المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جوانب من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية



د. محمود عبد الرازق الرضواني
10-01-2005, 07:59 PM
الحَمْدُ للهِ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُون (الأنعام:1) ، لا يحصي عدد نعمته العادون ، ولا يؤدي حق شكره الحامدون ، ولا يبلغ مدي عظمته الواصفون ، بديع السماوات والأرض وإذا قضي أمرا فإنما يقول له كن فيكون ، أحمده سبحانه وتعالي على الآلاء ، وأشكره جل ذكره على النعماء ، وأخلص له في الدعاء عند الشدة والرخاء ، وأتوكل عليه فيما حكم به من أنواع القضاء ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأعتقد أنه لا رب سواه ، شهادة من لا يرتاب في شهادته ، واعتقاد من لا يستنكف عن عبادته ، وأشهد أن محمدا عبده الأمين ، وخَاتِمُ الأنبياء والمرسلين ، أرسله ربنا تبارك وتعالي إلي الخلق أجمعين ، بلسان عربي مبين ، فبلغ الرسالة وأظهر المقالة ، ونصح الأمة وكشف الغمة ، وجاهد في سبيل الله حتى أظهره على الكافرين والمشركين ، وعبد ربه حتى أتاه اليقين ، فصلي الله على محمد سيد الأنبياء والمرسلين ، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ، ونسائه أمهات المؤمنين ، وسائر أصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين ، أما بعد ..

نتحدث في موضوعنا هذا عن بعض الجوانب في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية ، لنعلم كيف كانت العقيد السلفية ، في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية ، تعاني من الأمراض الفكرية والجهليات الكلامية والفلسفية ، وغيرها من ابتداعات الصوفية ، وكثير من الأوبئة التي سرت في بدن الأمة ، فأعز الله دينه بشيخ الإسلام ابن تيمية ، ووقف لكل هذه الطوائف البدعية ، ينافح عن العقيد السلفية ، بما حباه من علم خارق وذكاء ، فوقع عليه رحمه الله من البلاء ملا يحصيه إلا الله ، وكيف لا وهو القائم بأمر الله ، والداعي إلي سبيل الله ، الذي جاهد أهل الشر على اختلاف طوائفهم ، قائم على دحر مذاهبهم ، متفرغا منقطعا ضد عقائدهم ، لا زوجة له ولا ولد ، رحالة من بلد إلي بلد ، لا ضيعة ولا تجارة ، ولا وطن ولا إقامة ، بل رحيل دائم في الدعوة إلي العقيدة الحق .

روي الترمذي وقال حسن صحيح من حديث مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ عن أَبِيهِ قال قُلتُ : يا رسول الله ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً ؟ قال : الأنبياء ثُمَّ الأمْثَلُ فالأمْثَلُ ، فَيُبْتَلي الرَّجُلُ على حَسَبِ دِيِنِه ، فَإِنْ كَانَ في دِيِنهِ صُلباً اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ في دِيِنهِ رِقَّةٌ ابْتُليَ على قَدْرِ دِيِنهِ ، فمَا يَبْرَحُ البَلاَءُ بالعَبْدِ حتى يَتْرُكَهُ يَمْشِي على الأَرْضِ مَا عَليْهِ خَطِيئَةٌ .

شيخ الإسلام ابن تيمية ما كان رحمه الله ينتهي من بلاء إلا ويدخل في آخر ، ولا يخرج من سجن إلا ويوضعَ في آخر ، حتى مات مسجونا في آخر عمره ، ويذكر ابن رجب الحنبلي رحمه الله المتوفى سنة 795ه أن محن الشيخ كانت كثيرة ، وشرحها يتطلب أوقات طولية ، اعتقله مرة نائب السلطان في الشام ، بسبب نصراني سب الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقام الناس لتأديبه وعلى رأسهم شيخ الإسلام ، واعتقل معه الشيخ مثل ن الدين الفاروقي ، ثم أطلقا بعد ذلك ، ولما كتب الفتوى الحموية في إثبات الصفات الإلهية ، والرد على المتكلمين والجهمية ، شنع بفتواه جماعة من الخلف الأشعرية ، ونودي في الأسواق من جهة بعض قضاة الحنفية ، أن لا يستفتي شيخ الإسلام ابن تيمية ثم بعد ذلك انتصر للشيخ بعض المحبين من ولاة الأمر ، وضرب المنادي وبعض من معه وسكن الأمر .

ثم امتحن رحمه الله سنة خمس وسبعِمائة بالسؤال عن معتقده بأمر السلطان ؟ فجمع نائبُ السلطان القضاة والعلماء لإجراء الامتحان ، وأحضر الشيخ ، وسأل عن ذلك أمام نائب السلطان ؟ فبعث شيخ الإسلام من يحضرُ من منزله ما كتبه في العقيدة الواسطية ، فلما قرؤوها وجدوا فيها عقيدته السنية ، يقول فيها ابن تيمية : ( فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلي قيام الساعة ، أهل السنة والجماعة ، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والبعث بعد الموت ، والإيمان بالقدر خيره وشره ، ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه ، وبما وصفه به رسوله محمد صلي الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته ، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه ، لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفوء له ، ولا ند له ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالي ، فإنه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه ، ثم رسله صادقون مصدقون ، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون ، ولهذا قال :
( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ على المُرْسَلينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ) (الصافات:182) فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ، وسلم على المرسلين ، لسلامة ما قالوه من النقص والعيب ، وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمي به نفسه ، بين النفي والإثبات ، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون ، فإنه الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وقد دخل في هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الإخلاص ، التي تعدل ثلث القرآن ، حيث يقول قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنه إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما ، أي لا يكرثه ولا يثقله ، وهو العلى العظيم ، ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة ، لم يزل عليه من الله حافظ ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ، وقوله سبحانه هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ، وقوله سبحانه وتوكل على الحي الذي لا يموت .. وعدد شيخ الإسلام أوصاف الله كما وردت في كتاب الله وسنة ورسوله صلي الله عليه وسلم ) قرأوا هذه العقيدة في ثلاثة مجالس ، قرأوها وحققوها ، ودققوها وبحثوها معه ، ثم وقع الاتفاق بعد ذلك على كل ما ذكره فيها ، شيخ الإسلام ابن تيمية ، وعلى أن هذه العقيدة عقيدة سنية سلفية ، فمنهم من قال ذلك طوعا عن قناعة ، ومنهم من قاله كرها وموافقة للجماعة ، ثم ورد بعد ذلك كتاب من السلطان ، فيه بيان القصد من الامتحان ، يقول فيه السلطان : ( إنما قصدنا براءة ساحة الشيخ ، وقد تبين لنا أنه على عقيدة السلف ) .

د. محمود عبد الرازق الرضواني
10-01-2005, 08:00 PM
والمصريون أيضا دبروا الحيلة في أمر شيخ الإسلام ابن تيمية ، عندما أيقنوا أنهم يعجزون عن مناظرته في عقيدتهم الأشعرية الصوفية ، فخططوا لكي تقام عليه قضية ملفقة بشهادة زور ، وكان المتآمرون في ذلك كثير ، منهم الأمير بيبرس الجاشنكير ، الذي ولي السلطنة بعد ذلك ، وابن مخلوف القاضي على مذهب الإمام مالك ، فطلبوا شيخ الإسلام مقبوضا عليه إلي القاهرة ، وعقد له في اليوم الثاني من وصوله ، جلسةُ النفوس المتآمرة ، في عشرين من رمضان سنة خمس وسبعِمائة ، وكان ذلك في قلعة صلاح الدين ، وادعي عليه المتآمرون عند ابن مخلوف قاضي المالكية ، أنه يثبت لله علو الذات والفوقية ، وأن الله على العرش ، ويشار إليه بإشارة حسية ، وأنه يقول : إن الله تكلم بالقرآن ، بحرف وصوت تسمعه الآذان ، هذه تهمتهم لشيخ الإسلام ابن تيمية ، ويذكر ابن رجب الحنبلي ، أن هذا الذي اتهموه به ، هو عين العقيدة السلفيه ، التي كان عليها الصحابة رضوان الله عليهم ، وقد أشار الرسول صلي الله عليه وسلم إلي الله وأنه في السماء غير مرة .

ففي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال في حجة الوداع : ( وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ ، كِتَابُ اللّهِ ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ ، فَقَال بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ ، يَرْفَعُهَا إِلىٰ السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلىٰ النَّاسِ : اللهُمَّ اشْهَدْ ، اللهُمَّ اشْهَدْ ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ .

فلما اتهموه بأنه يثبث لله علو الفوقية ويشار إليه بإشارة حسية ، قال المدعي من الأشعرية في شأن شيخ الإسلام : أطلب تعزيره على هذا الكلام ، والتعزير المقصود في قوله ذلك ، يشير إلي قتله على مذهب مالك ، فقال القاضي ابن مخلوف لشيخ الإسلام : ما تقول يا فقيه ؟ فبدأ شيخ الإسلام بحمد الله والثناء عليه ، فقاطعه القاضي ابن مخلوف قائلا له : أسرع ما جئت لتخطب ، فقال شيخ الإسلام : أأمنع من الثناء على الله ؟ فقال القاضي : أجب فقد حمدت الله فسكت شيخ الإسلام ابن تيمية ، ثم قال : من الذي يحاكمني في هذه القضية ؟ فقالوا : الذي يحاكمك هو القاضي ابن مخلوف ، فقال شيخ الإسلام لابن مخلوف : أنت خصمي فكيف تحاكمني ؟ وغضب الشيخ غضبا شديدا ، ومقصوده أنهما متنازعان في مسائل الصفات الإلهية ، فكيف يحكم أحد الخصمين على الآخر في هذه القضية ؟ فردوا الشيخ مع أخويه ، وكانا قد اعتقلا معه إلي السجن ، على الرغم من موافقته على أن يحكم في القضية ابن مخلوف القاضي ، فأبي هؤلاء الحاقدين وأرادوا المبالغة في إهانته ، وأمروا برده إلي السجن وانتظار إعادته ، وفي حال خروجهم من المحكمة ، دعا الله عليهم أخوه شرف الدين في هذه المظلمة ، فمنعه شيخ الإسلام ، وقال لأخيه شرف الدين : بل قل : اللهم هب لهم نورا يهتدون به إلي الحق ، ثم حبسوهم أياما في برج القلعة ، ثم نقلوهم ليلة عيد الفطر إلي الجب ، وهو سجن تحت الأرض ، ثم بعث بعض الناس إلي السلطان في الشام ، بالإفراج عن الشيخ وخصوصا في مثل هذه الأيام ، فالزم السلطان سائر الناس وخصوصا أهل مذهبه ، بالإعراض والرجوع عن عقيدته ، وتهديدهم بالسجن والاعتقال ، ونودي بذلك في الجامع على الحال ، ثم قرئ كتاب السلطان في الجامع بعد صلاة الجمعة ، وحصل أذي كثير لأتباع الشيخ من الحنابلة ، وحبس بعضهم وصودِرَت كتبهم .

ثم بعد ذلك بزمان أحضر نائب السلطان ، القضاة والفقهاء وعلماء الكلام ، وكلمهم في إخراج شيخ الإسلام ، فوافقوا بشرط أن يرجع عن عقيدته في الصفات ، وأرسلوا بذلك إليه من يقوم بإجراء المفاوضات ، فأبي وفضل السجن على نفي الصفات ، وتردد الرسول إليه ستَ مرات ، وصمم شيخ الإسلام على عدم الحضور إليهم ، فطال المجلس عليهم ، وانصرفوا خاسرين خائبين .

ثم في ربيع الأول من سنة سبع وسبعمائة ، دخل مصر أحد الأمراء من ذوي المكانة عند السلطان ، واستأذن في الذهاب إلي شيخ الإسلام ، وحضر بنفسه إلي السجن وأخرجه معززا منصورا ، وعقد له المجالس التي تحدث فيها مرارا ، وشرح ما يعتقده لأكابر الفقهاء والخواص من المسلمين ، ومرت هذه المحنة على خير ، وأقام شيخ الإسلام بالقاهرة يقرئ العلم ويبين الحق ، ويتكلم في الجوامع والمجالس ، ويجتمع عليه كثير من الخلق .

وبعد عدة أشهر اجتمع خلق كثير من الصوفية ، وتقدموا بشكوى في شيخ الإسلام ابن تيمية ، تقدموا بشكوى إلي قاضي الشافعية ، فأمر باستدعائه إلي هذه القضية ، وكانت تهمته التي ادعوها بزورهم المعهود ، كلامه في ابن عربي ونقده لوحدة الوجود فادعي عليه ابن عطاء الله السكندري وابن عطاء من أعلام الصوفية ، وصاحب كتاب الحكم العطائية ، ادعي عليه أشياء تخالف الشريعة الإسلامية ، ولم يثبت من ذلك شيء في كلام ابن تيمية ، وكان كل ما قاله للناس أنه لا يستغاث بالنبي صلي الله عليه وسلم بعد موته ، ولكن يتوسل إلي الله بإتباعه .

ثم إن المسئولين من الأمراء خيروه بين عدة أشياء ، إما الإقامة بدمشق ، أو بالإسكندرية ، يتكلم بحرية ، على شروط وضعها قضاة الأحناف والشافعية ، من أصحاب العقيدة الأشعرية والطرق الصوفية ، وإما الحبس والاعتقال ، فاختار الحبس والاعتقال تقربا إلي رب العزة والجلال ، واستمر الشيخ في الحبس يستفتي ويقصده الناس ، وتأتيه الفتاوى المشكلة من الأمراء وأعيان الناس .

ثم بعد ذلك أخرجوه من القاهرة إلي الإسكندرية ، وحبس فيها في برج حسن مضيء متسع ، يدخل عليه من شاء ويمنع هو من شاء ، ويخرج إلي الحمام إذا شاء ، وقد حاول أعدؤه قتله غير مرة ، ولم يتمكنوا من ذلك بفضل الله .

فلما تولي الملك الناصر ابن قلاوون سلطنة البلاد ، بادر بإحضار شيخ الإسلام إلي القاهرة ، معززا مكرما ، وأكرمه السلطان إكراما زائدا ، وعزل خصومه من القضاة ، وقام إليه في مجلسه يتلقاه ، وكان ذلك في شوال سنة تسع وسبعمائة ، في مجلس حافل ، فيه قضاة المصريين والشاميين ، والفقهاء وأعيان الدولة من المسئولين ، وبقي السلطان يسر إليه ويستشيره ، ويثني عليه ويفرح بحضوره ، ذكر ابن عبد الهادي أن السلطان ابن قلاوون استقدم شيخ الإسلام عنده ورحب به ، ثم أخرج له من جيبه فتاوى لبعض علماء مصر ، الذين أفتوا بقتل شيخ الإسلام ابن تيمية ، واستفتي السلطان ابن تيمية في أن يقتل بعضهم ، ممن زوروا عليه وأفتوا بقتله ، يقول ابن تيمية رحمه الله : ففهمت مقصود السلطان ابن قلاوون ، وعلمت أن عنده حنقا شديدا عليهم ، لأنهم كانوا قد خلعوه ، وبايعوا ركن الدين بيبرس الجاشنكير ، يقول ابن تيمية : فشرعت في مدح هؤلاء العلماء وشكرهم ، وأنهم لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك ، وأما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي .
فأصلح السلطان بينه وبين كثير من خصومه ، وكان خصمه ابن مخلوف يقول : ما رأينا أتقي من ابن تيمية ، سعينا في دمه ، فلما نجاه الله وقدر علينا عفا عنا .

وقد سكن شيخ الإسلام بالقاهرة ، والناس يترددون إليه من الجند والأمراء ، وطائفة من الفقهاء والعلماء ، ومنهم من يعتذر إليه من الإيذاء ، أو يتنصل مما أبداه له من العداء .
ويذكر الذهبي أنه في شعبان سنة 711هـ هجري إحدى عشرة وسبعِمائة ، تجرأ أحد المبغضين لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو الفقيه على بن يعقوب البكري من الشافعية المتعصبين للصوفية ، تجرأ هذا الصوفي هو وجماعته ، على ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية ، استفردوا به ووثبوا عليه ونتشوا أطواقه وقطعوا ملابسه وعمامته ، فتكاثر الناس بسرعة على هذا البكري وجماعته ، وكادوا أن يمزقوهم أشلاءا وأوسعوا شيخهم ضربا ، فتملص البكري هو وجماعته واختفي هربا ، فطلبتهم السلطات وهم السلطان بقتله ، وأمر بقطع لسانه ، سبحان الله ، انظر كيف رد الله كيد البكري في نحره ، وقد تشفع فيه بعض أتباعه وقاموا بفك أسره ، فنفاه السلطان إلي صعيد مصر .

وكانت قصته كما ذكرها ابن كثير ، أن هذا البكري شيخ الصوفية ، له رد على شيخ الإسلام ابن تيمية ، في مسألة الاستغاثة بالمخلوقين ، أضحك فيها على نفسه العقلاء ، وشمت به فيها الأعداء ، يقول ابن كثير : فمثله مثل ساقية صغيرة كَدِرَة الماء ، لاطمت بحرا عظيما صافي الماء ، قد ملئ دررا وجوهرا ، وحكمة وعلما ، أو كرملة صغيرة أرادت زوال جبل شامخ عن محله ، فكان كما قال عنه شيخ الإسلام بن تيمية : إن كلامه لا يتكلم به أحد من أهل العلم والإيمان ، وإنما يتكلم به أعور بين عميان ، يروج عليهم بسبب ضلالهم وإضلالهم ما يقوله من الهذيان ، وكان شيخ البكري شمس الدين الجزري ، قد رد عليه فيما دخل فيه في هذا المسألة من التكفير ، وأعظم عليه في ذلك النكير ، وبين أن هذا الكلام الذي صدر منه لا يقوله أحد ممن يعرف بالعلم والإيمان ، و إنما يقوله جاهل في غاية الجهل أو صبي من الصبيان ، وأخذ شيخه الجزري يندب على مصر وينوح ، إذ كان مثل هذا الكلام الفارغ ، يظهر فيها ويبوح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : رأيت أن مثل هذا لا يخاطب خطاب العلماء ، وإنما يستحق التأديب البليغ ، والنكال الوجيع ، الذي يليق بمثله من السفهاء ، إذا سلم من التكفير ، فإنه لجهله ليس له خبرة بالأدلة الشرعية التي تتلقي منها الأحكام ، ولا خبرة بأقوال أهل العلم الذين هم أئمة الإسلام ، بل يريد أن يتكلم بنوع من المشاركة ، في فقه وأصول وتصوف ، ومسائل كبار بلا معرفة ولا تعرف ، والله أعلم بسريرته هل هو طالب رياسة بالباطل ، أو ضال يشبه الحالي بالعاطل ، أو اجتمع فيه الأمران ، وما هو من الظالمين ببعيد ، ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وكلامه في الاستغاثة بغير الله ، أتي فيه من الجهالات بالعجب العجاب ، فمجموع ما قاله ما علمت أنه سبقه إليه أحد من المسلمين ، ومع هذا فإنه لم يجترئ على أن يكتب في الاستغاثة شيئا ، حتى نظر جوابي في الاستفتاء الذي أرسل به إلي في الاستغاثة ، فاستعان به على ما قاله ، وأعاره بعض الأمراء كما أخبرني ، كتابي الذي كنت صنفته من مدة ، وسميته الصارم المسلول على شاتم الرسول ، فإني ذكرت فيه ما يجب على من سب الرسول صلي الله عليه وسلم من العقوبات الشرعية ، وذكرت فيه من أصول هذه المسألة وفروعها والدلائل الشرعية ، وكلام أئمة الإسلام فيه ، الذي يعرفه من وقف عليه ، فأخذ هذا الكلام مما ذكرته في ذلك ، وجعلته صيانة لعرض الرسول صلي الله عليه وسلم من أهل النفاق والاعتداء ، ما استعمله هذا الجاهل الظالم في حق أهل العلم والاهتداء .

ثم أشار بعض المقربين من شيخ الإسلام ، أن يكتب ردا على شبهات البكري في الاستغاثة وغيرها حتى لا يفتتن بقوله الجهال فالكلام على هذه المسألة من أفضل الكلام ، إذ فيها بيان التوحيد و نفي الشرك عن الصمد المجيد ، فإن أول ما نشأ الشرك وظهرت عبادة غير الله كان بسبب تعظيم الأولياء ، فكتب الشيخ رحمه ، ردا مفصلا على هذا البكري الصوفي ، ونقض قوله نقضا أجاد فيه وأفاد ، وبين ما فيه من حق وباطل في مجلد كبير ، أبطل فيه أنواع الشرك الاعتقادي والعملي ، وما يتفرع منهما بالأدلة والبراهين القاطعة المقبولة ، التي تسر قلوب أهل السنة ، وتقر أعينهم عند سماعها ، وتسود وجوه أهل الأهواء و البدع ، ويرهقها قتر وزلة عند بيانها ، فرحم الله من قبل الحق ونصره ورد الباطل وخذله .

د. محمود عبد الرازق الرضواني
10-01-2005, 08:03 PM
وقد ذكر ابن كثير : أن البكري استدل في كلامه ورده على شيخ الإسلام بالحديث الذي يروي أن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة وجري ما جري استشفع بالنبي صلي الله عليه وسلم إلي الله ، فقال : يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد قال له : لما نفخت في الروح رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق عليك فقال صدقت يا آدم إنه لأحب خلقي إلي وإذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك وهو آخر الأنبياء من ذريتك ، ذكره في رده على ابن تيمية مع نظائره من هذا الجنس الذي لا يستجيز الصبيان ذكره ، فضلا عن الجهال ، فضلا عمن شم للعلم شمة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض كلامه وحله إبرامه ، فيقال : أولا هذا الحديث وأمثاله لا يحتج به في إثبات حكم شرعي ، فلم يسبقه أحد من الأئمة إليه ، و لا يحتج به في إثبات عبادة ، لم يقلها أحد من الصحابة ، ولا التابعين وتابعيهم ، إلا من هو أجهل الناس بطرق الأحكام الشرعية ، وأضلهم في المسالك الدينية ، فإن هذا الحديث لم ينقله أحد عن النبي صلي الله عليه وسلم لا بإسناد حسن ولا صحيح ، بل ولا ضعيف يستأنس به ويعتضد به ، وإنما نقل هذا وأمثاله ، كما تنقل الإسرائيليات التي كانت في أهل الكتاب ، وتنقل عن مثل كعب ووهب ، وابن إسحاق ونحوهم ، ممن أخذ ذلك عن مسلمة أهل الكتاب ، أو غير مسلمتهم ، أو عن كتبهم ، ويكفيك أن هذا الحديث ليس في شيء من دواوين الحديث التي يعتمد عليها ، لا في الصحاح ولا في المستخرجة على الصحيح ، ولا في السنن ولا في الجوامع كجامع الترمذي وغيره ، ولا في المسانيد كمسند أحمد ونحوه ، ولا في المصنفات كموطأ مالك ومصنف عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ولا في كتب التفسير المروية بالأسانيد التي يميز فيها بين المقبول والمردود .

ثم بعد ذلك انتقل شيخ الإسلام إلي الشام مع وإخوانه لرد التتار عنها ، في سنة 712 من الهجرة ، فخرج مع الجيش ، وفارقهم من عسقلان ، وزار بيت المقدس ، ثم دخل دمشق بعد غيبته عنها فوق سبع سنين ، ومعه أخواه وجماعة من أصحابه ، فخرج خلق كثير لتلقيه ، وفرح الناس بمقدمه وعودته ، واستمر على تدريس العلم لهم ، وإفتاء الناس والعمل على نفعهم .

ثم في سنة 718 هجرية ورد كتاب من السلطان يمنعه من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق ، والإجزاء بكفارة يمين ، ورفعوا عليه دعوى وحددت له قضية ومنع من الفتوى في ذلك ونودي به في البلدان ، فلم يستجب شيخ الإسلام لمدة عام ، فعقدت له قضية أخرى في نفس الموضوع ، وقرئ كتاب السلطان على الجموع ، بمنعه من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق ، فلم يستجب شيخ الإسلام لكلام السلطان ، فعقدت له قضية ثالثة بسبب ذلك ، وعوتب وحبس بقلعة دمشق ، ومنع من الفتيا مطلقا ، فأقام مدة يفتي بلسانه ، ويقول : لا يسعني كتم العلم ، يقول ابن رجب الحنبلي : ( وقد عاد الناس اليوم بحمد الله إلي فطوي ابن تيمية هذه التي سجن فيها وأوذي مرارا ) .

وفي آخر أمره دبروا عليه الحيلة ، وتآمر عليه الصوفية ورفعوا عليه قضية ، يدعون فيها أنه يمنع السفر إلي قبور الأنبياء والصالحين ، ورموه بالكفر لأن ذلك بزعمهم تنقيص من شأن الأنبياء والمرسلين ، وأفتي بذلك طائفة من أهل الأهواء المنتسبون للعلماء ، وكان عددهم 18 وهم ثمانية عشر نفسا ، كان على رأسهم القاضي الإخناني المالكي ، وأفتي قضاة مصر بحبسه ، فحبس بقلعة دمشق مدة طويلة ، وبقي في القلعة يكتب العلم ويصنفه ، ويرسل إلي أصحابه الرسائل ، ويذكر ما فتح الله به عليه في هذه المرة من العلوم العظيمة ، والأحوال الجسيمة ، وقد فتح الله عليه في هذا السجن من معاني القرآن ، ومن أصول العلم بأشياء ، كان كثير من العلماء يتمنون قراءتها ، حتى منع من الكتابة ، ولم يترك عنده حبر ولا وقلم ولا ورق ، فأقبل على التلاوة والتهجد والمناجاة والذكر .

قال ابن القيم رحمه الله : سمعت شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، وقال لي مرة : ماذا يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي وبستاني في صدري ، أين رحت فهي معي ، لا تفارقني ، أنا حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .

وقال مرة : المحبوس من حبس قلبه عن ربه ، والمأسور من أسره هواه ، ولما دخل إلي القلعة ، وصار داخل سورها نظر إليها وإلي الظالمين وقال : ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلهِ العَذَاب ُ) (الحديد:13) .
وقد بقي بقلعة دمشق سنتين وأشهرا ، ومات بها رحمه الله تعالى ، سبعة وخمسون سنة ، قضاها شيخ الإسلام في الدنيا الفانية ، يجاهد بقوله وعلمه عمله للجنة الباقية ، أتته المنية مسجونا بقلعة دمشق ، بسعي الواشين والحاقدين والحاسدين ، من عباد القبور العاكفين على قبور الصالحين ، وبزعمهم أنه يمنع الناس من زيارة الرسول والصالحين ، والصحيح الذي ثبت عن سيد الأنبياء والمرسلين ، أنه نهي الناس عن شد الرحال إليها ، ونهي عن تعظيمها والعكوف عليها ، وهذا ما قال به شيخ الإسلام ، لكن الحاقدين صبوا حقدهم على هذا الإمام .

وأنتم تعلمون ما روي في صحيح البخاري من حديث أبي سعيدٍ الخُدريَّ رضيَ اللهُ عنهُ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( ولا تُشَدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلي ثلاثةِ مَساجِدَ: مَسجدِ الحَرامِ، ومسجدِ الأقصى، ومَسجدي ) .

وفي ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة توفي الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، الفقيه الحافظ ، الزاهد العابد ، المجاهد القدوة ، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، الحراني الدمشقي ، توفي بقلعة دمشق ، بالقاعة التي كان محبوسا بها ، وحضر جمع كثير إلي القلعة ، وأذن لهم في الدخول عليه ، وجلس جماعة عنده قبل غسله ، رغبة في رؤيته وتقبيله ، فلما فرغوا من غسله أخرج إلي الناس ، فاجتمع الخلق بالقلعة ، حتى انسدت الطرق وامتلأت ، ولم يبق مكان في دمشق لموضع قدم ، وحضرت جنازة الإمام ، والجند قد احتاطوا بها ، يحفظونها من شدة الزحام ، وصلي عليه الناس أولا بالقلعة ، ثم صلوا عليه بالجامع الأموي عقيب صلاة الظهر ، وقد تضاعف اجتماع الناس رغبة في الصلاة عليه ، لكن الكثير لم يتمكنوا من الدخول إليه ، ثم تزايد الجمع إلي أن ضاقت الرحاب والأزقة بأهلها ، والأسواق بمن فيها ، ثم حمل بعد ذلك على الرؤوس والأكتاف ، وخرج النعش به من المسجد ، وعلت الأصوات بالبكاء ، والنحيب والدعاء ، والترحم عليه والثناء ، وألقي الناس على نعشه مناديلهم ، وعمائمهم وثيابهم ، وذهبت النعال من أرجل الناس وقباقيبهم ، لا يلتفتون إليها لاشتغالهم بالنظر إلي الجنازة ، وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم ، وتارة يتأخر ، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها ، كل باب أشد زحمة من الآخر ، ثم خرج الناس من أبواب البلد جميعها ، من شدة الزحام فيها ، وعظم الأمر وتضاعف الخلق وكثر الناس ، حتى وقفوا على القبر ودفن إلي جانب أخيه شرف الدين ، رحمهما الله أجمعين ، وكان دفنه قبل العصر بيسير ، وذلك من كثرة من يأتي ويصلي عليه من أهل البساتين ، وأهل القرى وغيرهم من المسلمين ، وأغلق الناس حوانيتهم ، ولم يتخلف عن الحضور إلا من هو عاجز عن الحضور ، مع الترحم والدعاء ، من الرجال والنساء .
فكان يوماً مشهوداً لم يعهد مثله بدمشق ، وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يقول : قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز ، فكانت جنازة شيخ الإسلام كجنازة الإمام أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة .
ويذكر ابن كثير أنه لم يتخلف عن الحضور إلا نفر يسير ، تخلفوا عن الحضور في جنازته ، وهم ثلاثة نفر اشتهروا بعداوته ، فاختفوا وقتها خوفا على أنفسهم ، من بطش الناس بهم ، فهم قد علموا وأيقنوا أنهم لو خرجوا لقتلوا وأهلكهم الناس .

فرحم الله شيخ الإسلام بواسع رحمته ، وأسكنه فسيح جنته ، وجعلنا وإياه وسائر الحاضرين والمستمعين ، ممن قال فيهم : ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُول فَأُولئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَليْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (النساء:69) ( يَوْمَ تَرَي المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا ذَلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ) (الحديد:12) ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلي اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَي رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزى اللهُ النَّبِيَّ وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يسعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لنَا إِنَّكَ على كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم:8) ولنا لقاء آخر بإذن الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .