المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصل الإسلام ومعناه بعيدا عن التحريف والتلبيس



غريب من الآفاق
08-06-2011, 02:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات والصلاة والسلام على خير البريات
أما بعد :
إن الناظر في تيه الأمة واختلافها في أصل دينها حتى أصبحت على ثلاث وسبعين فرقة يعلم يقينا أن الحق قد أصبح مغيبا فحق بين اثنان وسبعين باطلا كلهم يدعون الحق وأنهم على ما أراده الله تعالى فلا بد بيان الحق وإظهاره زتمييزه عن الباطل ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة .
1- إن قوله تعالى : أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت الآية الذي هو أصل الدين محكم غير متشابه لا يدخله تقييد ولا تخصيص وهو مبين غير مجمل ومن قال أن فيه تقييد أو تخصيص أو إجمال فقد حكم عليه بأنه متشابه وخالف محكم القرآن كقوله تعالى: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدنحكيم خبير () ألا تعبدوا إلا الله الآية .
فالقرآن جاء بدعوة التوحيد لعبادة الله تعالى وحده بنصوص محكمة مفصلة والمحكم هو الذي لا يدخله التشابه والمفصل الذي تكون ألفاظه مؤدية للمعنى المقصود لا تحتاج إلى بيان من نص آخر .
فالله تعالى يقول: هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه الآية.
والآيات المحكمات اللاتي هن أم الكتاب كل ما يتعلق بعبادة الله وحده ومن أستدل على التوحيد بآيات متشابه فإنه يلحقه الوعيد بأنه ممن يتبع المتشابهات لأن المتشابهات لم تأت لبيان التوحيد كونها لا تقوم بها حجة على المخالف والمعاند وبذلك يكون إنزال الكتاب وعدمه سيان.

2- دعوة كل نبي إلى قومه هي : اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت الآية، كما بين تعالى من قصصهم ولم يذكر عن أحد منهم أنه قد جاء بما يزيل أمرا غير مفهوم وغير متبادر من الفهم الظاهر ولو كانت هذه الدعوة تحتاج إلى زيادة بيان متعلق بها غير متبادر من لفظها الظاهر لبينوه في وقته وما أخروه لأنهم ما جاؤوا إلى لبيان حقيقة التوحيد وكلنا يعلم القاعدة الأصولية : لا يجوز تأخير البيان عن وقت حاجة العمل به أ.هـ ، والعمل بالتوحيد أمر يقتضي الفور لا يجوز تأخيره .
إن الفهم الظاهر المتبادر إلى الفهم الخالي من التفصيل لدعوة التوحيد هو ما أنكره المشركون قال تعالى عن قوم نوح : ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي الآية، فقولهم أراذلنا بادي الرأي أي: الفقراء المستضعفون الذين ليسوا من اهل العلم والغوص في المعاني الذين يأخذون الأمور بظواهرها وما إن قلت لهم أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فما كان منهم إلا أن أخذوا هذاالقول على ظاهره دون تعمق وتفصيل فبمجرد أن قلت لهم أجتنبوا فاجتنبوا مباشرة دون روية وتفكير ، ولذلك فهم قوم نوح أن اجتناب الطاغوت المطلوب هو ترك ذات الطاغوت قال تعالى عنهم: وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا() ، فانظر إلى هذا النص الصريح ( لا تذرن آلهتكم)، ( ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا() ومعنى لا تذرن أي لا تتركون ذات الآلهة .
وهذا ما أنكره قوم شعيب قال تعالى عنهم : قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول الآية وهو لم يأمر هم إلا بـ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وأن يوفوا الكيل والميزان وليس في قوله ما يستعصي على الأفهام سليمة الفطرة إلا أنهم أرادوا أن تكون هذه الدعوة ليست بهذا الوضوح والإحكام ويجعلوها من المتشابه الذي يخضع للإجتهاد والأراء مما تزينه لهم أهواءهم وقد بين تعالى حقيقتهم بقوله: قالوا يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد أباؤنا الآية فانظر إلى هذا اللفظ الصريح أن دعوته تطلب منهم ترك معبوداتهم إي طواغيتهم وهذا معنى اجتنبوا الطاغوت
وهذا الرد هو ما أجاب به قوم هود قال تعالى: قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا الآية، فهم فهموا حقيقة هذه الدعوة بأنها عبادة الله وحدة وترك ما كان يعبد أباؤهم أي ترك ذوات الطواغيت .
وهذا ما قام بالرد به قوم فرعون كما بينه تعالى بقوله: وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك الآية ، فهم فهموا وعلموا من دعوة موسى عليه السلام التي هي اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت أنها تعني ترك الطواغيت وهي المعبودات عندهم وهي فرعون وآلهته فهم علموا أن هذه الدعوة تعني ترك ذات فرعون وذات آلهته وهذا نص صريح أيضا لا يحتمل معنى آخر.
وهذا نفس الرد الذي قاله كفار قريش قال تعالى: وإذا تتلى عليهم آيتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا أو بدله الآية .
فالله يبين أنهم إذا سمعوا الآيات تتلى مجرد تلاوة دون شرح وبيان وتفصيل كونها بينات أي واضحات وهو ما يدل عليه اللفظ في محل النطق لم يقبلوا ذلك وأرادوا دعوة أخرى تقوم على آيات غير بينات أي متشابهات يدخلها التعمق وإعمال العقل والاجتهاد ليتمكنوا من إدخال ما يوافق أهواءهم وآراءهم لأن المتشابه وغير الواضح يحتمل كل هذا، بالإضافة إلى أن الدعوة إذا كانت بهذا الشكل فإنها لا تعتبر دعوة عامة وللناس كافة وإنما لفئة معينة وهي التي تستطيع أن تستخدم طرق التفكير واستنباط الأمور من النصوص وهذا بخلاف حقيقة دعوة التوحيد أنها لكل فئات الناس ، ولذلك قال تعالى عنهم ( أهل قريش) : إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون () ويقولون إئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون() فانظر إلى الرد الصريح الذي فهمه كفار قريش ولم يقبلوه وهو أنهم علموا من هذه الدعوة أنها تامرهم أن يتركوا آلهتهم (ذات الآلهة) وهو نفس رد قوم شعيب وقوم هود وقوم نوح وقوم فرعون.
فكل الأقوام فهموا المعنى اللغوي الظاهر للفظ وهو ترك ذات الآلهة وأنه المقصود ولو كان المقصود معنى شرعيا خاصا لبينته الرسل عليهم الصلاة والسلام فترك ذات الطاغوت هو المطلوب من دعوة التوحيد وهو أمر اتفقت عليه كل الأقوام مشركهم ومؤمنهم استعصى فهمه في هذا الزمان.
3- إن هذا الفهم هو الذي يتناسب مع جميع طبقات المجتمع على اختلاف مستوياتهم الفكرية والعلمية على حد سواءالصغير والكبير والعامي والأمي والمتعلم والجاهل إذ أنهم كلهم يتفقون على فهمه وإدراكه لأول وهلة وهو قاسم مشترك بينهم بعيد عن التعقيد والإبهام سهل التعامل معه وبه تقوم الحجة بأخصر لفظ وأوضح بيان.
هذا بالإضافة إلى أن المطلوب من هذه الدعوة عمل وليس اعتقاد أو مجرد قول فقط أو قول واعتقاد بل المطلوب الترك وهو عمل ظاهر وهذا العمل لا يدخله تشابه ( تقييد أو تخصيص أو إجمال، وبناء على الظاهر نحكم بالإسلام أو عدمه ومن أبطن غير ذلك فأمره إلى الله تعالى.
4- هذا ما يتعلق بهذه المسألة وقد حاولت جهدي أن أركز عليها قدر الإمكان وأن لا أتشعب ليكون الأمر واضحا والنقاش منحصرا فيها حتى تتبين حقيقتها ولم أذكر نصا متشابها ولم أنقل شبهات وحاولت جاهدا أن أحصر المسألة ببيان الله وحده الذي هو تفسير القرآنبالقرآن
واسأله تعالى أن يهدي قلوبنا للحق إنه لا يهدي للحق إلا هو