المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معجزة القرآن الكريم بين الاعجاز والعجز والتعجيز



ابن النعمان
04-05-2011, 03:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
معجزة القرآن الكريم بين الاعجاز والعجز والتعجيز

تحدى الله الانس والجن على الاتيان بسورة من مثل القرآن او حتى باية بل و زاد فى التحدى الى اقصى الدرجات باخبارهم بالعجز عن فعل ذلك (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24))
وليس هناك حث وتشجيع على جمع القوة والشتات لمواجهة اى تحدى اكثر من ذلك فما بدا منهم ؟ بدا منهم العجز وقعدت بهم الخيبة وانقطاع الامل عن الايتان بسورة من مثل القرآن او حتى بآية كما اخبرت الاية الكريمة مع كل هذا الاستفزاز الذى وصل الى اقصى درجاته وان قلنا لما ؟ , لانه توازى مع التنديد باصنامهم وتسفيه أحلامهم وإهانة مقدساتهم ، الشىء الذى يوجب عليهم عدم التواني لحظة في حشد الأمصار والأعوان للتظاهر والتآزر على الإتيان بالمثل المطلوب لو كان في القدرة و الإمكان وما لجأو الى كل افتراء و افتراض حتى وصل بهم الامر الى وصم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنون تارة و بالسحر تارة اخرى قال تعالى : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" ومنذ رسالة النبى صلى الله عليه وسلم والى الان لم يتم كسر هذا التحدى ؟ الذى لو حدث لهدم الدين وقلع من اساسه وخصوصا فى وقت اعلان التحدى وقت ولادة الدين الجديد هذا الوقت الذى لا يحتمل فتح اى باب للشكوك و الحيرة , بل تثبيت اليقين واقراره فهناك فرق بين من يولد على دين معين وما يقترن بتلك الولادة من تقليد وعصبية وتكيف وحساسية ناحية هذا الدين تعجل الانسان يرفض اى شبهة بدون بحث او تحرى وبين من يتحول الى الاسلام عن دين اخر بعد بحث و اقتناع , الامر الذى سوف يجعله لن يمرر اى شبهة مرور الكرام فكل ما يهمه هو البحث عن الحقيقة بصرف النظر عن كون الاسلام هو الذى حفزه على هذا البحث و لعدم وجود القيود السابقة الامر الذى سوف يجعله يعيد تقييم الامر مرة بعد الاخرى عند ظهور اى شبهة بموضوعية تامة , وبالتالى يكون كل معتنق للاسلام فى ذلك العصر بالاخص وما بعده شاهدا على اعجاز القرآن من هذه الناحية ومن كل النواحى الاخرى , وفى هذا ضحد لكل كذب وافتراء بانه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالقرآن قد نزل على قوم قد تميزو بالفصاحة والبلاغة وحسن الاداء وجمال المنطق وسلاسة التعبير واشتهروا بمزاولة أساليب النظم والنثر وتمرسوا على الخطب والأشعار وبالغوا في حفظ الوقائع والأيام ، و القدرة على الأمر من دواعي الإتيان به ." متحديا لهم فيما تميزو فيه فعجزوا بل و لم تبد منهم اى محاولات للمعارضة ولو كانت ركيكة ومبتذلة ورديئة لان فهمهم للغة العربية وتذوقهم للادب جعلهم يشعرون باختلاف القرآن واعجازه وتميزه وجماله الى الحد الذى لا يمكن لقدراتهم اللغوية ان تضاهيه , بل والشهادة له بذلك فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة (الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو عبد شمس، من قضاة العرب في الجاهلية ومن زعماء قريش ومن زنادقتها توفي سنة 1 ه، الكامل 2/26، الأعلام 8/122.) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال له: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ ؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً لتتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ من قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل ألم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: والله ما يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنَزلت : " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ "
(الايات من سورة المدثر
والحديث أخرجه الحاكم، كتاب التفسير، باب تفسير سورة المدثر 2/506، وقال عقبه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه.)
والجدير بالذكر ان الجميع لم يكونوا ليهملوا شأن القرآن بل كانوا ينتظرون الوحى بشغف بصرف النظر عن كونهم مؤمنين او كافرين يتربصون به ليتصيدواعليه اى مأخذ يقول الاستاذ الدكتور "محمد عبد الله دراز فى كتابه مدخل الى القرآن الكريم الجزء الاول حقائق تاريخية ص42" : "كان الناس جميعا ينتظرون الوحى بشغف , ويتمنون ان يتلقوه فور نزوله , حتى اعداء الرسول انفسهم الذين كانوا لا يهملون شأن القرآن , كانوا يحرصون على سماعه , اما للبحث عن نقط ضعف فيه تعينهم على مغالبته او مهاجمته , واما لاشباع حاجتهم فى التذوق الادبى ويمكننا ان نتصور اذن مدى الاهتمام الذى كان يثيره القرآن فى النفوس " .
والتحدى كان له حكمة بالغة لن تتاتى فى غير هذا الزمن وتحمل رسالة الى الازمنة الاخرى لكل من تحدثه نفسه بمعارضة القرآن او فتح باب لالقاء شبهات ليس لها اصل فى الماضى .
يقول الرافعي "صاحب كتاب اعجاز القرآن" : ((وحِكمة هذا التحدي وذكره في القرآن إنما هي أن يشهد التاريخ في كل عصر بعجز العرب عنه وهم الخُطباء اللُّدُّ، والفصحاء اللُّسن، حتى لا يجيءَ بعد ذلك فيما يجيءُ من الزمنِ مولد، أو أعجمي كاذب، أو منافق، أو ذو غفلة فيزعمُ أن العرب كانوا قادرين على مثله وأنه غير معجز)) (إعجاز القرآن 22 ).
"وإعجازُ القرآنِ الكريمِ أولُ دليلٍ على مصدرِ القرآنِ الكريم الإلهي، وبه ثبوتُ صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، لذا قام المستشرقون بالتشكيك في إعجازه والطعن فيه، وفي جمال أسلوبه وبلاغته، ولا يعرف ذلك إلا العرب الخلص الذين عرفوا البيان، وأنى للمستشرقين أو المستعربين منهم فى ذلك" (مصدر القرآن الكريم - د. عبد الودود بن مقبول حنيف ص42)
ولقد أكده القاضى الباقلاني بانه لا يمكنُ لأي كائنٍ أن يُقَدِّرَ إعجاز القرآن سوى أهل اللغة والبيان ذوي الخبرة بعلوم اللغة المختلفة. ونَصُّ عبارته في كتابه إعجاز القرآن : ((فأما من كان متناهياً في معرفةِ وجوه الخطاب، وطرقِ البلاغة والفنون التي يمكنُ فيها إظهار الفصاحة، فهو متى سمع القرآن عرَف إعجازه)) (كتاب إعجاز القرآن ص 51، وانظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 56. ).
والعرب هم من تنطبق عليهم هذه الصفات دون غيرهم على الاطلاق بفارق لا يقاس او يقارن فيكونوا هم المؤهلين للحكم
والتقييم اكثير من غيرهم بنفس الدرجة مما ينهى الامر لكل عاقل ويحسمه حسما نهائيا فلقد انتهى زمن الحكم والتقييم والقاء الشبهات لصالح القرآن ولن يتكرر ذلك الزمن او القيمة العالية لشهاداته واجازاته مرة اخرى .
يقول الدكتور "عبد الودود مقبول حنيف" فى كتابه "مصدر القرآن الكريم" : "الأسلوب الأدبي للقرآن الكريم أسلوب رفيع عال يفوق أي أسلوبٍ من الأساليب العربية الأخرى، سواءٌ أكانت قصيدةً أم نثراً مسجوعاً أم غير مسجوع، أو شعراً، فلغة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على رصانةِ ألفاظه وقوة فصاحتِه وبلاغته، فقد أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، وهو ما بدا واضحاً في سنته عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كله لا يمكن أن يصل لمستوى القرآنِ الكريم فهو معجزٌ، عجزت الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله ولن يستطيع أحدٌ الإتيانَ بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً، بعكس الحديث النبوي فإن أعجز عامة الناس الإتيان بالأسلوب البشري فلا يعجز بعض خاصتهم الإتيان بأسطرٍ منه، وبالمقارنة بين القرآنِ والسنة يتضحُ الفرق بين الأسلوب الإلهي الذي يدل على روعة النظمِ القرآني وبين الأسلوب البشري"، قال ابن عطية : ((لو نُزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجدَ أحسن منها لم يوجد))( تفسير ابن عطية 1/52.) وقال الزرقاني في البيان والتوضيح بين الأسلوبين: ((حتى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم، وأشرقت نفسه بنور النبوة والوحي، وصِيغَ على أكمل ما خلق الله، فإنه مع تحليقه في سماءِ البيان وسُمُوِّه على كل إنسان لا يزالُ هناك بَونٌ بينه وبين القرآن)) ) مناهل العرفان 2/ 298(.
و"إسلام لبيد بن ربيعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما المعروفين بالفصاحة والبيان ما هو إلا شاهد ودليلٌ واضحٌ على الأسلوب البلاغي الراقي الذي انفرد به القرآنُ الكريم عن غيره من الأساليب، فقد كانت هناك قصيدةٌ شعرية للبيد تُعَدُّ من أعظم ما قيل من الروائع في عهد محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجرؤ أحدٌ من الشعراء على منافستها حتى علقت بجانبها بعض آياتٍ من القرآنِ الكريم، فأسلم لبيد في الحال وقال قولته: ((إن كلاماً كهذا ليس من قول البشر، وإنه لا شك وحيٌ إلهي)) (انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 52)
و"عمر بن الخطاب كان فصيحاً لا نظير له، وكان يعادي الإسلام والقرآن حتى وجد عند أخته صحيفةً بها بعض القرآن فطلبها فامتنعت فقرأها، فلما تمكن من قراءتها ملأت الآيات القليلة قلبه إعجاباً ورهبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح عمر بن الخطاب واحداً من رموز قادة الإسلام "(انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 53)
ويمكن ان نضيف الى هذه الشهادات :
شهادات بعض المستشرقين الذين لم يستطيعوا ان يخفوا اعجابهم بالقرآن رغم حقدهم وكراهيتهم للاسلام ليظهر لنا الاعجاب مختلطا بالحقد والعصبية فى اغرب هيئة وصورة وذلك عندما يقولون فى القرآن ما ينوب عن اعلى درجات الاعجاب والاحساس بالروعة ثم ينسبونه بعد ذلك إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول مثلا المستشرق سيل واضع اشهر ترجمة لمعانى القرآن الكريم : "من المعترفِ به أن لغةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم قد بلغت الغايةَ في الروعةِ والنقاء، وقد استند محمدٌ إلى إعجاز الكتاب لإثبات حقيقة بعثته، وأعلن تحديه لأعظم الرجال وأكثرهم فصاحة" , ويقول أيضاً: "ولا شك أن أسلوب القرآنِ مذهل فهو جميل مشرق، وهو مُفعَمٌ بذوقٍ شرقي فضلاً عن أنه ممتلئٌ بالتعبيرات الهادية المنمَّقة التي تنطقُ بالحِكمة، كما أن المواضع التي تذكر عظمةَ الله وصفاته هي الذروة فيما قدم الأسلوب القرآني من فنون البيان" (انظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 59، 60.)
ويقول "هيرتشفلد" وهو مستشرق يهودي، وباحث فى القرآن الكريم وتفسيره : "إن هذا الدين الذي أحدث الثورة الكبرى لم يقم على مجرد الخيال" (انظر: دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر 143) .
ها هى شهادة الاعداء والمتربصين وها هى شهادة اهل الفصاحة واللغة واساطين البلاغة والادب وبعد هل يمكن ان يأتى من يضاهى حقد وكراهية "جورج سيل" , و"هيرتشفلد" على القرآن والاسلام والمسلمين؟ , اوهل يمكن لاحد ان ياتى بعد العرب ويسبقهم او يتفوق عليهم فى التميز الادبى وفهم اللغة العربية والالمام باسرارها ؟ , فياتى بما عجزوا عن الاتيان بمثله او محاولة معارضته , او يشهد بغير ما قالوا واقروا, فيجعل نفسه مؤهلا للحكم والتقييم اكثر هؤلاء , الا اذا كان احمق جمع بين عمى البصر والبصيرة وكيف من ليس له اى احساس لغوى او حس فنى او تذوق ادبى يكون مؤهلا للحكم والقييم وان كان , فيكيف يصل الى ما وصل اليه العرب فى تلك الحقبة , ولكن ماذا نفعل "وقد اعتاد المنصِّرون والمستشرقون الطعن في القرآنِ بأسلوب أو بآخر، ولا يخفى على المسلم أن عملهم لا يُعَدُّ نقداً، أو التعبير برأيٍ آخر كما يرددون من أنه حريةٌ في البحث، بل هو صادرٌ عن حِقدٍ وكراهية للإسلام والقرآن، وأحياناً عن عصبية شديدة، والتعصب يعمي ويصم ويَقلب الحقَّ باطلاً والباطل حقاً، وغرضهم الرئيس من ذلك هو التشكيكُ في القرآنِ الكريم وقَداستِه كي يتوصلوا إلى صرف أنظار المسلمين عن القرآنِ الكريم، وهذه الطعونُ مبنيةٌ على رواياتٍ باطلة أو مختلقة أو آراءَ شاذة وأدلةٍ واهية، أو على مقالاتٍ لبعض الباحثين، او على بعضِ الروايات الصحيحة أو المقبولة التي قاموا بفهمها كما يحلو لهم من وجهة نظرهم، " (مصدر القرآن الكريم- د. عبد الودود بن مقبول حنيف) .
ولقد قال عنهم الأمير شَكيب أَرسَلان : ((وإذا عثروا على حكاية شاردة أو نكتة واردة في زاوية كتاب قد يكون محرفاً تساقطوا عليه تهافت الذباب على الحلوى، وجعلوها معياراً ومقاساً، لا بل صيروها مَحَكًّا يعرضون عليها سائر الحوادث)) ( انظر: الفكر العربي المعاصر في معركة التغريب والتبعية الثقافية ص 326. )
وشىء بديهى اذا عجز ملوك الفصاحة والبلاغة واهل الادب والشعر فلن يستطيع احد اخر , واذا كان هناك من يرمى بالشبهات على القرآن العظيم والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من اى ناحية كانت , كالزعم بكون مصادر القرآن الشعر الجاهلى لامية ابن ابى الصلت وامرىء القيس , او التشكيك فى اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وجوانب حياته , نقول لو كان هذا الامر صحيحا لما سكت العرب عن فضحه واستخدامه ضد الرسول والاسلام انتقاما للتنديد باصنامهم وتسفيه أحلامهم وإهانة مقدساتهم , وما تكلفوا وتكبدوا عناء الحرب والقتال وما لجأوا الى كل افتراضو و افتراء حتى وصل بهم الامر الى وصم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنون تارة و بالسحر تارة اخرى فهم الاقرب عهدا منه واصحابه اكثر من غيرهم وهم الذين عاصروه وعايشوه و تعاملوا معه عن قرب اكثر من غيرهم وهم الذين يعلمون الرسول صلى الله عليه وسلم , واحواله واخلاقه اكثر من اى احد اخر بل هم الذين لقبوه بالصادق الامين لا احد اخر وفى ذلك يقول الدكتور "محمد عبد الله دراز فى كتابه مدخل الى القرآن الكريم الجزء الاول حقائق تاريخية ص26" : معللا ذلك اللقب " وكان - محمد صلى الله عليه وسلم - يتميز بين اترابه الفتيان بخلقه الرفيع , وبحيائه الشديد وبعده عن اللهو الرخيص وعفته المطلقة , وكان يجذب اهتمام كل من تعامل معه فأكسبه ذلك ثقة كبيرة فى قلوب الناس مما برر تسميته بالامين ومثل هذه الخصال تنبىء عن صاحبها فى المجتمع , فنراه فى ريعان شبابه يدعى لمجالسة رؤساء القبائل الموقرين فى حلف الفضول الحلف الذى كان يستهدف مساندة الضعفاء , ورد الظلم عن المظلومين , واقرار السلام بين القبائل ويتصدى لمن يحاول العبث به" وهناك الكثير من الحوادث التاريخية التى تشهد على ذلك مثل الحادث الذى وقع وقت ترميم الكعبة متمثل فى النزاع الذى نشب بين القبائل فيما يتعلق بوضع الحجر الاسود فى مكانه , وكان الرسول صلى الله عليه وسلم سببا رئيسيا فى حله بحكمته وحسن تفكيره , فساد الرضا بين جموع الحاضرين واستتب السلام بين القبائل ولم ينبع ذلك الا من الثقة والاحترام والكل يعلم ذلك .
"لذا عندما صدع الرسول بدعوته ووقف على الصفا ونادى القبائل بأسمائها، فلما اجتمعوا قال: ((أرأيتم لو أخبرتكم أن وراء الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: بلى ما عرفنا منك كذبا، قال: فإني رسول الله بين يدي عذاب شديد)). فهم أمام الجبل لا يرون ولا يعرفون ما خلف الجبل، فثقتهم بالمخبر وصدقه وأمانته تلزمهم أن يؤمنوا ويصدقوا بالخبر" (http://shhada.syriaforums.net/t45-topic)
هذه هى احوال الرسول واخلاقه قبل البعثة النبوية تؤكد على مصدر القرآن الالهى وتدعمها وتعضدها احواله بعد البعثة واحوال معاصريه وردود افعالهم التى كانت ظاهرة للجميع وخصوصا المتعلقة بنزول الوحى وورعه وفقره وتقشفه وعفته وتقواه وزهده فى الحياة وعفوه عمن اساء اليه وسماحته وتسامحه ومن قبل اميته ..
يتبع بعون الله

ابن النعمان
04-05-2011, 03:22 PM
احوال الرسول بعد البعثة التى تؤكد على المصدر الالهى للقرآن
امية الرسول صلى الله عليه وسلم :
محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ او يكتب ولم يكن لديه المام بالغات الاخرى التى كتبت بها الكتب السماوية السابقة للقرآن مما يجعل هناك الف عائق امامه للوصول اليها (لاحظ ان اللغة الاجنبية للاديان السابقة كانت عائقا امام النبى صلى الله عليه وسلم يمنعه من الوصول الى مصادرها او فهمها من نصوصها الشفهية .
ومع ذلك شهد العلماء المتخصوصون فى الكتب المنزلة السابقة بصدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن كتبهم , انظر كتاب مدخل الى القرآن الكريم للدكتور محمد عبد الله دراز ) .
وهناك العديد من الشواهد على ذلك :
يستشهد الدكتور ابراهيم عوض فى هذه الحقيقة بالعديد من الشواهد ومنها القرآن الكريم وبالتحديد قوله تعالى:{ وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون }. 49
".. حيث تنفي هذه الآية الشريفة المحكمة عن الرسول دراسة أسفار أهل الكتاب كما تنفي عنه صلى الله عليه وسلم
نسخ هذه الكتب – وبدلالة التضمّن ، تداولها - ؛ وفي هذا ردّ صريح مباشر على الزعم أنّ الرسول كان على علم واطلاع عميقين بأسفار القوم ..
فهذه الآية تقرّر أنّ محمدً اصلى الله عليه وسلم لا علم له بأسفار أهل الكتاب ، و سكوت مخالفيه دليلا على صحة هذه الحقيقة ولكن يأبى (المولَّدون) إلا الجدال في ما لم يجادل فيه ألدّ خصوم هذا النبي من المعاصرين له، ممن لم يتورعوا عن محاولة سفك دمه صلى الله عليه وسلم وإهدار عرضه!!
"
وتؤيدّ آيات أخرى علم أهل مكّة بعدم دراية محمد صلى الله عليه وسلم بأسفار أهل الكتاب، كقوله تعالى :
(وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطة بيمينك إذاً لأرتاب المبطلون )
العنكبوت 47
وقوله تعالى :
(قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)
يونس16
شهادة السنة على امية الرسول صلى الله عليه وسلم
ويستشهد بالسيرة ايضا فيقول : "تعددت الوقائع والأحداث الثابتة في السيرة، المظهرة لأميّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما غابت المواقف التي تكشف ارتياد الرسول صلّى الله عليه وسلّم مجالس التعلّم والكتابة، أو استعماله للقرطاس والقلم، وهي مواقف لا يمكن أن تغيب عن حياة رجل يحسن القراءة والكتابة في بيئة عمّها الجهل واستوطنتها الأميّة.
وقد كانت المرحلة المدنيّة من الدعوة متميّزة بالحاجة إلى الكتابة بصورة خاصة، مع ظهور مراسلات الملوك، وتنظيم الجيش، والدولة، حتّى إنّه كان للرسول صلّى الله عليه وسلّم واحدٌ وستون كاتبًا[حقّق أمر هذا العدد من الكتّاب، الدكتور ((محمد مصطفى الأعظمي)) في كتابه: ((كتّاب النبي صلّى الله عليه، وسلّم)) (انظر؛ محمد حميد الله، مجموعة الوثائق السياسيّة للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت: دار النفائس ط 6 , 1407 ه، 1987 م ، ص أ)
ومع ذلك لم تظهر في هذه المرحلة (المعرفة المزعومة) للرسول صلّى الله عليه وسلّم بالقراءة والكتابة.
كما أنّ طفولة الرسول صلّى الله عليه وسلّم كانت على درجة كبيرة من الشدة والقسوة ممّا يمنعه من تقصّي أسباب التعلّم بما تتطلبّه من تفرّغ ولين عيش في تلك البيئة القاسية والحياة المرهقة.
وهل التعلّم يكون من غير معلّم؟ فأين سيرة من علّم الرسول صلّى الله عليه وسلّم في أخبار الصحابة عن نبيّهم، وقد عُلِم أنّهم كانوا يعظّمون كلّ أمره، ويبجّلون كلّ من كان عظيم الصلّة به؟ أليس معلّم الرسول صلّى الله عليه وسلّم أحرى الناس بالتعظيم؟!!
والأمر كما قالت المستشرقة ((كارن أرمسترونج)) ((Karen Armstrong))[ كارن أرمسترونج (ولدت سنة 1944 م): كاتبة بريطانيّة لها عناية بالحضارات الشرقيّة والأديان الكبرى. تعتبر
عامُة كتبها من أهم المؤلّفات مبيعًا في الغرب.]: ((يبدو أنّه من الانحراف في الرأي تحدّي التراث الإسلامي التفسيري لكلمة (أمّي). لا توجد أيّة إشارة في المصادر الأولى إلى ممارسة محمّد للقراءة أو الكتابة. كان محمد يملي كلامه على غيره، كَعَلِي المتعلّم، إذا ما أراد إرسال رسالة. إنّها لخدعة كبيرة أن يكون محمد قد أخفى طوال حياته قدرته على القراءة والكتابة. بعيدًا عن أنّ ذلك ليس من الأمور المعهوده، فإنّه يبدو من العسير جدًا المحافظة على هذا الغش؛ نظرًا للتقارب الشديد في المعيشة بين محمد وقومه.))[ Karen Armstrong, Muhammad: a biography of the prophet, New
York: HarperCollins, 1993 , p.88]
وقد أقرّ بأميّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عدد من المستشرقين مثل ((مرتشي)) ((Marraci))[16] و((بريدو)) ((Prideaux)) [17] و((أوكلي)) ((Ockley))[18] و((جروك)) ((Gerock))[19] و(( أرمون-بيير كوسن دو برسفال)) ((Armand-Pierre Caussin de Perceval)) [20] و((ج. م. أرنولد)) ((J. M. Arnold)) [21] و((بالمر)) ((Palmer)) [22].[23]
ومنها شهادة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيقول : قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين.))[ رواه البخارى]
قال ((المباركفوري)) : ((قال صلّى الله عليه وسلّم إنّا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب؛ أراد أنهم على أصل ولادة أمهم؛ لم يتعلموا الكتابة والحساب؛ فهم على جِبلّتهم الأولى.))[ 212/ المباركفوري، تحفة الأحوذي، بيروت: دار الكتب العلميّة، د.ت، 8]
لقد ورد هاهنا الشرح المحكم لمعنى الأميّة على لسان الرسول صلّى الله عليه وسلّم بما يمنع من الدخول في مماحكات تأويليّـــــــــة، وبما يدفع عن هذا اللــــــفظ أيّ غموض أو اشتراك دلالي موهم .. إنّ الأميّة
التي كان عليها الرسول صلّى الله عليه وسلّم هي عدم الدراية بالكتابة والحساب ..
اتّخاذ الرسول صلّى الله عليه وسلّم كتّابًا للوحي ولشؤونه الأخرى: كان للرسول صلّى الله عليه وسلّم عدّة كتّاب ((كأبي بكر)) و((عمر)) و((عثمان)) و((علي)) و((زيد)) و((معاوية)) –رضي الله عنهم- يكتبون الوحي، ويكتبون العهود، ويكتبون كُتُبَه إلى مَن بعثه الله إليهم مِن ملوك الأرض ورؤوس الطوائف، وإلى عُمّاله، وولاته، وسعاته. ولم يذكر التاريخ الصادق أنه صلّى الله عليه وسلّم قام بكتابة الوحي بنفسه أو أنّه تولّى كتابة أيّ من رسائله ..
وهناك شواهد اخرى منها :
الاصطلاح في البيئة العربية زمن البعثة النبوية:
قال المؤرّخ ((ابن خلدون)) إنّ الكتابة في العرب كانت أعزّ من بيض الأنوق، وإنّ أكثرهم كانوا أميين، ولاسيما سكّان البادية، لأنّ هذه الصناعة من الصنائع التابعة للعمران[أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي، الردّ الشافي الوافر على من نفى أميّة سيّد الأوائل والأواخر، ضمن مجموعة
الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي رحمه الله، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، 1428 ه، 2007 م،
248/6]، ولذلك ما كان العرب يشيرون على الأميّ بالأميّة، وإنما كانوا يشيرون على من يعلم القراءة والكتابة، بالعلم في هذا الأمر؛ إذ إنّ علم القراءة والكتابة كان الاستثناء لا الأصل في الناس؛ وصمت نصوص الوحي وكتب التاريخ الإسلامي عن وصف محمد صلّى الله عليه وسلّم بالقراءة والكتابة يكفي لإلزام الباحث أن يستصحب الأصل في ذاك الزمان؛ وهو أنّ هذا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يقرأ ولا يكتب.[
William Harris, Ancient Literacy, MA: Harvard ؛ انظر في شأن الأميّة في الأمم القديمة
University Press, 1989]
حجم المعرفة العلميّة المشترطة:
إنّ دفع الأميّة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يجدي – في حقيقته- المنصرين والمستشرقين في شيء؛ لأنّ العلم بخط الحروف ورصف الكلمات لا يثبت شيئًا من دعاوى الاقتباس؛ إذ إنّ إثبات علم الرسول صلّى الله عليه وسلّم بدقائق الأسفار المقدّسة السابقة لا يستقيم إلاّ بإثبات (ثقافة موسوعية) للرسول صلّى الله عليه وسلّم في أسفار أهل الكتاب وعقائدهم وفرقهم ولغاتهم .. وقد صدق الدكتور ((عبد الرحمن بدوي)) في قوله: ((ولكي نفترض صحة هذا الزعم، فلا بد أنّ محمدًا كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية، ولابد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل نصوص التلمود، والأناجيل المسيحية، ومختلف كتب الصلوات، وقرارات المجامع الكنسية، وكذلك بعض أعمال الآباء اليونانيين، وكتب مختلف الكنائس- والمذاهب المسيحية.))[ عبد الرحمن بدوي، دفاع عن القرآن ضدّ منتقديه، ت/ كمال جاد الله، القاهرة: الدار العالميّة للكتب والنشر،
1999 م، ص 24]!!
إنّ التاريخ يخبرنا أنّ ذاك الزمان لم يعرف رجلًا من أهل الكتاب أنفسهم، يحمل هذه العلوم الجمّة، بسعته ودقّتها وتلوّنها!

ابن النعمان
04-05-2011, 03:24 PM
الوحى
احوال الوحى كانت ظاهرة للجميع فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((إن كان ليوحَى إليه وهو على ناقته فتضربُ جِرانها من ثِقَل ما يوحَى إليه)) (أخرجه أحمد في المسند 6/118)
قَالت رَضِيَ اللهُ عَنهَاايضا : ((وَلقَد رَأَيتُهُ يَنْزِلُ عَليهِ الوَحيُ فِي اليَومِ الشَّدِيدِ البَردِ فَيَفصِمُ عَنهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ ليَتَفَصَّدُ عَرَقًا))
(أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 1، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل باب عرق النبي صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي 4/1449)
وعَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَبدٍ القَارِيِّ قَال: سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلمَ إِذَا أُنزِل عَليهِ الوَحيُ سُمِعَ عِندَ وَجهِهِ كَدَوِيِّ النَّحل ....) (أخرجه الترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب ومن تفسير سورة المؤمنون 5/326، وضعفه الألباني. انظر ضعيف سنن الترمذي ص 338، 339)
والمستشرقون انفسهم يقرون هذه الاحوال ولكن بحياد تام عن الحق متمثل ذلك فى مزاعم واهية مردود عليها تثبت كذبهم واختلاقهم وخداعهم الشىء الذى يوجب على كل عاقل عدم الالتفات الى ما يقولون واخذ هذه المزاعم عليهم لا لهم وهذا ما سوف يظهر لنا فى السطور القادمة ولكن ما يهمنا هو الاقرار بصرف النظر عن اى شىء اخر ومن هذه المزاعم :
يزعم مثلا المستشرق "نولدكه" "ان سبب الوحى النازل على محمد صلى الله عليه وسلم ما كان ينتابه من داء الصرع" .والى قريب من هذا الرأى يذهب مستشرق آخر وهو "شيرنجر" "فيدعى بان الوحى النازل على محمد صلى الله عليه وسلم هو نوبات هسترية " . بينما يقول "سان بدرو" (انظر: الإسلام والمستشرقون 201، والمدخل إلى القرآن د. محمد محمد أبو شهبة 103، 106) أن النبي كان مصروعاً بمعنى أن الشياطين كانت تسيطر عليه وتتحكم فيه، وكذلك وصف رودينسون (من أساتذة مدرسة الدراسات العليا بباريس ثم مديرها، له بحوث منها: حياة محمد، والمشكلة الاجتماعية المتعلقة بأصول الإسلام. انظر المستشرقون نجيب العقيقي 1/328) القرآنَ بأنه هَلوسة سمعية وبصرية وهذَيان (نظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 42).
وقد غاب عن هذا وذاك ان نوبات الصرع تفقد الزاكرة لدى من تصيبه اثناء فترة مروره بها , لانها تعطل حركة الشعور والتفكير فيه تماما هو الامر الذى دعا بعض المستشرقين المنصفين للرد عليهم ومنهم "دى جويه" الذى يقول "ان هذا الافتراض ليس بصحيح لان الذاكرة عند المصابين بالصرع تكون معطلة , والحال هى العكس عند محمد صلى الله عليه وسلم الذى كان يتذكر كل ما يسمعه اثناء هذه النوبات". وقد ردد مضمون ذلك السير "وليم موبير" وسايره فى ذلك "هنرى لامانس" و"نوته هامر".
وغنى عن البيان ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتاز بخلق كريم وحميد وقد شهد بذلك , وهذا بطبيعته مضاد للصرع او الجنون " .. (انظر كتاب افتراءات واباطيل للمستشار على عبد اللاه طنطاوى ص16,17)
"والغريب من هؤلاء أنهم يثبتون الوحي في أنبيائهم فيقبلون أن تكون التوراة وحياً من الله تعالى، وتنْزيلاً منه على موسى عليه الصلاة والسلام، ويقبلون أن تكون أقوال الحواريين وتلامذة المسيح عليه السلام كما وصلت إليهم على أنها وحي من الله تعالى، ولا يثبتون الوحي في محمد صلى الله عليه وسلم بل يعتبرون ذلك صرعا ونوبات ونحوهما من الأمور التي لا يصدقها عاقل، ويستطيع أي إنسانٍ يعرف سيرةَ النبي عليه الصلاة والسلام وشخصيته أن يجزمَ صادقاً أنه غير مصابٍ بالصرَع؛ إذ لو كان كذلك لقام أصحابه وأنقذوه، ولكنهم كانوا يدَعونه ولا يقربونه حتى ينجَلي عنه الوحي فيفيق حينئذٍ من نفسه دون أن يكونَ هناك علامة فَزَعٍ على وجهه أو زوَغان بصر أو معاناة أو أي شيءٍ مما يُشاهَدُ على المصروعِ ساعة إفاقته، ولو كان عليه الصلاة والسلام مصاباً بالصَّرَع لكان يسقط على الأرض شأن المصروعين حينما كان يفاجئه الوحي وهو قائمٌ أو جالسٌ أو متوكئٌ " (انظر: مصدر القرآن 190، 191 ).
ثم إن وصف ظاهرة الوحي الإلهي وما كان يعتري النبي صلى الله عليه وسلم عند تلقيه بالهَوَس أو الصرَع أو نحو ذلك من الانحرافات النفسية جهلٌ خطير بحقيقة النبوة، ومن المعروف من الناحية الطبية أن آثار نَوبات الصرَع هي التمزق والحزن الشديد، ولكن لا توجد أي علامات من هذا القبيل في أدق التفاصيل عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان يسيطر بشكل واضحٍ على كل قدراته وملكاته العقلية والشخصية في آنٍ واحد. والذي يظهر لنا جليا وواضحاً أن ما كان يعتري رسول الله صلى الله عليه وسلم هي حالة نفسية وجسدية لتلقي وحي الله تعالى، وهناك فرق واضح بين الحالتين: حالة الصرع التي تنتاب المصروعِين، وحالة الوحي التي تعتري أنبياء الله تعالى، ويؤكد ذلك ما شهدت به الأعداء، فهذا المستشرق "أميل درمنغم" ( مدير مكتبة الجزائر، له كتاب في حياة محمد، وقيل إنه خير ما صنف مستشرق عن النبي، انظر المستشرقون نجيب العقيقي 1/297 ) يقول : ((وحياة محمد كانت منتظمة موزونة قبل بعثته، وما انفكت تكون كذلك بعدها إلا في حالات الوحي)) (نظر: الوحي والقرآن الكريم، د. محمد حسين الذهبي ص 28). ، ويقول "أرميا": ((والحق أن محمداً كان مبرأ من مثل هذه الأمراض على الدوام، فقد كان تام الصحة إلى أن بلغ سن الكمال)) (انظر: آراء المستشرقين حول القرآنِ الكريم وتفسيره، عمر بن إبراهيم رضوان 283) . ثم إن في شهادة خديجة رضي الله عنها له ما يدفع هذه الشبه ((كَلا وَاللهِ مَا يُخزِيكَ اللهُ أَبَدًا إِنَّكَ لتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحمِلُ الكَل وَتَكسِبُ المَعدُومَ وَتَقرِي الضَّيفَ وَتُعِينُ عَلى نَوَائِبِ الحَقِّ)) ( )، والمستشرقون يقرون بالوحي في كتبهم فإذا كانوا يقرون به فكيف يطعنون فيه، وقد جاء في كتاب دائرة المعارف البريطانية ((الوحي Revelation فترة دينية تحدد اتجاه الأمة الروحي، ويأتي هذا التحديد من خلال إلهام أو أحداث أو ممارسة روحية تهدف إلى تغيير حياة أفراد أو جماعات، وكل دين من الأديان الكبيرة يفسر الوحي بمفهومٍ واسع يحمل تابعيه على الاعتماد على أحاسيس أو مشاعر مؤسسة من فرد أو جماعة، والوحي من وجهة النظر الدينية تعاليم تلقى على مؤتمن من الرجال، الهدف منها تغيير حياة الأمة، وهو في الأديان النبوية كاليهودية والمسيحية والإسلام رسالة من الله إلى رجلٍ أمين يبلغها قومه... ويأتي الوحي بطرق مختلفة من كلام مسموع أو رؤيا أو غيبوبة أو إلهام يلقى ما يفهم منه أنه كلام الله ليمكِّنَ النبي من الحديث بتأكدٍ عن الله))( انظر: دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر ص 126 ـ127 ).

ابن النعمان
04-05-2011, 03:26 PM
زهده واحوال آله وبيته
وبالنسبة لزهده واحوال آله وبيته " قد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة من بعده المثل الأعلى في الزهد في الدنيا ، فكان عليه الصلاة والسلام أزهد الناس على الإطلاق.
فلم يعرف بيت النبي صلى الله عليه وسلم مطبخاً قط ، ولا كان فيه فرن قط ، وكان يمر شهران كاملان ولا يوقد في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم نار قط، وكان يعيشون الشهر والشهرين على الماء والتمر فقط.. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين، ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار!! قيل: فما كان طعامكم. قالت: الأسودان: التمر والماء!!!
ولم يكن يجد آل محمد صلى الله عليه وسلم التمر في كل أوقاتهم، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الردئ) ما يملأ به بطنه.
ولم ير رسـول الله صلى الله عليه وسلم الخبز الأبيض النقي قط، وسأل عروة بن الزبير رضي الله عنه خالته عائشة رضي الله عنها هل أكل رسول الله خبز النقي؟ فقالت: ما دخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلاً قط، ولا رأى رسول الله منخلاً قط.. قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نطحنه ثم نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه!! ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتالين حتى لقي الله عز وجل!!
قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتالين حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت تمر الأيام على أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجدون ما يأكلونه لا تمراً ولا شعيراً إلا الماء.
ولقد جاء للنبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله أنا ضيفك اليوم!! فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تسع زوجات عنده، ترد كل واحدة منهن (والله ما عندنا ما يأكله ذو كبير!! والمعنى من طعام يمكن أن يأكله إنسان أو حيوان) فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أخذه إلى المسجد عارضاً ضيافته على من يضيفه من المسلمين فقال: [من يضيف ضيف رسول الله!!]
- وخرج مرَّة عليه الصلاة والسلام فرأى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال :
« ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله، قال: وأنا والذي نفسي بيده، لأخرجَني الذي أخرجكما ».
- وربما شكوا إليه الجوع، وكشفوا عن بطونهم، كلٌّ منهم قد ربط حجراً على بطنه ، فيكشف هو صلى الله عليه وسلم عن حجرين على بطنه من شدة ما يجده من الجوع.
- ودخـل عليه بعض أصحابه وهو نائـم على حصير قد أثر في جنبه الشريف، فقالوا : « لو اتخذت وطاءً، فقال: ما لي وللدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها ».
- وكثيراً ما كان يدعو يقول : « اللهم أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين ».
وأقول: الله أكبر!! رسـول رب العالمين، ومن له خزائن السموات والأراضين لا يوجد في بيته خبزة من شعير أو كف من تمر يقدمه لضيفه!!
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الذي أرسلته رحمة للعالمين وسيداً للبشر أجمعين، وأعليت ذكره في الأولين والآخرين، واحشرني تحت لوائه يوم الدين.
وعاش النبي صلى الله عليه وسلم حياته لم يجلس في طعامه على خوان قط ، ولا أكل في (سكرجة) قط (السكرجة: هي الصحون الصغيرة) ولم يعرف لا هـو ولا أصحابه المناديل التي يجفف بها "الأيدي بعد الطعام قط.
- ثم مات عليه الصلاة والسلام وما ترك شيئاً خلفه إلا أرضاً صدقة ، وبغلته ، وشيئاً من شعير ، قد رهن درعه عند يهودي في طعام أخذه لأهله."

http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=39f1edaff876886c
http://www.bahareth.org/index.php?browse=writtenKhotba&id=40246


عفوه ومغفرته
يقول الدكتور "محمد عبد الله دراز " فى كتابه "مدخل الى القرآن الكريم" : (يستحيل علينا نظرا للاحكام العديدة النزيهة التى اتفق عليها المستشرقون ان ننسب الباعث الى نفسية الرسول صلى الله عليه وسلم فالاجراءات الحربية فى الحقيقة ليست من طبعه , ولا من عادته , بل ان العكس هو الصحيح اذ كثيرا ما جلب عليه تسامحه وعفوه عن المشركين لوما من القرآن الكريم , ولقد نقل الينا الاثر كثيرا من عفوه ومغفرته تجاه جرائم ارتكبت ضد شخصه وذويه منها عفوه عن مبعوث قري الذى جاء بعد موقعة بدر لاغتياله , وعن اليهودية التى دست له السم فى الطعام بخيبر , وعن الاخرى التى دفعت بابنته زينب فاجهضتها , وكذلك عفوه عن الذين جاءوا بالافك ضد زوجته عائشة البريئة .
ويتجلى عفوه صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى الطائف ليدعو أهلها إلى الإسلام، ولكن أهلها رفضوا دعوته، وسلَّطوا عليه صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم يؤذونه صلى الله عليه وسلم هو ورفيقه زيد بن حارثة، ويقذفونهما بالحجارة حتى سال الدم من قدم النبي صلى الله عليه وسلم.
فنزل جبريل -عليه السلام- ومعه ملك الجبال، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هدم الجبال على هؤلاء المشركين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنهم، وقال لملك الجبال:(لا بل أرجو أن يُخْرِجُ الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئًا) [متفق عليه].
وكم يستحق من اعجاب مسلكه السلمى الكريم وقت فتح مكة وبعده (انظر : محمد والقرآن لمؤلفه ج.ب . سان هيلير ص 125 - 130 )

صور من عفوه صلى الله عليه وسلم
أولى هذه الصور عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً من إحدى الغزوات وكانت تُسمى : ذات الرقاع فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي غفلة من المسلمين انسل رجل من الكفار ومعه سيفه فقام عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله وقال : يا محمد من يمنعك مني الآن ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : الله فسقط السيف من يد الرجل, فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : من يمنعك مني ؟ فقال الرجل : كن خير آخذ يا رسول الله فقال الرسول : قُل لا إله إلا الله, فقال الرجل : لا, غير أني لا أقاتلك, ولا أكون معك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخًلى الرسول سبيله . فجاء الرجل أهله فقال جئتكم من عند خير الناس . ورُوي ايضا أن أعرابيا جاء إلي النبى صلى الله عليه وسلم يطلب منه إحسانًا، فأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له(أحسنت إليك؟)فقال الأعرابي:لا..ولا أجملت.فغضب أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، وقاموا إلي الأعرابي ليعاقبوه علي ما قال، فأشار إليهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يتركوه، ثم أخذ الرجل معه، ودخل بيته، وزاده فوق ما أعطاه، ثم قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (أحسنت إليك؟).فقال له:نعم، فجزاك الله خيرًا.فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (إنك قلت ما قلت آنفا (قبل ذلك) وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم (أمامهم) ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك). فقال الرجل:نعم. فلما كان الغد جاء الرجل إلي مجلس النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن هذا الرجل قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟) فقال الرجل: نعم، جزاك الله خيرًا، ثم انصرف الرجل مسرورًا.
2- عفوه عن المرأة اليهودية التي وضعت له السم في الطعام فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن امرأة من يهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فقال لأصحابه : ( أمسكوا فإنها مسمومة ) وقال لها : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت أردت أن أعلم إن كنت نبياً فسيطلعك الله عليه وإن كنت كاذبا أريح الناس منك . قال فما عرض لها رسول الله . وفي سيرة ابن هشام أنها سألت . أي عضو من الشاة أحب إليه فقيل لها الذراع . فأكثرت فيه من السم ثم سمًت سائر الشاة وجاءت بها فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع, فلاك منها مضغة, فلم يستسغها وكان معه / بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله فأما بشر فمات وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها وقال : إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم قال : فما عرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم )
3- عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهودي الذي يسمى / لبيد بن الأعصم وكان قد سحر النبي صلى الله عليه وسلم فعن / زيد بن أرقم قال : ( سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود قال فاشتكى لذلك أياما ً قال : فجاء جبريل عليه السلام فقال, إن رجلا من اليهود سحرك عقد لك عقداً في بئر كذا وكذا فأرسل إليها من يجئ بها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله تعالى عنه فجاء بها فحللها قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال فما ذكر لذلك اليهودي ولا رأى وجهه قط حتى مات ) رواه أحمد في مسنده وفي هذا المقام يُروى أن علي بن أبي طالب قال : يا رسول الله دعني أقطع رقبة هذا الرجل . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا, أما أنا فقد شفاني الله ففي هذه الصورة يتبين لنا عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما نعرف جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفو في حق نفسه ولا يغضب من أجل نفسه ولكن كان يغضب لله وهذا كما أمره ربُ العالمين : ( خُذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )
4- يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : لمًا انصرف المشركون عن قتلى أُحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى منظراً ساءه ورأى حمزة قد شُق بطنه واصطلم أنفه وجدعت أذناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لولا أن يحزن النساء أو يكون سنة بعدي لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير, لأ قتلن مكانه سبعين رجلا منهم ثم دعى ببردة فغطى بها وجهه فخرجت رجلاه فجعل على رجله شيئا من الإذخر فلما فرغ نزل قوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين, وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين, واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون, إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) سورة النحل : 125 ~ 128 فهنا يمتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ربه ويقول : ( بل نصبر يا رب العالمين ) والمعروف أن الذي قتل حمزة رضي الله تعالى عنه هو وحشيً فلما فتح رسول الله مكة هرب وحشي قاتل ( حمزة ) هرب إلى الطائف فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلنوا إسلامهم ضاقت على وحشي السبل وبعد فترة قدم على رسول الله المدينة وكان قد أسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : أوحشي ؟ قال : نعم يا رسول الله . قال : اقعد فحدًثني كيف قتلت حمزة . قال : فحدثته فلما فرغت من حديثي . قال : ويحك, غيًب عني وجهك, فلا أرينك, قال وحشي : ( فكنت أنكس رأسي حتى لا يراني رسول الله حتى قبضه الله تعالى ) فهذا موقف يتبين لنا فيه كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكظم غيظه فأي كظم للغيظ هذا ؟ بل أي حلم وعفو هذا الذي يلقى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل عمه الأثير وصديقه النصير, وشريكه في الجهاد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قادرا على أن يثأر لعمه بل كان كثير من الصحابة الكرام ينتظر إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقتل بها وحشي ليشفي غيظ نبيه صلى الله عليه وسلم لكن رسول الله صلي الله عليه وسلم عفي عنه ابتغاء وجه الله تعالى وفي هذا بيان لأمته أن تتعلم العفو والصفح الجميل وكذلك في فتح مكة كان العفو الشامل والعام فعندما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مُخاطبا أهل مكة قائلا يا أهل مكة ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال : أقول كما قال أخي يوسف : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) اذهبوا فأنتم الطلقاء نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتمسكون بسنة رسول الله فنتعلم منه العفو والصفح الجميل اللهم آمين والحمد لله رب العالمين .
يتبع بعون الله تعالى

ابن النعمان
04-05-2011, 03:27 PM
رحمته
"جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :
وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتى صارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ، فالراحمون يرحمهم الرحمن .
وقد تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ، ومن تلك المواقف :
رحمته بالأطفال:
كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ، حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .
وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
رحمته بالنساء
لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ، وكان يقول : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .
رحمته بالضعفاء عموماً
وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم ، الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم ، والاستيلاء على حقوقهم ، وكان يقول في شأن الخدم : ( هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ، ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه ) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
رحمته بالبهائم
وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق ، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ) ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
رحمته بالجمادات
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
رحمته بالأعداء حرباً وسلماً
فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك من قصة إسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه ، عندما أسره المسلمون وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فربطوه بسارية من سواري المسجد ، ومكث على تلك الحال ثلاثة أيام وهو يرى المجتمع المسلم عن قرب ، حتى دخل الإيمان قلبه ، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقه ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ، ثم دخل المسجد فقال : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا محمد : والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي " ، وسرعان ما تغير حال ثمامة فانطلق إلى قريش يهددها بقطع طريق تجارتهم ، وصار درعاً يدافع عن الإسلام والمسلمين .
كما تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم أيضاً في ذلك الموقف العظيم ، يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له ، حينما أعلنها صريحةً واضحةً : ( اليوم يوم المرحمة ) ، وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والأذيّة بحسن المعاملة .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو رحمة ، وشريعته رحمة ، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ، وصدق الله إذ يقول : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } الأنبياء : 107.
صور من رحمته
هذه صور من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم منقولة عن مقال للدكتور.محمد بن عدنان السمان
المدير التنفيذي لشبكة السنة النبوية وعلومها
الصورة الأولى :
عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فناداني ملك الجبال ، فسلم علي ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً ) رواه البخاري .

• الصورة الثانية :
عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة . فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ) رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لهما ( وجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي . فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ).

• الصورة الثالثة :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري .

• الصور الرابعة :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما ) رواه البخاري .

الصورة الخامسة :
عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أمر أمير على جيش أو سرية ، أوصاه خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا . ثم قال ( اغزوا باسم الله . وفي سبيل الله . قاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا . وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ( أو خلال ) . فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ثم ادعهم إلى الإسلام . فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين . وأخبرهم أنهم ، إن فعلوا ذلك ، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا أن يتحولوا منها ، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين . يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين . ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء . إلا أن يجاهدوا مع المسلمين . فإن هم أبوا فسلهم الجزية . فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم . وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه . فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه . ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك . فإنكم ، أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم ، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله . وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله ، فلا تنزلهم على حكم الله . ولكن أنزلهم على حكمك . فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ) رواه مسلم .

• الصورة السادسة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما عندك يا ثمامة ) . فقال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل منه ما شئت . فترك حتى كان الغد ، فقال : ( ما عندك يا ثمامة ) . فقال : ما قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد فقال : ما عندك يا ثمامة فقال : عندي ما قلت لك فقال : ( أطلقوا ثمامة ) . فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، يا محمد ، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب دين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت ، قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا والله ، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري ومسلم .

• الصورة السابعة :
عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: ( غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها ) رواه أبو داود بسند حسن .

• الصورة الثامنة :
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه ) . فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى ، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى ، فقال : ( أين علي ) . فقيل : يشتكي عينيه ، فأمر فدعي له ، فبصق في عينيه ، فبرأ مكانه حتى كأنه لك يكن به شيء ، فقال : نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : ( على رسلك ، حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم ، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم ) . رواه البخاري ومسلم .

• الصورة التاسعة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قيل : يا رسول الله ! ادع على المشركين . قال " إني لم أبعث لعانا . وإنما بعثت رحمة "رواه مسلم .

• الصورة العاشرة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة . فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي . قلت : يا رسول الله ! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي . فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره . فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ! اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم . فلما جئت فصرت إلى الباب . فإذا هو مجاف . فسمعت أمي خشف قدمي . فقالت : مكانك ! يا أبا هريرة ! وسمعت خضخضة الماء . قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها . ففتحت الباب . ثم قالت : يا أبا هريرة ! أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته وأنا أبكي من الفرح . قال قلت : يا رسول الله ! أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة . فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا . قال قلت : يا رسول الله ! ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عبادة المؤمنين ، ويحببهم إلينا . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ! حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين . وحبب إليهم المؤمنين " فما خلق مؤمن يسمع بي ، ولا يراني ، إلا أحبني ) رواه مسلم .

الصورة الحادية عشرة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه ، على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن دوسا عصت وأبت ، فادع الله عليها ، فقيل : هلكت دوس ، قال : ( اللهم اهد دوسا وأت بهم ) رواه البخاري .

الصورة الثانية عشرة :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنهم قالوا : يا رسول الله ! أحرقتنا نبال ثقيف ، فادع الله عليهم . فقال : اللهم اهد ثقيفا ) رواه الترمذي بسند صحيح .
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=52246
http://www.saaid.net/mohamed/264.htm

ابن النعمان
04-05-2011, 03:29 PM
احوال المعاصرين واقرار المصدر
ويزيدنا يقينا فى ربانية المصدر القرآنى احوال المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم , سواء كانوا من المشركين او المنافقين او اليهود , او من كان على اكلتهم ممن لم يجدوا اى شبهة ليرموها على الرسول صلى الله عليه وسلم من اى جانب من جوانب حياته (كما يحدث الان من المستشرقين) او ماخذا يتصيدوه عليه, والذين لم يستطيعوا ان يكذبوا القرآن او يشككوا فيما ولو من باب الجدال والمماطلة , او يحرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم بطرح سؤال منتقى (يقتصر العلم فيه على السائل) لتعجيزه واحراجه امام اصحابه , وعندما تحداهم القرآن على الاتيان بالمثل , ثم اخبرهم بخابيا انفسهم لم يجدوا فى مواجهة تحدياته الا الصمت و السكوت الذى ينوب عن صحة الاخبار وتحقق الوقوع .
لم يحدث ذلك كمقدمات ذكرناها , ولم يحدث ذلك كنتيجة تدلنا عليها واهم هذه النتائج (لو اعتبرنا ان كل هذا الكم من شبهات المستشرقين لها اصل فى الماضى او اساس) عدم وجود شىء اسمه اسلام او مسلمين لان تاثيرها السلبى فى وقت ولادة الدين الجديد لا يقارن لانه سوف يكون اقوى واسرع , وكيف لا يحدث ذلك , و هذا الوقت هو الوقت الذى لا يحتمل فتح اى باب للشكوك و الحيرة والقاء الشبهات, بل تثبيت اليقين واقراره , فهناك فرق بين من يولد على دين معين وما يقترن بتلك الولادة من تقليد وعصبية وتكيف وحساسية ناحية هذا الدين تعجل الانسان يرفض اى شبهة بدون بحث او تحرى وبين من يتحول الى الاسلام عن دين اخر بعد بحث و اقتناع , الامر الذى سوف يجعله لن يمرر اى شبهة مرور الكرام فكل ما يهمه هو البحث عن الحقيقة بصرف النظر عن كون الاسلام هو الذى حفزه على هذا البحث و لعدم وجود القيود السابقة الامر الذى سوف يجعله يعيد تقييم الامر مرة بعد الاخرى عند ظهور اى شبهة بموضوعية تامة .
يتبع بعون الله

ابن النعمان
04-05-2011, 03:31 PM
ها هى احوال الرسول صلى الله عليه وسلم واحوال معاصريه لا يمكن ان تجعل هناك مجال للكذب او الخداع فهو الصادق الامين المشهود له بذلك من الد اعدائه فكيف يكذب فى خبر السماء وهو لم يكذب فى خبر الارض , يقول الدكتور محمد عبد الله دراز فى كتابه مدخل الى القرآن الكريم "قوة اخلاقه وصدق ايمانه , وشعوره المرهف بمسئولية يوم القيامة كلها حقائق لا تتفق مع امكان ان يخترع شيئا وينسبه الى الله " . وهو الرؤف الرحيم بشهادة الاعداء والمحبين ومن قبل كل ذلك شهادة القرآن الكريم{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} فكيف يرضى لاحد من اصحابه واحبائه ومن قبل نفسه ومن بعد امته تحمل الالام والمشاق والصعاب و صنوف التعذيب والاضطهاد والقتل والسخرية والاستهزاء فى سبيل شىء ليس له اساس لا ينوب عن واجب مقدس او ينبع عن مسئولية جسيمة , اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ابن النعمان
04-05-2011, 03:33 PM
رسالة الى كل عاقل

لو فكر كل عاقل فسوف يجد ان مشركى مكة هم الاولى بكسر التحدى اكثر من اى احد اخر سواء كانوا افراد او مجتمعات حافز وخبرة ومعايشة واستخداما لهذه الشبهات لو كان لها اساس اكثر , وبناء عليه لابد ان يكون عجزهم هذا وسكوتهم مقرونا بانهاء الامر وحسمه لكل ذى عقل و باحث عن الحق و متخل عن الاغراض والاهواء بشكل مطلق ونهائى بلا جيوب او ذيول , و الغريب اننا نجد ان كل الشبهات تثار من اليهود والنصارى المتاخرين على غير اساس او هدى بلا معايشة او معاصرة او قرب عهد اوتعامل وتذوق للغة العربية اوتعمق وفهم لها مع تجاهل هذه النقطة البديهية فالشبهات من اى ناحية كانت الاولى باثارتها ونشرها واستخدامها هم كفار قريش لانهم اعلم باخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وحياته الخاصة وعفته اكثر من غيرهم (لانهم عايشوه وعاصروه) ولديهم الحافز والقدرات التى لم تتوفر لغيرهم وبالتالى شهادتهم وعجزهم تأخذان فى المقام الاول فى الاعتبار والقيمة عن اى عجز و شهادة اخرى سواء كانت ايجابية او سلبية "ولكن يأبى (المولَّدون) إلا الجدال في ما لم يجادل فيه ألدّ خصوم هذا النبي من المعاصرين له، ممن لم يتورعوا عن محاولة سفك دمه صلى الله عليه وسلم وإهدار عرضه!! " (مصدر القرآن .. دراسة لشبهات المستشرقين حول الوحي المحمدي - الدكتور ابراهيم عوض ص56)
و فى هذا رد على كل جاهل مدعى سائر على خطى الحاقدين المتربصين وتحت هذا المعنى يقول ايضا الدكتور محمد عمارة فى كتابه شبهات حول القرآن الكريم "إن هذه الشبهات قد أحدثها خصوم الإسلام فى العصور المتأخرة ، وليس بينها شبهة واحدة ترجع إلى عصر البعثة والوحى والتنزيل .. فأغلب هذه الشبهات تحاول الزعم بوجود تناقضات واختلافات بين آيات القرآن الكريم .. وإذا كان القرآن قد تحدى خصوم الإسلام منذ لحظة نزوله ، ليس فقط بالإتيان بشىء من مثله ، وإنما بالعثور على أى تناقض فيه ، وذلك عندما قال : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) [ النساء 82 ] .
ولما لم يؤثر عن أحد من خصوم الإسلام وأعداء القرآن ـ الذين تحداهم القرآن هذا التحدى ـ أنه قال بوجود أى تناقض فى هذه التناقضات المزعومة بين آيات الذكر الحكيم ، فإن جميع هذه الشبهات ـ إذن ـ طارئة ، أثارتها وتثيرها انتصارات الإسلام ورسوخ أقدامه فى الصراعات الفكرية الحديثة والمعاصرة ـ رغم الضعف والاستضعاف الذى يعيشه المسلمون . ".
وبالتالى فانهم عندما يرمون بمثل هذه الشبهات يثبتون حقدهم وجهلهم وتعصبهم وتحاملهم وهمجيتهم وخداعهم ومجافتهم للحق وكل ما قيل عنهم وسوف يقال .
ومن حاول معارضة القرآن فلن يخرج عن خطى" مسيلمة الكذاب " بجهله وحمقه , حاول معارضة القرآن الكريم فلم يكن فى جعبته إلا كلام من هذا القبيل :
" والليل الأطخم والذئب الأولم ، والجذع الأزلم ، ما انتهكت أسيد من محرم " !!
أو " واليلل الدامس ، والذئب الهامس ، ما قطعت أسيد رطب ولا يابس " !!
أو " والشاة وألوانها ، وأعجبها السود وألبانها ، والشاة السوداء واللبن الأبيض ، إنه لعجب محض ، وقد حرم المذق ، فما لكم لا تجتمعون " !
أو " يا ضفدع بنت ضفدعين ، نقى ما تنقين ، أعلاك فى الماء ، وأسفلك فى الطين ، لا الشارب تمنعين ، ولا الماء تكدرين ، لنا نصف الأرض ، ولقريش نصفها ، ولكن قريشاً قوماً يعتدون " !!
أو " والمبذرات زرعا، والحاصدات حصدا ، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والحافرات حفرا ، والخابزات خبزا ، والثاردات ثردا ، واللاقمات لقما، لقد فضلتم على أهل الوبر وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآوه ، والباغي فناوئوه " !!
أو " ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وأحشا ، ومن ذكر وأنثى " !!
أو " ألم تر أن الله خلقنا أفواجا ، وجعل النساء لنا أزواجا ، فنولج فيهن الغراميل إيلاجا ، ثم نخرجها إخراجا ، فينتجن لنا سخالا إنتاجا " !!
أو " الفيل ما الفيل ، وما أدراك ما الفيل ، له ذنب وثيل ومشفر طويل ، وإن ذلك من خلق ربنا لقليل " !!
أو " إنا أعطيناك الجواهر ، فصل لربك وهاجر ، إن مبغضك رجل فاجر " !!
أو " والشمس وضحاها ، في ضوئها وجلاها ، والليل إذا عداها ، يطلبها ليغشاها ، فأدركها حتى أتاها ، وأطفأ نورها ومحاها " !!
وكما هو واضح ، فكلام مسيلمة كلام سخيف وركيك ومبتذل وردئ وباهت وأقل من أن يُرد عليه أو أن يُلتفت إليه ، فما هو إلا سارق لآيات القرآن الكريم ومحرف لها ، ليأتى بسجع ثقيل وسخيف فى محاولة يائسة لمحاكاة نظم القرآن العظيم ، وقد ذهب كلام مسيلمة الكذاب إلى مزابل التاريخ مثلما ذهب كلام صناع " قرآن رابسو " و " الفرقان الحق " وغيرها من المحاولات الفاشلة التعيسة التى تثبت أن القرآن الكريم هو وحى الله الخالد الذى لا يُمكن لبشر أن يأتى بعشر كلمات من مثل كلماته !
وجدير بالذكر ان الاعجاز والتحدى اللغوى كان يشمل البيان الاسلوب والسور والايات والكلمات والحروف , والحلاوة التى تأخذ بالالباب ,
وتستهوى الافئدة
ويرد الامام الغزالى على من ينكرون نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم من طريق انكار معجزته فى القرآن فيقول فى كتابه الاقتصاد فى الاعتقاد :" وفي إثبات نبوته بالمعجزة طريقتان: الطريقة الأولى، التمسك بالقرآن، فإنا نقول: لا معنى للمعجزة إلا ما يقترن بتحدي النبي عند استشهاده على صدقه على وجه يعجز الخلق عن معارضته، وتحديه على العرب مع شغفهم بالفصاحة وإغراقهم فيها متواتر، وعدم المعارضة معلوم، إذ لو كان لظهر، فإن أرذل الشعراء لما تحدوا بشعرهم وعورضوا ظهرت المعارضات والمناقضات الجارية بينهم، فإذاً لا يمكن إنكار تحديه بالقرآن ولا يمكن إنكار اقتدار العرب على طريق الفصاحة ولا يمكن انكار حرصهم على دفع نبوته بكل ممكن حماية لدينهم ودمهم ومالهم وتخلصاً من سطوة المسلمين وقهرهم، ولا يمكن إنكار عجزهم لأنهم لو قدروا لفعلوا، فإن العادة قاضية بالضرورة بأن القادر على دفع الهلاك عن نفسه يشتغل بدفعه، ولو فعلوا لظهر ذلك ونقل. فهذه مقدمات بعضها بالتواتر وبعضها بجاري العادات وكل ذلك مما يورث اليقين فلا حاجة إلى التطويل. وبمثل هذا الطريق تثبت نبوة عيسى ولا يقدر النصراني على إنكار شيء من ذلك؛ فإنه يمكن أن يقابل بعيسى فينكر تحديه بالنبوة أو استشهاده باحياء الموتى أو وجود إحياء الموتى أو عدم المعارضة أو يقال عورض ولم يظهر، وكل ذلك مجاحدات لا يقدر عليها المعترف بأصل النبوات، فإن قيل: ما وجه إعجاز القرآن ؟ قلنا الجزالة والفصاحة مع النظم العجيب والمنهاج الخارج عن مناهج كلام العرب في خطبهم وأشعارهم وسائر صنوف كلامهم، والجمع بين هذا النظم وهذه الجزالة معجز خارج عن مقدور البشر، نعم ربما يرى للعرب أشعار وخطب حكم فيها بالجزالة، وربما ينقل عن بعض من قصد المعارضة مراعاة هذا النظم بعد تعلمه من القرآن، ولكن من غير جزالة بل مع ركاكة كما يحكى عن ترهات مسيلمة الكذاب حيث قال: الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب وثيل وخرطوم طويل. فهذا وأمثاله ربما يقدر عليه مع ركاكة يستغثها الفصحاء ويستهزؤون بها، وأما جزالة القرآن فقد قضى كافة العرب منها العجب ولم ينقل عن واحد منهم تشبث بطعن في فصاحته، فهذا إذاً معجز وخارج عن مقدور البشر من هذين الوجهين، أعني من اجتماع هذين الوجهين، فإن قيل: لعل العرب اشتغلت بالمحاربة والقتال فلم تعرج على معارضة القرآن ولو قصدت لقدرت عليه، أو منعتها العوائق عن الاشتغال به، والجواب أن ما ذكروه هوس، فإن دفع تحدي المتحدي بنظم كلام أهون من الدفع بالسيف مع ما جرى على العرب من المسلمين بالأسر والقتل والسبي وشن الغارات، ثم ما ذكروه غير دافع غرضنا، فإن انصرافهم عن المعارضة لم يكن إلا بصرف من الله تعالى، والصرف عن المقدور المعتاد من أعظم المعجزات، فلو قال نبي آية صدقي أني في هذا اليوم أحرك أصبعي ولا يقدر أحد من البشر على معارضتي، فلم يعارضه أحد في ذلك اليوم، ثبت صدقه، وكان فقد قدرتهم على الحركة مع سلامة الأعضاء من أعظم المعجزات. وإن فرض وجود القدرة ففقد داعيتهم وصرفهم عن المعارضة من أعظم المعجزات، مهما كانت حاجتهم ماسةً إلى الدفع باستيلاء النبي على رقابهم وأموالهم، وذلك كله معلوم على الضرورة. فهذا طريق تقدير نبوته على النصارى، ومهما تشبثوا بانكار شيء من هذه الأمور الجليلة فلا تشتغل إلا بمعارضتهم بمثله في معجزات عيسى عليه السلام. الطريقة الثانية: أن تثبت نبوته بجملة من الأفعال الخارقة للعادات التي ظهرت عليه، كانشقاق القمر، ونطق العجماء، وتفجر الماء من بين أصابعه، وتسبيح الحصى في كفه، وتكثير الطعام القليل، وغيره من خوارق العادات، وكل ذلك دليل على صدقه. فإن قيل: آحاد هذه الوقائع لم يبلغ نقلها مبلغ التواتر. قلنا: ذلك أيضاً إن سلم فلا يقدح في العرض مهما كان المجموع بالغاً مبلغ التواتر، وهذا كما أن شجاعة علي رضوان الله عليه وسخاوة حاتم معلومان بالضرورة على القطع تواتراً، وآحاد تلك الوقائع لم تثبت تواتراً، ولكن يعلم من مجموع الآحاد على القطع ثبوت صفة الشجاعة والسخاوة، فكذلك هذه الأحوال العجيبة بالغة جملتها مبلغ التواتر، لا يستريب فيها مسلم أصلاً. فإن قال قائل من النصارى: هذه الأمور لم تتواتر عندي لا جملتها ولا آحادها. فيقال: ولو انحاز يهودي إلى قطر من الأقطار ولم يخالط النصارى وزعم أنه لم تتواتر عنده معجزات عيسى، وإن تواترت فعلى لسان النصارى وهم مهتمون به، فبماذا ينفصلون عنه ؟ ولا انفصال عنه إلا أن يقال: ينبغي أن يخالط القوم الذين تواتر ذلك بينهم حتى يتواتر ذلك إليك، فإن الأصم لا تتواتر عنده الأخبار، وكذا المتصامم، فهذا أيضاً عذرنا عند إنكار واحد منهم التواتر على هذا الوجه".
يتبع بعون الله

muh-b88
04-05-2011, 05:16 PM
موضوع أكثر من رائع جزاك الله خيرا

shahid
04-05-2011, 06:29 PM
شكر الله لك يا بن النعمان
ومن حكمة الله البالغة ان قد جاء القرآن بين ظهراني عصر شهد اشعر الشعراء واحكم الحكماء . اما اشعر الشعراء فـ(لبيد )و(زهير) واما احكم الحكماء فـ(أكثم بن صيفي) صاحب الخطبة الشهيرة امام كسرى حينما ارسله النعمان بن المنذر . وكان ذلك في حال شبابه اما بعد عرك الدهر اصبح سيد قومه وكان يتكلم الدرر . ثم لما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم اراد اكثم الذهاب اليه ليختبره ولكن قومه اشاروا اليه ان يرسل رسولا ولا يذهب بنفسه - لا ادري هل يقصدون ان ذهابه يمس كبرياءه ام اشفاقا عليه من مشقة السفر ، هكذا قرأتها بلا تعليل ان لم تخني الذاكرة - ، وبالفعل ارسل رسولين وقال لهما قولا له : ما انت ومن انت . فذهبا واتيا النبي صلى الله عليه وسلم وقالا : نحن رسل اكثم بن صيفي ، انه يقول لك : ما انت ومن انت ؟ . قال صلى الله عليه وسلم : اما ما انا فأنا رسول الله واما من انا فأنا محمد بن عبد الله ، وقولا له : ( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون ) . عاد الرسولان الى اكثم بإجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما سمعها قال : والله ليكونن له شأن . ثم نصح قومه ان يتبعوه قبل ان يسبقونهم عليه الناس( فإن لكل سابقة فضل) .عذرا لا اذكر تفاصيل القصة جيدا ونصحي للقارئ قراءتها من مصدرها ، وهي قصة رائعة تستحق البحث ، كما اعتذر على نسياني المصدر ،لقد طال عهدي بها ولا اعتقد انه اقل من عشرين سنة .
الشكر مرة اخرى لإبن النعمان على هذا الموضوع الرائع .