المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامة عبد المجيد الشاذلى ..القيمة الفكرية لفقيه فى عصر الوعاظ



الازهرى
06-04-2011, 02:08 AM
العلامة عبد المجيد الشاذلى رجل من طراز فريد، وكأن القدر أبى الا ان يكتب قصيدة عصماء ، فكتبها... فكان الشاذلى هو هذه القصيدة التى لايجود بها القدرإلاقليلا..او اقل من القليل.. و قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «لا يخلو وجه الأرض من قائم بحجة إما خفياً مغموراً، وإما ظاهراً مستوراً».واحسب ان صاحب الحجة فى هذا الزمان، هو العلامة عبد المجيد الشاذلى، ولم اقل ذلك إلا عن دراية بكتب الشيخ وما فيها من علم، فاننى وجدت لهذا الشيخ الجليل عقلا راجحا واطلاعا واسعا ودراية بكتب شيخ الاسلام بن تيمية يقل نظيرها او ينعدم، وهو ينحوا فى مسلكه العقائدى منحى مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية.. ولم افهم كلمة الامام أ حمد رحمه الله حق الفهم عندما عاتبه بعضهم على تركه مجلس ابن عيينه وجلوسه للشافعى وكان الشافعى فى هذا الوقت شابا صغيرا لم يعرف، فكان من قول الامام احمد
لمن عاتبه.. اسكت فان فاتك حديث بعلو تجده بنزول ولا يضرك في دينك ولا في عقلك ولا في فهمك إن فاتك عقل هذا الفتى أخاف أن لا تجده إلى يوم القيامة ما رأيت أفقه في كتاب الله من هذا الفتى القرشي قلت من هذا قال محمد بن إدريس الشافعي، وفى رواية اخرى انه قال ان فاتك عقل هذا الفتى لاتدركه بعلو ولابنزول،،، فلما اصغيت لهذا الامام الجليل تمثلت لى هذه الكلمة بشرا سويا وادركت عمق فهم احمد وتمييزه لعقول الرجال، والحق اننى لم اجد فى الاتجاه السلفى مثل هذا العقل الفقهى المنضبط الا فى رجال معدودين ،ولكن اوسعهم دائرة هو العلامة عبد المجيد الشاذلى، فقد قام بأظهار المنهج السلفى فى القضايا المشكلة التى تخبطت فيها الصحوة الاسلامية فى العصر الحديث، ولعل نشأة الشيخ على كتب اصول الفقه هى التى منحته هذه البصيرة الناقدة النافذة الى حقائق الاشياء والمقدمة الاصولية لكتاب حد الاسلام تنبيك عن عقلية الشيخ التى لاتلتزم السطحية فى معالجة قضايا الشريعة وكان الشيخ مولع بمطالعة ودراسة علم اصول الفقه فى ستينيات القرن الماضى حتى كان رفاقه فى سجون عبد الناصر يلقبونه الشاطبى الثانى وهى نفس الفترة التى اطلقوا عليه فيها الشهيد الحى بسبب مواقفه الايمانية ضد طغيان شمس بدران حيث تلقفته زبانية التعذيب وغاب عن الانظار لمدة شهر واشيع انه استشهد فصلى بعضهم عليه صلاة الغائب ولا اذيع سرا عندما اقول ان العلامة الشاذلى هو اول من كشف الارجاء على حقيقته ونبه الى تغلغله فى مصنفات الاسلاميين المعاصرين وغيرهم وهو على رده للبدع كبيرها وصغيرها وخصوصا ما تعلق بالارجاء والتجهم الذى انتشر فى بعض مصنفات السلفيين يحرص على جمع الصف وعدم تفريق الكلمة ويدعوا للمناصحة بالحسنى وكف الاذى وعلى كثرة ما رماه سفهاء الاحلام من حدثاء الاسنان بالشائعات والاراجيف والاباطيل تجده لايذكر لهم اسما ولايصفهم بما ينفر عنهم وبلغنى عن الثقة انه ينهى عن القدح فى الدعاة وحسبك ما سطره فى اول كتابه الرائع حد الاسلام وحقيقة الايمان فقال اول مايتحلى به الداعية الى الله هو التعبير المهذب وان لايتناول مخالفه فى الرأى بالتجهيل والتسفيه والتنقص او التهكم والاستخفاف ...وانما المعالجة العلمية الموضوعية واذا اصابه شئ من ذلك فلا يقابله بالمثل وانما يدفع بالتى هى احسن., وقد كنت اتعجب
من هؤلاء الادعياء للعلم وكيف انهم يستخرجون من مؤلفات للشيخ مالم يقله فيزعمون انه يقول بالتوقف ثم يزعمون انه يقول بالتكفير ثم يزعمون انه يقول بكذا وكذا، فكنت اقول فى نفسى قاتلهم الله مالهم لايثبتون على فريه من المفتريات فأذا نصحهم احد بأن الشيخ لايقول بهذا ولم يقصد ما زعمتموه جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)
فكنت اتعجب من هؤلاء واقول لنفسى ان من يفعل هذا احد رجلين اما جاهل او مأجور ولكن ولله الحمد ان الناس لم يعد ينطلى عليهم هذا الزيف وللشيخ حفظه الله مؤلفات غير كتاب حد الاسلام الذى ناقشته جامعة ام القرى واوصت بنشره فنتفع به كثير من اهل العلم فى بلاد الحرمين الشريفين ومن احدث كتبه البلاغ المبين فى اربعة اجزاء وهو موسوعة ضخمة فى قضايا التوحيد الجزء الاول يتناول حقيقة الاسلام والايمان والتوحيد وحقيقة الكفر والشرك المقابلة لحقيقة الايمان والاسلام وختم هذا الجزء بمسالك معرفة التوحيد وكان مسلك العلم النظرى سادسهم واخرهم والجزء الثانى مخصص لعوارض الاهلية فتحدث عن التأويل والاكراه والتأويل المذموم والمقاصد والتأويل والمسائل الخبرية والمسائل العملية والاعراض عن المصادر الموثوقة والخطأ وانواعه والباب السابع من الجزء الثانى معقود للتأويل واوضاع واحكام القتال اما الجزء الثالث من موسوعة البلاغ المبين فهو معقود للاعذار بالجهل بين البدعة والسنة اما الجزء الرابع فهو للرد على شبه الجهمية المعاصرة فى الايمان والولاء والحكم والنسك والخطأ من اجل الاشراب ثم خصص الشطر الاخير للرد على جماعات الغلو والتكفير .................................................. .............................. .... وهو حفظه الله عندما يكتب يعتمد على الدليل من القران او السنة واقوال اهل العلم وخصوصا اقوال شيخ الاسلام وله دقة فى النظر لاتجدها لغيره وهو يتحاكم الى القواعد الاصولية فى كل ما يكتب وقد حباه الله مميزات منها الصبر على البحث فتجد ابحاثه متشعبة المسالك لايترك شاردة او واردة إلا احصاها فيجمع بين اطراف الادلة ويضع كل شئ فى موضعه فتجئ الابحاث والاجتهادات متعاضدة يشد بعضها بعض فلا تجد لصارمه نبوة ولالجواده كبوة
وقد كان شيخ الاسلام ابن تيمية هو الذى كشف عوار المتكلمين واغفالهم لتوحيد الالوهية وكانت جهود الشيخ عبد المجيد تصب فى هذا الاتجاه حيث قام بتحديد دقيق لتوحيد الالوهية فقال انه ثلاثة اركان اساسية
افراد الله بالنسك
افرادالله بالتشريع ورفض ما سواه
افراد الله بالولاية
فبين حفظه الله ان هذه الاركان هى معنى توحيد العبادة وان توحيد العبادة لايتحقق إلا بتحقيق هذه الاركان وان هذا هو معنى اسلام الوجه لله فلا اسلام ولا توحيد إلا بأفراد الحق جل شأنه بالنسك وهى العبادات مثل الصلاة والصوم والدعاة.... الخ وكذلك افراد الحق جل شأنه بالتشريع لعباده وان قبول التشريع من الله وحده شرط فى الايمان لان الايمان ليس مجرد التصديق بل اذعان لحكم الله وقبوله كما نقل القسطلانى فى شرح البخارى ولاسلام لا يتحقق إلا بقبول الاحكام لانه يعنى الخضوع والانقياد فمن لم يقبل تشريع الله وحده لم يحقق الايمان ولاالاسلام والشيخ حفظه الله يفرق بين نوعين من الطاعة
النوع الاول الطاعة المتعلقة باصل الدين وهى قبول التشريع من الله وحده والمخالفة فيها تكون شركا فمن استسلم لله ولغيره كان مشركا ومن رد امر الله عليه فهو مستكبر
النوع الثانى الطاعة المتعلقة بالدخول فى الاعمال وهى من الفروع فالنوع الاول هو الطاعة فى قبول التشريع والنوع الثانى هو فعل المفروضات والمندوبات وترك المحرمات والمكروهات فنقيض النوع الاول هو الشرك لانه قبول لتشريع غير الله ونقيض النوع الثانى هو المعصية
اما افراد الله بالولاية فهو ركن فى العبادة ولايتحقق الايمان والاسلام إلا بتحقيق هذا الركن ايضا والولاء للرسول صلى الله عليه وسلم ولجماعة المسلمين تبع لولاية الله عز وجل
وقد تواترت النصوص على كفر المخالف لهذه الاركان ولم يتأخر توجيه الخطاب بهذه الاركان بل هى اول ما دعى اليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهى اول دعوة كل رسول كذلك وهى الاسلام العام الذى اتفقت عليه الانبياء وان اختلفت شرائعهم وهذه الاركان الثلاث هى معنى العبادة ومعنى الاسلام ولايتحقق الاسلام الا بالاستسلام لها وهى معنى تحقيق كلمة التوحيد لان التوحيد لايتحقق بالكلمة ولكن الكلمة هى التى تتحقق بالتوحيد ، وعندما تقرأ مؤلفات الشيخ تجد بين يديك عشرات الادلة منثورة ثنايا هذه المؤلفات وعشرات الفوائد التى اجزم انك لن تجدها فى كتاب معاصر
احياء المنهج السياسى الاسلامى
يقوم العلامة عبد المجيد الشاذلى بدور اغفله المعاصرون من ابناء الاتجاه السلفى وهو احياء المنهج السياسى الشرعى ان اسئلة مثل ماهو المنهج السياسى الاسلامى ماهو موقف الاسلام من الحاكم الجائر هل الشورى ملزمة او غير ملزمة هل للأمة دور فى مشاركة الحاكم ماهو دور الحسبة فى تقويم الحكام ، الفارق بين جماعة التمكين وجماعة العلماء ماهى دار الاسلام ودار البدعة ودار الفسق ماهو ضابط السنة المحضة وسنة اهل الاتباع والسنة العامة الدرجات المتباينة فى اقسام الخارجين على السنة انقطاع الوجود الشرعى للامة واستمرار الوجود التاريخى احوال الامة من العصمة الى الاندراس ماهى اهداف الوجود السلفى وغاياته ماهو طريق الاحياء وكيف السبيل ان هذه الاسئلة وغيرها كثير يضع العلامة عبد المجيد الشاذلى الاجابات الحاسمة لها من خلال النص الشرعى اننى لااستطيع مهما حاولت فى هذا المقال المتواضع ان اجمع جوانب هذه الشخصية الموسوعية كل مافعلته هو اننى حاولت ان اصب المحيط فى اناء فلم افلح فى ذلك لكننى على يقين ان هذا الامام الذى هو فى استفاضة البحر يغمر ما يغمر ولا يتغير هو من بقية دعوة المرسلين
أنور الازهرى