك مناع
09-13-2005, 12:06 AM
أخي الحبيب أبو جهاد : كأنك تقرأ أفكاري !

أشكر اهتمامك وحسن ظنك بأخيك .. وليتك تشاركني في الموضوع فتثريه بنفائس الفوائد ودرر الكلام من فحول علماء السنة .. أو ترد على بعض شبهات الملحدين أو شطحات الصوفيين .. أكن لك -أخي - من الشاكرين .. :emrose:


قال العلامة ابن القيم‏:‏ ‏"‏الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت‏:‏

فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم؛ كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء‏.‏

ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء، لا جميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره‏.‏

ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة‏.‏

ومنهم من يكون محبوسا في قبره؛ كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد فقال الناس‏:‏ هنيئا له الجنة‏!‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره‏)

ومنهم من يكون مقره باب الجنة؛ كما في حديث ابن عباس‏:‏ ‏(‏الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم من الجنة بكرة وعشية‏)‏ ‏.‏

ومنها ما يكون محبوسا في الأرض لم يعل إلى الملأ الأعلى؛ فإنها كانت روحا سفلية أرضية؛ فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك؛ كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها؛ فالمرء مع من أحب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد؛ كما تقدم في الحديث، ويجعل المؤمن مع النسم الطيب؛ أي‏:‏ الأرواح الطيبة المشاكلة؛ فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها، فتكون معهم هناك‏.‏

ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة‏.‏

فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وأنت إذا تأملت السنن والآثار، وكان لك بها فضل اعتناء؛ عرفت حجة ذلك‏.‏

ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن‏"‏‏.‏

إلى أن قال‏:‏ ‏"‏وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير؛ فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق‏"‏‏.‏


يتبع ..

أبو جهاد الأنصاري
09-13-2005, 02:04 PM
أخي الحبيب أبو جهاد : كأنك تقرأ أفكاري !

أشكر اهتمامك وحسن ظنك بأخيك .. وليتك تشاركني في الموضوع فتثريه بنفائس الفوائد ودرر الكلام من فحول علماء السنة .. أو ترد على بعض شبهات الملحدين أو شطحات الصوفيين .. أكن لك -أخي - من الشاكرين .. :emrose:

جزاك الله خيراً - أخى مالك - على روحك الطيبة وكلماتك العطرة وموضوعك الرائع.
وأشير إلى أن هذا الموضوع قد سد عندى نقصاً كبيراً فى هذه الجزء المهم من المعتقد وهو باب الإيمان بالروح ، وبخاصة مشاركتك الأخيرة هذه.
فإنها جد نافعة.

ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن‏"‏‏.‏

وهذا شأن كل مسألة من مسائل دين الإسلام الحنيف ،
سواء دقت أم عظمت.فلا تناقض البتة بين النقل الصحيح والعقل الصحيح.
إنما التعارض يكون فى الفهم.
وصدق الله حين قال : (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)
كم يدل على هذا أيضاً تناقض كل ملة غير ملة الإسلام عن جادة العقل الصريح.
فما من بدعة وما من نحلة إلا وتجدها تتعرض فيما بينها.
فقط ما علينا إلا أن نعمل عقولنا ونتأمل فلا نجد أمامنا شرعاً محكماً متوافقاً متكاملاً غير شرع الله تعالى.
ومنشأ هذا الاعتقاد ينبنى - أصلاً - على أن العقل من خلق الله والشرع من عند الله فلا تناقض بين خلق الله وشرعه.
فهو القائل سبحانه : (ألا له الخلق والأمر).

مالك مناع
09-13-2005, 02:45 PM
أخي الحبيب أبو جهاد .. جزاك الله خيرا :emrose: :emrose: :emrose:


---------------------------------------

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح:

الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :

أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا .

الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .

الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .

الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة فقد ورد ردّها إليه وقت سلام المسلِّم، وورد : أنه يسمع خفق نعالهم حين يتولون عنه، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .

الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ ( هو ) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .

… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة .


قلت: صدق رحمه الله ونصح! بمعرفة هذا التقسيم البديع تزول إشكالات كثيرة وتجد جوابا للعديد من الأسئلة والشبهات التي تلوكها الألسنة بين الحين والآخر كمثل:

كيف يحيا الأنبياء والشهداء في قبورهم ؟ هل هي كالحياة الدنيوية المعروفة ؟!!
هل يجلس الميت في قبره حقيقة ويسأل ويجيب ؟!!
كيف تُرد روح النبي عليه الصلاة والسلام إليه عندما نسلم عليه؟
كيف يُعقل أن الكائنات الحية لن تموت يوم القيامة ؟

وغيرها ..

فإن اختلاف تعلق الروح بالبدن – وفق التقسيم السابق – يجعلها تخضع لقوانين ونواميس مختلفة عن كل مرحلة ولا يمكن قياسها على غيرها .. فلا يمكن قياس أحوال الروح في الحياة البرزخية على أحوالها في الحياة الدنيا لاختلاف النواميس التي تخضع لها في كلا الحياتين.

وسيأتي الرد التفصيلي على هذه الشبهات من كلام علماء السنة لكني أحببت أن أؤصل للموضوع هنا لمناسبته للمقام ..



يتبع ..

ATmaCA
09-13-2005, 03:19 PM
جزاك الله خيراً اخى مالك.

عندى استفسار وهو عن الرجل الذى كان يمليه النبى :salla2: القرآن الكريم فكان يكتب كيفما شاء وهذا الرجل لم تقبله الارض ووجدوه ملقى على سطح الارض وليس فى باطنها ,, وانا سؤالى ماحال هذا الرجل من كل ماتفضلت به ,, يعنى كيف سيضمه القبر وهو خارج القبر ؟؟
واستفسار اخر كيف علم النبى :salla2: ان الرجل لايكتب مايمليه عليه والنبى :salla2: كان أمى لايقرأ ؟
وجزاك الله خيراً :emrose: :emrose: .

أبو جهاد الأنصاري
09-13-2005, 10:20 PM
رحم الله الإمام ابن القيم ، فقد أنار الله عقله وأفهمه من العلوم ما يشكل على ملايين البشر فى عصرنا الحالى وهم يدّعون العلم والفكر وهم عنه أبعد.
وما حاز الإمام رحمه الله هذا العلم الغزير فى هذه الأمور الدقيقة جداً إلا بتمكسه بنصوص الوحيين.
وإعمال ذهنه فيه بشكل صحيح ، بعيداً عن الإفراط والتفريط.
وجزى الله أخانا مالك خير الجزاء.
ولى تعليق أو إضافة على قول الإمام ابن القيم رحمه الله : فى مسألة حالات تعلق الروح بالجسد.
فالملاحظ أنه عند تغير حالات تعلق الروح بالجسد هو حدوث بعض التغيرات الجسدية أو النفسية عند تغير الحالة من حال إلى حال آخر.
فمثلاً عند تغير تعلق الجسد من حال الجنينية إلى حال الميلاد نجد أن هذا يصحب بصراخ شديد من الطفل.
كما يكون الطفل فيها فى أضعف حالاته. (أقصد أثناء الولادة).
وكثير من الأطفال يموتون أثناء هذا. وقد يكون وجودهم داخل الرحم فى فترة الحمل أكثر أمناً واستقراراً من الناحية الصحية منه فى لحظة الميلاد.
كما نلاحظ تغيراً أيضاً عند تغير تعلق الروح بالجسد حال الوفاة. من شهقات وغرغرة وتغيرات بدنية وصحية ملحوظة ،نسأل الله العفو والعافية وأن يخفف عنا سكرات الموت.
كما ذكرت لنا الآثار حال من يخرجون من القبور يوم البعث - وهو حالة أخرى من حالات تعلق الروح بالجسد - من فزع وهلع وخوف وغير هذا.
وشبيهه م يحدث فى القبر عند سؤال الملكين.
حتى فى حال تغير تعلق الروح بالجسد عند النوم وعند اليقظة.
نجد نوعاً من هذا : فالنعاس يؤدى إلى خمول فى الجسد وثقل فى الرأس وارتفع فى درجة الحرارة وأعراض أخرى نعلمها جميعاً فهى تمر بنا كل يوم وليس منا من هو معصوم من هذا.
كذلك حال اليقظة هناك علامات لمثل ما قلت عند النوم.
هذا طبعاً علاوة على التغيرات التى يسجلها العلماء والباحثون بأجهزتهم الحديثة ولا نلمسها نحن بحواسنا.
بل قد تجدنى أربط بين هذا التعلق ( تعلق الروح بالجسد فى الإنسان).
وبين نزول الوحى على النبى :salla1: ذلك أن للوحى أشكال عدة يصفها النبى :salla1: بأن أشدها ما كان يأتيه على هيئة صليل الجرس ، وكان الصحابة يصفون حال النبى :salla1: وقتها بأنه كان يغط فى نوم شديد ، وتعرق جبهته حتى يتفصد منها العرق ، ويثقل جسده حتى يصير كالصخر ، فإذا رنت رجله على أحدمن الصحابة بجواره كانت ساق الصحابى تغوص فى الرمل أو تكسر.
فهذا تغير يحدث فعلاً نتيجة تعلق الملك جبريل عليه السلام بالنبى :salla1: .
والله أعلى وأعلم.

مالك مناع
09-14-2005, 12:14 PM
أخي أتماكا يقول:

عندى استفسار وهو عن الرجل الذى كان يمليه النبى القرآن الكريم فكان يكتب كيفما شاء وهذا الرجل لم تقبله الارض ووجدوه ملقى على سطح الارض وليس فى باطنها ,, وانا سؤالى ماحال هذا الرجل من كل ماتفضلت به ,, يعنى كيف سيضمه القبر وهو خارج القبر ؟؟

أخي الحبيب أتماكا .. حبذا لو نقلت الحديث لنرى كلام أهل العلم فيه من حيث الصحة أو الضعف ، وعن الشبهة الأولى فإن الجواب عليها سيكون في نهاية الرابط حيث أن مضمونها موجود في أحاديث صحيحة فاصبر أخي الحبيب (وبذلك أكسب المزيد من شرف متابعتكم لي :emrose: ) أما عن الشبهة الثانية فالكلام فيها يتوقف على مدى صحة الحديث أولا ثم سياقه كاملاً وبانتظار النقل أخي الحبيب .. :emrose: :emrose:



مفهوم الموت في الحضارات الإنسانية

تتفق جميع الحضارات الإنسانية بما فيها الفرعونية المصرية القديمة ، والبابلية، والآشورية والصينية والزرداشتية ،والهندية ،واليونانية، والأديان السماوية الثلاثة : اليهودية ،والنصرانية ،والإسلام ، في أن الموت هو مفارقة الروح للجسد . ثم تختلف الحضارات والأديان بعد ذلك اختلافات شتى في هذه الروح .. وهل تعود إلى هذا الجسد أم تعود إلى جسد أخر كما تختلف في كيفية خروجها وخلوصها من هذا البدن ويعتقد البوذيون و الهنادكة والشنتو على سبيل المثال أن الروح تظل حبيسة في الجسد وبالذات في الجمجمة عند الموت وأنها لا تنطلق إلا بعد حرق الجثة وانفجار الجمجمة ولذا تراهم يحرقون جثث موتاهم كما شاهدنا ذلك في احتفالات وفاة أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند، ثم أن الهنادكة والبوذيين يعتقدون بتناسخ الأرواح ، وأن الروح الشريرة تعاد في جسد حقير مثل الكلب والخنزير ،وتظل في تلك الدورات حتى تتطهر وأن الروح الصالحة الخيرة تظل تنتقل في الأجساد الخيرة حتى تصل مرحلة النرفانا وهي السعادة الأبدية المطلقة في الروح المتصلة بالأبد والأزل كما يزعمون.

ولا يهمني هنا هو أن أنحى المنحى التاريخي التفصيلي لمفهوم الروح لدى الحضارات الانسانية لكني أردت أنقل اجماعهم رغم اختلافهم وتنوعهم على وجود الروح وهذا يظهر من ملاحمهم وأشعارهم وأساطيرهم.

بل وجد في المجتمعات البدائية من يقوم بدفن ألوان الطعام وسائر الحاجات حتى لا يعود الميت من جديد فيصب عليه لعنته، بل كان أحياناً يترك للميت الدار التي جاءه فيها الموت وينتقل هو إلى دار أخرى، وفي بعض البلدان كان الإنسان البدائي يُخرج الجثة من الدار من خلال ثقب في الحائط ثم يدور بها حول الدار ثلاث دورات سريعة لكي تنسى الروح أين المدخل إلى تلك الدار فلا تعاودها أبداً.. وهذا يتناسب ولا شك مع الدليل الفطري الذي يعتبره العلماء أقوى الأدلة.

وهكذا نرى أن إنكار الروح أمر طارئ على البشرية واستثناء دخيل على الحضارات الانسانية فلم يخالف في هذا إلا شرذمة في آخر الزمان ونزر لا يعتد برأيهم إذا ما قورن بإجماع الأمم.

مالك مناع
09-14-2005, 12:25 PM
الموت في الإسلام

قلنا أن الروح جسم لطيف نوراني يشتبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر ويتخلل البدن كتخلل الماء للتراب والطين .

وقد دلت الأدلة الشرعية أن الموت هو مفارقة الروح للبدن كما في قوله تعالى : ﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾ وقوله : ﴿ فنفخنا فيه من روحنا ﴾ فالحياة حصلت بنفخ الروح فدل ذلك على أن الموت يحصل بمفارقة الروح للبدن ومن الأدلة على ذلك أيضا حديث البراء بن عازب وقد سبق ذكره فراجعه – غير مأمور-

ولذا قال العلماء :أن الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و انما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته له. وكلمات الفقهاء تتوارد على ذلك فإنك إذا رجعت إلى كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رحمهم الله تجد أنهم يعرفون الموت بأنه مفارقة الروح للبدن.

ذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين:( أن الموت تغير حال فقط ، وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ، ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عنه بخروج الجسد عن طاعتها ، فإن الأعضاء آلات للروح .. والموت عبارة عن استعصاء الأعضاء كلها ) ثم قال:( لا يمكن كشف الغطاء عن كنه الموت ، إذ لا يعرف الموت من لا يعرف الحياة).

وقال الشيخ الدكتور بكر أبوزيد ،: ( إن حقيقة الوفاة هي مفارقة الروح البدن ، وإن حقيقة المفارقة هي خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، من حيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية ).

علامة الموت عند الفقهاء .

الفقهاء رحمهم الله بعد أن يقرروا حقيقة الموت يذكرون علامات الموت أي العلامات التي تدل على أن الروح قد فارق البدن ، وهذه العلامات تواردت كلمات العلماء عليها ويذكرونها في كتاب الجنائز وهذه العلامات ليست قطعية لكنها من قبيل الأمور الظاهرة التي يستدلون بها على مفارقة الروح للبدن وتتلخص في تسع علامات وهي :

1-توقف النفس .

2-استرخاء القدمين بعد انتصابهما ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن طبيبا كان واقفا عند بابه فمر عليه بجنازة يحملونها إلى المقبرة فسأل عن شأنها ، فقيل له : إنهم يحملونها إلى المقبرة ، فقال : إن هذا الشخص لم يمت ، واستدل هذا الطبيب على ذلك بأن قدميه لا تزالان منتصبتين ، فأرجع هذا الميت وفك من أكفانه فأفاق بإذن الله عز وجل .

3-انفصال الكفين عن الذراعين ، فإنها الآن متمسكة بالذراع لكن إذا مات الميت انفصل كفه عن ذراعه فينفصل زنده .

4-ميل الأنف واعوجاجه .

5-امتداد جلدة الوجه .

6-انخساف صدغاه إلى الداخل .

7-تقلص خصيتيه إلى الأعلى مع تدلي الجلدة .

8-برودة البدن .

9-إحداد البصر وهذا دل عليه حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال : ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر ) وفي حديث شداد بن أوس مرفوعا ( إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر ؛ فإن البصر تتبع الروح وقولوا خيرا ؛ فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت ) .

علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر .

علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر هي «موت الدماغ»- كما سيأتي إن شاء الله بيان ذلك-
وأول من نبه على هذا مجموعة من الأطباء الفرنسيين عام 1959م حيث تكلموا عن موت الدماغ وأنه علامة من علامات الموت فيما أسمي بمرحلة ما بعد الإغماء ، ثم بعد ذلك في جامعة هارفارد في أمريكا عام 1967م تكلموا في هذه المسألة ثم بعد ذلك في بريطانيا اجتمعت لجنة مكونة من الكليات الملكية ووضعت ضوابط لما يسمى بموت الدماغ .

أولا: الأجزاء الرئيسية للدماغ وكيفية حدوث موت الدماغ .

يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية :

1- المخ .

2- المخيخ .

3- جذع المخ .

وكل واحد من هذه الأجزاء له وظائف رئيسية إذا عرفناها استطعنا أن نعرف أي هذه الأجزاء الذي إذا مات يكون علامة على موت البدن كما هو عند الأطباء .

فالجزء الأول المخ : ووظيفته تتعلق بالتفكير والذاكرة والإحساس .

والجزء الثاني المخيخ : ووظيفته تتعلق بتوازن الجسم .

والجزء الثالث جذع المخ : وهو أهم هذه الأجزاء ووظائفه وظائف أساسية فوظائفه تتعلق بالتنفس والتحكم في القلب ونبضاته والتحكم بالدورة الدموية... إلخ.

فعند أكثر الأطباء يحصل الموت إذا أصيب جذع المخ فهذه علامة من علامات الموت عند الأطباء ، وبعض الأطباء يخالف في ذلك .

فالمخ إذا أصيب لا يعني هذا حصول الموت لأن وظيفة المخ تتعلق بالذاكرة والإحساس والتفكير فيفوت عليه التفكير والإحساس وتفوت عليه الذاكرة فيحي كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض ، ويمكث على هذه الحال سنوات ، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل.

وكذلك المخيخ لو مات فإنه يفقد توازن الجسم ولا أثر له في موت الإنسان ، فالأطباء يقولون : إذا مات المخ أو المخيخ أمكن للإنسان أن يحيى حياة غير عادية يعني حياة نباتية جسدية فيفقد وعيه الكامل لكنه لا يزال يتنفس وقلبه ينبض ويتغذى .

والغالب أن موت جذع المخ هو الذي موته يكون علامة على الوفاة عند الأطباء ، والغالب أن موته أو إصابته تكون بسبب الحوادث ؛ حوادث السيارات أو القطارات أو الطائرات وما يحصل فيها من الارتطامات والاصطدام الذي يحصل في هذا الجزء من الدماغ .

وكذلك من أسباب موت جذع المخ ؛ النزيف الداخلي .

ثانيا: علامات موت جذع المخ .

ولما كان إصابة جذع المخ عند أكثر الأطباء دليلا على موت الإنسان فإن الأطباء يذكرون لموت جذع المخ علامات منها :

1-الإغماء الكامل .

2-عدم الحركة .

3-عدم التنفس وانقطاعه ولهذا يحتاج إلى أجهزة الإنعاش – وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله- .

4-عدم وجود أي انفعالات انعكاسية ، كظهور آثار الحزن أو السرور .

5-وهي من أهمها مع عدم التنفس عدم وجود نشاط كهربائي في رسم المخ بطريقة معروفة عند الأطباء ، فالأطباء يرسمون المخ فقد يوجد عند هذا المصاب شيء من الرسم الكهربائي ، قد يكون قويا وقد يكون ضعيفا وقد لا يوجد فإذا لم يوجد أي نشاط كهربائي عند رسم المخ بآلاتهم المعروفة فهذا مما يستدلون به على أن جذع المخ قد مات .

هذا بالنسبة لكلام الأطباء لكن يبقى كلام علماء الشريعة الفقهاء في الوقت الحاضر.


الحكم الشرعي للموت الدماغي وهل يعد موتا أم لا ؟

كانت العلامات في السابق على نحو ما ذكرنا لكن لما ظهرت هذه العلامة وهي موت جذع المخ اختلف فيها الفقهاء ، هل هي دليل على موت الإنسان أو أنه حتى الآن لم يمت ؟ على قولين :

القول الأول : وقال به بعض الفقهاء والباحثين في الوقت الحاضر ، قالوا : إنه إذا أثبت الأطباء أن جذع المخ قد مات بالعلامات التي سبق أن أشرنا إليها فإنه يحكم على هذا الشخص بأنه قد مات.
واستدلوا على ذلك فقالوا : إن الروح هي التي تسيطر على البدن عن طريق الدماغ فإذا مات أهم جزء في الدماغ وهو جذع المخ فقدت سيطرتها على البدن فتخرج منه ويقبضها ملك الموت .

القول الثاني : وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين ومنهم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبد الله البسام رحمه الله ، وكذلك أيضا فتوى وزارة الأوقاف الكويتية ، قالوا : إن موت جذع المخ لا يعني الموت ، فلا نحكم بأن هذا الشخص قد مات الآن ويترتب عليه أحكام الموت المعروفة من التوارث والإحداد وانتقال الملكية وبطلان الوكالة وما يتعلق بالوصايا...إلخ .

واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها : قاعدة : اليقين لا يزول بالشك ، واليقين أن هذا الإنسان حي وموته مشكوك فيه ، فقد وجدت وقائع يقرر فيها موت الدماغ ثم بعد ذلك تستمر الحياة .

ومنها : قالوا : إن الشرع يتطلع لإحياء النفوس وإنقاذها وأن أحكامه لا تبنى على الشك وخصوصا ما يتعلق بالأنفس .
ومنها : قالوا : إن من أصول الشريعة المحافظة على المصالح الضرورية التي اتفقت الشرائع على المحافظة عليها، ومن ذلك حفظ النفس.

ومنها : قالوا : إن تعطل الإحساس أو توقف النفس ونحو ذلك لا يدل على فقد الحياة .

الترجيح:

هذا القول الثاني هو الصواب فلا نحكم بموته .



يتبع ..

أبو جهاد الأنصاري
09-14-2005, 05:48 PM
جزاك الله خيراً اخى مالك


واستفسار اخر كيف علم النبى :salla2: ان الرجل لايكتب مايمليه عليه والنبى :salla2: كان أمى لايقرأ ؟
وجزاك الله خيراً
ربما أتمكن - قريباً إن شاء الله - من إيراد رد على تساؤل الأخ أتماكا.

ATmaCA
09-14-2005, 06:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
اخى مالك :

أخي الحبيب أتماكا .. حبذا لو نقلت الحديث لنرى كلام أهل العلم فيه من حيث الصحة أو الضعف ، وعن الشبهة الأولى فإن الجواب عليها سيكون في نهاية الرابط حيث أن مضمونها موجود في أحاديث صحيحة فاصبر أخي الحبيب (وبذلك أكسب المزيد من شرف متابعتكم لي ) أما عن الشبهة الثانية فالكلام فيها يتوقف على مدى صحة الحديث أولا ثم سياقه كاملاً وبانتظار النقل أخي الحبيب ..

عن أنس - رضى الله عنه - أن رجلاً كان يكتب للنبى :salla2: وكان قد قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عز فينا - يعنى عظم - فكان رسول الله :salla2: يملى عليه غفوراً رحيماً فيكتب عليماً حكيماً فيقول له النبى :salla2: ( اكتب كذا وكذا ) فيقول اكتب كيف شئت , ويملى عليه عليماً حكيماً فيكتب سميعاً بصيراً , فيقول له النبى :salla2: ( اكتب كذا وكذا ) فيقول : أكتب كيف شئت .
قال : فارتد ذلك الرجل عن الأسلام فلحق بالمشركين وقال : أنا اعلمكم بمحمد , وانى كنت لاأكتب الا ما شئت فمات ذلك الرجل , فقال النبى :salla2: ( إن الارض لاتقبله )) .
قال أنس : فحدثنى أبو طلحة أنه اتى الأرض التى مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذاً , فقال أبو طلحة : ما شأن ذلك الرجل ؟ فقالوا قد دفناه مراراً فلم تقبله الأرض ,,
حديث صحيح : أخرجه أحمد ( 3 \ 20 - 121 ) ورواه البخارى فى كتاب المناقب باب علامات النبوة رقم ( 3617 ) بلفظ اخر .. وقال ابن كثير عن رواية احمد صحيح على شرط الشيخين .

وانا سؤالى إن الارض لم تقبل ذلك الرجل فكيف سيضمه القبر حسب ما ورد من النصوص ,, وبعيداً عن الحديث فهناك اشخاص لايدفنون فى الارض ويدفنون فى قبور خشبية وهناك من لايدفن اصلاً وتأكله وحوش الصحراء وتبلى اجسادهم.

وسؤالى الثانى كيف علم النبى :salla2: ان الرجل يكتب خطأ والنبى :salla2: كان لايجيد القراءة ؟

وجزاكم الله خيراً .

مالك مناع
09-15-2005, 12:50 AM
أخي الحبيب أتماكا:

وانا سؤالى إن الارض لم تقبل ذلك الرجل فكيف سيضمه القبر حسب ما ورد من النصوص ,, وبعيداً عن الحديث فهناك اشخاص لايدفنون فى الارض ويدفنون فى قبور خشبية وهناك من لايدفن اصلاً وتأكله وحوش الصحراء وتبلى اجسادهم.

سيأتيك الرد أخي الحبيب - كما وعدتك سابقاً - ولكن اصبر .. :emrose: (ما تحرقش الفيلم علينا ;): )


وسؤالى الثانى كيف علم النبى ان الرجل يكتب خطأ والنبى كان لايجيد القراءة ؟

والحديث كما أوردته أنت:


عن أنس - رضى الله عنه - أن رجلاً كان يكتب للنبى وكان قد قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عز فينا - يعنى عظم - فكان رسول الله يملى عليه غفوراً رحيماً فيكتب عليماً حكيماً فيقول له النبى ( اكتب كذا وكذا ) فيقول اكتب كيف شئت , ويملى عليه عليماً حكيماً فيكتب سميعاً بصيراً , فيقول له النبى ( اكتب كذا وكذا ) فيقول : أكتب كيف شئت . قال : فارتد ذلك الرجل عن الأسلام فلحق بالمشركين وقال : أنا اعلمكم بمحمد , وانى كنت لاأكتب الا ما شئت فمات ذلك الرجل , فقال النبى ( إن الارض لاتقبله )) .
قال أنس : فحدثنى أبو طلحة أنه اتى الأرض التى مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذاً , فقال أبو طلحة : ما شأن ذلك الرجل ؟ فقالوا قد دفناه مراراً فلم تقبله الأرض ,,
حديث صحيح : أخرجه أحمد ( 3 \ 20 - 121 ) ورواه البخارى فى كتاب المناقب باب علامات النبوة رقم ( 3617 ) بلفظ اخر .. وقال ابن كثير عن رواية احمد صحيح على شرط الشيخين .



أخي الحبيب لم أجد الحديث بهذا اللفظ في مسند الامام أحمد. ما وجدته هو هذان الحديثان:

(12846 ) حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَاَ البَقرَة وَالَ عمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِاَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ فَرَفَعُوهُ وَقَالُوا هَذَا كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثَ اَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتْ الْاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتْ الْاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتْ الْاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا‏.‏

(13084 ) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ اَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ اَنَسٍ، اَنَّ رَجُلًا، كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِذَا اَمْلَى عَلَيْهِ سَمِيعًا يَقُولُ كَتَبْتُ سَمِيعًا بَصِيرًا قَالَ دَعْهُ وَاِذَا اَمْلَى عَلَيْهِ عَلِيمًا حَكِيمًا كَتَبَ عَلِيمًا حَلِيمًا قَالَ حَمَّادٌ نَحْوَ ذَا قَالَ وَكَانَ قَدْ قَرَاَ البَقرَة وَالَ عمْرَانَ وَكَانَ مَنْ قَرَاَهُمَا قَدْ قَرَاَ قُرْانًا كَثِيرًا فَذَهَبَ فَتَنَصَّرَ فَقَالَ لَقَدْ كُنْتُ اَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ مَا شِئْتُ فَيَقُولُ دَعْهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ فَنَبَذَتْهُ الْاَرْضُ مَرَّتَيْنِ اَوْ ثَلَاثًا قَالَ اَبُو طَلْحَةَ وَلَقَدْ رَاَيْتُهُ مَنْبُوذًا فَوْقَ الْاَرْضِ‏.‏


وعند مسلم:

- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا اَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، - وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ - عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَاَ البَقرَة وَالَ عمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِاَهْلِ الْكِتَابِ - قَالَ - فَرَفَعُوهُ قَالُوا هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَاُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثَ اَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتِ الاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتِ الاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَاَصْبَحَتِ الاَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا.


وعند البخاري بهذا اللفظ:

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ

قال الحافظ ابن حجر في الفتح:

حديث أنس في الذي أسلم ثم ارتد فدفن فلفظته الأرض‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كان رجل نصرانيا‏)‏ لم أقف على اسمه، لكن في رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس ‏"‏ كان منا رجل من بني النجار‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فعاد نصرانيا‏)‏ في رواية ثابت‏:‏ ‏"‏ فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب فرفعوه‏:‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ما يدري محمد إلا ما كتبت له‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ كان يقول ما أرى يحسن محمد إلا ما كنت أكتب له ‏"‏ وروى ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏فأماته الله‏)‏ في رواية ثابت ‏"‏ فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لما هرب منهم‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ لما لم يرض دينهم‏"‏‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لفظته الأرض‏)‏ بكسر الفاء أي طرحته ورمته، وحكي فتح الفاء‏.‏
قوله‏:‏ في آخره ‏(‏فألقوه‏)‏ في رواية ثابت ‏"‏ فتركوه منبوذا‏"‏‏.‏

وعلى كل حال فما أوردته من مشكل لا محل له في في الروايات السابقة لو تأملتها.
فالشبهة غير واردة أصلاً حتى يثبت الحديث باللفظ الذي ذكرته ..

ATmaCA
09-15-2005, 05:40 AM
شكراً لك اخى الحبيب مالك وهاهو الحديث من موقع الدرر السنية وبنفس اللفظ الذى ذكرته فى المشاركة السابقة :

أن رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قرأ البقرة وآل عمران ، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا ، يعني عظم ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه : غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما ، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب كذا وكذا ، اكتب كيف شئت ، ويملي عليه عليما حكيما فيكتب سميعا بصيرا ، فيقول اكتب كيف شئت ، فارتد ذلك الرجل عن الإسلام ، فلحق المشركين ، وقال: أنا أعلمكم بمحمد إن كنت لأكتب ما شئت ، فمات ذلك الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأرض لا تقبله ، قال أنس : فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل ، فوجده منبوذا ، قال أبو طلحة : ما شأن هذا الرجل ؟ قالوا : قد دفناه مرارا فلم تقبله الأرض .


الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: ابن تيمية - المصدر: الصارم المسلول - الصفحة أو الرقم: 2/241

من موقع الدرر السنية http://www.dorar.net/mhadith.asp ,,
ويبدو انه اختلط علي الأمر !.

سيف الكلمة
09-15-2005, 07:23 PM
جزاك الله خيراً اخى مالك.

عندى استفسار وهو عن الرجل الذى كان يمليه النبى :salla2: القرآن الكريم فكان يكتب كيفما شاء وهذا الرجل لم تقبله الارض ووجدوه ملقى على سطح الارض وليس فى باطنها ,, وانا سؤالى ماحال هذا الرجل من كل ماتفضلت به ,, يعنى كيف سيضمه القبر وهو خارج القبر ؟؟

أخى الكريم
ما هى الأرض
الطبقات اامنصهرة بالباطن أو القشرة الصلبه أو ما تحويه القشرة الصلبة من جبال وبحار أم الغلاف الجوى ؟
ألم يدفن هذا الرجل عدة مرات
إذن يمكن أن تتم الضغطة تحت سطح الأرض عدة مرات
ألم تلفظه الأرض كراهية له ؟ فهل يكون لفظها له بفعل فيه رحمة أو بفعل فيه شدة وغضب منه
ألم يخرج من بطن الأرض إلى الهواء الجوى وهو على سطح الأرض
أليس للهواء ضغط جوى يمكن أن يسخره الله كيف يشاء
الأهم من ذلك هو المعجزة التى فيها عبرة واتعاظ لمن له قلب مؤمن يرى به الحق والعظة

واستفسار اخر كيف علم النبى :salla2: ان الرجل لايكتب مايمليه عليه والنبى :salla2: كان أمى لايقرأ ؟

قال الله سبحانه وتعالى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى سورة النجم
( لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى )
هذه تكفينى ليتقبل عقلى وقلبى صحة الحديث الصحيح

قال الأخ أبو جهاد

وهذا شأن كل مسألة من مسائل دين الإسلام الحنيف ،
وقوله حق بإذن الله

وجزاك الله خيراً .

وجزاك خيرا فقد انتبهت لما لم يأت بذهنى عند قراءة الحديث

مالك مناع
09-16-2005, 12:37 AM
هل الروح والنفس شيء واحد أو شيئان متغايران‏؟‏

اختلف الناس في ذلك‏:‏ فمن قائل‏:‏ إنهما شيء واحد، وهم الجمهور‏.‏ ومن قائل‏:‏ إنهما متغايران‏.‏

والتحقيق أن لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان، فيتحد مدلولها تارة ويختلف تارة، فالنفس تطلق على أمور‏:‏

منها‏:‏ الروح؛ يقال‏:‏ خرجت نفسه؛ أي‏:‏ روحه، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ‏}
‏ ‏.‏
ومنها‏:‏ الذات؛ يقال‏:‏ رأيت زيدا نفسه وعينه، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ‏}‏ ‏.

ومنها‏:‏ الدم؛ يقال‏:‏ سالت نفسه، ومنه قول الفقهاء‏:‏ ما له نفس سائلة، وما ليس له نفس سائلة، ومنه يقال‏:‏ نفست المرأة إذا حاضت ونفست إذا نفسها ولدها، ومنه النفساء‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية‏:‏ ‏"‏ويقال‏:‏ النفوس ثلاثة أنواع، وهي‏:‏

النفس الأمارة بالسوء‏:‏ التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي‏.‏

والنفس اللوامة‏:‏ وهي التي تذنب وتتوب؛ ففيها خير وشر، ولكن إذا فعلت الشر؛ تابت وأنابت، فتسمى لوامة؛ لأنها تلوم صاحبها على الذنوب، ولا تتلوم؛ أي‏:‏ تتردد بين الخير والشر‏.‏

والنفس المطمئنة‏:‏ وهي التي تحب الخير والحسنات، وتبغض الشر والسيئات، وقد صار ذلك لها خلقا وعادة‏.‏
فهذه صفات وأحوال لذات واحدة؛ لأن النفس التي لكل إنسان هي نفس واحدة‏.‏

والروح أيضا تطلق على معان‏:‏

منها‏:‏ القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله؛ قال تعالى‏:‏ {‏وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا‏}
‏ ‏.‏
وعلى جبريل؛ قال تعالى‏:‏ ‏{‏نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ‏}‏ ‏.‏

وعلى الوحي الذي يوحيه إلى أنبيائه ورسله؛ قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ‏}‏ ، سمي روحا لما يحصل به من الحياة النافعة؛ فإن الحياة بدونه لا تنفع صاحبها البتة، وسميت الروح روحا لأن بها حياة البدن‏.‏

وتطلق الروح أيضا على الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه‏.‏

وتطلق الروح على ما سبق بيانه، وهو ما يحصل بفراقه الموت، وهي بهذا الاعتبار ترادف النفس ويتحد مدلولهما، ويفترقان في أن النفس تطلق على البدن وعلى الدم، والروح لا تطلق عليهما‏.‏‏‏.‏

يتبع ..

مالك مناع
09-16-2005, 01:16 AM
أخي الحبيب أتماكا:


أن رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قرأ البقرة وآل عمران ، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا ، يعني عظم ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه : غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما ، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : اكتب كذا وكذا ، اكتب كيف شئت ، ويملي عليه عليما حكيما فيكتب سميعا بصيرا ، فيقول اكتب كيف شئت ، فارتد ذلك الرجل عن الإسلام ، فلحق المشركين ، وقال: أنا أعلمكم بمحمد إن كنت لأكتب ما شئت ، فمات ذلك الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأرض لا تقبله ، قال أنس : فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل ، فوجده منبوذا ، قال أبو طلحة : ما شأن هذا الرجل ؟ قالوا : قد دفناه مرارا فلم تقبله الأرض .

الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: ابن تيمية - المصدر: الصارم المسلول - الصفحة أو الرقم: 2/241


هذا لا يعني أخي أن الحديث صحيح فالحكم هنا على السند فقط ولا يشمل المتن الذي لا بد أن يخلو من الشذوذ والعلة القادحة كما يقول علماء المصطلح.

على كل حال .. سأبحث أخي الحبيب أولاً عن مدى صحة الحديث .. علماً بأن الحديث الذي أوردته الآن يختلف لفظه أيضاً عن الأول ، لكني رجعت إلى الموقع المذكور ووجدت الحديث بلفظه الذي أشكل عليك .. وسأنشط -إن شاء الله - في البحث عن المسألة .. فهو طلب عزيز من أخ عزيز ..

:emrose:

مالك مناع
09-17-2005, 01:27 PM
الحبيب أتماكا:

وسؤالى الثانى كيف علم النبى ان الرجل يكتب خطأ والنبى كان لايجيد القراءة ؟

أخي الحبيب أتماكا .. أتيتك بما وعدتك به حول سؤالك الثاني وذلك من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه العظيم الصارم المسلول.

وهو كلام نفيس .. نفيس .. آثرت نقله بالكامل لأن فيه الرد على الشبهة التي تفضلتم بها و غيرها مما قد يخطر في البال - كما حدث معي أنا شخصياً- عندما خطر ببالي السؤال التالي: كيف يقر النبي عليه الصلاة والسلام النصراني على ما كتب ويقول له اكتب ما شئت .. فسارعت - كعادتي مع نصوص الوحيين- باتهام عقلي ثم بحثت عن الجواب عند أهل العلم فلم يشف غليلي إلا صارم شيخ الاسلام المسلول على أهل الزندقة والالحاد ..

فحكل عينيك أخي بنفائس العلم.. ودرر الكلام ..


قال شيخ الاسلام ابن تيمية:

"واعلم ان افتراء ابن ابي سرح والكاتب الاخر النصراني على رسول الله بانه كان يتعلم منهما افتراء ظاهر وكذلك قوله اني لاصرفه كيف شئت انه ليامرني ان اكتب له الشيء فاقول له او كذا او كذا فيقول نعم فرية ظاهرة فان النبي كان لا يكتبه الا ما انزله الله ولا يامره ان يثبت قرانا الا ما اوحاه الله اليه ولا ينصرف له كيف شاء بل يتصرف كما يشاء الله

وكذلك قوله اني لاكتب له ماشئت هذا الذي كتبت يوحي الي كما يوحي الى محمد وان محمدا اذا كان يتعلم مني فاني سانزل مثل ما انزل الله فرية ظاهرة فان النبي لم يكن يكتبه ما شاء ولا كان يوحي اليه شيء وكذلك قول النصراني ما يدري محمد الا ما كتبت له من هذا القبيل وعلى هذا الافتراء حاق به العذاب واستوجب العقاب ثم اختلف اهل العلم هل كان النبي اقره على ان يكتب شيئا غير ما ابتداه النبي باكتابه وهل قال له شيئا على قولين احدهما ان النصراني وابن ابي سرح افتريا على رسول الله ذلك كله وانه لم يصدر منه قول فيه اقرار على كتابة غير ما قاله اصلا وانما لما زين لهما الشيطان الردة افتريا عليه لينفرا عنه الناس ويكون قبول ذلك منهما متوجها لانهما فارقاه بعد خبرة وذلك انه لم يخبر احد انه سمع النبي يقول له هذا الذي قلته او كتبته صواب وانما هو حال الردة اخبر انه قال له ذلك وهو اذ ذاك كافر عدو يفتري على الله ما هو اعظم من ذلك

يبين ذلك ان الذي في الصحيح ان النصراني كان يقول ما يدري محمد الا ماكتبت له نعم ربما كان هو يكتب غير ما يقوله النبي ويغيره ويزيده وينقصه فظن ان عمدة النبي على كتابته مع ما فيها من التبديل ولم يدر ان كتاب الله ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وانه لا يغسله الماء وان الله حافظ له وان الله يقريء نبيه فلا ينسى الا ما شاء الله مما يريد رفعه ونسخ تلاوته وان جبريل كان يعارضا النبي بالقران كل عام وان النبي اذا انزلت عليه الاية اقراها لعدد من المسلمين يتواتر نقل الاية بهم واكثر من ذكر هذه القصة من المفسرين ذكر انه كان يملي عليه سميعا عليما فيكتب هو عليما حكيما واذا قال عليما حكيما كتب غفورا رحيما واشباه ذلك ولم يذكر ان النبي قال له شيئا قالوا واذا كان الرجل قد علم انه من اهل الفرية والكذب حتى اظهر الله كذبه اية بينة والروايات الصحيحة المشهورة لم تتضمن الا انه قال عن النبي ما قال او انه كتب ما شاء فقط علم ان النبي لم يقل له شيئا قالوا وما روي في بعض الروايات ان النبي قال فهو منقطع او معلل ولعل قائله قاله بناء على ان الكاتب هو الذي قال ذلك ومثل هذا قد يلتبس الامر فيه حتى يشتبه ماقاله النبي وما قيل انه قاله وعلى هذا القول فلا سؤال اصلا 0

القول الثاني ان النبي قال له شيئا فروى الامام احمد وغيره من حديث حماد بن سلمة انا ثابت عن انس ان رجلا كان يكتب لرسول الله فاذا املي عليه سميعا عليما يقول كتبت سميعا بصيرا قال دعه واذا املي عليه عليما حكيما كتب عليما حليما قال حماد نحو ذا قال وكان قد قرا البقرة وال عمران وكان من قراهما قد قرا قرانا كثيرا فذهب فتنصر وقال لقد كنت اكتب لمحمد ما شئت فيقول دعه فمات فدفن فنبذته الارض مرتين او ثلاثا قال ابو طلحة فلقد رايته مبوذا فوق الارض.

ورواه الامام احمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حميد عن انس ان رجلا كان يكتب لرسول الله وقد قرا البقرة وال عمران وكان الرجل اذا قرا البقرة وال عمران جد فينا يعني عظم فكان النبي يملي عليه غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما فيقول له النبي اكتب كذا وكذا اكتب كيف شئت ويملي عليه عليما حكيما فيكتب سميعا بصيرا فيقول اكتب كيف شئت فارتد ذلك الرجل عن الاسلام فلحق بالمشركين وقال انا اعلمكم بمحمد ان كنت لاكتب ما شئت فمات ذلك الرجل فقال رسول الله ان الارض لاتقبله قال انس فحدثني ابو طلحة انه اتى الارض التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذا قال ابو طلحة ما شان هذا الرجل قالوا قدمناه مرارا فلم تقبله الارض فهذا اسناد صحيح.

وقد قال من ذهب الى القول الاول علل البزار حديث ثابت عن انس وقال رواه عنه ولم يتابع عليه ورواه حميد عن انس قال واظن حميدا انما سمعه من ثابت قالوا ثم ان انسا لم يذكر انه سمع النبي او شهده يقول ذلك ولعله حكى ما سمع وفي هذا الكلام تكلف ظاهر والذي ذكرناه في حديث ابن اسحاق والواقدي وغيرهما يوافق ظاهر هذه الرواية وكذلك ذكر طائفة من اهل التفسير وقد جاءت اثار فيها بيان صفة الحال على هذا القول ففي حديث ابن اسحاق وذلك ان رسول الله كان يقول عليم حكيم فيقول او اكتب عزيز حكيم فيقول له رسول الله نعم كلاهما سواء وفي الرواية الاخرى وذلك ان رسول الله كان يملي عليه فيقول عزيز حكيم او حكيم عليم فكان يكتبها على احد الحرفين فيقول كل صواب ففي هذا بيان لان كلا الحرفين كان قد نزل وان النبي كان يقراهما ويقول له اكتب كيف شئت من هذين الحرفين فكل صواب وقد جاء مصرحا عن النبي انه قال انزل القران على سبعة احرف كلها شاف كاف ان قلت عزيز حكيم او غفور رحيم فهو كذلك ما لم يختم اية رحمه بعذاب او اية عذاب برحمة وفي حرف جماعة من الصحابة ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت الغفور الرحيم والاحاديث في ذلك منتشرة تدل على ان من الحروف السبعة التي نزل عليها القران ان تختم الاية الواحدة بعدة اسماء من اسماء الله على سبيل البدل يخير القارئ في القراءة بايها شاء وكان النبي يخيره ان يكتب ما شاء من تلك الحروف وربما قراها النبي بحرف من الحروف فيقول او اكتب كذا وكذا لكثرة ما سمع النبي يخير بين الحرفين فيقول له النبي نعم كلاهما سواء لان الاية نزلت بالحرفين وربما كتب هو احد الحرفين ثم قراه على النبي فاقره عليه لانه قد نزل كذلك ايضا وختم الاية بمثل سميع عليم و عليم حكيم و غفور رحيم او بمثل سميع بصير او عليم حكيم او عليم حليم كثير في القران وكان نزول الاية على عدة من هذه الحروف امرا معتادا ثم ان الله نسخ بعض تلك الحروف لما كان جبريل يعارض النبي بالقران في كل رمضان وكانت العرضة الاخيرة في حرف زيد بن ثابت الذي يقراء الناس به اليوم وهو الذي جمع عثمان والصحابة رضي الله عنهم اجمعين عليه الناس.

ولهذا ذكر ابن عباس هذه القصة في الناسخ والمنسوخ وكذلك ذكرها الامام احمد في كتابه الناسخ والمنسوخ لتضمنها نسخ بعض الحروف وروي فيها وجه اخر رواه الامام احمد في الناسخ والمنسوخ حدثنا مسكين بن بكير ثنا معان قال وسمعت ابا خلف يقول كان ابن ابي سرح كتب للنبي القران فكان ربما سال النبي عن خواتم الاي تعملون و تفعلون ونحو ذا فيقول له النبي اكتب اي ذلك شئت قال فيوفقه الله للصواب من ذلك فاتى اهل مكة مرتدا فقالوا يا ابن ابي سرح كيف كنت تكتب لابن ابي كبشة القران قال اكتبه كيف شئت قال فانزل الله في ذلك " ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او قال اوحي الي ولم يوح اليه شيء" الاية كلها.

قال النبي يوم فتح مكه من اخذ ابن ابي سرح فليضرب عنقه حيثما وجد وان كان متعلقا باستار الكعبة ففي هذا الاثر انه كان يسال النبي عن حرفين جائزين فيقول له اكتب اي ذلك شئت فيوفقه الله للصواب فيكتب احب الحرفين الى الله ان كان كلاهما منزلا او يكتب ما انزل الله فقط ان لم يكن الاخر منزلا وكان هذا التخيير من النبي اما توسعه ان كان الله قد انزلهما او ثقته بحفظ الله وعلما منه بانه لا يكتب الا ما انزل وليس هذا ينكر في كتاب تولى الله حفظه وضمن انه لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وذكر بعضهم وجها ثالثا وهو انه ربما كان يسمع النبي يمله الاية حتى لم يبق منها الا كلمة او كلمتان فيستدل على بما قراء منها على باقيها كما يفعله الفطن الذكي فيكتبه ثم يقراه على النبي فيقول كذلك انزلت. كما اتفق مثل ذلك لعمر في قوله فتبارك الله احسن الخالقين

وقد روى الكلبي عن ابي صالح عنابن عباس مثل هذا في هذه القصة وان كان هذا الاسناد ليس بثقة قال عن ابن ابي سرح انه كان تكلم بالاسلام وكان يكتب لرسول الله في بعض الاحايين فاذا املي عليه عزيز حكيم كتب غفور رحيم فيقول رسول الله هذا وذاك سواء فلما نزلت " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين" املاها عليه فلما انتهى الى قوله خلقا اخر عجب عبد الله بن سعد فقال تبارك الله احسن الخالقين فقال رسول الله كذا انزلت علي فاكتبها فشك حينئذ وقال لئن كان محمد صادقا لقد اوحي الي كما اوحي اليه ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال فنزلت هذه الاية.

ومما ضعفت به هذه الرواية ان المشهور ان الذي تكلم بهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن الناس من قال قولا اخر قال الذي ثبت في رواية انس انه كان يعرض على النبي ما كتبه بعدما كتبه فيملي عليه سميعا عليما فيقول كتبت سميعا بصيرا فيقول دعه او اكتب كيف شئت وكذلك في حديث الواقدي انه كان يقول كذاك الله ويقره قالوا وكان النبي به حاجة الى من يكتب لقلة الكتاب في الصحابة وعدم حضور الكتاب منهم في وقت الحاجة اليهم فان العرب كان الغالب عليهم الامية حتى ان كان الجو العظيم يطلب فيه كاتب فلا يوجد فكان احدهم اذا اراد كتابة وثيقة او كتاب وجد مشقة حتى يصل له كاتب فاذا اتفق للنبي من يكتب له انتهز الفرصة في كتابتة فاذا زاد كاتب او نقص تركه لحرصه على كتابة ما يملى ولايامره بتغيير ذلك خوفا من ضجره وان يقطع الكتابة قبل اتمامها ثقة منه بان تلك الكلمة او الكلمتين تستدرك فيما بعد بالالقاء الى من يتلقنها منه او بكتابتها تعويلا على المحفوظ عنده وفي قلبه كما قال الله تعالى " سنقرئك فلا تنسى الا ما شاء الله انه يعلم الجهر وما يخفى "

والاشبه والله اعلم هو الوجه الاول وان هذا كان فيما انزل القران فيه على حروف عدة فان القول المرضي عند علماء السلف الذي يدل عليه عامة الأحاديث وقراءات الصحابة ان المصحف الذي جمع عثمان الناس عليه هو احد الحروف السبعة وهو العرضة الاخيرة وان الحروف الستة خارجة عن هذا المصحف فان الحروف السبعة كانت مختلفة الكلم مع ان المعنى غير مختلف ولا متضاد.

انتهى كلامه رحمه الله. .

ATmaCA
09-17-2005, 03:28 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

جزاكم الله خيراً اخى سيف الكلمة وأخى مالك مناع ,, والحقيقة رد شيخ الاسلام ابن تيمية من أمتع مايمكن به تفصيل شديد وسهولة فى المعانى ودقة وذكاء ,, جزاه الله عنا كل خير ,, وسؤالى اخى مالك بارك الله فيك لم يكن شبهة :)): ,, مجرد سؤال ( استفسارى ) أستصعب على فهمه وليس ( استنكارى ) ,, فمن أنا حتى استنكر شىء من اقوال او افعال رسول الله :salla2:
مع جزيل الشكر .

مالك مناع
09-18-2005, 09:49 AM
يخلط البعض في معاني الروح والنفس والعقل، ولقد كنا قد بينا في المداخلة رقم 17 الفروق الرئيسية بين الروح والنفس وأنهما من الألفاظ التي إذا إجتمعت اختلفت دلالاتها ومعانيها، وإذا افترقت اتحدت دلالاتها ومعانيها وسنحاول هنا إزالة الغبش عن مفهوم العقل وكنهه والصفات الواجب توفرها في الشخص حتى يطلق عليه عاقل (وهي مهمة: ليُعلم أن كثيراً من الناطقين أضل من البهائم) ولقد حاولت استقصاء تعاريف العلماء (والعقلاء) للعقل فوجدتها لا تخرج عن أربعة نقلتها بتصرف واختصار عن مقال في مجلة التراث العربي:

إنَّ العقل في اللغة يُطلق على المنع والحبس.

ووجه تسمية العقل بهذا الاسم: كونه يمنع صاحبَه عن التورطُّ في المهالك, ويحبسُه عن ذميم القول والفعل.

وللعقل معان أربعة:

المعنى الاول: الغريزة ـ التي هي إحدى معاني العقل ـ شرطٌ في المعقولات والمعلومات, وهي مناط التكليف؛ فإذا عُدِمَتْ في الإنسان, سقطت عنه التكاليف الشرعيَّة. وهو منقول عن الامام أحمد.

يقول أبو حامد الغزالي (ت 505هـ) , إنَّه: "الوصفُ الذي يُفارق الإنسان به سائر البهائم, وهو الذي استعدّ به لقبول العلوم النظريَّة, وتدبير الصناعات الخفيَّة الفكريَّة".

وعن هذا المعنى نفسه, يقول ابن تيمية: "العقلُ شرطٌ في معرفة العلوم, وكمال وصلاح العمال, وبه يكمل العلم والعمل, ولكنَّه ليس مستقلاً بذلك, لكنَّه غريزةٌ في النَّفس, وقوَّة فيها, بمنزلة قوَّة البصر التي في العين".ويُلاحَظ تشبيه العقلَ بالبصرِ.

وقد سبقه إلى هذا التشبيه البليغ قومٌ, قالوا عن العقل: "هو نورٌ وضعه الله طبعاً وغريزة, يُبصر به, ويُعبّر به. نورٌ في القلب, كالنُّور في العين, وهو البصر..".

لكنّ هذا البصر إنَّ اتصل به نور الشمس, أو ضوء النَّار, صار أشد قوَّة وإبصاراً, وإن انفرد بنفسه, ضَعُفَ.

كذلك صاحب العقل إن وصله بنور الإيمان والقرآن, اهتدى وسَعُدَ. وإذا لم يتصل بهما عجز عن إدراك الأمور التي لا يُمكن أن يستقلّ بإدراكها.

وهذا معنى قول ابن تيمية عن العقل, إنَّه: "بمنزلة قوَّة البصر التي في العين؛ فإن اتّصل به نور الإيمان والقرآن, كان كنور العين إذا اتَّصل به نور الشمس والنَّار. وإن انفردَ بنفسه, لم يُبصر الأمورَ التي يعجز وحدَه عن دَرْكِهَا".

وهذا التشبيه الرائع مع ابن تيمية ـ ومِمَّن سبقه ـ ينطبق على أولئك الذين اعتصموا بالكتاب والسنَّة, وعلى مخالفيهم الذين اتّكلوا على عقولهم, معرضين عن الاهتداء بنور الوحي, فعموا عن الحقّ, وضلّوا عنه, وآل أمرهم إلى التخبُّط والحيرة.

المعنى الثاني: العلومُ التي تُلازم الإنسان العاقل؛ فتقع في نفسه ابتداءً, ولا تنفكّ عن ذاته؛ كالعلم بالممكنات, والواجبات, والممتنعات. كالعلم بأنّ الاثنين أكثر من الواحد, وأنَّ الشخص الواحد لا يكون في مكانين في وقتٍ واحدٍ", وأنَّ "الشيء لا يخلو من وجودٍ أو عدم, وأنَّ الموجود لا يخلو من حدوثٍ أو قِدَم, وأنَّ من المحال اجتماع الضدَّين". وهذه العلوم "تشمل جميعَ العقلاء".

المعنى الثالث: العلوم المستفادة من التجارِب, والمكتَسَبَةُ بواسطة العقل, والتي يضبطها الإنسان, ويُمسكها.

وهذا العقل يُعدُّ نتيجةً للعقل الغريزيّ, وهو "نهاية المعرفة, وصحّة السياسة, وإصابة الفكرة. وليس لهذا حدٌّ؛ لأنَّه ينمو إنَّ استُعمل, وينقُص إنَّ أُهمل".

وعنه يقول الغزالي: "الثالث: علومٌ تُستفاد من التجارب بمجاري الأحوال؛ فإنَّ من حنَّكَتْهُ التجاربُ, وهذَّبَتْهُ المذاهبُ, يُقال: "إنَّه عاقلٌ في العادة, ومن لا يتصف بهذه الصفة, يُقال: "إنَّه غبيّ, غُمْرٌ, جاهلٌ. فهذا نوعٌ آخر من العلوم يُسمَّى عقلاً".

المعنى الرابع: الأعمال التي يستوجبها العلم؛ من إيمان بالله, وتصديق بكتبه, ورسله, والتزام بأمره ونهيه؛ كحَبْس النفس عن الطاعات, وإمساكها عن المعاصي.

وهذا معنى رابع من معاني العقل, وعنه يقول ابن تيمية: ".. لفظ العقل يُطلق على العملِ بالعلمِ".

فالعمل من لوازم العقل؛ لأنَّ صاحب العقل إذا لم يعمل بعلمه, قيل: إنَّه لا عقلَ له؛ "فإنَّ العقل مستلزمٌ لعلومٍ ضروريَّةٍ يقينيَّةٍ, وأعظمها في الفطرة: الإقرار بالخالق".

فحالُ مَنْ لم يعمل بعلمه, أنَّه صاحبُ عقلٍ يُمسكُ علوماً ضروريَّةً فطريَّةً, يعرِف بها ربَّه, ولكنّ هواه صدَّه عن اتباع موجب العقل, فصار لا عقل له بهذا الاعتبار.

وقد اتّصف هذا بمعاني العقل الثلاثة المتقدِّمة؛ فمعه غريزة العقل التي فرَّق الله بها بين العقلاء والمجانين, ومعه علومٌ ضروريَّة فطريَّة, ولديه علومٌ مكتسَبَةٌ؛ فقد جاءته الرسل بالبيِّنات, ولكنَّه لم يحظ بشرف الاتّصاف بهذا المعنى الرابع؛ وهو العمل بعلمه, لذلك يُقال عنه: إنَّه غيرُ عاقلٍ عن الله .

لذلك لمّا وُصِفَ رجلٌ ـ ممتنعٌ عن الدخول في الإسلام ـ بالعقل أمام أحد العلماء, قال: "مَه, إنَّما العاقل مَنْ وَحَّدَ الله, وعَمِلَ بطاعتِهِ".

والله تعالى قد حكى عنهم قولَهم ـ وهم في النَّار ـ: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [الملك: 10].

"وقد كانت لهم عقولٌ وأسماع, لزمتهم بها الحجَّة لله, وإنَّما عنى أنَّها لم تعقِل عند الله فَهْمَاً لما قال؛ من عظيم قدرِه, وقدر عذابه, فندمت, وتأذَّت بالويل والندم, لا لأنَّها لم تكن تسمع ولا تعقل, ولا كانوا مجانين, ولكن يعقلون أمر الدنيا, ولا يعقلون عن الله ما أخبر عنه, وتوعَّد ووعد".

فالعملُ ثمرةُ العقل وفائدتُه, ولا عقلَ لمن لم يعمل بموجب ما دلَّه إليه عقلُهُ.

إذا تبيَّنْتَ هذا, فاعلم أنَّ العقلَ يُطلق على كلّ هذه المعاني الأربعة مجتمعةً؛ الغريزة, والعلوم الضروريَّة, والعلوم المكتسبة, والعمل بالعلم.

ويشهد لهذا قول ابن تيمية عن العقل: "هو علمٌ, أو عملٌ بالعلمِ, وغريزةٌ تقتضي ذلك".

فالعقل لا يُسمَّى به مجرَّد العلم الذي لم يَعمل به صاحبُه, ولا العمل بلا علمٍ؛ بل إنَّما يُسمَّى العلمُ الذي يُعملُ به, والعمل بالعلم, ولهذا قال أهل النَّار: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا في أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [الملك: 10], وقال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ أَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ) [الحج: 46].


يتبع ..

مالك مناع
09-18-2005, 09:54 AM
نقلاً عن "نقض أصول العقلانيين" للشيخ سليمان الخراشي (باختصار):

أما محل العقل فقد قال القاضي أبو يعلى ((محل العقل القلب ذكره أبو الحسن التميمي في كتاب العقل فقال : الذي نقول به أن العقل في القلب يعلو نوره إلى الدماغ فيفيض منه إلى الحواس ما جرى في العقل . ومن الناس من قال هو في الدماغ. وقد نص أحمد رحمه الله على مثل هذا القول فيما ذكره أبو حفص ابن شاهين في الجزء الثاني من أخبار أحمد بإسناده عن فضيل بن زياد وقد سأله رجل عن العقل أين منتهاه من البدن؟ فقال : سمعت أحمد بن حنبل يقول: العقل في الرأس أما سمعت إلى قولهم : وافر الدماغ والعقل واحتج هذا القائل بأن الرأس إذا ضرب زال العقل . ولأن الناس يقولون: فلان خفيف الرأس وخفيف الدماغ ويريدون به العقل.

وهذا غير صحيح لقوله تعالى : (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) وأراد به العقل فدل على أن القلب محله . لأن العرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان مجاوراً له أو كان بسبب منه.

واحتج أبو الحسن التميمي بقوله تعالى : (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) وقال تعالى : (لهم قلوب لا يفقهون بها) واحتج أيضاً بما روي عن النبي في حديث المدائني أن النبي قال : ((والكبد رحمة والقلب ملك والقلب مسكن العقل)).

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا دخل عليه ابن عباس قال : (جاءكم الفتى الكهول له لسان قؤول وقلب عقول) فنسب العقل إلى القلب .

وروى عياض بن خليفة عن علي رضي الله عنه أنه سمعه يوم صفين يقول: (إن العقل في القلب والرحمة في الكبد والرأفة في الطحال وإن النفس في الرئة) .

وعن أبي هريرة وكعب أنهما قالا (العقل في القلب) وأيضاً فإن العقل ضرب من العلوم الضرورية ومحل العلم القلب. وما ذكروه من زوال العقل بضرب الرأس فلا يدل على أنه محله كما أن عصر الخصية يزيل العقل والحياة. ولا يدل على أنها محله . وقول الناس : إنه خفيف الرأس وخفيف الدماغ فهو أن يبس الدماغ يؤثر في العقل وإن كان في غير محله كما يؤثر في البصر وإن كان في غير محله)) .

وقال النووي في شرحه لحديث ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)).

قال ((واحتج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس وفيه خلاف مشهور مذهب أصحابنا وجماهير المتكلمين أنه في القلب وقال أبو حنيفة هو في الدماغ وقد يقال في الرأس وحكوا الأول أيضاً عن الفلاسفة والثاني عن الأطباء . قال المازري واحتج القائلون بأنه في القلب بقوله تعالى : (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) وقوله تعالى : (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) وبهذا الحديث فإنه جعل صلاح الجسد وفساده تابعاً للقلب مع أن الدماغ من جملة الجسد فيكون صلاحه وفساده تابعاً للقلب فعلم أنه ليس محلاً للعقل. واحتج القائلون بأنه في الدماغ بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل ويكون من فساد الدماغ الصرع في زعمهم. ولا حجة لهم في ذلك لأن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه ولا امتناع من ذلك. قال المازري لا سيما على أصولهم في الاشتراك الذي يذكرونه بين الدماغ والقلب وهم يجعلون بين رأس المعدة والدماغ اشتراكاً والله أعلم)).


يتبع ..

مالك مناع
09-20-2005, 02:06 PM
قال القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) عند تفسيره لقوله تعالى: ((الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى )).

قوله تعالى: "الله يتوفى الأنفس حين موتها" أي يقبضها عند فناء آجالها "والتي لم تمت في منامها" اختلف فيه. فقيل: يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها في أجسادها "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" وهي النائمة فيطلقها بالتصرف إلى أجل موتها؛ قال ابن عيسى. وقال الفراء: المعنى ويقبض التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها. قال: وقد يكون توفيها نومها؛ فيكون التقدير على هذا والتي لم تمت وفاتها نومها.

وقال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها. وقال سعيد بن جبير: إن الله يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى" أي يعيدها. قال علي رضي الله عنه: فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها تلقيها الشياطين، وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة. وقال ابن زيد: النوم وفاة والموت وفاة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون). وقال عمر: النوم أخو الموت. وروي مرفوعا من حديث جابر بن عبدالله قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: (لا النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها) خرجه الدارقطني.

وقال ابن عباس: (في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه). وهذا قول ابن الأنباري والزجاج. قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بعد إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحال شيء واحد؛ ولهذا قال: "فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" فإذاً يقبض الله الروح في حالين في حالة النوم وحالة الموت، فما قبضه في حال النوم فمعناه أنه يغمره بما يحبسه عن التصرف فكأنه شيء مقبوض، وما قبضه في حال الموت فهو يمسكه ولا يرسله إلى يوم القيامة. وقوله: "ويرسل الأخرى" أي يزيل الحابس عنه فيعود كما كان. فتوفي الأنفس في حال النوم بإزالة الحس وخلق الغفلة والآفة في محل الإدراك. وتوفيها في حالة الموت بخلق الموت وإزالة الحس بالكلية. "فيمسك التي قضى عليها الموت" بألا يخلق فيها الإدراك كيف وقد خلق فيها الموت؟ "ويرسل الأخرى" بأن يعيد إليها الإحساس. انتهى كلامه .

فالنوم يحصل من توقف النشاط الحيوي الارادي في النفس معاً، وهما واقع ناتج عن تلبس الجسد الحي بالروح والمعبر عنهما بالنفس، غياب نفس البشر مع كونها معلقة مرسلة هو النوم، وهو توفي لما يعنيه من غياب النفس عن الحضور والفاعلية الارادية.

فطبيعة النوم، تحصل بشكل نشاط نمطي كنتيجة حتمية للنشاط الحيوي الارادي اليومي المحمول على الطاقة الناتجة من حرق الغذاء في الجسد الحي، حيث يتحرك بها ويعمل، وبها تتم العمليات الحيوية الداخلية..

والتفسير العلمي للنوم كما يقرره العلماء ومن المفيد طرحه لمقارنته مع التفسير العلمي للموت - كما بيناه في مداخلة سابقة- هو: إن النوم يحصل من تراكم منتجات الحرق الغذائي المجهز للطاقة في النشاط اليومي للإنسان، وبعد نفاذ الإرادة في توجيه مواد كيماوية تسمى (مولدات الكيتون) وحامض البنيك تتجمع وتبقى تتجمع في خلايا الانسجة حتى تبلغ حداً معيناً، عندها يتولد ضغط على الذات الكيماوية للجسد الحي، يتولد عنه فعل معاكس للفعل الحيوي وحسب قاعدة (ليشاتيلية) في التوازن يمتنع العصب عن نقل الأوامر أو الاستجابات، فتنفصل النفس عن كيان الانسان، ويحصل النوم.

أما الموت، فانه انفصال النفس عند تعطل الكيان تماماً لأي سبب يمنعه من الاستجابة لنظام وجوده بالحياة: فهو انفصال لا عودة للنفس فيه إلى قالبها الجسدي، لأنه عديم الجدوى، فلا استجابة له يتحقق منها النشاط أو تتحقق منه الإرادة، فهو تحرر كامل لها من الجسد، تنقل بعده في رحاب الله وتحت توجيهات ملائكته.


يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري:

قال أبو إسحاق الزجاج‏:‏ النفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة وهي التي يزول معها التنفس، وسمي النوم موتا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلا وتشبيها قاله في النهاية، ويحتمل أن يكون المراد بالموت هنا السكون كما قالوا ماتت الريح أي سكنت، فيحتمل أن يكون أطلق الموت على النائم بمعنى إرادة سكون حركته لقوله تعالى ‏(‏وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه‏)‏ قاله الطيبي‏:‏ قال‏:‏ وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية والجهل‏.‏

وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏‏:‏ ‏"‏ النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن ‏"‏ وذلك قد يكون ظاهرا وهو النوم ولذا قيل النوم أخو الموت، وباطنا وهو الموت، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازا لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو لتحري رضا الله عنه وقصد طاعته واجتناب سخطه وعقابه، فمن نام زال عنه هذا الانتفاع فكان كالميت فحمد الله تعالى على هذه النعمة وزوال ذلك المانع، قال‏:‏ وهذا التأويل موافق للحديث الآخر الذي فيه ‏"‏ وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ‏"‏ وينتظم معه قوله ‏"‏ وإليه النشور ‏"‏ أي وإليه المرجع في نيل الثواب بما يكتسب في الحياة‏.‏


يتبع ..

مالك مناع
09-28-2005, 01:01 AM
تفسير علمي يؤيد كلام علماء المسلمين بأن محل العقل في القلب، وقصص واقعية تثبت ذلك

ذاكرة الخلية

تعرف بان كل خلية في أجزاء جسمنا تحتوي على معلومات عن شخصياتنا وتاريخنا، بل لها الفكر الخاص بها ، مما يؤدي عند زراعة عضو من شخص الى شخص آخر فانه مع انتقال العضو؛ تقوم الخلايا من الشخص الأول بحمل ذاكرتها المخزنة إلى الجسم الثاني. الدليل على هذه الظاهرة يتزايد مع تزايد الأعضاء المزروعة مما دفع بعض العلماء الى بحث هذه الظاهرة بعمق.

تبادل الرسائل!

وجدت د. كاندس بيرت (مؤلفة كتاب [جزيئات العاطفة] ) أن كل خلية في الجسم والمخ يتبادلون الرسائل بواسطة أحماض أمينية قصيرة السلسلة كان يعتقد سابقا انها في المخ فقط لكن اثبتت وجودها في اعضاء اخرى مثل القلب و الاعضاء الحيوية. وأن الذاكرة لا تخزن فقط في المخ ولكن في خلايا أعضائنا الداخلية و على أسطح جلودنا.

قدم د. أندرو أرمور عام 1991 مفهوم أن هناك عقل صغير في القلب وهو يتكون من شبكة من خلايا عصبية، ناقلات كيميائية، بروتينات، خلايا داعمة وهي تعمل باستقلالية عن خلايا المخ للتعلم والتذكر حتى الاحساس. ثم ترسل المعلومات إلى المخ (اولا) النخاع المستطيل حيث تنظم الأوعية الدموية (وثانيا) إلى مراكز المخ المختصة بالادراك واتخاذ القرار والقدرات الفكرية. ويعتقد هذا العالم أن الخلايا العصبية الذاتية في القلب المنقول إذا تم زرعه فإن هذه الخلايا تستعيد عملها وترسل إشارات من ذاكرتها القديمة الى المخ في الشخص الجديد.

القلب المزروع يأتي أيضا بمستقبلات على سطح خلايا القلب والتي هي خاصة بالمتبرع و التي تختلف عن مستقبلات الشخص الذي زرع له القلب و بذا يصبح المريض حاويا لنوعين من مستقبلات الخلايا.

هل القلب يفكر؟

يعتقد العلماء ما يدعى بنظرية (إشاعات المستشفى)على الرغم من ان قوانين المستشفى تحظر اي معلومات عن المتبرع فان تحدث فريق العمل اثناء التخدير من الممكن ان يؤثر في الشخص الذي تتم له عملية الزرع وذلك للخروج من مفهوم وجود ذاكرة للخلايا.

قصص من الواقع:

ذكرت امرأة تدعى كلير سيلفيا في 5/29عام 1988 تم زراعة قلب ورئة لها من شاب كان عمره 18 سنة مات في حادث سير، أنها بعد الزراعة أخذت تتصرف بطريقة ذكورية وتحب بعض الأكل الذي لم تكن تطيقه من قبل مثل الفلفل الأخضر والبيرة وقطع الفراخ.
وعندما قابلت أهل الشخص المتبرع بالقلب تبين أن تصرفاتها أشبه ما تكون مرآة لتصرفات المتبرع. بعض العلماء تجاهلوا هذه القصة واعتبروها محض صدفة لكن بعضهم اعتبروه كدليل على وجود ما يدعى بذاكرة الخلية، والتي بدأت تستحوذ على الاهتمام العلمي مع تقدم تقنية زرع القلب.

بول بيرسال العالم في علم المناعة النفس عصبية و مؤلف كتاب شفرة القلب. قام ببحث تم عام 2002 تحت عنوان ( تغيرات في شخصيات المزروع لهم توازي شخصيات المتبرعين)البحثشمل 74 تم زرع أعضاء لهم منهم 23 زرع القلب خلال 10 سنواتوذكر عددا من الحالات.


الحالة الأولى

حالة شاب عمره 18 سنة كان يكتب الشعر و يلعب الموسيقى ويغني وقد توفي في حادث سيارة وتم نقل قلبه إلى فتاة عمرها 18 سنة أيضا وفي مقابلة لها مع والدي المتبرع عزفت أمامهما موسيقى كان يعزفها ابنهما الراحل وشرعت في إكمال كلمات الأغنية التي كان يرددها رغم أنها لم تسمعها أبدا من قبل.


الحالة الثانية

رجل أبيض عمره 47 سنة تلقى زرع قلب شاب عمره 17 سنة أمريكي أسود، المتلقي للقلب فوجئ بعد عملية الزرع أنه أصبح يعشق الموسيقى الكلاسيكية واكتشف لاحقا أن المتبرع كان مغرما بهذا النوع من الموسيقى.


الحالة الثالثة

حدثت لشاب خرج لتوه من عملية زرع وبات يستخدمكلمة غريبة بصفة مستمرة واكتشف لاحقا في مقابلة مع زوجة المتبرع أن هذه الكلمة كانت كلمة سر اخترعاها بينهما تعني أن كل شيء أصبح على ما يرام.


صدٌّق أو لا تصدّق!

تم زراعة قلب لفتاة عمرها 8 سنوات وكان القلب مأخوذا من فتاة مقتولة عمرها 10 سنوات وبعد الزرع أصيبت الفتاة بكوابيس مفزعة تصور قاتلا يقتل فتاة هذه الكوابيس كانت مرهقة جدا وذهب بها والدها إلى استشارة الطبيب النفسي. كانت الصور التي حلمت بها واضحة ومحددة لدرجة أن الطبيب والأم اخبرا الشرطة بصورة القاتل الذي ظهر في أحلام ابنتهم وبواسطة هذه الصفات قبضت الشرطة على القاتل وكان ما أخبرته الفتاة دقيقا جدا !!!!!!

تأثير القلب على المخ

تحدث العلماء دائما و لفترة طويلة عن استجابة القلب للإشارات القادمة من المخ، ولكنهم الآن أدركوا أن العلاقة ديناميكية ثنائية الاتجاه وأن كلاهما يؤثر في الآخر. وذكر الباحثون أربعة وسائل يؤثر القلب بها على المخ: عصبيا من خلال النبضات العصبية، وكيميائيا بواسطة الهرمونات والناقلات العصبية، وفيزيائيا بموجات الضغط، ويؤثر بواسطة الطاقة من خلال المجال الكهرومغناطيسي للقلب.

ذكروا أربعة وسائل يؤثر القلب بها على المخ

1) عصبيا من خلال النبضات العصبية.
2) كيميائيا بواسطة الهرمونات والناقلات العصبية .
3) فيزيائيا بموجات الضغط.
4) وبالطاقة بواسطة المجال الكهرومغناطيسي.

المجال الكهربائي للقلب أقوى 60 مرة من المخ والمجال المغناطيسي أقوى 5000 مرة من المجال الذي يبعثه المخ.
المجال الكهرومغناطيسي للقلب


طاقة القلب

يجرىأحد العلماء حاليا في جامعة أريزونابحثا على 300 زارع للقلب، وهو يعمل على بحث نظرية الطاقة القلبية. إن الطاقة والمعلومات تتفاعل تبادليا بين القلب والعقل كهرومغناطيسيا. وبهذه الطريقة من الممكن أن يتلقى العقل المستقبل للقلب المزروع إشارات كهرومغناطيسيا من قلب المتبرع مما يتطلب البحث و محاولة بيان الأسس البيولوجية لهذاو ما هي نسبة المزروع لهم الذين يشعرون بتغيرات في شخصياتهم أو نظام طعامهم و الرد على أسئلة مهمة تتطرق حتى للجانب الأخلاقي إذ لو تم نقل قلب من شخص قاتل أو مجرم أو من أي شخص صاحب سلوك شائن إلى شخص من ذوي السلوك السوي فما هو الوضع و الأمور التي ستترتب على ذلك؟.


وماذا بعد؟

نستنتج من كل ما سبق أن القرآن كتاب حق، وهو كما وصفه الله تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: 42. وما هذه الملامح والإشارات إلا دليلاً على علاقة القلب بالأمور الروحية وقضايا الإيمان والكفر.

هل هذا يعطي عمقا اكثر في فهم هذه الآيات الشريفة:

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)محمد: 24.


المصدر:موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (باختصار)/في المصدر صور ورسوم توضيحية
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=408

أبو جهاد الأنصاري
09-28-2005, 07:31 AM
وصدق الله : (سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )

أبو مريم
09-28-2005, 01:48 PM
جزاك الله خيرا يا أخ مالك مناع على هذا الموضوع الرائع وقد أعجبنى كثيرا وخاصة الجزء الأخير المتعلق بالعلاقة بين القلب والعقل ويا ليت إخواننا الأطباء يدلون بدلوهم ويوثقون لنا تلك النقول توثيقا علميا فهى جديرة بذلك ولو ثبت ذلك بالفعل فسيكون إعجازا بالغا يقطع كثيرا من ألسنة لملاحدة .

أبو جهاد الأنصاري
09-28-2005, 10:57 PM
اقترح تثبيت هذا الموضوع.
ذلك أنه يمس جزء مهم من العقيدة كثيراً ما يتساءل فيه عامة الناس
وقد يجد كثير من المختصين حرجاً من الكلام فيه
لصعوبته وندرة ما يذكر فيه

مالك مناع
09-29-2005, 03:56 PM
جزى الله خيراً الأخوين الكريمين أبومريم وأبو جهاد على ما تفضلا به من المرور والتعليق وهذه والله شهادة أعتز بها .. أسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم ..

وأبشركم أحبتي بأن المعركة لم تبدأ بعد مع الملاحدة حول حقيقة الروح والأدلة العلمية والعقلية على وجودها وسنقوم بعد ذلك بالكشف عن شبهاتهم وأوهامهم والإجابة عن بعض الأسئلة التي يتداولها الإخوة المسلمون .. فانتظروني أحبتي ولا تحرموني من مداخلاتكم القيمة ونصائحكم الغالية وتوجيهاتكم الكريمة ..

وألفت نظر أهل الاختصاص إلى ما قاله الأخ الكبير أبومريم :


ويا ليت إخواننا الأطباء يدلون بدلوهم ويوثقون لنا تلك النقول توثيقا علميا فهى جديرة بذلك ولو ثبت ذلك بالفعل فسيكون إعجازا بالغا يقطع كثيرا من ألسنة لملاحدة . .

فحبذا لو كان ..

والله المستعان ..


يتبع ..

مالك مناع
10-01-2005, 10:01 PM
تجرد الروح

المراد بالروح ما يشير إليه الانسان بقوله أنا ، أو ما يسمى بالنفس الناطقة ،حسب تعبيرات الفلاسفة والمراد بتجردها هو عدم كونها عنصراً مادياً ذا انقسام وزمان ومكان ، وكون حكمها غير حكم البدن وسائر التركيبات الجسمية الاُخرى.

وتلك مسألة ذات علاقة بخلود الروح ، وهي من أكبر المسائل الفلسفية التي تنازعتها الفلسفات المتضاربة بالايجاب والسلب قروناً متمادية ، لأنها أعلق المسائل وأمسّها بقلب الانسان ، وأكثرها علاقة بشأنه ، إذ هي مُطْمَأنّ آماله عندما ينقطع عن عالم الحسّ. وكان النزاع على أشدّه بين الماديين المنكرين لخلود الروح ، وبين القائلين بتجرد الروح وخلودها.

إذن تقاسم التفسير البشري لحقيقة الإنسان على امتداد العصور والأزمنة صنفين:

الأول: الماديون

الذي لايرى في الإنسان غير أ نّه كيان مادي مكوَّن من مجموعة من الأجهزة والفعاليات المادية. وعندما يفقد الحياة سينحل ويستهلك في تراب الأرض وتنتهي دورة وجوده في عالم الطبيعة إلى الأبد .

قال تعالى: (إنْ هيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوتُ ونَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِين ) . ( المؤمنون : 37 )

ولقد اختلفت أقوال الماديين في محل الروح من الجسد وفي أقسامها ، ولهم مذاهب مختلفة في ذلك ، لكنهم جميعاً اعتبروا الانسان هو هذا الهيكل المحسوس ، وليس ثمة وجود مستقل عن المادة يسمّى بالروح ، بل هي من خواص الجسد ، وتخضع لجميع القوانين التي تحكمه ، ومجموع ظواهر الشعور والعقل والارادة والفكر ، ما هي إلاّ وظائف عضوية مثلها كمثل جميع الوضائف البدنية الاُخرى ، وكذا الآثار الفكرية والمعرفية عندهم ماهي إلاّ نتائج وآثار فيزيائية وكيميائية للخلايا العصبية والعقلية ، وجميع تلك الآثار والنشاطات الروحة تظهر بعد ظهور العقل والجهاز العصبي ، وتموت بموت الجسد ، فإذا مات الانسان بطلت شخصيته ، واندثر بدنه ، وزال معه كلّ ما بلغه من محصول عقلي وارتقاء نفسي وكمال روحي .

وتجاهلت الفلسفة المادية الحديثة كل الخصائص والآثار الروحية التي لا تخضع لقانون المادّة ، وأعلنت أن الروح ومظاهرها من الشعور والعلم لا وجود لها كوحدة متميزة عن جسم الانسان المادي ، وإنّما هي في ذاتها وظيفة له ونتيجة لعلاقته بالعالم الخارجي ، وأن الأفكار والأماني لا توجد إلاّ من خلال عملية مادية ، كحصول الحرارة نتيجة احتكاك قطعتين من الحديد مثلاً ، وأن جميع الخصائص التي يتمتع بها الانسان ما هي الا نتيجة لردّة فعل للعالم الخارجي وأن الوعي بمختلف مظاهره ليس إلاّ نتاج مادة عالية التنظيم ، أي نشاط الدماغ ووظيفته.

وقالوا : إن المادية الجدلية ترفض تصوّر أن الروح شيء قائم في استقلال عن المادة ، فما هو روحي هو وظيفة المادة في أعلى أشكالها العضوية نتيجة النشاط العملي والاجتماعي.

وتمسّك الماديون في الدلالة على مذهبهم القائم على إنكار الروح ، بجملة افتراضات غارقة في الغموض وتفسيرات واهية لا تملك أدنى رصيدٍ من الإثبات.

الثاني: القائلون بالتجرد

كانت غالب الاُمم القديمة تعتقد بوجود الروح وخلودها ، كالهنود والمصريين وأهل الصين وفارس واليونان وفلاسفتهم وشعرائهم ، وقد سبق أن بينا شيئاً من ذلك في مداخلة مستقلة، وكان سقراط وإفلاطون يعتقدان أنّ الروح جوهر خالد موجود منذ الأزل ، وعندما يكتمل الجنين في بطن اُمّه تتعلق به الروح ، ثمّ تعود بعد الموت إلى محلّها الأول ، ويرى إفلاطون أن هناك روحين : إحداهما الروح العاقلة وهي الخالدة ومحلها الدماغ ، والاُخرى غير خالدة ولا عاقلة ، وهي قسمان : غضبية ومستقرها الصدر ، وشهوية ومكانها البطن.

وذهب أرسطو إلى الاعتقاد بحدوث الروح مع حدوث البدن ، فعندما يتكامل البدن توجد الروح دون أن تكون لها سابقة حياة قبل حدوثها ، وعدّ ثلاثة صنوف من الأرواح منبثّة في مجموع البدن ، وهي : الروح العاقلة ـ أو النفس الناطقة ـ وهو يقول بتجردها ، والروح الحاسة أو الحيوانية ، والروح الغاذية ، ولا يقول بتجرد الأخيرتين.

واهتم ديكارت ( ت1560 ) بتمييز الروح عن الجسم ، وتحديد خصائص كلّ منهما ، فاعتبر الروح جوهراً أخصّ صفاته الفكر ، ولا يتصوّر فيه إمكان التجزّي والانقسام وعدم التجانس في أجزائه ، واعتبر الجسم جوهراً أخص صفاته الامتداد ، ومن أحواله الصورة والحركة ، ويقبل الانقسام والتجزّي والتغير بطبيعته.

وبالجملة فقد اتفقوا على أن حقيقة الإنسان هو كيان روحي مجرَّد عن صفات المادة وخصائصها ، وهو غير البدن العضوي والجهاز المادي الذي يؤدي الفعاليات والنشاطات المادية. وهو الذي ينطق عنها الإنسان فيقول (أنا) ، فليس (الأنا) الذات الإنسانية هي ذلك الكيان الجسدي، بل هي ذلك الكيان الروحي المستقل . لذلك يقول الإنسان :

هذه يدي ، وهذا رأسي ، وهذا جسدي . فهو يشعر بالاثنينية، ويعبِّر عنها بقوله هذا .

والكيان الإنساني (الروح) هو القوة المدركة ، وهو القوة التي تشعر بالألم واللذّة والخوف والسرور والحزن، وهو القوة الناطقة . وما الجسم إلاّ آلة لتنفيذ مآرب النفس، كما يقول الفلاسفة الاسلاميون، وليست الأجهزة الحسّية والدماغ إلاّ أدوات يستخدمها الإنسان (الكيان الروحي) لفهم العالم المادي والتعامل معه .

وأقوال فلاسفة الغرب القدامى والمحدثين في الروح كثيرة ، نكتفي بما ذكرناه منها.

أما علماء المسلمين فقد سبق أن بيناها في أول الرابط فليراجع..



يتبع ...

مالك مناع
10-03-2005, 03:48 PM
الأدلة العقلية على وجود الروح وتجردها:

1 ـ بديهي أن معلومات الانسان مجردة عن المواد ، فالعلم المتعلق بها يكون لا محالة مطابقاً لها ، فيكون مجرداً لتجردها ، فمحله ـ وهو النفس ـ يجب أن يكون كذلك ، لاستحالة حلول المجرد في المادي.

2 ـ الماديات قابلة للقسمة ، وعارض النفس ـ وهو العلم ـ غير منقسم ، فمحلّه ـ وهو النفس ـ لا بد أن يكون كذلك ، ثمّ إن محلّ العلوم الكلية لو كان جسماً أو جسمانياً لانقسمت تلك العلوم ، لأن الحالّ في المنقسم منقسم ، وانقسام العلوم والمفاهيم الذهنية مستحيل.

3 ـ إن النفوس البشرية تقوى على أفعال وإدراكات لا تتناهى ، كتعقّل الأعداد غير المتناهية ، والقوة الجسمانية لا تقوى على ما لا يتناهى ، فهي إذن غيرها.

4 ـ لو كان وعاء العلم هو الدماغ أو غيره من آلات التعقّل ، لكانت كلّ معلومةٍ تضاف إليه تشغل حيزاً منه ، ولأصبحت القابلية العلمية للانسان متناهية ؛ لأن قابلية المادة على استيعاب المعلومات محدودة كالصحيفة التي تمتلئ بالكتابة ، أو القرص الذي يمتلئ بالصوت أو الصورة ، وذلك يعني أن الانسان لو سمح له عمره أن يستوفي كل وعائه العلمي ، فسيصل إلى مرحلة يفقد فيها استعداده للتعلم ، وذلك محال.

5 ـ العلم البديهي حاصله أن في ذات الانسان حقيقة ثابتة يشعر بها على طول العمر وحتى بعد النشور ، ويعبّر عنها بالأنا ، فلو كان الانسان هو هذا البدن المحسوس لأصبح عرضةً للتبدّل والتغيّر ، ولاُسدل الستار على جميع معلوماته وأفكاره ، ولكان شعوره بالأنا أمراً باطلاً وإحساساً خاطئاً ، لأنّ أجزاء البدن متبدّلة متغيّرة ، ففي كلّ يوم تموت ملايين الخلايا وتحلّ محلّها خلايا جديدة ، وقد حسب العلماء معدل هذا التجدّد ، فظهر أنه يحصل بصورة شاملة في البدن مرة كلّ عشر سنين ، أما بعد الموت فإن البدن يضمحلّ ويتلاشى ، والمتبدّل غير الثابت الباقي ، وعليه فإن ملاك وحدة شخصية الانسان والاساس في ثبات أفكاره ومعلوماته رغم حصول التغير في البناء الجسمي هو الروح.

6 ـ إن القوى الجسمانية تضعف وتكلّ مع توارد الأفعال عليها ، فإنّ من نظر إلى قرص الشمس طويلاً لا يكاد يدرك في الحال غيره إدراكاً تاماً ، أما القوى النفسانية فإنها لا تضعف بسبب كثرة الأفعال ، بل عند كثرة التعقلات تقوى وتزداد نشاطاً ، فالحاصل لها عند كثرة الأفعال هو ضدّ ما يحصل للقوى الجسمانية عند كثرة الأفعال ، فوجب أن لا تكون جسمانية.

7 ـ حصول الأضداد في القوى النفسانية وعدم حصولها في القوى الجسمانية ، فإذا حكمنا بأنّ السواد مضادّ للبياض ، وجب أن يحصل في الذهن ماهية السواد والبياض ، والبداهة حاكمة بأن اجتماع الأضداد في الأجسام محال ، فلمّا حصل اجتماعها في القوى النفسانية وجب أن لا تكون جسمانية.

8 ـ إن المادة الجسمانية إذا حصلت فيها صور ونقوش مخصوصة ، فإن وجود تلك الصور يمنع من حصول غيرها إلاّ بعد إزالة الاُولى ، بينما يستوعب التعقّل والتصوّر الذهني الصور المتعاقبة التي يستطيع الإنسان أن يستحضرها أو يتخيلها في لحظة ما بمقدار وجودها الخارجي دون حاجة إلى التدرّج أو مرور الزمان ودون أن يمتلئ المحلّ بها ، فلا بد أن يكون محلها غير ماديّ ولا متحيّز.


يتبع ...

مالك مناع
10-03-2005, 03:59 PM
تابع الأدلة العقلية على وجود الروح وتجردها:



لايمكن حشر عالم كبير في محيط ضيق


افرض إنَّك على ساحل البحر وخلفك جبال شاهقة نحو السماء، والامواج العاتية تصفع الصخور بقوة وتعود عنها الى البحر صاخبة. والصخور الضخمة عند سفح الجبل تنبىء عن الجلال في أعلى الجبل والسماء الزرقاء من فوق قمم الجبال تضج ليلاً عظمة وجلالاً.

تتطلع لحظة الى هذا المشهد، ثم تغمض عينيك وتسترجع في ذهنك المشهد كما رأيته حجماً وعظمة.

لاشك أنَّ هذه الخريطة الذهنية بكل حجمها وعظمتها تحتاج الى مكان ولايمكن أنْ ترتسم على خلايا الدماغ الصغيرة، وإلاّ فإنَّ هذه الخريطة الكبيرة يجب أنْ ترتسم على نقطة صغيرة، في الوقت الذي نرى المنظر في خيالنا بحجمه الطبيعي.

يدل هذا على أنَّ هناك «جوهراً» غير الدماغ وخلاياه هو الذي يستطيع أنْ يحتفظ بكل مشهد وخريطة مهما كبر حجمها. ولاشك أنَّ هذا الجوهر لابدّ أنْ يكون ماوراء عالم المادة، إذ ليس في عالم المادة شيء يشبهه.

هذا الجوهر هو ما نسميه الروح!


يتبع .. الأدلة العقلية ..

مالك مناع
10-04-2005, 11:59 AM
تابع الأدلة العقلية على وجود الروح وتجردها:


خصائص الروح


إنَّنا نعرف الكثير من الخصائص الفيزيائية والكيمياوية في أجسامنا، فحركات المعدة والقلب فيزيائية، والترشحات والافرازات وعصارات المعدة كيمياوية. وأمثال هذه كثيرة في جسم الانسان.
فاذا كانت الروح والفكر مادية وناشئة من خواص خلايا الدماغ الفيزياوية والكيمياوية، فلماذا نرى خواصها تختلف عن خواص الجسم.

إنَّ الفكر والرّوح يربطاننا بالخارج ويخبرنا بما يحدث حولنا. أمَّا الخصائص الكيمياوية كالافرازت والعصارت، والفيزياوية كحركات العين والقلب واللسان، لاتملك مثل تلك الخصائص مطلقاً.

وبعبارة أُخرى، إنَّنا نشعر جيداً بأنَّنا مرتبطون بعالمنا الخارجي، ونعرف الكثير عنه. فهل دخل العالم الخارجي الى داخلنا؟ طبعا، لا. إذن، ماالحكاية؟

لاشك إنَّنا نرى خارطة العالم، وإن خصيصة الرّوح في الظّهور الخارجي هي التي تجعلنا ندرك العالم خارج وجودنا. إنَّك لاتجد هذه الخصيصة في أي من الظواهر الفيزياوية ولافي التفاعلات الكيماوية في أجسامنا، فتأمل!
وهذا تعني بعبارة اُخرى، أنَّ التعرف على الكائنات الخارجية العينية يتطلب نوعاً من الاحاطة العامة، وهذه ليست من وظائف خلايا الدماغ،، فهذه إنَّما تتأثر بالعوامل الخارجية. مثل سائر خلايا الجسم الاخرى.


يقول الدكتور مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد (بتصرف يسير):

إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل على وجود الروح ..

أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة .

الإنسان له طبيعتان :

طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ .

ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة نقول إن جسد الإنسان ونفسه هما من المادة .

ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في داخل الإنسان .

طبيعة من نوع آخر ...... هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته .. والضمير بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات " من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي ".

والـ أنا غير الجسد تماما وغير النفس .. التي تلتهب بالجوع والشبق .

الـ أنا هي .....

نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن والقياس .. بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم المادة .

وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية .


ثم قال:

ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية التي تتميز بها الحركة .

فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها .

لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا بد من عتبة خارجية تقف عليها لترصدها .. ولهذا تأتي عليك لحظة وأنت في( أسانسير) متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته .. لا تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى الرصيف الثابت في الخارج .

ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان .. لا تدرك حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج .

وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها من القمر أو الأرض .. كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها وإنما تستطيع رصدها من القمر .

لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها .

ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر " أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا .

وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم ولا ينصرم .. ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية ..

هذا الجزء هو الروح .


يتبع ..

أبو جهاد الأنصاري
10-04-2005, 03:04 PM
كما تعتبر الأحلام والرؤى دليلاً آخر على وجود الروح.
فما منا من أحد يدعى أنه لا يحلم.
والسؤال إذن :
كيف نفسر حياة الإنسان داخل حلمه ؟ هلى هى بجسده حقيقة أم بشئ آخر؟
إن قال بجسده فهو المجنون بذاته.
وإن قال بشئ آخر قلنا له نعم وهذا الشئ هو الروح.
وقد أشار إلىبعض من هذا العلامة ابن القيم رحمه الله.

مالك مناع
10-11-2005, 09:54 PM
الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

من الواضح أنّ بعض الموجودات الحية من النباتات والحيوانات يتمتع بنوع من الآثار والنشاطات التي لا تتمتع بها الموجودات الغير الحيّة.

وهذا البعض من الموجودات الحية يتمتع بخصوصيات الحفاظ على الذات، ويصون نفسه من التأثّر بالبيئة، بمعنى - أنّ الموجودات الحية إذا وجدت نفسها في بيئة فهي تستعد بقوتها الداخلية للحفاظ على حياتها ويستعد جهازها الداخلي للمقاومة مع أية قوة مناوئة من البيئة، حتى تستقر لها الحياة في هذه البيئة.

هذا من جانب،

ومن جانب آخر توجد في هذه الموجودات الحية قوة الانسجام مع المحيط والبيئة، وهذه القوة تستلم من الداخل، بينما الموجودات الغير الحية لا تتمتع بهذه القوة، فالموجودات الغير الحية إذا وجدت في بيئة وتوفرت الأسباب للقضاء عليها فإنها تفقد المقاومة ضد هذه الأسباب للحفاظ على ذاتها، فالموجود الحي يتمتع بالعادات والغرائز فإذا تواجه الموجود الحيّ مع مزاحم خارجي فإنه يتألم و يتعذّب، وينهار تجاه ذلك المزاحم، ويفقد توازنه، ولكنه مع ذلك يتعوّد شيئاً فشيئاً ويكتسب درعاً للحفاظ عن الاعتداءات الخارجية، وهذا الحفاظ يتفق نتيجة للنشاطات الداخلية ومن غريزة الحفاظ على الذات، ومهما توفرت لديه الوسائل فإنه يكتسب هذا الحفاظ.

فالنبات أو الحيوان بل العضو الواحد إذا واجه حالةً تريد القضاء على حياته وتوازنه فإنها تقدر بصورة تدريجية على المقاومة، فيد الإنسان الليّنة لا تقدر على مقاومة الأجسام الخشنة مثلاً ولكنّها تتعوّد تدريجياً على المقاومة الأجسام الخشنة مثلاً ولكنها تتعوّد تدريجياً على المقاومة، فالقوة الداخلية تقوم بتغييرات في نسج الجلد كي يتوفر للجلد التمكن من المقاومة مع الأجسام الخشنة.

والموجود الحيّ يتمتع بخصوصية التغذية، فهو يجذب المواد الخارجية بقوة داخلية، ثم يقوم بتجزئة وتركيب هذه المواد كي يستمد منها البقاء لذاته، بينما الموجود الغير الحيّ لا يتمتع بهذه الخصوصية.

الموجود الحيّ أينما كان ينمو بالتدريج ويجدّد ويتكامل ويكتسب القوة حتى يتأهل لتوليد إبقاء على نسله، فهو يموت ولكنه يبقى في أجياله.

فالحياة أينما وجدت فإنها تتغلب على البيئة المحيطة بها، وتتغلب أيضاً على العناصر الغير الحية من الطبيعة، فهي تقوم بالتغييرات في تراكيبها وتعطي لها وضعاً وتركيباً جديداً، فالحياة تتمتع بخاصية التكامل والتقدم.

هذه الخواص كلها توجد في الموجود الحيّ، ولا توجد في الموجود الغير الحيّ، يقول (كرس موريسن): إنّ المادة لا تتمتع بأيّ نشاط والحياة دائماً هي التي تطرح خططاً جديدة وبديعة في كل آن.

ومن هنا نعلم علماً كاملاً أنّ الحياة قوة في نفسها وكمال في ذاتها، وفعليه مستقلة توجد في المادة وتتمتع بآثار ونشاطات متنوعة غير التي توجد في المادة.


يتبع ....

مالك مناع
10-11-2005, 10:04 PM
الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

المادة التي يتكون منها الدماغ هي عين المادة التي تنشأ منها بقية اعضاء الجسد ونوع الحياة الذي يتسبب في نشؤ الجميع واحد، فان اصل الجنين خلية واحدة ثم تتكثر، وعليه يلزم ان تكون الوظائف التي تقوم بها مختلف اعضاء الجسم من جنس واحد دون اختلاف تخصصاتها، وهي وظائف غير إرادية ولا فكرية، لاَنها اللارادة.

ويستحيل بحسب سنن الكون وموجوداته ان يتولد ـ بصورة آليةـ المريد من غير المريد والمفكر من غير المفكر. وماقيل من ان الارادة والفكر والشعور وغيرها من الاَنشطة الانسانية الاختيارية انما تنشأ من الدماغ نتيجة تفاعلات كيميائية وفيزيائية، غير صحيح، فان كل تفاعل لابد له من عامل فهو ان كان خارجياً يلزم استناد إرادته وافكاره ومشاعره المختلفه غير اختيارية له، مع ان الماديين لم يستطيعوا ولن يستطيعوا! ولا مرة واحدة ان يضعوا العناصر والمركبات في انابيب الاختبار ثم يدفعونها بالتأشيرات المعنوية بدلاً من العوامل المادية المعهودة.

وان كان داخلياً فما هو؟ هل هو مجرد احتكاك الخلايا والاَعصاب؟

أم هو مجرد وصول الدماء الى عروق الدماغ؟ أم هو شي آخر؟!

فليكن أي شيء فلماذا تتحدد، وتختلف نتائج ذلك التفاعل الكيميائي المزعوم باختلاف الاشخاص من جهة، وباختلاف الاَزمان والساعات والاحوال في الشخص الواحد من جهة اخرى؟.

ان محتويات الاَدمغة واحدة في الاَشخاص والاَزمان وانشطتهما المادية واحدة فلماذا تتعدد اذن نتائج التفاعلات التي تحدث فيها؟ فتتعدد الافكار وتتعدد المشاعر والاحاسيس وتعدد الاكتشافات وتتعدد المواهب عند الاشخاص بل وتعدد عند الشخص الواحد في ساعتين... ،

اقول: ولا تفسير له سوى الاقرار بوجود الروح ...

واعلم ان الاعتقاد بوجود الروح لا ينقص من اهمية المخ وعظم عمله فلا تغفل ..

يتبع .. الأدلة العلمية (مع مفاجأة!) ..

مالك مناع
10-12-2005, 02:10 AM
تابع الأدلة العلمية على وجود الروح وأصالتها:


كما تعتبر الأحلام والرؤى دليلاً آخر على وجود الروح.
فما منا من أحد يدعى أنه لا يحلم.
والسؤال إذن :
كيف نفسر حياة الإنسان داخل حلمه ؟ هلى هى بجسده حقيقة أم بشئ آخر؟
إن قال بجسده فهو المجنون بذاته.
وإن قال بشئ آخر قلنا له نعم وهذا الشئ هو الروح.
وقد أشار إلىبعض من هذا العلامة ابن القيم رحمه الله.

ثمّة أحلام ومشاهد نراها في عالم النوم تقع خلالها أحياناً حوادث مستقبلية، وقد نكشف احياناً عن أمور خفيّة الى درجة لايمكننا معها أنْ نعتبرها من باب الاتفاق والمصادفات، وهذا أيضاً دليل على أصالة الرّوح واستقلالها.

ومعظم الناس مرّت بهم في حياتهم مثل هذه الاحلام الصادقة، أو أنَّهم على الاقل قد سمعوا بأنَّ الحلم الذي رآه احد أصحابهم قد تحقق بحذافيره بعد مدّة من الزمن، الأمر الذي يدل على أنَّ الرّوح تستطيع خلال نوم الانسان أنَّ تتصل بعوالم أُخرى وقد ترى بعض الحوادث التي ستقع في المستقبل.

جميع هذه الأمور تشير بوضوح الى أنَّ الرّوح ليست مادة، وليست نتيجة إفرازات دماغ الانسان الفيزيائية والكيميائية، بل هي حقيقة من حقائق ما وراء الطبيعة، وأنَّها لاتموت بموت الجسد.

وهذا مايمهد الطريق للقبول بمسألة المعاد وعالم مابعد الموت.


يتبع ... مع الأدلة العلمية (ولا تنسوا المفاجأة!) ..

أبو جهاد الأنصاري
10-12-2005, 02:22 PM
(ولا تنسوا المفاجأة!)
هى مفاجأة العيد إذن!!!!

مالك مناع
10-14-2005, 06:36 PM
صدق أو لا تصدق
"داروين" و "فرويد" يعترفان - من حيث لا يشعران ! - بوجود الروح وأصالتها


إنّ مسألة أصالة الروح تنبئ عن ما وراء الطبيعة، فإنّ الحياة لو كانت أثراً من آثار المادة لما كانت تنبئ عن ما وراء الطبيعة، لأنّها تكون عندئذ موجوداً كامناً في المادة وحصورة فيها لا تتجاوزها في حالتي الانفراد والتركيب، وكان من اللازم أن لا بوجد شيء جديد عند تحقق الحياة، وحينئذ لا يتحقق للمادة أي كمال.

ولقد أشار الكثير من العلماء إلى أصالة الروح، وصرحوا بأنّ الروح قوّة منفصلة، وأنّ آثار الحياة معلولة لهذه القوة، وهذه الحقيقة تساندها الدراسات العلمية الجديدة، لا سيّما نظرية تكامل الأنواع فقد أثبتت وأيدت أصالة الروح أكثر من ذي قبل، وإن داروين موجد هذه النظرية وبطلها لم يكن في صدد إثبات أصالة الروح، بل إنّه كان يرفع خطوته الأولى إلى اختيار الطبيعة، وأنّ الانتخاب الطبيعي نتيجة لتغييرات تحدث بالصدفة ليس لها أي هدف، ولكنه لما لاحظ السير المنظم في تكامل الأنواع رأي لا محالة كما يقول هو نفسه: أنّ الطبيعة الحية تتمتع بشخصية. على أنّ داروين لم يكن بصدد إثبات أصالة الروح، ولكنه وصل إلى هذه النتيجة من حيث لا يشعر حتى، قيل له: إنّك تتكلم عن الاختيار الطبيعي كقوة نشطة من وراء الطبيعة.!!!

والملفت للنظر إنّ الذين يدرسون علم النفس وصلوا إلى نفس النتيجة، بالرغم من أنّهم لم يقصدوا الوصول إلى أصالة الروح، ولا كانوا ملفتين إلى النتائج التي تترتب على دراساتهم الفلسفية.

إنّ (فرويد) العالم الفيزيولوجي الذي حقق تحولاً تاريخياً في هذا العلم وصل في مطالعاته ودراساته إلى هذه النتيجة حيث يقول: إنّ دراسات علماء الفيزيولوجي وتشريحهم عن الأدمغة الإنسانية والتحقيق في الأسرار الكامنة فيها لا تكفي للأمراض العصبية، وأنّه توصل إلى جهاز مخفي للشعور، وأنّ الشعور الظاهري لضئيل جداً بالنسبة إلى هذا الشعور الباطني، وأنّه التفت إلى أنّ العلل النفسية التي تنشأ من العقد النفسية متأصلة وهي منشأ للأمراض الجسمية، فلا بد لمعالجة الأمراض أن تختار الطرق النفسية لحل العقد حتى تدفع العوارض الجسمانية.

فلم يكن (فرويد) يريد أن يثبت أصالة الروح وحكومة الروح على المادة، ولكنه حينما وصل إلى الحقائق العلمية اللائقة بمقامه قام باستنتاجات فلسفية غير لائقة بمقامه، ومع ذلك فإن قيمة الدراسات التي قام بها "فرويد" على حالها، كما أنّ بعض تلاميذه أمثال "يونك" انتقد استنتاجاته هذه من وجهة نظر علم النفس، وأثبت إلى حدٍّ مّا أصالة الروح، وأعطى نظرية "فرويد" صبغة ما وراء الطبيعة.



يتبع ....

مالك مناع
10-18-2005, 12:54 AM
تابع الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

التنويم المغناطيسي

من خلال تتبع أقوال العلماء والمتخصصين يتبين أن ( التنويم المغناطيسي ) ينقسم إلى قسمين :-

1)- علم التنويم المغناطيسي : وهو علم قائم له رجالاته ومتخصصوه ويعتمد هذا العلم على ما للإيحاء من أثر على النفس الإنسانية ، فبالإيحاء يستطيع المرء أن يظهر الأبيض أسود ! والأسود أبيض ! والصواب خطأ ! والخطأ صوابا ! والحار باردا ! والبارد حارا ! كما أن الإيحاء يمكن أن يشفي في بعض الحالات ، كما يمكن أن يتسبب في المرض بإذن الله سبحانه وتعالى 00 وهكذا 0 وهذا المفهوم أشار إليه الدكتور الفاضل ( إبراهيم كمال أدهم ) في كتابه " - العلاقة بين الجن والإنس - ص 185 ) 0

2)- دجل التنويم المغناطيسي : وهذا الدجل ليس لـه علاقة من قريب أو بعيد بفن التنويم المغناطيسي بل هو استعانة بالجن والشياطين لتحقيق أغراض مادية أو مصالح ذاتية ، وهذا المفهوم أشارت اليه اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية والعلامة ابن باز.

وعليه فيتضح أن ( التنويم المغناطيسي ) قد يكون مباحا إن كان يعتمد على دراسة النفس الإنسانية والتأثير عليها بالإيحاء والمساعدة على شفاء بعض الأمراض العضوية ، وفي هذه الحالة يعتبر هذا الفن علما قائما مثله مثل كافة التخصصات العلمية الطبية ويقع ضمن نطاق الأسباب الحسية التي يلجأ اليها الإنسان بعد الله سبحانه وتعالى دون الاعتماد عليها أو الركون إليها ، مع تحري الدقة في اختيار الأشخاص المؤهلين لهذا العمل ممن يحملون معتقدا صحيحا ومنهجا واضحا ونحسب أنهم على خير والله حسيبهم خوفا من التوجه لطرق أبواب المهرطقين والمشعوذين الذين يدعون العلاج بالتنويم المغناطيسي، وهو بهذا الاعتبار يعد دليلاً علميا قويا على وجود الروح وتجردها.

وقد توجه جملة من أقطاب الفلسفة إلى دراسة النوم مستنيرين بمشكاة العلوم النفسية الحديثة ، فسجّلوا حوادث روحية مدهشة وظواهر عجيبة توصلوا من خلالها إلى نتائج باهرة ، ومن هؤلاء الاستاذ البريطاني ميارس المدرس في جامعة كمبردج ، وصاحب كتاب ( الشخصية الإنسانية ) الذي ذكر فيه عدة مشاهد وتجارب من عالم التنويم المغناطيسي ، واعتبرها من المسائل التجريبية التي لا يمكن تعليلها بعلم وظائف الأعضاء ، بل هي تثبت أنّ الانسان مع تركّبه من جسم مادي يشتمل على سرٍّ روحي يستمدّ وجوده من العالم الروحاني ومن العالم الأرضي ، وتلك هي حقيقة الانسان الكريمة ، على حدّ تعبيره.
وخطا هذا العلم خطوات واسعة في مجال عالم الروح الرحب على أيدي نخبة من العلماء الذين تخصصوا به وحققوا نتائج علمية فائقة تقوم على أساس البحث والتحقيق ، ومنهم العالم البريطاني جيمس برايد ، ونولز ، وشاركو ، وفيليب كارث وغيرهم.


وأما إن كان ( التنويم المغناطيسي ) يعتمد على الاستعانة بالجن أو الشعوذة أو السحر وكان ذلك يدخل ضمن نطـاق الأمور الكفرية أو الشركية ، فهو كفر وشرك للمنوِم والمنوَم بدليل النصوص النقلية الصريحة التي أكدت على هذا المفهوم.



تنبيه:

درجت بعض الطوائف الاسلامية وأهل الديانات المختلفة على الاستدلال بوجود الروح وتجردها بما يسمى باستحضار الأرواح، وهذا غير صحيح ولا يلزمنا أبداً، إذ ليس من جملة المعتقدات التي يدين بها أهل السنة والجماعة أن الإنسان يستطيع استحضار أرواح الموتى والتحدث إليها وأن الروح تجيب من استحضرها على المسائل المعقدة!! وتجيبه عن حالها ومصيرها بعد الموت!! إلى آخر هذه الخزعبلات، والصواب أنهم يستحضرون قرين الميت الذي يلازمه في حياته.

والغريب أن هذه الظاهرة (استحضار الأرواح كما يزعمون) أثارت دهشة كثير من علماء الطبيعة والطب والفلاسفة وغيرهم من كافة أرجاء المعمورة ، فتواصلت دراساتهم العلمية متلاحقةً، وأوقفتهم على قضايا مثيرة.

كما اُخضعت تلك الدراسات للرقابة العلمية حيث تأسست جمعية في بريطانيا وأمريكا برئاسة الاستاذ هيزلوب عن أمريكا ، والدكتور هودسن عن بريطانيا ، واستمرت تلك الجمعية بالفحص والبحث نحواً من اثني عشر عاماً ، ثمّ أعلنت سنة 1899 م أنّها قد اقتنعت بصحة تلك التحقيقات!! وبكون نتائجها هي من فعل أرواح الموتى.!!

وتفرّغ كثير من العلماء الماديين من مختلف بلدان العالم للبحث في هذا المضمار ، فاستنتجوا من مجموع التجارب التي أجروها أن للانسان قوة روحية مجردة عن صفات المادة ، ولا تفنى بموت الجسد ، تستطيع التحرك بنشاط وحيوية دون حاجة إلى الجسم الترابي ، فاعتقدوا بخلود الروح بعد أن كانوا جاحدين لها ، ومن هؤلاء : آلفرد روسل دلاس ، والاستاذ كروكس رئيس الجمعية العلمية الملكية البريطانية ، والسير أوليفر لودج عالم الطبيعة ورئيس جامعة برمنجهام ، والدكتور البريطاني جورج سكستون ، والدكتور شامبير ، والدكتور جيمس جللي ، والاستاذ الأمريكي هيزلوب ، والاستاذ البريطاني هودسن ، والفلكي المشهور كاميل فلامريون، والفيلسوف البريطاني سيرجون كوكس ، والاستاذ الجيولوجي باركس ، وغيرهم كثير.




يتبع ..

أبو جهاد الأنصاري
10-18-2005, 01:13 AM
لقد بلغ موضوع الروح قمته عند هذه النتائج الرائعة يا أخ مالك.

مالك مناع
07-16-2006, 10:43 PM
اتفق المسلمون على حقيقة المعاد وثبوت النشأة الآخرة ، وشاطرهم المحققون من الفلاسفة الرأي في ذلك ، ولكن اختلفوا في كيفية البعث على قولين :

الأوّل: المعاد جسماني

ويعني أن الله سبحانه يحشر الناس يوم القيامة بهذا البدن المشهود بعد رجوعه إلى هيئته الاُولى ، والمعاد بهذا المعنى أصل عظيم من اُصول الدين ، وضرورياته الواجبة الاعتقاد ، وأركانه الثابتة ، وجاحده كافر بالاجماع ، والدليل على ثبوته أنه ممكن ، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر بثبوته ، فوجب الجزم به والمصير إليه.

فقد نصّ عليه القرآن الكريم وأنكر على جاحديه في آيات صريحة كثيرة في ألفاظها واضحة في معانيها ، مؤكدة أن المعاد إنما يكون حينما يخرج الناس من أجداثهم مسرعين إلى الحساب ( يَوْمَ تُبَدُّلُ الاََْرْضُ غَيْرَ الاََْرْضِ وَالسَّماوَاتُ وَبَرَزُوا للهِِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ، كما أنه ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ على ثبوت المعاد الجسماني وقال به في أحاديث صريحة بهذا المعنى ، فمن الآيات :

1 ـ قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ الاِِْنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ )

2 ـ قوله تعالى : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )

3 ـ الآيات الدالة على إخراج الأموات من القبور ، كقوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِنَ الاََْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لأ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلأ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، وقوله تعالى : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى )

4 ـ الآيات الدالة على أن الإنسان يحضر إلى الحساب بكامل جوارحه ، وتكون ضمن الشهود على أعماله ، كقوله تعالى : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

5 ـ الآيات التي قدّمت أمثلة عينية على المعاد البدني ، كما في بيان قصة إحياء العزير ، وقتيل بني إسرائيل ، وأصحاب الكهف ، وإحياء الطيور لإبراهيم عليه السلام

6 ـ الآيات الدالة على لذّات الجنة التي لا تدرك إلاّ بآلة جسمانية ، والآلام التي تقع على بعض أجزاء الجسم المعذّب في نار جهنم ، قال تعالى في وصف أهل الجنة : ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِن مَعِينٍ * لأ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلأ يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُوَِ الْمَكْنُونِ ) وقال تعالى في وصف أهل النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ).


قال العلامة السفاريني في كتابه لوامع الأنوار‏:‏

‏"‏وفي تفسير الثعلبي عن أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير سورة الزمر مرفوعا‏:‏ ‏(‏إن الله يرسل مطرا على الأرض، فينزل عليها أربعين يوما، حتى يكون فوقهم اثني عشر ذراعا، فيأمر الله تعالى الأجساد أن تنبت كنبات البقل؛ فإذا تكاملت أجسادهم كما كانت؛ قال الله تعالى ليحي حملة العرش‏!‏ ليحي جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل‏!‏ ثم يأمر الله تعالى إسرافيل، فيأخذ الصور، فيضعه على فيه، ثم يدعو الأرواح، فيؤتى بها؛ تتوهج أرواح المؤمنين نورا، والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمره أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كلها كأنها النحل، قد ملأت ما بين السماء والأرض، ثم يقول الله تعالى وعزتي وجلالي؛ لترجعن كل روح إلى جسدها، فتدخل الأرواح من الخياشيم، ثم تمشي مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنها سراعا؛ فأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون منها إلى ربكم تنسلون‏)‏ ‏"‏‏.‏


وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏ينزل من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى؛ إلا عَُظيم واحد، وهو عجب الذنب، منه يركب الخلق يوم القيامة‏)‏ ‏.

‏ وفي روايات مسلم‏:‏ ‏(‏إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدا، منه يركب الخلق يوم القيامة‏.‏ قالوا‏:‏ أي عظم هو يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ عجب الذنب‏)‏ ‏.‏

قال العلماء‏:‏ وعجب الذنب هو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب‏.‏

وقد جاء في الحديث أنه مثل حبة الخردل؛ منه ينبت جسم الإنسان‏.‏


الثاني ـ المعاد روحاني

ذهب جمهور الفلاسفة إلى أنّ المعاد روحاني ؛ لأنّهم لم يتمكّنوا من تعقّل عودة الأبدان على معاييرهم الفلسفية ، فقالوا : إنّ البدن ينعدم بصوره وأعراضه ، لقطع تعلّق النفس به ، فلا يعاد بشخصه تارة اُخرى ، إذ المعدوم لا يعاد ، والنفس جوهر باقٍ لا سبيل للفناء إليه، وعليه جعلوا المعاد وما يتعلّق به من شأن الروح وحدها التي لا يعتريها الفناء.

وهذا القول لا تساعده ظواهر آيات القرآن الكريم وصحيح سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الدالّة على إعادة الإنسان ببدنه يوم القيامة كما تقدم بيانه قبل قليل ، والقائلون بالروحاني من بعض فلاسفة المسلمين ، اعتبروا الثواب والعقاب هو التذاذ النفس أو تألمها باللذات أو الآلام العقلية أو الروحية بعد مفارقتها البدن ، وحاولوا تأويل ظواهر الأدلّة الشرعية حتى تنطبق على أسسهم العقلية ، فتكلّفوا في تأويل الآيات القرآنية الكثيرة الدالة على النعيم والعذاب الحسّيين اللذين يتعرض لهما الإنسان في الجنة والنار ، حيث اعتبروهما من باب التمثيل الحسّي للنعيم والعذاب الروحاني أو العقلي ، تقريباً لأذهان عامة الناس الذين تستهويهم الاُمور الحسيّة دون المعاني العقلية ، ليكون ذلك باعثاً لهم على الانقياد والطاعة.

وقد اشتهر عن الشيخ الرئيس ابن سينا أنه ينكر المعاد الجسماني ويقول بالمعاد الروحاني حتى أن الغزالي كفّر ابن سينا وبعض الفلاسفة في (تهافت الفلاسفة) لانكارهم المعاد الجسماني.

والحق أنه لم يتعرّض ابن سينا في كتبه المعروفة لإنكار البعث الجسماني صراحة ، بل نجده في (الشفاء) وهو أكبر كتبه ، يعترف بالبعث الجسماني ويرى أنه حق لا ريب فيه.


يتبع ...

مالك مناع
07-19-2006, 06:42 PM
الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه

استدلّ كثير من الفلاسفة والمتكلمين ، بالبراهين العقلية المجرّدة ، على حتمية المعاد ووجوبه ، كما جاء في الكتاب الكريم أيضاً الكثير من الأدلّة العقلية والبراهين على ثبوت حقيقة المعاد والحياة الآخرة ، للردّ على منكري المعاد ، وإثبات كونه قطعي الوجوب وحتمي الحدوث ، وفي ما يلي نذكر بعض تلك البراهين :

أولاً ـ برهان المماثلة

العالم المماثل لهذا العالم ممكن الوجود ، لأن هذا العالم ممكن الوجود ، وحكم المثلين واحد ، فلمّا كان هذا العالم ممكناً وجب الحكم على الآخر بالإمكان.

وقد ورد في القرآن الكريم بعض الأمثلة ، في المساواة بين الإحياء في الدنيا والإحياء في الآخرة ، وذلك من خلال نمطين في المماثلة ؛ الأول : مماثلة النشأة الاُولى من العدم بالنشأة الآخرة ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الاََْعْلَى فِي السَّماوَاتِ وَالاََْرْضِ ) والثاني : مماثلة إحياء الأرض بعد موتها بالإحياء في الآخرة ، قال تعالى :( فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الاََْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذلِكَ لَـمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فهذه الآية الكريمة تقرّر أن حُكم الأمثال واحد ، فإذا تحقّق الإحياء في الأرض بعد موتها ، أمكن تحققه في الإنسان بعد موته ، وفي غيره من الأحياء.

فتبين إذن أن العقل يحكم بتساوي الأمثال في الحكم ، ومنه يتبيّن أن القادر على الإحياء الأول قادر على الإحياء الآخر ؛ لأنهما مثلان.


ثانياً : برهان القدرة

لمّا كانت قدرة الخالق العظيم غير متناهية ، جاز تعلّقها بكلّ شيءٍ مقدور ، وكانت نسبتها إلى ما هو سهل في نفسه أو صعب على حدّ سواء ، وهو المستفاد من قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وقد أشارت الآيات القرآنية إلى صورتين من الاستدلال على المعاد ، بذكر عموم القدرة الإلهية وعدم تناهيها :

الصورة الأُولى : بيّن تعالى قدرته على المعاد في الآخرة مرتباً على ذكر المبدأ في الاُولى في آيات كثيرة ، إشارة إلى أن القادر على الإيجاد من العدم ابتداءً ، فهو على إعادة الموجود أقدر ، قال تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الاََْرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الاَْخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). وقد بيّن تعالى أن قدرته على الخلق الأول والخلق الجديد ، من حيث الامكان والتأتّي ، كخلق نفسٍ واحدةٍ ، فقال تعالى : ( مَّا خَلْقُكُمْ وَلأ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ).

الصورة الثانية : بيّن تعالى قدرته على المعاد في الآخرة مرتّباً على ذكر خلق السماوات والأرض ، فقال سبحانه : ( وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * أَوَلَم يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) ، وقال تعالى : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون ).

فالتأمل في خلق السماوات والأرض يقودنا إلى الإيمان بعالم الآخرة ، ذلك لأنّ الذي خلق عوالم السماوات والأرض بما فيها من سعة الخلقة البديعة وعجيب النظام العام المتضمّن لما لا يُحصى من الأنظمة الجزئية المدهشة للعقول والمحيرة للألباب ، والعالم الإنساني جزء يسير منها فكيف لا يقدر أن يخلق الناس خلقاً جديداً في يوم القيامة ؟ وخلق الإنسان في نفسه أسهل وأهون من خلق السماوات والأرض ، قال تعالى : ( لَخَلْقُ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لأ يَعْلَمُونَ ).


يتبع ... الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه

مالك مناع
07-19-2006, 07:00 PM
تابع، الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه:

ثالثاً : برهان الحكمة:

إن الله تعالى حكيم في أفعاله ، فالمنظومة الكونية في نظامها العجيب تسير بكل جزئياتها وفق حركة هادفة ، وتتّجه صوب نهاية مرسومة بدقة وإحكام ، وكذلك تخضع المفردات التشريعية في وجودها وحركتها وتفاعلها إلى مبدأ الحكمة الإلهية والغاية الحكيمة التي تتجافى عن العبث واللغو والباطل ، قال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لأ تُرْجَعُونَ ) ، وقال تعالى ( أَيَحْسَبُ الاِِْنسَانُ أَن يُتْرَك سُدى ).

ويمكن صياغة صورة هذا البرهان على شكل قياس ، يتركب من مقدمتين :

الاُولى : إن الله حكيم. الثانية : الحكيم لا يفعل العبث ، إذن فالله تعالى لا يفعل العبث ، ولو لم يكن للإنسان معاد لكان خلقه عبثاً ، ومقتضى الحكمة الالهية أن الله تعالى لا يفعل العبث ، إذن فلابدّ للإنسان من معادٍ يوم القيامة تتجلّى فيه الحكمة الالهية.
فلو كان الإنسان ينعدم بالموت ، دون أن تكون هناك نشأة اُخرى يعيش فيها بما له من سعادة أو شقاء ، لكان خلقه في هذا العالم عبثاً وباطلاً ، لأن الفعل لا يخرج عن العبثية إلاّ إذا ترتّب عليه فائدة أو غاية عقلائية ، وترتب الفائدة أو الغاية موقوف على وجود المعاد ، لأنّه إذا انعدم الإنسان بالموت ، فذلك يعني أنه ليس ثمّة غاية من خلقه غير هذه الحياة المحدودة التي تعجّ بالمتضادات ، والمحفوفة بأنواع المصائب والبلايا والفتن والفجائع ، ويعني أيضاً أن الله تعالى قد اقتصر في خلقه على الإيجاد ثم الاعدام ، ثم الإيجاد ثم الاعدام ، وهكذا دون أي هدف ، وذلك ما لا نقبله على الإنسان العاقل ، فكيف نقبله على فعل الخالق ، جلّت حكمته ، الذي لا يعتريه الباطل ولا يتجافى عن الحكمة ؟! تعالى الله عن ذلك عُلواً كبيراً.

رابعاً : برهان العدالة

1 ـ وجود التكليف يقتضي وجود المعاد

من المعلوم أن الله تعالى جعل الحياة الدنيا دار امتحان وابتلاء للإنسان ، ووهبه النوازع الخيّرة إلى جنب النوازع الشريرة ، لتتمّ بذلك حقيقة الابتلاء ، وأعطاه العقل الذي يميّز بين الخير والشر ، وبعث له الأنبياء والرسل ليحدّدوا له طريق الخير وطريق الشرّ ، ثم كلّفه باتباع سبيل الخير والحق ، وتجنّب سبيل الشرّ والباطل ، وأعطاه الإرادة والاختيار ليستحقّ الثواب أو العقاب ، قال تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) ، وقال تعالى : ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) .

وعليه فإن واقع الحياة الدنيا بما يحمل من متناقضات الراحة والعناء ، والصحة والمرض ، والغنى والفقر ، والإقبال على الأشرار والإدبار عن الأخيار ، هو امتحان وابتلاء ، وليس فيه ما يصلح للمكافأة والجزاء ، وبما أن ضرورة التكليف تقتضي ضرورة المكافأة ، لذا يجب المعاد ليجازى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، وإلاّ لبطلت فائدة التكليف ، ولكان عبثاً ولغواً.

2 ـ العدل الإلهي يستلزم وجود اليوم الآخر

إن الله تعالى وعد بالثواب ، وتوعّد بالعقاب مع مشاهدة الموت للمكلفين ، فوجب القول بعودهم ليحصل الوفاء بوعده ووعيده.
إذ لا ريب أن الناس لا يصلون إلى الثواب أو العقاب الملائم لأعمالهم في هذا الزمان المحدود ؛ فالمحسنون الذين قضوا أعمارهم في العبادة ونشر الفضائل والإصلاح في الأرض ، وتحمّلوا الكوارث والمحن والأرزاء في هذا السبيل ، لايمكن لأي سلطة في الأرض أن تعطيهم مرادهم ، وتوصلهم إلى ثوابهم ، والمجرمون الذين ارتكبوا الجرائم الفظيعة بحقّ الإنسانية ، وتوفّروا على النعم والملذّات والحياة الرغيدة أكثر من غيرهم ، قد لا يقعون في قبضة القانون ، وإذا وقعوا فإن عقابهم لا يتناسب مع الجرائم التي ارتكبوها ، فقد يقتص منهم مرة واحدة ، وتبقى أكثر الجرائم التي ارتكبوها تمرّ بلا عقاب ، وعليه فليس ثمّة قوة في هذه النشأة المحدودة تستطيع استرداد جميع الحقوق المهضومة للناس.

وإذا كان الإنسان ينعدم بالموت ، ويفد الظالمون والمظلومون والمصلحون والمفسدون إلى مقابر الفناء دون محكمة عادلة تثيب المحسنين وتضع المجرمين في أشدّ العذاب ، فإن ذلك خلاف العهد الإلهي الذي يقتضي التفريق بين الفريقين من حيث المصير والثواب والعقاب ، وبما أن ذلك غير متحقق في النشأة الاُولى ، فيجب أن يكون المعاد لتجسيد العدالة الإلهية تجسيداً عملياً ، وتحقيق الوعد الرباني الصادق في الوفاء للأنبياء والأولياء والشهداء والأبرار من عباد الله الصالحين والانتقام من الظالمين والمفسدين.



يتبع ...

مالك مناع
07-21-2006, 10:22 PM
الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني

يبدو من خلال مجموع الشبهات التي تعلّق بها الفلاسفة القدامى والمتأخرون لانكار جسمانية المعاد ، أنّها ترجع إمّا إلى الجهل بصفات الله سبحانه وتعالى، سيما في مجال قدرة الخالق غير المتناهية ، وعلمه الذي أحاط بكلّ شيء ، وإمّا إلى الجهل بصفات عالم الآخرة وخصائص البدن المبعوث في النشأة الثانية ، حيث إنّهم قاسوا ذلك العالم وذلك البدن بالقوانين والنظريات التي تحكم عالمنا وأبداننا المادية ، وهو قياس في غير محلّه ، لأن عالم الآخرة يختلف عن عالمنا هذا بجميع أبعاده وخصائصه ، لأنه عالم يتبدّل فيه النظام الكوني ، وتطوى فيه المنظومة الشمسية ، وتبدل الأرض غير الأرض ، بل الانسان نفسه يعيش فيه حياةً لا فناء بعدها (راجع أشكال تعلق الروح بالبدن لابن القيم في أول الرابط).

وطالما دلّ الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أن البدن لا يفنى ولا يعدم ، بل يبعث وتتعلق به الروح ، فيكون الإنسان هو هو ، لينال الجزاء يوم الفصل ، فالشبهة في مقابل ذلك كالجهل في مقابل العلم ، ومع ذلك فإننا سنذكر أهم الشبهات التي أثاروها في هذا المجال ، ونحاول الإجابة عليها.

أولاً ـ شبهة الآكل والمأكول:

وهي شبهة قديمة ، ذكرها إفلاطون وغيره من الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين من المسلمين وغيرهم بتعابير وتقريرات مختلفة ، أهمها : لو أن إنساناً تغذّى على إنسانٍ آخر ، وأكل جميع أعضائه ، فالمحشور لايكون إلاّ أحدهما ، لأنه لا تبقى للآخر أجزاء تخلق منها أعضاؤه ، وعليه فالبدن المحشور بأيّ الروحين يتعلّق ؟ ولو تعلّق بروح الآكل وكان كافراً ، والمأكول مؤمناً ، للزم عقاب المؤمن ، ولو عكس الأمر للزم ثواب الكافـر.

الجواب : يتضمن جواب هذه الشبهة عدّة وجوه :

1 ـ إن الله سبحانه بكلّ شيء عليم ، وهو بعلمه الواسع والمحيط بكلّ الممكنات ، يعلم كلّ ذرات الكون ، ومنها أجزاء الآكل والمأكول ، فيجمعها بحكمته الشاملة وقدرته الكاملة ، وينفخ فيها الروح ، مهما أصابها من التحوّل أو الفناء أو النقص ، قال تعالى : ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) ، وقال تعالى في حكاية شبهة المنكرين وجوابهم : ( ءَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الاََْرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) ، وقال تعالى : ( قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الاَُْولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلأ يَنسَى ) .

2 ـ أنّ الله تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول ، كما أخرج في قصة إبراهيم عليه السلام الأجزاء المختلطة والأعضاء الممتزجة من الطيور وميّز بينها.

3 ـ وأجاب المتكلمون والفلاسفة عن هذه الشبهة بما خلاصته أن المعاد هو في الأجزاء الأصلية التي منها ابتداء الخلق ، وهي باقية من أول العمر إلى آخره ، لا جميع الأجزاء على الإطلاق ، والأجزاء الأصلية التي كانت للمأكول هي في الآكل فضلات ، فلا يجب إعادتها في الآكل ، بل تعاد في المأكول ، لأنّ الله سبحانه يحفظها ولا يجعلها جزءاً لبدنٍ آخر.

وأفضل الوجوه بلا أدنى ريب هو الأول منها، قال العلامة ابن العثيمين في كتابه الماتع "شرح العقيدة الواسطية":

فإن قال قائل: لو أن هذا الرجل تمزق أوصالاً، وأكلته السباع، وذرته الرياح، فكيف يكون عذابه، وكيف يكون سؤاله؟!

فالجواب: أن الله عز وجل على كل شئ قدير، وهذا أمر غيبي : فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه الأشياء في عالم الغيب، وإن كنا نشاهدها في الدنيا متمزقه متباعده، لكن في عالم الغيب ربما يجمعها الله.

فانظر الى الملائكه تنزل لقبض روح الأنسان في المكان نفسه: كما قال تعالى: "ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون" ومع ذلك لا نبصرهم.

وملك الموت يكلم الروح، ونحن لا نسمع.

وجبريل يتمثل أحيانا للرسول عليه الصلاه والتسليم ويكلمه بالوحي في نفس المكان و الناس لا ينظرون ولا يسمعون.

فعالم الغيب لا يمكن أبداً أن يقاس بعالم الشهادة، وهذه من حكمة الله عز وجل، فنفسك التي في جوفك ما تدري كيف تتعلق ببدنك؟! كيف هي موزعة على البدن؟! وكيف تخرج منك عند النوم؟! هل تحس بها عند استيقاظك بأنها ترجع؟! من أين تدخل لجسمك؟!

فعالم الغيب ليس فيه إلا التسليم، ولا يمكن فيه القياس إطلاقاً فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه المتفرقات من البدن المتمزق الذي ذرته الرياح ثم يحصل عليه المساءلة والعذاب أو النعيم، لأن الله سبحانه على كل شئ قدير. انتهى كلامه رحمه الله.

والحق أن جواب الشيخ رحمه الله شاملاً وافياً يصلح لكل سؤال من هذا النوع. والموفق من وفقه الله.


يتبع ...

مالك مناع
08-05-2006, 10:48 PM
تابع .. الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني

ثانياً : استحالة إعادة المعدوم:

قالوا : إنّ إعادة المعدوم محال ، لأنها تستلزم تخلّل العدم في وجود واحد ، أي بين الشيء الواحد ونفسه ، فيكون الواحد اثنين ، وبعبارة اُخرى أن الموت فناءٌ للإنسان ، فإذا رُدّت إليه الحياة ثانية ، فهو إنسان آخر غير الأول ، وذلك خلق جديد بعد العدم لا إعادة فيه ولا رابط بين المبدأ والمعاد.

الجواب :

1 ـ المعاد وفق منطق الفلاسفة ، هو إما بمعنى الوجود بعد الفناء ، أو بمعنى رجوع الأجزاء بعد تفرّقها ، وقد قال الفلاسفة باستحالة المعنى الأول ، لكنّ قانون المادة المنسوب إلى لافوزيه (ت 1794 م) ينقض هذا القول من الأساس ، لأنه ينصّ على أن المادة لا تفنى ، بل هي ثابتة ولاتتغير إلاّ الصورة الطارئة عليها ، كما أنه في عرف الفلاسفة أن الوجود لا يتطرق إليه العدم ، وجوّز بعض الفلاسفة والمتكلمين إعادة المعدوم ، وقالوا : إنه لا يمتنع وجوده الثاني لا لذاته ولا للوازمه ، وإلاّ لم يوجد ابتداءً ، والإعادة أهون من الابتداء ، كما نصَّ المعتزلة على ثبوت الأحوال وذوات الأشياء ، وقالوا : إن المعدوم شيء ، فإذا عُدم الموجود بقيت ذاته المخصوصة ، فأمكن لذلك أن يُعاد ، لأن ذاته باقية حتى في حال عدمها ، وإنّما يتعاقب عليها الوجود والعدم.

ولو سلّمنا بقانون استحالة إعادة المعدوم ، فإنّ الله سبحانه الذي خلق الانسان أولاً ولم يكن شيئاً مذكوراً ، قادر على إعادته وإن لم يكن شيئاً مذكوراً ، وقد ذكرنا ذلك في برهان القدرة من أدلة المعاد العقلية.


أما المعاد بالمعنى الآخر ، وهو الصحيح عند التحقيق ، فقد قال بعض فلاسفة المسلمين المؤمنين بالمعاد الجسماني : إنّ المعاد الجسماني ليس هو إعادة المعدوم ، بل هو جمع الأجزاء المتفرقة ، وإن فناء الأجسام ليس إعدامها بل تفرّق أجزائها واختلاطها. وجمع الأجزاء أمر ممكن ، لأنّ الله تعالى عالم بتلك الأجزاء وقادر على جمعها وتأليفها ، لعموم علمه وقدرته على جميع الممكنات.

قال العلامة ابن عثيمين عند شرحه لقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية: " فتعاد الأرواح إلى الأجساد"، دليل على أن البعث إعادة، وليس تجديداً، بل هو إعادة لما زال وتحول؛ فإن الجسد يتحول إلى تراب، والعظام تكون رميماً، يجمع الله تعالى هذا المتفرق، حتى يتكون الجسد، فتعاد الأرواح إلى أجسادها، وأما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد، فإن هذا زعم باطل يرده الكتاب والسنة:

أما الكتاب؛

فإن الله عز وجل يقول: " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" الروم/27 ، أي يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه، وفي الحديث القدسي: يقول الله تعالى: " ليس أول الخلق بأهزن علي من إعادته"؛ فالكل على الله هين.

وقال تعالى: " كما بدأنا أول خلق نعيده" الأنبياء/104

وقال تعالى: " ثم إنكم بعد ذلك لميتون، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" المؤمنون/15-16

وقال تعالى: " من يحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكب خلق عليم" يس/78-79

وأما السنة؛ فهي كثير جداً في هذا؛ حيث بين النبي ( ص ) " أن الناس يحشرون فيها حفاة عراة غرلا"، فالناس هم الذين يحشرون وليس سواهم.

فالمهم أن البعث إعادة الأجساد السابقة.

انتهى كلامه رحمه الله.

مالك مناع
08-06-2006, 12:08 AM
تابع .. الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني

ثالثاً : تعدّد الأبدان:

قالوا : إنّ خلايا بدن الإنسان في الدنيا عرضة للتبدل والتغير ، وقد قرر العلم أن الانسان يتغيّر كل تركيبه المادي في نحو عشرة أعوام ، فلو مات في الستين ، فإن له ستة تراكيب بدنية مختلفة ، فإن كان المحشور في المعاد جميع التراكيب التي مرّ بها البدن ، استلزم حشر أكثر من بدن لانسان واحد ، وان كان المحشور منها بدناً واحداً ، فهو يستلزم مخالفة قانون العدل الإلهي ، لإن ذلك البدن سيتحمل ثواب أو عقاب جميع الأعمال التي قام بها الإنسان على امتداد فترة العمر.

فأي هذه الأجساد هو الذي يعود يوم القيامة؟ وهل من العدل أن يتحمل أحدها العقاب وحده؟!

الجواب :

نقول : إن الذي يبعث هو آخرها، كما سبق أن مرت علينا الآيات التي جاء فيها إنَّ الله يحيي الانسان من عظامه وتراب جسده الذي دفن تحت التراب. حيث يستفاد من هذا أنَّ جسده الذي مات به هو الذي يحييه الله يوم القيامة، وكذلك من قوله تعالى "وأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ". يعني إنَّه يبعث الجسد الذي مات ودفن في القبور.

ولكن هذا الجسد الاخير يحمل جميع الآثار والخصائص التي كانت للانسان في أجساده الاخرى طوال حياته.

وبتعبير آخر، إنَّ الاجساد السابقة التي تتلف تدريجياً تنقل الى الجسد التالي جميع آثارها وخصائصها، وعليه فإنَّ الجسد الأخير يكون قد ورث جميع صفات الأجساد السابقة، وبذلك يكون خليقاً بتطبيق قانون العدالة في الثواب والعقاب عليه.


وحال الإنسان في الدنيا يدلُ على نقض هذه الشبهة ، فهو على الرغم من تبدّل تركيبه على ما قرره العلم ، لكنه محافظ على وحدة شخصيته مهما امتدّ به العمر وتبدلت هيئته أو صورته ، ولو أن جانياً ارتكب جريمة في الشباب ، وعوقب في المشيب ، فلا يقال إن ذلك خلاف العدل ، أو أن تلك العقوبة هي لغير الجاني ، وهكذا الأمر في يوم الحساب ، فالبدن هو بعينه إذا تعلقت به الروح سواء بُعِث شاباً أو شيخاً أو كهلاً.

وعليه؛ فإنّ القدر الذي يجب على كلّ مسلم مكلّف الاعتقاد به هو أنّ الله تعالى يعيد في الآخرة الأشخاص وخصوص المكلفين من أجل الحساب ثم الثواب أوالعقاب ، وأمّا الخصوصيات ، من كيفية الاعادة وكيفية الحساب وكيفية الجنة والنار وسائر متعلّقات عالم القيامة... فقد قالوا بعدم وجوب العلم والاعتقاد التفصيلي بها ، بل يكفي الاعتقاد الاجمالي.


يتبع ...

مالك مناع
08-11-2006, 04:19 PM
شبهات حول سؤال الميت وبعض أحواله في القبر

هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش ؟.

الجواب:

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويسأل .

فإن قال قائل : إن القبر ضيق فكيف يجلس ؟!

فالجواب :

أولاً :

أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدّق ، ولا يسأل كيف ؟ ولم ؟
لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك ، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله ، فيسلّم ويقول : الله أعلم بكيفية ذلك .

ثانياً :

أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان ، وتعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة ، وهاهو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب ، وجاء ، وسافر ، وكلم أناساً ، والتقى بأناس أحياء وأموات ، ويرى أن له بستاناً جميلاً ، أو داراً موحشة مظلمة ، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة ، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه لم يتغير ، حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً ، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً .
هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمنه البلاغ ، وعلينا التصديق والإذعان قال الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء / 65 "

(مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/34)

فإن قال قائل : الميت يدفن في قبر ضيق؛ فكيف يوسع له مدّ البصر؟!

فالجواب : أن عالم الغيب لا يقاس بعالم الشهادة، بل إننا لو فرض أن أحداً حفر حفرة مدّ البصر، ودفن فيه الميت، وأطبق عليه التراب؛ فالذي لا يعلم بهذه الحفرة، هل يراها أو لا يراها ؟! لا شك أنه لا يراها، مع أن هذا في عالم الحس، ومع ذلك لا يرى هذه السعة، ولا يعلم بها إلا من شاهدها.

فإن قال قائل كما قال الفلاسفة: نحن نضع الزئبق على الميت، وهو أسرع الأشياء تحركاً ومروقاً، وإذا جئنا من الغد، وجدنا الزئبق على ما هو عليه، وأنتم تقولون : إن الملائكة يأتون ويجلسون هذا الرجل، والذي يجلس؛ كيف يبقى عليه الزئبق ؟!

فنقول أيضاً كما قلنا سابقاً : هذه من عالم الغيب، وعلينا الإيمان والتصديق، ومن الجائز أيضاً أن الله عز وجل يرد هذا الزئبق إلى مكانه بعد أن تحول بالجلوس.

ونقول أيضاً : انظروا إلى الرجل في المنام؛ يرى أشياء لو كان على حسب رؤيته إياها، ما بقي في فراشه على السرير، وأحياناً تكون رؤيا حق من الله عز وجل، فتقع كما يراها في منامه، ومع ذلك، نحن نؤمن بهذا الشئ.

والإنسان إذا رأى في منامه ما يكره، أصبح وهو متكدر، وإذا رأى ما يسره، أصبح وهو مستبشر، كل هذا يدل على أن الروح ليست من الأمور المشاهدة، ولا تقاس أمور الغيب بالمشاهد، ولا ترد النصوص الصحيحة؛ لاستبعادنا ما تدل عليه حسب المشاهد.

شرح الواسطية/ فصل الإيمان باليوم الآخر ص 488-489




يتبع ...

مالك مناع
08-11-2006, 04:33 PM
شبهات حول عذاب القبر


وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: هل عذاب القبر على البدن أو على الروح؟


فأجاب بقوله: الأصل أنه على الروح لأن الحكم بعد الموت للروح ، والبدن جثة هامدة ، ولهذا لا يحتاج البدن إلى إمداد لبقائه ، فلا يأكل ولا يشرب ، بل تأكله الهوام ، فالأصل أنه على الروح لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الروح قد تتصل بالبدن فيعذب أو ينعم معها، وأن لأهل السنة قولاً آخر بأن العذاب أو النعيم يكون للبدن دون الروح واعتمدوا في ذلك على أن هذا قد رئي حسّاً في القبر فقد فتحت بعض القبور ورئي أثر العذاب على الجسم ، وفتحت بعض القبور ورئي أثر النعيم على الجسم. وقد حدثني بعض الناس أنهم في هذا البلد هنا في عنيزة كانوا يحفرون لسور البلد الخارجي، فمروا على قبر فانفتح اللحد فوجد فيه ميت أكلت كفنه الأرض وبقي جسمه يابساً لكن لم تأكل منه شيئاً حتى إنهم قالوا : إنهم رأوا لحيته وفيها الحنا وفاح عليهم رائحة كأطيب ما يكون من المسك،فتوقفوا وذهبوا إلى الشيخ وسألوه فقال : دعوه على ما هو عليه واجنبوا عنه ، احفروا من يمين أو من يسار.

فبناء على ذلك قال العلماء : إن الروح قد تتصل في البدن فيكون العذاب على هذا وهذا ، وربما يستأنس لذلك بالحديث الذي قال فيه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "إن القبرليطبق على الكافر حتى تختلف أضلاعه" فهذا يدل على أن العذاب يكون على الجسم لأن الأضلاع في الجسم والله أعلم.

فإن قال قائل : نحن نرى الميت الكافر إذا حفرنا قبره بعد يوم أو يومين؛ نرى أضلاعه لم تختلف وتتداخل من الضيق؟!

فالجواب كما سبق : أن هذا من عالم الغيب، ومن الجائز أن تكون مختلفة؛ فإذا كشف عنها، أعادها الله، وردّ كل شئ إلى مكانه؛ امتحاناً للعباد، لأنها لو بقيت مختلفة ونحن قد دفناه وأضلاعه مستقيمة؛ صار الإيمان بذلك إيمان شهادة.


فإن قال قائل: لو أن هذا الرجل تمزق أوصالاً، وأكلته السباع، وذرته الرياح، فكيف يكون عذابه، وكيف يكون سؤاله؟!

فالجواب: أن الله عز وجل على كل شئ قدير، وهذا أمر غيبي : فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه الأشياء في عالم الغيب، وإن كنا نشاهدها في الدنيا متمزقه متباعده، لكن في عالم الغيب ربما يجمعها الله.

فانظر الى الملائكه تنزل لقبض روح الأنسان في المكان نفسه: كما قال تعالى: "ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون" ومع ذلك لا نبصرهم.

وملك الموت يكلم الروح، ونحن لا نسمع.

وجبريل يتمثل أحيانا للرسول عليه الصلاه والتسليم ويكلمه بالوحي في نفس المكان و الناس لا ينظرون ولا يسمعون.

فعالم الغيب لا يمكن أبداً أن يقاس بعالم الشهادة، وهذه من حكمة الله عز وجل، فنفسك التي في جوفك ما تدري كيف تتعلق ببدنك؟! كيف هي موزعة على البدن؟! وكيف تخرج منك عند النوم؟! هل تحس بها عند استيقاظك بأنها ترجع؟! من أين تدخل لجسمك؟!

فعالم الغيب ليس فيه إلا التسليم، ولا يمكن فيه القياس إطلاقاً فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه المتفرقات من البدن المتمزق الذي ذرته الرياح ثم يحصل عليه المساءلة والعذاب أو النعيم، لأن الله سبحانه على كل شئ قدير

(شرح الواسطية لابن عثيمين)





يتبع ...

مالك مناع
08-14-2006, 09:55 PM
حقيقة حياة الأنبياء في قبورهم

يقول الشيخ عبد الله زقيل عند جوابه على سؤال أحد الإخوة:


قبل الإجابة عن معنى هذا الحديث لابد من تقرير أمر مهم وهو :

أن الأنبياء قد جرت عليهم سنة الموت كبقية البشر قال تعالى : " إنك ميت وإنهم ميتون " ( الزمر :30)

وقال تعالى : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " ( الأنبياء :24)

فهاتان الآياتان وغيرها من الآيات دليل قطعي على موت الأنبياء وغيرهم من البشر .

وفي مقابل هذه الآيات وردت أحاديث تصف الأنبياء بالحياة فما هي هذه الحياة ؟ هل هي حياة حقيقة كالحياة الدنيوية المعروفة ؟ أم غيرها ؟ .

وقبل الإجابة على طبيعة حياة الأنبياء أيضا يقرر الإمام ابن القيم في كتابه الروح (ص63) ونقله شارح الطحاوية بنصه من كتاب الروح لابن القيم حالات تعلق الروح بالبدن فيقول - رحمه الله - :

الأول : تعلقها به في بطن الأم جنينا .

الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .

الثالث : تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .

الرابع : تعلقها به في البرزخ ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة .

الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .ا.هـ.

فهذه الحالات من تعلق الروح بالبدن نحتاج واحدا منها وهو الرابع .

* وجوابا عن سؤال حقيقة حياة الأنبياء هل كالحياة الدنيوية المعروفة:

القول الأول: فقد قال بهذا القول بعض العلماء ومنهم الإمام البيهقي .وقد استدلوا لقولهم بأدلة من ذلك :

- قوله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " (آل عمران : 169) .

فقالوا : الرسل أكمل من الشهداء بلا شك ولذلك كانوا أحق بالحياة منهم .

وهذا الدليل عليهم لا لهم ، لأن حياة الشهداء ثابتة بالنص وليس ثبوتها بالقياس ، إلى جانب ما ورد من النهي الصريح في القرآن عن تسمية الشهيد ميتا قال تعالى : " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون . (البقرة : 154) .

والرسل أولى بتلك الحياة من الشهداء عند الله مع موت أجسامهم وهي طرية في التراب ، وقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذه مزية عظيمة للآنبياء .

ولو قيل : أن حياة الأنبياء في قبورهم كالحياة الدنيوية لاقضت جميع لوازمها من أعمال ، وتكليف ، وعبادة ، وغير ذلك .
ولهذا رتب القائلون بهذا القول أمورا فاسدة فقالوا بإمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وخروجه من قبره سامعا كلام من يكلمه كما هو شأن كل حي ، وممن قال بهذا القول السيوطي في كتاب " تنوير الحوالك " .

ومن أجل هذا القول تعلقت قلوب الجهلة من أتباع المذاهب الصوفية بترهات وشركيات وتوسلات واستغاثات بالنبي صلى الله عليه وسلم .

* القول الثاني : أن حياة الأنبياء في قبورهم هي حياة برزخية خاصة أكمل حتى من حياة الشهداء .

قال الشيخ الألباني في الصحيحة (2/190-191) عند تخريجه لحديث :

الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يصلون :

ثم أعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقة ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه !! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .ا.هـ.

وقال ابن عبدالهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص222) عند رده على البيهقي في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث :

ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام . الصحيحة (5/338ح2266) :

فإن قيل : ما معنى قوله إلا رد الله علي روحي ؟

قلت : فيه جوابان :

أحدهما : ما ذكره الحافظ أبوبكر البيهقي أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل سلام من يسلم عليه ، واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم .

والثاني : يحتمل أن يكون ردا معنويا ، وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم ، فإذا سُلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم لتدرك سلام من يسلم عليه ويرد عليه .

قلت - ابن عبدالهادي - : هذان الجوابان المذكوران في كل واحد منهما نظر ، أما الأول وهو الذي ذكره البيهقي في الجزء الذي جمعه في حياة الأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم فمضمونة رد روحه صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى جسده واستمرارها فيه قبل سلام من يسلم عليه ، وليس هذا المعنى مذكورا في الحديث ، ولا هو ظاهره ، بل هو مخالف لظاهره فإن قوله : إلا رد الله علي روحي . بعد قوله : ما من أحد يسلم علي يقتضي رد الروح بعد السلام ، ولا يقتضي استمرارها في الجسد .
وليعلم أن رد الروح إلى البدن وعودها إلى الجسد بعد الموت لا يقتضي استمرارها فيه ، ولا يستلزم حياة أخرى قبل يوم النشور نظير الحياة المعهودة ، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة برزخية ، لا تزيل عن الميت اسم الموت .ا.هـ.

واكتفي بهذين النقلين من كلام العلماء وسيأتي مزيد بيان بعد قليل .

والقول الثاني الآنف الذكر هو القول الصحيح ، وسبب بطلان القول الأول هو ما ذكره ابن عبد الهادي في الصارم (ص226) فقال :

فإن الروح ليست عندهم - أي عند القائلين بأن حياة الأنبياء في قبورهم حياة دنيوية - ذاتا قائمة بنفسها عن البدن حتى تكون في الملأ الأعلى والبدن في القبر ، بل هي عندهم عرض من أعراض البدن كحياته وقدرته وسمعه وبصره وسائر صفاته وحياة البدن مشرطة بها وموته قطع هذه الصفة عنه ....

وقول أهل السنة من الفقهاء والمحدثين وغيرهم أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات تقوم بها ، وإنها تفارق البدن وتصعد وتنزل وتقبض وتنعم وتعذب وتدخل وتخرج وتجيء وتُسأل وتحاسب ويقبضها الملك ويعرج بها إلى السماء ويشيعها ملائكة السموات إن كانت طيبة ....ا.هـ.


والله أعلم



يتبع ...

مالك مناع
08-16-2006, 10:45 PM
تلاقي الأرواح مع بعضها البعض

أولاً: تلاقي أرواح الأموات مع بعضهم البعض:

أما تلاقي أرواح الأموات أنفسهم فقد دل الدليل عليه من الكتاب والسنة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنْ الأَرْضِ فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا. فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ ـ كساء من شعر ـ فَيَقُولُونَ : اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ فَيَقُولُونَ مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ) صححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2758 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

وأما قوله " هل تجتمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه ؟ "

ففي الحديث عن أبى أيوب الأنصارى وغيره من السلف ورواه أبو حاتم فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم : " أن الميت إذا عرج بروحه تلقته الأرواح يسألونه عن الأحياء فيقول بعضهم لبعض : دعوه حتى يستريح ، فيقولون له : ما فعل فلان ؟ فيقول : عمِل عمَل صلاح ، فيقولون : ما فعل فلان ؟ فيقول : ألم يقدم عليكم ؟ فيقولون : لا ، فيقولون : ذُهب به إلى الهاوية " .

ولما كانت أعمال الأحياء تُعرض على الموتى : كان أبو الدرداء يقول : " اللهم إنى أعوذ بك أن أعمل عملا أخزى به عند عبد الله بن رواحة " ، فهذا اجتماعهم عند قدومه يسألونه فيجيبهم .

وأما استقرارهم فبحسب منازلهم عند الله ، فمَن كان من المقرَّبين : كانت منزلته أعلى مِن منزلة مَن كان مِن أصحاب اليمين ، لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل والأسفل لا يصعد إلى الاعلى ، فيجتمعون إذا شاء الله كما يجتمعون فى الدنيا ، مع تفاوت منازلهم ويتزاورون .

وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا أو متقاربة ، قد تجتمع الأرواح مع تباعد المدافن ، وقد تفترق مع تقارب المدافن ، يدفن المؤمن عند الكافر ، وروح هذا في الجنة ، وروح هذا في النار ، والرجلان يكونان جالسيْن أو نائميْن في موضعٍ واحدٍ وقلبُ هذا ينعَّم ، وقلب هذا يعذَّب ، وليس بين الروحيْن اتصال ، فالأرواح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " رواه مسلم (2638). " مجموع الفتاوى " ( 24 / 368 ) .

قال ابن القيم رحمه الله:

المسألة الثانية وهى أن ارواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لا ؟

وهي أيضاً مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابُها :

أن الأرواح قسمان : أرواح معذبة ، وأرواح منعَّمة ؛ فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي ، والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا ، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها ، وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى ..

قال الله تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) النساء/69 وهذه المعية ثابتة في الدنيا ، وفي دار البرزخ ، وفي دار الجزاء ، و " المرء مع من أحب " في هذه الدور الثلاثة ، ...

وقال تعالى : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر/27-30 أي : ادخلي جملتهم وكوني معهم ، وهذا يقال للروح عند الموت ...

وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم ( أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وأنهم (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ) وأنهم ( يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ) وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم عند ربهم يرزقون ، وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون ، الثاني : أنهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم ، الثالث : أن لفظ " يستبشرون " يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضاً مثل يتباشرون . " كتاب الروح " ( ص 17 / 18 ) .




يتبع ...

مالك مناع
09-14-2006, 01:36 AM
تلاقي الأرواح مع بعضها البعض

ثانياً: تلاقي أرواح الأحياء مع أرواح الأموات :

أما تلاقي أرواح الأحياء والأموات في المنام فلم أقف فيه على دليل صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى صحابته الكرام. فمن زعم هذا التلاقي فعليه الدليل وأما المنامات فلم تكن يوما دليلاً، وعليه فلا يصح الجزم في هذه المسألة نفياً أو إثباتاً.

ولقد رجح الإمام ابن القيم في كتابه القيم " الروح " ثبوت التلاقي والتزاور والتعارف بين أرواح الأموات والأحياء في المنام، حيث نقل -رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله في تفسير الآية الكريمة:

(( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )) (الزمر 42)

" بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم ".

ونقل نحوه عن بعض السلف كذلك.

ثم قال ابن القيم رحمه الله:

" وقد دل التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحى يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحى فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه وربما أخبره بدين عليه وذكر له شواهده وأدلته ، وأبلغ من هذا أنه يخبر بما عمله من عمل لم يطلع عليه أحد من العالمين وأبلغ من هذا أنه يخبره أنك تأتينا إلى وقت كذا وكذا فيكون كما أخبر وربما أخبره عن أمور يقطع الحى أنه لم يكن يعرفها غيره."

ثم ساق رحمه الله آثاراً كثيرة عن رؤى ومنامات السلف ليدعم دليله الحسي في هذه المسألة، وقد رد أصحاب القول الآخر (عدم الجزم: نفياً أوإثباتاً) على الإمام ابن القيم بما يلي:

-ابن القيم رحمه الله لم يسق دليلاً نقلياً على قوله وإنما ساق دليلاً حسياً ليس بمنأى عن الخطأ.

- ليس بالضرورة أن يكون اللقاء قد حصل بين روح النائم وروح الميت، فقد يكون اللقاء بين روح الحي النائم وبين أمثال مضروبة عن روح الميت وليس بالضرورة أن تكون روح الميت حقيقة (أي التي في البرزخ) والأمثال المضروبة قد تكون خبراً عن واقع قد مضى وانقضى، أو سيقع في المستقبل فيقع مطابقاً للرؤيا فتكون هذه الرؤيا كوحي النبوة من ناحية صدقها.

- معلومٌ أن الرائي قد يرى في منامه شخصاً لم يمت بعد وربما غير نائم فكيف رأى النائم حينئذ هذا الشخص الحي المستيقظ إذا كان لا بد من التقاء الأرواح لحصول ذلك ؟! فهذا يعني أن شرط اللقاء عند الرؤية ليس بلازم، فإن كان مقصود ابن القيم وجوب التصديق بحصول التلاقي بين الأحياء والأموات فهذا له وجه من الاعتبار والوجاهة أما إن كان مقصوده أنه لا يحصل ذلك إلا بتلاقي الأرواح فهذا لا دليل عليه كما أسلفنا.

ومما يؤكد أن شرط اللقاء عند الرؤية ليس بلازم: أن الرائي قد يرى أحد الشهداء، ومعلومٌ أن أرواحهم في حواصل طير بالجنة، فيلزم من شرط اللقاء صعود روح الرائي إلى الجنة حيث أرواح الشهداء أو نزول أرواح الشهداء إلى الأرض وكلاهما ممتنع.


أما في غير المنام ، فلم يثبت فيه دليل صحيح ولم ينقل عن أحد من الأئمة الأعلام القول بذلك.

قال العلامة ابن باز رحمه الله:

" فهذا هو الذي عليه السلف من أن أرواح الأموات باقية إلى ما شاء الله وتسمع ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء في غير المنام كما أنه لا صحة لما يدعيه المشعوذون من قدرتهم على تحضير أرواح من يشاءون من الأموات ويكلمونها ويسألونها فهذه ادعاءات باطلة ليس لها ما يؤيدها من النقل ولا من العقل بل إن الله سبحانه وتعالى هو العالم بهذه الأرواح والمتصرف فيها وهو القادر على ردها إلى أجسامها متى شاء ذلك فهو المتصرف وحده في ملكه وخلقه لا ينازعه منازع.

أما من يدعي غير ذلك فهو يدعي ما ليس له به علم ويكذب على الناس فيما يروجه من أخبار الأرواح، إما لكسب مال أو لإثبات قدرته على ما لا يقدر عليه غيره أو للتلبيس على الناس لإفساد الدين والعقيدة ".



يتبع ...

مالك مناع
09-16-2006, 08:18 PM
تمايز الأرواح بعد مفارقتها للبدن



قال الإمام ابن القيم رحمه الله في المسألة الخامسة من كتابه " الروح ":

وهي أن الأرواح بعد مفارقة الأبدان إذا تجردت، بأى شيء يتميز بعضها من بعض حتى تتعارف وتتلاقى وهل تتشكل إذا تجردت بشكل بدنها الذي كانت فيه وتلبس صورته أم كيف يكون حالها ؟!

هذه مسألة لا تكاد تجد من تكلم فيها ولا يظفر فيها من كتب الناس بطائل ولا غير طائل ولا سيما على أصول من يقول بأنها مجردة عن المادة وعلائقها وليست بداخل العالم ولا خارجه ولا لها شكل ولا قدر ولا شخص فهذا السؤال على أصولهم مما لا جواب لهم عنه وكذلك من يقول هي عرض من أعراض البدن فتميزها عن غيرها مشروط بقيامها ببدنها فلا تميز لها بعد الموت بل لا وجود لها على أصولهم بل تعدم وتبطل بإضمحلال البدن كما تبطل سائر صفات الحى ولا يمكن جواب هذه المسألة إلا على أصول أهل السنة التي تظاهرت عليها أدلة القرآن والسنة والآثار والاعتبار والعقل والقول أنها ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وتخرج وتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعلى هذا أكثر من مائة دليل قد ذكرناها في كتابنا الكبير في معرفة الروح والنفس وبينا بطلان ما خالف هذا القول من وجوه كثيرة وإن من قال غيره لم يعرف نفسه.

ثم قال رحمه الله:

وقال تعالى " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " فأخبر أنه سوى النفس كما أخبر أنه سوى البدن في قوله " الذي خلقك فسواك فعدلك " فهو سبحانه سوى نفس الإنسان كما سوى بدنه بل سوى بدنه كالقالب لنفسه فتسوية البدن تابع لتسوية النفس والبدن موضوع لها كالقالب لما هو موضوع له.

ومن ها هنا يعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها فإنها تتأثر وتنتقل عن البدن كما يتأثر البدن وينتقل عنها فيكتسب البدن الطيب والخبث من طيب النفس وخبثها وتكتسب النفس الطيب والخبث من طيب البدن وخبثه فأشد الأشياء ارتباطا وتناسبا وتفاعلا وتأثرا من أحدهما بالآخر الروح والبدن ولهذا يقال لها عند المفارقة : اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب النفس واخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث.

ثم ساق رحمه الله الآيات والأحاديث التي تصف أرواح المؤمنين وأحوالها وأرواح الكفار وأهوالها مما هو مشتهر بين الناس، ثم قال رحمه الله:

وإذا كان هذا شأن الأرواح فتميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان والاشتباه بينها أبعد من اشتباه الأبدان فإن الأبدان تشتبه كثيرا وأما الأرواح فقل ما تشتبه.

يوضح هذا أنا لم نشاهد أبدان الأنبياء والصحابة والأئمة وهم متميزون في علمنا أظهر تميز وليس ذلك التميز راجعا إلى مجرد أبدانهم وإن ذكر لنا من صفات أبدانهم ما يختص به أحدهم من الآخر بل التميز الذي عندنا بما علمناه وعرفناه من صفات أرواحهم وما قام بها وتميز الروح عن الروح بصفاتها أعظم من تميز البدن عن البدن بصفاته ألا ترى أن بدن المؤمن والكافر قد يشتبهان كثيرا وبين روحيهما أعظم التباين والتميز وأنت ترى أخوين شقيقين مشتبهين في الخلقة غاية الاشتباه وبين روحيهما غاية التباين فإذا تجردت هاتان الروحان كان تميزهما في غاية الظهور.

وأخبرك بأمر: إذا تأملت أحوال الأنفس والأبدان شاهدته عيانا قل أن ترى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إلا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وقل أن ترى آفة في بدن إلا وفي روح صاحبه آفة تناسبها ولهذا تأخذ أصحاب الفراسة أحوال النفوس من أشكال الأبدان وأحوالها فقل أن تخطئ ذلك، ويحكى عن الشافعي رحمه الله في ذلك عجائب.

وقل أن ترى شكلا حسنا وصورة جميلة وتركيبا لطيفا إلا وجدت الروح المتعلقة به مناسبة له هذا ما لم يعارض ذلك ما يوجب خلافه من تعلم وتدرب واعتياد وإذا كانت الأرواح العلوية وهم الملائكة متميزا بعضهم عن بعض من غير أجسام تحملهم وكذلك الجن فتميز الأرواح البشرية أولى.




يتبع ...

مالك مناع
09-19-2006, 07:05 PM
هل لله روح ؟!
سؤال:

أجادل مسيحيا فيقول لي : إن لله روحا . فسؤالي هل لله روح ؟ ( روح كروح الإنسان والملائكة وسائر الخلق ) وهل الروح شئ مخلوق أم ماذا ؟ .

الجواب:

الحمد لله

ليس لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا أحد أعلم بالله من الله تعالى ، ولا مخلوق أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) البقرة/140. ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36 .

والروح ليست من صفات الله تعالى ، بل هي خلق من مخلوقات الله تعالى . وأضيفت إلى الله تعالى في بعض النصوص إضافة ملك وتشريف ، فالله خالقها ومالكها ، يقبضها متى شاء ، ويرسلها متى شاء .

فالقول في الروح ، كالقول في (بيت الله) و (ناقة الله) و (عباد الله) و (رسول الله) فكل هذه مخلوقات أضيفت لله تعالى للتشريف والتكريم .

ومن النصوص التي أضيفت فيها الروح إلى الله : قوله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِه ) السجدة/9 . وهذا في حق آدم عليه السلام .

وقال سبحانه وتعالى عن آدم أيضاً : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) الحجر/29 .

وقال تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) مريم/17- 19 .

فالروح هنا هو عبد الله ورسوله جبريل الذي أرسله إلى مريم . وقد أضافه الله إليه في قوله (رُوحَنَا) فالإضافة هنا للتكريم والتشريف ، وهي إضافة مخلوق إلى خالقه سبحانه وتعالى .

وفي حديث الشفاعة الطويل : ( فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ لَهَا ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ) رواه البخاري (7510) ومسلم (193) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له ، بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق ، كقوله تعالى (بيت الله) و (ناقة الله) و(عباد الله) بل وكذلك روح الله عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم . ولكن إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره مثل كلام الله وعلم الله ويد الله ونحو ذلك كان صفة له " انتهى من "الجواب الصحيح" (4/414) .

وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام في مواضع ، وحاصلها أن المضاف إلى الله نوعان :

1- أعيان قائمة بذاتها ، فهذه الإضافة للتشريف والتكريم ، كبيت الله وناقة الله ، وكذلك الروح ، فإنها ليست صفة ، بل هي عين قائمة بنفسها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب الطويل في وفاة الإنسان وخروج روحه : ( فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ) ( فَيَأْخُذُهَا (يعني يأخذ ملك الموت الروح ) فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا (يعني الملائكة) فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ) (وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا ) . انظر روايات الحديث في "أحكام الجنائز" للألباني (ص 198) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) رواه مسلم (920) أي : إذا خرجت الروح تبعها البصر ينظر إليها أين تذهب . فهذا كله يدل على أن الروح عين قائمة بنفسها .

2- صفات لا تقوم بنفسها ، بل لا بد لها من موصوف تقوم به ، كالعلم والإرادة والقدرة ، فإذا قيل : علم الله ، وإرادة الله ، فهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف .

قال ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" :

" المسألة السابعة عشرة : وهي هل الروح قديمة أو محدثة مخلوقة ؟

ثم قال : فهذه مسألة زل فيها عالَمٌ ، وضل فيها طوائف من بنى آدم ، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين ، والصواب المستبين ، فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبَّرة ، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، كما يعلم بالاضطرار من دينهم أن العالم حادث ، وأن معاد الأبدان واقع ، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له "

ثم نقل عن الحافظ محمد بن نصر المروزي قوله : " ولا خلاف بين المسلمين أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بنى آدم كلها مخلوقة لله ، خلقها وأنشأها وكونها واخترعها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه قال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 "
انتهى من "الروح" (ص144) .

وربما أشكل على بعض الناس قوله سبحانه في شأن عيسى عليه السلام : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) النساء/171 . فظنوا كما ظنت النصارى أن (مِِْن) للتبعيض ، وأن الروح جزء من الله . والحق أن (مِِْن) هنا لابتداء الغاية ، أي هذه الروح من عند الله ، مبدأها ومنشأها من الله تعالى ، فهو الخالق لها ، والمتصرف فيها .

قال ابن كثير رحمه الله :

" فقوله في الآية والحديث : ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) كقوله : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) أي من خلقه ومِنْ عنده ، وليست (مِنْ) للتبعيض كما تقوله النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة ، بل هي لابتداء الغاية كما في الآية الأخرى ، وقد قال مجاهد في قوله : (وروح منه) أي ورسول منه ، وقال غيره : ومحبة منه ، والأظهر الأول ، وهو أنه مخلوق من روح مخلوقة . وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف ، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله في قوله : ( هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ ) الأعراف/73 ، وفي قوله : ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) الحج/26 . وكما روي في الحديث الصحيح : ( فأدخل على ربي في داره ) أضافها إليه إضافة تشريف ، وهذا كله من قبيل واحد ونمط واحد " انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/784) .

وقال الألوسي رحمه الله : : حكي أن طبيبا نصرانيا حاذقا للرشيد ناظر على بن الحسين الواقدى المروزى ذات يوم فقال له : إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى عليه السلام جزء منه تعالى ، وتلا هذه الآية : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) فقرأ الواقدي قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ) الجاثـية/13 . فقال : إذاً يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءاً منه سبحانه وتعالى علوا كبيرا ، فانقطع النصراني فأسلم ، وفرح الرشيد فرحا شديدا " .

وقال رحمه الله : " لا حجة للنصارى على شيء مما زعموا في تشريف عيسى عليه السلام بنسبة الروح إليه ؛ إذ لغيره عليه السلام مشاركة له في ذلك ، ففي إنجيل لوقا : قال يسوع لتلاميذه : إن أباكم السماوي يعطي روح القدس الذين يسألونه .

وفى إنجيل متى : إن يوحنا المعمداني امتلأ من روح القدس وهو في بطن أمه .

وفى التوراة : قال الله تعالى لموسى عليه السلام : اختر سبعين من قومك حتى أفيض عليهم من الروح التي عليك .

وفيها في حق يوسف عليه السلام : يقول الملك : هل رأيتم مثل هذا الفتى الذي روح الله تعالى عز وجل حال فيه .

وفيها أيضا : إن روح الله تعالى حلت على دانيال . . . إلى غير ذلك " انتهى من "روح المعاني" (6/25) .

وجاء في إنجيل لوقا (1/41) : ( وامتلأت الياصبات من الروح القدس ) .

وقوله (1/25، 26) : ( وكان في أورشليم رجل صالح تقي اسمه سِمعان ، ينتظر الخلاص لإسرائيل ، والروح القدس كان عليه ، وكان الروح القدس أوحى إليه أنه لا يذوق الموت قبل أن يرى مسيح الرب . فجاء إلى الهيكل بوحي من الروح ) فهذا صريح في أن الروح ملَك يأتي بالوحي ، وصريح أيضا في أن عيسى عليه السلام (مسيح الرب) فهو عبد لله تعالى ، والله هو الذي مسحه ، وجعلها مسيحا .

والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب (سؤال رقم 50774 )

ATmaCA
05-05-2008, 07:41 AM
يرفع للفائدة ..
هذا الموضوع من امتع ما يمكن ..
من افضل مواضيع المنتدى ..
جزاك الله خيرا يا اخى الحبيب مالك مناع ..
وردك الله سالمًا الى المنتدى ..

dr-waleed
10-30-2009, 11:40 PM
يرفع للفائدة

أبو يوسف المصرى
10-31-2009, 01:01 AM
السلام عليكم و رحمة الله

موضوع اكثر من رائع

فجزاكم الله خيرا على هذا الجهد الطيب

و لى بعض الاستفسارات اذا اذن صاحب الموضوع

1. هل يمكن تعريف الموت بأنه مفارقة أحد العضاء للروح بالاضافة الى ما هو معلوم فى الشرع بأن الموت هو مفارقة الروح للبدن

2. هل يعتبر آدم عليه السلام ميت قبل نفخة الروح أم لا

3. هل الروح تخرج من الجسد مرة واحدة أم مرتين

4. لماذا اخفى الله عنا بعض اسمائه و هل يمكن أن يكون لذلك علاقة بعلم الروح و كوننا لا نعلم عنها الا القليل

و جزاكم الله خيرا

المراجع
10-31-2009, 10:25 PM
[quote=مالك مناع;21832]
الروح مخلوقة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ‏‏:‏ ‏"‏روح الآدمي مخلوقة مبدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة، وقد حكى إجماع العلماء على أنها مخلوقة غير واحد من أئمة المسلمين‏"‏‏.‏

وقال تلميذه العلامة ابن القيم‏:‏ ‏"‏والذي يدل على خلقها وجوه‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏، وذكر اثني عشر وجها‏:‏

منها‏:‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ‏}‏ ؛ فهذا اللفظ عام، لا تخصيص فيه بوجه ما، ولا يدخل في ذلك صفاته؛ فإنها داخلة في مسمى اسمه؛ فالله سبحانه هو الإله الموصوف بصفات الكمال، وهو سبحانه بذاته وصفاته الخالق وما سواه مخلوق‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا‏}‏ ، وهذا الخطاب لروحه وبدنه، وليس لبدنه فقط؛ فإن البدن وحده لا يفهم ولا يخاطب ولا يعقل، وإنما الذي يفهم ويعقل ويخاطب هو الروح‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ‏}‏ ، وهذا الإخبار إما أن يتناول أرواحنا وأجسادنا كما يقوله الجمهور، وإما أن يكون واقعا على الأرواح قبل خلق الأجساد كما يقوله من يزعم ذلك، وعلى التقديرين؛ فهو صريح في خلق الأرواح‏.‏

ومنها‏: النصوص الدالة على أن الإنسان عبد بجملته، وليست عبوديته واقعة على بدنه دون روحه، بل عبودية الروح أصل، وعبودية البدن تبع؛ كما أنه تبع لها في الأحكام، وهي التي تحركه وتستعمله، وهو تبع لها في العبودية‏.‏

ومنها‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا‏}‏ ؛ فلو كانت روحه قديمة؛ لكان الإنسان لم يزل شيئا مذكورا؛ فإنه إنما هو إنسان بروحه لا بدنه‏.‏

ومنها‏:‏ حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في ‏"‏صحيح البخاري‏"‏وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏(‏الأرواح جنود مجندة؛ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف‏) ، والجنود المجندة لا تكون إلا مخلوقة‏.‏

ومنها‏:‏ أن الروح توصف بالوفاة والقبض والإمساك والإرسال، وهذا شأن المخلوق المحدث المربوب‏.‏


من خلال ما تفضلت به : فهل يمكننا القول ان روح ادم الذي سجدت لها الملائكة ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) هي مخلوقة ...
ثانيا : وماذا عن الارواح في عالم الذر هل هي مخلوقة ايضا .......؟
جزاك الله خير على هذا الطرح وجعله بميزان حسناتك .......

راتانيا
11-01-2009, 03:15 AM
جزاك اله خيرا اخى

الثمرة
11-01-2009, 08:33 AM
الزميل المراجع ...
من خلال ماتفضلت به : انت انسان لا تقرأ جيدا , لا لايمكنك ان تقول ذلك .. فقد تكون"لا تفهم"

المراجع
11-01-2009, 08:15 PM
[quote=الثمرة;143953]الزميل المراجع ...
من خلال ماتفضلت به : انت انسان لا تقرأ جيدا , لا لايمكنك ان تقول ذلك .. فقد تكون"لا تفهم"[/


بدا انا لم اوجه السؤال اليك ... ؟ وليس انت التي تحكم علي ، ان كنتُ اقرا ام لا اقرأ، ورحمة الله أمرأ عرف قدر نفسه ....
ثانيا : ليس عيبا على الذي يريد ان يتعلم ليفهم ..... ولكن العيب كل العيب على الذي يتهم الاخرين بعدم الفهم والدراية بدون ان يقدم الدليل .... كان من الاجدر بك بدل من ان تتهم الاخرين ان تعلمهم وتقدم الدليل على اتهامك اليهم قال تعالى ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وانت في منتدى دعوي ... وبكلماتك تلك قد اسأت الى اخلاقيات المسلم ...

ATmaCA
06-01-2010, 01:12 AM
يرفع للفائدة ..

عَرَبِيّة
12-26-2010, 07:40 AM
يُرفع رفع الله قدركم .

عبد الله سليمان
09-08-2011, 05:29 PM
يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي هل يعتقد ان لا جواب وانه مبهم فالجواب المختصر والملم والشامل هو من أمر ربي كيف أمر الله ارادته امر الله قضاءه امر الله سره اذا اراده وقضاء وسر هل يمكن الاحاطه فهما بأي منها فقوله سبحانه نفخ فيه من روحه اي بث ارادته بالحياه وقضاءه ابلاحياء وسرالذي اودعه

اذا ليس خلقا ليس هيئة ليس جزءا
لكن تتحصل الاشياء بروح منه فهذا النفخ فما بال القبض هو الارادة والقضاء والسر انتزاعا
اذ الروح غير مشخصة بل عنوان القدره المخصوصة بالذات وجميع مسميات الوارده في الروح وارده تحت القدرة المخصوصة بالذات لكن ما بال الناس يوم القيامة من هنا ندرك معنا الربوبية باالارادة بالحياة الاخرة بأن قال نفخ في الصور

إلى حب الله
09-08-2011, 07:08 PM
الزميل عبد الله سليمان ...
أرجو تغيير معرفك إلى منكر للسنة : حتى لا تفتن غيرك على الأقل !!..
فإذا كنت ارتضيت أن تعيش في غياهب التيه والحرمان من اتباع النبي :
فما بالك تخفي حقيقتك عن الناس ؟!!!..

قرأنا لك بالأمس عجائب كلامك في صلب المسيح عليه السلام !!!؟؟..
وقرأنا لك اليوم عجائب كلامك في إنكار نزول القرآن في ليلة القدر من
رمضان !!!؟؟..

ولولا ركاكة كلامك الذي يدل (كالعادة) على مستوى اللغة المتدني عند
منكري السنة : لكان وقف الأعضاء على حقيقتك من أول وهلة !!..

وانظر لوصفك للسنة الصحيحة في نفيك لنزول القرآن في ليلة القدر :


ادعاء وتوهم ذكر عند الناس وعند سلفهم ونقل عنهم وخذ الصافي المفيد

ونسيت زميلي الجهبز أن نزول القرآن في ليلة القدر ثابت في القرآن في
مواضع أخرى صريحة : ولكن ماذا نفعل مع جهل منكري السنة بالقرآن
نفسه (كالعادة أيضا ً) ؟!!!..

يقول الله تعالى :

" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ "
البقرة 185 ..

فنفهم من ذلك (إن كنت لا تفهم اللغة العربية) : أن القرآن :
نزل في شهر رمضان !!.. والسؤال : هل نزل في الشهر كله : أم في ليلة منه ؟!!..
والجواب : نجده في أوائل سورة الدخان : وسورة القدر ...
يقول عز وجل :

" حم .. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ .. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ !!..
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ .. أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ : رَحْمَةً مِّن
رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " الدخان 1 : 6 ..

" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " القدر 1 ..

فما بالك الآن زميلي تريد أن تتصدى أيضا ًلحقيقة الروح (والتي اختص بعلمها
الله تعالى وحده) : تسعى لتأويلها بأنها كذا وكذا !!!!..

فهلا استحييت وأبقيت اجتهاداتك الخاطئة لنفسك : وحصرت مشاركاتك
في قسم السنة من هذا المنتدى : علك تصل لهداية ؟!!!..

هديتي إليك :
فضح عشرات التحف الفنية لمجموعة من أمثالك وما فعلوه بالقرآن :
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=25408

والله الموفق ...

عبد الله سليمان
09-08-2011, 11:16 PM
بسم الله الشاهد على كلماتك وكفى بالله ناصرا فلما كانك لسانك مؤذيا كمن اذو موسى وكان عند الله وجيها

مستفيد..
09-08-2011, 11:36 PM
كمن اذو موسى وكان عند الله وجيها
شبه نفسه بموسى عليه السلام !!
يا عم لما لا تبحث لك عن رداء يكون على مقاسك ؟..فمنها تكسب رداء ومنها تتأدب في حديثك عن الأنبياء..

عبد الله سليمان
09-09-2011, 12:12 AM
فتبسم ضاحكا من قولها

مستفيد..
09-09-2011, 12:18 AM
أحسنتَ..يناسبك رداء النملة..فليعرف كل ذي حجم حجمه ولا أقول قدره..