المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لم يجعل الله الناس أمة واحــدة ؟



عبدالله الشهري
05-29-2011, 10:14 AM
قال تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين* إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم....) الآيـة

من أحسن ما قرأت في تفسير هذه الآية تفسير ابن عاشور، وقد طمعت في وضع خطوط تحت بعض العبارات ولكني تراجعت لأن كلامه كله قيّم في تفسير هذه الآية. قال رحمه الله:
"...ولكن الحكمة التي أقيم عليها نظامُ هذا العالم اقتضت أن يكون نظام عقول البشر قابلاً للتطوّح بهم في مسلك الضّلالة أو في مسلك الهدى على مبلغ استقامة التفكير والنظر، والسلامة من حجب الضلالة، وأن الله تعالى لمّا خلق العقول صالحة لذلك جعل منها قبول الحق بحسب الفطرة التي هي سلامة العقول من عوارض الجهالة والضلال وهي الفطرة الكاملة المشار إليها بقوله تعالى:
( كان الناس أمّةً واحدة )، وتقدّم الكلام عليها في سورة [البقرة: 213]. لم يدّخرهم إرشاداً أو نصحاً بواسطة الرُّسُل ودعاة الخير ومُلقّنيه من أتباع الرسل، وهم أولو البقية الذين ينهون عن الفساد في الأرض، فمن الناس مهتد وكثير منهم فَاسِقُونَ ولو شاء لَخلق العقولَ البشرية على إلهام متّحد لا تَعْدوه كما خلق إدراك الحيوانات العُجم على نظام لا تتخطّاه من أوّل النشأة إلى انقضاء العالم، فنجد حال البعير والشّاة في زمن آدم ـ عليه السّلام ـ كحالهما في زماننا هذا، وكذلك يكون إلى انقراض العالم، فلا شكّ أن حكمة الله اقتضت هذا النظام في العقل الإنساني لأنّ ذلك أوفى بإقامة مراد الله تعالى من مساعي البشر في هذه الحياة الدنيا الزائلة المخلوطة، لينتقلوا منها إلى عالم الحياة الأبديّة الخالصة إن خيراً فخير وإن شراً فشر، فلو خلق الإنسان كذلك لما كان العمل الصالح مقتضياً ثواب النعيم ولا كان الفساد مقتضياً عقاب الجحيم، فلا جرم أنّ الله خلق البشر على نظام من شأنه طريان الاختلاف بينهم في الأخور، ومنها أمر الصلاح والفساد في الأرض وهو أهمّها وأعظمها ليتفاوت الناس في مدارج الارتقاء ويَسْموا إلى مراتب الزلفى فتتميز أفراد هذا النوع في كل أنحاء الحياة حتى يعد الواحد بألف ( ليميز اللّهُ الخبيث من الطيب ) [الأنفال: 37]". أ.هـ.
[التحرير والتنوير: جـ 5 / ص187-188 ، دار سحنون]

مستفيد..
05-29-2011, 02:20 PM
" ولذلك خلقهم "
بارك الله فيك ورحم الله العلامة الطاهر بن عاشور..

أبو يحيى الموحد
11-26-2011, 12:04 AM
لا اله الا الله

أبو يحيى الموحد
11-26-2011, 09:13 PM
ولو شاء لَخلق العقولَ البشرية على إلهام متّحد لا تَعْدوه كما خلق إدراك الحيوانات العُجم على نظام لا تتخطّاه من أوّل النشأة إلى انقضاء العالم، فنجد حال البعير والشّاة في زمن آدم ـ عليه السّلام ـ كحالهما في زماننا هذا، وكذلك يكون إلى انقراض العالم، فلا شكّ أن حكمة الله اقتضت هذا النظام في العقل الإنساني لأنّ ذلك أوفى بإقامة مراد الله تعالى من مساعي البشر في هذه الحياة الدنيا الزائلة المخلوطة،
كلام رائع