المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام : أمل في نهضة



حمزة الأسد
04-20-2011, 03:18 PM
الإسلام رسالة إلهية كتب الله لها أن تظّل و تبقى ما بقيت هذه الدنيا. رسالة أوكل الله لنفسه مسؤولية حفظها من التحريف و التبديل و كيد الكائدين مرضى القلوب أعداء هذا الدين.وأوكل لنا نحن أمّة خاتم الأنبياء المصطفى محمد | صلى الله عليه و سلم | مسؤولية نصرته و نشره و الدعوة إليه بالتي هي أحسن.
كان الخوف كبيرا بعد وفاة النبي | صلى الله عليه و سلم | من أن تتفرق هذه الأمة فخرج عليهم أبى بكر الصديق| رضي الله عنه | و قال قولته الشهيرة :
" من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات, و من كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت "
فمحمد | عليه الصلاة و السلام | ليس إلا رسول أدى أمانته و بلّغ رسالته و عهد إلى المسلمين من بعده مواصلة المشوار و رفع كلمة التوحيد " لا اله إلا الله " عاليا.
أحمد الله حمدا كثيرا أنه جعل للإسلام حينها رجالا من طينة أبى بكر, رفعوا لـواء إسلامنـا و بذلوا دمائهم في سبيل الله,أدوا أمانتهم و صدقوا الله ما عاهدوه عليه و لولاهم ما كنا اليوم مسلمين و لكان الإسلام حديثا يروى لا حقيقتا قائمة .
انتقلت راية الإسلام من جيل إلى جيل حتى وصلت إلينا فلم تجد رجالا من طينة أبى بكر لرفعها بل وجدت دينا بلا رجال و بقايا أمة مشتتة و منتشرة في الأرض . ما نحن فيه اليوم من تخلف هو نتيجة للجمود و الإقصاء الذي عان منه العقل المسلم طيلة هذه الفترة فالأمم و الحضارات تتقدم و نحن في مكاننا و إن حصل و تحركنا فالأرجح ستكون خطواتنا للوراء.
جهلنا بتاريخنا الإسلامي : تسبب لنا في تجردنا من قيمنا و الانسلاخ عن جلدتنا و تستر خلف مبادئ و قيم الحضارات الأخرى , هذا الوعي التاريخي هو ما يفتقد إليه المفكرون العرب المسلمين إن وجدوا , فهم لم يتشربوا روح الحضارة الإسلامية و لم يدركوا إلا قشورها و بذلك قد فقدوا أحسن ما في الإسلام, إن أغلب دراساتهم و بحوثهم تكون عن الغرب و حضارتهم محاولين نقل النموذج الغربي إلى العالم الإسلامي لكن هؤلاء العرب ممن يدعون التفكير غاب عنهم أن المفكرين الأوروبيين كانوا و لازالوا ينسجمون مع بني جلدتهم من المسيحيين و لا يعادونهم .بل هم لا يختلفون عنهم في أسلوب حياتهم و تفكيرهم العملي أما أحرار التفكير في العالم العربي فهم يختلفون عن بني جلدتهم من المتدينين و يحتقرونهم لا لشئ فقط لأنهم تشبعوا بدراسة الغرب و تركوا الكنز الذي أمام أعينهم ألا و هو تاريخ الحضارة الإسلامية .
لما كان عمر الإسلام سنين عدد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصون على أبناءهم الغزوات و الحروب التي عايشوها مع النبي صلى الله عليه و سلم أما في هذه الأيام فالتاريخ المدرس فهو تاريخ الحضارات الغربية أما تاريخنا الإسلامي فهو مغيّب فتجد أبناءنا في جهل بأصولهم حتى أنهم حفظوا أسماء شخصيات تاريخية غربية و إن سألتهم عن شخصيات من التاريخ الإسلامي أو حتى عن الصحابة الكرام ستجد منهم الاستغراب و الجهل.حتى لو قلنا أن هذا واقع فرضته علينا الحكومات المتأسلمة وليس لنا منه مفرّ , أين التربية الأسرية أين الآباء و الأمهات <؟>
" الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيّب الأعراق"
أنت يا أخت بارك بك الله أملنا لخلق جيل قوي غير مشبوه فلقني طفلك الإسلام و قيمه و أخلاقه منذ الصغر و لا تنسي أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.
علينا نحن العرب المسلمين أن نعلم فضل الإسلام علينا, فبإسلامنا دخلنا التاريخ و لّما خناه خرجنا من التاريخ أذلة مطرودين فلم تنفعنا لا عروبتنا و لا قوميتنا و صدق من قال :
" كنا أذلّة على الأرض حتى أعزنا الله بالإسلام فمن ابتغى العزة في غيره لن يفلح".
لو تجمع العرب كلهم بلا دين لتحرير فلسطين ما نجحوا في ذلك, ديننا هو وجودنا و ترياق خلودنا و هو سبيلنا إلى الخلاص من البلاء الذي أصاب الأمة.
صدق الكذوب : لطالما كنت أختلف مع كل ما يكون مأتاه الغرب و لكنى اتفقت معهم في مسألة | صدق الكذوب | تصنيفنا في العالم النامي فنحن بحق ما زلنا لم نبلغ مرحلة الرشد و نواجه مشاكل تأخر النمو . كلما رأيت طفلا يسير في هدوء و خوف خلف والده إلا و تذكرت مصيبة المسلمين فنحن نسير في هدوء و صمت خلف مجموعة الدول المتقدمة,كثيرا ما أستحضر قوله تعالى:
"يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم
يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فستكسوني أكسكم "
وأقارنها بواقعنا فأجد ملبسي صينيا و مطعمي فرنسيا و مركبي ألمانيا...ولا أجد من العربي غير نفسي, أصبحنا نتضرع و نسأل الغرب حاجاتنا عوض التضّرع لله | عزّ و جلّ | .
هل خلقنا فقط لنستهلك <؟>
عشنا و سنعيش عالة على هذه الأرض و على غيرنا, اعتمدنا على الغير في أبسط الأمور حتى أبسط الملابس التي تصنع في بلاد العرب تجد الآلة التي صنعت بها غربية.
ماذا صنعنا نحن لهذا العالم <؟>
ما يؤلمني حقا هي نظرة الرضا بالأحوال التي أرمقها في أعين شبابنا و نظرة العجز في أعين آخرين ,تلك النظرات التي تحط من عزيمتي كلما باشرت عملا ما , يعتقدون أن تقدمهم يكمن في تلك الطائرات و السفن و المدن...بل تلكم مظاهر تقدمهم لكن الفرق هو أنهم قوم استغلوا ما عندهم و ما رزقهم الله في خدمة دنياهم أما نحن فقد سخر الله لنا الأرض جميعا في خدمتنا وجعلها لنا ذلول فما استفدنا منها شيء , عقولنا التي ميزنا بها الله عن الحيوان جمدناها ومنعناها من التفكير فأصبحنا كالأنعام بل أضل سبيلا .

الأمل بجانب الله يحلو و لا أمل بدون عمل: إدراك العلياء ما أبتغي ورفع راية الإسلام و المسلمين هدفي فيوم يكون المسلم أدنى من غيره فلا كرامة لدين يعتنقه , لزام علينا اليوم تغيير هذا الواقع و محو تلك النظرة اليائسة و البائسة من أعين شبابنا نحن في حاجة إلى شباب قوى العزيمة عالي الهمة يبدأ المشوار < المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير> فأول الغيث قطرة وسيتبعها سيل بتوفيق من الله .

شباب الحق للإسلام عودوا فأنتم مجده وبكم يسود
وأنتم سرّ نهضتـه قديـماً وأنتم فجره الباهي الجديد
شباب الإسلام يأب أن يذل وأن يهون و قادر على إدراك العلياء إذا ما كدّ وجدّ ,فانتظار الفرج لن يغير من واقعنا شيء بل السعي نحو الفرج و التغيير هو السبيل < فلا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم > و حتى إن فشلنا سيكفينا شرف المحاولة و التمتع بنشوتها .
يأسن الماء إذا الماء ركد :العالم الإسلامي مليء بالكفاءات القادرة على تقديم الإضافة و الرقي بالمسلمين إلى مصاف الكبار لكنها جميعا كفاءات خارج الخدمة فأغلبهم عانى أو يعاني من البطالة و حتى إن اشتغل سيكون بعيدا عن تخصصه إلا من رحم ربي , سيسأل بعضكم ما قصدي من عبارة يأسن الماء إذا الماء ركد أجيب و أقول أن الماء إذا خمل و ركد واتكل وكسل أسن وتعفن.. و حامل العلم حاله حال الماء فإذا ما خمل وكسل وركن، أسن.
قضايا تشغل بال المسلمين: كلما نظرت للساحة الإسلامية و لمشاغل المسلمين عامة إلا و انتابتني حالة من الإحباط و رغبة في الانعزال عنهم و عن قضاياهم. فلو لم أكن على يقين بأن عمر الإسلام فاق الأربعة عشر قرنا لانتابني الشك في ذلك.النقاب,الحجاب,قطع يد السارق,... تلكم هي القضايا الشائكة و المصيرية التي شغلتنا نحن المسلمين عن التقدم و عطلت سير ركب الإسلام و المسلمين حتى تجاوزته الأمم الأخرى, تركنا كبار الأمور و انشغلنا بأتفهها و ما عرفنا من الإسلام غير قشوره و لم نتمتع بمذاق لبه الجميل.
قضايا لم تشغل بال المسلمين: يوجد اليوم أكثر من مليار مسلم منتشرين في شتى أصقاع العالم أغلبهم جاهل باللغة العربية التي نزل بها القرآن , حتى نحن العرب أصبحت لغتنا الأم آخر اهتماماتنا و تنكرنا لها و لولا القرآن الكريم الذي حفظها لاندثرت من على وجه البسيطة.
لو تأملنا في أسباب سيطرة دول كالولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا على العالم سنجد أن للغة دور أساسي في ذلك.. فهذه الدول سعت ولازالت تسعى حتى تكون لغاتها مواد أساسية تدرس في مختلف أنحاء المعمورة فتكون بذلك وسيلة تساعدها في بسط نفوذها و نشر ثقافاتها و التغلغل داخل مختلف المجتمعات و التأثير فيها حتى تمكنوا من زرع قيمهم الغربية في نفوس البشر في غفلة من الجميع .
المصيبة أن أحدا من المسلمين و الحكام العرب لم يلتفت إلى إخوانه المسلمين في اندونيسيا ,الهند ,...و فكّر ولو تفكيرا في تمكينهم من اللغة العربية, كيف لهم أن يتذوقوا سحر القرآن إن كانوا جاهلين باللغة التي نزل بها, كيف لهم أن يلتمسوا مواضع الجمال و البلاغة فيه و أسلوب بيانه و هم الجاهلون بالعربية. كيف لهم أن يعرفوا معجزة رسولنا الكريم و مواضع الإعجاز في القرآن. كيف لنا أن نتوحد إن لم تكن لنا لغة تجمعنا و تمكننا من التواصل <؟> .
حملات التبشير و التنصير تغلغلت داخل مجتمعاتنا تدفع المسلمين للارتداد عن دين الحق و اعتناق المسيحية فنجحوا في ذلك و حملوا العديد من المسلمين إلى الردة لا عن قناعة بل طمعا في عيش أ يسر و مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم فهذه الحملات مدعومة من الحكومات الأوروبية و الأمريكية و تخصص لها ميزانيات هائلة و كل الوسائل فيها مباحة ,حصل في اندونيسية البلد ذي الأغلبية المسلمة و الحكومة المسيحية أن مسلما تحصل على وظيفة بعد فترة طويلة من البطالة و ما إن استقرت أحواله حتى فاجئه مديره قائلا : إما أن تتنصر أو تفصل عن العمل فما كان منه إلا أن تنصر و عائلته ,أما في مجال الدعوة فحدث و لا حرج فهذا المجال يعرف ركودا منذ انقطاع الفتوحات الإسلامية . أذكر حادثة أنقلها لك أخي و أختي القارئة عن الشيخ الغزالي رحمه الله أن أمريكيا هداه الله إلى الإسلام حديثا قال للشيخ نحن الأمريكان أوصلنا لكم الكوكاكولا إلى الكهوف و أنتم استكثرتم علينا كلمة لا اله إلا الله ...
أهذا ما عاهدنا عليه الله ؟
أرض المسلمين تغتصب على مرأى من أعيننا في بلاد العراق و فلسطين, مواضع عديدة من جسدنا الواحد تشتكي و تتألم و لم يعرها سائر الجسد أي اهتمام بل قابلها باللامبالاة,وكأن أجهزته الحسية أصيبت بالعجز و الشلل.
و ربّ الكعبة أكاد أجزم أنه لولا العناية الإلهية بهذا الدين لغربت شمس الإسلام و اندثر.
خاتمة :
انطلقت في هذا المقال بالحديث عن الوعي التاريخي و سأنتهي بالحديث عنه لما يكتسيه هذا العنصر من أهمية بالغة في التأثير على المستقبل و في وضع أطر و ضوابط تدور بموجبها عجلة الحياة . الوعي التاريخي يعتبر جزءا أساسيا من ثقافة أية أمة حريصة على بناء مستقبلها ضمن قيمها الخاصة. بحيث يكون الاعتبار بالتجارب التاريخية ضرورة لكن، دون اتخاذها أصلا يُبنىَ عليه فزمن المعصومين انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم.

حمزة الأسد
04-20-2011, 03:21 PM
لو أن أهل الإسلام أكرموا أنفسهم و أعزوا هذا الدين و صانوه لخضعت لهم رقاب الجبابرة و انقاد لهم الناس و كانوا لهم تبعا. بما أن الحاصل هو العكس فقد خضعت رقاب أهل الإسلام لجبابرة العالم و كانوا لهم تبعا.
كانت لي و نفسي جلسات طويلة حاولت فيها وضع يدي على أصل الداء الذي أصاب الأمة حتى يصير العلاج يسيرا, فإن كنا حقا على أبوب نهضة فلندرس بدقة و بصيرة أسباب ما أصابنا..فالعافية لا تكون بدواء عشوائي ...و النصر لا يكون بخطوات عشوائية, بل بالاعتبار من النكسات التي أصابت الأمة على مرّ أربعة عشر قرنا مرّوا و العودة لأسبابها و طرح النزاعات السياسية التي كانت بين الصحابة _رضوان الله عليهم_ واستخلاص العبر منها, قد يقول أحدكم ما لنا و أحداث أكل عليها الدهر و شرب بل و غسل منها يديه أيضا ؟؟ و قد تجدونه صرفا عن الوضع الراهن و الهاء عن الحاضر ...
كيف تصرف أمة عن تناول مرحلة التأسيس فيها ,تلك كانت الفترة التأسيسية لهذه الأمة و دراستها دراسة عميقة تقويمية أمر لا مناص منه إن أردنا تجاوز مخلفاتها التي لا تزال تتحكم في فكر و واقع الأمة إلى اليوم.
إن استرسل المسلمون في هذه الأخطاء القديمة ستكون العواقب وخيمة ستزيد جراحهم عمقا و يتقلص الأمل في شفائهم.يخشى المسلمون المعاصرون دراسة حياة الصدر الأول دراسة تقييم و نقد متعللين بأن في ذلك سب للصحابة الكرام و تعدي عليهم و طعن في عدلهم...إن ما نقل لنا عبر مرّ التاريخ من أخبار الصحابة لم يتناول إلا الفضائل و المحاسن, نقل صوّر لنا الصحابة على أنهم معصومين بل وصل إلى حد تجريدهم من صفتهم البشرية فكان نقلا منقوصا حال دون خوض الكثيرين في ما شجر بين الصحابة _ رضي الله عنهم _ لكن واقعنا اليوم يحتم علينا الخوض فيها و حاجتنا إلى الدفاع على المبادئ أكبر إذا ما أردنا أن نستعيد شيء من كرامتنا والعيش طبقا لرسالتنا الخالدة .لكن على من أراد تناول ما شجر بين الصحابة الكرام التسلح بالعلم و العدل أولا و وضع حد فاصل بين مكانة الأشخاص و قدسية المبادئ ثانيا .
* * *
تخلف المسلمين أمر لا ريب فيه و لا يختلف عليه اثنان لكن الاختلاف يكون في مسبباته , جمعني حديث مع الكثيرين وجدت أنهم يميلون إلى مسببات خارجية يكيدها لنا غير المسلمين ممن يريدون للإسلام و المسلمين الذل و المهانة ,الغالبية الساحقة من المسلمين يؤيدون نظرية المآمرة التي يحيكها لنا الغرب غاضين أبصارهم عن أهم العوامل التي سببت هذا التخلف,هي العوامل الداخلية النابعة من أحشاء المجتمع الإسلامي.لست أنكر نظرية المآمرة فذلك واقع الإسلام من أول الزمان فهو عرضة للهجمات من الجميع و لكنى أسعى إلى تطهير الداخل من الشوائب التي أدت إلى تمزيق المجتمع الإسلامي.
لو عدنا بالتاريخ إلى السنين الأولى من عمر الإسلام, خاصة في حياة الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ لوجدنا أننا كنا جمعا يخشى و بعد وفاة النبي وخاصة بعد هدم الخلافة الراشدة صرنا فرقا ينهش بعضها لحم بعض وهذا و ربك غاية الخسران.ذاك ما جلبناه لأنفسنا, ليس نتيجة تآمر علينا, فالفتن التي دكت صرح الأمة الإسلامية لما بويع علي بالخلافة و التي تطورت إلى حروب بين العلويين و الأمويين و الخوارج...لا تزال ترمي بظلالها على المسلمين إلي يومنا هذا.
بسبب ما سبق تراني دائم التشجيع على خص علم التاريخ بجانب من وقتنا فمن مزايا التاريخ انه يسجل الوقائع ويستخلص منها العبر _ تاريخنا في كلا الأمرين مقصر فلا سجل لنا الوقائع كما هي بل أغلبها نقلت على أيدي مؤرخين عجم و لا استخلص منها العبر_ و الرجوع إلى الماضي هو السبيل لتجاوزه هو و الحاضر إلى المستقبل.
* * *
المعرفة عند المسلمين : لا تتجاوز حدود التقليد فنحن نؤمن و نصدق ما يلقنه لنا الأساتذة و ما نقرأه في كتب المفكرين الغرب من نظريات علمية و فلسفية و سياسية...و سرنا على ما لقنوه لنا دون أن نشعر و دون أن نعلم أننا لسنا ألا مقلدين . كل مسلم باحث عن المعرفة إلا و تجده يلتمس فلسفة بعض الغربيين المعاصرين الذين لم يصل مستواهم إلى ما وصلت إليه أصالة السابقين من علماء و فلاسفة الإسلام و كأن حدود الزمان بالنسبة للمسلم تنتهي قبل قرنين أو ثلاث.وليس في كلامي هذا استصغار و أو استنقاص لمجهود الفلاسفة المعاصرين أمثال "ماركس" "ديكارت" "سارتر" لكن أردت فقط التنويه إلى ان كتبهم مدينة بالكثير لكتابات الأوائل ,ومع هذا فإن تأثيرهم خاصة في عالمنا الإسلامي هو أضعاف تأثير عظمائنا .هذه دعوة لشبابنا للغوص أعمق في التاريخ و توسيع نطاق بحثهم و تحطيم حدود الزمان المعاصر أو القريب حتى يتاح له التعرف و الإطلاع على زاد فطاحلة الإسلام ,فبالتأكيد سيجد فيها ما هو صالح لزماننا هذا و أهم ما سيجد فيها أنها تتماشى و أصولنا الإسلامية.
* * *
الصنم الغربي: حارب الإسلام الجاهلية و عبادة الأصنام قبل ألف و أربعة مائة سنة و طهر الجزيرة من هذا الشرك و حول الناس من عبادة الأحجار إلى الإسلام و عبادة الواحد القهار. لكن حاضرنا اليوم لا يختلف كثيرا عن ماضينا , لقد اتخذنا الغرب إلها دون الله إما شعوريا أو لا شعوريا و أصبحنا ننشد رضا الغرب عنا بدل رضا الله , ما يحز في نفسي أن أرى العديد ممن يريدون ترميم بنيان الإسلام يعتمدون في ذلك على النموذج الغربي و وثق ضوابط غربية حتى طوروا المجتمعات العربية على طراز الفكر الغربي و هذا ليس إلا تطورا سطحيا تشبهنا فيه بالغرب في الظاهر و لكن تخلفنا لا يزال على حاله في الداخل .قد ساعدت الظروف الاستعمارية السياسية و الاقتصادية و الفكرية في وقت ما في تعميق هذا التأثر و في تكوين هذه العقلية الانهزامية لدى العديد فحين كان الغرب يجني ثمار التقدم كان العالم الإسلامي يضمد جراحه بعد سنين عجاف من الاستعمار الذي دمر أي بوادر للنمو أو تطور و هذا ما خلق تلك الفجوة بيننا و بينهم ,وحط من عزيمة الكثيرين المعتقدين أن ما توصل له الغرب حلم صعب المنال وكأن الغرب ليس بمجتمع بشري مثله مثل البقية و أن ليس بالإمكان أفضل مما كان .ليس من داع لهذه العقلية الانهزامية فما كان هو أحد الممكنات و ليس الكل و المجتمع الغربي ليس إلا مجتمعا بشريا له ما لنا , سخر ما له في خدمة دنياه و سخرنا ما لنا في خدمة الغرب.
ما كان في الغرب هو أحد الممكنات و ليس الكل و ليس الأحسن يكفي ذكر شلالات الدماء التي سالت حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم ,لكن كما سبق و قلت العديد من الظروف ساعدت على تكوين هذه العقلية الانهزامية لدى العرب حتى رأوا ما ليس بالحسن حسن .
يُقضى على المرء في أيام محنتهِ *** حتى يري ما ليس بالحسن حسنا
* * *
الخطاب الديني: إلى متى سيقتصر الخطاب الديني على النهى عن الحرام و متى سيخرج من دائرة الترهيب و الترغيب ؟
طالما تبادر إلى ذهني هذا السؤال.الساحة مليئة بأشباه الشيوخ و العلماء ممن ظلوا يعيدون نفس الخطاب حتى حفظوه,
علماء و شيوخ في حقيقتهم عوام خلفوا أجيال لا هم في دنيا و لا هم في دين. على هؤلاء أن يعوا عظم مسؤوليتهم في تكوين الناشئة و تلقين الإسلام بالطريقة السليمة التي تراعي كلا من الدارين _ الدنيا و الآخرة_ قال صلى الله عليه و سلم _ خيركم من لم يترك دنياه لأخرته و لا آخرته لدنياه.ولكن خيركم من أخذ من هذه و هذه_ حان الوقت للخوض في مواضيع أعمق ترعى مصالح هذه الأمة الدنيوية و إخراج الإسلام من سجنه الذي وضعوه فيه غصبا حتى يعلم العباد أنه دين عام و شامل فيه أسس بناء أرقى المجتمعات .
ازدحام ميدان الدعوى بذوي المعلومات الكاسدة و التجارب القليلة لن يعود علينا إلا بالسوء فدين الله أشرف من أن يتكلم فيه مثل هؤلاء الحمقى مدعي العلم . أنهي بكلمة للشيخ محمد الغزالي تختزل العديد من المعاني _ من المستحيل أن تصلح الأوضاع السياسية للمسلمين إذا كان الدين في وعيهم يهتم بفقه الحيض و النفاس,ولا يكترث لفقه المال و الحكم ._

* * *
نفر من المتدينين عبئ على الأرض : تسببوا في ترك انطباع سيء عن الإسلام و المسلمين لدى الغربيين و حتى لدى المسلمين أنفسهم بعد أن صار أغلبهم جاهلا بدينه و عقيدته فباتوا يقيمون الإسلام حسب سلوك فئة من المسلمين و هذا ظلم للإسلام فليس منن العقل أن نقيم الإسلام حسب سلوك المسلمين و لا حني أن نقيم المسيحية أو اليهودية حسب سلوك اليهود أو المسيحيين .فالبعض من المتدينين تطرف إلي مواقفه إلي حد الانحراف عن الإسلام الذي هو دين التوسط و الاعتدال.
وقد ساعد هؤلاء على تنفير الناس من الإسلام و إقصاءه من الحياة السياسية بتصويرهم للحكم الإسلامي المنشود تصويرا مثيرا للاشمئزاز أفقد الإسلام حق الحياة.


* * *
نشر الدعوة الإسلامية: بين المسلمين أنفسهم بات أمرا واجبا فالشارع العربي أصبح خال من الدين لأسباب عديدة ذكرت منها فيما سلف تدني مستوى الخطاب الديني و حصر الدين الإسلامي في فقه الحيض و النفاس ,الفكر الإسلامي عام و شامل و يرمي بظلاله على كل المجالات عكس ما راج من شبهات كان مصدرها أعداء الإسلام ,لكن المسلم البصير لن تنطلي عليه مثل تلك الحيل إذا كان له زاد كافي من العلم _ و هذا ما يفتقده أبناءنا _ و المعرفة تمكنه من درء هذه الشبهات و رد الاعتبار للإسلام الذي جاء لينظم تبادل الخدمات بين الناس في إطار يضمن للكل حقه ,فالإسلام وضع أسس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية مستندا في ذلك على العدل و المساواة.
العقل والحق والتاريخ أعلنها ما في سوى دينكم حظّ لمختار
* * *
حماس أجوف : ذلك الذي أراه في مجموعة من الشباب _ باستثناء قلة _ ممن ينشطون تحت مسمى إسلامي رغبتا في خدمة الإسلام,لكنهم زادوا الطين بلة,و فعلهم هذا لم يكن عن قصد بل كان عن حسن نية لكن يا إخواني حسن النية وحده لا يكفي فكم من أضرار لحقت بتراثنا الديني عن حسن نية, لست أثنيكم عن الدفاع على الإسلام و الله إني لأفرح فرحا شديدا من غيرة إخواني على دينهم لكني أريدكم أن تتسلحوا و تتزودوا بالعلم حتى تكسبوا تلك المعارك الفكرية , كثيرون اقتحموا هذا المجال دون زاد معرفي فخرجوا يجرون أذيال الهزيمة لهم و للإسلام معهم فكان ضرهم حينها أكبر من نفعهم و ساعدوا في تثبيت شبهات العدو .فحذاري من أن يجرنا هذا الحماس الأجوف إلى التهلكة .
تعلم فليس المرء يولد عالما *** و ليس أخو علم كمن هو جاهل
* * *
كيف يهزم الإسلام في معركة لم يدخلها: إقصاء الإسلام من حياة السياسة والحكم عليه بالفشل أمر لا مبرر له, بعض المرضى يحتاج صدمات كهربائية لتصحيح وعيه حني يتسع للإسلام بمفهومه العام و الشامل و لا يكتفي بالجانب الروحاني .أحكام مسبقة على فشل الإسلام إما استنادا لتجارب إسلامية سابقة كانت فاشلة كالتجربة الإيرانية _ تلك تجارب نسبت نظريا للإسلام و عرفت نشازا تطبيقيا _ أو ادعاءا بأن الإسلام كان سبب تخلف المسلمين و هذا ادعاء يرد على أصحابه لأن الإسلام رسالة تحارب كل أنواع التخلف و دعوة للعلم. يعبر مالك بن نبى ـ المفكر الجزائري الراحل ـ عن ذلك تعبيرًا صادقًا حين يقول: " إن التخلف الذي يعانى منه المسلمون اليوم ليس سببه الإسلام ، وإنما هو عقوبة مستحقة من الإسلام على المسلمين لتخليهم عنه لا لتمسكهم به كما يظن بعض الجاهلين ".الإسلام لم يخض بعد غمار هذا التحدي وهزيمته لا يقرها إلا الجاهل قليل الفهم .
* * *
لن أختم هذا المقال, سأتركه مفتوحا فما سلف ليس إلا القليل من الكثير الذي لم يسعه المقال أو غاب عنى لسبب أو لآخر لذلك أدعوكم كي نتعاون على تسليط الأضواء على مشاكلنا و تكثيف جهودنا لحلها.
وأتمنى أن لا تنسوا كاتب هذه السطور من دعوة بظهر الغيب
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم