المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال ماهو رأي المشايخ الكرام في كلام ( حسن الترابي ) عن الجهاد ؟



صالح عبدالله التميمي
11-02-2011, 03:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ما هو رأي المشايخ الكرام في كلام حسن الترابي هذا

حيث أجاب في ندوة تلفزيو نية عن النصوص التي تحث على الجهاد والتي منها قوله تعالى :



{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 5]



وقوله صلى الله عليه وسلم



الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة , الأجر والمغنم

صحيح مسلم ( كتاب الإمارة .. ح 1871 )



بقوله



القول بأن القتال حكم ماض هذا قول تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث في الواقع الحديث , ولا أقول إن الحكم قد تغير , ولكن أقول : إن الواقع قد تغير , هذا الحكم عندما ساد كان في واقع معين , وكان العالم كله قائماً على علاقات العدوان , لا يعرف المسالمة , ولا الموادعة , كانت امبرطوريات , إما أن تعدو عليها , أو تعدو عليك .



الرد القويم لما جاء به الترابي والمجادلون عنه من الافتراء والكذب المهين

للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد (ص 86 )



وكيف الرد على هذا ؟

اخت مسلمة
11-02-2011, 08:03 PM
تجد الردود الصاعقة على هذا الدّعي هنا :
http://www.alukah.net/Web/shathary/0/19169/
وهنا :
http://www.ansarsunna.com/vb/archive/index.php/t-930.html
وهنا :
http://www.sd-sunnah.com/vb/showthread.php?3388-%CD%D3%E4-%C7%E1%CA%D1%C7%C8%ED-....-%E3%DD%DF%D1-%C7%E3-%E3%CE%D1%DD%BF
وهذا رد هيئة الرابطة الشرعية للعُلماء والدُعاة في بلاده رداً على تخريفاته وهرطقاته وتحذيراً منه :


أصدرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة في السودان كتيبا حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، أوضحت فيه موقفها الشرعي من الفتاوى المثيرة للجدل التي أصدرها الزعيم الإسلامي الدكتور حسن الترابي. وفيما يلي تفاصيل الكتيب:


الحمد لله مؤيد الحق وناصره، وداحض الباطل وكاسره، ومعز الطائع وجابره، ومذل الباغي وداثره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في أعظم ما أنزله من صحفه ورسائلِه وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام : 55] ونصلي ونسلم على سيدنا محمد، عبده ورسوله، خير داعِ لله وسائله، المعصوم القائل فيما صح من أنبائه وزواجره: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)) رواه مسلم (7). أما بعد:

فقد ثارت حمية الغيرة على حياض دين الله العظيم، لدى عامة المسلمين وخاصتهم من أهل العلم والدعوة إلى الإسلام، لما بلغهم عن الترابي، من قوله في مقابلة أجرتها معه صحيفة الرأي العام السودانية (العدد 3062) بتاريخ: 11/ 3/2006م ) حيث صرح قائلا: "الخمر لا تصبح أمر قانون إلا إذا تحولت لعدوان"، ولما بلغ عنه قبل هذا ببضعة أشهر -في محاضرة ببورتسودان؛ التي نشرتها صحيفة ألوان (بتاريخ 29/12/2005م)- من إنكاره نزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان، ووصفه شروط الإمامة التي أجمعت عليها الأمة بأنها "شروط منحطة" و"سخيفة"!!، وقوله بجواز إمامة المرأة الرجال في الصلاة!! وزاد على ذلك في ندوة له بدار حزب الأمة (صحيفة الحياة والناس، بتاريخ 9/4/2006) وقال: " إنه للرجال والنساء الصلاة معا ولكن دون إلصاق"! ثم أكد ما يقوله من قبل "بأن المسلمة يجوز لها الزواج من كتابي" (في مقابلة قناة العربية بتاريخ 11/4/2006م). إلى غير ذلك من الأباطيل والهرطقيات، والرجل له شهوة جامحة بالوقيعة في أصول دين الله رب العالمين، الذي به يعتز المؤمنون، وعن بيضته ينافحون، وليست هذه أول بوائق الرجل ومصائبه، بل هنالك ما هو أنكى وأشد، أعلنها من قبل في عقوده الماضية، ثم عاد يجترها من جديد في عجافه الحاضرة، مثيرا بها نقعاً وعجاجاً أشبه باضطراب الموتور أو المذبوح، مع ما في إثارة تلك الزوبعة من صرف الأنظار عن قضية القضايا وأصل الأصول التي يحاول أعداؤنا العبث بها، ألا وهي طمس هويتنا الإسلامية بتكريس صنم العلمانية.

ولما كان الواجب على أهل العلم والدعوة إلى دين الله القيام ببيان الحق، ونصح الخلق والأخذ على كل ((ساع إلى فتنة)) لكي لا يتسع الخرق، ويعسر على المصلحين الرتق. وتلك مهمة العلماء من أهل الإسلام في كل عصر ومصر، تبصرة وتجلية لأنوار الهدى، وقياما بالمحجة بين الورى، كما قال المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين )) رواه البيهقي في السنن الكبرى 10/209.

ومن الجدير ذكره أننا ما نذكر قولاً من أقواله إلا ولدينا المصدر الذي اعتمدنا عليه، مما هو في شريط بصوته منطوق، أو صحيفة وكتاب ثابت عنه مقروء:

أولاً: استباحته الارتداد عن الإسلام، وإنكاره إقامة الحد على المرتد:

يرى الترابي أن من حق أي مواطن في دولة الإسلام تغيير دينه إذا اقتنع بغيره، يقول في مقابلة له مع جريدة المحرر اللبنانية (العدد: 263، آب 1994): "حتى إذا ارتد المسلم تماماً وخرج من الإسلام ويريد أن يبقى حيث هو، فليبق حيث هو. لا إكراه في الدين.. لا إكراه في الدين.. وأنا لا أقول إنه ارتد أو لم يرتد فله حريته في أن يقول ما يشاء، شريطة ألا يفسد ما هو مشترك بيننا من نظام". ويقول أيضاً:

"وأود أن أقول: إنه في إطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه.. أما الردة الفكرية البحتة التي لا تستصحب ثورة على الجماعة ولا انضماماً إلى الصف الذي يقاتل الجماعة كما كان يحدث عندما ورد الحديث المشهور عن الرسول r، فليس بذلك بأس يذكر، ولقد كان الناس يؤمنون ويكفرون، ثم يؤمنون ويكفرون، ولم يطبق عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم حد الردة"، ولهذا لما سئل الترابي عن فتوى ردة (سلمان رشدي) صاحب كتاب (آيات شيطانية) قال الترابيهذه الفتوى لا تمثل أكثر من رأي فقهي) صحيفة الأنباء بتاريخ 24/1/1998م . ويقول منكرا حد الردة، بإفك وكذب: ((أولا: لم يأمر النبي مطلقا بقتل أي شخص ارتد عن الإسلام، ثانيا: هناك حديث واحد فقط يخرج عن بقية السياق يقول: (من بدل دينه فاقتلوه).)) صحيفة الأنباء بتاريخ24/1/1998م.

ويسأل بعدها في ذات الصحيفة: إذا قامت دولة إسلامية أو جماعة من المسلمين بقتل مرتد، هل هذا حلال ومباح في نظر الإسلام؟ فأجاب: "هذا ليس عدلا"! بل شنع أكثر من هذا فقال: "هذا السلوك يعود بنا إلى أوروبا في القرون الوسطى"! وفي إشارة منه إلى عدم احترامه للمصادر الشرعية يقول: ".. وهذه لا تحتاج إلى الرجوع إلى قول فلان ورد فلان على فلان. حرية العقيدة أصل من أصول القرآن، لكن أكثر المسلمين انقطعوا عن أصولهم تماماً، وبدؤوا يأخذون عمن أخذ عمن أخذ عمن أخذ من الأصول!! وهذه واحدة من ظواهر التخلف عن دواعي الدين ".


إن الترابي بأقواله في الردة عن الإسلام قد ارتكب جرمين:

أحدهما: إباحته الردة عن الإسلام، وهذا صريح في قوله "وأنا لا أقول إنه ارتد أو لم يرتد فله حريته" وقوله: "يجوز للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يبدل دينه" وهذا فيه استباحة لما ثبتت في القرآن حرمته، قال تعالى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لبقرة:217[يقول ابن قدامة رحمه الله: "ومن اعتقد حِلَّ شيءٍ أُجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنـزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه، كفر".

وجرمه الثاني: إنكاره لحد الردة في الإسلام ووصفه ذلك بالظلم وعدم العدل، مع أن الأدلة على قتل وقتال المرتد كثيرة:

منها آية البقرة آنفة الذكر وقد استدل بها الشافعي وغيره، ومنها ما رواه الجماعة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، وما رواه أحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا من ثلاثة: إلا من زنا بعد ما أحصن، أو كفر بعد ما أسلم، أو قتل نفساً فقتل بها" وروى مسلم معناه.

وبعد كل هذه النصوص يدعي الترابي أن الردة ليس فيها إلا حديث واحد، وهذا غاية في الكذب والافتراء والغش للأمة، ولكن ما ظنك بامرئ الصدقُ محمودٌ إلا منه. يقول ابن قدامة رحمه الله: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين، وروي ذلك عن أبي بكر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم، وغيرهم، ولم يُنْكَرْ ذلك، فكافر إجماعاً" هذا ولا يصح احتجاجه بالآية الكريمة: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) [البقرة: 256]. على عدم قتل المرتد، لأن الآية تتحدث عن موقف المسلمين من الكافر الأصلي، والمرتد مسلم فارق الجماعة، ومما يبين ذلك: سبب نزول هذه الآية: وهو أنه لما أجلي بنو النضير -وكان فيهم من تهود من أبناء الأنصار- قالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله "لا إكراه في الدين" رواه أبو داود والنسائي.

ومعنى الآية: أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في الإسلام، فإنه بيّن واضح، جلية دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.(ابن كثير في تفسيره).

أما قتل المرتد عن دينه المفارق للجماعة المسلمة، فهذا حكم الله ورسوله. قال صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه". (رواه البخاري). وأما الزعم بأننا لو أخذنا بظاهر هذا الحديث: "من بدَّل دينه فاقتلوه"، لقتلنا من بدَّل دين النصرانية بالإسلام، فنقول: النصرانية، واليهودية، والشيوعية ليست أدياناً، وإنما الدين عند الله هو الإسلام، فما حجته تلك إلا تلبيس وتدليس.

ثانياً: قوله: بأن اليهود والنصارى مؤمنون، وبأنهم ليسوا بكفار:

قال الترابي: "إن قيام جبهة المؤمنين هو مطلب الساعة، وينبغي ألا تحول دونه المخاوف والتوجسات التاريخية، فنحن نعلم جميعاً أن الكثير من الحروبات التي شنت باسم الدين والاضطهاد الذي وقع باسم الدين كان الدين منه براء، لأن الأديان السماوية لا تدعو لنشر رسالتها -رسالة الفضيلة والسلام - بحد السيف أو بالقنابل والمدافع، ونحن نقرأ تاريخ الحروب الصليبية التي شنت على الشرق فنراها حملات استعمارية، استخدم فيها بعض ملوك أوروبا شعار الصليب واسم المسيحية ليحققوا توسعاً استعمارياً تتعبأ فيها جماهيرهم المؤمنة، ويمدهم بالموارد وبكنوز الشرق التي كانوا يسمعون بـها، وكذلك جاءت الموجة المتأخرة من الاستعمار واستخدمت اسم الدين ودعاوى التبشير لتبسط نفوذها على الأرض والناس تتخذهم سلعة لتجارة الرقيق وسخرياً لتحقيق مآربـها الدنيوية المفارقة لهدي الأديان جميعاً، ولقد جاءت الموجة الاستعمارية بعرقيتها وعنصريتها مخالفة لهدي الإخاء المسيحي الذي لا يرى فرقاً بين أبيض وأسود إلا بالتقوى".

وقال: "وهذه هي دعوتنا اليوم: أن تقوم جبهة أهل الكتاب، والكتاب عندنا يطلق في القرآن يقصد به كل كتاب جاء من عند الله".

إذن: يدعو الترابي إلى قيام جبهة أهل الإيمان (المسلمون، والنصارى، واليهود) على أساس الملة الإبراهيمية، وكان منذ القديم يطرح هذه الأفكار في منتدياته، يقول في مقابلة له مع مجلة المجتمع (العدد: 736 تاريخ 8/10/1985):


"إن الوحدة الوطنية تشكل واحدة من أكبر همومنا، وإننا في الجبهة الإسلامية نتوصل إليها بالإسلام على أصول الملة الإبراهيمية التي تجمعنا مع المسيحيين بتراث التاريخ المشترك وبرصيد تاريخي من المعتقدات والأخلاق، إننا لا نريد الدين عصبية عداء، ولكن وشيجة إخاء في الله الواحد".وفي مقابلة له مع المحرر اللبنانية (العدد 263، آب 1994) يقول: "إنني لأعتقد أن النصراني أقرب إلي ممن ينافقني ويدعي الإسلام، ابتغاء مكسب)) وصرح في محاضرة بعنوان "الدولة بين النظرية والتطبيق": (النصارى ما كفار يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، والمسلم يمكن أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض).

إن كل مسلم له حظ من العلوم الشرعية يعلم أن الترابي فيما يدعيه ويدعو إليه يُكذِّبُ قوله تعالى: ]لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح بن مريم[ (المائدة:17). وقوله:]لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة[ (المائدة:73)، وقوله: ]وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه[(المائدة:1، وقوله: ]وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحَ ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون[(التوبة:30 –31). أما تغني كل هذه النذر والأحكام التي تجلت؟ وليست الإبـل بـأغلظ أكباداً ممن له قلب لا يبالي بالآيات كثرت أو قلت.

ولقد أجمع علماء الملة على كفر اليهود والنصارى، وكفر من لم يكفرهم أو شك في كفرهم ولذلك قال القاضي عياض في الشفا (2/286): "ولهذا نُكفّر من لا يُكفّر من دان بغير ملّة المسلمين من الملل أو وقف فيهم أو شك أو صحّح مذهبهم، وإن أظهر بعد ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك" أهـ. قال القاضي أبو بكر: "لأن التوقيف والإجماع اتفقا على كفرهم فمن توقف في ذلك فقد كذّب النص والتوقيف أو شك فيه، والتكذيب أو الشك فيه، لا يقع إلا من كافر"، ويسمع في هذه وتلك ردود العلماء فما تزيده إلا إصراراً على بدعته ودأباً في الدعوة إليها.

ثالثاً: إنكار الترابي نزول المسيح عليه السلام:

ليست محاضرة بورتسودان وحدها هي التي أنكر فيها هذا الشرط من أشراط الساعة فقد جاء في كتابه "قضايا التجديد.. نحو منهج أصولي" ما يلي:

"وفي بعض التقاليد الدينية تصور عقدي بأن خط التاريخ الديني بعد عهد التأسيس الأول ينحدر بأمر الدين انحطاطاً مطرداً لا يرسم نمطاً روحياً. وفي ظل هذا الاعتقاد تتركز آمال الإصلاح أو التجديد نحو حدث أو عهد واحد بعينه مرجو في المستقبل يرد أمر الدين إلى حالته المثلى من جديد. وهذه عقيدة نشأت عند اليهود واعترت النصارى، وقوامها انتظار المسيح يأتي أو يعود عندما يبلغ الانحطاط ذروته بعهد الدجال قبل أن ينقلب الحال صاعداً بذلك الظهور، ولعلها تحريف للبشريات التي جاءت في الوحي القديم بمبعث عيسى ثم بمبعث محمد عليهما السلام.

وقد انتقلت هذه العقيدة بأثر من دفع الإسرائيليات إلى المسلمين. وما يزال جمهور من عامة المسلمين يعولون عليها في تجديد دينهم".


أيها المسلمون..


إن عقيدة نزول المسيح عليه السلام آخر الزمان ثابتة في القرآن الكريم، وفي الأحاديث الصحيحة، ومنها صحيحا البخاري ومسلم، وعدّها كثير من أئمة الحديث من الأحاديث المتواترة، فابن حجر العسقلاني تتبع طرقها واحداً واحداً وأثبت أنها متواترة، وذكر الشوكاني في توضيحه تسعة وعشرين حديثاً ما بين صحيح وحسن وضعيف منجبر، منها ما هو مذكور في أحاديث الدجال، ومنها ما هو مذكور في أحاديث المهدي المنتظر، وتنضم إلى ذلك أيضاً الآثار الواردة عن الصحابة فلها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في ذلك. ونقل النووي عن القاضي عياض قوله: "ونزول عيسى وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته".

فهذه التي يسميها الترابي ((تقاليد)) والتي يسميها ((إسرائيليات)) أحاديث نبوية صحيحة. والقائلون بها من أئمة المسلمين إنما هم متبعون للقرآن والسنة المتواترة، فمن يا ترى هو الكذاب الأشر؟!


صحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبل أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها"، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: واقرؤوا إن شئتم: "وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا".


وأما قول الله عز وجل: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) (سورة آل عمران:40). فالوفاة هنا بمعنى النوم، فالقرآن يوضح بعضه بعضاً، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْل) (الأنعام : 60). وقوله عز وجل: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)[ الزمر :42]. إذن النوم يسمى وفاة وقد دلت الأدلة على عدم موته عليه السلام فوجب حمل الآية على وفاة النوم جمعا بين الأدلة. قال الشيخ بن باز رحمه الله: "من قال إنه ليس هناك مسيح ينزل من السماء فقد أعظم على الله الفرية، بل هو مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كذب الله ورسوله فقد كفر، والواجب أن يستتاب من قال مثل هذه الأقوال، وأن توضح له الأدلة من الكتاب والسنة، فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتل كافرا".

رابعاً: الاتحاد والفناء في ذات الله بالفن:

يعتبر الترابي الفن بكل أشكاله -رقصا وغناء وموسيقى- قسماً من أقسام التوحيد والعقيدة الإسلامية يقول:

"منها أن فقه العقيدة الموروث الذي نشأنا عليه لا يجعل الفن شعبة من شعاب إيماننا وتوحيدنا ولا يهيئنا لأن نتذكر الله بالجمال وصنعه ولا نعبده من خلاله". كتابه: (قيمة الدين.. رسالية الفن). الناشر: اتحاد طلاب جامعة القاهرة بالخرطوم.

وعن الرقص يقول:

"الرقص كذلك تعبير جميل يصور معنى خاصاً بما تنطوي عليه النفس البشرية.." إلى أن قال: "ولا ننكر أن في الغرب رقصاً يعبر عن معانٍ أخرى كريمة" جريدة الصحافة: 15/11/79 والبيان الثاني للإخوان المسلمين: 23/9/1980.

ويقول أيضاً: "فبالتوحيد يتخذ الإنسان الفن وسيلة إلى الله يأخذه بذات خصائصه دون كبت أو تعطيل ويسخره للعبادة، بل يرقى بطبيعته تلك ليرقى به قدر العبادة.. فلا بد إذن من اتخاذ الفن مادة لعبادة الله". سبحانك ربي !

ما علاقة الفن والرقص بالعقيدة؟ أوَ يقول ذلك عاقل؟‍! أي نوع من البشر هذا المفتون المتهوك؟


خامساً: تطاوله على الأنبياء صلى الله عليهم وسلم:

يقول عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في محاضرة مسجلة بصوته: "ده شخص راق لكن ما تقولوا: معصوم ما يعمل حاجة غلط". بل وقال عنه: "ويقول أخبار تطلع غلط".

وعن إبراهيم عليه السلام قال:

"كان شاكاً في ربه عابداً للكواكب قبل البعثة".

وفي موضع آخر زعم بأن الله سبحانه وتعالى لم يعصم رسولنا صلى الله عليه وسلم إلا من الناس مستدلاً بقوله تعالى: ((والله يعصمك من الناس)) [المائدة: 67].

ويقول أيضاً: "هسع كلمة العصمة دي، الصحابة كانوا بيعرفوها، هسع لو جابوا الصحابة كلهم قعدوهم بيعرفوا عصمة النبي؟ وما عصمة النبي؟ يقولوا لهم النبي كذاب. يقولوا: كلا حاشا ما نبي كذاب، لكن ما بيعرفوا كلمة العصمة، دي كلمة عملوها المتكلمين".


إن عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فى عقيدتنا أصل من أصول الإيمان والإسلام، وهى عقيدة لا تنفك عن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. والطعن في عصمة البلاغ طعن في هذه الشهادة، وهى أيضاً دليلنا على حجية الوحي الإلهي، ومن هنا تناول علماء الأصول العصمة في مباحث القرآن الكريم والسنة الشريفة، لتوقف حجيتهما على عصمة رسول الله e وذلك يستلزم أن كل خبر بلاغي عن رسول الله e صادق مطابق لما عند الله إجماعاً، فيجب التمسك به0 يدل على ذلك قوله تعالى: }وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى{( النجم 3،4) فكلمة "ينطق" في لسان العرب تشمل كل ما يخرج من الشفتين قولاً أو لفظاً أي ما يخرج نطقه صلى الله عليه وسلم عن رأيه، إنما هو بوحي من الله عز وجل (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17/84).


وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عز وجل" أخرجه مسلم (2361)، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأتيه من قبل قرينه الجني ما ينتاب غيره من الوسوسة لأن قرينه أسلم فلا يأمر إلا بخير كما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة، قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال: "وإياي. إلا أن الله أعانني عليه فأسلم. فلا يأمرني إلا بخير" أخرجه مسلم (2814)0 وقد حكى القاضي عياض اتفاق السلف وإجماعهم على أنه لا يصدر عنه صلى الله عليه وسلم خبر بخلاف إخباره عنه، قال ابن تيمية: "الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَفِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَلِهَذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أُوتُوهُ"، "وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة فإن النبي هو المنبئ عن الله و الرسول هو الذي أرسله الله تعالى وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا، والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين"، (فتاوى ابن تيمية ج10/ص290). ومع هذا كله فإن الترابي لايزال مردداً في منتدياته بإصرار أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمعصوم بل هو معتصم!.

سادساً: تكذيبه بما هو معلوم ثبوته من القرآن بالضرورة:

1) إقرار الترابي بأن الإنسان أصله قرد وأن نظرية (داروين) لا تعارض القرآن:


حيث سئل في حوار أجرته معه صحيفة الأنباء بتاريخ 24/1/1998م: هل تقرون الادعاء بأن الإنسان ينحدر من سلالة القردة؟! فأجاب الترابي بالنص: (لا أرى في ذلك تناقضا مع النص القرآني، كما في الإنجيل يقول الإسلام إن الله خلق الإنسان من طين، غير أن النباتات والحيوانات والإنسان تتركب من نفس العناصر)، إلى أن قال: (يجب الأخذ في الاعتبار هذه النظرية الأساسية ثم توسيعها). وهذه زندقة مكشوفة، ومعارضة للقرآن مفضوحة، فبئس المنتجع، ولبئست الهواية، ويا ويحه يوم تبلى السرائر يوم القيامة.

يقول الله تعالى عن الإنسان وأطوار خلقه: } وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ { [ المؤمنون 12-16] وبين الله تعالى أنه خلق الإنسان في أحسن صورة قائما معتدلا كما قال تعالى: }الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ{ [الإنفطار 7-8]. وقال: }لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{ [التين:4].إن كل ذي لب وعينين، ممن هداه الله النجدين؛ يعلم علم اليقين أن نظرية (دارون) التي روج لها اليهود (إخوان القردة)؛ تناقض ما أخبر الله به في خلق الإنسان جملة وتفصيلاً، فيا لله من هذا البهتان.

لقد تلقف الترابي عن الملاحدة الغربيين الذين رضع من لبانهم فأعجب بهم حتى الثمالة في نظرياتهم وزبالات أذهانهم، بل ورقصهم! ما ذهبوا إليه في فكرة التطور المطلق، بما في ذلك قولهم بتطوير الأديان، مسميا إفكه ذلك في تطوير الدين الإسلامي وأصولهالتجديد).

وإنما يريد بالتجديد حده الأعلى كما يدعي وهو التطوير، وليس التجديد بمفهومه الشرعي وهو: إحياء ما اندثر من شرع الله وهداه عن طريق إحياء السنن وإماتة البدع. وإليكم المزيد من البرهان على ذلك من كلام الترابي في الفقرة التالية.

2- قوله بتطوير الدين والشريعة حتى في نصها:


يقول الترابي: (وليست صورة التدين ولا مشكلاته التي عاشها الرعيل الأول هي صورة الإسلام الوحيدة)، ويقول أيضا: (ليس في تصريف الشرع ما ينكر، فالخطاب الشرعي لم يكن خطاب عين إلا لمن عناهم ذاتا فلا يلي خلفهم بنصه ولفظه المباشر)، كما يقول في موضع آخر من نفس الكتاب (بل جاءت شريعته -وهي دليل التدين الإسلامي- تحمل قابلية التجديد في طبيعتها ونصها، وأوصى رسولها علماء الأمة أن يكونوا لها كما كان بنو إسرائيل للشريعة الموسوية). ويقول أيضاولم تعد بعض صور الأحكام التي كانت تمثل الدين منذ ألف عام تحقق مقتضى الدين اليوم ولا توافي المقاصد التي يتوخاها، لأن الإمكانات قد تبدلت وأسباب الحياة قد تطورت". نقلا عن كتاب قضايا التجديد للترابي.

سبحان الله! }أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{ [النور : 50]. إن قول الترابي هذا يعني عدم صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، وأنها نزلت في وقت معين، بل ولأشخاص معينين كما صرح بذلك قائلا: " فالخطاب الشرعي لم يكن خطاب عين إلا لمن عناهم ذاتاً فلا يلي خلفهم بنصه ولفظه المباشر"، والمعنى أن الشريعة لابد أن تتطور لتوافق النمط الاجتماعي الجديد، ولو كان في هذا تجاوز لأحكام الله المنزلة المحكمة، وهذه هي ذات الدعوة التي صرخ بها المنافقون المنحرفون كمحمد أحمد خلف الله وعلي عبد الرازق، ولكن قالها أولئك بوضوح وجلاء، بينما الترابي دبجها بمواربة والتواء، على طريقة ما حكاه القرآن عن المنافقين؛ في سورة النساء:


} فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً { [النساء : 62 ]، ويم الله إن المقاصد والمصلحة والإحسان كله إنما هو في شريعة الله وهداه الذي أنزله الله تعالى وارتضاه، وخير ما نقذف به باطلهم فيدمغه قول الله تعالى: }ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ [الجاثية : 18]. ومن شك فيما فهمناه من كلام الترابي فليتأمل هذه المقابلة التي أجرتها مجلة "دير شبيغل" الألمانية مع د. الترابي في (17/4/1995):

السؤال: ".. لكن لا يوجد تفسير موحد للشريعة، هل يجب قطع يدي ورجلي السارق؟ وهل جزاء المرتدين عن الدين القتل؟". فقال: "هذه الحدود لا تقام اليوم في السودان، لأن تفسيرنا للشريعة متطور أكثر مما هو عليه الحال في البلاد الإسلامية الأخرى، لا يوجد أحد قط في مؤتمرنا الشعبي الإسلامي يحرم المرأة من حق توليها مناصب عامة في الدولة، أو ينكر لها الحق في تولي منصب رئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء". وفي مقابلته له مع جريدة القدس يقلل من شأن إقامة الحدود. ويهاجم العلماء لأنـهم لا يحملون إلا التراث محفوظاً في أذهانـهم، ويعتقد أن بعض الأحكام مثل "الربا" تحتاج إلى اجتهاد جديد، كما اجتهد من قبل في الردة فألغاها جريمة وعقوبة.


يقول علماؤنا: "من المسائل المجمع عليها قولاً واعتقاداً أن إباحة المجمع على تحريمه: كالزنا، والسكر، واستباحة الحدود، وشرع ما لم يأذن به الله، كفر وردة". (تفسير المنار: 6/367).

وبعد هذا فلا غرو من دعوى الترابي أن في الإسلام جوانب كثيرة علمانية، كما صرح بذلك في جريدة الراية القطرية (19/10/1986) قائلاً:

"إن للإسلام جوانب علمانية كثيرة.. وإن العلمانية لا دينية سياسية.. ليس لأنـها ضد الدين، ولكنها ليست من الدين في شيء.. كما أنـها لا تريد أن تلغي دور الدين أو تـهمله في الحياة عامة.. فلا شأن لها بذلك.. ولكنها نظرية أو مذهب أو عقيدة سياسية يحسن أن نسميها اللادينية السياسية".

3- زعم الترابي أن حواء أول الخلق وليس آدم عليه السلام:

وذلك في محاضرة بعنوان (المرأة والبندقية): وهذا قول شاذ لم يقل به أحد. قال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً) (سورة النساء/1) وقوله: (واحدة) على تأنيث لفظ النفس. ولفظ النفس يؤنث وإن عني به مذكر. ويجوز في الكلام من نفس واحد وهذا على مراعاة المعنى، إذ المراد بالنفس آدم قاله مجاهد وقتادة . وهي قراءة ابن أبي عبلة واحد بغير هاء. وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (سورة الأعراف/189)، وقد خلق الله تعالى أمنا حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصر كما جاء في الحديث الذي رواه الشيخان: "ولأمّ مكانه لحمًا"، قيل لذلكَ سميت حواء بهذا الاسم لأنها خلقت من شيء حيّ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإنَّ أعوجَ شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذَهبتَ تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" الحديث. ويعني بزوجها في الآيتين: حواء، والزوج في لغة العرب:امرأة الرجل، ويقال: زوجة، قاله ابن عطية في تفسيره.

4- إنكاره أن يكون في الجنة حور عين:

وكان ذلك في محاضرة له في جامعة القرآن، وفي ذلك ردٌ لقوله عز وجل: "حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ. فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ"، مدعيا أن نساء الدنيا هن نساء أهل الجنة.

5- دعواه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يفسر القرآن لهذا اليوم:

ألقى الترابي محاضرة بجامعة الخرطوم (في: 30/4/1995)، وقد احتوت على أهم آرائه في علم التفسير والمفسرين، وكان مما قاله: إن كتب التفسير عبارة عن حكايات وقصص وآراء شخصية لمؤلفيها، وسخر من بعض ما ورد فيها وخاصة في تفسير القرطبي، وأضاف بكل استهتار:

"الرسول بشر مثلنا يوحى إليه ماحَيْفَسر القرآن لهذا اليوم، لأنه لا يعرف هذا اليوم". ومعنى ذلك أن ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم غير مواكب لعصرنا هذا، لأنه لا يعرف يومنا، مع أن الله تعالى قد جعل نبيه صلى الله عليه وسلم مبينا لمراد الله من كلامه قال الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل :44].


سابعا: طعونه في السنة النبوية:

بعد إنكار الترابي عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في البلاغ، ذهب يتطاول على أعلام الإسلام من الصحابة نقلة السنة، فاتهمهم باتباع الهوى، يقول في هذا الشأن: "إذا رأينا نأخذ كل الصحابة أو لا نأخذ، قد نجيء بعمل تنقيح جديد. نقول الصحابي إذا روى حديثاً عنده فيه مصلحة نتحفظ فيه، نعمل روايته درجة ضعيفة جداً. وإذا روى حديثاً ما عنده فيه مصلحة نأخذ حديثه بقوة أكثر ويمكن تصنيف الصحابة مستويات معينة في صدق الرواية".


وقال في موطن آخر من المحاضرة نفسها مشككاً في عدالة الصحابة وفي صحيح البخاري: "لازم لمن تجي تقوم تمتحن ضوابطه [أي البخاري] لمن تجي وأنت مؤتمن البخاري.. المسلمين.. آه.. آه.. آه خلاص ما في شيء.. من وثقه فهو كذا.. ومن جرحه فهو مجروح.. ومن عدله فهو عدل.. كل الصحابة عدول ليه؟ ما شرط يشترط ذلك في كثير أو قليل. يمكن لنا اليوم عندنا وسائل كثيرة جداً، البخاري ما كان يعرفها"!!.

قال ابن حجر -رحمه الله- في الإصابة في تمييز الصحابة (ج1 ص162) ما نصه: "(اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول (يعني الصحابة رضي الله عنهم)، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة، وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلاً نفيساً في ذلك، فقال: عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم، فمن ذلك قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" [آل عمران: 110]، وقوله: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً" [البقرة: 143]، وقوله: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم" [الفتح: 18]، وقوله: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه" [التوبة: 100]. إلى أن قال: (في آيات كثيرة يطول ذكرها وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله لـه إلى تعديل أحد من الخلق، على أنه لو لم يرد من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيهم شيء مما ذكرنا لأوجبت الحال التي كانوا عليها -من الهجرة والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأبناء، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين- القطع على تعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم، هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتمد قوله".


ثم روى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة..).


ولما كان الترابي لا يرى عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في البلاغ، ويطعن في الصحابة، ويتهمهم بعدم العدالة فإنه عمد إلى جملة من الأحاديث الصحيحة فردها بمحض الهوى منها:

1- حديث الذبابة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء". ورد من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك.

تعرض الترابي لهذا الحديث في محاضرة له بجامعة الخرطوم بتاريخ 12/8/1982، فكان مما قاله: "في الأمور العلمية يمكن أن آخذ برأي الكافر، وأترك رأي النبي، ولا أجد في ذلك حرجاً البتة، ولا أسأل فيه أيضاً عالم الدين".


2- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» رواه البخاري. فهذا الحديث الصحيح يدل على معنى ما رواه أبو داود في سننه من قوله صلى الله عليه وسلم: «وَالْغَزْوُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ»، أنكر الترابي حكم مضي الجهاد فقال: "القتال حكم ماض، هذا قول تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث، في الواقع الحديث، ولا أقول إن الحكم قد تغير، ولكن أقول إن الواقع قد تغير، هذا الحكم عندما ساد كان في واقع معين، وكان العالم كله قائماً على علاقة العدوان، لا يعرف المسالمة ولا الموادعة، كانت إمبراطوريات إما أن تعدو عليها أو تعدو عليك. ولذلك كان الأمر كله قتالاً في قتال، أو دفاعاً في دفاع -إن شئت- (ندوة تلفزيونية حول الشريعة، ونشرتـها جريدة الأيام السودانية في 20/6/ 198.

قوله هذا مخالف للقرآن والسنة والإجماع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن السبب الذي ذكره حجة عليه وليس له، لأن هذه الإمبراطوريات -الدول الكبرى- مازالت تعدو علينا، وتحرض حلفاءها في المنطقة ضدنا.


وإذا كان هذا هو شأن القتال عند الترابي، فإن لعبة كرة القدم عنده: جهاد، يقول الترابي: "إن الكرة لم تعد الآن لعباً ولهواً، فهي جهاد في سبيل الله". (جريدة "الكورة" السبت 14 يناير 1995، الموافق 13 شعبان 1415 هـ). القتال حكم ماض تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث. أما لعب الكرة فهو جهاد في سبيل الله!!!، والفن -الرقص والغناء والموسيقى- من عقيدة التوحيد الإسلامية : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) [الأنعام :69].


ثامنا: قول الترابي: لست سنياً ولا شيعياً:


عن موقفه من السنة والشيعة يقول:

"كنت أتحدث في مؤتمر مع مسلمين وعرب في المؤتمر العربي والإسلامي. قلت لهم: .. أنا لست سنياً ولا أدرك ما معنى السني والشيعي".

وسئل: هل أنت على المذهب الشيعي؟ فأجاب: "أنا لا أسمي نفسي شيعياً ولا سنياً، سني وشيعي لا تعني أنه يتبع سنة الرسول أو لا يتبعها.


أما التراث السني والشيعي ففيه من الترهات والخرافات عند أهل السنة والشيعة، وفيه فوائد"


تاسعا: تجويزه زواج المسلمة من يهودي أو نصراني:

لقد أطلق الترابي هذا القول كثيرا وهو أن "المسلمة يجوز لها الزواج من كتابي" وهاهو يجدد ذلك (في مقابلة قناة العربية بتاريخ 11/4/2006م). وهو قول باطل ظاهر البطلان لأن الله تعالى يقول: "وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ، وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ، أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (البقرة: 221)، فالآية صريحة في تحريم نكاح المسلمة من الكافر سواء كان وثنيا أو يهوديا أو نصرانيا. وقال ابن كثير في تفسيره (1/474): "هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان، ثم إن كان عمومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ). قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب" ا.هـ، وأما الجزء الآخر في الآية وهو قوله تعالى: "وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " فإنه لا تخصيص فيه قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في تيسير الكريم المنان (ص99) : "وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا" وهذا عام لا تخصيص فيه"ا.هـ.


قال ابن كثير في تفسيره (8/93): وقوله: "لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" هذه الآية حَرّمَت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة .ا.هـ. فهذان دليلان من كتاب الله صريحان في تحريم زواج الكافر من المسلمة، روى ابن جرير الطبري في تفسيره (4/366) بإسناده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه– أنه قال: "المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة"، وصح موقوفا على جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- كما رواه البيهقي في الكبرى (7/172): "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا"، وذلك لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة، وإن تعادلا في الحلية بالعقد، لأن التعادل لا يلغي الفوارق كما في ملك اليمين، فإذا امتلك رجل امرأة حلَّ له أن يستمتع منها بملك اليمين، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها، ولا لأولادها. قال ابن عبد البر في التمهيد (12/21): ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" إلى قوله: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر"، إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر".ا.هـ.


وقال القرطبي في (جامع أحكام القرآن) (3/72): الأولى: قوله تعالى: "وَلَا تُنكِحُوا" أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام.


عاشرا: دعوته إلى الاختلاط والسفور:


دعا الترابي إلى ضرورة الاختلاط بين الجنسين في المجتمع وذلك في كتيب سماه (المرأة في تعاليم الإسلام) فقال: "إن عزل الرجال عن النساء يضر بالمجتمع وينشر فيه الرجس وعدم الطهر"، مصادما بذلك القرآن لفظا ومعنى قال الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) [الأحزاب : 33].

وأما حجاب المرأة المسلمة فقال عنه في ذات الكتاب: "الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، لأن حكمهن ليس كحكم أحد من النساء، ولا يجوز زواجهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن آية الحجاب نزلت في السنة الخامسة للهجرة، ولم يتأثر بـها وضع سائر المسلمات".


حادي عشر: قوله بجواز إمامة المرأة الرجال في الصلاة:

إجماع الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أن المرأة لا تؤم الرجال، وقد استدل الفقهاء جميعا في المذاهب الأربعة على مذهبهم بقوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم " (سورة النساء : 34). ووجه الدلالة في الآية: أن الله تبارك وتعالى لم يجعل القوامة للنساء، ولم يجعل الولاية إليهن، بل جعلها للرجال، وإمامة الصلاة نوع ولاية، فلا تصح إمامة بمن هو قيم عليها، قال الشافعي في الأم 1/191: "وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة; لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا".

كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها). رواه مسلم كتاب باب تسوية الصفوف، والترمذي كتاب 2 الصلاة باب 52 ما جاء في فضل الصف الأول.

فهذا الحديث يدل على تأخير النساء، فكيف ستتقدم المرأة لتؤم وهي مطالبة شرعاً بالتأخر عن الرجال؟ فلا شك أن دلالته على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة واضحة.

ثم إنه لم ينقل عن الصدر الأول أن امرأة أمت الرجال، فلو كان ذلك جائزاً لحصل ولو مرة، وحيث لم يحصل هذا أبدا في الصدر الأول، فهذا غير جائز لأنه لو كان جائزاً لنقل ذلك عن الصدر الأول.

وأما حديث أم ورقة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود (592).

فالجواب عنه أولا: أنه حديث ضعيف، فقد قال عنه الباجي في المنتقى شرح الموطأ: "هذا الحديث مما لا ينبغي أن يعول عليه". وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/56: "في إسناده عبد الرحمن بن خلاد، وفيه جهالة".

الثاني: أن المقصود بأهل دارها النساء منهم دون الرجال، قال ابن قدامة في المغني 2/16: "وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم (نساء) أهل دارها, كذلك رواه الدارقطني. وهذه زيادة يجب قبولها, ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه; لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض, بدليل أنه جعل لها مؤذنا, والأذان إنما يشرع في الفرائض، ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة, لكان خاصا بها, بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة, فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة".

قال ابن شاس المالكي في عقد الجواهر: (وأما المرأة فلا تصح إمامتها للرجال ولا للنساء، وروى ابن أيمن جوازها)، أي للنساء، كما أجاز إمامتها للنساء والأطفال الشافعي وأحمد، شريطة أن تقف وسطهن، وتجهر أدنى الجهر. قال ابن حزم الظاهري رحمه الله في الفِصَل، وكذلك القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: (جميع أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة إلا فرقة من فرق الخوارج وهي الشبيبية، نسبة إلى شبيب بن يزيد الشيباني). وقد ورد ذلك عن امرأة من الخوارج تدعى غزالة، وفي عصرنا أمينة ودود، الأميركية التي أمت بعضاً من الرجال والنساء في صالة كنيسة. فهنيئاً لمن كانت أسوته غزالة الخارجية وأمينة الأميركية، وسلفه الخوارج "الشبيبية".

وأما قول الترابي أخيرا: "إنه للرجال والنساء الصلاة معا ولكن دون إلصاق"! (صحيفة الحياة والناس، بتاريخ 9/4/2006). فإنه يعارض به النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها". رواه مسلم والترمذي.

فحسبنا فيه وفي أترابه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فافعل ما شئت) رواه البخاري (3296).


ثاني عشر: إباحته الخمر لمدة عام، بل لا يكون حد الخمر قانونا إلا إذا تحولت لعدوان:


يقول الترابي في كتابه ((نظرات في الفقه السياسي)): 171: (هكذا أرجوا أن يكون شأننا مع أهلنا المخمورين. كأننا عند سريان القانون سندخلهم في معتقل واسع يحول ما بينهم وبين الخمور في مظاهر الحياة العامة وتتاح لهم لعام كامل رخصة قانونية لتعاطي الحرام في خاصتهم حتى يهيئوا أنفسهم، ثم يقع الحظر وتجف الخمر)، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري وأبو داود.

ثم ها هو الترابي اليوم يذهب إلى أبعد مما كتبه بالأمس:

وإني وإن كنت الأخير زمانُهُُُ

لآت بما لم تستطعه الأوائلُ


إذ يرى دستوريُّ الزمان -الآن- أن عقوبة شرب الخمر لا تكون قانونا إلا إذا اقترن بعدوان كما قال آخرا، وربما لن يكون أخيرا:

"الخمر لا تصبح أمر قانون إلا إذا تحولت لعدوان" الرأي العام السودانية (بتاريخ: 1/ 3/2006م ). وهذه حيلة منه لإبطال حد الخمر، لأن العدوان وحده جريمة، سواء كان المعتدي سكران حال اعتدائه أم لا.


أيها المسلمون..


لقد كان هذا شأن الترابي في جميع المراحل السابقة، من قبل ضربه على أم رأسه في (كندا) ومن بعد ذلك، فليس هو المعتوه والمجنون فيما يزعمه ويعتزيه، ولا هو الجاهل فيما يهرف به ويستبيح، ولكنه في كل حين يمتطـي ظهر التيه، مبرهنا علي الغي المـوفي به إلى الزندقة، عن طريق مجاهرته بأفكاره الكفرية ومعتقداته، مع الحرص الشديد على الختل والروغان كالثعالب، إذ يستطيع أن يكون علمانياً وإسلامياً في الوقت ذاته، قومياً وأممياً في الآن ومن دون أن يشعر بتناقضه أو انفصامه، وما الجماهير والعواطف الإسلامية، إلا سلم لأحلامه وأطماعه. لقد كان خلاف الترابي طوال العقود السابقة مع العلماء حول أصول الدين والاعتقاد، وليس حول أمور قابلة للاجتهاد وفق ضوابط الاجتهاد الشرعي.

إننا ننبه عامة المسلمين وأهل الفكر منهم خاصة، في داخل السودان وخارجه، إلى أن الترابي، في حقيقته داعية إلى غير دين الإسلام، هذا وإن كشف الأهواء والفتن المضلة، ودحض المقالات المخالفة للكتاب والسنة، وتعرية حقيقة الداعية إليها، وهجره، وتحذير الناس من شره، وإقصائه والبراءة من فعالته لمن أوجب الواجبات، وسنة ماضية في تاريخ الدعاة، حتى لا يلتبس الأمر على الأغرار، فيسلكوا بسبب وساوسه وأوهامه سبيل الفجار.

وحقٌ على من ولي أمر المسلمين في هذه البلاد، قطع تطاول الترابي على المحكمات المبينات ومقاضاته في محاكمة شرعية عادلة على غرار ما حوكم به سلفه من قبل "محمود محمد طه" الذي تفاقم شره، فقيض الله تعالى بتقديره من قطع دابره، ولابد أن يتصدى العلماء لهذا المتجرئ على حرمات الدين كما تصدوا لمن قبله ويطالبوا بإنزال شرع الله عليه.


وإننا ندعو المعجبين به عن جهالة إلى قراءة متأنية لأفكاره، والوقوف بعناية على تصريحاته، وقد رد عليه أهل العلم والإيمان، وأبطلوا مقالاته بغاية البيان، وساطع البرهان، فنعوذ بالله من زيغ القلوب والتباس الأمور ومضلات الفتن ونزغات الشيطان، ندعوهم إلى ذلك قبل فوات الأوان: (مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)[الروم : 43]، (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً) [الفرقان:27-29].

وما كتبنا هذا البيان إلا تحذيرا لكل مسلم، من سبيل من أحاطت به خطيئته، تبياناً لما وجدنا وإفصاحاً بالحق فيما تيقنا، وما شهدنا إلا بما علمنا.

ونسأله عز وجل أن يعصمنا والمسلمين من طاعة الهوى والشيطان إنه على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مُختصر مُفيد ..الرجل ضال مُخرّف ..!

ابن عبد البر الصغير
11-03-2011, 04:05 AM
القول بأن القتال حكم ماض هذا قول تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث في الواقع الحديث , ولا أقول إن الحكم قد تغير , ولكن أقول : إن الواقع قد تغير , هذا الحكم عندما ساد كان في واقع معين , وكان العالم كله قائماً على علاقات العدوان , لا يعرف المسالمة , ولا الموادعة , كانت امبرطوريات , إما أن تعدو عليها , أو تعدو عليك .

أولا: هذه يحكم عليها الفقه الإسلامي وليس الفكر الإسلامي فبينهما فرق.

ثانيا: جملته هذه كانت ليكون لها وجه من الفقه لو جاءت من فقيه راسخ في زمن أقمنا فيه دولة إسلامية مترامية الأطراف واسترجعنا أراضينا المسلوبة وحقوقنا الضائعة، وكثر الحلفاء والموادعون وانعدم الأعداء وقل المهادنون، وكانت الدعوة سهلة يسيرة في كل بقاع العالم .

أما وشياطين الإنس والجن مأخرون إلى ميقات معلوم، كما هو حال زعيمهم فلن نصل إلى الجملة أعلاه إلى يوم الدخان.