المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دلالة النظام والاطراد



حازم
09-18-2005, 06:24 PM
بقلم : الدكتور عبد العظيم المطعنى
من كتاب الاسلام فى مواجهة الايدلوجيات المعاصرة ص 360

ان لله نظاما مطردا فى الكون ومن فيه وما فيه . وهذا النظام يجرى بوضوح حسب الارادة الالهية . ولا توجد قوة فى الارض تعوق هذا النظام او تعطله او تبدله ، وفى القرآن الكريم ايات لفتت الانظار الى هذا النظام ، واتخذت منه دليلا قويا على وجود الله وتفرده بالكمال . وسمو ارادته فوق كل الارادات . وقدرته فوق كل القدرات . وعلمه فوق كل العلوم .

وتجىء فى سياق الكلام ايات فيها توقيف وتحد – كذلك – بان هذا النظام المحكم البديع المطرد ماض حسب ارادة الله قاهر غير مقهور . وفيما يلى البيان :
(سبحان الذى خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ، ومن انفسهم ، ومما يعلمون . واية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون . والشمس تجرى لمستقر لها . ذلك تقدير العزيز العليم . والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغى لها ان تدرك القمر ، ولا الليل سابق النهار ، وكل فى فلك يسبحون ) يس (36 – 40 )

تشير هذه الايات الى النظام البديع المطرد فى مجالين جليلين :
اولهما : مصادر الخلق والايجاد المتكرر من نبات وحيوان وغيرهما .
وثانيهما : حركة الافلاك العظمى اليومية وما يترتب عليها من ايات كونية مدهشة .
فمصادر الخلق محصورة فى ثلاثة : انبات الارض ، وتوالد الانسان ومصدر ثالث لا يعلمه الناس ويعلمه الخالق سبحانه . وقد يرد هنا سؤال مؤداه ان هناك مصدرا رابعا للخلق اغفلته الاية الاولى وهو خلق الحيوان من دواب وزواحف وطير . والجواب : ان هذه الانواع داخلة فى (مما تنبت الارض) والانسان - بدوره – كذلك ، ولكن الخالق ميزه وفضله عن المخلوقات الدنيا .

فهذا هو نظام الخلق والتكوين والايجاد ، ليس له الا خالق واحد ، ويد مبدعة واحدة . هو الله الذى احسن كل شىء خلقه . فهل من مقدور احد ان يعطل هذا النظام . فليدع الماديون مادتهم . وليركعوا فى محرابها ويتوسلوا اليها ان تحدث تغييرا فى هذا النظام ولينظروا عطاءها ان كان لها عطاء وتاثيرها ام كان لها تاثير ! وليبحثوا عن القبعة السوداء التى لا وجود لها فى غرفتهم المظلمة !

يتبع

حازم
09-25-2005, 08:26 PM
حركة الافلاك

اما حركة الافلاك العظمى اليومية فعجب عاجب واعجاز دائم . فالليل والنهار يتعاقبان فى نظام بديع حقا كن الليل يطلب النهار ، وكان النهار يطلب الليل طلبا حثيثا فى كليهما . واحيانا يطول الليل باقتطاع جزء منه . كما يطول النهار – احيانا اخرى – على الليل باقتطاع جزء منه . وهذا الاقتطاع او قل التداخل المسمى فى الكتاب العزيز بالايلاج متساو تماما وبكل دقة . كان احدهما يقترض من الاخر جزءا فى زمن ، ثم يرده موزونا بموازين الذرة فى زمن مماثل تماما لزمن الافتراض . ويتساوان – الليل والنهار – فى يومين اثنين على مدى العام كله – احدهما فى الاعتدال الربيعى والاخر فى الاعتدال الخريفى – وهذا شىء ناشىء عن اوضاع حركة الفلك الدائبة التى قدرها العزيز العليم ، والشمس تجرى لمستقر لها لا يعلمه الا الله ، والقمر مقدر منازل تقديرا حكيما فهو يسير فى مداره ومجراه من يوم خلقه الله دون اختلال عفوى او توقف .

هذه الافلاك العظمى تسبح فى الفضاء فى مسافات وابعاد مقدرة تقديرا حكيما حتى لا يحدث بينها اصطدام فتقع كوارث لا عهد للناس بها .. وليست الشمس والقمر هما وحدهما يسبحان فى الفضاء الكونى الهائل بل تسبح بجوارهما بلايين الكواكب والنجوم كل فى مداره الخاص به ، محكومة بقدرة الله وتدبيره دون احتياج الى حركة تنظيم او اداب وقواع مرور . ولكنها تسبح – هكذا – فى يسر وسهولة واتزان دون ان يعوق حركاتها شىء : (صنع الله الذى اتقن كل شىء ) .

هذا النظام البديع واحد من الادلة لا على وجود الصانع العظيم فحسب ، ولكن على وجوده وكمال قدرته وبليغ حكمته وتفرده بالسلطان الذى ليس فوقه سلطان . فليدع عبيد المادة الجمادية مادتهم ؟ ولينظروا هل تجيبهم اذ يدعون ؟ او هل تسمعهم اذ ينادون (الحمد لله الذى خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور . ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)

يتبع

حازم
02-08-2006, 11:19 AM
الساعة الكونية

(وجعلنا الليل والنهار ايتين ، فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ، ولتعلموا عدد السنين والحساب ، وكل شىء فصلناه تفصيلا) الاسراء

جعل الله الليل والنهار ايتين هو اس النظام الكونى فى اجلى مظاهره فهما –الليل والنهار- ايتان عظيمتان خالدتان ما خلدت الحياة . وناشئان عن عمل ضخم لا فاعل له سوى العلى القدير . فدوران الارض حول نفسها دون ان يشعر احد باختلال او اضطراب فى سكونها وقرارها يترتب عليه ايتا الليل والنهار . ودورانها حول الشمس ينشا عنه الفصول الاربعة المعروفة . ولو ظلت الارض جامدة لا تتحرك لتوقف تعاقف الليل والنهار ولما استطاعت قوى البشر جميعا ان تحركها . ولتوقفت الحياة على ظهرها فالناس ينامون والفلك يتحرك ويعملون والفلك يتحرك . ولا تاثير لهم ناموا او عملوا فى ادارة الافلاك بل ذلك نظام الذى بيده ملكوت كل شىء .
ولكل من ايتى الليل والنهار خاصة ووظيفة . خاصة الليل هى الاظلام المعبر عنه فى الكتاب العزيز ب(المحو) لان الرؤية تختفى بالليل فكان الاشياء التى كانت ترى نهارا قد (محيت) فهى لا وجود لها كما يمحو الكاتب اسطرا كان قد كتبها
ووظيفة الليل الراحة والجمام والسكون . وما احوج الخلق الى الراحة والجمام .
وخاصة النهار (الابصار) ووظيفته النشاط والعمل والضرب فى الارض وما احوج الناس الى العمل بعد الراحة فيركن الناس الى الراحة وتدق مرة اخرى بقدوم النهار فينشط الناس للعمل .
وهذه الساعة تعلم الناس الحساب ليعرفوا المواعيد المناسبة لكل شىء ويحسبوا الاعمار ويضبطوا المعاملات ومواسم الحرث والحصد . وفى هذه الساعة الكونية مؤشران هائلان : الشمس والقمر ، بالاضافة الى مؤشرات (ثانوية) دقيقة تضبط بها مواعيد اخرى لمن احتاج اليها .
وعمل المؤشرين الهائلين موزع توزيعا دقيقا محكما ورائعا . انهما يتعاونان فى الفة واحكام لتحديد الايام والشهور والسنين واليك البيان :

وظيفتا الشمس والقمر :
فالقمر يحدد بداية الشهر ونهايته . والشمس تحدد بداية اليوم ونهايته كما تحدد بداية النهار (الوقت المضىء فحسب) ونهايته. وتحدد بداية الليل (الوقت المظلم فحسب) ونهايته. والقمر تحسب به السنين (الكونية) والشمس تعين الجهات الاربع . فهى تظهر من الشرق وتغيب فى الغرب والواقف تجاه شروق الشمس يكون الجنوب عن يمينه والشمال عن يساره والواقف تجاه الغروب يكون الغرب عن يمينه والشرق خلفه والجنوب عن يساره والشمال عن يمينه . وبتحديد الجهات الاربع الاصلية يسهل تعيين الجهات الاربع الفرعية وهى الجنوب الشرقى ، والجنوب الغربى ، والجنوب الغربى ، والجنوب الشرقى ، كما تحدد الفصول السنوية الاربعة بدوران الارض حول الشمس . وبحركة الارض حول نفسها تعرف مواقيت العبادات اليومية فالفجر يبدا بسطوع عمود النور الباكر المؤذن بشروق الشمس والظهر حين ينعدم (الظل) وقد توسطت الشمس كبد السماء . والعصر اذا بلغ ظل كل شىء مثله وبغروب قرص الشمس يكون المغرب وباختفاء الشفق الاحمر يكون العشاء
وبالقمر تتحدد العبادات السنوية من حج وصيام كما تستعين النساء عن طريق حركته الدائبة ضبط بعض الاحوال الخاصة بهن (العادات الشهرية) والسنة القمرية معدودة بايام لا تزيد ولا تنقص وشهورها تترواح بين حد اعلى (ثلاثون يوما) وحد ادنى (تسعة وعشرون يوما) وليس فى الاشهر القمرية شهر كامل دائما ولا شهر ناقص دائما . فقد يكمل شهر فى سنة وينقص فى سنة ثانية .

وهكذا تتناوب الاشهر القمرية الاثنا عشر الكمال والنقص . وهذه ظواهر تحدث بعيدا عن تدخل (الخلق) وتدبيرهم وتقديرهم انها تدبير العزيز العليم. وهذا النظام المحكم البديع لم يتخلف ولن يتخلف وهذه الساعة الكونية الكبرى لم يصبها عطل ولا فساد منذ خلق الله السماوات والارض ، ولا هى محتاجة الى صيانة ولا قطع غيار ولا اشراف مهندسين ولا رقابة خبراء لانها (صنع الله الذى اتقن كل شىء) والذى (احسن كل شىء خلقه) سبحانه فى علاه (بديع السماوات والارض) اذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون.

والمؤشرات الثانوية من النجوم مثل سهيل والنجم القطبى علامات واضحة تهتدى بها قوافل التجارة فى البر ، والسفن والبواخر فى البحر ومنها ما يعرف به بدء الفصول ونهايتها . اليس وراء هذا النظام البديع المحكم يد مبدعة وصانع حكيم ليس كمثله شىء ؟!