المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلان مقتطفات قرآنية ..



إلى حب الله
08-01-2011, 01:01 AM
--------
1... سورة الفاتحة ..
---------------

وهي مكية .. وعدد آياتها سبع بإضافة البسملة إليها والله أعلم ..
<وإن لم تكن البسملة آية فيها : فقد رجح البعض أن آيتها الأخيرة هي آيتين فتصير سبعا ً>

وهي السبع المثاني المذكورة في سورة الحجر 87 في قوله تعالى :
" ولقد آتيناك : سبعا ًمن المثاني : والقرآن العظيم " .. وعطف السبع من المثاني هنا على
القرآن العظيم : هو من عطف العام على الخاص ..
وقيل في سبب تسمية الفاتحة بالسبع المثاني : أنها تتكون من سبع آيات : وأنها تتكرر في
الصلوات وتعاد مرتين مرتين مع الركعات (لأن غالب الصلوات تتكون من ركعتين ركعتين ما
عدا صلاتي المغرب والوتر) ...
وأما الدليل من السنة على أن السبع المثاني هي الفاتحة .. فعن سعيد بن المعلى قال :
" قال لي النبي : ألا أ ُعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ؟.. فذهب
النبي ليخرج : فذكرَته (أي ذكرته بكلامه لي) فقال : الحمد لله رب العالمين : هي السبع
المثاني .. والقرآن العظيم الذي أوتيته " ... رواه البخاري ..
وسماها النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ً: أم القرآن : لاشتمالها على أكثر معانيه ومقاصده !
وسُميت أيضا ًبـ : الشافية : للحديث الشهير للصحابي الذي رقى بها ملدوغا ًفشفاه الله !!..
وأترككم مع الآيات بإيجاز ...
----
1)) بسم الله (أي الكلام التالي هو باسم الله) .. الرحمن الرحيم (الرحمة هي إرادة الخير
لأهله ومُستحقيه .. وقيل الرحمن : يشمل الرحمة العامة لكل المخلوقات : حتى الكافر
منهم .. وحتى الحيوان والطير .. إلخ وقيل الرحيم : هي الرحمة الخاصة بالمؤمنين !
ولا تخفى لطيفة اختيار الله تعالى لهذين الاسمين خصوصا ًمن أسمائه الحسنى ليبدأ بهما قرآنه :
ليُشجع حتى العاصي والمُسرف على نفسه : أن يقرأ كلام ربه الرحمن الرحيم ولا يخف !!) .....

2)) الحمد لله (إعلان الثناء على الله وحده : فالخير في يديه .. والشر ليس إليه : وإن كان
قد سمح بوقوعه لحِكمة إظهار كل مخلوق ٍمُختار على حقيقته من الخير والشر : ثم يُوفي
الجميع أعمالهم بعد الممات بغير ظلم ٍ) .. رب العالمين (أي رب جميع العوالم المخلوقة
مثل عالم الملأ الأعلى الملائكة وعالم الإنس وعالم الجن وعالم الطير وعالم الجماد وعالم
الحيوان وعالم النبات وما الله به أعلم .. وهنا لطيفة .. وهي الفرق بين الإله والرب .. فالإله
هو الذي يُعبد ويُطاع ويُذبح له ويُنسك له .. فقد يكون الإله هو العقل !!.. أو الهوى !!..
أو الصنم !!.. أو النجم !!.. أو المال !!.. أو الشهوة !!.. أو السلطة !!.. أو الإنسان !!..
وأما الله : فهو اسم إله المسلمين .. وأما الرب : فهو متولي تربية عباده والقائم على شئونهم !
مثلما نقول رب الأسرة وربة البيت وهكذا .. فالرب هو موجد المخلوقات ورازقها وهاديها
في حياتها : كلٌ لما خــُلق له .. ومن هنا : فالكافرين والملحدين : ورغم عنادهم وتكبرهم
على قبول ألوهية الله تعالى والانصياع له في العبادة والطاعة : إلا أنهم عند الحاجة وعند
التفكر : لا يُنكرون أن لهم ربا ًخالقا ًومبدعا ًورازقا ًومُجيبا ً!!!.. ولكن : لا ينفعهم اعترافهم
بالله تعالى ربا ًفقط من دون إله !!.. بل : هذا كان عين كفر قوم النبي صلى الله عليه وسلم !
حيث كانوا يعترفون بالله ربا ًولكن : قد صرفوا العبادة والطاعة والنسك لغيره من الأصنام !
فظنوا أنها تشترك مع الله تعالى في ملك الضر أو النفع لهم : وظنوا أنها تقربهم إلى الله
زلفى كما حكى عنهم القرآن .. ولعله من الغريب أيضا ًأن نجد اليوم مَن يسيرون على هذا
النهج من الإيمان برب ٍخالق : ولكن : يُنكرون أنه له أوامر وشرع !!.. وهؤلاء يُسمون بـ :
الربوبيين .. حيث أبت عقولهم الاعتراف بوجود أنفسهم والكون من دون خالق : ولكن
أيضا ًأبت نفوسهم المتمردة على الحق : أن تتقيد بقيود الشرع والعبادات) !

3)) الرحمن الرحيم (تكرر ذكرهما هنا للتأكيد عليهما من جهة .. ومن الجهة الأخرى :
يفيد بأن الله تعالى الذي هو رب للعالمين : فهو يتصف في تلك الربوبية بالرحمن والرحيم :
والتي تشمل معنى التقويم أيضا ًللعباد بالتربية والإصلاح لهم بالشدة تارة وباللين تارة ولكن :
في إطار الرحمة العامة للجميع : إلا مَن يُعاند منهم ويختار الكفر على الإيمان) !

4)) مالك يوم الدين (أي المالك الأوحد ليوم الجزاء والحساب : حيث في الدنيا يغتر
الجاهلون بملوكها من الإنس والجن ومن الأمم الجبارة .. ولكن يوم القيامة تظهر الحقيقة
للكل !!.. وهي أنه لا مالك في الحقيقة إلا الله عز وجل !!.. وأن الكل كان يُمتحن فيما
أمّره الله تعالى عليه في الدنيا !!.. ثم حان وقت الحساب والجزاء) ..

5)) إياك نعبد (والحديث هنا انتقل في أسلوبه إلى المؤمنين أنفسهم حيث يقولون لله تعالى :
إياك وحدك يا رب نعبد ونخلص في عبادتك وطاعتك بعكس المشركين وغيرهم) .. وإياك
نستعين (أي وبك وحدك نستعين في الحقيقة يا رب على كل شيء في حياتنا .. نستعين بك
على العبادة .. وعلى الاستقامة .. ونستعين بك : بما قد يترتب على هذه العبادة والاستقامة
من متاعب وابتلاءات في الحياة مع قوى الشر التي لا يُرضيها وجود العابدين المستقيمين) !

6)) اهدنا الصراط المستقيم (وهو دعاء ٌجاء أيضا ًبصيغة الجمع : ليؤكد على روح الجماعة
الإسلامية بين أفراد المجتمع المؤمن .. والذي يدعو أحدهم بالخير بصيغة الجمع له
ولإخوانه : حتى ولو كان يدعو منفردا ً!!.. والصراط المستقيم : هو الطريق القويم الذي لا
اعوجاج فيه .. وهو أقصر طريق للخير والنجاة : وهي سمة الحق دوما ًفي بساطته ووضوحه !
وكما يقولون : أقصر طريق بين نقطتين : هو الخط المستقيم !!.. ومن سمات الحق أيضا ً
أنه أبلج .. لا يحتاج لكثير لف ٍودوران لتزيين الباطل لإضفاء المنطقية عليه !!.. وأما الباطل
فهو دوما ًلجلج !!.. أي متذبذب متردد : ينفي الشيء حينا ً: ثم هو يُثبته في حين ٍآخر !!
وكل مَن تحدث مع كافر ٍأو ضال : لمس هذا الاضطراب في عقله ونفسيته وتفكيره) !

7)) صراط الذين أنعمت عليهم (وهم المؤمنين الذي رضي الله عنهم : ورضوا عنه .. ورضى
بهم الله عبيدا ً.. ورضوا هم بالله ربا ًوإلها ً) .. غير المغضوب عليهم (وهو صراط كل مَن
عرف الحق وتأكد منه : ثم تكبر عليه وجحده على علم !!.. وهؤلاء خير مثال ٍعليهم هم
اليهود) .. ولا الضالين (أي وغير صراط الضالين في هذه الحياة عن الحق : والذين لم
يهمهم حينا ًمن الدهر التبصر في مآلهم بعد الموت !!.. وهل هم على الدين أو المذهب
الصواب أم الخطأ في حياتهم ؟!!.. إذ ليس كل مَن وُلد مسلما ًدخل الجنة !!.. وليس كل
مَن وُلد غير مسلم ٍ: ظل على ما هو عليه ودخل النار !!.. بل قد وزع الله تعالى على البشر
كل ٍامتحانه بما يُناسبه لإظهار حقيقة كفره وإيمانه وإرادته للخير أو للشر ورضاه بأي ٍمنهما !
وهؤلاء خير مثال ٍعليهم هم النصارى) ..
--------
وأخيرا ً........

فإنه لعظمة سورة الفاتحة : فإني أنصح كل مسلم ٍومسلمة ممَن يشكو بالسرحان فيها أو
عدم التركيز أو الخشوع فيها وتدبرها .. أنصحه بأن يقرأها ببطء وليس بسرعة .. وأنصحه
أيضا ًبقراءتها بصوتٍ مرتفع ٍولو قليلا ًفي الصلاة السرية في السنة أو الظهر والعصر إلخ
فذلك كله يساعده في تدبر معاني ما يقرأ من القرآن في صلاته عموما ً: ومعاني ما يقرأ
من الفاتحة خصوصا ً: ولاسيما بعدما تجولت بكم في رحاب معانيها الزاخرة التي لا تنتهي !
ولا سيما أيضا ًوهو يستحضر التقسيم التالي لآياتها : والذي ذكره لنا أبو هريرة رضي الله
عنه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :
" قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين (والصلاة هنا بمعنى الدعاء :
حيث صور لنا الله تعالى سورة الفاتحة بأكملها : على أنها دعاء) .. ولعبدي ما سأل ..
فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين : قال الله تعالى : حمدني عبدي .. وإذا قال :
الرحمن الرحيم : قال الله تعالى : أثنى عليّ عبدي .. وإذا قال : مالك يوم الدين : قال :
مجدني عبدي (أي عظمني وشرفني - وفي رواية أنه قال : فوض إلي عبدي) .. فإذا قال :
إياك نعبد .. وإياك نستعين : قال : هذا بيني وبين عبدي .. ولعبدي ما سأل .. فإذا قال :
اهدنا الصراط المستقيم : صراط الذين أنعمت عليهم : غير المغضوب عليهم : ولا
الضالين : قال : هذا لعبدي .. ولعبدي ما سأل " ...
رواه مسلم وغيره ..

والله تعالى الموفق ..

إلى حب الله
08-03-2011, 06:33 PM
--------
2... سورة البقرة ..
---------------

وهي أول السور نزولا ًفي المدينة .. ومن هنا : فلنا أن نتخيل كمّ (( الفوائد )) التي جاءت بها
للمسلمين في بداية عهدهم المدني .. ولنا أن نتخيل كمّ الأحكام والتشريعات والتوجيهات
التي تضمنتها السورة لذلك : ولا سيما وهي أطول سور القرآن (جزءين ونصف تقريبا ً) ..
وعدد آياتها 286 آية .. وبها أطول آيةٍ في القرآن وهي آية الديْن 282 .. وبها أعظم آيةٍ في
القرآن وهي آية الكرسي 255 ..

وإن كانت سورة الفاتحة هي أم الكتاب : لاشتمالها على ما فيه إجمالا ً:
فسورة البقرة أيضا ًتكاد لم تخلو من لون ٍمن ألوان آيات القرآن إلا وبينته وذكرت منه
الشيء الكثير : بأكثر من سورة الفاتحة بالطبع ..

وهذا هو سر قوة هذه السورة على الشيطان وحزبه وأوليائه من الإنس والجن !!.. إنها تكاد
تكون بقوة القرآن نفسه !!.. فقد جاء في صحيح مسلم وغيره قول النبي :
" لا تجعلوا بيوتكم مقابر (أي من عدم قراءتكم بالقرآن فيها) .. إن الشيطان ينفر من البيت
الذي : يُقرأ فيه سورة البقرة " !!!..
وقوله أيضا ً:
" اقرءوا القرآن : فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا ًلأصحابه .. اقرءوا الزهراوين : البقرة وسورة
آل عمران .. فإنهما تأتيان يوم القيامة : كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير
صواف : تحاجان عن أصحابهما !!.. اقرءوا سورة البقرة : فإن أخذها بركة ! وتركها حسرة !
ولا تستطيعها البطلة (أي السحرة) " ...

وسُميت باسم البقرة : لورود قصة بقرة بني إسرائيل الغريبة فيها !!.. وفيها ما فيها من
الدروس والعبر لنا ولهم .. وسوف نستعرضها في وقتها إن شاء الله ..

وأما لو أردنا استعراض مقتطفات ما جاءت به السورة بحسب ترتيب المواضيع فنقول :

1...
بظهور الإسلام في المدينة كدولة متكاملة لها كيانها الذاتي لأول مرة منذ الاضطهاد في مكة :
فقد كان ذلك إيذانا ًبوجوب التمييز بين ثلاثة أصنافٍ من الناس :
المؤمنين .. والكافرين .. والمنافقين ..

>> فالمؤمنون .. من الآية 1 إلى 5 .. وصفاتهم :
" الم 1)) ذلك الكتاب (أي القرآن) : لا ريب فيه (أي لا شك فيه) : هدىً للمتقين (أي
الذين يتقون الله تعالى وعذابه ويريدون النجاة) 2)) الذين يؤمنون بالغيب (وهذه هي أولى
صفات المؤمنين المتقين - أنهم يتعاملون مع الجانب الغيبي من الحياة بالتصديق والإيمان :
ذلك انهم عرفوا أن الإنسان ليس مادة ًصرفا ً!.. فالروح والأحلام والرؤى التي تتحقق
بعد حين والجن وغير ذلك من الأمور الغيبية : تجعلهم يتقبلون عالم الغيب ولا يستغربونه
ويعرفون أنه لا ينحكم بقوانيننا المادية التي نعرفها) ويُقيمون الصلاة (حيث بعد إيمانهم بالله
بالغيب : ولمسهم لطهارة دعوة الإسلام : فهم يُطيعونه فيما أمر من العبادات كالصلاة) :
ومما رزقناهم : يُنفقون (ويُطيعونه فيما يشق على النفس فعله مثل الصدقة أو الزكاة :
والتي سماها رسولنا : برهان !!.. وسماها الله تعالى تثبيتا ًللإيمان !!..) 3)) والذين يؤمنون
بما أ ُنزل إليك (وهو وحي القرآن والسنة) .. وما أ ُنزل من قبلك (وهو وحيُ الأنبياء
السابقين ورسالات الرسل) وبالآخرة : هم يوقنون (حيث لا شك عندهم في عودة الخلائق
من بعد الموت للحساب : ثم الثواب أو العقاب) 4)) أولئك على هُدىً من ربهم (أي لا
يتبعون أي هُدىً في الحياة ولكن : أفضل الهُدى وهو هُدى الله عز وجل الخالق سبحانه) :
وأولئك : هم المفلحون (أي هم الفائزون الحقيقيون يوم تنقشع سحابة الدنيا : ويقوم
الناس لرب العالمين) 5)) " ..

>> والكافرون .. من الآية 6 إلى 7 .. وصفاتهم :
" إن الذين كفروا : سواءٌ عليهم (أي يستوي عندهم) ءأنذرتهم : أم لم تنذرهم : لا
يؤمنون (وذلك لأنهم مُبطنون لذلك الكفر الرافض لحقيقة العبودية لله تعالى : الخير المحض
في هذا الوجود !!.. فلا يُرجى منهم إيمان ٌلخبث باطنهم : وإنما تنذرهم فقط : لإقامة
الحُجة عليهم وقت الحساب) 6)) ختم الله على : قلوبهم .. وعلى : سمعهم .. وعلى
أبصارهم غشاوة : ولهم عذابٌ عظيم (أي لما كان حالهم هو اختيارهم بمحض إرادتهم
للكفر على الإيمان : فقد جاء ختم الله على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم : من جنس
ما اختاروه هم لأنفسهم ووطنوا ذواتهم عليه) !! 7)) " ..

>> والمنافقون .. من الآية 8 إلى 20 .. وصفاتهم :
التخبط والتناقض في القول والفعل !!!..
يحسبون أنفسهم على شيء : وهم في الحقيقة لا وزن لهم في ميزان العقل والمنطق !!..
فلا هم انحازوا للإيمان : إذ عرفوا بعض أوجه الحق فيه !!..
ولا هم الذين انحازوا للكفر صراحة ً: فأوهموا أنفسهم على الأقل أنهم على شيء !!..
فصدق فيهم قول ربهم في سورة النساء :
" مُذبذبين بين ذلك (أي الكفر والإيمان) !!.. لا إلى هؤلاء : ولا إلى هؤلاء !!.. ومَن
يُضلل الله (بسبب كفره) : فلن تجد له سبيلا ً" النساء 143 ..
فهذا هو مرض القلب الحقيقي !!.. يعترفون بالحق : ولا يتبعونه !!..
" في قلوبهم مرضٌ : فزادهم الله مرضا ً: ولهم عذابٌ أليمٌ : بما كانوا يكذبون " !!..
البقرة 10 ..
هم أشبه بالمسلم الذي صار إلى (اللا أدرية) في دينه وفي الحياة !!!!..
انخدع ببعض الأفكار والشبهات الموجهة إلى الإيمان وإلى الإسلام : فاغترت بها نفسه :
فظن أنه وقع على ما لم يقع عليه أحد !!.. ظن أنه من القلة الذين لم يخدعهم الدين !!..
ورغم هذا : فهو في قرارة نفسه : يعلم دلائل على صحة الدين والإيمان : لم ولن يستطع
دحضها أبدا ًما عاش !!..
وأما جُرمه الأكبر .. فهو أنه بحياته المنافقة : يُعد شوكة ًفي المسلمين ولكن : من الداخل !
يحتمي بحمى الإسلام وينهل من فوائد العيش في كنفه : ثم هو لا يفتر يطعن فيه ويُشغب
حوله ويُشكك فيه : كلما سنحت له الفرصة لذلك (لأن نفسه تتوق للظهور بمظهر المتميز
الذي يفهم ما لم يفهمه الآخرون في الحياة !! وأنه وحده القائم بالإصلاح !) :
" وإذا قيل لهم : لا تفسدوا في الأرض .. قالوا : إنما نحن مصلحون !!.. 11)) ألا إنهم
هم المفسدون ولكن : لا يشعرون !!.. 12)) وإذا قيل لهم : آمنوا كما آمن الناس ..
قالوا : أنؤمن : كما آمن السفهاء ؟!!.. (أي المؤمنون في نظرهم سفهاء لإيمانهم بالغيب :
ولطاعتهم وعبادتهم لله ولم يروه) ؟!!.. ألا إنهم هم السفهاء ولكن : لا يعلمون (وذلك لأن
المنافق بكفره : فقد أرغم نفسه على الإيمان بأتفه نظريات الكفر التي يؤلفها له شياطين
الإنس في كل يوم !!.. فيجعلون تارة ًمن الصدفة خالقا ًعليما ًحكيما ًقادرا ًمريدا ً!..
ويجعلون تارة ًمن التطور الأعمى إلها ًيعرف ما يفعل) 13)) " ..
هذه بعض الآيات الواردة فيهم بالطبع .. ولست بصدد عرض كل آيات سورة البقرة ..

------
2...
وبعد استعراض تلكم الثلاثة أصناف :
يُقدم الله تعالى نماذج مقنعة ًللإيمان به لكل عاقل ٍمن الآية 21 : 29 بقوله :
" يا أيها الناس : اعبدوا ربكم الذي خلقكم : والذين من قبلكم : لعلكم تتقون 21))
(أقول : ولم تعرف الإنسانية إلها ًيُخبرها بخلقه لها : مثلما جاء في رسالات الله عز وجل)
الذي جعل لكم الأرض فراشا ً(وشبهها بالفراش لمناسبة الفراش لصحابه راحة ًوملاءمة ً)
والسماء بناءً (إذ هي بالفعل كالبناء العجيب من فوقنا كالسقف الحافظ) : وأنزل من
السماء ماءً : فأخرج به من الثمرات رزقا ًلكم (أي : والعاقل هو مَن يتساءل بعد كل
هذه المواءمات لحياته في الدنيا : عن مَن الذي هيأها له : وما الذي يُريده منه : فيمتثل
له : ولا سيما وقد أعلن الله تعالى له عن نفسه بأنبيائه ورسله وكتبه) .. فلا تجعلوا لله
أندادا ً(أي شركاء من عند أنفسكم : تنسبون لهم ما لله زورا ً) : وأنتم تعلمون (أي :
وأنتم تعلمون أن هؤلاء الشركاء لا يستطيعون شيئا ًمما يستطيعه الله عز وجل) ! 22))
وإن كنتم في ريب ٍمما نزلنا على عبدنا (أي : وإن كنتم في شكٍ من رسالتي تلك إليكم
في قرآني الذي أنزلته على النبي محمد) : فأتوا بسورة ٍمن مثله (وأقل السور 3 آيات :
فتحدى الله تعالى كل متشكك في القرآن أن يأتي بسورة ٍمن مثله في بلاغته وحسن نظمه
وفي كمال تشريعاته وهيمنته على الكتب السابقة وصدقه تاريخيا ًوإخباره عن الغيب إلخ)
وادعوا شهداءكم من دون الله : إن كنتم صادقين 23)) فإن لم تفعلوا !!.. ولن تفعلوا !!
(ونفي المستقبل بلن : هو من أبلغ التحدي ومن أدل الكلام على كمال ثقة المتحدث فيما
يُخبر به ويقول) فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة : أ ُعدت للكافرين 24)) " ..

وبعد أن ذكر الله طرفا ًمن عذاب الكافرين : يذكر لنا في الآية التالية : طرفا ًمن نعيم
المؤمنين : ليؤكد الله تعالى بذلك حاجة الناس في الدعوة إلى الإيمان : إلى النذارة والبشارة
معا ً!.. فهذا له ناسه !!.. وهذا له ناسه !!.. وأكمل الناس هو مَن جعل خبر النذارة
والبشارة له دافعا ًللإيمان والخير والطاعات : والبعد عن الكفر والشر والمعاصي !!..
ويحضرني هنا أن أحد زملائي من أيام الدراسة الجامعية : ولم يكن من الملتزمين في حياته
وإلى عهدٍ قريب : أخبرني أنه يبكي في الصلاة : إذا قرأ الإمام بآيات النعيم والجنة !!..
فسبحان الله العظيم !!..
ذكرت هذا فقط : لإيقاظ الحالمين المنتقدين للنذارة بعذاب القبر وعذاب الآخرة في القرآن
والسنة !!!.. ووالله لم يكن في الإسلام في بداية دعوته :
أبرز من آيات وأحاديث النذارة والبشارة : والترهيب والترغيب : وقصص الأنبياء وتابعيهم :
وصبرهم على أقوامهم : وعذاب الأمم الكافرة : حتى صفت قلوب المسلمين كلٌ بمشاربه :
فاستطاعوا بعد ذلك حمل مشاق الدعوة وأمانة الإسلام : بما سجله لنا التاريخ بأسمى
الأوصاف وأرقى الكلمات بعد ذلك !!!..

" وبشر الذين آمنوا (والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ودل عليه) وعملوا
الصالحات (فالإسلام دين الصالحات ودين الخير للعالمين) أن لهم : جناتٍ تجري من تحتها
الأنهار .. كلما رُزقوا منها من ثمرة ٍرزقا ًقالوا : هذا الذي رُزقنا من قبل (إشارة إلى
تشابه الثمرات في اللون : واختلافهم في الطعم) !!.. وأ ُتوا به متشابها ً(لأن النفس
تألف ما تعرفه من خارجه ولونه من الثمرات : ولو اختلف كثيرا ًفي شكله ربما لم
تـُقبل عليه كله !!.. فيُعطيها الله بحكمته وفضله ما تشابه من الخارج : وما اختلف
طعمه من الداخل) .. ولهم فيها أزواجٌ مطهرة (أي من الحور العين ومن البشر : مُطهرة ٌ
من كل عيب ٍونقص ٍخـُلقي ٍوأخلاقيّ) .. وهم فيها خالدون 25)) إن الله لا يستحيي
أن يضرب مثلا ًما : بعوضة ً: فما فوقها !! (أي أن الله تعالى لا يستحي أن يعيب الناسُ
عليه تحديه لهم بخلق بعوضةٍ كمثال : أو ما فوقها في الصغر أو الكبر : لأن كل خلق الله
تعالى مُعجز ولن يستطيعه أحد !!.. واليوم في ظل التقدم العلمي والبيوكيميائي الكبير :
يعجز العلماء الكفار عن خلق حمض ٍأميني ٍواحد ابتداءً : وهو نواة حياة الخلية !!!..)
فأما الذين آمنوا : فيعلمون أنه الحق من ربهم (ليقينهم بأنه الخالق : وأنه إذا اختار مثالا ً
للتحدي : فهو سبحانه يعرف ما يفعل !!) .. وأما الذين كفروا فيقولون : ماذا أراد الله
بهذا مثلا ً؟!!.. يُضل به كثيرا ً(وهم الكافرين الذين لا تزيدهم الأدلة والحُجج الدامغة إلا
عنادا ًوكبرا ًوجحودا ً) .. ويهدي به كثيرا ً(وهم المؤمنين الذين يعرفون أن خالق هذه
البعوضة فما فوقها بهذا الخلق المُعجز : هو خالق كل شيء بكل خلقه المعجز أيضا ً) !
وما يُضل به إلا الفاسقين (والفاسق : هو الخارج عن الطاعة كالثمرة الفاسدة وسط
الثمر الطيب) 26)) " ..

ثم يلفت الله تعالى النظر إلى أوصاف ٍلأولئك الجاحدين المعاندين المكابرين بقوله :

" الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه (وهم كل مَن آتاه الله علما ًبه وأدلة تحمل على
الإيمان : فنقضها !!..) ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل (من الأنبياء والرحم والخيرات
وغيره) ويُفسدون في الأرض (أي بالمعاصي والصد عن سبيل الله والإيمان به) : أولئك :
هم الخاسرون 27)) كيف تكفرون بالله وقد كنتم أمواتا ً(وذلك في مرحلة التخلق في
الرحم) فأحياكم (أي بنفخ الروح فيكم في نهاية الأسبوع السادس - والاستفهام يُثير
في كل عاقل : التعجب والاستنكار من هؤلاء الكافرين !!) .. ثم يميتكم (أي بنهاية
أجلكم وعمركم في الدنيا) ثم يُحييكم (أي في البعث بعد الموت) : ثم إليه ترجعون 28)) " ..

ويُنهي الله تعالى تلك الجولة في براهين ونماذج الإيمان للعاقلين بقوله إجمالا ً:

" وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ً(وبالفعل : كل ما في كوكب الأرض مُسخرٌ
ومُهيأ ٌلحياة الإنسان بغاية الدقة التي لو اختل منها شيء : لانعدمت الحياة ولم تستمر فضلا ً
عن كونها تبدأ أصلا ً) : ثم استوى (أي أنه بعد خلقه لما في الأرض ليُناسب الحياة : قصد)
إلى السماء فسواهن (أي قضاهن وصيرهن) سبع سماوات : وهو بكل شيء عليم 29)) " ..
--------

إلى هنا تنتهي هذه الرحلة الابتدائية في مقتطفات ٍمن سورة البقرة ..
ليليها بعد ذلك حديث ٌعن مثال خطأ الإنسان المؤمن (آدم عليه السلام) وتوبته منه ..
وعن مثال خطأ الكافر المعاند في الحق وللحق (إبليس - بنو إسرائيل) والذين أفرد الله تعالى
لهم الآيات الكثيرات في سورة البقرة : بحُكم جوارهم للمسلمين في المدينة ووجوب الحذر
منهم ومعرفة حقيقتهم لاتقاء شرهم ..

والله تعالى الموفق ..

أبو يحيى الموحد
08-04-2011, 12:04 AM
يارك الله فيك....