المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبر فك طلاسم الثورة المضادة - 1 من 3



إلى حب الله
06-21-2011, 11:06 AM
فك طلاسم الثورة المضادة
( الجزء الأول من ثلاثة أجزاء )

صــلاح الامــام | 20-06-2011 01:03

قبل 25 سنة ربطتنى علاقة صداقة بزميل صحفى مجتهد كان يعمل معنا فى صحيفة يومية معارضة، كان مجتهدا بحق، ومحترفا فى الحصول على الخبر وصياغته، ويتمع ـ وقتها ـ بكثير من الوسامة تؤهله لأن يكون نجم سينما، لكن كان به نقطة ضعف خطيرة، هى تلك التى بسببها انتكست هامات وزالت عروش، وهى غرامه الزائد بالنساء، وولعه الشديد بالعلاقات النسائية المحرمة مهما كان الثمن، وكان العجيب فى زميلنا هذا أنه من النوع الذى يعشق نوعا معينا من النساء .. فهن غرامه وولعه وبسببهن يخوض مغامرات قد تهدد حياته.

كان زميلنا يركب حافلات النقل العام المزدحمة ليحشر نفسه بين الركاب، ثم يتخذ طريقه بهدوء كذئب أعمى نحو فتاة أو سيدة بين الركاب ليحتك بجسدها، وكثيرا ما تعرض للشتم والإهانة بل والضرب بالنعال بسبب أفعاله تلك، وذات مرة تمادى داخل أحد الأتوبيسات مع فتاة، وأقدم على فعل أكثر من قبيح، وانتهى به الحال إلى قسم الشرطة، ولما علمت إدارة الجريدة بما حدث تبرأت منه، وفصلته.

بعد مرور حوالى عشر سنوات وجدت اسمه فوق ترويسة صحيفة صفراء لا توزع أكثر من 100 نسخة، كرئيس تحرير، فى الوقت الذى أصبح فيه زملاؤه بجريدته الأم نواب رئيس تحرير، ثم أغلقت الصحيفة لفشله فى النهوض بها، فهو مازال متفرغا لاصطياد النساء، والجرى وراء بائعات المناديل الورقية بالاشارات.

فى العام 2001 التقيت به صدفة، فى مقر أحد الأحزاب تحت التأسيس، كمرشح لرئاسة تحرير صحيفة ذلك الحزب، ولم أعرفه، بل هو الذى تعرَف علىَ، وكانت صدمتى الكبرى أن يصل به الحال هكذا، فشعر رأسه الناعم الذى كان يتدلى على جبينه قد تساقط أغلبه، واحولت عيناه، وبدا وكأن عمره 60 سنة، ومع ذلك سعدت بلقائه، فقد كان بيننا "عيش وملح"، وجلست إليه نستعيد ذكريات الأيام السالفة، واسترجاع أحداثها.

لفت نظرى وأنا معه وجود فتاة فى العشرينات من العمر، ظننتها فى البداية ولدا، بل ولدا قبيحا، فى وجهه أثر لضربة مطواة أو خنجر، فإذا به يناديها باسم (؟)، إذن هى بنت، فقلت له: انت لسه ما تبتش؟ فقال لى ضاحكا وهو يعلم ما أقصد: يموت الزمار وايده بتلعب.

كانت صدمتى كبيرة حينما علمت بعد ذلك أن هذه الفتاة زوجته عرفيا، وأنه يصحبها معه فى كل مكان، ودخلت الوسط الصحفى من وراء ظهره، وبدأت تتعرف إلى عدد من الصحافيين ومن يسمون بـ "نشطاء المجتمع" المدنى، الذين ابتليت بهم مصر فى الأعوام الأخيرة !!.

بعد ذلك بعامين، كنت أعمل كمستشار إعلامى لمجموعة شركات صاحبها رجل أعمال معروف، وكان وقتها عضوا بمجلس الشعب، فإذا بالأيام تجمعنى بهذه الفتاة، كانت تأتى تتسول عملا أو مالا، أو أى شىء، ولما سألتها عن صديقى قالت بأنها لا تعلم شيئا عنه، وعرفت أن هذه الفتاة تسكن بمقابر الإمام الشافعى، ولا تحمل أى مؤهل دراسى، وليس لها من يسأل عنها، تهيم فى الشوارع والطرقات، تبقى ملابسها عليها لعدة أيان لا تتبدل، تقضى ليلها كل يوم فى مكان غير سابقه، وهكذا.

فى تلك الفترة كانت جريمة أمريكا فى احتلال العراق لم تتم بعد، فكنا نخرج كل يوم فى مظاهرات تندد بالعدوان الأمريكى على العراق وغزو أمريكا المنتظر له، وكنت أستعين بها فى توزيع بعض الدعوات أو النشرات، مقابل سندوتش فول أو جنيهات قليلة، واقسم بالله على أن ما أقوله صحيح خال من أى مبالغة، كانت شيئا لا قيمة له، شيئا مقززا لا تطيق أن تتحدث معها ولا تجلس إليها أكثر من ثوان.

وقعت الواقعة، ودخلت أمريكا العراق واحتلته، وأصبت مثل غيرى من الملايين بإحباط شديد، فقررت العزوف عن المشاركة فى أى تظاهرة، وانقطعت أخبار تلك الفتاة عنى، حتى جاءت أحداث مايو 2005، يوم الإستفتاء على التعديلات الدستورية، إذا بى أجد أن العالم كله ترك كل شىء، ولا يتحدث إلا عن واقعة التحرشات الأمنية بصحفيات مصريات، وكانت الصدمة الكبرى، التى زلزلتنى بحق، هو أن الصحافية الضحية هى نفسها تلك الفتاة، التى لاهى صحافية، ولا تحمل أى مؤهل دراسى، وليس لها سابقة عمل بأى جريدة، ولا تنتمى أصلا لجنس حواء حتى يتم التحرش بها، فهى أكثر خشونة من عساكر الأمن المركزى.

ثم توالت بعد ذلك أخبارها، فتم دعوتها من قبل بعض الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الحقوقية فى لندن وواشنطن وميونيخ وزيورخ ومونتريال ... والله هذا ما حدث !!!، وتقريبا تم عمل بعض جراحات تجميلية لها لإزالة "البشلة" التى كانت فى وجهها، لكن مازالت محتفظة بقباحتها التى عجز جهابزة طب التجميل فى العالم عن التعامل معها، ثم عادت إلى مصر بعد ذلك بشهور ..

نزلت فى مطار القاهرة .. كانت هناك سيارة ليموزين فى انتظارها، لكن هل ستذهب بها إلى مقابر الإمام الشافعى حيث تقيم وأسرتها؟ لا طبعا، اتجهت بها السيارة نحو أحد فنادق القاهرة الكبرى الواقعة على النيل بمنطقة وسط البلد، ليس هذا فحسب، بل كان معها موظف وموظفة يديران أعمالها، وجهاز كمبيوتر محمول متقدم جدا، وهى التى كانت أصابعها لا تجيد إمساك قلم الرصاص !!!.

يا للهول، كأنى أتابع فيلما سينمائيا، أنه واقع تفوق على خيال أعظم الكتاب والمبدعين، كأنى أتابع مسرحية "الزيارة" للأديب السويسرى العالمى فريدرش دورينمات (1921 ـ 1990) التى عرفت عندنا باسم "زيارة السيدة العجوز"، لكنى لا أتابع فيلما ولا مسرحية، بل أعيش واقعا مُرا أليما محزنا.

مَن وراء هذه الفتاة ؟؟.. مَن صنع منها نموذجا للصحافى والإعلامى والسياسى الوطنى الغيور على بلده والمضطهد فى وطنه؟، وما هو المطلوب منها أن تفعله فى مصر؟ وهل هناك مثلها تم تصديرهم خارج مصر لإعادة تصنيعهم وتشكيلهم ثم شحنهم من جديد إلى مصر؟ كم عددهم؟ وماذا فعلوا؟ وكيف خال على الغالبية أنهم أبطال؟.

تساؤلات كثيرة سنجيب عنها فى المقال القادم إذا كتب الله لنا فى العمر بقية ...