المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على "خطبة غيرت رأيي في معاوية"



نور الدين الدمشقي
03-15-2011, 11:28 PM
عجبت في البداية كيف مر الموضوع ولم يرد عليه أحد. ثم عجبت اكثر عندما وجدت بعض الاخوة ينعتون الخطيب الحرقة والاخلاص!!!
وعجبت اكثر واكثر من زميل عزيز يغير رأيه بخطبة واحدة!!! عتبي عليك.... فأين التثبت والتحقق!! ما هذا...اهكذا صار يتلاعب في دين الله؟!!

وجل ما ذكر من شبهات حول الصحابي معاوية رضي الله عنه قديمة مردود عليها....اثارها الروافض كيف يطعنوا ويحطوا من قدر ذلك الصحابي خال المؤمنين وكاتب الوحي ورسائل النبي صلى الله عليه وسلم!

والرد اجمالا وتفصيلا لمن اراد الاستزادة.
فاما الاجمال....و بعيدا عن التفصيلات في الردود والتي تحتاج الى الوقت والأناة والتحقيق...لا الاستماع الى خطبة ثم الحكم....فيكفيه انه صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم...شهد حنينا والطائف!!!
كيف وقد أيدهم الله بجنوده...وانزل عليهم سكينته بصريح نص كتابه: "ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها...وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين"
كيف وقد وعدهم الله بالحسنى في صريح نص كتابه: "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل...أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى!!!!

كيف وقد قال الله سبحانه: "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "
ذكر ابن كثير في تفسيره:
وقال أبو موسى الأشعري ، وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، والحسن ، وقتادة : هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

كيف وقد حسن او صحح بعض الأحاديث في دعاء النبي له بأن يهديه ويجعله هاديا عالما بالكتاب...وان يقيه العذاب!؟

كيف وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه عن خالته أم حرام بنت ملحان
‏ ‏قالت: ‏نام النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يوما قريبا مني ثم استيقظ يتبسم فقلت ما أضحكك قال ‏ ‏أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة قالت فادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم نام الثانية ففعل مثلها فقالت مثل قولها فأجابها مثلها فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت من الأولين فخرجت مع زوجها ‏ ‏عبادة بن الصامت ‏ ‏غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع ‏ ‏معاوية ‏ ‏فلما انصرفوا من غزوهم قافلين فنزلوا ‏ ‏الشأم ‏ ‏فقربت إليها دابة لتركبها ‏ ‏فصرعتها ‏ ‏فماتت"

وفي رواية اخرى عنها كذلك في صحيح البخاري:
حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقي حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام قال عمير فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا قالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم قال أنت فيهم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم فقلت أنا فيهم يا رسول الله قال لا.
يقول ابن حجر العسقلاني في الفتح:
قوله : ( يغزون مدينة قيصر ) يعني القسطنطينية ، قال المهلب : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر.

وكيف وقد روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما ووثقوه لصحبته...ومما روي عنه حديث "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".
كيف تتبع أخطائه حتى (على فرض صحة أي منها) وهو صحابي له أجر الصحبة!!!! وأجر الصحبة لا يلحقه أحد!!
ولما دخل ابن عباس على عمر رضي الله عنهم جميعا وهو يخفف عنه في فراش موته...وعمر يهون من شأنه الا ان قال: وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات عنك وهو راض: فقال: أما هذه فنعم!!
ثم يأتينا من يسمي يقول: لا نريد التقية في العلم!!! وهل هذه تقية؟ بل على من يجاهر هكذا في الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتقي الله سبحانه كائنا من كان!

ثم يتطاول بعدها ويرميه بأن طموحاته "حقيرة جدا" ويستهزيء به ويرميه بأنه هتاك أعراض...ويقول عنه بأن الايمان ضعيف جدا جدا في قلبه...وان حياته مصيبة وموته نعمة!! وانه يبرأ الى الله منه!!!!
واما اكبر المصائب انه افترى عليه وقال على لسانه: "محمد حرمه وانا استحله!!!" مشيرا الى الربا!!!! فهل الوقوع فيه (ان كان وقع) مثل استحلاله!!!!وهو مما علم في الدين بالضرورة!!!! يعني لم يبق الا ان يكفره!!!!
لا حول ولا قوة الا بالله...بل أنا ابرأ الى الله من قول هذا الرجل!!

وأما التفصيل: فستجد جل النقاط في:
1) اتهامه بالبغي 2- اتهامه بسب علي رضي الله عنه 3- شرب الخمر 4- التعامل بالربا 5- انه دس السم 6- لبس الحرير 7-يستحل الربا
وغيرها.
وكملاحظة: تذكر بأن عدم العصمة لا تسمى (جرثومة تقديس)....وانما نحن نؤمن بعدم عصمتهم رضي الله عنهم...فكل يؤخذ منه ويرد الا رسول الله صلى الله عليه وسلم....لكن ونحترمهم ونحبهم...وهل تقديسهم يعني العصمة!؟
هذا بالتأكيد موضوع يحتاج الى المزيد...وسأرجع لاتابع وافصل الردود في بعض النقاط ان شاء الله حتى لا يتطاول احد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم...ويفكر مئة مرة قبل ان يتكلم...ويتعلم قبل ان يندم....
ونصيحة لاخي ناقل الموضوع: اياك ان تتخذ قدوة من أمثال هؤلاء...ولتكن قدوتك من شهد له بالصلاح وختم عمره على الاستقامة....فان الحي لا تؤمن عليه الفتنة.....فان ابيت...فعليك بالعلماء الربانيين....الذين يغلب على سماتهم التواضع والتعظيم لله ورسوله وآله وصحبه....وترى التقوى على وجوههم....ولا يخدعنك من يجمع بعض الثقافة هنا وهناك...من قراءة الكتب وغيرها...فليس العلم بحشو الرؤوس...وانما العلم بالعمل...وبالخشية والتقوى...لذلك ترى كثيرا من المتعالمين دائما ما يقولون: "اقرؤوا...تعلموا.."
لي عودة ان شاء الله.

ابن السنة
03-15-2011, 11:39 PM
بارك الله فيك أخى سترانجر
الشيخ عدنان ابراهيم له اراء شاذة فى بعض الأمور. أحسبه من المخلصين و لكنه مع الأسف انتهج نهج الطعن فيما لا يقبله و قد طعن فى حديث عائشة رضى الله عنها حول سنها عند الزواج من رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال أنه من طريق منقطع، فراسلته لاستفهم لأنه لم يأتى بكل طرق الحديث. و لكن احسبه لم يجد الوقت ليراسلنى.
لذا فمنهجه( على الرغم من اخلاصه الواضح فى غير هذا الأمر) غير سديد ( طبعاً لست من يقيم العلماء و لكن هذا ما ظهر لى
و الله اعلم

نور الدين الدمشقي
03-15-2011, 11:46 PM
نعم اخي...وهذا نتاج من قد تغلب عليه الفلسفة والعقلانية فيصير يرد بعقله اكثر من تمحيصه وتحقيقه لثبوت الأدلة.
بارك الله فيك

التواضع سيصون العالم
03-15-2011, 11:49 PM
سأقرأ المزيد عن هذا الأمر
وأنتظر الرد على التهم السبعة التي ساقها الشيخ مع التوثيق أخي العزيز

التواضع سيصون العالم
03-15-2011, 11:56 PM
و بارك الله فيك أخي سترينجر

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 06:07 AM
نبدأ بعون الله. واقول في البداية عدة نقاط مهمة:
الأولى: اننا لو افترضنا صحة اية من هذه الادعاءات فانها لن تعدوا ان تكون اخطاءا لصحابي...ومعاوية رضي الله عنه من الصحابة باجماع اهل العلم ...ونحن لا نؤمن بعصمة الصحابة. ومن تأمل في قصة حاطب بن ابي بلتعة عرف أهمية حفظ مكانة الصحابي....بالرغم من أن حاطب رضي الله عنه كاد يفشي سرا يهدد دولة الاسلام بأسرها حتى انزل الله وحيا بمكان الرسالة!! فأي دين او قانون لا يقول بقتل صاحب مثل هذا العمل...الا ان النبي صلى الله عليه وسلم بين بأنه اذا كان الحديث عن أمثال اولئك...فان لهم شأنا خاصا وموازين مختلفة...وليسوا ب"عامة" الناس...فكيف يجرؤ امثالنا على تقييمهم اصلا!!..رضي الله عنهم اجمعين...(وكذلك من الصحابة من شرب الخمر...ومنهم من وقع في الزنا...وغير ذلك المعاصي)
وقد فطن لذلك علماؤنا وبقية الصحابة: فقد روى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام احدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره) فضائل الصحابة , أحمد بن حنبل: 1/57. ابن ماجة: 1/70
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( لا تسبوا أصحاب محمد فان الله عز وجل قد أمر بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتتلون) (فضائل الصحابة: احمد بن حنبل: 1/51)
ويقول الامام النووي: وسب أحدهم من المعاصي الكبائر (صحيح مسلم بشرح النووي: 16/93)
بل إن الإمام مالكاً رحمه الله يرى قتل من قال بضلال أحد من الصحابة (انظر: صحيح مسلم بشرح النووي: 16/93)

فان قال قائل: فما هذا التقديس الزائد: قلنا هو ليس تقديسا زائدا: وانما هو بيان فضل الصحابي كائنا من كان...وما ذاك الا لتقديسنا لكلام ربنا وكلام نبينا. فكيف بكلام الله اذ يقول عنهم: وكلا وعد الله الحسنى!! وغيرها مما ذكرت في الأعلى! وما ادرانا ان الله اطلع الى اهل حنين او الطائف فقال لهم كما قال لأهل بدر؟ أمثال هؤلاء لا يساء الظن بهم ابدا!


ثانيا: هل الصحابة كلهم عدول؟ الجواب: نعم هو اجماع الا من شذ من المبتدعة. ولتفصيل هذه النقطة:
انظر حول عدالة الصحابة : الاستيعاب لابن عبد البر (1/19) و فتح المغيث (3/103) و شرح الألفية للعراقي (3/13-14) والإصابة (1/9) و مقدمة ابن الصلاح (ص 147) والباعث الحثيث (ص 181-182) وشرح النووي على صحيح مسلم (15/149) والتقريب للنووي (2/214) والمستصفى للغزالي (ص 189-190 ) وفي غيرها من الكتب.

ثالثا: تعددت الآيات وكثرت الاحاديث التي في عمومها فضل الصحابة ومكانتهم...فمن ذلك: ما ذكرت في الأعلى...ومنها "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم...الآية. "
وفي الصحيحين فيما رواه أبو سعيد الخدري : (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)(البخاري: 7/12, مسلم: 2/506 ).
وعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) البخاري: 8/8
وعن أبي بردة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون, وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) مسلم: 502
وغيرها الكثير الكثير....
بعد هذا كله...لا ينبغي ان يجرؤ كائن من كان على الصحابة فضلا عن ان يستهزأ بهم او يحقر من شأنهم!

رابعا: ماذا قال العلماء سلفنا في أمر معاوية؟ هذه نبذة سريعة:
سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) .
أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح
و سئل الإمام أحمد : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟
قال أبو عبد الله : هذا قول سوء رديء ، يجانبون هؤلاء القوم ، ولا يجالسون ، و نبين أمرهم للناس . انظر : السنة للخلال (2/434) بسند صحيح
وقال الربيع بن نافع الحلبي ( ت 241 هـ ) رحمه الله : معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه . البداية والنهاية (8/139)

خامسا: بعد كل هذا....خصوصا الآيات وما صح من الاحاديث في فضائل الصحابة...فاننا لن نقبل بأن نأخذ من كتب تاريخ من غير سند موثق...ما نجوز لانفسنا معه الاستهزاء بصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فان تجاوزنا في هذا لكثرة الآثار: فلا بد ان نجمع اقوال المؤرخين حول معاوية رضي الله عنه جميعها ونقابلها ببعضها (مثلا ابن عساكر او ابن كثير وغيرهما).

سادسا: سأستعين ببعض المراجع وجلها من الشبكة..وسأشير اليها لمن اراد الاستزادة...فقد يكون الكلام منقولا...وسأبينه.
يتبع بعون الله في الغد ان شاء الله

بدون إسم
03-16-2011, 06:39 AM
جزاك الله خير
لعلك انت او اي عضو على علم بالموضوع تذكرون المصادر التي استقى منها الشيخ عدنان التالي ( 1) اتهامه بالبغي 2- اتهامه بسب علي رضي الله عنه 3- شرب الخمر 4- التعامل بالربا 5- انه دس السم 6- لبس الحرير 7-يستحل الربا )

ثم تضعون السند اذا كان هناك سند .. اذا لم يكن فتضعون القول المقابل له وسنده
لكي نستطيع ان نرى الموضوع من الجهتين فتكتمل الصورة لدينا

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 06:43 AM
الردود المفصلة:
القضية الأولى: الاتهام بالبغي:
الرد ميسور على هذه النقطة بفضل الله اذا قرأنا قوله تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"
الا ترى بأن الطائفة الباغية سميت مؤمنة كذلك...وذكر الله كذلك بأن المؤمنين اخوة بعدها!
لذلك لو رجعت الى كتب الفقه رأيتهم يفصلون في "احكام البغاة" ويذكرون انواعا لهم. فليس كل من بغا كفر! وانما هناك بغاة متأولون.
فما حقيقة هذا الاتهام؟ ان معاوية رضي الله عنه بغا...نعم هذا صحيح بمعنى أنه اخطأ في الخروج على علي. وكذلك طلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم اجمعين...وعلماء السنة مجمعون على أن الحق كان عند علي رضي الله عنه....فهو بهذا المعنى قد بغا...ولكن ما معنى ذلك؟ أنه باغ بمعنى ضال فاسد فاسق مفسد مثلا!!! او انه خرج من دائرة الايمان!! كلا!! فهل يقال مثل ذلك على أم المؤمنين عائشة او طلحة والزبير رضي الله عنهم لانهم كانوا في تلك الفئة؟!!
بل هم مؤمنون جميعا...لكنهم تأولوا واخطأوا. واعجبني هذا الكلام انقله من شبكة الدفاع عن السنة:

البغي يكون نوعين ، نوع عن عمد ، ونوع عن تأويل ، والبغي الذي حصل من فئة معاوية كان عن تأويل ، بمعنى أنهم يظنون أنهم على الحق ، ولكن هذا لايخرجه عن وصف البغي في الظاهر ، وليس في الحديث دليل على أن معاوية رضي الله عنه هو الذي يدعوه إلى النار ، وإنما يدل على ان البغي في الحقيقة دعوة إلى النار ، وإن كان فاعله قد لايشعر بذلك ، كما أنك عندما تقول لمن يقول بجواز القتال في عصبية ، لمن ينصر عصبة ، إنه يدعو إلى النار بهذه الفتوى ، ولكن هو قد يكون متاولا يظن أنه على صواب وحق ، ولهذا لم يقل علماء أهل السنة أن الصحابة معصومون ، ولم يقع منهم الخطأ قط ، بل قالوا جائز ان يكون الخطأوالذنب قد وقع بتأويل، وبغير تأويل فهم بشر ، غير أن حسناتهم الراجحة وجهادهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل الصحبة تجعل فضلهم علىالامة سابقا ، لايقاربهم فيه أحد ، حتى ورد في الحديث أن مثل حبل أحد ذهبا من غيرهم ينفقه ، لايبلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، ولايطعن فيهم إلا جاهل أو منافق أو مريض القلب
هل يبيح مثل هذا ان نستهزيء ونتهم وننتقص ونتقول على صحابي من صحابة رسول الله؟ اللهم لا!!
يتبع

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 06:45 AM
لعلك انت او اي عضو على علم بالموضوع تذكرون المصادر التي استقى منها الشيخ عدنان التالي ( 1) اتهامه بالبغي 2- اتهامه بسب علي رضي الله عنه 3- شرب الخمر 4- التعامل بالربا 5- انه دس السم 6- لبس الحرير 7-يستحل الربا )
ثم تضعون السند اذا كان هناك سند .. اذا لم يكن فتضعون القول المقابل له وسنده
لكي نستطيع ان نرى الموضوع من الجهتين فتكتمل الصورة لدينا
ان شاء الله اخي...

shahid
03-16-2011, 05:23 PM
جزاك الله خيرا اخي سترينجر وسدد رميك وعصمك من كل فتنة .

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 07:04 PM
اتابع باذن الله...وانا اشعر حقيقة انني لم اؤدي الحق في بيان فضل الصحابة..واختلافهم عن سائر البشر...ولعله تكون لي عودة الى هذه النقطة.
كذلك في النقطة الأولى التي ذكرتها عن فضل الصحابة حتى على فرض ثبوت صحة اخطاء لهم...ان قال قائل: فماذا نفعل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تواتر عنه من ذكر الحوض في الصحيحين...ومن رواياته ما فيها:
" ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلى اختلجوا دوني فلأقولن رب أصيحابي أصيحابي فليقالن لي انك لا تدري ما أحدثوا بعدك" (مسلم)
وكذلك:
"حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال إنكم محشورون حفاة عراة كما بدأنا أول خلق نعيده إلاية وان أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم وانه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقول الله انك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله الحكيم قال فيقال أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم (البخاري: كتاب الرقائق باب الحوض...برقم 6045)

يقول الشيخ عثمان الخميس: هذه الأحاديث في المرتدين الذين ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم...حيث ارتد كثير من القبائل...وهذا ما ذكره شراح الحديث.
وهنا بعض الشروح:
من فتح الباري:

‏قوله (قال فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم)

‏وقع في رواية الكشميهني " لن يزالوا " ووقع في ترجمة مريم من أحاديث إلانبياء قال الفربري ذكر عن أبي عبد الله البخاري عن قبيصة قال : هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر يعني حتى قتلوا وماتوا على الكفر وقد وصله إلاسماعيلي من وجه آخر عن قبيصة

وقال الخطابي : لم يرتد من الصحابة أحد وإنما ارتد قوم من جفاة إلاعراب ممن لا نصرة له في الدين وذلك لا يوجب قدحا في الصحابة المشهورين. ويدل قوله " أصيحابي " بالتصغير على قلة عددهم
وقال غيره : قيل هو على ظاهره من الكفر والمراد بأمتي أمة الدعوة لا أمة الإجابة

وكذلك من شرح النووي على مسلم:

اقتطعوا وأما أصيحابي

فوقع في الروايات مصغرا مكررا وفي بعض النسخ أصحابي أصحابي مكبرا مكررا قال القاضي هذا دليل لصحة تأويل من تأول إنهم أهل الردة ولهذا قال فيهم سحقا سحقا ولا يقول ذلك في مذنبي الأمة بل يشفع لهم ويهتم لأمرهم قال وقيل هؤلاء صنفان
أحدهما عصاة مرتدون عن الاستقامة لا عن الإسلام وهؤلاء مبدلون للأعمال الصالحة بالسيئة
والثاني مرتدون إلى الكفر حقيقة ناكصون على أعقابهم واسم التبديل يشمل الصنفين

يضاف الى هذا (وهذا من كلام الشيخ عثمان الخميس):
قوله صلى الله عليه و سلم الصحابي على المعني اللغوي لا المعني الاصطلاحي، و الحديث على المعني العام للصحابي، و منها هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أراد أن يقتل عبد الله بن سلول فقال رسول الله (لا يتحدث الناس انه كان يقتل أصحابه) فالمقصود هو المعنى اللغوي لا على المعنى الاصطلاحي لأنه من المنافقين و أظهر نفاقه جهر.
والحديث المذكور في عبد الله بن سلول صحيح في البخاري كذلك:
) حدثنا محمد أخبرنا مخلد بن يزيد أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار انه سمع جابرا رضي الله عنه يقول غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ما بال دعوى أهل الجاهلية ثم قال ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها خبيثة وقال عبد الله بن أبي ابن سلول أقد تداعوا علينا لان رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمرا لا تقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتحدث الناس انه كان يقتل أصحابه (كتاب المناقب باب ما ينهى من دعوى الجاهلية)
هذه بعض الردود. وعلى أية حال فان تعريف الصحابي في الاصطلاح اختلف فيه...ولكن التعريفات على اختلافها كلها منطبقة على معاوية رضي الله عنه (لأن منهم من تشدد فاشترط في الصحابي مثلا ان يكون غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم).
واشهرها: قال النووي في تعريف الصحابي: (فأمّا الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولو للحظة، هذا هو الصحيح في حدّه، وهو مذهب ابن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدّثين كافة)(صحيح مسلم، بشرح النووي: ج 1 ص 35 – 36)

وقد ذكر ايضا الحديث الموجود في موطأ مالك:
"روي مالك أنّ رسول الله ص قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر الصديق، ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا، فقال رسول الله ص: بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي! فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال إننا لكائنون بعدك" (كتاب الجهاد باب الشهداء في سبيل الله)
وهذا الحديث من مراسيل مالك رضي الله عنه (اي رواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم باسقاط الصحابي)...وقد ضعف بعض اهل العلم بعض مراسيل مالك لكن بعض العلماء تتبع مراسيل الامام مالك واسند معظمها (كابن عبد البر)....هذا مجرد استطراد.
وعلى أية حال..الأهم هو معنى هذا الحديث. وللعلم هذا الحديث يستخدمه الرافضة في الطعن في سيدنا ابي بكر رضي الله عنه حيث يقولون أنه لم يشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم....وهذا من عفن فكرهم وجهالتهم...فما معنى الحديث؟
هل يعني ان من يحدث بعد رسول الله يدخل النار؟ او كافر؟ او ليس صحابيا؟ هل هذا يعني أن معاوية كافر او مرتد او منافق؟
هذا بعض ما نقل عن اهل العلم في شروح الموطأ (منقول):

"يقول الباجي في شرحه للموطأ (الموطأ شرح الباجي جـ3 ص (207 ـ 208))
((... وقول أبي بكر رضي الله عنه ألسنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم باخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا على وجه الإشفاق لما رأى من تخصيصهم بحكم كان يرجوا أن يكون حظه منه وافراً وأن يكون حظ جميع من شركه فيه من الصحابة رضي الله عنهم ثابتاً فقال أن عملنا كعملهم في الإيمان الذي هو الأصل والجهاد الذي هو آخر عملهم فهل تكون شهيداً لنا كما أنت شهيدا لهم فقال صلى الله عليه وسلم بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، قال قوم إن الخطاب وإن كان متوجهاً إلى أبي بكر رضي الله عنه فإن المراد به غيره ممن لم يعلم صلى الله عليه وسلم بما آل حاله وعمله وما يموت عليه وأما أبو بكر رضي الله عنه فقد أعلم أنه من أهل الجنة، والنبى صلى الله عليه وسلم شهيد له بذلك لظاهر عمله الصالح ولما قد أوحي إليه وأُعْلِمَ من رضوان الله تعالى عنه ولكنه لما سأل أبو بكر رضي الله عنه واعترض بلفظ عام ولم يخص نفسه بالسؤال عن حاله كان الجواب عاماً، وقد بيّن تخصيصه بأنه ليس ممن يحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً مما يحبط عمله بما تقدم وتأخر عن هذا الحال من تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم له واخباره بما له عند الله من الخير وجزيل الثواب وكريم المآب. قال القاضي أبي الوليد ويحتمل عندي وجهاً آخر، وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال: هؤلاء أشهد عليهم بما شاهدت من عملهم في الجهاد الذي أدى إلى قتلهم في سبيل الله ولذلك لم يقل أنه شهيد لمن حضر هذا اليوم وقاتل وسلم من القتل كعليّ وطلحة وأبي طلحة رضي الله عنهم وغيرهم ممن أبلى ذلك اليوم، ومن هو أفضل من كثير ممن قتل ذلك اليوم، لكنه خصّ هذا الحكم بمن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم جهاده إلى أن قتل، ويكون على معنى هذا قوله لأبي بكر رضي الله عنه: بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، لم يرد به الحدث المضاد للشريعة وإنما أراد به جميع الأعمال الموافقة للشريعة والمخالفة لها، فيكون معنى ذلك أن ما تعملونه بعدي لاأشاهده، فلا أشهد لكم به وأن علمت أن منكم من يموت على ما يرضي الله من الأعمال الصالحة، إلاّ أنها لم تعين لي فيقال لي أنه يجاهد في الموطن كذا وأن الواحد منكم يقتل زيداً أو يقتله عمرٌ، وكما شاهدت من حال هؤلاء، فلذلك لا أكون شهيداً لكم بنفس الأعمال وتفصيلها، كما أشهد على تفصيل عمل هؤلاء وأن شهدت لبعضكم بجملة العمل بالوحي واعلام الله، فعلى هذا يكون قوله: ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي متوجّهاً إلى جميع الصحابة رضي الله عنهم من أبي بكر رضي الله عنه وغيره. ( فصل ) وقوله: فبكى أبو بكر رضي الله عنه ثم بكى ثم قال أئنا لكائنون بعدك، يريد أنه أطال البكاء وكرره وأظهر معنى بكائه بقوله: أئنا لكائنون بعدك كأنه للإشفاق من البقاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم والإنفراد دونه وفقد بركته ونعمة الله على أمته به،وهذا يدل على أنه قد فهم أبو بكر رضي الله عنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي أنه لا يخاف أو يجوز أن يكون من أبي بكر رضي الله عنه حدث يضاد الشريعة ويخالف به من أجله عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم لأن بكاءه لذلك كان أولى له وكان حكمه على ذلك بأن يقول ائنا لمحدثون بعدك حدثاً يصد عن سبيلك ونخالف به طريقتك ولما لم يقل ذلك ولا بكى من أجله وإنما بكى من أجل فراقه النبي صلى الله عليه وسلم وبقائه بعده علمنا أنه فهم منه ما قدمنا ذكره والله أعلم ))."



المصادر:
http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=194&BookID=34
http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=194&BookID=33
http://www.alrad.net/hiwar/sahaba/1.htm

وعد الآخرة
03-16-2011, 07:51 PM
أكثر مايؤلم في هذا العصر
هو الاندفاع الأعمى للمحاكمة بين علي ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين
ومن نحن حتى نقضي بين علي ومعاوية ؟
سفيه يقضي بين عَدْلَيْن

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا واجعلنا مع القوم الصالحين
اللهم وفقنا لطاعتك وللعمل بما ينفع الإسلام والمسلمين
آمين

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 09:18 PM
وجزاكم اخي الكريم
الاتهام الثاني: اتهامه بسب علي رضي الله عنه.
قدم لهذا بذكر الحديث الصحيح المروي في مسلم:

صحيح مسلم بشرح النووي - كتاب الإيمان - باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان وعلاماته
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( آية المنافق بغض الأنصار وآية المؤمن حب الأنصار ) وفي الرواية الأخرى : حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق وفي الأخرى : لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله وفي الأخرى : لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر وفي حديث علي - رضي الله عنه - : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق .
ثم اتهم معاوية ببغض علي وذلك انه قاتله وسبه.
فهل القتال دليل على البغض: ليس بالضرورة والا قلنا بأن عليا كان يبغض عائشة وطلحة والزبير!!
وماذا عن السب....لا يجزم بالبغض كذلك من السب.
ولكن هل ثبت السب. في مثل هذه المواضيع لن نأخذ من التاريخ والسنن الا ما صح منها. ويذكر حديثان هنا: الأول حديث رواه مسلم في صحيحه وهو:

(( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَمَـرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ
فَقَالَ : أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَـلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ : أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ : لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ : ادْعُوا لِي عَلِيًّا فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ } دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي .))صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
قال الامام النووي:

قَوْله : ( إِنَّ مُعَاوِيَة قَالَ لِسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاص : مَا مَنَعَك أَنْ تَسُبَّ أَبَا تُرَاب ؟ )
قَالَ الْعُلَمَاء : الْأَحَادِيث الْوَارِدَة الَّتِي فِي ظَاهِرهَا دَخَل عَلَى صَحَابِيّ يَجِبُ تَـأْوِيلُهَا ، قَالُوا : وَلَا يَقَعُ فِي رِوَايَات الثِّقَات إِلَّا مَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ . فَقَوْل مُعَاوِيَة هَذَا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّهُ أَمَرَ سَعْدًا بِسَبِّهِ ، وَإِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ السَّبَب الْمَانِع لَهُ مِنْ السَّبّ ، كَأَنَّهُ يَقُول : هَلْ اِمْتَنَعْت تَوَرُّعًا ، أَوْ خَوْفًا ، أَوْ غَيْر ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ تَوَرُّعًا وَإِجْلَالًا لَهُ عَنْ السَّبَب فَأَنْتَ مُصِيب مُحْسِن ، وَإِنْ كَانَ غَيْر ذَلِكَ فَلَهُ جَوَاب آخَر ، لَعَلَّ سَعْدًا قَدْ كَانَ فِي طَائِفَة يَسُبُّونَ فَلَمْ يَسُبَّ مَعَهُمْ ، وَعَجَزَ عَنْ الْإِنْكَار ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ، فَسَأَلَهُ هَذَا السُّؤَال . قَالُوا : وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا آخَر أَنَّ مَعْنَاهُ مَا مَنَعَك أَنْ تُخَطِّئَهُ فِي رَأْيه وَاجْتِهَاده ، وَتُظْهِرَ لِلنَّاسِ حُسْن رَأْينَا وَاجْتِهَادنَا ، وَأَنَّهُ أَخْطَأَ ؟ .
والحديث الثاني الذي صححه الالباني:

الالباني- كتب تخريج الحديث النبوي الشريف - رقم الحديث : ( 98 )

نوع الحديث : صـحـيـح - نص الحديث 118 : حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية حدثنا موسى بن مسلم عن إبن سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص قال قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد فذكروا عليا فنال منه فغضب سعدوقال تقول هذا لرجل سمعت رسول الله (ص) يقول من كنت مولاه فعلي مولاه وسمعته يقول أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وسمعته يقول لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ، صحيح _ الصحيحة 335/4
ــــــــــــــــــــــــ
الهيثمي - مجمع الزوائد - أبواب مناقب علي بن أبي طالب ( ر ) -الجزء : ( 9 ) - رقم الصفحة : ( 130 )
وقد وجدت انتقادا للحديث وبعض التضعيفات كما هو هنا:
http://www.alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=46600&page=2
وهنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=38812
كما وجددت ردودا كثيرة في مجموعها تؤيد كلام الامام النووي....هنا:
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=32882&page=2
وافضل رد وجدته...وهو مما يؤيد ما ذكرت من قبل حول خصوصية الصحابة وفضلهم...ما سأنقله هنا (وهذا الرد افضل ما وجدت فهو يبين خصوصية الصحابة حتى لو ثبت سب معاوية لعلي رضي الله عنهما:

حكم ساب الصحابة
من سب الصحابة رضي الله عنهم أو تنقصهم وطعن في عدالتهم فهو كافر
والأدلة على ذلك كثير منها

(مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ )

فمن دلالات الكفر بغض الصحابة رضي الله عنهم

وقوله تعالى

(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

أعد لهم جنات ، فكيف يخرجونهم منها الشيعة إلا إذا كان عندهم قسيم الجنة والنار .!!!

وقوله تعالى: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليه وأثابهم فتحا قريبا )

فإنهم مرضي عنهم رضاء ثابتا في الكتاب والسنة
ثم يُطعن فيهم ويشتموا ..؟!
هذه مناجزة لكلام الله وكفر بــــه
أكتفي بهذه الأدلة التي بينت كفر تلك الأفعال


أما حكم السب بصورة عــــــــامة فقد قال عليه الصلاة والسلام * سباب المسلم فسوق وقتاله كفر *- متفق عليه -

ولكي أختصر عليكِ الطريق الذي تحاول أن تأتينا منه ،فإن سب الصحابي لصحابي آخر لا ينطبق عليهم حكم الكفر ، لكنه بلا شك إثم ولا مراء في ذلك فنحن لا نقول بعصمتهم وهذه عقدتكم

ولا ينطبق عليهم الكفر لعدة أسباب منهــا

1-فقد وقع أبو ذر في بلال وقال له ابن السوداء

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : « إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية .. » رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم

فلم يكفره صلى الله عليه وسلم بل أنكر عليه ذلك وقال له إنك امرؤ فيك جاهلية

2- لأن الصحابة من طبقة واحدة ......كيف وماذا أعني !!
وهنا لنا وقفة ليس منها مفر..!!

فإن لم تقرِّ بمعنى طبقة واحدة ، فعليكِ أن تجيبِ على

ما حكم إهانة الأنبياء عليهم السلام ..؟
فمن المعروف أن سيدنا موسى عليه السلام قد وبخ أخاه هارون عليه السلام واتهمه بأنه قصر لأنه لم يمنع بني اسرائيل من عبادة العجل قبل أن يعرف الحقيقة فهل هذا يبرر للعامة الانتقاص من الأنبياء عليهم السلام ؟؟
لا ولكن الأنبياء من طبقة واحدة ومابينهم ليس كما بينهم وعامة البشر وكذلك الأمر على الصحابة

فمثلا فان النبي صلى الله عليه ويلم قال بأن عليا كرم الله وجهه لايحبه الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق ولكن هه الرواية مقيدة أيضا فلننظر ما ورد في صحيح البخاري

حدثني ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏روح بن عبادة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏علي بن سويد بن منجوف ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن بريدة ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏
‏بعث النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عليا ‏ ‏إلى ‏ ‏خالد ‏ ‏ليقبض ‏ ‏الخمس ‏ ‏وكنت أبغض ‏ ‏عليا ‏ ‏وقد اغتسل فقلت ‏ ‏لخالد ‏ ‏ألا ترى إلى هذا فلما قدمنا على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ذكرت ذلك له فقال ‏ ‏يا ‏ ‏بريدة ‏ ‏أتبغض ‏ ‏عليا ‏ ‏فقلت نعم قال لا تبغضه فإن له في ‏ ‏الخمس ‏ ‏أكثر من ذلك

فكان بغض علياً هنا من قبل صحابي جليل كبريدة رضي الله عنه ومع ذلك لم يقل له الرسول صلى الله عليه وسلم انت منافق و لا شئ لأن الصحبة من طبقة واحدة كما أسلفنا خاصة وما يبدر من أحدهم تجاه الآخر لا يبرر للعامة من الناس أن يبدي تجاههم.

وهذه العبارة هل جل ما ادندن حوله في هذا الموضوع كله:

ولكن الأنبياء من طبقة واحدة ومابينهم ليس كما بينهم وعامة البشر وكذلك الأمر على الصحابة
وهي أن الصحابة لا تتبع اخطاؤهم حتى وان اخطأوا....ولا يستهزأ بهم على المنابر...حتى وان زلوا....ولا يكون الحكم عليهم كالحكم على غيرهم...وان زنوا وشربوا الخمر (كما ثبت عن بعض الصحابة)...لأن قلوبهم سرعان ما تؤوب الى الله...كيف لا وقد عايشوا رسول الله ونهلوا من معينه وآمنوا به وصدقوه ونصروا الدين! المسألة مسألة الحفاظ على حرمتهم...وعدم الاستهزاء بهم مهما ثبت من اخطاء لهم...طالما كانوا صحابة....ولا يجوز لأحد ان يتهم احدهم بضعف ايمانه او بالشخصية الهزيلة والضعيفة!
يتبع ان شاء الله.

نور الدين الدمشقي
03-16-2011, 09:43 PM
اضيف كذلك رد الشيخ سليمان الخراشي من موقع المنهاج:

رد الشيخ سليمان بن صالح الخراشي على...

اتهام معاوية بسن لعن علي – رضي الله عنهما – على المنابر !!

هي أكذوبة شيعية سرت بين بعض المؤرخين - دون إسناد - تزعم أن معاوية الله عنه" class="inlineimg" /> أمر بسب علي الله عنه" class="inlineimg" /> على المنابر طوال عهده! ثم توارث ذلك بنو أمية إلى عهد عمر بن عبدالعزيز الذي أوقف هذا السب.

ثم سرت إلى بعض من يروي الغث والسمين، فصدقها من قال اللهم عنهم :وفيكم سماعون لهم. ومن هؤلاء : الدكتور الشنقيطي صاحب كتاب " الخلافات السياسية بين الصحابة " ، وصاحبه الذي نقل عنه؛ عبدالمعطي قلعجي محقق كتاب "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير؛ الذي استجاز لنفسه أن يلعن معاوية الله عنه" class="inlineimg" /> متكئاً على هذه الأكذوبة الرافضية التي ألصقت –ظُلماً وزوراً- بمعاوية

والغريب أن قلعجيًا هذا قال في مقدمته لكتاب "جامع المسانيد والسنن .معلقاً على موقف ابن كثير –رحمه الله- من الحرب بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - بعد إيراد حديث: "تفترق أمتي فرقتين فتمرق بينهما مارقة فيقتلها أولى الطائفتين بالحق": "فهذا الحديث من دلائل النبوة؛ إذ وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، وفيه الحكم بإسلام الطائفتين: أهل الشام وأهل العراق، لا كما يزعمه فرقة الرافضة والجهلة الطغام؛ من تكفيرهم أهل الشام، وفيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين إلى الحق، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أن علياً هو المصيب، وإن كان معاوية مجتهداً، وهو مأجور إن شاء الله، ولكن علياً هو الإمام؛ فله أجران..." ! فتأمل تناقض هذا الكلام الطيب مع لعنه السابق !

وأيضاً: فقد علق قلعجي على "فتاوى ابن الصلاح" عند مسألة سب يزيد بن معاوية ولعنه قائلاً: "وإني أميل إلى أن يُلعن من تتوفر فيهم الصفات الملعونة جملة وبطريقة جامعة: مثلاً : لعنة الله على الظالمين، أما لعنة شخص بعينه على وجه التحديد فهذا أمر غير لا ئق" !

قلتُ : فما بال قلعجي وقع هنا في الأمر غير اللائق؟! لأن لعنته لمعاوية الله عنه" class="inlineimg" /> وخلفاء بني أمية لعنة محددة.

أعود إلى الأكذوبة والتهمة الرافضية لمعاوية : فقد رجعتُ إلى أدلة الشيعة على هذه القضية فوجدتها تنقسم قسمين:

1- أحاديث صحيحة لا تدل على كذبتهم .
2- روايات تاريخية تحوي هذه الكذبة، لكن دون إسناد!

فأما القسم الأول ؛ وهو ماأورده الأستاذ الشنقيطي نقلا عن القلعجي – مستدلا به على لعن معاوية لعلي – رضي الله عنهما - ، أو أمره بذلك ؛ فهو ثلاثة أدلة :

الأول - ما أخرجه مسلم في صحيحه " باب فضائل علي " عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال : " أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسُبَّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسُبّهُ ، لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حُمر النَّعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له و خلّفه في مغازيه فقال له عليّ: يا رسول الله، خلَّفْتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضىأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوّة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأُ عْطينَّ الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأُتي به أرْمَد فبصق في عَيْنه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية: { قل تعالوْا ندعُ أبْناءنا وأبْناءَكم ...}، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال: اللهم، هؤلاء أهلي "

وجوابه أن يُقال :هذا الحديث لا يفيد أن معاوية أمر سعداً بسبِّ عليّ، ولكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب عليّ، فأجابه سعد عن السبب ، ولم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه ولا عاقبه، وسكوت معاوية هو تصويب لرأي سعد، ولو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب عليّ كما يدّعي الشيعة ومن تابعهم ، لما سكت على سعد ولأجبره على سبّه، ولكن لم يحدث من ذلك شيءٌ ، فعُلم أنه لم يؤمر بسبّه ولا رضي بذلك .

قال النووي شارحًا هذا الحديث : " قول معاوية هذا، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، كأنه يقول : هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك. فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب، فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك، فله جواب آخر، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبّون، فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم ، فسأله هذا السؤال. قالوا: ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده، وتُظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ "

وقال القرطبي معلقاً على وصف ضرار الصُّدَائي لعلي رضي الله عنه وثنائه عليه بحضور معاوية، وبكاء معاوية من ذلك، وتصديقه لضرار فيما قال: "وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي رضي الله عنه ومنـزلته، وعظيم حقه، ومكانته، وعند ذلك يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبّه، لما كان معاوية موصوفاً به من العقل والدين، والحلم وكرم الأخلاق ، وما يروى عنه من ذلك فأكثره كذب لا يصح، وأصح ما فيها قوله لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ وهذا ليس بتصريح بالسب، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن، وعرف الحق لمستحقه"

الثاني : حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال : استُعمل على المدينة رجلٌ من آل مروان ، قال : فدعا سهلَ بن سعد فأمره أن يشتم عليًّا ، قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ماكان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب ، وإن كان ليفرح إذا دعي بها "

فيقال عنه : ُيطالب الشنقيطي بإثبات أن الرجل الذي دعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً هو معاوية! ولفظ الأثر: "رجل من آل مروان"، وليس فيه ذكرٌ لمعاوية ؛ فلا يليق بمسلم أن يلومه بجريرة غيره ؛ كما قيل :

غيري جنى وأنا المعذب فيكــمُ *** فــكأنـني سبابــة المتـندم !

الثالث : أثر عبدالرحمن بن الأخنس أن المغيرة بن شعبة خطب فنال من علي ، فقام سعيد بن زيد فقال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وأبوبكر في الجنة ، وعمر في الجنة ... الحديث"

ولا أدري ما علاقة هذا بمعاوية – رضي الله عنه - ؟!

وكما قلتُ في الأثر السابق : لاينبغي لمسلم أن يؤاخذه بصنيع غيره ، وإلا كان من الظالمين . وقد عُلم – أيضًا– أن السب واللعن ليس بأعظم من القتال الذي جرى ، وقد وقع من الطرفين – رضي الله عن الجميع - ، فمثل هذا يطوى ولا يروى ، أو يُتخذ دينًا أو شماعة للطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع الإقرار بأنهم بشر ليسوا بمعصومين ، يعتريهم ما يعتري البشر .

وأما القسم الثاني: فحكايات وأخبار يتناقلها المؤرخون وأهل الأدب دون خطام ولا زمام. ومعلوم أن هؤلاء "حطبة ليل" كما بين العلماء، فكم في كتبهم ومصنفاتهم من أباطيل ومفتريات لا تقوم على ساق عند النقد العلمي. يقول الشيخ محمود الألوسي –رحمه الله-: " إن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب ، ولا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف ، وأكثرهم حاطب ليل ، لا يدري ما يجمع "

فممن نقلوا هذه الأكذوبة الشيعية في مصنفاتهم :

-الطبري في تاريخه من طريق أبي مخنف "الشيعي الساقط" عند ذكر قصة التحكيم المكذوبة: قال ".. وكان –أي علياً- إذا صلى الغداة يقنت فيقول: اللهم العن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبدالرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد. فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس والأشتر وحسناً وحسيناً" ! وهذه الراوية باطلة؛ لأنها من رواية الشيعي المحترق أبي مخنف لوط بن يحيى ولذا قال ابن كثير بعد ذكرها في "البداية والنهاية": "ولا يصح هذا".

ومعلومٌ قول الطبري في مقدمة تاريخه : " فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه ، أو يستشنعه سامعه ، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة ، ولامعنى في الحقيقة ، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قِبلنا ، وإنما أتي من قِبل بعض ناقليه إلينا ، وأنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا " .

وأيضًا : يلزم من يحتج بهذه الحكاية الباطلة على ذم معاوية الله عنه" class="inlineimg" /> أن يقول مثل ذلك في علي الله عنه" class="inlineimg" /> لأنه هو البادئ باللعن والسب! والله يقول ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، فإن اعتذر لعلي فليعتذر لمعاوية.

وأما أهل السنة –ولله الحمد- فيشهدون ببطلان هذه القصة، ويترضون عن الجميع .

وعن الطبري تداول هذه الحكاية بعض المؤرخين الذين صرحوا في مقدمات كتبهم اعتمادهم عليه؛ كالمسعودي، وابن الأثير

ثم تفنن من بعدهم من مؤرخي الشيعة وغيرهم من الفرق الضالة أعداء الصحابة؛ كالمعتزلة والخوارج في حبك هذه الأكذوبة والزيادة عليها، وأنها استمرت يُعمل بها عشرات السنين على منابر المسلمين!! دون أن ينكرها أحد ! إلى أن جاء عمر بن عبدالعزيز فأبطلها.

انظر على سبيل المثال: "مروج الذهب" للمسعودي 3/41-42، و"شرح نهج البلاغة" للشيعي المعتزلي ابن أبي الحديد 1/778-790، 5/752، 754، 759. و"الكامل" للمبرد نقلاً عن شرح نهج البلاغة 1/778، ولم أجده في المطبوع من الكامل، و"الرد على الإمامية" للجاحظ نقلاً عن شرح نهج البلاغة 1/778 وما بعدها و"الأحداث" للمدائني، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه انظر النصائح الكافية لابن عقيل، ص 96-98 ، وغيرهم .

ثم تلقفها من هؤلاء: بعض المؤرخين والكتاب المعاصرين ممن لا يفرق بين الغث والسمين ، أو كان ذا نوايا سيئة ؛ كالدكتور حسن إبراهيم حسن في تاريخه 1/323 ، والعقاد في كتابه عن معاوية ص14 ،والمودودي في " الخلافة والملك " ص 112-113 ، والتليدي في "فضائل الصحابة"! ص159-160، والحجوي في " الفكر السامي " ص 54 ، وعبدالله النفيسي ! في كتابه " عندما يحكم الإسلام " ص 111 ، وحسن المالكي في كتابه "نحو إنقاذ! التاريخ الإسلامي" ص20 وما بعدها وحسن السقاف في تعليقه على "دفع شبه التشبيه"؛ لابن الجوزي ص 236 والتيجاني في كتاب "ثم اهتديت !، ص 106-107، 121، 169.

علماء وكتّاب ردوا هذه الفرية :

- قال الشيخ الألوسي – رحمه الله – في كتابه " صب العذاب على من سب الأصحاب "[: " وما يذكره المؤرخون من أن معاوية رضي الله تعالى عنه كان يقع في الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد وفاته ويظهر ما يظهر في حقه ، ويتكلم بما يتكلم في شأنه مما لا ينبغي أن يعول عليه أو يلتفت إليه ؛ لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب ، ولا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف ، وأكثرهم حاطب ليل ، لا يدري ما يجمع، فالاعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر والمَهمَه الذي تضل فيه القطا ويقصر دونه الخطا ، مما لا يليق بشأن عاقل ، فضلا عن فاضل " .

- وقال الشيخ محمد العربي التباني في "تحذير العبقري من محاضرات الخضري راداً هذه التهمة: "أقول: لم يثبت عن معاوية رضي الله عنه أنه سب علياً أو لعنه مرة واحدة فضلاً عن الاهتمام به والتشهير به على المنابر، وقد تقدم ثناؤه وترحمه عليه في أثر ضمرة بن حمزة الكناني وغيره، فكلامه – أي الخضري - هذا باطل لا أصل له عنه رضي الله عنه ".

وقال : "إن الصحابة بشر يصدر منهم في حالة الغضب في حق بعضهم بعضاً ما يصدر من غيرهم".

- الدكتور عبدالعزيز محمد نور ولي في رسالته "أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري.

- الشيخ محمود الزعبي في "البينات في الرد على أباطيل المراجعات، قائلاً: "أما قول الرافضي بأن معاوية رضي الله عنه لعن علياً على منابر المسلمين؛ فهو محض كذب وبهتان؛ بل هو معارض بما ثبت عن معاوية أنه بكى علياً يوم قتله، وأنه كان يترحم عليه، ويعترف بأفضليته عليه".

- الشيخ صالح بن سعد اللحيدان في كتابه "نقد آراء ومرويات العلماء والمؤرخين على ضوء العبقريات" قائلاً: "لم يثبت بنص صحيح أبداً، ولم يصل إلينا نص سالم من المعارض؛ إنما فهم المؤلف هذا وأقره ونقله من خلال مجرد نقل سار عليه من كتب مذهبية إخبارية تاريخية وشعوبية، وحديثية لم يصح سندها، وهذه المقولة لاكها نقلة كثيرون في هذا بسبب تعصب أو جهل بمقتضيات حقيقة السند والمتن".

- الشيخ عبدالعزيز بن حامد في رسالته "الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية" .

- الشيخ سليمان العلوان في رده على السقاف "إتحاف أهل الفضل والإنصاف"
- الشيخ خالد العسقلاني في رده على التيجاني "بل ضللت"

- الدكتور إبراهيم شعوط في كتابه "أباطيل يجب أن تُمحى من التاريخ"

ومما يزيد هذه الفرية وهنًا :

1- أن معاوية الله عنه" class="inlineimg" /> منـزه عن مثل هذه التهم، بما ثبت من فضله في الدين، فقد كان كاتب الوحي لرسول الله r، وثبت في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث عبدالرحمن بن عميره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: "اللهم اجعله هادياً مهدياً وأهد به

وكان محمود السيرة في الأمة، أثنى عليه بعض الصحابة وامتدحه خيار التابعين، وشهدوا له بالدين والعلم، والعدل والحلم، وسائر خصال الخير.

فعن عمر بن الخطاب الله عنه" class="inlineimg" /> قال لما ولاّه الشام: "لا تذكروا معاوية إلا بخير".

وعن علي الله عنه" class="inlineimg" /> أنه قال بعد رجوعه من صفين: " أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية، فإنكم لو فقدتموه رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل "

وعن ابن عمر أنه قال: " ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية. فقيل : ولا أبوك؟ قال: أبي عمر –رحمه الله- خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه"

وعن ابن عباس قال: " ما رأيت رجلاً كان أخلق بالملك من معاوية".

وفي صحيح البخاري أنه قيل لابن عباس: " هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال: إنه فقيه ."

وعن عبدالله بن الزبير أنه قال: " لله در ابن هند –يعني معاوية- إنا كنا لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، والله لوددت أنا مُتّعنا به ما دام في هذا الجبل حجر وأشار إلى أبي قبيس " .

وعن قتادة قال: " لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي"

وعن مجاهد أنه قال: "لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي"

وعن الزهري قال: "عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً"

وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبدالعزيز وعدله فقال: "فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: يا أبا محمد يعني في حلمه؟ قال: لا والله، بل في عدله"

وسئل المعافى : معاوية أفضل أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: "كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبدالعزيز"

والآثار عن السلف في ذلك كثيرة، وإنما سقت هنا بعضها.

كما أثنى على معاوية الله عنه" class="inlineimg" /> العلماء المحققون في السير والتاريخ، ونقاد الرجال.

يقول ابن قدامة المقدسي: "ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين –رضي الله تعالى عنهم-"

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة"

وقال: "فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية"

وقال ابن كثير في ترجمة معاوية : "وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين... فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو"

وقال ابن أبي العز الحنفي: "وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين"

وقال الذهبي في ترجمته: "أمير المؤمنين ملك الإسلام"

وقال: "ومعاوية من خيار الملوك، الذين غلب عدلهم على ظلمهم"

وإذا ثبت هذا في حق معاوية ؛ فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته، أن يحمل الناس على لعن علي t على المنابر وهو من هو في الفضل. وهذا يعني أن أولئك السلف وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال وهذا مما نزهت الأمة عنه بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة"
2- من علم سيرة معاوية في الملك، وما اشتهر به من الحلم والصفح، وحسن السياسة للرعية، ظهر له أن ذلك من أكبر الكذب عليه.

فقد بلغ معاوية في الحلم مضرب الأمثال، وقدوة الأجيال ؛ قال عبدالملك بن مروان وقد ذُكر عنده معاوية: "ما رأيت مثله في حلمه واحتماله وكرمه"

وقال قبيصة بن جابر: "ما رأيت أحداً أعظم حلماً، ولا أكثر سؤدداً، ولا أبعد أناة، ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية"

ونقل ابن كثير: "أن رجلاً أسمع معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له : لو سطوت عليه؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي"

وقال رجل لمعاوية: "ما رأيت أنذل منك، فقال معاوية: بلى من واجه الرجال بمثل هذا"

فهل يُعقل بعد هذا أن يسع حلم معاوية سفهاء الناس وعامتهم المجاهرين له بالسب والشتائم، وهو أمير المؤمنين، ثم يأمر بعد ذلك بلعن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب على المنابر، ويأمر ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان ؟! الحكم في هذا لكل صاحب عقل وفهم .

3- قال ابن كثير: "وقد ورد من غير وجه: أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني..." الخبر

ونقل ابن كثير أيضاً عن جرير بن عبدالحميد عن مغيرة قال: " لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم"

فهل يسوغ في عقل ودين أن يسب معاوية علياً بل ويحمل الناس على سبه وهو يعتقد فيه هذا ؟!

4- أنه لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية تعرض لعلي بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته؟! فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول، وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه.

5- أن معاوية كان رجلاً ذكياً، مشهوراً بالعقل والدهاء، فلو أراد حمل الناس على سب علي–حاشاه ذلك- أفكان يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص، وهو من هو في الفضل والورع، مع عدم دخوله في الفتنة أصلاً!! فهذا لا يفعله أقل الناس عقلاً وتدبيراً، فكيف بمعاوية.

6- أن معاوية انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ودانت له الأمصار بالملك، فأي نفع له في سب علي؟ بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك، لما فيه من تهدئة النفوس، وتسكين الأمور، ومثل هذا لا يخفى على معاوية الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير.

7- أنه كان بين معاوية بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي من الأُلفة والتقارب، ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ. ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف. وقال لهما: "ما أجاز بهما أحد قبلي، فقال له الحسين: ولم تعط أحد أفضل منا"

ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له: "مرحباً وأهلاً بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر له بثلائمائة ألف "

وهذا مما يقطع بكذب ما ادعي في حق معاوية، من حمله الناس على سب علي، إذ كيف يحصل هذا ؟ مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة، والاحتفاء والتكريم . وبهذا يظهر الحق في هذه المسألة، وتتجلى الحقيقة.

بقي أن يقال :

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " منهاج السنة " : "وأما ما ذكره – أي الرافضي - من لعن علي؛ فإن التلاعن وقع من الطائفتين كما وقعت المحاربة، وكان هؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم، وهؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم، وقيل: إن كل طائفة كانت تقنت على الأخرى، والقتال باليد أعظم من التلاعن باللسان، وهذا كله؛ سواء كان ذنباً أو اجتهاداً، مخطئاً أو مصيباً؛ فإن مغفرة الله ورحمته تتناول ذلك؛ بالتوبة، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وغير ذلك..." . وما أجمل أن يقال هنا ما قاله الأعمش – رحمه الله - : " حدثناهم بغضب أصحاب محمد الله صلى عليه وسلم فاتخذوه دينًا "

والعجب من الرافضة وأشباههم عندما تراهم يتمدحون بأن عليًا – رضي الله عنه – ومن معه كانوا يسبون أو يدعون على معاوية – رضي الله عنه – ومن معه ، ويرون ذلك منقبة لهم ! في مقابل التشنيع على غيرهم بالحكايات الباطلة والموضوعة .

قال يحيى بن حمزة الإمام الزيدي في رسالته "الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين" : "وانظر في معاملته –أي علياً رضي الله عنه لمعاوية وعمرو بن العاص وأبي الأعور وأبي موسى الأشعري؛ فإنه كان يعامل هؤلاء باللعن والتبري منهم" ! فهو يفتخر بأن علياً كان يلعن معاوية - رضي الله عنهما - !!

قال الشيخ مقبل الوادعي –رحمه الله- في الهامش –متعقباً-: "أما اللعن فلم نجده في شيء من كتب السنة المعتمدة بعد البحث الطويل، وأما الدعاء عليهم فقد صح عنه رضي الله عنه: قال ابن أبي شيبه 2/137: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حصين، قال: حدثنا عبدالرحمن بن معقل: قال: صليت مع علي صلاة الغداة؛ فقنت، فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبا الأعور السلمي وأشياعه، وعبدالله بن قيس وأشياعه، قال البيهقي 2/204 وقد أخرج بعضه: صحيح مشهور، وهو كما قال من حيث الصحة؛ فهو على شرط الشيخين" اهـ كلام الشيخ مقبل.

ومن المناسب أن أختم بما أخرجه عبدالرزاق في" مصنفه " عن عروة : أن المسور بن مخرمة أخبره أنه وفد على معاوية ، فقضى حاجته ، ثم خلا به فقال : يا مسور ! ما فعل طعنك على الأئمة ؟ قال : دعنا من هذا وأحسن . قال : لا والله ، لتكلمنّي بذات نفسك بالذي تعيب عليّ . قال مسور : فلم أترك شيئًا أعيبه عليه إلا بينت له . فقال : لا أبرأ من الذنب ، فهل تعد لنا يا مسور مانلي من الإصلاح في أمر العامة ؟ فإن الحسنة بعشر أمثالها ، أم تعد الذنوب وتترك الإحسان ؟ قال : ما نذكر إلا الذنوب . فقال : فإنّا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه . فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تُهلكك إن لم تُغفر ؟ قال : نعم . قال : فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني ؟ فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي ، ولكن والله لاأخيّر بين أمرين : بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه ، وإني لعلى دين يُقبل فيه العمل ويُجزى فيه بالحسنات ، ويُجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها . قال : فخصمني . قال عروة : فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه " [73].

تنبيه مهم : وجدتُ تشابهًا كبيرًا بين كتاب الأستاذ الشنقيطي " الخلافات السياسية .. " وكتاب المودودي " الخلافة والملك " في قضايا أساسية كبيرة ؛ كالنظرة إلى عدالة الصحابة، أو التحامل على معاوية – رضي الله عنه – وبني أمية ، وتصديق مايتناقله رواة الشيعة عنهم من أكاذيب ، أو التبجح بعد الاعتماد على كتاب " منهاج السنة " لشيخ الإسلام ، وكتاب " العواصم " لابن العربي ، وادعاء الاعتماد على المصادر الموثوقة ! – هي عنده : تاريخ الطبري وكتاب الإمامة المكذوب على ابن قتيبة !! - وأشياء أخرى انظر : ص 66، 78 ، 84 ، 113 ، 205، 219 ، 233 من كتاب المودودي . فالنَفَس هو النَفَس . وقد زاد كتاب المودودي بما هو أسوأ عندما لمز عثمان – رضي الله عنه - ! انظر : ص 64،70،71 . ومن خلال اطلاعي على كتاب المودودي أرى انه يحتاج إلى نقض وتفنيد ما جاء فيه من آراء أصبحت دستورًا لمن بعده من أصحاب الروح الثورية – هداهم الله - . وقد ذُكر في خاتمته أن بعض علماء الهند رد عليه ، فليت طالب علم من تلك البلاد يقوم بترجمة ردود العلماء وطباعتها .

رضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و غفر الله لنا و لهم ، و لجميع من أحبهم ، وجمعنا بهم في دار كرامته . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .


المصدر: شبكة المنهج


--------------------------------------------------------------------------------