المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و سلم



الغزالى
11-14-2005, 09:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


عندما نتحدث عن محمد :salla1: فاننا نتحدث عن رجل اكثر من مجرد عبقرى او رجل عظيم
و العقلاء من خصومه لا يسعهم الا اعتباره عبقرى من اعظم عباقرة التاريخ بل يقول القس الحداد :
(كانت شخصية محمد بن عبد الله الهاشمى القرشى ، النبى العربى ، مجموعة عبقريات مكنته من تأسيس أمة و دين و دولة من لا شىء .
و هذا لم يجتمع لأحد من عظماء البشرية . كان محمد عبقرية دينية ... و كان محمد عبقرية سياسية ... و كان عبقرية دبلوماسية ... و كان محمد عبقرية عسكرية ... و كان محمد عبقرية إدارية ... و كان محمد عبقرية تشريعية ... و أخيرا كان محمد عبقرية أدبية) القران و الكتاب /1065-1067

و القس الحداد لديه استعداد ان يعتبر محمد ابن البيئة المكية البدائية الفقيرة فى كل النواحى اعظم من كل عظماء البشر! لكن لا يرضى ان يقر بانه كان نبيا مؤيدا من قوة الهية كبرى هى التى صنعت منه كل هذا

و الواقع ان الحديث عن الشخصية المحمدية لا تكفيه المجلدات. و ما تبين لى هو ان شخصية محمد :salla1: بكل ابعادها و اثارها هى معجزة كافية لاثبات نبوته, مع ايمانى بان له معجزات اخرى

و لنشر الى بعض معالم و اثار الشخصية المحمدية و ربما يرى البعض ما نذكره معروفا و هذا هو الحق دليله دوما يستند الى الواضحات :
1- لقد جاءابو الزهراء :salla1: بدين طهر قلوب العرب من العقيدة الوثنية و ما اصعب تغيير معتقد الشعوب سيما اذا كانوا بتعصب العرب الذين غيرهم محمد :salla1: و كان تغييرا فى فترة قصيرة
لقد جاء ابو الزهراء :salla1: بنمط فريد من الثقافة الإلهية عن الله سبحانه وتعالى وصفاته وعلمه وقدرته
ونوع العلاقات بينه وبين الإنسان،ودور الأنبياء في هداية البشرية ووحدة رسالتهم، وما تميّزوا به من قيم ومثل،
وسنن الله تعالى مع أنبيائه، والصراع المستمرّ بين الحقّ والباطل، والعدل والظلم،
والارتباط الوثيق المستمرّ لرسالات السماء بالمظلومين والمضطهدين، وتناقضها المستمرّ مع أصحاب المصالح والامتيازات غير المشروعة.

وهذه الثقافة الإلهية لم تكن أكبر من الوضع الفكري والديني لمجتمع وثني منغمس في عبادة الأصنام فحسب، بل كانت أكبر من كلّ الثقافات الدينية التي عرفها العالم يومئذ، حتى إنّ أيّ مقارنة تبرز بوضوح أ نّها جاءت لتصحّح ما في تلك الثقافات من أخطاء، وتعدّل ما أصابها من انحراف وتعيدها إلى حكم الفطرة والعقل السليم.

وقد جاء كلّ ذلك على يد إنسان في مجتمع وثنيّ شبه معزول، لا يعرف من ثقافة عصره الكثير ، فضلا عن أن يكون بمستوى القيمومة والتصحيح والتطوير.
و كان ابو الزهراء :salla1: مع ذلك فى القمة فى التطبيق العملى للمبادىء الايمانية التى نادى بها و كافح فى سبيلها مجتهدا فى الذكر و الدعاء و القيام و الصيام , و كان روحا و قدوة تبعث الايمان فى الاخرين , و لا يشك المنصف فى ايمانه العميق بوجود الله و وحدانيته و جلاله و كماله و ايمانه بالبعث و الحساب و اليوم الاخر .و ليتامل الباحث روحانية القران المبهرة, او ليقرا ان شاء كتاب الشيخ محمد الغزالى " فن الذكر و الدعاء عند خاتم الانبياء " ليشعر بروعة هذه النفس المؤمنة

-----------------------

2- يقول القس الحداد :
(و كان محمد عبقرية سياسية يعرف كيف يجمع المؤيدين و الانصار و يداور المنافقين و الاشرار و يعرف كيف يساوم و يقاوم و كيف يماطل و يقاتل و كيف ينكسر و ينتصر.., و تلك الهجرة البارعة الباهرة من عاصمة الشرك العربى و بلد الاضطهاد الى المدينة ليحتل منها و بها البلد الذى يحاول اغتياله .. و هكذا توج سياسته الدينية الفذة بحجة الوداع التى جمع بها العرب جميعا حول شخصه

و كان محمد عبقرية دبلوماسية , و قد تجلت بعهد الاخاء بين المهاجرين و الانصار , و عهد الموادعة بين المسلمين و اليهود , و عهد المودة بين المسلمين و المسيحيين , و برعت فى مهادنة المنافقين حتى النهاية , و فى المعاهدات و الاحلاف مع الاعراب بعد الغزوات الناجحة , و فى العفو العام عن بنى قومه و الد خصومه اهل مكة بعد الفتح , و فى تاليف قلوب زعماء مكة بعد فتحها بتوزيع غنائم اخصامهم قبائل هوازن عليهم ,و فازت فى تفكيك التضامن بين اليهود و الاحزاب فى حملة الخندق الحاسمة .. و تفضيل معاهدة عدم اعتداء مع قريش فى الحديبية على قتال غير مكفول و فتح غير مامون , و انتصرت فى تحقيق فتح سهل , بعد فشل طارىء كاجلاء بنى النضير بعد هزيمة احد ,و القضاء على قريظة بعد حصار المدينة المخيف يوم الخندق , و غزو خيبر و قرى الشمال اليهودية بعد صلح الحديبية الذى اعتبره عمر و جماعته مشينا , و الحملة الجبارة على مشارف الشام بعد حصار الطائف الفاشل , و توج دبلوماسيته الظافرة بمبايعة وفود العرب العامة
و كان محمد عبقرية عسكرية و من اعظم قواد العالم العسكريين فى التصميم و التنفيذ ..
و هو يقود الغزوات و الحملات بذاته يعرف كيف يهيىء الحملة و كيف يقودها و كيف يعود منها غالبا و كيف ينقلب مغلوبا , و التصرف فى حال الهزيمة ابرع من نشوة الظفر , يتوسع بالجهاد كلما ازداد قوة , و لا يعلن عن اهدافه الا متى حان وقتها . يعرف كيف يستشير و كيف ياخذ براى صائب , و كيف يفرض رايه فى الظرف الحاسم و لو خالف راى زعماء الصحابة كما حدث فى اسرى بدر و صلح الحديبية و غزو تبوك
و يكون هو بذاته الاسوة الحسنة فى المعركة
فلولا موقفه البطولى فى هزيمة احد , و حصار المدينة لقضى على الاسلام , و لولا موقفه الجرىء فى معركة حنين لخسر فتح مكة و نصر الاسلام

و كان محمد عبقرية ادارية فى تنظيم شئون الحياة الدينية و الاجتماعية و السياسية و الحربية .. و كان محمد عبقرية تشريعية .. )

و الواقع ان الامر اعظم و اعمق مما ذكره الحداد. فقد بنى ابو الزهراء :salla1: اساس امة ورثت الامبراطوريات القديمة و كل ذلك من لا شىء . فقد كان هناك انعدام للمقدمات المعرفية والحضارية لنشوء حضارة فجائية على يد الرسول وهذه الحضارة - كما يقول بعض الافاضل - حين امتدت الى حضارات أصيلة لم تذب فيها بل ذوبت الحضارات مما يعني قوتها الهائلة التي أسقطت مفاهيم أمم تطورت وترسخت خلال آلاف السنين ، بعكس العادة من تأثير الأمم الحضارية في غيرها حتى لو هزمت في المعركة .
و قد كان ابو الزهراء :salla1: ينتمي إلى الحجاز وهو قطر لم يمر حتى تأريخياً بمثل الحضارات التي نشأت قبل ذلك بمئات السنين في مواضع اُخرى محدّدة من تلك الجزيرة، ولم يعرف أي تجربة إجتماعية متكاملة.
وكان منغمسا من الناحية العقائدية في فوضى الشرك والوثنية، ومفكّكا اجتماعيا تسيطر عليه عقلية العشيرة، وتلعب فيه الانتماءات إلى هذه العشيرة أو تلك الدور الأساسي في أكثر أوجه النشاط بكلّ ما يؤدّي إليه ذلك من التناقضات وألوان الغزو والصراع الرخيص.

ولم يكن البلد الذي نشأ فيه هذا الرسول قد عرف أيّ شكل من أشكال الحكم سوى ما يفرضه الولاء للقبيلة من مواضعات.

ان تاريخ المجتمعات وإن كان قد شهد في حالات كثيرة إنساناً يبرز على صعيد مجتمعه فيقوده ويسير به خطوةً إلى الامام غير أ نّنا هنا لا نواجه حالةً من تلك الحالات ; لوجود فوارق كبيرة.
اولا -نحن نواجه هنا طفرةً هائلةً وتطوّراً شاملا في كلّ جوانب الحياة، وانقلاباً في القيم والمفاهيم التي تتّصل بمختلف مجالات الحياة إلى الأفضل، بدلا عن مجرّد خطوة إلى الأمام.
فالمجتمع الوثني طفر رأساً إلى دين التوحيد الخالص، الذي صحّح كلّ أديان التوحيد الاُخرى، وأزال عنها ماعلق بها من زيف وأساطير و ان مجتمع القبيلة طفر رأساً على يد النبي إلى الإيمان بفكرة المجتمع العالمي الواحد.. وإنّ المجتمع الفارغ تماماً تحوّل إلى مجتمع ممتلئ تماماً، بل إلى مجتمع قائد يشكّل الطليعة لحضارة أنارت الدنيا كلّها.
فابنُ الصحراء التي لم تكن تفكّر إلاّ في همومها الصغيرة وسدّ جوعتها والتفاخر بين أبنائها ضمن تقسيمها العشائري، ظهر ليوحدها فى سبيل رسالة سامية و يقودها إلى حمل أكبر الهموم
وكلّ هذه التحوّلات الكبيرة تمّت في مدّة قصيرة جدّاً نسبياً في حساب التحوّلات الاجتماعية.



ثانيا - ان اى تطور شامل في مجتمع إذا كان وليد الظروف والمؤثّرات المحسوسة فلا يمكن أن يكون مرتجلا ومفاجئاً ومنقطع الصلة عن مراحل تمهّد له، وعن تيار يسبقه ويظلّ ينمو ويمتدّ فكرياً وروحياً حتى تنضج في داخله القيادة الكفوءة لتزعّمه، وللعمل من أجل تطوير المجتمع على أساسه.

وخلافاً لذلك نجد أنّ ابا الزهراء :salla1: في تاريخ الرسالة الجديدة لم يكن حلقةً من سلسلة، ولم يكن يمثّل جزءً من تيار، و الحنفاء الذين وجدوا قبله كانوا افرادا معدودين مشتتين و لم يكونوا يمثلون تيارا اصلا
و لم يكن عندهم الا موقف سلبى من العقيدة الوثنية دون ان يكون لديهم اى بديل فكرى ناضج فكانوا يتوقون الى ديانة اكثر منطقا الا انه لم يكن لديهم تصور عن كنهها و كان من بينهم زيد بن عمرو بن نفيل الذى تميز كما روى باستقلاله الفذ و كان يقر بشجاعة بجهله بالطريقة التى يمكنه بها عبادة الخالق
و هذا على فرض صحة ما نسب اليهم من اشعار و خطب و الا فما اثبته المحققون من وقوع الوضع فى حالة مهمة كحالة امية بن ابى الصلت يجعل الباحث يشك فى صحة اغلب ما نسب اليهم
وأمّا التيار الذي تكوّن من صفوة المسلمين الأوائل على يد النبي فقد كان من صنع الرسالة والقائد، ولم يكن هو المناخ المسبق الذي ولدت فيه الرسالة وتكوّن القائد.

ومن أجل ذلك نجد أنّ الفارق بين عطاء النبى :salla1: وعطاء أيّ واحد من هؤلاء لم يكن فارق درجة كالفوارق التي تبدو بين بذرة واُخرى من البذور التي تكوّن التيار الجديد، بل كان فارقاً أساسياً لا حدّ له
وهذا يبرهن على أنّ محمداً :salla1: لم يكن جزءً من تيار، بل كان التيّار الجديد جزءً منه.

ثالثا - يبرهن التاريخ ايضا على أنّ القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية لتيار جديد إذا تركّزت كلّها في محور واحد من خلال حركة تطوّر فكري واجتماعي معيّن فلابدّ أن يكون في هذا المحور من القدرة والثقافة والمعرفة مايتناسب مع ذلك، ولابدّ من أن يكون تواجدها فيه طبقاً لما يعرف عادةً من أساليب في حياة الناس، ولابدّ من ممارسة متدرّجة أنضجته ووضعته على خطّ القيادة لذلك التيار.

وخلافاً لذلك نجد أنّ محمداً :salla1: قد مارس بنفسه القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية، دون أن يكون هناك اعداد فكرى مناسب -على فرض انه تلقى اى نوع من الاعداد الفكرى --يرشّحه لذلك
ودون أن تكون له أيّ ممارسات تمهيدية لهذا العمل القياديّ المفاجئ.

و اختم فى هذه النقطة بقول القس جورج بوش فى كتابه الذى طبع مؤخرا و اثار ضجة " محمد مؤسس الدين الاسلامى و مؤسس امبراطورية المسلمين "/353:

(هكذا انتهت مهمة محمد على ظهر الارض , هكذا انتهت مهمة واحد من ابرز الرجال و اكثرهم جدارة بالالتفات على الاطلاق , هكذا انتهت المهمة الدنيوية لاكثر المدعين !! نجاحا و تصميما
لقد استطاع بطموحه الواسع ان يوجه المواهب الوطنية فتطورت بداياته المتواضعة الى ذروة القوة بين العرب , و كان قد بدا قبل ان يموت ثورة من اعظم الثورات التى عرفها تاريخ البشرية , لقد وضع اساس امبراطورية استطاعت فى ظرف ثمانين سنة فقط ان تبسط سلطانها على ممالك و بلاد اكثر و اوسع مما اسطاعته روما فى ثمانمائة سنة ,و تزداد دهشتنا اكثر و اكثر اذا تركنا نجاحه السياسى و تحدثنا عن صعود دينه و انتشاره السريع و استمراره و رسوخه الدائم .
و الحقيقة ان ما حققه نبى الاسلام و الاسلام لا يمكن تفسيره الا بان الله كان يخصهما برعاية خاصة
فالنجاح الذى حققه محمد لا يتناسب مع امكاناته , و لا يمكن تفسيره بحسابات بشرية معقولة
لا مناص اذن من القول انه كان يعمل فى ظل حماية الله و رعايته , لا تفسير غير هذا لتفسير هذه الانجازات ذات النتائج الباهرة
و لا شك انه يجب علينا ان ننظر للاسلام النص الدينى المحمدى فى ايامنا هذه بوصفه شاهدا قائما ينطوى على حكمة غامضة لله لا ندرى مغزاها !!) انتهى
هذا نص كلامه كما ترجمه الدكتور عبد الرحمن الشيخ , طبعة دار المريخ - الرياض 2005
لكن بوش يرى مع ذلك ان الله قدر هذا ليجعل الدعوة المحمدية سوط عذاب للكنائس التى ضلت السبيل لكى تعود الكنيسة لرشدها و ساعتها سينزاح الاسلام و يتنصر المسلمون ! ..

-----------------------
3- جاء ابو الزهراء :salla1: بقيم ومفاهيم عن الحياة والإنسان، والعمل والعلاقات الاجتماعية، وجسدت تلك القيم والمفاهيم في تشريعات وأحكام. وكانت تلك القيم والمفاهيم وهذه التشريعات والأحكام ـ حتى من وجهة نظر من لا يؤمن بربانيتها ـ من أنفس ومن أروع ما عرفه تأريخ الإنسان من قيم حضارية وتشريعات اجتماعية .

فابنُ مجتمع القبيلة ظهر على مسرح العالم والتاريخ فجأة ليعلن ان خارج الاخوة فى الله توجد الاخوة فى ادم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
و ان اختلاف المشاعر الدينية لا يجوز ان يحول بيننا و بين ان نبادل اخواننا فى الانسانية البر و الاحسان (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) و ان قسوة الكفار علينا لا ينبغى ان تدفعنا الى العدوان و لا لان نكون غير مقسطين فى معاملتهم (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ على الا تعدلوا )
و ان التقى العادل فى محيط الجماعة المسلمة هو كذلك خارجها (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ .. بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)

وابن ذلك الفراغ الشامل سياسياً واقتصادياً بكلّ ما يضجّ به من تناقضات الربا والاحتكار والاستغلال، ظهر فجأةً ليملأ ذلك الفراغ ويجعل من ذلك المجتمع الفارغ مجتمعاً ممتلئاً، له نظامه في الحكم، وشريعته في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ويقضي على الربا والاحتكار والاستغلال، ويعيد توزيع الثروة على أساس أن لا تكون دولة بين الأغنياء، ويعلن مبادئ التكافل الاجتماعي والضمان الاجتماعي التي لم تنادِ بها التجربة الاجتماعية البشرية إلاّ بعد ذلك بمئات السنين.
ورفع ابو الزهراء :salla1: المرأة الموءودة إلى مركز كريم , فالمرأة في النظام الإسلامي (نظام المعرفة والحقوق والقيم) تتبوأ نفس الموقع الذي يتبوأه الرجل في القيمة الإنسانية والمركز الحقوقي.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة) .(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)
وعلى هذا الأساس أكّد الإسلام أهلية المرأة الكاملة للحياة الروحية والتسامي فيها إلى أعلى المراتب، فأهليتها للتقرب من الله تعالى بالطاعة والعبادة كأهلية الرجل تماما.
وقد ورد التصريح بهذه الحقيقة في القرآن الكريم في عدة آيات منها قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب:35)

ومنها قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)

وبهذا أكد طهارتها الذاتية وبراءتها الأصلية في مقابل وصمها بالخطيئة الأصلية، لما نسب إلى السيدة حواء رضوان الله عليها من أنها ارتكبت المعصية الأولى بتناول الثمرة المحرمة، كما شاع ذلك في اليهودية والنصرانية وغيرهما من الديانات القديمة.

و بين أن مخالفة الإرشاد الإلهي لم تحصل من حواء وحدها بل شاركها فيها زوجها آدم عليه السلام،(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) ثم بين ان آدم وزوجه تابا وقبل الله توبتهما، (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ثم قطع دابر كل شبهة في سريان آثار الذنب إلى غير مرتكبه، وبين أن البشر بريئون مما ارتكب أبواهم، فقال تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

وقد رتب القران على تأكيد تمتع المرأة بالإنسانية الكاملة وأهليتها الروحية والأخلاقية الكاملة، وطهارتها وبراءتها الكاملة، وجوب إكرامها واحترامها، وحرَم كل إساءة إليها وتشاؤم فيها. بنتا وأختا وأمّا وزوجة وعضوا في المجتمع.

فحرم وأد الأنثى: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )

وقال تعالى في شأن التشاؤم بالأنثى، في سياق بيان بعض ملامح ثقافة الشرك والجاهلية وسلوك المشركين: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ.يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
و أوجب إكرام المرأة في المجتمع بقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم)
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات:11)

وخصص المرأة بأعظم التكريم والرعاية والاحترام ، فقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً )
ورفع المرأة، الزوجة، من مستوى الرقيق، التابعة للزوج، إلى مستوى الشريك الكامل ، فقال تعالى من جملة آيات كثيرة : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(الروم: من الآية21)
وقال تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف)
لقد بين القرآن الكريم أصول النظرة إلى المرأة في جميع حالات و أصول السلوك تجاهها.
وقد ترتب على ذلك وضع حقوقي اثبتة الشارع المقدس للمرأة في مجال الأهلية الشخصية (في الولاية على الذات)و الاقتصادية، فأثبت لها الولاية على نفسها ومالها وعملها حين تبلغ سن التكليف وتكون رشيدة في تصرفاتها.
لقد ساوى الإسلام بينها وبين الرجل في كل شيء، سوى بعض الموارد التي اختلف فيها وضعها الحقوقي عن الرجل لأسباب موضوعية ناشئة من نفس مجال الاختلاف
و جاء ابو الزهراء :salla1: ايضا بالعتق للرقيق و وضع اساسا لتحريرهم
و جاء فى مجال الفضيلة الشخصية بمبادىء لم يعرفها اهل الكتاب المعاصرون له كتحريم الخمر , و مبدا النية باعتبارها لب العمل الاخلاقى باعتبار ان الهدف الذى ينبغى على الانسان الفاضل ان يقصده ليس فى ملكوت السماء و لا فى ملك الدنيا انما هو اعلى من هذا كله . انه هو الخير المطلق اى فى ابتغاء وجه الله تعالى الذى يجب استحضاره فى القلب عند اداء العمل الانسانى بتنفيذ اوامره(وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)(وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى)
و اوجد فصلا رائعا فيما يمكن تسميته بالحضارة الاخلاقية . انه تقنين حقيقى فى الادب , و الذوق الاجتماعى , و التحشم فى المظهر
و فى ميدان الفضائل الجماعية و الفضائل العامة جاء بمبدا التضامن بان يكون المؤمنين جماعة موحدة لا تنقسم بدون فرقة او انشقاق فالاسلام ليس دينا فحسب و انما هو اخوة فى الله و المسلمون فى توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى اليه سائر الاعضاء بالسهر و الحمى , و جاء بمبدا اخر و هو على جانب كبير من الاهمية فى الناحية الاخلاقية و هو التزام جميع المسلمين بالا يتركوا المنكر و الظلم و الطغيان يسود فى مجتمعهم و ضرورة ان يتواصوا بالحق و الفضيلة و هو ليس حق بل واجب على كل مسلم
و فى ميدان الفضيلة فى المعاملات الدولية و بين الاديان جاء بفصل جديد و تشريع اخلاقى لظروف السلم و الحرب تضمن القران مبادئه الاساسية و منها ان الحرب الشرعية لا تقوم الا من اجل درء العدوان (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) و يجب ان تتوقف بمجرد انتهائه (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) و هناك بعد ذلك المبدا الذى يحترم المواثيق المبرمة مع العدو مهما كانت فرص عقدها غير متكافئة فالمعاهدة الموقعة بين الاطراف واجبة الاحترام حتى و لو كانت فى غير صالحنا (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ - وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ)
و حتى اذا بدا العدو فى نقض اتفاقه فلا يحق لنا مهاجمته على غره بل يجب اولا اعلانه بالغاء عهده معنا بطريقة واضحة بحيث يتيسر له العلم بقرارنا (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ)
و لا يتسع المقام للتفصيل
-----------------------
4- و جاء ابو الزهراء ايضا بالقران العظيم الذى – اضافة الى هديه الشامل العميق – قد خرق العادة عند العرب فى نظم كلامهم و قد بلغ في روعة بيانه وبلاغته وتجديده في أساليب البيان- - إلى درجة جعلت منه حتى من وجهة نظر غير المؤمنين بربّانيته ـحدّاً فاصلا بين مرحلتين من تاريخ اللغة العربية، حتى و ان لم يعترفوا بكونه معجزة الهية
يقول القس الحداد :" اعجاز القرآن فى النظم والبيان، قضية لا يكابر فيها انسان تحلى بالنزاهة والعرفان. ونشهد أن اعجاز القرآن، فى النظم والبيان، هو معجزة اللغة العربية على كل لسان. لكن هل يصح اعتبار هذا الاعجاز اللغوى معجزة "..
و الذي كان يحمل إليهم هذا الزاد الأدبي الجديد على حياتهم إنسان مكث فيهم أربعين سنةً، فلم يعهدوا له مشاركةً في حلبة أدبية، ولا تميّزاً في أيّ فنّ من فنون القول.
و افضل ما عبر عن روعة و تميز البلاغة القرانية ما كتبه الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله فى كتابه " النبا العظيم "
--------------------
5- الانتاج العلمى :لقد سالت من بين اصابع ابى الزهراء :salla1: بحار من العلوم الالهية و الحكمة و الهدى ولا زال بحر العلم و الهدى و الحكمة الذى سال من بين اصابعه يتدفق الى يومنا و ليس له سواحل و لا لعمقه حد, و كما يقول بعض الافاضل :فالقرآن والأحاديث الشريفة التي نرويها للرسول والفقه المتولد منها والعلوم الكثيرة من أخلاق ومنطق وسياسة وعقيدة سليمة موحدة لله لا يستطيع الإتيان بها عالم .ففي زمننا العجيب الذي توفرت فيه الإمكانات العلمية وأدواتها والبحوث المدعومة واتساعها، لا يستطيع عالم أن يأتي بما أتى به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رغم أن بعض العلماء يقرأ بحدود 15 ساعة يوميا ، وبعمر يناهز التسعين سنة مع أنه يبتدئ العلوم من سن السادسة ، ومع ذلك لا يستطيع أن يجاري مهمة الرسول وهو قد ابتدأ النبوة في سن الأربعين ومات في سن الثالثة والستين.

-------------------------
6- لا معلم :
لقد جاهد خصوم الاسلام سلفا و خلفا لاثبات معلم للنبى :salla1: و لكن لا اهمية لذلك فحتى لو فرضنا جدلا انه تعلم بعض القصص من ورقة او غيره فليس فى هذا التعلم المزعوم ما يعتبر اعدادا فكريا يناسب ما جاء به ابو الزهراء و ما حققه
و مع ذلك فكل محاولات خصوم الاسلام فى ذلك الصدد تخبط و تكلف و تعنت حيث عمدوا الى افراد من الذين امنوا بنبوة ابى الزهراء :salla1: ليزعموا انهم اساتذته ! كابن سلام و سلمان رضى الله عنهما,و كذلك ورقة بن نوفل حسب رواية البخارى التى يحتج بها خصوم الاسلام
يقول الدكتور محمد عبد الله دراز فى " النبا العظيم ":
(و اما الذين لقوه بعد النبوة فقد سمع منهم و سمعوا منه و لكنهم كانوا له سائلين و عنه اخذين و كان هو لهم معلما و واعظا و منذرا و مبشرا
و اما الذين راهم من قبل فان امر لقائه اياهم لم يكن سترا مستورا بل كان معه فى كل مرة شاهد : فكان عمه ابو طالب رفيقا له حين راى راهب الشام و كانت زوجه خديجة رفيقة له حين لقى ورقة فماذا سمعه هذا الرفيقان من علوم الاستاذين ؟! هلا حدثنا التاريخ بخبر ما جرى ؟ .. على ان التاريخ لم يسكت بل نبانا بما كان من امر الرجلين فقد حدثنا عن راهب الشام انه لما راى الغلام راى فيه من سيما النبوة الاخيرة و حليتها فى الكتب السابقة ما انطقه بتبشير عمه قائلا : ان هذا الغلام سيكون له شان عظيم
و حدثنا عن ورقة انه لما سمع ما قصه عليه النبى من صفة الوحى وجد فيها من خصائص الناموس الذى نزل على موسى ما جعله يعترف بنبوته و يتمنى ان يعيش حتى يكون من انصاره )

و لا يخفى على بصير ان محمدا :salla1: قد واجه اهل الكتاب بثقة مطلقة لا تصدر ابدا عن انسان تلقى من احد اليهود او النصارى علوما فضلا ان يتتلمذ عليه و لو حدث شىء من ذلك لما واجههم بكل هذه الثقة المطلقة ,بل لقد تعامل بهم باستاذية
و كما يقول الدكتور محمد عبد الله دراز :"هل كان فى العلماء يومئذ من يصلح ان تكون له على محمد و قرانه تلك اليد العلمية ؟
يقول الملحدون انفسهم :" ان القران هو الاثر التاريخى الوحيد الذى يمثل روح عصره اصدق تمثيل " و هذه كلمة حق فى حدود معناها الصحيح .. فليقراوا الزهراوين البقرة و ال عمران و ما فيهما من المحاورة لعلماء اليهود و النصارى فى العقائد و التواريخ و الاحكام , او ليقراوا ما شاؤا من السور المدنية و المكية التى فيها ذكر اهل الكتاب , و لينظروا باى لسان يتكلم عنهم القران , و كيف يصور لنا علومهم بانها الجهالات , و عقائدهم بانها الضلالات او الخرافات , و اعمالهم بانها الجرائم و المنكرات
فان انت احببت زيادة البيان فاليك نموذجا من وصفه و تفنيده لاغلاطهم و مغالطاتهم التاريخية ( يا اهل الكتاب لم تحاجون فى ابراهيم و ما انزلت التوراة و الانجيل الا من بعده افلا تعقلون ) ( ام تقولون ان ابراهيم و اسماعيل و اسحق و يعقوب و الاسبط كانوا هودا او نصارى )(ان اول بيت وضع للناس للذى ببكة ) ( كل الطعام كان حلا لبنى اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسه ) و هذا طرف من وصفه و تفنيده لخرافاتهم الدينية (و ما مسنا من لغوب )(و ما كفر سليمان ) (لقد سمع الله قول الذين قالوا ان الله فقير و نحن اغنياء )(و قالت اليهود يد الله مغلولة )(و قالت اليهود عزير ابن الله )( و قالت اليهود و النصارى نحن ابناء الله و احباؤه – لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم) .( لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة )..
فانظر كيف صور القران عقيدة هؤلاء علماء الدين فى زمنه و لا سيما علماء النصارى فقد كان طابع الشرك فى ديانتهم لا يخفى على احد حتى ان الاميين فطنوا له فاتخذوا منه عزاءا لهم فى شركهم (و لما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون و قالوا االهتنا خير ام هو ) بل اتخذوا منه حجة على ان التوحيد الذى دعاهم اليه القران بدع فى الدين لم يسبق اليه فقالوا ( ما سمعنا بهذا فى الملة الاخرة ) يعنون ملة النصرانية

و هذه سلسلة اخرى من جرائمهم يسردها القران متواصلة الحلقات (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً 155 وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا 156 وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا 157 بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 158 وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا 159 فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا 160 وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

فهل ترى فى هذا كله صورة اساتذة يتلقى عنهم صاحب القران علومه ؟ ام بالعكس ترى منه معلما يصحح لهم اغلاطهم و ينعى عليهم سوء حالهم )


و اضيف ان هناك بالفعل بشارات بالاسلام لا زالت فى كتب اهل الكتاب و بعضها ورد فيه اسمه صلى الله عليه و اله و سلم كما فى العهد القديم فى سفر حجى:
مشتهى كل الأمم : " وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ فَأَمْلأُ هَذَا الْبَيْتَ مَجْداً قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ . " ( حجي2/7 ).
ان لفظ " مشتهى" هو بالعبرية من الجذر "حمد " و المعنى " محمود كل الامم " اى محمد .
و قد حاول القس المصرى عبد المسيح بسيط ابو الخير الرد على ذلك فى كتابه " هل تنبا الكتاب المقدس عن نبى اخر ياتى بعد المسيح " بالقول بان هذا اللفظ ورد فى مواضع اخرى و كان فى احدها مضاف الى لفظ "اسرائيل", و فى موضع اخر مضاف الى لفظ "النساء " ثم قال : هل يقبل المسلمون ان يقال " محمد اسرائيل " او " محمد النساء " ؟!و هو رد عجيب فورود لفظ الحمد فى سفر حجى يختلف عن المواضع و السياقات الاخرى التى ذكرها القس لان نبوءة سفر حجى خاصة بالبشارة بنبى اخر الزمان او بالمسيا الذى كان ينتظره اليهود فهى تعطى لقبا لهذا المنتظر هو انه محمود من كل الامم و انطباقه على محمد واضح . و قد اقر القس نفسه بتميز سياق سفر حجى و انه متعلق بالشخصية المنتظرة و ان سماها مسيا حيث قال صفحة 95 :" و مشتهى كل الامم هو المسيا "
فما ذكره لورود جذر حمد فى مواضع اخر مضافا لاسرائيل و للنساء الا نوع من الشغب لا يليق بعالم مثله
يقول الدكتور نصر الله ابو طالب فى كتابه القيم " تباشير الانجيل و التوراة بالاسلام و رسوله محمد " /509:
(نقل م.ا. يوسف فى كتابه بالانجليزية " مخطوطات البحر الميت " ص 110 عن السير قروفرى هيقين sir godfrey Higgins فى كتابه anacalypsis بان اسم المسيا الذى سياتى بعد عيسى قد ظهر فى فصل 2 اية 7 " و ياتى مشتهى كل الامم " فالحروف العبرية هنا حمد hmd من النص العبرى علق عليها قروفرى هيجين بقوله :
From this root,the pretended prophet mohammed or mohamet had his name " sir hggin says ,"here Mohammed is expressly foretold by haggi ,and by name , there is no interpolation here . there is no evading this clear text and its meaning .."
و هو ما يمكن ترجمته الى ما يلى :
" من هذا الجذر – يعنى كلمة حمد – فان هاهنا اخبارا واضحا عن محمد بواسطة حجى النبى بالاسم , و بدون اى ادخالات على النص , و لا مهرب من هذا النص الواضح و معناه و ما يعنيه .."
فمشتهى تنطق بالعبرية حمادا , فيكون ذلك ذكرا صريحا لاسم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم " .
و لا اقول بان المسيا او المسيح المنتظر هو محمد و ليس فى نبوءة حجى ذكر للمسيا بل هى بشارة بشخص يبعثه الله تحمده كل الامم و تلقبه بانه محمود , و هو واضح فى محمد صلى الله عليه و اله و سلم. و اليهود كما كشفت لفائف البحر الميت كانوا ينتظرون مسيحين احدهما مسيح معلم هارونى – و هو عيسى عليه السلام – و الاخر مسيح ملكى – و هو فى اعتقادنا المسيح الدجال – و كانوا ينتظرون ايضا نبيا يلقبونه نبى اخر الزمان او كما ورد فى the dead sea scriptures page 15 :

"the prophet that is to arise at the end of days "

اما فى العهد الجديد فيستدل على ورود اسمه صلى الله عليه و سلم بنبوءة " البركليت " التى وردت فى انجيل يوحنا حيث بشر المسيح عليه السلام بمجىء شخص من بعده عبر عنه بلفظ ينطق باليونانية : بركليت , و هى كلمة تحتمل احد معنيين :
1- المعزى و هو المعنى الذى يتمسك به اهل الكتاب او كما يقولون هو اقنوم الروح القدس
و الواقع انه لا وجود لهذا الاقنوم الا فى خيال المسيحيين الذين ابتدعوا هذا الاقنوم بعد المسيح
2- المحمود او احمد Periklytos
و قد ذكر القران الكريم ان المسيح بشر بنبى اسمه احمد ,
"وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ "
و لعل اعجب ما قيل فى هذا الصدد هو كلام المستشرق tisdall فى كتابه the original sources of quran صفحة 190 حيث قال ان محمدا قد اغوى عن طريق جاهل مرتد عن المسيحية خلط بين كلمتى باراكليتوس و بريكليتوس التى تعنى " احمد "
Muhammed was misled by some ignorant but zealous proselyte or other disciple ,who confounded the word used in these verses (joun xiv ,16,26'xvi,7)with another greek word , which might without avery great stretch of the imagination , be interpreted by the Arabic word " ahmad " the greatly praised "
و هناك دراسة فى البشارات اتوق للاطلاع عليها و هى للباحث الفذ جمال الدين شرقاوى

-------------------------

7- لا مصادر علمية للقران :
داب خصوم الاسلام على اتهام ابى الزهراء صلى الله عليه و سلم بانه استمد مادة القران من الكتاب المقدس و الواقع انها دعوى متهافتة ,فالاختلافات بين القران و بين العهد القديم جلية واضحة , بل لا مجال اصلا للمقارنة بينهما ,لكن لنذكر على سبيل المثال امثلة للاختلاف فى اصول العقائد :

1- نفى القران ان الله تعالى تدركه الابصار ,و نفى ان موسى او بنى اسرائيل راوا الله تعالى

" لاَ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الانعام : 103

(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلكِن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الاعراف : 143

(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ )البقرة : 55

(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّل عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) النساء : 153

اما فى العهد القديم فمما ورد فيه صريحا فى رؤية الرب ما جاء فى سفر الخروج - الاصحاح 33 :

18 فقال أرني مجدك.
19 فقال أجيز كل جودتي قدامك. وانادي باسم الرب قدامك. واتراءف على من اتراءف وارحم من ارحم.
20 وقال لا تقدر ان ترى وجهي. لان الانسان لا يراني ويعيش.
21 وقال الرب هوذا عندي مكان. فتقف على الصخرة.
22 ويكون متى اجتاز مجدي اني اضعك في نقرة من الصخرة واسترك بيدي حتى اجتاز.
23 ثم ارفع يدي فتنظر ورائي. واما وجهي فلا يرى


وعلى هذا فالربّ يُرى قفاه ولا يُرى وجهه !!

و فى سفر الخروج 24
9 ثم صعد موسى و هرون و ناداب و ابيهو و سبعون من شيوخ اسرائيل
10 و راوا اله اسرائيل و تحت رجليه شبه صنعة من العقيق الازرق الشفاف و كذات السماء في النقاوة
11 و لكنه لم يمد يده الى اشراف بني اسرائيل فراوا الله و اكلوا و شربوا

اضف الى ذلك اهتمام القران البالغ بالحديث عن الاخرة , التى لا نجد لها حضورا يذكر فى العهد القديم
و كذلك الاختلاف فى الحديث عن النبوات :فليس فى القران الكريم ما فى العهد القديم من افعال مشينة منسوبة للانبياء , بل فى القران تصحيح لذلك ومثلا براالقران الكريم هارون عليه السلام من تهمة صناعة العجل التى الصقها به العهد القديم
كما ان فى القران الكريم قصص ليست موجودة اصلا فى العهد القديم , مع ما فى القصص القرانى من عبر و عرض متميز لسنن التاريخ البشرى ليس له مثيل فى العهدين
اما الاقتباس من المسيحية , فقد خالف القران المسيحية فى نظرتها للمسيح ,و لم يوافق رؤية اليهود مثلا ليستقطبهم
فدعوى اقتباس القران الكريم من العهدين لا تصدر الا عن جاهل بالقران و بالعهدين
يقول القس الحداد :
( قيل : اسلام القران هو تعريب اليهودية ..
قيل : اسلام القران هو تعريب المسيحية..
قيل : اسلام القران هو اسلام اليهودية و المسيحية مؤتلفا و يسلك المستشرقان العظيمان نلدكة و جولدتسيهر طريقا وسطا فهما يعتبران اسلام القران تعريب اليهودية و المسيحية معا .. و هذه النظرية اقرب الى معطيات القران و السيرة ..و لكنه فاتهما ما فى هذه النظريات الجزئية من تعارض تبقى معه مشكلة المصادر قائمة , ما فى الدعوة القرانية من اطوار و ما فى شخصية النبى من استقلال
فليس فى القران من مصادر بالمعنى العلمى اى اقتباسات
انما فى الدعوة القرانية اطوار تطورت فيها بتاثير تجارب دينية متتابعة حتى اخذت صيغتها النهائية فى العهد الاخير بالمدينة !
يظهر ان اتصال محمد بالكتاب كان بالكتب ( المنحولة ) المفسرة للعهد العتيق و الجديد عند اليهود و النصارى اكثر منه بالكتاب المقدس الرسمى بسبب شعبيتها !!
و كان اتصاله غالبا بواسطة البيئة و عن طريق السماع و الاتصال عن طريق البيئة ابلغ من الاتصال الفردى
و هذا يعود الى شخصية محمد الفذة المستقلة , و نشوئها على الحنيفية العربية المستقلة
يظهر لنا ذلك من السيرة و القران فلو كان محمد شديد التاثر ببيئته لكان تبع نسيبه ورقة نوفل مترجم الانجيل الى العربية فى نصرانيته , لقد اهتدى محمد فى جوار ورقة الى التوحيد الكتابى الانجيلى لكنه لم يصر مسيحيا مثل ورقة !..
لذلك نقول ليس للقران مصادر بالمعنى العلمى انما هى تجارب دينية متعددة مر بها النبى الامى و هو يدعو قومه الى توحيد الله و عبادته و قد رسب منها فى وجدانه الحى اشياء و اشياء صهرتها و طورتها عبقريته الفذة فى التنزيل القرانى )

فقد اقرالقس بحقيقة ان القران ليس مستمدا من الكتاب المقدس و لجا كما يلجا غيره من القساوسة الى الزعم بان ثقافة محمد الكتابية مستمدة من معلوماته السمعية عن الكتب الاخرى ( المخفية )التى قال الحداد و يا للعجب انها اكثر شعبية بين اهل الكتاب من كتابهم المقدس !!
اما مزاعم الحداد عن اطوار الدعوة القرانية فقد فندها الاستاذ محمد عزة دروزة رحمه الله فى رده على الحداد ( القران و المبشرون )
فالقران ليس له مصادر علمية كما اقر القس الحداد
اما اتفاق القران مع مواضع فى كتب الابوكريفا فقد تضمن دلالة على ان القران ليس من تاليف محمد (ص) و كما يقول الباحث هشام محمد طلبة فى كتابه " محمد فى الترجوم و التوراة و التلمود ..":
سنجد دائما هذه القرائن القرانية فى هذه الكتب مع ان عدد هذه الكتب كبير جدا , كما ان الكتاب الواحد له له اكثر من نص , التوراة نفسها سينية لها ستة نصوص اساسية ( البشتيا – الفولجاتا – الشبعينية – السامرية – الترجوم – القياسية ) : النسخة القياسية لها ثلاث نصوص فرعية ( الالوهى – اليهوى – الكهنوتى ) هذه هى النصوص الاساسية عدا العديد من النصوص الفرعية و اى ناشر للكتاب المقدس يجب ان يستخدم اكثر من نص من هذه النصوص مستعينا بعلم يسمونه " علم نقد النصوص "ليصلوا لنص اقرب ما يكون للنص الاصلى المفقود ..سنجد دائما هذه الشواهد القرانية مع ان هذه الكتب المذكورة كتبت بلغات مختلفة العبرية , السامرية , اللاتينية , اليونانية , الارامية , السريانية , القبطية الحبشية , المندائية , و غيرها عدا العربية
مع ان هذه الكتب لم نجدها مرة واحدة بل لقد جمعت على مر قرون طويلة منذ القرن الرابع الميلادى حتى الان
اغلب هذه الكتب وجدناه بعد وفاة محمد –ص- اخر ما وجدناه مخطوطات البحر الميت (1947-1956)
سنجد دائما هذه الشواهد القرانية فى كتب السابقين مع ان هذه الكتب لم نجدها فى مكان واحد بل فى اماكن متعددة كسيناء و نجع حمادى و القاهرة , كهوف البحر الميت , الحبشة , الفاتيكان , مكتبات نبلاء اوروبا
مع ان هذه الكتب كانت نادرة فى عهد النبى :salla1: لان النسخ كان يدويا و لم تكن هناك طباعة و كذلك لحرق كتب اتباع الاديان المضطهدة النصارى خاصة
سنجد دائما هذه الشواهد مع ان حجم الكتب ايامه صلى الله عليه و سلم كان كبيرا و كانت على هيئة قراطيس من العسير تداولها سرا
سوف اعطى مثالا لهذه الخاصية " الشواهد القرانية فى اسفار السابقين ":
من المعروف ان قصة يوسف هى الوحيدة التى نجدها فى القران متتالية فى موضع واحد . هذه القصة لا نجدها كما هى فى اى كتاب من كتب اليهود او النصارى
- سنجد قسما منها فى التوراة التى بين ايدينا الان ( قياسية – سبعينية ) مع وجود تفاصيل فى الرواية التوراتية لا نجدها فى القران كقطع التوراة لسرد قصة يوسف دون اى مناسبة لتروى لنا قصة اخرى و هى مضاجعة يهودا لزوجة ابنه !
- - اما القسم الثانى من رواية يوسف فى القران فسنجده فى عدد كبير من كتب اهل الكتاب غير التوراة و سنجد هذا القسم مشتتا تماما , فجزئية قص يوسف رؤياه على ابيه اولا نجدها فى كتاب " العاديات اليهودية " للمؤرخ يوسيفوس , و جزئية (( ارسله معنا غدا يرتع و يلعب )) فى كتاب ( بسكيتارباتى و سيفر عدد )
- هذان الكتابان اتفقا مع القران فى ذلك و اختلفا فيها مع التوراة نفسها
- و جزئية " و اوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا " فى كتاب . و جزئية " و شروه بثمن بخس " فى كتاب . و جزئية " و جائوا اباهم عشاءا يبكون " فى كتاب ( عهود الاسباط و هو من كتب الاسرار ) و جزئية " فاكله الذئب " فى كتاب " yashar wa yesheb"
و هكذا فى اكثر من 26 جزئية كتلك التى ذكرناها انفا فى اكثر من 30 كتابا
كل هذه الكتب سالفة الذكر وجدنا لها تفاصيل عديدة غير منطقية لا تذكر فى القران الكريم كذكر كتاب " تنهوما " ان يهودا حين اخذ منه بنيامين دخل فى صراع مع يوسف و نزلت الملائكة لتشاهد الصراع بين يوسف " الثور " و يهودا " الاسد " !! و يضيف كتاب br و التلمود هنا ايضا ان رجال يوسف الاقوياء فقدوا اسنانهم بسبب صرخة يهودا !! و يذكر الكتابان فى موضع اخر ان ملاك العاطفة هو الذى حث يهودا على مضاجعة زوجة ابنه المذكورة فى التوراة !
هذا عن القسم الثانى فى الرواية القرانية اما القسم الاخير فلا نجده فى التوراة او غيرها فلا بد اذن ان محمدا –ص- كانت لديه مخطوطات اخرى اضافة لكل ما ذكر من مصادر لم نجدها حتى الان !!و هذا مستحيل
هذه الخاصية – الشواهد القرانية فى كتب السابقين – نستنتج منها انه من المستحيل على رجل مثل محمد صلى الله عليه و سلم ان يقرا كل صحيفة فى كل كتاب من كتب لم نعرف نحن الان اكثرها الا متاخرا جدا , ثم يستبعد التفاصيل غير المنطقية ثم ياخذ من هذا ما يستقيم مع ذلك , ثم يقدم هذا النتاج فى صورة بيانية رائعة و لا بد انه قد فعل كل هذا فى السر ايضا !
ان هذا هو المستحيل بعينه خاصة كيف اطلع على كتب الاسرار apocrypha الخاصة بكل طائفة ؟ )

---------------------
8- الثقة المطلقة :
موضوع القصص القرانى الاساس ليس موضوعا تاريخيا و لا سردا للاحداث و الوقائع انما موضوعه الهدى و العبرة و العظة , و ما اقتنعت به ان القصص القرانى يتضمن نبوءة غيبية تحققت بلا شك
فالقصص فى القران المكى كان ينزل كما اعلن القران - فى ذروة استضعاف الدعوة المحمدية – ليثبت فؤاد ابى الزهراء (ص) و يبشره بان رسالته ستنتصر كما انتصر الرسل السابقون
و ان مصير كفار مكة هو الخزى فى الدنيا ان لم يؤمنوا
"وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ"
و هذه الثقة المطلقة مما يلفت النظر فى القران الكريم , و قليلة هى السور المكية التى لا تتوعد من يكذبون ابا الزهراء – ص- و يؤذونه بالقول و الفعل و حبك المؤامرات , و هذا التوعد و تلك الثقة المطلقة يتخذان صورا مختلفة :
فقد يقص القران قصص الامم الخالية التى وقفت من رسلها ما وقفه اعداء محمد منه , و كيف كانت نهايتهم سوداء منكرة ,و هذه القصص من الكثرة فى القران بما لا داعى معها للاستشهاد بشىء منه و هذا مفتاح مهم لفهم الحكمة من القصص القرانى فى العهد المكى ,بل ان بعض السور قد اقتصر على اخبار تلك الامم مع رسلها او كاد مثل سورة " يونس " و " هود " و " ابراهيم " كما ان هناك سورة سميت باسم " الانبياء "
و بعض هذه القصص يتعلق بامم لم يرسل اليها رسول و لكنها كفرت بانعم الله فاذاقها الله الفقر و دمر حضارتها , و ذلك مثل الايات التى تتحدث عن سبأ و جنتيهم اللتين بدلتا جنتين ذواتى اكل خمط و اثل و شىء من سدر قليل , و اسفارهم التى باعد الله بينها و جعلهم احاديث ,و كذلك الاية التى ضرب الله فيها "مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ"

و قد يورد القران قصة فرد نال عقابه جزاء كفره و طغيانه كما فى قصة صاحب الجنة فى سورة الكهف ,و كقصة قارون
و نلاحظ ان اسلوب القصص القرانى يختلف تماما مع اسلوب القصص فى الكتاب المقدس ,ففى القران سمة اسلوبية فريدة لا نجدها فى الكتاب المقدس الذى طالما اتهم ابو الزهراء :salla1: بانه اعتمد عليه كثيرا فى تاليف القران – بل و لا نجدها ايضا فى الحديث النبوى - و هى ان اسماء الاشخاص فيما عدا الانبياء حتى اسماء معاصريه سواء من الصحابة او من الكفار و من العرب او من الاعاجم, بل ايضا اسماء المدن و القرى و المواضع بوجه عام , تكاد ان تنعدم فى القران. و قد تنبه علماء الاسلام الى هذه السمة و درسوها تحت عنوان " المبهمات " و ما اشبه -كما نبه الى هذه السمة المستشرقون مثل ماسون masson فى مقدمة ترجمتها للقران الى الفرنسية - و الذى يرجع الى الكتاب المقدس سيهوله على الفور هذا الفرق بينه و بين القران فالكتاب المقدس يعج باعداد هائلة من اسماء الافراد العاديين و القواد و الملوك و الشعوب و المدن و المواضع .. الخ الى درجة تصيب حتى القارىء المتخصص بالدوار ..و لو رجعنا الى الاحاديث النبوية سنجد انها تعج ايضا بالاسماء .


--------------------------

9- القران و الحديث
طالما استند خصوم الاسلام الى الاحاديث للطعن فى محمد :salla1: لكن لم يلتفت نظرهم الى ذلك الاختلاف بين اسلوب القران و اسلوب الحديث المحمدى
و للدكتور ابراهيم عوض حفظه الله دراسة قيمة فى ذلك تقع فى نحو 570 صفحة و مجموع ما ذكره يدل بقوة على ان القران ليس من تاليف ابى الزهراء :salla1: و لا يمكننى بالطبع تلخيصه هنا لكن اشير الى محاور الدراسة :
- ذكر فى اكثر من 70 صفحة الفاظا ترددت كثيرا فى الحديث لارتباطها بعصر الرسول و بيئته ارتباطا شديدا و لم ترد مطلقا فى القران
- ثم ذكر فى اكثر من 50 صفحة كلمات متفرقة لها علاقة بالدين وردت فى الحديث و تكررت بكثرة و لم ترد فى القران
- ثم ذكر فى نحو 30 صفحة اسماء وردت فى القران مفردة و فى الحديث مجموعة او العكس , و ذكر فى 20 صفحة ثنائيات حديثية ترددت بكثرة و لا وجود لها فى القران
- ثم ذكر فى اكثر من 20 صفحة الفاظا استخدمت بكثرة فى الحديث بمعان او فى سياقات يختلف عما فى القران
ثم ذكر فى اكثر من 200 صفحة تعبيرات موجودة فى الاحاديث و ليست موجودة فى القران او موجودة فى القران فقط او موجودة فى كليهما لكن فى استعمالها فى احدهما خصوصية تميزه تمييزا واضحا عن استعمالها فى الاخر
- ثم ذكر فى قرابة 80 صفحة صورا حديثية وردت بكثرة و لم ترد فى القران , و تراكيب وردت بكثرة فى الحديث و لم ترد فى القران
- ثم عقد مقارنة فى 80 صفحة بين القران و الحديث فى القسم , و اسماء الاعلام , و التكنية و التصريح , و الله و الشيطان , و القصة فى القران و الحديث , و تناول ايضا المقارنة بين اسلوب القران فى ذلك و اسلوب الكتاب المقدس
هذه مجرد اشارة لمحاور الدراسة و لا تغنى بالطبع عن الاطلاع عليها
و مما لفت نظرى فى هذا الصدد ان القران خلا تماما من اى ذكر لاسم على بن ابى طالب خصوصا رغم ان هناك عناية واضحة فى الحديث النبوى بذكر مناقبه فضلا عن غيره من كبار الصحابة و اهل البيت و زوجات النبى :salla1: و هى نقطة جديرة بالتامل و تدل على الاختلاف الكبير بين اسلوب القران و الحديث و هو اختلاف -كما يدرك من تامله مجموع ما ذكره الدكتور ابراهيم عوض- يدل بقوة على ان القران ليس من تاليف محمد :salla1:
و هناك تساؤل لفت النظر اليه الدكتور دراز فى" النبا العظيم "هو لماذا نسب محمد :salla1: القران لغيره و هو حسب افتراض خصومه انفس اثار عقله و اغلى ما جادت به قريحته؟ .
فان قيل : انه راى فى نسبته الى الوحى الالهى ما يعينه على هدفه المفترض باستيجاب طاعة الناس له و نفاذ امره فيهم لان تلك النسبة تجعل لقوله من الحرمة و التعظيم ما لا يكون له لو نسبه لنفسه
فهذا فى الواقع قياس فاسد فى ذاته لان صاحب هذا القران قد صدر عنه الكلام المنسوب الى نفسه و الكلام المنسوب الى الله فلم تكن نسبته ما نسبه الى نفسه بناقصة من لزوم طاعته شيئا , و لا نسبة ما نسبه الى ربه بزائدة فيها شيئا , بل استوجب على الناس طاعته فيهما على السواء ,فكانت حرمتهما فى النفوس على سواء , و كانت طاعته من طاعة الله و معصيته من معصية الله , فهلا جعل كل اقواله من كلام الله تعالى لو كان الامر كما يهجس به ذلك الوهم
--------------------------
10- اخيرا لا اخرا فان القران الكريم كتاب هداية و ليس كتاب كيمياء او فيزياء لكن هناك اشارات فى القران الكريم تتضمن سبقا علميا لم يفطن اليها القدماء و هو ما كنت مقتنعا بضرورته فيما يدعى انه اعجاز علمى اى لا بد ان تكون الاية المتضمنة لذلك مما حير القدماء و ربما اخطاوا فى تفسيره , و هذه ثلاث امثلة :
1-"يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ " النحل :69
يقول الشريف الرضى رحمه الله :
" و العسل عند المحققين من العلماء غير خارج من بطون النحل .
و انما تنقله بافواهها من مساقطه و مواقعه من اوراق الشجر و اضغاث النبات , لانه يسقط كسقوط الندى فى اماكن مخصوصة و على اوصاف معلومة , و النحل تتبع تلك المساقط و تعهد تلك المواقع فتنقل العسل بافواهها الى كوراتها و المواضع المعدة لها
فقال سبحانه " يخرج من بطونها " . و المراد :" من جهة بطونها ", و جهة بطونها افواهها
و هذا من غوامض البيان و شرائف هذا الكلام "
تلخيص البيان فى مجازات القران /68
فانظر كيف ان العلماء المحققين فى عصر الشريف الرضى ( القرن الخامس الهجرى ) يقررون ان العسل لا يخرج من بطون النحل , و من ثم عد هو قوله تعالى " يخرج من بطونها شراب .." مجازا من مجازات القران .
و الصواب هو ما قاله القران من ان العسل يخرج فعلا من بطون النحل التى تجمع الرحيق و يتحول فى معدتها الى عسل تقوم بافرازه بعد ذلك
2- "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء " النور :45
يقع الامام الباقلانى فى خطا مشابه لخطا الشريف الرضى, اذ يعد قوله تعالى " و الله خلق كل دابة من ماء " نوعا من التعميم فى التعبير , فقد ظن ان القران حينما قال ان كل الدواب مخلوقة من ماء لم يقصد انها كلها كذلك بل بعضها فقط ,و لكنه عمم القول .
فماذا قال علماء العصر الحديث الذين قتلوا هذه المسالة بحثا ؟ يقولون ان الثابت بالتحديد ان اصل الحياة مائى , و ان الماء هو العنصر الاول المكون لكل خلية حية , فلا حياة ممكنة بلا ماء .
و اذا ما نوقشت امكانية الحياة على كوكب ما فان اول سؤال يطرح هو ايحتوى هذا الكوكب على كمية كافية من الماء للحياة عليه ؟
و الطريف ان الباقلانى قد قال ذلك دفاعا عما ظنه الملحدون فى عصره مطعنا فى القران الكريم , و هذا نص كلامه :
" قوله عزوجل ( و الله خلق كل دابة من ماء ) قال الملحدون : و فى هذه الاية احالة من وجوه :
احدها انه خلق كل دابة من ماء و ليس الامر كذلك , لان منها ما يخلق من بيض و تراب و نطف ..
و الجواب ان قوله (كل ) لا يقتضى استغراق الجنس بل هو صالح للتعميم و التخصيص . و لو ثبت العموم لجاز تخصيصه , اذ علمنا ان من الدواب ما لم يخلق من ماء
على ان الناس من يقول : اصل الاشياء كلها اربع : الماء و الهواء و النار و الارض , و كل دابة مركبة من بلة و رطوبة " نكت الانتصار لنقل القران للباقلانى /202
و كما يقول الدكتور ابراهيم عوض : الايتان السابقتان و تعليق الشريف الرضى و الباقلانى عليهما لا تحتاج الى تعقيب , اللهم الا القول بان هذين العالمين قد اتيا بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم بعدة قرون احرز المسلمون اثنائها تقدما هائلا جدا بالقياس الى معارف العرب و العالم كله فى عصر الرسول
و مع ذلك فالقران على صواب , و هذا العالمان اللذان يعكسان معارف عصريهما هما المخطئان .

3- "وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " فاطر :12
يقول الدكتور ابراهيم عوض :" لقد قرات هذه الاية مرات لا تحصى و لكن لم التفت الى ما تؤكده من ان الحلى تستخرج من النهر و البحر كليهما , اذ ان الذى كنت اعرفه حتى ذلك الوقت هو ان اللؤلؤ و المرجان – المذكورين فى سورة "الرحمن " - لا يوجدان الا فى البحار , و قفز السؤال الى عقلى على الفور : ايمكن ان يكون القران قد اخطا ؟
ان الاية فى سورة "الرحمن " يمكن الا تثير مشكلة , فنصها هو " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ-فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ-يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ" و من الممكن القول بان معناهما ان اللؤلؤ و المرجان يخرجان من مجموع البحرين لا من كل منهما , كما تقول مثلا : ان فى يدى هاتين مائة جنيه , و يكون المبلغ كله فى اليد الاولى بينما الاخرى خلو تماما من اى نقود , و لا تكون قد عدوت الحقيقة
اما اية سورة فاطر فانها تقول بصريح العبارة :" و من كل .. تستخرجون حلية تلبسونها "
و لم يسعفنى ما عندى من تفاسير قديمة , فاخذت اقلب النظر فى ارفف مكتبتى و انا حائر ضائق , و اذ بى المح ترجمة عبد الله يوسف على للقران فافتحها فاجد فيها شفاء نفسى , اذ يذكر المترجم رحمه الله فى تعليقه على الاية فى الهامش : من الحلى البحرى اللؤلؤ و المرجان و من الحلى النهرى العقيق و برادة الذهب و غيرهما
ثم رجعت بعد ذلك الى دائرة المعارف البريطانية مادة pearl و " المنتخب فى تفسير القران " فوجدت فى الاولى ان اللؤلؤ يوجد ايضا فى المياه العذبة
اما الكتاب الاخير فكانه يرد على حيرتى اذ يقول :"و قد يستبعد بعض الناس ان تكون المياه العذبة مصدرا للحلى , و لكن العلم و الواقع اثبتا غير ذلك
اما اللؤلؤ فانه كما يستخرج من انواع معينة فى البحر , يستخرج ايضا من انواع معينة اخرى من الانهار , فتوجد اللالىء فى المياه العذبة فى انجلترا و اسكتلندا و ويلز و تشيكوسلوفاكيا و اليابان .. الخ
بالاضافة الى مصائد اللؤلؤ البحرية المشهورة , و يدخل فى ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية الصلادة كالماس الذى يستخرج من رواسب الانهار الجافة المعروفة باليرقة , و يوجد الياقوت كذلك فى الرواسب النهرية فى موجوك بالقرب من باندالاس فى بورما العليا , اما فى سيام و فى سيلان فيوجد الياقوت غالبا فى الرواسب النهرية , و من الاحجار شبه الكريمة التى تستعمل فى الزينة حجر التوباز , و يوجد فى الرواسب النهرية فى مواقع كثيرة و منتشرة فى البرازيل و روسيا – الاورال و سيبريا – و هو فلورسيليكات الالومنيوم , و يغلب ان يكون اصفر او بنيا , و الزيركون circon حجر كريم جذاب تتقارب خواصه من خواص الماس و معظم انواعه الكريمة تستخرج من الرواسب النهرية "
و حتى يقدر القارىء رد فعلى الاول حق قدره اذكر له ان بعض المترجمين الاوروبيين انفسهم فى العصر الحديث قد استبعدوا ان تكون الانهار مصدرا من مصادر الحلى . و قد تجلى هذا فى ترجمتهم لهذه الاية فمثلا نرى رودويل الانجليزى يترجم الجزء الخاص بالحلى منها هكذا
Yet from both ye eat fresh fish and take forth for you ornaments to wear
فعبارة from both تصلح لترجمة اية سورة الرحمن لا هذه الاية
كذلك ينقل رودى باريت هذه العبارة الى الالمانية .. و الذى ترجمته ( و تستخرجون ( من البحر الملح ) حلية تلبسونها ) و يرى القارىء بوضوح كيف ان المترجم قد اضاف من عنده بين قوسين عبارة ( من البحر الملح : aus dem salzmeer ) و هو ما يوحى باستبعاده ان تكون الانهار مصدرا من مصادر الحلى على ما تقول الاية الكريمة ..
و يرى القارىء من هذه الاية كيف ان القران قبل اربعة عشر قرنا قد اشار الى حقيقة يستبعدها واحد مثلى يعيش فى القرن العشرين و اخرون مثل المستشرق الانجليزى رودويل و نظيره الالمانى رودى باريت
فكيف عرفها محمد اذن و اداها بهذه البساطة لو كان هو مؤلف القران , و بخاصة ان الانهار التى ذكر ان اللؤلؤ و غيره من الاحجار الكريمة و شبه الكريمة تستخرج منها تقع فى بلاد سحيقة بالنسبة للجزيرة العربية , بل ان بعضها كالبرازيل مثلا لم يكتشف الا فى العصور الحديثة ؟
اخشى ما اخشاه اذا انتبه المستشرقون لاهمية هذه الاية ان يزعموا ان سيدنا رسول الله قد قام برحلات الى هذه البلاد خفية فى الفترات التى كان يدعى فيها لخديجة انه ذاهب الى غار حراء .."



تلك عشرة كاملة , لنا ان نتساءل بعد تاملها جيدا من مثل هذا الانسان؟
من ذا الذى بامكانه ان ياتى ب مجموع هذه الامور غير غافلين عن الظرف الذى انطلق منه ؟
لقد كان الاسكندر فاتحا عسكريا مظفرا , و تتلمذ على يد اعجوبة البشرية ارسطو و لكنه لم يكن المشرع و لم يكن النبى
و كان ارسطو فريدا فى الفلسفة و المنطق و الاداب و العلوم , و لكنه لم يكن رجل الدولة و لا رجل الدين و لا القائد العسكرى
و كان نابليون رجل سياسة و قائدا عسكريا و مشرعا , و لكنه لم يكن صاحب الدين او رجل اللغة و الادب او الاخلاق
و كان كل من شكسبير و جوته علما من اعلام الادب و الشعر و المسرح و لكنهما كانا اصفارا فى السياسة و التشريع و القيادة العسكرية او الرسالة الدينية

فالشخصية المحمدية بكل ما حققته و ما قدمته لا يمكن تفسيرها بالعبقرية التى تنبع من الانسان من حيث هو انسان لان العبقرية ان تبلغ ذاتك الذروة فى صفة فتبز فيها و تتفوق على اقرانك فهذه هى العبقرية و كما يقول الدكتور مصطفى محمود :
ان تبلغ الذروة فى الخطابة فانت ديموستين .. و ان تبلغ الذروة فى الشعر فانت بيرون , و ان تبلغ الذروة فى الزعامة فانت بركليس , و ان تبلغ الذروة فى الحكمة فانت لقمان , و ان تبلغ القمة فى فنون الحرب فانت نابليون , و ان تبلغ الذروة فى التشريع فانت سولون
اما ان تكون كل هؤلاء , و ان تمتحنك الايام فى كل صفة فتبلغ فيها غاية المدى فهو الاعجاز بعينه
و اذا حدث هذا فانه لا يفسر الا بانه نبوة و مدد و عون من الله الوهاب وحده
(وَكَذَلِكَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحاً مِنْ أمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاط مُسْتَقِيم)
فمجموع ما قدمه محمد :salla1: و ما حققه , فوق طاقة هذا الانسان و فوق طاقة اى انسان
هذا ما امتلات قناعة به و اذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة
و ما اجمل قول الامام محمد عبده فى رسالة التوحيد :
(ما هذا الذى رفع نفسه فوق النفوس ؟ ما الذى اعلى راسه على الرؤوس ؟ ما الذى سما بهمته على الهمم حتى انتدب لارشاد الامم و كفالته لهم كشف الغمم بل و احياء الرمم ؟ ما كان ذلك الا ما القى الله فى روعه من حاجة العالم الى مقوم لما زاغ من عقائدهم و مصلح لما فسد من اخلاقهم و عوائدهم , ما كان ذلك الا وجدانه ريح العناية الالهية تنصره فى عمله و تمده فى الانتهاء الى امله قبل بلوغ اجله
ما هو الا الوحى السماوى قام لديه مقام القائد و الجندى .
ارايت كيف نهض وحيدا فريدا يدعو الناس كافة الى التوحيد , و الاعتقاد بالعلى المجيد , و الكل ما بين وثنية مفرقة و دهرية و زندقة ؟
نادى فى الوثنيين بترك اوثانهم و نبذ معبوداتهم , و فى المشبهين المنغمسين فى الخلط بين اللاهوت الاقدس و بين الجسمانيات بالتطهر من تشبيههم , و فى الثنوية بافراد اله واحد بالتصرف فى الاكوان و رد كل شىء فى الوجود اليه , صاح بذوى الزعامة ليهبطوا الى مصاف العامة فى الاستكانة الى سلطان معبود واحد هو فاطر السموات و الارض ..
وخز بوعظه عبيد العادات و اسراء التقليد ليعتقوا ارواحهم مما استعبدوا له .. مال على قراء الكتب السماوية و القائمين على ما اودعته من الشرائع الالهية فبكت الواقفين عند حروفها بغباوتهم , و شدد النكير على المحرفين لها , الصارفين لالفاظها اتلى غير ما قصد من وحيها اتباعا لشهواتهم و دعاهم الى فهمها و التحقق بسر علمها حتى يكونوا على نور من ربهم
و لفت كل انسان الى ما اودع فيه من المواهب الالهية و دعا الناس اجمعين ذكورا و اناثا عامة و سادات الى عرفان انفسهم و انهم من نوع خصه الله بالعقل و ميزه بالفكر و شرفه بهما و بحرية الارادة فيما يرشده اليه عقله و فكره ..دعا الناس كافة الى الاستعداد فى هذه الحياة لما سيلاقون فى الحياة الاخرى و بين لهم ان خير يتزوده العامل هو الاخلاص لله فى العبادة و الاخلاص للعباد فى العدل و النصيحة و الرشاد

قام بهذه الدعوة العظيمة وحده , و لا حول و لا قوة , كل هذا كان منه ,.و الناس احباء ما الفوا و ان كان خسران الدنيا و حرمان الاخرة , اعداء ما جهلوا و ان كان رغد العيش و عزة السيادة و منتهى السعادة , كل هذا و القوم حواليه اعداء انفسهم و عبيد شهواتهم لا يفقهون دعوته و لا يعقلون رسالته , عقدت اهداب بصائر العامة منهم باهواء الخاصة و حجبت عقول الخاصة بغرور العزة عن النظر..
لكنه فى فقره و ضعفه كان يقارعهم بالحجة و يناضلهم بالدليل و ياخذهم بالنصيحة و يزعجهم بالزجر و ينبههم للعبر و يحوطهم مع ذلك بالموعظة الحسنة , كانما هو سلطان قاهر فى حكمه , عادل فى امره و نهيه , او اب حكيم فى تربية ابنائه شديد الحرص على مصالحهم , رؤوف بهم فى شدته رحيم فى سلطته
ما هذه القوة فى ذلك الضعف ؟ ما هذا السلطان فى مظنة العجز ؟..
ما هذا الرشاد فى غمرات الجاهلية ؟
ان هو الا خطاب الجبروت الاعلى, قارعة القدرة العظمى , نداء العناية العليا , ذلك خطاب الله القادر على كل شىء الذى وسع كل شىء رحمة و علما , ذلك امر الله الصادع يقرع الاذان و يشق الحجب و يمزق الغلف و ينفذ الى القلوب , على لسان من اختاره لينطق به و اختصه بذلك و هو اضعف قومه ليقيم من هذا الاختصاص برهانا عليه بعيدا عن الظنة بريئا من التهمة لاتيانه على غير المعتاد بين خلقه

اى برهان على النبوة اعظم من هذا ؟ ..
بعيد عن مدارس العلم صاح بالعلماء ليمحصوا ما كانوا يعلمون
فى ناحية عن ينابيع العرفان جاء يرشد العرفاء
ناشىء بين الواهمين هب لتقويم عوج الحكماء
غريب فى اقرب الشعوب الى سذاجة الطليعة و ابعدها عن فهم نظام الخليقة و النظر فى سننه البديعة , اخذ يقرر للعالم اجمع اصول الشريعة , و يخط للسعادة طرقا لن يهلك سالكها , و لن يخلص تاركها
ما هذا الخطاب المفحم ؟ ما ذلك الدليل الملجم ؟
أأقول ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ؟
لا لا اقول ذلك , و لكن اقول كما امره الله ان يصف نفسه : ان هو الا بشرا مثلكم يوحى اليه ".

حازم
11-15-2005, 02:33 PM
حمدا لله على سلامتك اخى الغزالى
ما شاء الله بحث يبدو فيه اثار الساعات الطوال . لازلت فى بداياته واتمنى ان استطيع الانتهاء من قرائته اليوم .

الغزالى
11-15-2005, 11:41 PM
سلمك الله اخى حازم

و هذه المداخلة مجرد رؤوس اقلام

الغزالى
01-14-2006, 12:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فى مثل هذه الايام من العام الماضى كان هناك متسرع متعنت يلقب نفسه بالقلم الحر يتسائل بسذاجة و عمى بصيرة عن دليل نبوة اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و اله و سلم , و كما اتسع صدر هذا المنتدى لجهالات هذا المتعنت ارجو ان يتسع لهذه التاملات المتواضعة

ان الردة عن الاسلام ليست شيئا جديدا,و الذى يجب ان يثق فيه كل مسلم ان هذا الدين متين قوى لا يشك فيه الا قاصر عن التعلم و الفهم ,او معرض عن العلم, او مقصر فى الاطلاع و الفهم , او متعصب
ان مشكلة اغلب المتشككين فى الاسلام و الناقدين له انهم متسرعون لم يدرسوا الفكر الاسلامى جيدا و لم يطلعوا جيدا على حجج و ردود علماء الاسلام , و كما قال الامام على : الناس اعداء ما جهلوا
و بعضهم جهله مركب فهو لا يدرى انه لا يدرى, بل و يتصور انه قد وصل الى الحقيقة و تراه ينظر بتعالى الى المسلمين معتبرا اياهم عديمى العقل و العلم مع انه هو الجاهل ضعيف العقل فى الحقيقة
الردة مرض يصيب عقول او نفوس البعض, و قد تكون شهوة خفية ,لذا فان التعامل مع المرتدين يحتاج -اضافة الى العلم العقلى و الشرعى- الى رفق و تعمق فى علم النفس ,فالمشكلةعند كثيرين نفسية اكثر منها مشكلة فكرية , و موضوع الرسالة الالهية و مقصدها الاساس هو النفس الانسانية لذا كانت مهمة النبى صلى الله عليه و اله و سلم اضافة الى تعليم الناس ان يزكى نفوسهم, فالله سبحانه غنى عن عبادة الناس له و انما يكلفهم بالعبادة لان فيها و بها صلاح نفوسهم و وصولها الى الكمال و سعادة الدارين , و الغاية من الدين فى النهاية هى تصفية البشر الى فريقين : فريق سليم القلب طيب النفس طابت نفسه بمعرفة العقيدة الصحيحة و اداء التكاليف على وجهها و بالصبر على البلاء و هؤلاء هم اهل الجنة و فريق اخر خبيث النفس و اولئك هم الاشقياء و لا يظلم ربك احدا ,و لا يوجد منهج يمنح الانسان الرؤية الشاملة الصحيحة لنفسه و الكون و الحياة , و يزكى نفسه و يطهرها و يحررها الا هذا الاسلام العظيم , و هذا لعمر الله دليل كافى على نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم فأن ياتى انسان مثله ظهر فى تلك البيئة البدائية الفقيرة معرفيا و حضاريا و يقدم للبشرية هذا المنهج الشامل الذى يهدى الانسان الى الحقائق الكبرى و يصلح النفس و يسعدها و ينير لها الطريق فهذه آية كافية

ان هناك سمتين تجمع فى نظرى بين المتشككين فى الاسلام و المرتدين عنه :
1- التسرع :
فاغلبهم ان لم يكن كلهم يسارع الى ترك الاسلام و رفضه بل و نقده ايضا لمجرد انه طالع بعض مقالات تهاجم الاسلام او كتابا او كتابين او لانه احتار فى الرد على بعض الاشكالات
فهم ينقصهم الصبر و النفس الطويل و هذه آفة نفسية لا مشكلة فكرية , ان الحق واضح و لكن هناك عوائق كثيرة من فعل بعض الناس و هذه العوائق تسبب عمى بصيرة لدى البعض , و تجاوز هذه العوائق يحتاج الى صبر و نفس طويل
2- القراءة الخاطئة و عدم التدبر :
ان التعلم كما اجمع العقلاء هو سبيل النجاح فى الحياة ,و قيمة الانسان هى بعلمه, و كما قال الامام على :
الناس ثلاثة : عالم ربانى , و متعلم على سبيل نجاة , و همج رعاع
ان الله تعالى قد يتجاوز عن الجاهل الضعيف الذى بذل اقصى جهده فى التعلم و طلب الحق حتى و ان لم يصل الى الحق , لكن المعرض و المقصر فى طلب الحق مع قدرته لا عذر له
"انَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا -إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً -فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا "
و هناك من يقرا و قد يكون محبا للقراءة و لكنه لا يركز فى استيعاب و تدبر ما يقراه , و قد يكون فى الكتاب الذى يقراه حل مشكلته لكنه لم يقراه جيدا و لم يستوعب ما قراه
بل اقول ان من يتدبر القران سيجد فيه الكفاية لاثبات النبوة و الاسلام لكن للاسف على قلوب اقفالها
و يجب الاعتراف بحقيقة ان هناك من الناس من يقرا و لا يفهم و هذه هى مشكلته هو و ليست مشكلة الاسلام !

و ساكتب بعون الله بعض التاملات المتواضعة فى شبهات و اشكالات اللادينيين المقرين بوجود خالق للكون و منها :
1- اشكالاتهم على ادلة اثبات نبوة محمد :salla1:
2- مسالة العدل الالهى
3- مسالة التكليف
4- مسالة الرق و الجهاد
5- المراة فى الاسلام
6- خواطر الختيار !

و الله المستعان

يتبع ان شاء الله

muslimah
01-14-2006, 01:13 PM
فى مثل هذه الايام من العام الماضى كان هناك متسرع متعنت يلقب نفسه بالقلم الحر يتسائل بسذاجة و عمى بصيرة عن دليل نبوة اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و اله و سلم , و كما اتسع صدر هذا المنتدى لجهالات هذا المتعنت ارجو ان يتسع لهذه التاملات المتواضعة

(..............الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ..........)الأعراف 43

{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8

وكل عام وأنتم بخير

الغزالى
01-17-2006, 12:25 PM
(..............الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ..........)الأعراف 43

{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8

وكل عام وأنتم بخير
الحمد لله الذى يهدى اليه من اناب و يجعل الرجس على الذين لا يعقلون , و كل عام و انتم بخير

ملحوظة : ليعذرنى من يتابع الموضوع اذا تاخرت فالمشاغل كثيرة للاسف و قد تاخرت كتابة هذه التاملات لاسباب خارجة عن ارادتى و ارجو ان تكون تكفيرا للجهالات التى كتبها القلم الحر و التى يعلم الله انها انقضت ظهرى, ارجو ممن لديه اى تعليق ان يفتح له موضوعا اخر ,و سالتزم الموضوعية العلمية ما استطعت و اذكر بان الحكمة ضالة المؤمن و قد ترحم الحافظ الذهبى على الجاحظ المعتزلى لانه صنف كتابا فى اثبات النبوة ظل علماء الاسلام بمختلف مذاهبهم يستفيدون منه , و ساناقش اشكالات من يعتبرون انفسهم لادينيين مقرين بان للكون خالق اما الملحدين و من لا يدرون فلهم حديث اخر و خطابى فى هذه التاملات موجه اساسا الى المسلمين المتاثرين بتشكيكات اللادينيين , فلم يعد يعنينى كثيرا مناقشة اللادينيين فاكثرهم مهرج ليس اكثر اخذته نشوة التهكم بالدين و السخرية منه
و قناعتى ان اللادينى المقر بالخالق اذا احتفظ بعقله لن يجد بدا من احد اتجاهين: اما ان يقر بالنبوات , و اما ان ينكر وجود هذا الخالق الذى وجوده كعدمه ! و على اى حال هذا ما سنضطرهم بعون الله اليه! فادلة نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم ليست اضعف من ادلة وجود الخالق الذى يقرون بوجوده
مع ان وجود خالق غائب – كما يسمونه – هو كلام متهافت عقلا لان العقل كما يثبت حاجة الممكنات فى حدوثها الى موجد فانه يثبت ايضا حاجتها المستمرة فى البقاء الى هذا الخالق
و هذه عقيدة مهمة من عقائد الاسلام , فالعقيدة الاسلامية فى الله لا تكتفى باثبات وجوده بل و ايضا اثبات فقر الكائنات اليه فى بقائها كفقرها اليه فى وجودها
فالله سبحانه غير معزول عن خلقه ، وأمورهم كلها بيده , و بيده الايجاد و الامداد
و القول بان الخالق معزول عن خلقه كفر فى اعتقاد المسلمين تماما كالقول بانكار وجود هذا الخالق , فالله سبحانه هو الذي يفيض على العبد الحياة والقدرة وغيرهما من مبادئ الفعل إفاضة مستمرة غير منقطعة ، فلا استقلال للعبد ، ولا تصرف له في سلطان المولى
و هو ما يؤكده و يثبته العقل : فلولا الافاضة الالهية لما وجد فعل من الافعال ، فإن الممكن غير مستقل في وجوده ، فيستحيل أن يكون مستقلا في إيجاده.


ان قضية اثبات النبوة هى اهم قضية فى الحوار مع خصوم الاسلام , و المسلم ينبغى ان يبنى معتقده على الحجة و الدليل فقد ذم القران الكريم المقلدين حتى شكك بعض العلماء فى ايمان المقلد , و بعد اثبات النبوة بالحجة لا يبقى الا التسليم لحكم الله و رسوله , فالاسلام هو التسليم و لا يعنى ذلك تجاهل العقل اذ ليس فى حكم الله و رسوله القطعى الثبوت ما يخالف قطعيات العقل
يقول بعض اهل العلم : "بشكل عام إن اللاديني لا حق له في مناقشة مبانٍ تشريعية لأنه لا يؤمن بالشرع والشريعة فكلها سواء عنده وإشكاله مجرد تعبير عن الحقد ،والرد من اجل الرد، وأما هو فعلميا لا يملك السؤال فيما لا يؤمن به وطريقتهم لا تلزم الدينيين أبدا.

فإشكالاتهم هي للتشويش وللدعاية فقط ولا تلزِم دينا متينا فيه آلاف التخريجات بحسب التخصصات."

و ما اكثر ما طالعت فى كتابات القوم كلاما عن المنطقية و ان كل المسلمين غير منطقيين و لا يفكرون .. الخ و هو كلام ينطق بجهل فادح بالفكر الاسلامى بل هو كلام من لم تشم انفه رائحة الفكر الاسلامى اصلا !
و سنبين بعون الله ان ابعد الناس عن المنطقية و العلم هم هؤلاء اللادينييون الذين يسخرون من الاسلام و المسلمين و هم فى الواقع لا يمثلون الا حالة مزرية من الجهل و المراهقة الفكرية.

و قد اهدانى الدكتور الفاضل ابراهيم عوض رعاه الله باقة من كتبه القيمة و اتمنى ان يقرا الباحثون عن الحق هذه الكتب و ساحاول ما استطعت نقل اجزاء منها
اَلّلهُمَّ اَلْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ، وَاَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الاْرْتِيابِ، وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا اَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَاَزْهَقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا، وَاَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا، فَاِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنايِـحِ وَالْمِنَنِ، اَلّلهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَاَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَاَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، و هَمَّنا في طاعَتِكَ

ناصر التوحيد
01-18-2006, 03:05 AM
الاخ الفاضل الغزالى
اكرمك الله وبارك الله فيك على هذا التفكير المستنير الذي يطمس بانواره ظلامات الكافرين والملحدين والعلمانيين ..
وبارك الله في الاستاذ الدكتور ابراهيم عوض .. فكتاباته مستنيرة وقوية في كل مضامينها ..
فالى المزيد من هذه الموضوعات التي توصل الى رياض الجنة .. فما اطيب ريحها , ويا لسعد من يشم ريحها .



اَلّلهُمَّ اَلْهِمْنا طاعَتَكَ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ، وَيَسِّرْ لَنا بُلُوغَ ما نَتَمَنّى مِنِ ابْتِغاءِ رِضْوانِكَ، وَاَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ، وَاقْشَعْ عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الاْرْتِيابِ، وَاكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا اَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ وَالْحِجابِ، وَاَزْهَقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمائِرِنا، وَاَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا، فَاِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنايِـحِ وَالْمِنَنِ، اَلّلهُمَّ احْمِلْنا في سُفُنِ نَجاتِكَ وَمَتِّعْنا بِلَذيذِ مُناجاتِكَ، وَاَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ، وَاَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ، وَاجْعَلْ جِهادَنا فيكَ، و هَمَّنا في طاعَتِكَ

الغزالى
01-18-2006, 09:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
1- يقول خصوم محمد صلى الله عليه و اله و سلم : ان دليل النبوة هو المعجزة و لم يات محمد بمعجزة و القران ينفى عنه المعجزة


و جوابنا الجازم : ان ابا الزهراء كله معجز
و قد سبق مقدمة موجزة فى بيان ذلك و قبل الافاضة فى ذلك نذكر بعض المقدمات :

1- لقد بحث علماء الاسلام سلفا و خلفا مسالة ادلة النبوة و اشبعوها بحثا , و هناك اتفاق بينهم ان الدليل الاساس على النبوة هو المعجزة
يقول امام الحرمين :
"لا دليل على صدق النبى غير المعجزة . فإن قيل : هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبى غير المعجزة ؟ قلنا : ذلك غير ممكن ! فإن ما يقدر دليلا على الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا ، و إما أن يكون خارقا للعادة : فإن كان معتادا يستوى فيه البر و الفاجر ، فيستحيل كونه دليلا ، و إن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى ، فإذا لم يكن بد من تعلقه بالدعوى ، فهو المعجزة بعينها " . الارشاد ص 331
و المعجزة هى : أمر خارق للعادة، و ليست خارقة للعقل
و كما يقول بعض المحققين :"هناك من الأمور ما تعدّ خارقة للعقل، أي مضادة لحكم العقل الباتّ، كاجتماع النقيضين وارتفاعهما، ووجود المعلول بلا علّة، وانقسام الثلاثة إلى عددين صحيحين... فإنّ هذه أمور يحكم العقل باستحالتها وامتناع تحققها.
وهناك أمور تخالف القواعد العادية، بمعنى أنّها تعدّ محالاً حسب الأدوات والأجهزة العادية، والمجاري الطبيعية، ولكنها ليست أمراً محالاً عقلاً لو كان هناك أدوات أخرى خارجة عن نطاق العادة، وهي المسماة بالمعاجز.
ولأجل تقريب ما ذكرنا تمثّل بمثال :جرت العادة على أنّ حركة جسم من مكان إلى مكان آخر تتحقق في إطار عوامل وأسباب طبيعية بدائية أو وسائل صناعية متحضرة. ولكن لم تعرف العادة أبداً حركة جسم كبير من مكان إلى مكان آخر بعيد عنه، في فترة زمانية لا تزيد على طرفة العين، بلا تلك الوسائط العادية. ولكن هذا غير ممتنع عقلاً، إذ لا يمتنع أن تكون هناك أسباب أخرى لتحريك هذا الجسم الكبير، لم يقف عليها العلم بعد.
مثال ثان: إنّ معالجة الأمراض الصعبة كالسِّل والعَمَى، أمر ممكن لذاته عقلاً، ولكنه كان أمراً محالاً عادة في القرون السالفة، لقصور علم البشر عن الوقوف على الأجهزة والأدوية الّتي تعيد الصحة إلى المسلول، والبصر إلى الأعمى. ومع تقدم العلم تذلّلت الصعاب أمام معالجة هذه الأمراض، فصار بإمكان الطبيب الماهر القيام بالمعالجة عن طريق الأدوية والعمليات الجراحية.
وفي المقابل هناك طريقة أخرى للعلاج، وهي الدعاء والتوسّل إلى الخالق تعالى.
والعلاج ـ بكلا الطريقتين ـ يشترك في كونه أمراً ممكناً عقلاً، غير أنّه يختلف في الطريقة الأولى عن الثانية، بالطريق والسبب، فالطبيب الماهر يصل إلى غايته بالأجهزة العادية، فلا يعد عمله معجزة ولا كرامة، والنبي ـ كالمسيح وغيره ـ يصل إلى نفس تلك الغاية عن طريق غير عادي، فيسمى معجزة
فالعمل في كلتا الصورتين غير خارق لأحكام العقل، إلاّ أنّه موافق للعادة في الأولى دون الثانية.
وقس على ما ذكرنا كثيراً من الأمثلة يتميز فيها خارق العادة عن خارق العقل. "


لكن هناك من يرى انه لا يصح حصر اسباب اليقين بنبوة نبى فى المعجزة , فالاقتناع بصدقه قد يتحقق باسباب اخرى
و من الطرق التى يحصل بها الاقتناع بالنبوة :
1)ان ينص نبى سابق ثبتت نبوته على نبوة مدعى النبوة
2)شهادة القرائن الداخلية والخارجية.
وهذا الطريق- كما يقول بعض المحققين - متين يستخدم في المحاكم القضائية في هذا العصر، لتبيين صدق المدّعي والمنكر أو كذبهما، والتوصّل إلى كنه الحوادث). ولكنه لا يختصّ بالمحاكم، بل يمكن تعميمه إلى مسائل مهمّة، منها إثبات صدق دعوى المتنِّبئ ,ومن هذه القرائن يمكن أن يستنتج صدق الدعوى و كما يقول ابو حامد الغزالى :
"اذا فهمت معنى النبوة , فاكثرت النظر فى القران و الاخبار يحصل لك العلم الضرورى بكونه صلى الله عليه و سلم على اعلى درجات النبوة , و اعضد ذلك بتجربة ما قاله فى العبادات و تاثيرها فى تصفية القلوب ..فمن هذا الطريق اطلب اليقين بالنبوة , لا من قلب العصا ثعبانا , و شق القمر , فان ذلك اذا نظرت اليه وحده و لم تنضم اليه القرائن الكثيرة الخارجة عن الحصر ربما ظننت انه سحر و تخييل ..فليكن مثل هذه الخوارق احدى الدلائل و القرائن فى مجلة نظرك , حتى يحصل لك علم ضرورى لا يمكنك ذكر مستنده على التعيين كالذى يخبره جماعة بخبر متواتر لا يمكنه ان يذكر ان اليقين مستفاد من قول واحد معين بل من حيث لا يدرى ..
فهذا هو الايمان القوى العلمى " المنقذ من الضلال /138-139
و هو ما اشار اليه ابن كمونة اليهودى عند ذكره لطرق الاقتناع بالنبوة , قال :"فمن يفهم معنى النبوة اذا اكثر من النظر فيما ياتى به مدعى النبوة , و تامل اخباره و احواله , و ما يامر به من العبادات و افعال الخير ,ربما حصل له من ذلك مضافا الى قرائن لا يمكن التعبير عنها على وجه التفصيل : الايمان بنبوته, مستغنيا عن الاستدلال عليها بما يظهر على يده من خوارق العادات "تنقيح الابحاث /20


و مع ذلك يبقى الدليل الاساس على النبوة المعجزة,فالنبوة من المناصب العظيمة التى يكثر لها المدعون ، ويرغب في الحصول عليها الراغبون ، ونتيجه هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ،. فلا بد لمدعى النبوة أن يقيم شاهدا واضحا يدل على صدقه في الدعوى ، وأمانته في التبليغ ، ولا يكون هذا الشاهد من الافعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها, بل لا بد ان يتوفر فى مدعى النبوة حالة خارقة للعادة او استثنائية تدل على انه مرسل من قبل الخالق
-----------

2- المعجزة لا تنحصر فى المعجزات الحسية كقلب العصا ثعبان و نحوه , بل هى كل شىء خارق للعادة معنويا كان او حسى
و وجه دلالة المعجزة على النبوة – او الرابطة المنطقية بين حصول المعجزة و بين صدق دعوى مدعى النبوة – يتضح من خلال الامور الاتية :
1) ان الخالق كما يثبت العقل : حكيم , و لا يجرى شىء فى الكون الا باذنه و مدده
2) ان الحكيم يستحيل ان يمكن انسانا كاذبا من الاتيان بامر معجز خارق للعادة
لان هذا إغراء بالجهل وإشادة بالباطل ، وذلك محال على الحكيم تعالى .

هذه هى دلالة المعجزة على النبوة
و يتضح من هذا انه لا معنى ابدا لاثبات النبوة الا بعد اثبات وجود الخالق و اثبات حكمته , و اثبات انه لا يجرى فى الكون شىء الا باذنه
اى لا معنى للحوار فى مسالة النبوة مع ملحد ينكر وجود الخالق , او مع من لا يثبت خالقا للكون حكيما متصرفا فيه .
و هذا يقودنا الى تناول فكرة الاله الغائب التى يقول بها بعض اللادينيين
الخالق ليس معزولا عن خلقه
بشىء من التبسيط فان الممكن اى المخلوق محتاج دوما الى الخالق فى بقاءه كما انه محتاج اليه فى حدوثه, فلا فرق عقلا فى ذلك بين حدوث الشىء و بين بقاءه , اى ان الخالق لم يخلق العالم ثم تركه و انعزل عنه , بل الشىء الذى يخلقه الخالق يبقى محتاجا الى المدد من هذا الخالق ليظل موجودا و هو ما ينطبق على كل شىء فى هذا الكون
فالاشياء مثلها مثل المصباح الكهربائي المضيء، فالحس الخاطئ يزعم أنَّ الضوء المنبعث من هذا المصباح هو استمرار للضوء الأول، و يتصور أنَّ المصباح إنَّما يحتاج إلى المولّد الكهربائي في حدوث الضوء، دون استمراره.
و الحال أنَّ المصباح فاقد للإِضاءة في مقام الذات محتاج في حصولها إلى ذلك المولد في كل لحظة، لأنَّ الضوء المتلألئ من المصباح إنما هو استضاءَة بعد استضاءَة، و استنارة بعد استنارة من المولد الكهربائي. أفلا ينطفئ المصباح إذا انقطع الإِتصال بينه و بين المولد؟
فالعالم يشبه هذا المصباح الكهربائي تماماً، فهو لكونه فاقداً للوجود الذاتي يحتاج إلى العلّة في حدوثه وبقائه لأنه يأخذ الوجود آناً بعد آن، و زماناً بعد زمان
هذه هى العقيدة الاسلامية فهى كما سبق لا تكتفى باثبات حاجة الكون الى خالق او علة , بل تثبت ايضا استمرار حاجة و فقر هذا العالم-الى هذا الخالق و هذه العلة- ليبقى ,و كما يقول بعض العلماء فى منظومة :
و الإِفتقَارُ لازمُ الإِمكَانِ * منْ دُون حَاجَة إلى البُرْهَانِ
لاَ فَرْقَ ما بينَ الحُدوثِ والبَقا * في لازمِ الذَّات ولَنْ يَفْتَرِقا
و نصوص القران واضحة فى تقرير ذلك :
يقول سبحانه: (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَراءُ إِلى اللّهِ و اللّهُ هُو الغَنِىُّ الحَمِيدُ)
فالآية نصّ في كون الفقر ثابت للإِنسان في جميع الأحوال، فكيف يستغني عنه سبحانه بعد حدوثه، و في بقائه. أو كيف يستغنى في فعله عن الواجب مع سيادة الفقر عليه.
و يقول سبحانه: (وَ مَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه).
ـ و يقول سبحانه: (كَمْ مِنْ فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّه).
ـ و يقول سبحانه: (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّه).
و يقول سبحانه: (وَ مَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه).
و يقول سبحانه: (وَ ما كَانَ لِنَفْس أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه كِتاباً مَؤَجَّلا).

"إلى غير ذلك من الآيات التي تقيد فعل الإِنسان بإذنه، و المراد منه مشيئته سبحانه. فيكون المراد أنَّ أفعال العباد واقعة في إطار مشيئته تعالى، فكيف تستقل عنه سبحانه؟ و ما ورد في الذكر الحكيم مما يفنّد هذه المزعمة أكثر من ذلك"
----------

يتبع باذن الله

ناصر التوحيد
01-19-2006, 04:49 AM
هذه أقوال المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام :

إن المنصفين من المشاهير المعاصرين عندما اطلعوا على سيرة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يملكوا إلا الاعتراف له بالفضل والنبل والسيادة ، وهذا طرفٌ من أقوال بعضهم :

1/ يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".

2/ يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".

3/ يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.

4/ يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه "الشرقيون وعقائدهم" : كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.

5/ ويقول الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا). إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

6/ ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.

7/ ويقول المستشرق الأمريكي ( سنكس ) في كتابه "ديانة العرب" : ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.

8/ ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي. فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.

9/ ويقول الأديب العالمي (ليو تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية : يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.

10/ ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.

11/ ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر . وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟!.

12/ جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد".

تلك بعض أقوال مشاهير العالم ، في محمد نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام

الغزالى
01-19-2006, 06:39 AM
احسنت اخى ناصر التوحيد و بارك الله فيك

الغزالى
01-20-2006, 04:47 AM
3- حكمة الخالق :
بايجاز - و سنبحث هذه المسالة باستفاضة فيما بعد - فان العقل كما يثبت وجود الخالق , فانه يثبت ايضا انه حكيم
يقول بعض اهل العلم :"حينما نؤمن بالله سبحانه وتعالى خالقاً للكون ومربّياً له ومنظّماً لمسيرته وفق الحكمة والتدبير ينتج عن ذلك طبيعياً أن نتعرّف على صفاته من خلال صنعه وإبداعه، ونقيّم خصائصه بما تشعّ به مصنوعاته من دلالات، تماماً كما نقيّم أيّ مهندس على أساس الصفات التي تميّز إنتاجه الهندسي، ونقيّم المؤلّف على ضوء ما يحويه كتابه من علم ومعرفة، ونحدّد شخصية المربي عن طريق ما أودع في من ربّاهم من شمائل وخصال.

وبهذا نستطيع أن نأخذ لمحةً عمّا يتّصف به الصانع العظيم من علم وحكمة وحياة وقدرة وبصر وسمع ; لأنّ ما في نظام الكون من دقّة وإبداع يكشف عن العلم والحكمة، وما في أعماقه من طاقات يدلّل على القدرة والسيطرة، وما في أشكاله من ألوان الحياة ودرجات الإدراك العقلي والحسّي يدلّ على ما يتمتّع به الصانع من حياة وإدراك، ووحدة الخطّة والبناء في تصميم هذا الكون والترابط الوثيق بين مختلف جوانبه تشير إلى وحدة الخالق ووحدة الخبرة التي انبثق عنها هذا الكون الكبير.


عدله واستقامته :


كلّنا نؤمن بعقلنا الفطري البديهي بقيم عامّة للسلوك، وهي القيم التي تؤكّد أنّ العدل حقّ وخير، والظلم باطل وشرّ، وأنّ من يعدل في سلوكه جدير بالاحترام والمثوبة، ومن يظلم ويعتدي جدير بعكس ذلك، وهذه القيم بحكم الاستقراء والفطرة هي الأساس الذي يوجّه سلوك الإنسان ما لم يكن هناك مايحول دون ذلك من جهل أو ترقّب نفع، فكلّ إنسان إذا واجه خياراً بين الصدق والكذب في حديثه مثلا أو بين الأمانة والخيانة، فإنّه يختار الصدق على الكذب، والأمانة على الخيانة، ما لم يكن هناك دافع شخصي ومصلحة خاصّة قد تغريه بالانحراف في سلوكه عن تلك القيم.

ويعني ذلك أنّ من لاتوجد لديه حاجةٌ إلى شخص أو مصلحةٌ في خداعه أو خيانته أو ظلمه يسلك معه سلوك الصادق الأمين العادل، أي سلوكاً مستقيماً، وهذا بالضبط ماينطبق على الصانع الحكيم سبحانه وتعالى، فإنّه محيط بتلك القيم التي ندركها بعقلنا الفطري. لأ نّه هو الذي وهبنا هذا العقل، وهو في نفس الوقت بحكم قدرته الهائلة وسيطرته الشاملة على الكون ليس بحاجة إلى أيّ مساومة أو لفّ ودوران، ومن هنا نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى عادل لا يظلم أحداً.

عدل الله تعالى يثبت الجزاء :

إنّ القيم التي آمنّا بها تدعو ـ كما عرفنا ـ إلى العدل والاستقامة والأمانة والصدق والوفاء ونحوها من صفات، وتشجب الصفات المضادة لها. وهذه القيم لا تدعو إلى تلك الصفات وتشجب هذه الصفات فقط، بل تطالب بالجزاء المناسب لكلّ منهما، فإنّ العقل الفطريّ السليم يدرك أنّ الظالم والخائن جدير بالمؤاخذة، وأنّ العادل الأمين الذي يضحّي في سبيل العدل والأمانة جدير بالمثوبة، وكل واحد منّا يجد في نفسه دافعاً من تلك القيم إلى مؤاخذة الظالم المنحرف، وتقدير العادل المستقيم، ولا يحول دون تنفيذ هذا الدافع عند أحد إلاّ عجزه عن اتخاذ الموقف المناسب، أو تحيّزه الشخصي.

وما دمنا نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى عادل مستقيم في سلوكه وقادر على الجزاء المناسب ثواباً وعقاباً فلا يوجد مايحول دون تنفيذه عزّ وجلّ لتلك القيم التي تفرض الجزاء العادل وتحدّد المردود المناسب للسلوك الشريف والسلوك الشائن، فمن الطبيعي أن نستنتج من ذلك أنّ الله سبحانه يجازي المحسن على إحسانه، وينتصف للمظلوم من ظالمه.

ولكنّا نلاحظ في نفس الوقت أنّ هذا الجزاء كثيراً ما لا يتحقّق في هذه الحياة التي نحياها على هذه الأرض على الرغم من أ نّه مقدور لله سبحانه وتعالى، وهذا يبرهن ـ بعد ملاحظة المعلومات السابقة ـ على وجود يوم مقبل للجزاء، يجد فيه العامل المجهول الذي ضحّى من أجل هدف كبير ولم يقطف ثمار تضحيته، والظالم الذي أفلت من العقاب العاجل وعاش على دماء المظلومين وحطامهم، يجد هذا وذاك فيه جزاءهما العادل، وهذا هو يوم القيامة، الذي يجسّد كلّ تلك القيم المطلقة للسلوك، وبدونه لا يكون لتلك القيم معنى."

يتبع باذن الله

الغزالى
01-25-2006, 11:08 AM
وقفة مع اعتراض
بايجاز فان المنهج الذى سلكته فيما سبق هو المنهج العقلى , فلا معنى كما لا يخفى لان نثبت النبوة الا بالعقل و التفكر العقلى الذى دعا اليه القران
قال سبحانه :"قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " سبا :46
و لم يرد فى كلامى حتى الان ما يخالف قواعد المدرسة السلفية , و قد بحث الشيخ عبد الرحمن المعلمى السلفى رحمه الله مسالة اثبات النبوة بالمعجزة فى رده على الشيخ زاهد الكوثرى الحنفى , رحم الله الجميع
قال رحمه الله عند ذكره تجويز الاشعرية للكذب على الله تعالى :
"فتجويزكم عقلا ان يقع الكذب من الله تعالى يلزمه ان لا تثبت نبوة محمد , فكيف يكون لكم ان تحتجوا على نفى وقوعه بخبره – الى ان قال – فثبت ان الذين يعلمون ان المعجزة من فعل الله عز وجل انما يصدقون لاعتقادهم ان الله تعالى منزه عن ان يقع منه كذب او فعل مناقض للحكمة , و هذا الاعتقاد هو مقتضى الفطر الزكية و العقول النقية و هو اعتقاد كل من يؤمن حق الايمان بوجود الله تعالى و كمال علمه و قدرته حتى من الاشاعرة انفسهم "
راجع " التنكيل " 2/245-248
و المدرسة السلفية على حد علمى المتواضع تثبت الحكمة لله تعالى و تخالف المدرسة الاشعرية فى المسالة و من شاء التوسع فليقرا "شفاء العليل "لابن القيم و كلى ترحيب باى نقد علمى و اى فائدة علمية

فليس فى ما تقدم اى مناهج بدعية كما ظن البعض , و لا يعنينى الا الطرح العلمى الشبيه بالطرح الاكاديمى و الذى لا يجد حرجا فى نقل و بحث كل الاراء , و ابرا الى الله من اى تكفير لاحد من علماء المدارس الاسلامية سلفية كانوا او اشعرية او امامية او زيدية او اباضية او معتزلة و حتى القرانيين الذين لا ينكرون السنن النبوية المتواترة , و من اراد مناظرتى فى ذلك فكلى ترحيب بالذب عن ايمان و اسلام علماء هذه الامة

يتبع باذن الله

الغزالى
01-30-2006, 11:12 AM
4-بين المعجزة العقلية و المعجزة الحسية :
يمكن تقسيم المعجزات الى قسمين :
1)المعجزة الحسية : و هى المعجزة التى يمكن ان تدركها حواس الانسان الخارجية , كالبصر , فانقلاب العصا حية تسعى و ماشابه كلها خارقة للعادة مدركة لحواس الانسان
2) المعجزة العقلية : و هى المعجزة التى تدرك من قبل العقل الانسانى و تتعدى ادراك الحواس المادى , و ذلك كالاتيان بحقائق العلوم من غير تعلم

قال الراغب فى اعجاز القران :
"المعجزات التى اتى بها الانبياء ضربان : حسى و عقلى :
فالحسى : ما يدركه بالبصر , كناقة صالح ..
و العقلى : ما يدرك بالبصيرة , كالاخبار عن الغيب تعريضا و تصريحا , و الاتيان بحقائق العلوم التى حصلت من غير تعلم "
جامع التفاسير 1/102
و قد استندت معجزة محمد صلى الله عليه و اله و سلم اساسا الى امر غير مادى و لا علاقة له بالحس ,فمعجزته الاساسية عقلية لا حسية , فالناس فى زمن الرسالة و ما قبله كانوا يؤمنون بالسحر لذا كانت المعجزات الحسية لا تنفع مع كثير منهم لتصورهم انها مجرد سحر و قد اشار القران الكريم الى هذه الحقيقة
"وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُون- لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ " الحجر :14-15


و كفار مكة كانوا يؤمنون بالسحر بل ان من تامل فى سبب عدم ايمان كثير منهم سيجد انه تصورهم ان محمد صلى الله عليه و اله و سلم على علاقة بالجن و الشياطين , و ان الوحى القرانى الذى ياتيه هو مجرد وحى شيطانى ,و لاجل ذلك كانوا يصفون النبى بانه شاعر ليس مرادهم انه يقول اشعار بل مرادهم انه يوحى اليه شياطين كما كان معتقدهم فى الشعراء و قد اهتم القران الكريم بالرد على هذه الشبهة
"وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ 210 وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ 211 إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 212 ( الشعراء )
"وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ( التكوير :25)
و لاجل ذلك ايضا اكد القران عجز الجن مع الانس على الاتيان بمثل القران

لذا كانت المعجزة الاساس لابى الزهراء عقلية و هو ما يرتبط بتطور الانسان و تكامله من الناحية الفكرية , فقد كان الانسان فى العصور الاولى من حياته الفكرية مانوسا بالحس و التجربة المادية و بذلك كان يفسر ما يدور حوله من ظواهر الكون و الحياة , الا ان الامر لم يبق على هذه الحال بل وصل الانسان عبر مسيرته الطويلة و الشاقة الى مستويات راقية من التفكير و التعقل , الامر الذى يقتضى ان تكون المعجزة التى تثبت رسالة السماء و تستند عليها النبوة ملائمة لهذا المستوى من التفكير و التعقل , و هذا ما تبنته الرسالة السماوية الخاتمة : رسالة ابى الزهراء صلى الله عليه و اله و سلم و التى استندت فى الواقع الى معجزتين عقليتين اشار اليهما القران الكريم :
1) معجزة الشخصية المحمدية , و قد سبق مقدمة موجزة فى بيان ذلك ,و سوف نتناول بيان هذا الاعجاز مرة اخرى باذن الله ففى التكرار دائما فائدة , بل التكرار سنة من سنن الله فى الكون و الحياة
2) معجزة القران العظيم , و سنتناولها ايضا باذن الله
و فى ضوء هذه الحقيقة التى تقرر ارتكاز معجزة الاسلام على العلم و المعرفة و ادراكات العقل الانسانى المجردة عن الحس و المادة , سوف تتجلى لنا الاهمية التى يوليها الاسلام للعلم و للعلماء , و المكانة السامية التى يحتلها البحث العلمى فى نظر الدين الاسلامى
قال تعالى :" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ( الزمر :9)
بل يتعدى القران الكريم هذا المستوى من التفريق بين العلم و الجهل ليقرر من خلال نداء صريح يقرع الاسماع و يوقظ العقول بان خشية الله سبحانه متوقفة على العلم و حصول المعرفة فى النفس الانسانية ,و لنستمع الى قوله تعالى " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء" (فاطر : 28 )

----
المراجع :
- الاعجاز / السيد كمال الحيدرى


يتبع باذن الله

الغزالى
02-03-2006, 06:28 AM
فى ضوء ما تقدم فان اثبات النبوة اسهل من اثبات وجود الخالق , فاذا كان المطلوب لاثبات نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم ان ياتى بامر خارق للعادة فهذا متحقق فى شخصية ابى الزهراء و دعوته و رسالته بما لا يخفى على بصير
فنحن امام ظاهرة خارقة للعادة بوضوح
و قد اقر بعض خصوم محمد صلى الله عليه و اله و سلم بهذه الحقيقة , كما سبق فى كلام القس جورج بوش الذى نقلناه , و الحق ما نطقت به الاعداء

و سنتناول باذن الله فيما ياتى :

1- خرق الشخصية المحمدية للعادة
2- خرق القران الكريم للعادة

سيف الكلمة
02-04-2006, 12:34 AM
أكمل أخى بارك الله فيك
جاء الإسلام مخاطبا للعقل
وقيود النقل فقط لكى لا تضل عقولنا الطريق إلى الله

محمد فى الترجوم والتوراة والتلمود والإنجيل
للباحث هشام طلبة
هل هو موجود على الشبكة
قرأته من سنوات وهو كتاب جيد وأحتاج إليه

الغزالى
02-05-2006, 08:52 AM
بارك الله فيك اخى الكريم سيف الكلمة
و لا اعلم اذا كان الكتاب موجود فى الشبكة ام لا , و هو كتاب قيم , و لمؤلفه دراسة اخرى قيمة بعنوان " يوسف عليه السلام فى القران و كتب السابقين "
و لا شك ان اخبار الكتب السابقة بمحمد صلى الله عليه و اله و سلم هو معجزة من معجزاته ,اضافة الى انها حجة نلزم بها اهل الكتاب , و ساتناول ان شاء الله هذا الاعجاز و الذى كان السبب الاساس لايمان الانصار رضى الله عنهم بنبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم , و قد اعتبر القران تلك البشارات آية احتج بها على كفار مكة
"وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ 196 أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ " ( الشعراء )
و افضل ما وقفت عليه فى هذا الباب الكتب التالية :
1- نبى ارض الجنوب / للعلامة جمال الدين شرقاوى
2- تباشير الانجيل و التوراة بالاسلام و رسوله / للدكتور نصر الله ابو طالب (نشر دار الوفاء بمصر )

و تحياتى لك و لكل مسلم غضب لتطاول الاقزام على اشرف الخلق ابى الزهراء روحى له الفداء

الغزالى
02-06-2006, 04:08 PM
اولا – اعجاز الشخصية المحمدية :
قال تعالى :
" قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" يونس :16
فتحداهم الله بنفس النبى الذى جائهم بالرسالة
فالحقيقة ان شخصية محمد صلى الله عليه و اله و سلم كانت معجزة و آية بمعنى الكلمة , و لن تجد له مثيلا مهما بحثت
و هذه الاية و المعجزة كانت تعيش مع الصحابة و كفار مكة و كان اعجازها جليا لهم و علمهم باعجازها و تفوقها المذهل على البيئة و قدرات غيرها من البشر كان علما ضروريا
و نريد فى عصرنا ان ندرك هذا الاعجاز من خلال المتواتر عن هذه الشخصية التى ملات الدنيا و شغلت الناس و تواترت تفاصيلها المهمة كما لم تتواتر تفاصيل حياة انسان
و كما يقول بعض اهل العلم :
"علينا أن ندرس جوانب المعجزة في شخص الرسول قبل أن ندرسها في القرآن الكريم وغيره. نعم ندرس معجزة الرسول في ما نقل أو فيما أنتج .

الإنسان ابن محيطه في كل شيء ، في الثقافة وفي الحياة وفي القيم وفي الأحكام وفي المظهر ... الخ
فإذا وجدنا أن إنسانا فاق محيطه وزمانه بشكل خارق كان هو المعجزة بحد ذاته ، وإذا بقي التفوق له إلى الزمن الذي نحن فيه فهو معجزة حقيقة لحد الآن.
وهكذا وجدنا الرسول صلى الله عليه وآله.
معجزة متحركة
ابن صحراء قاحلة .. لا علم فيها ..

نراقبه .. نراقب كلماته .. نراقب إنتاجه.. نجده متفوقا في كل شيء
ما من علم إلا وله فيه كلمة صحيحة لم يبطلها علم
ما من فن إلا وله فيه كلمة صحيحة تهدي مسراه
القانون كله قد انبثق منه فجأة
الشريعة المعقدة سالت من بين أصابعه الشريفة
الحكمة تعدت حدود البشرية حيث عجز الناقلون عن نقل جميع حكمته
الإيمان ومراتبه فقد أعجز من جاء بعده في بلوغه
الصفات النفسية العظيمة لا مثيل لها فهي من أقصى الكرم والرأفة إلى أقصى الشدة في ذات الله ."


و اعجاز الشخصية المحمدية يتمثل فى ثلاثة امور :

1- انه حقق طفرة شاملة لا مجرد خطوة للامام
2- انه لم يكن جزءا من تيار , بل كان التيار الجديد جزء منه
3- ان كل ذلك تم بلا اعداد فكرى مناسب لما قدمه و حققه – بل الحقيقة مهما افترى المفترون لم يكن هناك اى اعداد فكرى له اصلا – و بدون اى اعداد عملى

و يتضح جليا لمن تامل هذه الامور الثلاثة استحالة ان ياتى انسان بمثل ما قدمه محمد و ما حققه , و ان الامر كله بمجموعه فوق طوق البشر و استطاعتهم و ليس له اى تفسير ارضى يقبله العقل
فلا يوجد انسان يستطيع ان يحدث طفرة شاملة فى المجتمع الذى يظهر فيه كالتى حققها محمد , مع كونه ليس جزءا من تيار بل التيار الجديد جزء منه , و مع كونه لم ينل اعدادا فكريا مناسبا و لا اى اعداد عملى لكل ذلك


1- حقق طفرة شاملة لا مجرد خطوة الى الامام :
كما يقول الشهيد محمد باقر الصدر :
"اى حركة اصلاحية تنبع من الارض و تنبع من عبقرية الانسان بما هو انسان تزحف بالمجتمع خطوة الى الامام ليس اكثر"

اما الدعوة المحمدية فقد حققت طفرة شاملة فى المجتمع الذى ظهرت فيه ,بل لم يكن هناك فى الحجاز حيث ظهر محمد مجتمع اصلا بالمعنى الصحيح فلم يشهد الحجاز من قبله اى تجربة اجتماعية متكاملة

و تتضح هذه الطفرة بادنى تامل فى واقع المجتمع العربى قبل الاسلام و واقعه بعد الدعوة الاسلامية

و يتضح هذا فى ثلاثة امور :
1) مجتمع القبيلة طفر راسا الى الايمان بالمجتمع العالمى :
يقول المحقق جعفر السبحانى :
" إن اُولى خطوة خطاها البَشَر باتّجاه النمط الإجتماعي كانت عندما أقْبَل على تاسيس وإقامة الحياة القبلية، فالقبيلة تتكون من إجتماع عدة عوائل واُسر مترابطة فيما بينها بوشائج القربى والنسب تحت زعامة شيخ القبيلة، وبهذا يتحقق أبسط نمط من أنماط الحياة الإجتماعية .
وقد كانت الحياةُ العربية ـ آنذاك ـ من هذا القبيل، فكلُ مجموعة من العوائل المترابطة نسبياً تتجمع في شكل قبيلة، وتشكل بذلك مجتمعاً صغيراً يخضع فيه الجميع لأوامر رئيس القبيلة وزعيمها، ولقد كان الجامع بين افراد القبيلة هو الرابطة القومية، والوشيجة النسبية، وكانت هذه القبائل تختلف في عاداتها ورسومها، وتقاليدها وأعرافها، اختلافاً كبيراً، وإذ كانت كل قبيلة تعتبر القبائل الاخرى غريبة عنها لذلك كانت لا تقيم للآخرين وزناً ولا قيمة، ولا تعترف لهم باي حق أو حرمة .
ولهذا كانت ترى الإغارة على الآخرين وقتلهم، ونهب أموالهم، وسلب ممتلكاتهم وسبي نسائهم من حقوقها القانونية المشروعة، اللّهم إلاّ أن يكون بين القبيلة، والقبيلة الاُخرى حلف أو معاهدة .
هذا من جانب .
ومن جانب آخر كانت القبيلة الّتي تتعرض للإغارة من جانب قبيلة اُخرى ترى من حقها أن تردَّ الصاع صاعين، تقتل كل أفراد القبيلة المغيرة، لأن الدّم ـ في نظرهم ـ لا يغسله الا الدّم!!!
ولقد تبدلت أخلاقيةُ العرب هذه بعد انضوائهم تحت لواء الإسلام الحنيف، بل تحوَّلوا من نمط الحكومة القبلية المتخلفة والنظام العشائري الضيّق هذا، إلى حكومة عالميّة، واستطاع رسولُ الإسلام ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ان يؤلف من القبائل العربية المتفرقة اُمّة واحدة .
ولا شك أن تأليف اُمة واحدة من قبائل وجماعات اعتادت طوال سنين مديدة من التاريخ على التناحر والتنازع، والتخاصم والتقاتل، والتهاجم والإغارة في ما بينها، واستمرأت سفك الدماء، وإزهاق الارواح، وذلك في مدة قصيرة، عملٌ عظيم جداً، ومعجزة اجتماعية لا نظير لها، لأن مثلَ هذا التحوُّل العظيم إذا اُريدَ لَهُ أن يتمَّ عبر التحوُّلات والتطورات العاديّة لاحتاج إلى تربية طويلة الامد، ووسائل لا تحصى كثرة .

يقول «توماس كارليل» في هذا الصدد: لقد اخرج اللّه العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور، وأحيى به منها امة خاملة لا يُسمعُ لها صوتٌ ولا يُحسُّ فيها حركة، حتّى صار الخمولُ شُهرة والغموض نباهة والضعة رفعة والضعف قوة، والشرارة حريقاً، وشمل نورُه الأَنحاء وعمَّ ضوؤه الأرجاء ما هُو إلا قرنٌ بعد إعلان هذا الدين حتّى أصبح للعرب (المسلمين) قدمٌ في الهند واخرى في الاندلس
وإلى هذه الحقيقة يشير ايضاً مؤلف تاريخ اللغات السامية الشهير «رينان» قائلا: «لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السياسيّ والثقافي والدينىّ قبل ذلك الانقلاب المفاجىء الخارق للعادة الّذي صار به العربُ اُمّة فاتحة مُبدعة ولم يكن لجزيرة العرب شأنٌ في القرون الاُولى مِنَ الميلاد، حين كانت غارقة في دياجير ما قبل التاريخ») .
أجل إنَ هذه القبائل العربية الجاهلية المختلفة المتناحرة لم تكن تعيش أية حضارة، ولم تمتلك اية تعاليم وقوانين، وأنظمة وآداب قبل مجيء الإسلام، لقد كانت محرومة من جميع المقومات الإجتماعية الّتي توجبُ التقدم والرقي، ولهذا لم يكن من المتوقع ابداً ان تصل إلى تلك الذرى الرفيعة من المجد والعظمة، ولا أن تنتقل من نمط الحياة القبلية الضيقة إلى عالم الإنسانية الواسع، واُفق الحضارة الرحيب بمثل هذه السُرعة الّتي وَصَلت إليه والزمن القصير الّذي انتقلت فيه .
إنَّ مَثَل الشعوب والاُمم البشرية مثل المباني والعمارات تماماً .
فكما أن البناء القوي الراسخ يحتاج إلى موادّ انشائية قوية معدَّة باتقان ومحضّرة باحكام حتّى يستطيع البناء المصنوع من هذه الموادّ، والمؤسس بعناية وهندسة متقَنة من الوقوف في وجه الأعاصير، والأمطار الغزيرة كذلك يحتاج كيانُ كل اُمة رشيدة من الاُمم إلى اُسس وقواعد محكمة (وهي الاُصول والآداب الكاملة، والأخلاق الإنسانية العالية) لتستطيع من البقاء والتقدم .

ولهذا السبب لابد من التأمل في أمر وسرّ هذه الظاهرة العجيبة ولابد أن نتساءل:
كيف تحقق ذلك التطورُ العظيم، وذلك التحول العميق للعرب الجاهلية، ومن اين نشأ؟؟
كيف امكن ان تتحول جماعة متشتتة، متعادية، متناحرة، متباغضة، في مابينها، بعيدة عن النظم الإجتماعية، بمثل هذه السرعة إلى اُمّة متآلفة متاخية متعاونة متسالمة متحابة، وتشكل دولة قوية كياناً سياسياً شامخاً أوجب أن تخضع لها دول العالم وشعوبه، وتطيعها، وتحترم مبادءها واخلاقها وآدابها آنذاك .
حقاً لو كان في مقدور العرب أن يحرزوا ذلك التقدم الهائل بفعل عامل ذاتي فلماذا لم تستطع عربُ اليمن الّذين كانوا يمتلكون شيئاً كبيراً من الثقافة والحضارة، والذين عاشوا الانظمة الملكية سنيناً عديدة، بل وربَّت في احضانها ملوكاً وقادة كباراً، أن تصل إلى مثل هذه النهضة العظيمة الشاملة، وتقيم مثل هذه الحضارة العريضة الخالدة .
لماذا لم تستطع العربُ الغساسنَة الذين كانوا يجاورون بلادَ الشام المتحضرة، ويعيشون تحت ظلّ حضارة «الروم» أن يصلوا إلى هذه الدرجة من الرشد؟
لماذا لم تستطع عربُ الحيرَة الذينَ كانُوا ـ وإلى الامس القريب ـ يعيشون في ظلّ الامبراطورية الفارسية أن ينالوا مثل هذا الرقي والتقدم؟ وحتّى لووصلوا إلى هذه الدرجة من التقدم وحققوا هذه القفزة فانه لم يكن أمراً يثير العجب لأنهم كانوا يعيشون في أحضان مدنيات كبرى، ويتغذون منها، ولكن الّذي يثير الدهشة، والعجب هو أن تستطيع عرب الحجاز من تحقيق هذه النهضة الباهرة، ويرثوا الحضارة الإسلامية العظمى وهم الذين كانوا يفتقرون إلى أبسط مقوّمات الحضارة الذاتية، ولم يكن لهم عهدٌ بأيَّ تاريخ حضارىّ مشرق، بل كانُوا كما عرفت يرزحون تحت أغلال الوَهْم والتخَيُّل، ويسيرون في ظلمات الخرافات والأساطير . "

و يقول الدكتور ابراهيم عوض حفظه الله :
"و لست اجد رايا اقرب الى منطق العقل و اكثر تلاؤما مع وقائع التاريخ مما قاله د. شوقى ضيف من ان المجتمع المكى كان مجتمعا قبليا " فهو لا يعدو اتحاد عشائر ارتبط بعضها ببعض فى حلف لغرض سدانة الكعبة من جهة و القيام على تجارة القوافل من جهة اخرى , و لا سلطان لعشيرة على عشيرة , بل كل عشيرة تتمتع بالحرية التامة و لا طاعة عليها لاحد .. و وجود ملأ فيها او مجلس شيوخ لا ينقض هذه الحقيقة , اذ لم يكن عمله يعدو عمل مجلس القبائل " اليسار الاسلامى و تطاولاته /151


*و يقول الدكتور ابراهيم عوض :
"لننظر فيما كان سائدا فى بلاد العرب عند ظهور الإسلام من قِيَمٍ وأوضاعٍ ونقارن بينه وبين ما جاء به الرسول الكريم لنرى أهذا الذى جاء به هو من نتاج تلك البيئة أم لا . وبذلك نحسم هذه المسألة بدلا من الاستمرار فى الشقشقة بالكلام الذى يمكن أن يطول فيه الجدل إلى ما لا نهاية :
وأول شىء نود أن نقف إزاءه هو العقيدة ، فما الذى أتى به الرسول فى هذا المضمار ؟ لقد كان العرب بوجه عام قوما وثنيين ، لكل قبيلة أو عدة قبائل صنمها الذى تعبده وتتعصب له ولا تعرف شيئا عن التوحيد ، لكن الإسلام كانت له هنا كلمة أخرى ، إذ دعا إلى الوحدانية المطلقة التى لا تشوبها شائبة ، فلا أوثان ولا ثنوية ولا تثليث ولا بنوة لله ، ولا اقتصار لربوبيته تعالى على أمة معينة يكون هو ربها من دون باقى الأمم كما هو الحال فى اليهودية حيث يُنْظَر إليه سبحانه على أنه إله بنى إسرائيل فحسب ، فلا يعرف سواهم ولا يقيم وزنا فى رحمته ولا فى تشريعاته لغيرهم مهما انحط اليهود وكفروا ، ومهما آمن غيرهم وعدل وأحسن واستقام . فالإله فى الإسلام هو رب العالمين جميعا لا لقبيلة أو أمة بعينها ، وهو ليس منحصرا فى مكان دون مكان ، وبابه مفتوح دائما للجميع ، ورحمته وسعت كل شىء، وهى سابقة أبدا غضبه ، والحسنة عنده بعشر أمثالها ، والسيئة بمثلها فحسب ، هذا إن لم يمحها محوا ويسترها على صاحبها كأنه لم يرتكب شيئا . والعبرة عنده بحسن النية والإخلاص وبذل الوسع ، وهى أمور فى متناول كل إنسان ، فلا قرابين ولا مُحْرَقات ولا إيمان بأشياء لا تدخل العقل بل تُعْنِت الضمير وتغرق الإنسان فى حيرة وبلبلة وتدفعه لمدابرة المنطق . فأين البدوية والتخلف هنا ، وما جاء به الإسلام يتفوق تمام التفوق على كل ما كان معروفا آنذاك وحتى الآن من عقائد وأديان سواء على مستوى الفكر أو الشعور أو الضمير ؟ ليس هذا فحسب ، بل إنه يترك الإنسان رغم ذلك لاختياره ، فإن شاء آمن ، وإن شاء كفر ، وحتى لو لم يؤمن فليس العقاب الأخروى بواقع عليه ضربة لازب، إذ إن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ ، وما دام الحق قد عُمّىَ عليه ولم يبزغ له نوره رغم بذله الجهد وإخلاصه فى رغبة الوصول إليه فإن رحمة الله قريب من عباده المجتهدين المخلصين . كذلك فالعقاب الأخروى لم يكن معروفا عند العرب ، اللهم إلا نفرا قليلا لا تأثير له فى حياتهم .أما فى الإسلام فهناك حساب وثواب وعقاب وجنة ونار ، والإنسان ليس كمًّا مهملا فى الكون يأتى إلى الدنيا ويموت ثم ينتهى أمره عند هذا الحد كما تنتهى الحيوانات العجماء.

وفى المجتمعات البدوية نجد أن ولاء الفرد إنما يكون دائما لقبيلته ، كما أن مفهوم الخير والشر مفهوم قبلى ، فالشر الذى يوقعه الإنسان بواحد من غير قبيلته لا يُعَدّ شرا ، وعلى أبناء القبيلة أن يهبوا لنصرة أى منهم ظالما كان أو مظلوما . كذلك كان التفاخر بالأنساب القبلية بينهم جامحا أشد الجموح ، وكانت المنافرات جزءا من نسيجهم القِيمِىّ والاجتماعى لا يَرَوْن الدنيا إلا من خلاله ، فكأن القبيلة هى كل شىء ولا وجود لأى شىء آخر وراء حدودها . ثم لما بزغت شمس الإسلام كانت هذه المفاهيم والقيم الغبية الضيقة من أول ما انهال عليه بمعول هدمه ، إذ نادى بأعلى صوته أن ليس لقرشى أى فضل على غير القرشى ولا للعربى على العجمى ، واسِمًا الدعوة إلى العصبيات القبلية بأنها منتنة ، ومُحِلاََّ أُخُوّة الإسلام العالمية محل الأخوة القبلية ، ورافضا أن بعتدى المسلم على غير المسلم دون وجه حق لأنهما إن كانا مختلفين فى الدين فإن رابطة الإنسانية تجمع بينهما ، علاوة على الروابط الاجتماعية التى ينبغى عليه أيضا مراعاتها فى التعامل معه بالمودة والحسنى ما دام لم يؤذه أويهدده ، وموجبا كذلك عليه أن يكف أخاه عن الظلم إذا هم به أو شرع فيه ، مفهما إياه أن هذا هو المعنى الجديد لنصرة الظالم التى كانت العقلية القبلية تفهمها على نحو مخالف تماما.لقد انتزع الإسلامُ الإنسانَ العربىَّ من تلك الدائرة الضيقة إلى آفاق أرحب وأسمق وأهدى سبيلا . لقد نقله من القبلية إلى الإنسانية والعالمية فى خطوة واحدة سابحا بكل قوة ونبل وجسارة عكس التيار الذى كان سائدا فى بلاد العرب أوانذاك ..


ثم لقد كان العرب ينتفضون إلى الحرب لأتفه سبب مدمرين أنفسهم فى صراعات عبثية فى أكثر الأحوال ، فجعل الإسلام لحياتهم معنى وربطهم بالسماء وبقيم البناء والتقدم والحضارة حتى لقد أصبحوا بناة إمبراطورية فى غضون سنوات قلائل ، إمبراطورية احتلت مكان الصدارة العالمية لقرون طوال ،على حين كانت أوربا أثناءها تعيش عيشة همجية فى كل مناحى الحياة تقريبا ، أوربا التى تصدّع أدمغتنا الآن هى وأذنابها من ببغاواتنا باتهام الإسلام بالبداوة والتخلف ! ..
وكانت عادة الأخذ بالثأر فاشية بين العرب فُشُوًّا فظيعا فوقف الإسلام فى وجهها ودانها وأقام بدلا من هذه الفوضى نظاما تشريعيا يأخذ فيه أولياء القتيل حقهم عن طريق الدولة لا بأيديهم مُنْشِئًا بذلك دولة المؤسسات .كما كان العرب مشغوفين بالخمر ، يتغنى بها شعراؤهم ويَرَوْن فيها إحدى المفاخر العظيمة ، فماذا فعل الإسلام هنا ؟ لقد جاء بتحريمها تحريما قاطعا لا هوادة فيه ، ونجح فى هذا السبيل نجاحا لم ينجحه أى دين أو تشريع آخر فى القديم أو الحديث . وبالمثل كان العرب يعتقدون فى العرافين والكهان والسحرة ويعملون لهم ألف حساب ، فوجّه الإسلام إلى هذه المعتقدات المتخلفة أيضا ضربة مُصْمِية ! وكان كثير منهم يبغضون خِلْفة البنات ، وبعضهم كان يئد بنته الرضيعة تخلصا من شبح الفقر والعار كما ذكر القرآن الكريم ، فوبّخهم الإسلام على هذا السلوك الوحشى وندّد بمرتكبيه وتوعدهم بأفظع ألوان العذاب فى جهنم يوم تُسْأَل المسكينة : بأى ذنب قُتِلَت ؟ وكان توفيقه هنا أيضا توفيقا هائلا . كما كان البدو ينظرون إلى المرأة نظرة دونية لأنها لا تشارك فى الحروب ، ومن ثم لم يكن لها نصيب فى الميراث ، لكن الإسلام لم يرض هذا الوضع وجعل لها حقا فى التركة كما للرجل ، وزاد فأوصى بمعاملتها معاملة كريمة تراعى وضعها وظروفها ، ومن بين ما قاله الرسول العظيم فى هذا الصدد أنه لا يكرمها إلا كريم . حتى قيمة الكرم التى كان العرب يفاخرون بها أشد المفاخرة كان للإسلام فيها نظرة أخرى ، إذ ربطها بالنية وابتغاء وجه الله لا ابتغاء السمعة والرياء، وهو أمر لم يكن العربى يتصوره أو يدور له ببال على الإطلاق . ..

وعندنا كذلك ميدان العلم الذى لم يكن للعرب فيه باع أىّ باع ، إذ كانت معارفهم لا تزيد على كونها شذرات بدائية متفرقة لا تقدم ولا تؤخر ، بل كانت الأمية أيضا فاشية فيهم إلى حد رهيب ، وكان الورق يكاد يكون معدوما عندهم ، وكان النبى نفسه أميا ، ورغم هذا نجد القرآن والسنة النبوية يوليان العلم وطلبه والمساعدة عليه والاستزادة منه ورقىّ الدرجات المتتالية فيه اهتماما عظيما ليس له سابقة فى تاريخ الأديان والحضارات: فالعالِم أفضل من العابد مثلما يَفْضُل القمرُ الكواكبَ فى ليلة الرابع عشر ، والرسول ذاته لم يؤمَر فى القرآن بالاستزادة من شىء إلا من العلم . بل إن العلم ليس حقا للمسلم فقط ، بل هو واجب وفريضة يأثم إن لم يقم بها . كما أن العلماء ورثة الأنبياء ، فضلا عن أن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ ، وهو ما ليس له ضريب فى أى دين أو فلسفة أو مذهب على مدار التاريخ ، وهذا من شأنه أن بفجر الطاقات الفكرية والابتكارية عند الفرد والأمة على السواء. وكانت النتيجة هى هذه الأعداد الرهيبة من العلماء المسلمين فى جميع ميادين المعرفة . وإن من له أى اتصال بالتراث الفكرى عند أمتنا ليذهل من الأمداء المتناوحة التى كان العقل الإسلامى يصول فيها ويجول بكل جسارة ونشوة . وقد كان من ثمرة ذلك أيضا أن استطاع ذلك العقل أن يبلور ويقنن المنهج الشكّىّ والمنهج العلمى التجريبى اللذين نقلهما الأوربيون أيام نهضتهم فكانا بمثابة المفتاح الذى يمكن الدخول به ، وبه وحده ، إلى مخبإ كنوز على بابا ، إذ لولا هذان المنهجان اللذان وقعت عليهما أوربا غنيمة باردة جاهزة ما استطاعت أن تبلغ شيئا مما بلغته فى مضمار المعرفة والاكتشافات والاختراعات العلمية ..
ولقد علّم النبى أتباعه كثيرا من قواعد السلوك والذوق الراقى ، سواء على المستوى الشخصى أو الاجتماعى أو الإنسانى بعد أن كانوا لا يعرفون شيئا فى هذا الصدد تقريبا : لقد عرّفهم مثلا أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة ، وأن قضاء الحاجة فى ظل الأشجار أو فى الماء الراكد تصرف آثم ، وأن الرأفة بالحيوان مما يقرّب العبد من ربه ويُجْزَى عليه خير الجزاء ، وأنه لا يليق بالمسلم أن يترك أسنانه دون تسويك أو شعره دون تمشيط أو ملابسه دون عناية وتنظيف ، وأن عليه الاحتراز من أن يؤذى الآخرين بشىء من هذا . ولقد بلغ الأمر فى هذا المجال أن جعل الإسلامُ النظافةَ ركنا أصيلا من أركان الإيمان مما لا نعرف له مثيلا فى غيره من الديانات . كما نبّه معتنقيه إلى أهمية احترام خصوصية الآخرين فلا يدخلون بيوتا غير بيوتهم قبل أن يستأذنوا أصحابها ويؤذَن لهم ، وأوجب على الخدم والأطفال أيضا ألا يقتحموا غرف نوم الآباء إلا بعد الاستئذان ...إلخ ... "



لقد تحول المجتمع او اللامجتمع القبلى فى طفرة الى الايمان بالمجتمع العالمى
و للشهيد سيد قطب رحمه الله كلام قيم فى هذه النقطة نطرحه مع ملاحظة ان المجتمع الاسلامى انما يقوم بالدعوة و الهداية لا بالسيف,فلا اكراه فى الدين و سنتناول مسالة الجهاد فيما ياتى باذن الله
يقول رحمه الله :" من العصبية القبلية , بل عصبية العشيرة , بل عصبية البيت , التى كانت تسود الجزيرة العربية . و من عصبية البلد و عصبية الوطن , و عصبية اللون , و عصبية الجنس , التى كانت تسود وجه الارض كله
من هذه العصبيات الصغيرة التى لم تكن البشرية تتصور غيرها فى ذلك الزمان
جاء الاسلام ليقول للناس : ان هناك انسانية واحدة , ترجع الى اصل واحد , و تتجه الى اله واحد
و ان اختلاف الاجناس و الالوان , و اختلاف الرقعة و المكان , و اختلاف العشائر و الاباء . كل اولئك لم يكن ليتفرق الناس و يختصموا ,و يتحوصلوا و ينعزلوا
و لكن ليتعارفوا و يتالفوا , و تتوزع بينهم وظائف الخلافة فى الارض , و يرجعوا بعد ذلك الى الله الذى ذراهم فى الارض و استخلفهم فيها , و قال لهم الله سبحانه فى القران الكريم :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13 ( الحجرات )
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا 1 ( النساء )
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ 22 ( الروم )
و لم تكن هذه مبادىء نظرية , و لكنها كانت اوضاعا عملية ...
جاء الاسلام فوجد الناس يتجمعون على آصرة النسب , او يتجمعون على اصرة الجنس , او يتجمعون على اصرة الارض , او يتجمعون على اصرة المصالح و المنافع القريبة
و كلها عصبيات لا علاقة لها بجوهر الانسان
انما هى اعراض طارئة على جوهر الانسان الكريم
و قال الاسلام كلمته الحاسمة فى هذا الامر الخطير , الذى يحدد علاقات الناس بعضهم ببعض تحديدا اخيرا
قال : انه لا لون و لا جنس , و لا نسب و لا ارض , و لا مصالح و لا منافع , هى التى تجمع بين الناس او تفرق . انما هى العقيدة , هى علاقتهم بربهم التى تحدد علاقتهم بعضهم ببعض
فعلاقتهم بالله هى التى منحتهم انسانيتهم
و من ثم فهى التى تقرر مصائرهم فى الدنيا و الاخرة سواء
ان النفخة التى جاءتهم من روح الله هى التى جعلت من الانسان انسانا , و هى التى كرمت هذا الانسان و سخرت له ما فى السموات و ما فى الارض
فعلى اساس هذه الحقيقة يتجمع الناس او يفترقون اذن , لا على اساس اى عرض اخر طارىء على حقيقة الانسان
ان اصرة التجمع هى العقيدة , لان العقيدة هى اكرم خصائص الروح الانسانى ..
ان الانسانية يجب ان تتجمع على اكرم خصائصها , لا على مثل ما تتجمع عليه البهائم من الكلأ و المرعى , او من الحد و السياج !..
الامة هى المجموعة من الناس تربط بينها اصرة العقيدة .. الاصرة فكرة تعمر القلب و العقل , و تصور يفسر الوجود و الحياة , و يرتبط بالله , الذى من نفخة روحه صار الانسان انسانا , و افترق عن البهائم و الوحوش , و افترق تجمعه عن تجمعها , و امتاز بالتكريم عن الله
و قال الله للمؤمنين به فى كل ارض , و فى كل جيل ,و من كل جنس و لون , و من كل فريق و قبيل , على مدار القرون ..
"إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ 92 ( الانبياء )
و فاضل بين الناس بعضهم و بعض على اساس العقيدة , مهما تكن روابط النسب بينهم , و وشائج الجنس و الارض ..
و كان غريبا على البشرية كلها فى ذلك الزمان , ان يتجمع الناس على عقيدة , و الا يتجمعوا على ارض , و لا على جنس , و لا على لون , و لا على تجارة , و لا على اى عرض من الاعراض الزهيدة
كانت هذه المذهبية بتعبير العصر الحاضر مسالة غريبة جدا يوم جاء بها الاسلام ..
و لكن الاسلام حين جمع الناس على اصرة العقيدة , و جعلها هى قاعدة التجمع او قاعدة التفرقة لم يجعل الاكراه على العقيدة قاعدة الحركة فيه , و لا قاعدة التعامل , و لم يجعل شريعة الغاب و الناب هى التى تحكم علاقاته بالاخرين الذين لا يعتنقون عقيدته , و لا يتجمعون على اصرته .."

هذا الدين / 79-91 بتصرف

2-المجتمع الوثني طفر رأساً إلى دين التوحيد الخالص، الذي صحّح كلّ أديان التوحيد الاُخرى، وأزال عنها ماعلق بها من زيف وأساطير.

"من المعلوم انه اصبحت تلك المنطقة مسرحاً للوثنية ولعبادة الاشياء المختلفة مع الايام فقد كانت الطبقة المثقفة من العرب تعبد الكواكب والقمر، فهذا هو المؤرخ العربي الشهير الكلبي الّذي توفى عام 206 هجرية يكتب في هذا الصدد قائلا كان «بنومليح» من خزاعة يعبدون الجن وكانت «حمير» تعبد الشمس، و «كنانة» تعبد القمر، و «تميم» الدبران، و «لخم» و «جذام» المشتري، و«طي» سُهيلا، و «قيس» الشِعرى، و «أسد» عطارداً .
أما الدهماء والذين كانوا يشكلون اغلبية سكان الجزيرة فقد كانوا يعبدون ـ مضافاً إلى الصنم الخاص بالقبيلة أو العائلة ـ ثلا ثمائة وستين صنماً، وكانوا ينسبون أحداث كل يوم من أيام السنة إلى واحد منها .
وقد دخَلَتْ عبادةُ الأصنام والأوثان في مكة ..على يد «عمر بن لحي»، ولكنها لم تكن في بداية أمرها بتلك الصورة الّتي وصلت إليها في ما بعد فقد كانوا يعتبرونها في بداية الامر شفعاء إلى اللّه ووسطاء بينه وبينهم، ولكنهم تجاوزوا هذا الحد في ما بعد حتّى صاروا يعتقدون شيئاً فشيئاً بانها اصحاب قدرة ذاتية مستقلة، وأنها بالتالي آلهة وأرباب .
وكانت الاصنام المنصوبة حول الكعبة تحظى باحترام جميع الطوائف العربية، ولكن الاصنام الخاصة بالقبائل فقد كانت موضع احترام جماعة خاصة فقط، ولأجل أن تبقى حرمة هذه الأصنام والأوثان الخاصة محفوظة لا يمسها أحد بسوء كانوا ينشؤون لها أماكن وبيوت خاصة، وكانت سدانة هذه البيوت والمعابد تنتقل من جيل إلى آخر بالوراثة .
أما الآصنام العائلية فقد كانت العوائل تقتنيها للعبادة كل يوم وليلة، فاذا أراد احدهم السفر كان اخر ما يصنعه في منزله هو ان يتمسح به أيضاً .
وكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها، واتخذهُ رَبّاً وجعَلَ ثلاثة أثافىّ لقدْره، وإذا ارتحل تركه .
وكان من شَغَفَ أهلِ مكة وَحُبّهم للكعبة والحرم أنه كان لا يسافر منهم أحدٌ إلا حَمَل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً للحرم، وحباً له فحيثما حلّوا نصبوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة صبابة بها، ويمكن أن تكون هذه هي «الأنصاب» الّتي فُسرت بالاحجار العادية غير المنحوتة وتقابلها الأوثان، وهي الاحجار المنحوتة على هيئة خاصة، وأما «الأصنام» فهي المعمولة من خَشَب أو ذهب أوفضة على صورة انسان .
لقد بلغ خضوعُ العرب أمام الاصنام والأوثان حداً عجيباً جداً، فقد كانوا يعتقدون بأنهم يستطيعون كسبَ رضاها بتقديم القرابين اليها، وكانوا بعد نحر الهدايا يلطخون وجوه الاصنام ورؤوسها بدماء تلك الهدايا، وكانوا يستشيرونها في مهام امورهم، وجلائل شؤونهم، فاذا ارادوا الوقوف على مستقبل الأمر الّذي تصدّوْا له ومعرفة عاقبته أخيرٌ هو أم شرٌ استقسمَ لهم أمين القداح بقدحي الأمر والنهي) وهيَ قطع كُتِبَ على بَعضها (إفْعَلْ) وعلى بعضها الآخر (لا تَفْعَلْ) فيمدُّ أمين القداح يده ويجيل القداح ويخرج واحداً فانْ طَلَع الآمر فعل أو الناهي ترك .
وخلاصة القول، ان الوثنيّة كانت العقيدة الرائجة في الجزيرة العربية، وقد تفشَّتْ فيهم في مظاهرَ متنوعة ومتعددة، وكانت الكعبة المعظمة ـ في الحقيقة ـ محطَّ أصنام العرب الجاهلية وآلهتهم المنحوتة، فقد كان لكل قبيلة في هذا البيت صنم، وبلغ عدد الاصنام الموضوعة في ذلك المكان المقدس (360) صنماً في مختلف الاشكال والهيئات والصور، بل كان النصارى أيضاً قد نقشوا على جدران البيت وأعمدته صوراً لمريم والمسيح والملائكة، وقصّة ابراهيم .
وكان من جملة تلك الأصنام: «اللات» و «العُزّى» و «مناة» الّتي كانت تعتبرها قريش بنات اللّه ويختص عبادتها بقريش .
وكانت «اللات» تعتبر اُمُّ الالهة، وكان موضعها بالقرب من «الطائف» وكانت من الحجر الابيض، و أما «مناة» فكانت في عقيدتهم إلاهة المصير وربَّة الموت والاجل وكان موضعها بين «مكة» و «المدينة».
ولقد اصطحب «ابوسفيان» معه يوم «اُحد»: «اللات» و «العزّى».
ويروى انه مرض ذات يوم «أبو أُحيحة» وهو رجل من بني اُمية، مرضه الّذي مات فيه، فدخل عليه ابولهب يعوده، فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا با احيحة؟ أمن الموت تبكي ولابد منه؟ قال: لاولكنى اخاف ان لا تُعبَد العزى بعدي! قال ابولهب: واللّه ما عُبدَت حياتك (اي لا جلك) ولا تُترك عبادتُها بعدك لموتك!! فقال أبو اُحيحة: الآن علمتُ ان لي خليفة(
ولم تكن هذه هي كل الأَصنام الّتي كانت تعظِّمها وتعبُدُها العربُ بل كانت لقريش اصنامٌ في جوف الكعبة وحولها وكان اعظمها «هُبَل»، كما انه لم يكن لكل قبيلة صنم خاص فحسب بل كانت كل عائلة تعبد صنماً خاصاً بها

مضافاً إلى صنم القبيلة وكانت المعبودات تتراوح بين الكواكب، والشمس، والقمر، والحجر، والخشب، والتراب، والتمر، والتماثيل المنحوتة المختلفة في الشكل، والهيكل، والاسم، المنصوبة في الكعبة أو في سائر المعابد .
لقد كانت الاصنام جميعها أو أغلبها معظَّمة عند العرب، يتقربون عندها بالذبائح ويقرّبون لها القرابين، وجرت عادة بعض القبائل انذاك أن تختار من بين أفرادها كل سنة شخصاً في مراسيم خاصة ثم تذبحه عند أقدام اصنامها، وتقبر جسده على مقربة من المذبح .
هذا العرض المختصر يكشف لنا كيف أن ارض الجزيرة العربية برمتها كانت قد اصبحت مسرحاً للاصنام ومستودعاً ضخماً للاوثان، وكيف تحولت هذه البقعة من العالم ببيوتها وازقتها وصحاريها وحتّى بيت اللّه المحرم كانت قد تحولت إلى مخزن للنُصُب المؤلَّهة، والتماثيل المعبودة، ويتجلى هذا الأمر من قول شاعرهم الّذي اسلم وراح يستنكر ما كان عليه من عبادة الاصنام المتعددة الخارجة عن الاحصاء والعدّ، إذ قال:
أَرَبّا واحِداً أمْ ألف رَب * أدينُ إذا تقسَّمَتِ الاُمورُ
عَزلتُ اللاتَ والعزى جميعاً * كذلك يَفعَلُ الجَلِدُ الصَبُور
فلا عُزّى أدين ولا ابنتيها * ولا صَنَميْ بني عمرو أزُورُ
ولا غنماً أزورُ وكان ربّاً * لنا في الدهر إذ حلمي يسيرُ
ولكن أعبدُ الرحمان رَبِّي * لِيَغْفِرَ ذَنبِىّ الربُّ الغفُورُ(1)
وقد حدثت بسبب الاختلاف والتعددية في عبادة الاصنام والاوثان المؤلَّهة السخيفة الباطلة، تناقضاتٌ، وصراعاتٌ، وحروب ومناحرات، قد جرّت بالتالي ويلات ومآس وخسائر مادية ومعنوية كبرى على تلك الجماعة المتوحشة، الضالة ."

صورة للحالة الدينية للعرب قبل الاسلام :
يقول الدكتور ابراهيم عوض :
"الذى يميز الاسلام عن غيره من الاديان هو الوحدانية المطلقة بكل معانيها .. و هذه الوحدانية المطلقة تخالف العقائد التى كانت موجودة ايام ظهور الاسلام .. فالجاهليون كانوا يرفضون تماما هذه الوحدانية و يستغربون بشدة ان يدعو محمد الى اله واحد بدلا من الهة متعددة :" أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ 5 وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ 6 مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ 7 (ص)

و يتضح من هذه الاية الاخيرة ان مفهوم الوحدانية كان جديدا عليهم , فهاهم اولاء يحتجون لتعدد الالهة بانهم لم يسمعوا بالوحدانية
و سواء اكان المفصود ب "الملة الاخرة " هنا عقيدة النصارى فى الالهة ام عقائد الجاهليينت فانه يتبين من هذا النص ان " الشرك بالله " كان هو العقيدة المقررة التى درؤجوا عليها منذ زمن طويل .. حتى ان الوحدانية على بساطتها و منطقيتها قد صدمتهم صدمة عنيفة و استفزتهم الى محاربة الرسول عليه السلام و دعوته بكل طاقتهم .. و قد يدلك على مبلغ العناء الرهيب الذى قاساه الرسول فى دعوة قومه الى الله الواحد كثرة الايات التى تناقشهم فى مفاهيمهم الشركية , ففى سورة النجم مثلا و هى من السور المبكرة , نجده سبحانه و تعالى يعيب عليهم سخف منطقهم الذى يسول لهم ان ينسبوا اليه ثلاثة من اصنامهم هى اللات و العزى و مناة على انها بناته
يقول جل شانه :" أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى 19 وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى 20 أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى 21 تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى 22 إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى 23 أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى 24 فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى 25 وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى 26 إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى 27
و لم يكونون يدعون اى شبهة دون ان يعضوا عليها بالنواجذ فى جدالهم العقيم الذى لم يكن ينفع معه منطق مستقيم
انظر اليهم و قد جاء ذكر عيسى بن مريم عليه السلام امامهم فاذا هم يصيحون "أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ"
و يرد القران على هذا المنطق السخيف مبينا بواعثهم فى هذا الصياح :" مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ 58 ( الزخرف )
و مثل هذا المنطق الملتوى لا تفلح معه عادة اية حجة , و عبثا يبين لهم الرسول بناءا على امر الله انه "إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" اما عيسى فما"هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ" الزخرف : 59
و لكن كل هذا لم يكن بالنسبة الى عامة جمهورهم الا صيحات فى واد , فهاهو ذا القران فى موضع اخر من السورة ذاتها يعود الى مناقشة هذا المنطق التافه مرة اخرى :" وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ 15 أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ 16 وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ 17 أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ 18 وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ 19
و وجه التفاهة فى هذا التفكير انهم يجعلون ذرية الله اناثا فى الوقت الذى يضيقون هم فيه اشد الضيق و تسود وجوههم خزيا و عارا اذا ولدت للواحد منهم انثى , و لو جروا فى سخفهم على منطق مستقيم لرحبوا اذن بانجاب الاناث بل لافتخروا بهن و استكثروا منهن
و يزداد المرء عجبا حين يرى هؤلاء الذين يكرهون الاناث ( و بعضهم كان يدسهن فى التراب و هن احياء ) يعبدونهم معتقدين انهن يقربن الى الله زلفى .. و مهما يشرح لهم القران ان كل ما فى الكون مخلوق لله و عبد له و يستطيع الله لو اراد ان يصطفى من مخلوقاته ما يشاء فانهم لا يقتنعون .. انهم يكرهون الوحدانية و ينفرون منها اشد النفور :" وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" الزمر : 45..
من هنا نفهم لماذا يلح القران على مفهوم الوحدانية , و ندرك كذلك مدى الجهد الفادح الذى كان رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و ازكى السلام يبذله
فهاهو سبحانه و تعالى يقول فى سورة الفرقان :" لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا 2
كما يقول فى سورة المؤمنون :" مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ 91
و على ما فى هذه الحجة من بساطة مشرقة تقتحم العقول السليمة اقتحاما نجدهم قد اغلقوا قلوبهم على ما فيها من ظلمات , حتى ان القران ليبدىء من جديد و يعيد فى هذه القضية كأنه لم يقل من قبل شيئا و كأنهم لم يسمعوا و لم يفكروا :" لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا"
و هى نفس الحجة السابقة و ان صيغت فى عبارة مختلفة شيئا ما
و هاهم اولاء يعودون الى ترديد نفس مفاهيمهم المهلهلة :" وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ 26 لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ 27 يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ 28 وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ 29 ( الانبياء )

مما دعا القران الى ان يكرر انذاره لهم حتى يعطى من نفسه العذر قبل ان يعاجلهم بعقوبة الدنيا او يرديهم فى قرارة الجحيم :" وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا 4 مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا 5 الكهف
و الى ان يعيد تساؤله السابق المفحم :" أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا 40 الاسراء
كما يامره عليه السلام ان يقول :" الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا 111 الاسراء
و ان يكبره سبحانه تكبيرا , و لم يكتف المشركون بذلك بل اشركوا به سبحانه الجن :" وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ" الانعام : 100
و يحاول القران مرة اخرى ان يجعلهم يفكرون فى تهافت ما يستمسكون به من عقائد باطلة فيقول لهم انه " سبحانه هو الغنى " و يسالهم :" بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ"
كما ان فيه اية تتعرض لعبادة الشمس و القمر و هى :" وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ 37 فصلت
فهذه هى عقيدة الجاهلية فى الالوهية ..
فاما اليهود فان المقيمين منهم بيثرب كانوا يزعمون ان عزيرا ابن الله , مثلما يقول النصارى ان المسيح هو ابن الله , و قد رد القران عليهم و بين ان هذا الاعتقاد هو اعتقاد شركى قديم :" وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ 30 ( التوبة )
و العجيب ان بعض المستشرقين يعدون اتهام القران لليهود بانهم يقولون " عزير ابن الله " سرا غامضا يتعصى على الحل لانه ليس فى اسفار العهد القديم ما يشير الى هذا , غافلين عن نقطتين هامتين : الاولى ان محمدا عليه الصلاة و السلام لا يكذب ابدا و قد فرغنا من هذه القضية . ثم انه لا يوجد اى داع يحمله على اتهام اليهود بهذه التهمة الباطلة .
و الثانية انه لو كان محمد عليه السلام قد تقول عليهم ذلك لردوا عليه و لسجل القران حينئذ هذا الرد او لاتت به السنة المطهرة , و هو ما لم يحصل فدل هذا على ان هذا الاتهام صحيح "
مصدر القران /217-225





3- المجتمع الفارغ تماماً تحوّل إلى مجتمع ممتلئ تماماً
فالمجتمع الجاهلى كان مجتمعا فارغا , و هذا ما يفسر لك قلة الاخبار عن العصر الجاهلى مقارنة بغزارتها عن ما بعد الدعوة المحمدية , و قد تحول هذا المجتمع الفارغ على يد ابى الزهراء إلى مجتمع ممتلئ تماماً، بل إلى مجتمع قائد يشكّل الطليعة لحضارة أنارت الدنيا كلّها.
وجعل من ذلك المجتمع الفارغ مجتمعاً ممتلئاً، له نظامه في الحكم، وشريعته في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، ويقضي على الربا والاحتكار والاستغلال، ويعيد توزيع الثروة على أساس أن لا تكون دولة بين الأغنياء، ويعلن مبادئ التكافل الاجتماعي والضمان الاجتماعي التي لم تنادِ بها التجربة الاجتماعية البشرية إلاّ بعد ذلك بمئات السنين.

فابنُ الصحراء التي لم تكن تفكّر إلاّ في همومها الصغيرة وسدّ جوعتها والتفاخر بين أبنائها ضمن تقسيمها العشائري، ظهر ليوحدها فى سبيل رسالة سامية و يقودها إلى حمل أكبر الهموم


يقول الاستاذ جمال البنا :
"لا يمكن أن نقدر الثورية القرآنية إلا عندما نأخذ صورة عن المجتمع الجاهلى والأصول التى كان يقوم عليها وأودى بها الإسلام.
كانت الجاهلية تقوم على :
أ . ديـــن.
ب . اقتـصاد.
ج . تقاليد وأوضاع فرضها تفاعل الدين بالاقتصاد بعد أن تفاعل هذان مع مناخ الجزيرة وتأثير الصحراء العميق وانفتاحها أو انغلاقها …
وكانت الوثنية هى الديانة الغالبة، وكان لقريش أصنام فى جوف الكعبة، كان أعظمها هبل (وهو الذى فخر به أبو سفيان يوم أحد) وكان من عقيق أحمر على صورة الإنسان مكسور اليد اليمنى. أدركته قريش وهو كذلك فجعلوا له يدا من ذهب، ومن الكتَّاب من يظن أن هبل تحريف "لأبولو" الإله اليونانى المعروف.
واتخذ أهل كل دار صنما يعبده وإذا أراد السفر تمسح به حتى يكون ذلك آخر ما يفعله قبيل سفره، وإذا قدم تمسح به قبل أن يدخل على أهله .
وفى بعض الحالات كان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتخذه ربا‍ وجعل ثلاثة أثافى لقدره وإذا أرتحل تركه فإذا نزل منزلاً آخر فعل مثل ذلك !
وإذا لم يجد حجراً جمع حثيه من التراب وحلب عليها شاته ثم طاف بها !
وكان للأصنام الكبرى مثل هبل والعزى كهنة يتحدثون باسمها، كما كانوا يضعون تقاليد تتعلق بنياقهم أشار إليها القرآن ﴿ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْر لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾
﴿ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
وكذلك ما ادعوه من بحيرة وسائبة وحام ..
وواضح تماماً أن الدين لم يكن من القوى المؤثرة فى حياة المجتمع الجاهلى. فقد كان استكمالاً سقيما وضحلاً لجانب من جوانب المشاعر النفسية يتماثل مع الحالة الفكرية لهؤلاء التجار أو الرعاة أو الذين يعيشون على الغارات، ويأخذ شكل بعض الطقوس، وإذا كان للدين من قوة، فإنها تعود إلى العصبية، وأنه إرث الأباء والأجداد، والتمسك بهؤلاء جزء من "مناخ" المجتمع الجاهلى، وكانت جِدَّه الإسلام من أكبر ما دفع العرب لرفضه لأنه كان يقضى بأن يخالف دين الأباء والأجداد وهو ما جعل رجلاً مثل أبى طالب يقف هذا الموقف.
وكان المجتمع الجاهلى يعتمد فى اقتصاده على الرعى الذى كان يقوم به عادة الأطفال والنساء والعبيد، والتجارة التى كانت صلب عمل قريش وأصل ثروتها بحيث تغلغل الوعى التجارى فى نفسية القرشيين وكان على القرآن، لكى يثير اهتمامهم أن يتحدث عن "تجارة" لا تبور، وتختلف التجارة عن الصناعة التى تقوم على التكييف والإضافة، أو عن الزراعة التى تعتمد على العمل والمتابعة فى أنها لا تتطلب شيئا من هذا، ولا تمثل "قيمة مضافة" وإنما هى عملية نقل المنتجات إلى الأسواق لبيعها هناك. بأثمان تزيد أضعافاً عما دفع فيها.. وأهتبالً الفرص، والتحكم فى الأسواق وما إلى هذا كله من دهاء تجارى يستهدف الربح ..
وكان المصدر الثالث من مصادر الاقتصاد هو الغارات على الجيران فعندما تشح السماء، فلا يسقط المطر، ولا يكون هناك مجال لرعى. أو عندما تتعسر عليهم سبل التجارة.. فليس إلا الغارة على الآخرين والاستحواذ على ثرواتهم قسراً وقد تضطرهم الظروف فلا يدخرون أحداً.
وأحيانا على بكر أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا
باستثناء الرعى الذى كان يتيح لمن يرعى التعامل مع الطبيعة، والسير فى الخلاء، وأن حياة الراعى تقضى ما بين الأرض والسموات فضلا عما تتطلبه حرفته من تعامل مع الحيوان يقوم على الحرص عليه وتمكينه من غذائه والخروج به فى الصباح والعودة عند المساء. نقول باستثناء الرعى، فإن الغارات كمصدر اقتصادي لا تتضمن إلا قيم السلب والنهب وأما التجارة فإنها تقوم على الذكاء التجارى وتطبيق دستور التجار كافة "أشتر بأرخص الأسعار وبع بأغلاها" ولا جدال فى أنها تتطلب ذكاء ومهارة وخبرة وحسن تقدير ولكنها كلها فى النهاية تصب فى وازع الربح. وتختلف التجارة فى هذا عن الزراعة – أم الحضارة القديمة أو الصناعة أم الحضارة الحديثة فكل واحدة منهما تغرس فى الإنسان مهارات وملكات تمثل إضافة خلاقة وسلوكاً سلبيا فى حالة الزراعة وإيجابيا فى حالة الصناعة.
وهنا يتفق الاقتصاد الجاهلى مع الدين الجاهلى فى أنه لا يقوم على قيم أو أسس أو مبادئ موضوعية.
وكان المجتمع الجاهلى الذى تأثر بالدين من ناحية، وبالاقتصاد من ناحية أخرى يصطنع عادات ويضم علاقات تفى بالاحتياجات التى تتطلبها حياة البداوة.. أبرزها الولع بشرب الخمر والاستمتاع الحسى بالنساء وتسوية العلاقات بالحرب، التى كانت – كما أشرنا – مورداً من موارد الاقتصاد، ووسيلة لحسم المنازعات بين القبائل المختلفة.
وقد استحوذت الخمر على نفس العربى الجاهلى، لأن مجالسها كانت تملأ فراغ يومه، ولأنها كانت تضرم فى نفسه الحمية، والفخر، والشجاعة، ولهذا قال شاعرهم :
ونشربها فتجعلنا ملوكاً وأسـداً ما ينهنهنا اللـقاء
وقالوا فى رثاء ربيعة بن مكدم :
لا تنفرى يا ناق منه فإنه شريب خمر مسعر لحروب
كما كانت تغذى الشهوات الحسية، وهذه كلها ملاك الفضائل لدى العربى الجاهلى، وتشجع على حسم العلاقات ما بين القبائل بعضها ببعض بالعنف والحرب، وما بين الرجل والأنثى بالاستمتاع الحسى..
وتعد قصائد امرئ القيس ومعلقة طرفة بن العبد تمثيلا دقيقاً لما كان يملأ حياة الشاب العربى النابه فى الجاهلية، وهى تضم العناصر الثلاث التى قام عليها المجتمع الجاهلى وأشرنا إليها آنفا وتضمنتها أبيات طرفة المشهورة :
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى
وجدك، لم أحفل متى قام عودى
فمنهن سبقى العاذلات بشربة
كميت متى ما تعل بالماء تزبد
وكرى إذا نادى المضاف مجنباً
كسيد الغضاء نبهته المتورد
وتقصير يوم الدجن والدجن معجب
ببهكنة تحت الخباء المعمد
وبصفة عامة فإن الشعر الجاهلى عن المرأة يعبر عن عاطفة حسية، واستمتاع جنسى باستثناء الحالات القليلة عن الحب العذرى، وهذا هو ما كان يتفق مع المجتمع الجاهلى – مجتمع الحرب أو الشرب مما لم يكن يسمح بمشاركة المرأة، ومن ثم فقد اقتصرت العلاقة ما بين الرجل والمرأة على الصلة الجنسية ولا ينفى هذا أن جانبا من جوانب الحمية، أرتبط بالعرض وأحاط المرأة بصيانة خاصة، ولكن هذا لم ينشأ من سمو المشاعر، ولا من سمو منزلة المرأة، ولكنه كان من مقتضيات الحمية الجاهلية، وقد يدل على هذا أن ثلاثة أنماط من أنماط الزواج الأربعة التى كانت شائعة فى الجاهلية وتحدثت عنها عائشة كانت أقرب إلى الدعارة كزواج الاستبضاع، وهو أن يعتزل الزوج زوجته عند بدء طهرها ويقول لها أرسلى إلى فلان فاستبضعى منه ويعتزلها ولا يمسها حتى يتبين حملها "وإنما يفعل ذلك رغبة فى نجابه الولد !!" بالإضافة إلى نمطين آخرين ينشآن عن العلاقة بالعاهرات، مما ينم على أن حاسة الشرف عند الجاهلى لم تكن بالصورة الشائعة عند الناس .
وكان العامل الذى اكسب القبيلة العربية تماسكها فى الجاهلية هو "العصبية" وهى كلمة تغلغلت عميقاً فى جذور المجتمع العربى، وعنى الإسلام أول ما عنى بالقضاء عليها ونجح فى هذا فترة الخلافة الراشدة، ولكنها عادت مع بنى أمية وتمثلت فى موقعة مرج راهط ثم سارت حتى بلغت الأندلس، وكانت سبب تنازع القبائل العدنية واليمنية وأعتبرها ابن خلدون أساس تماسك الملك وكان من العسير اقتلاعها لأن المجتمع الجاهلى بُنِىّ عليها فهى الانتماء وكانوا يقولون إن العرب تنتمى للأباء والأسلاف بينما الأعاجم تنتمى إلى الأماكن والأوطان، وكان عرف القبيلة هو القانون من يحترمه يظفر بحمايتها ومن ينتهكه يحرم من هذه الحماية، ويعد "مهدور الدم" وعرف القبيلة "ذاتى" لا يعرف الموضوعية وشعاره "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" وأن يغضب ألف سيف عندما يغضب شيخ القبيلة "لا يسألون لم غضب" وعن هذه الذاتية المفرطة نشأت عادة الثأر واكتسبت قداستها "وذاتيتها" بمعنى أن ثأر المقتول لا يطلب عند قاتله فحسب، وإنما يطلب عند "قبيلة" قاتله، ولا يقتصر على القاتل، وإنما يشمل أسرة القاتل كلها وقد نشأت أقسى وأطول الحروب نتيجة لثارات كان يمكن أن تسوى لو ضبط الثار ولم يترك ليشمل القبيلة كلها، وما يعنيه هذا من الحرب كحرب البسوس – لأن كليب أصاب بسهمه ناقة البسوس وهى ضيفة جساس – أخى زوجة كليب جليلة – الذى رأى فى ذلك خفراً لذمته ولجواره. فذهب إلى كليب وقتله وهكذا اشتعلت الحرب أربعين عاماً ما بين قبيلة بكر وتغلب وقضت على زهرة فرسان القبيلتين.
كما اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان نتيجة سباق بين داحس، وهو حصان قيس بن زهير العبسى، والغبراء وهى فرس حمل بن بدر الذبيانى، وكاد أن يسبق داحس لولاً أن رجالاً كمنوا له وردوه عن سيره فسبقت الغبراء ونشبت الحرب بين عيس وذبيان حتى كادت تفنى القبيلتين ..
وكان يمكن لهذه الحرب الضروس أن لا تنشب أصلاً، أو كان يمكن أن تحسم بالصلح، لولا غلبة العصبية والغلو فى الثأر ..
وصور جعفر بن أبى طالب مجتمع الجاهلية أمام النجاشى فقال "أيها الملك. كنا قوماً أهل جاهلية. نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتى الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوى منا الضعيف .."
على أن هذا لا يعنى تجرد عرب الجاهلية من الفضائل فقد كان فى سجيتهم الكرم والشجاعة والأنفة، ولم يخضع العرب لحكم الملوك ولا لطاعة السلاطين ولم تكن لهم حضارة تقضى على الفطرة التى كانت غالبة عليهم، وقد برزوا فى أحد الفنون الرفيعة وهو الشعر فكان محل فخرهم وكانت القصائد الممتازة تعلق على الكعبة، ومن ثم حملت أسم "المعلقات".
كانت الطينة التى جُبل منها العربى الجاهلى طينة فطرية صلبة، ولكن غشيتها غشاوات الجهل والعصبية فحجبت قوتها وانحرفت بها إلى المسارات الضالة، وكان لابد أن يتخلص المجتمع الجاهلى منها حتى تظهر طبيعتها الحرة.. القوية، وهذا ما قامت به ثجاء القرآن فقضى قضاءً مبرما على الأوضاع الجاهلية. لقد عرفهم على "الله" تعالى وكشف لهم عن عوالم قدرته، ورحمته، وخلقه لهذا الكون العجيب من سماوات وأرضين، وتسييرها كلها بنظام دقيق ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. وأنه تعالى هو مصدر القيم العظمى من رحمة وعدل ومساواة وحب التى تضمنتها الأسماء الحسنى، وأكد لهم تأكيد اليقين إن هناك بعثاً بعد الموت ونشراً من القبور وحساباً وثواباً وجنة ونار.. يقوم على العدل بميزان لا يغفل مثقال ذرة ...
فأٍين هذه الصورة الرائعة والآفاق الجديدة اللانهاية زماناً ومكاناً من أوثانهم تلك القبيحة الجامدة ؟ لقد كان لابد لهذه الأوثان أن تزول حتى وإن لم يسقطها الرسول واحداً بعد واحد عندما دخل مكة فسقطت الأوثان وأرتفع "لا إله إلا الله"..
أما الغارات التى كانت مصدر رزق عندما يحل القحط فقد قضى عليها الإسلام بما أوجده من نظم للزكاة وللتكامل الاقتصادى .
وكانت قضية العصبية من أصعب القضايا، وقد قضت عليها أخُوَّة الإسلام وإشاعة قيم المساواة الخ.. وندد بها الرسول بصورة تنفر منها النفوس فشبهها بالخرء يدهده الجُعل بأنفه وقال دعوها فإنها مُنتنة .
ولئن كانت عوامل التحول التى سنشير إليها فى الفصل المقبل سمحت بعودتها بدرجات متفاوتة، فما كان فى العهد النبوى والراشدى لأعز عزيز فى العرب أن يقول ما قاله مهلهل "بؤ بشسع نعل كليب " وعندما وطأ رجل من فزاره إزار جبله بن الأبهم ولطمه هذا لطمة أدمت أنفه أراد عمر الاقتصاص منه وارتاع جبله وقال "أتقصه منى وأنا ملك وهذا سوقه ؟" فقال عمر إن الإسلام سوى بينكما ..
وفض الإسلام مجالس الخمر التى كانت سلوة الجاهلية وتسليتها وأحل محلها مجالس للذكر والعلم والعمل الصالح ..
وعمد القرآن إلى الثأر فألزمه جادة العدالة وأن يكون فى شكل "قصاص" مع ترغيب فى العفو فإن لم يكن ففى الدية .
أما المرأة، وأما الرقيق فقد كانا همان من هموم الإسلام ..ووضع نظم الزواج والطلاق بما يحقق فى أرادة القرآن من محبة وسكينة ..
وعندما نزل القرآن خشع بلغاء العرب وشعراء القبائل أمامه فتصدر، وتأخر الشعر ووضع القرآن أساساً ليظهر النثر البعيد عن سجع الكهان، ولتتقدم الكتابة وليستلهم العرب من معانى القرآن ما لم يكن يجدوه فى الشعر الجاهلى الذى كانت مادته الفخر والغزل والاستمتاع الحسى والتعصب القبلي.


أسقطت ثورية القرآن الآلهة المعبودة، وآلهة السلطة، وآلهة المال، وآلهة الشهوات التى طالما استبدت بالناس، وأحلت محلها عبادة الله وحده – الرمز والمثل الأعلى، والخالق الحكيم الرحيم العليم الذى يلهم الخير والعدل والحرية ويوجب المساواة والأخوة بين الناس ويضع أصرهم والأغلال التى كانت عليهم وينقذهم من الظلمات إلى النور.
كانت هذه المعانى هى ثورية القرآن، وعندما تغلغلت فى نفوس المؤمنين الأول فإنهم أقاموا عالماً من الحب والأخوة والمساواة والعمل لما يرضى الله .
إن شعب فرنسا عندما تعرف بعد هذا التاريخ بألف عام على شعارات الحرية، والمساواة التى نادى بها عدد من المفكرين ثار وأسقط الملكية ودمر الباستيل وأقام الجمهورية.
فكيف عندما تأتى هذه المعانى فى أقوى صورة، ويصدع بها القرآن ويدعو إليها الرسول الذى جعل القيادة خدمة ورسالة بعد أن كانت تعاليا وسيطرة...
وعندما حج الرسول حجة الوداع، كان الإسلام قد غرس بذور ثورته وأودى بالأوضاع الجاهلية التى أشرنا إليها.. وأوجد أوضاعاً مختلفة كل الاختلاف"

و الخلاصة هى كما اقر القس يوسف الحداد :

(كانت شخصية محمد بن عبد الله الهاشمى القرشى ، النبى العربى ، مجموعة عبقريات مكنته من تأسيس أمة و دين و دولة من لا شىء .)

فكل هذه الطفرة الشاملة- التى لا مثيل لها فى حركات التغيير الاجتماعى - كان سببها و محورها انسان واحد بدا هذه الدعوة لوحده و اسس و قاد و ربى التيار الجديد لوحده ,هو محمد صلى الله عليه و اله و سلم الذى اسس امة من لا شىء

وكلّ هذه التحوّلات الكبيرة تمّت في مدّة قصيرة جدّاً نسبياً في حساب التحوّلات الاجتماعية.
و كان الصحابة يدركون هذه الحقيقة كما تجد فى الكلام الماثور عن جعفر بن أبي طالب عند النجاشي ملك الحبشة عندما اراد مَبعوثاً قريش استعادتَهما إلى مكة:
أيّها الملك، كُنّا قوماً أهلَ جاهِليَّة، نعبدُ الاصنام، ونأكلُ الميتة، ونأتي الفواحِشَ، ونقطعُ الأرْحام، ونسيء الجوارِ ويأكلُ القوىُ مِنّا الضعيف، فكنّا على ذلك، حتّى بعث اللّه إلينا رسولا منّا نعرف نسبَه وصدقَه وأمانَتَه وعفافَه، فدعانا إلى اللّه لنوحِّده ونعبده، ونخلعُ ما كنّا نعبدُ نحنُ وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرَنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحُسْنِ الجوار، والكفِّ عن المحارم والدّماء، ونَهانا عنِ الفَواحِش وقول الزُور، وأكل مالِ اليَتيمِ، وقذفِ المحصَناتِ، وأمَرنا أنْ نَعبُدَ اللّه وَ حدَهُ لا نشركُ بِهِ شيئاً، وأمَرَنا بالصّلاةِ والزّكاةِ والصِيام قالت: فعدّد عليه امور الإسلام حتّى قال: وصدّقناهُ، واَمَنّا به واتَّبْعناهُ على ما جاء به من اللّه فعبدنا اللّه وحدَه فلم نشرك به شيئاً وحرَّمنا ما حرّمَ عَلَيْنا وأحللنا ما أحلَّ لنا، فَعدا علينا قومَنا فَعذَّبُونا وفنونا عن ديننا ليردُّونا إلى عبادة الأَوثان مِنْ عِبادَة اللّه تعالى، وأنْ نَسْتَحِلَّ ما كنا نَستحِلَّ من الخَبائث"

و الماثور عن الصحابة فى ذلك المعنى كثير

الغزالى
02-06-2006, 04:15 PM
2- ليس جزءا من تيار , بل التيار الجديد جزء منه :

الامر المعجز الثانى فى شخصية محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه لم يكن جزءا من تيار , فاى تغيير اجتماعى شامل إذا كان وليد الظروف والمؤثّرات المحسوسة فلا يمكن أن يكون مرتجلا ومفاجئاً ومنقطع الصلة عن مراحل تمهّد له، وعن تيار يسبقه ويظلّ ينمو ويمتدّ فكرياً وروحياً حتى تنضج في داخله القيادة الكفوءة لتزعّمه، وللعمل من أجل تطوير المجتمع على أساسه.
وخلافاً لذلك نجد أنّ ابا الزهراء في تاريخ الرسالة الجديدة لم يكن حلقةً من سلسلة، ولم يكن يمثّل جزءً من تيار
و الحنفاء الذين وجدوا قبله كانوا افرادا معدودين مشتتين
و لم يكونوا يمثلون تيارا اصلا
اى لم يكونوا يمثلون تيارا حركيا و فكريا منظما كالذى جرت العادة فى التغيير الاجتماعى على تحققه
فقد كانوا مجرد افراد معدودين مشتتين
و لم يكن عندهم الا موقف سلبى من العقيدة الوثنية دون ان يكون لديهم اى بديل فكرى ناضج فكانوا يتوقون الى ديانة اكثر منطقا الا انه لم يكن لديهم تصور عن كنهها و كان من بينهم زيد بن عمرو بن نفيل الذى تميز كما روى باستقلاله الفذ و كان يقر بشجاعة بجهله بالطريقة التى يمكنه بها عبادة الخالق
و هذا على فرض صحة ما نسب اليهم من اشعار و خطب و الا فما اثبته المحققون من وقوع الوضع فى حالة مهمة كحالة امية بن ابى الصلت يجعل الباحث يشك فى صحة اغلب ما نسب اليهم

و ليقارن الباحث بين شخصية محمد و بين هؤلاء الحنفاء ليرى الفرق الهائل بينه ةو بينهم فى الانتاج و الانجاز و التاثير مع انهم من بيئة واحدة
فالذين يقارنون بين محمد و بين الحنفاء يغالطون مغالطة واضحة فلا يوجد اى مقارنة و الفرق هائل بين محمد و بينهم و هذا واضح لمن تامل تاثير و انتاج هؤلاء الحنفاء و تامل انتاج و تاثير محمد صلى الله عليه و اله و سلم
وأمّا التيار الذي تكوّن من صفوة المسلمين الأوائل على يد النبي فقد كان من صنع الرسالة والقائد، ولم يكن هو المناخ المسبق الذي ولدت فيه الرسالة وتكوّن القائد.
اى كان التيار الجديد مجرد جزء من محمد و لولاه لما وجد هذا التيار ,و هذه ظاهرة خارقة للعادة تماما فى عمليات التغيير الاجتماعى , فلا يوجد اى عملية تغيير اجتماعى تشبه هذا الذى حققه محمد صلى الله عليه و اله و سلم و ليس خرق العادة الا هذا .

و كما يقول الشهيد محمد باقر الصدر :"ومن أجل ذلك نجد أنّ الفارق بين عطاء النبى وعطاء أيّ واحد من هؤلاء لم يكن فارق درجة كالفوارق التي تبدو بين بذرة واُخرى من البذور التي تكوّن التيار الجديد، بل كان فارقاً أساسياً لا حدّ له
وهذا يبرهن على أنّ محمدا: لم يكن جزءً من تيار، بل كان التيّار الجديد جزءً منه."

اضف الى تامل ما سبق تامل ما اجتمع فى شخصية محمد من كمالات لا تجتمع فى انسان فضلا ان يكون هذا الانسان ابن بيئة وثنية جاهلة متخلفة كالبيئة المكية

يقول الاستاذ عباس العقاد فى كتابه القيم " عبقرية محمد ":
"كان محمد مستكملا للصفات التى لا غنى عنها فى انجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ
كانت له فصاحة اللسان و اللغة
و كانت له القدرة على تاليف القلوب و جمع الثقة
و كانت له قوة الايمان بدعوته و غيرته البالغة على نجاحها
و هذه صفات للرسول غير احوال الرسول , و لكنها هى التى عليها المدار فى تبليغ الرسالة "

و هذه اضواء على القمم التى بلغها محمد صلى الله عليه و اله و سلم

القمة فى الفصاحة :
لا يشك من تامل ما روى عن محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه بلغ القمة فى الفصاحة , و الروايات تفيد تواترا معنويا بذلك بلا شك , و لا يتسع المقام لبيان ذلك لكن نحيل الباحث على كتب الحديث ليتاملها ان كان لديه ريب فى ذلك و سيجد اى منصف ان محمدا بلغ بالفعل قمة الفصاحة و ان ما يقال عن انه اوتى جوامع الكلم ليس مجرد كلام انشائى يمدحه المسلمون به بل هى حقيقة مؤكدة تفيدها مجموع الروايات المتواترة عنه

و من الكتب المفيدة فى ذلك " المجازات النبوية " للشريف الرضى رحمه الله .



القمة فى القيادة العسكرية :

المتواتر عن الرسول صلى الله عليه و اله و سلم انه كان من اعظم القادة العسكريين ,و لن تجد فى زمانه و بيئته مثله فى ذلك
و هو ما اقر به خصومه
يقول القس يوسف درة الحداد و هو من اعتى خصوم الاسلام :
"كان محمد عبقرية عسكرية و من اعظم قواد العالم العسكريين فى التصميم و التنفيذ ..
و هو يقود الغزوات و الحملات بذاته يعرف كيف يهيىء الحملة و كيف يقودها و كيف يعود منها غالبا و كيف ينقلب مغلوبا , و التصرف فى حال الهزيمة ابرع من نشوة الظفر , يتوسع بالجهاد كلما ازداد قوة , و لا يعلن عن اهدافه الا متى حان وقتها . يعرف كيف يستشير و كيف ياخذ براى صائب , و كيف يفرض رايه فى الظرف الحاسم و لو خالف راى زعماء الصحابة كما حدث فى اسرى بدر و صلح الحديبية و غزو تبوك
و يكون هو بذاته الاسوة الحسنة فى المعركة
فلولا موقفه البطولى فى هزيمة احد , و حصار المدينة لقضى على الاسلام , و لولا موقفه الجرىء فى معركة حنين لخسر فتح مكة و نصر الاسلام"

و يقول الاستاذ العقاد :" لم يكن النبى رجلا مقاتلا يطلب الحرب للحرب او يطلبها و له مندوحة عنها , و لكنه مع هذا كان نعم القائد البصير اذا وجبت الحرب و دعته اليها المصلحة اللازمة , يعلم من فنونها بالالهام ما لم يعلمه غيره بالدرس و المرانة , و يصيب فى اختيار وقته و تسيير جيشه و ترسيم خططه اصابة التوفيق و اصابة الحساب و اصابة الاستشارة , و قد كانت غزوة بدر هى التجربة الاولى للنبى عليه السلام فى ادارة المعارك , فلم يانف ان يستمع فيها الى مشورة الحباب بن المنذر حين اقترح عليه الانتقال الى غير المكان الذى نزل فيه , ثم وعى من تجربة واحدة ما قل ان يعيه القادة المنقطعون للحرب من تجارب شتى , فلو تتبع حروبه عليه السلام ناقد عسكرى من اساطين فن الحرب فى العصر الحديث ليقترح وراء خططه مقترحا او ينبه الى خطا , لاعياه التعديل "
ثم عقد الاستاذ العقاد مقارنة بين محمد صلى الله عليه و اله و سلم و بين نابليون , لانه كما يقول يبين لنا السبق فى خطط النبى العسكرية , بالمضاهاة بينها و بين خطط هذا القائد العظيم
1- فنابليون كان يوجه همه الاول الى القضاء على قوة العدو العسكرية باسرع ما يستطيع , فلم يكن يعنيه ضرب المدن و لا اقتحام المواقع , و انما كانت عنايته الكبرى منصرفة الى مبادرة الجيش الذى يعتمد عليه العدو بهجمة سريعة يفاجئه بها اكثر الاحيان ,و هو على يقين ان الفوز فى هذه الهجمة يغنيه عن المحاولات التى يلجا اليها جلة القواد
و عنده انه يستفيد بخطته تلك ثلاث امور : ان يختار الموقع الملائم , و ان يختار الفرصة , و ان يعاجل العدو قبل تمام استعداده
و كان النبى عليه السلام سابقا الى تلك الخطط فى جميع تفصيلاتها
فكان لا يبدا احدا بالعدوان , و لكنه اذا علم بعزم الاعداء على قتاله لم يمهلهم حتى يهاجموه جهد ما تواتيه الاحوال , بل ربما وصل اليه الخبر كما حدث فى غزوة تبوك و الناس مجدبون و القيظ ملتهب و الشدة بالغة , فلا يثنيه ذلك عن الخطة التى تعودها , و لا يكف عن التاهب السريع و عن حض المسلمين على جمع الاموال و جمع الرجال , و لا يبالى ما ارجف به المافقون الذين توقعوا الهزيمة للجيش المحمدى فلم يحدث ما توقعوه
و كان يعند الى القوة العسكرية حيث اصابها , فيقضى على عزائم اعدائه بالقضاء عليها , و لا يضيع الوقت فى انتظار ما يختاره اولئك الاعداء , و اضعاف انصاره بتركه زمام الحركة فى ايدى الهاجمين , الا ان يكون الهجوم وبالا على المقدمين عليه , كما حدث فى غزوة الخندق
2- و كان نابليون يقول ان نسبة القوة المعنوية الى الكثرة العددية كنسبة 3 الى 1
و النبى كان عظيم الاعتماد على القوة هذه القوة المعنوية التى هى فى الحقيقة قوة الايمان ,و ربما بلغت نسبة هذه القوة الى الكثرة العددية كنسبة 5 الى 1 فى بعض المعارك , مع رجحان الفئة الكثيرة فى السلاح و الركاب الى جانب رجحانهم فى عدد الجنود , و معجزة الايمان هنا اعظم جدا من اكبر مزية بلغها نابليون بفضل ما اودع نفوس رجاله من صبر و عزيمة
فالنبى كان يحارب عربا بعرب . و قرشيين بقرشيين , و قبائل من السلالة العربية بقبائل من صميم تلك السلالة , فلا يقال هنا ان الفضل لقوم على قوم فى المزايا الجسدية او المزايا النفسية كما يمكن ان يقال هذا فى جيوش نابليون , و كل فضل هنا فهو فضل العقيدة و الايمان
2- و قد كان نابليون مع اهتمامه بالقضاء على القوة العسكرية لا يغفل القضاء على القوة المالية و التجارية التى يتناولها اقتداره , فكان يحارب الانجليز بمنع تجارتهم و سفنهم ان تصل الى القارة الاوروبية , و تحويل المعاملات عن طريق انجلترا الى فرنسا
و هكذا كان النبى عليه السلام يحارب قريشا فى تجارتها , و يبعث السريا فى اثر القوافل كلما سمع بقافلة منها
و انكر بعض المتعصبين من كتاب اوروبا هذه السرايا و سموها قطاع طريق , و هى سنة المصادرة بعينها التى اقرها القانون الدولى و عمل بها قادة الجيوش فى جميع العصور ..
3- و قد اسلفنا ان نابليون كان يوجه همه الى الجيش و لا يقتحم المدن او يشغل باله بمحاصرتها لغير ضرورة عاجلة
و نرجع الى غزوات النبى عليه السلام فلا نرى انه حاصر محلة الا ان يكون الحصار هو الوسيلة الوحيدة العاجلة لمبادرة القوة التى عسى ان تخرج منها قبل استعدادها , او قبل نجاحها فى الغدر و الوقيعة , كما حدث فى حصار بنى قريظة و بنى قينقاع , فكان الحصار هنا كمبادرة الجيش بالهجوم فى الميدان المختار بغير كبير اختلاف
5- و كان نابليون معتدا برايه فى الفنون العسكرية و لا سيما الخطط الحربية , و لكنه كان مع هذا الاعتداد الشديد لا يستغنى عن مشاورة اصحابه فى مجلس الحرب الاعلى قبل ابتداء الزحف او قبل العزم على القتال
و محمد عليه السلام كان على رجاحة رايه يستشير صحبه فى خطط القتال و حيل الدفاع و يقبل مشورتهم احسن قبول , و من ذلك ما صنعه ببدر و المعنا اله انفا .. و قيل فى روايات كثيرة انه عمل بمشورة سلمان الفارسى فى حفر الخندق .. فحفر الخندق و عمل النبى بيديه الكريمتين فى حفره ..
و لكن المشاورة هنا هى المقصود بالمضاهاة بين ما سبق اليه النبى و ما نبغ فيه نابليون , فهذه خصلة معهودة فى كبار القواد لا تقدح فيما عرفوا به من قدرة على وضع الخطط و ابتكار الاساليب
6- و لم يعرف عن قائد حديث انه كان يعنى بالاستطلاع و الاستدلال عناية نابليون
و كانت فراسة النبى فى ذلك مضرب الامثال .. و كان صلوات الله عليه انما يعول فى استطلاع اخبار كل مكان على اهله و اقرب الناس الى العلم بفجاجه و دروبه , و يعقد ما يسمى اليوم مجلس الحرب قبل ان يبدا القتال فيسمع من كل فيما هو خبير به من فنون حرب او دلائل استطلاع ..


القمة فى السياسة:
لا يرتاب عاقل فى ان محمد صلى الله عليه و اله و سلم كان فى القمة فى مجال السياسة , كيف لا و هو الذى اسس امة من لا شىء ؟, و قد اقر بذلك خصومه , يقول القس الحداد :
"كان محمد عبقرية سياسية يعرف كيف يجمع المؤيدين و الانصار و يداور المنافقين و الاشرار و يعرف كيف يساوم و يقاوم و كيف يماطل و يقاتل و كيف ينكسر و ينتصر.., و تلك الهجرة البارعة الباهرة من عاصمة الشرك العربى و بلد الاضطهاد الى المدينة ليحتل منها و بها البلد الذى يحاول اغتياله .. و هكذا توج سياسته الدينية الفذة بحجة الوداع التى جمع بها العرب جميعا حول شخصه

و كان محمد عبقرية دبلوماسية , و قد تجلت بعهد الاخاء بين المهاجرين و الانصار , و عهد الموادعة بين المسلمين و اليهود , و عهد المودة بين المسلمين و المسيحيين , و برعت فى مهادنة المنافقين حتى النهاية , و فى المعاهدات و الاحلاف مع الاعراب بعد الغزوات الناجحة , و فى العفو العام عن بنى قومه و الد خصومه اهل مكة بعد الفتح , و فى تاليف قلوب زعماء مكة بعد فتحها بتوزيع غنائم اخصامهم قبائل هوازن عليهم ,و فازت فى تفكيك التضامن بين اليهود و الاحزاب فى حملة الخندق الحاسمة .. و تفضيل معاهدة عدم اعتداء مع قريش فى الحديبية على قتال غير مكفول و فتح غير مامون , و انتصرت فى تحقيق فتح سهل , بعد فشل طارىء كاجلاء بنى النضير بعد هزيمة احد ,و القضاء على قريظة بعد حصار المدينة المخيف يوم الخندق , و غزو خيبر و قرى الشمال اليهودية بعد صلح الحديبية الذى اعتبره عمر و جماعته مشينا , و الحملة الجبارة على مشارف الشام بعد حصار الطائف الفاشل , و توج دبلوماسيته الظافرة بمبايعة وفود العرب العامة"
و كما يقول الاستاذ العقاد : " تجلت عبقرية محمد فى سياسة الامور كما تجلت فى قيادة الجيوش"

القمة فى الادارة :
المتواتر عن محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه كان فى القمة فى امور الادارة , و لن تجد فى زمانه و بيئته مثله
يقول القس الحداد :" كان محمد عبقرية ادارية فى تنظيم شئون الحياة الدينية و الاجتماعية و السياسية و الحربية"
و يقول الاستاذ العقاد :" كان يوصى بالرياسة حيثما وجد العمل الاجتماعى او العمل المجتمع الذى يحتاج الى تدبير , و من حديثه الماثور " اذا خرج ثلاثة فى سفر فليؤمروا احدهم " و من اعماله الماثورة انه كان يرسل الجيش و عليه امير و خليفة للامير و خليفة للخليفة اذا اصيب من تقدمه بما اقعده عن القيادة , و كان قوام الرئاسة و الامامة عنده شرطان هما جماع الشروط فى كل رئاسة , و هما الكفاءة و الحب :" ايما رجل استعمل رجلا على عشرة انفس علم ان فى العشرة افضل ممن استعمل فقد غش الله و غش رسوله و غش جماعة المسلمين"
" و ايما رجل ام قوما و هم له كارهون لم تجز صلاته اذنيه "
و كان الى عنايته باسناد الامر الى المدير القادر عليه حريصا على تقرير التبعات فى الشئون ما كبر منها و ما صغر , على النهج الذى اوضحه صلوات الله عليه حيث قال :" كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته "..
و قد كانت اوامر الاسلام و نواهيه معروفة لطائفة كبيرة من المسلمين انصارا كانوا او مهاجرين و لكنه عليه السلام لم يترك احدا يدعى لنفسه حقا فى اقامة الحدود , و اكراه الناس على طاعة الاوامر و اجتناب النواهى غير من لهم ولاية الامر و سياسة الناس ..
و ما اكثر ما سمعنا فى ايامنا الاخيرة عن الامن و النظام و توطيد اركان الشريعة و القانون , و لكننا لا نعرف فى كل ما قيل كلاما هو اجمل لوجوه الصواب فى هذه المسالة من قول النبى :" السمع و الطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة " ..
نظام و فوق النظام سلطان , و فوق السلطان برهان من الشرع و العقل لا شك فيه , و جميع اولئك على سماحة لا تتعسف النزاع و لا تتعسف الريبة و لا تلتمس الغلواء..
على ان الادارة العليا انما تتجلى فى تدبير الشئون العامة حين تصطدم بالاهواء و تنذر بالفتنة و النزاع . فليست الادارة كلها نصوصا و قواعد يجرى الحاكم فى تنفيذها مجرى الالات و الموازين التى تصرف الشئون على نسق واحد , و لكنها فى كثير من الاحيان علاج نفوس و قيادة اخطار لا امان فيها من الانحراف القليل هنا او الانحراف القليل هناك
و ذلك هو المجال الذى تمت فيه عبقرية محمد فى حلول التوفيق و اتقاء الشرور احسن تمام . فما عرض له تدبير امر من معضلات الشقاق بعد الرسالة و لا قبلها الا و اشار فيه باعدل الاراء و ادناها الى السلم و الارضاء ..
صنع ذلك يوم هاجر من مكة الى المدينة فاستقبلته الوفود تتنافس على ضيافته و نزوله , و هو يشفق ان يقدح فى نفوسها شرر الغيرة بتمييز اناس منهم على اناس او اختيار محلة دون محلة , فترك لناقته خطامها تسير و يفسح الناس لها طريقها حتى بركت حيث طاب لها ان تبرك . و فصلت فيما لو فصل فيه انسان كبير او صغير لما مضى فصله بغير جريرة لا تؤمن عقباها بعد ساعتها , و لو امنت فى تلك الساعة على دخل و سوء طوية ..
و صنع ذلك يوم فضل بالغنائم اناسا من اهل مكة الضعيف ايمانهم على اناس من الانصار الذين صدقوا الاسلام و ثبتوا على الجهاد , فلما غضب المفضولون لم يكن اسرع منه الى ارضائهم بالحجة التى لا تغلب من يدين بها بل تريه انه هو الغالب الكاسب و انها تصيب منه المقنع و الاقناع فى وقت واحد .. كلام مدير فيه الادارة و الساسة هبة من هبات الخلق و التكوين ..


القمة فى الحكمة :
المتواتر ايضا عن محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه كان فى القمة فى الحكمة , و قد اوتى حقا جوامع الكلام
و يكفى بيانا لذلك ان يطالع الباحث المنصف كتب الشيخ محمد الغزالى رحمه الله :
1- جدد حياتك : و هو كتاب عقد فيه الغزالى رحمه الله مقارنة بين الهدى المحمدى و بين افضل ما توصلت اليه عقول و خبرات الغربيين فى مجال تنمية الانسان و ارشاده الى السعادة كما فى كتاب " دع القلق و ابدا الحياة " ل ديل كارنيجى و هو من اكثر الكتب مبيعا فى العالم , و يتضح للقارىء ان محمد صلى الله عليه و اله و سلم قد سبق كارنيجى و امثاله الى افضل و اروع ما قرروه , و المفارقة ان كارنيجى هذا مات منتحرا كما قيل فتامل !


2- كتاب " خلق المسلم " و فيه يبين الغزالى رحمه الله روعة الهدى المحمدى فى الخلق و سياسة النفس
و يبين كيف تفوق الهدى المحمدى على كل ما قدمه الحكماء فى هذا الميدان

و الاحاديث التى استند اليها الغزالى رحمه الله تفيد بمجموعها تواتر معنويا لا ريب فيه فى بلوغ محمد صلى الله عليه و اله و سلم قمة الحكمة , و على الاقل لا شك فى انه تفوق تماما على زمانه و بيئته فى ذلك و فى غيره تفوقا لا يخفى على بصير


القمة فى الربانية

المتواتر ايضا عن محمد صلى الله عليه و اله و سلم انه بلغ القمة فى الربانية و العبادة و الذكر للخالق و الدعاء و تعليم الناس ان يعبدوا خالقهم و يذكروه , و هذا مما لا يرتاب فيه مطلع منصف , بل لا يوجد انسان مشى على الارض قاد الناس الى عبادة الله و معرفته و ذكره و كافح فى سبيل ذلك مثل محمد صلى الله عليه و اله و سلم
و مع ذلك يرتاب بعض من عميت بصائرهم فى انه كان يفترى على الله !!!

يقول الشيخ محمد الغزالى رحمه الله :" وسط اولئك الصالحين المصلحين تلمح – فى خشوع و توقير – محمد بن عبد الله صاحب الرسالة الخاتمة , و ملتقى العقائد و الفضائل التى ناط القدر بها صلاح الاولين و الاخرين ..
و لن يعرف محمدا ابدا من سفه نفسه , و حقر عقله و قلبه ..
لا يعرف محمدا صلى الله عليه و اله و سلم من احتبس فى سجن الدنايا , او قعد عن نصرة الحق و الخير ..

و العالم من ازله الى ابده لا يعرف انسانا استغرق فى التامل العالى , و مشى على الارض و قلبه فى السماء , كما يعرف فى سيرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه و اله و سلم
انه خير من حقق فى نفسه – و فى الذين من حوله – حياة الانسان الكامل
الانسان الربانى المستخلف فى ملكوت الله , لينقل اليه اطرافا من حقيقة هذه الخلافة الكبيرة
و فى المواريث العقلية و العاطفية التى تركها هذا النبى الكريم , ترى كل العناصر التى يستطيع بها اى انسان ان يقوم بوظيفته الصحيحة فى الحياة "
و حتى يقف الباحث على شىء من ذلك فليطالع كتاب " الجانب العاطفى من الاسلام " للشيخ الغزالى رحمه الله و ليتامل مجموع ما ذكره الغزالى من احاديث ابى الزهراء ليقطع بانه كان فى قمة الربانية ,و انه لا يشك فى صدقه الا مريض العقل او الاحساس
و من لم يطلع على تراث المسلمين و انتاجهم فى ميدان العاطفة و السلوك و العرفان فهو لم يعرف الاسلام اصلا
فالاسلام ليس مجرد عقائد نظرية او فغقه و تشريعات بل هو مع ذلك عاطفة و نور يغمر القلوب و يحييها و يعرج بها
و من اروع ما يقرا فى ذلك احياء علوم الدين لابى حامد الغزالى و مدارج السالكين لابن القيم و كتاب " الجانب العاطفى من الاسلام " للشيخ محمد الغزالى
و الكتب فى ذلك كثيرة جدا عند مختلف الفرق الاسلامية
بل من لم يطلع على هذا الجانب من الاسلام فهو لا يعرف الاسلام

الغزالى
02-06-2006, 04:27 PM
3- لا اعداد فكرى او عملى :
" يبرهن التاريخ على أنّ القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية لتيار جديد إذا تركّزت كلّها في محور واحد من خلال حركة تطوّر فكري واجتماعي معيّن فلابدّ أن يكون في هذا المحور من القدرة والثقافة والمعرفة مايتناسب مع ذلك، ولابدّ من أن يكون تواجدها فيه طبقاً لما يعرف عادةً من أساليب في حياة الناس، ولابدّ من ممارسة متدرّجة أنضجته ووضعته على خطّ القيادة لذلك التيار.

وخلافاً لذلك نجد أنّ محمداً (صلى الله عليه وآله) قد مارس بنفسه القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية، دون أن يكون تاريخه يرشّحه لذلك من الناحية الثقافية
ودون أن تكون له أيّ ممارسات تمهيدية لهذا العمل القياديّ المفاجئ."
الحقيقة الواضحة ان محمدا صلى الله عليه و اله و سلم لم يتلق اى اعداد فكرى يناسب ما حققه و ما قدمه , اى لو فرضنا جدلا و تنزلا انه تعلم من ورقة بن نوفل او غيره بعض القصص و الحكايات فهذا لا يفسر كل هذا العلم الذى جاء به و يدرك هذه الحقيقة من يعرفون قيمة مضمون القران و الاحاديث النبوية
و مع ذلك فالحقيقة ان محمد لم يتلقى اصلا اى اعداد فكرى لا مناسب و لا غير مناسب , و اعداؤه انما يكذبون الكذبة ثم يصدقونها ثم يريدون منا ان نصدقها !
فكل ما يقال عن تعلمه من ورقة او غيره كلام فارغ و افتراء مكشوف , و الحديث الذى يحتجون به على ذلك انما يثبت عكس ما يريدون اى يثبت نبوة محمد و ايمان ورقة بنبوته و تبعيته له

لقد جاهد خصوم الاسلام سلفا و خلفا لاثبات معلم للنبى و لكن لا اهمية لذلك فحتى لو فرضنا جدلا انه تعلم بعض القصص من ورقة او غيره فليس فى هذا التعلم المزعوم ما يعتبر اعدادا فكريا يناسب ما جاء به ابو الزهراء و ما حققه
و مع ذلك فكل محاولات خصوم الاسلام فى ذلك الصدد تخبط و تكلف و تعنت حيث عمدوا الى افراد من الذين امنوا بنبوة ابى الزهراء ليزعموا انهم اساتذته ! كابن سلام و سلمان رضى الله عنهما,و كذلك ورقة بن نوفل حسب رواية البخارى التى يحتج بها خصوم الاسلام
و كما يقول بعض العلماء :" يقولون أن النبي كان عالما بالديانات وذكيا ولهذا كوّن دينا يلفق بين الديانات ويخلط بينها. وليس دينه من الله.
وهنا نسألهم كيف تعلم؟ وما حجم التعلم ؟ وما هو الدين الأساسي له ليقوم بالتلفيق بين الديانات؟
وجوابهم هو : إن النبي تعلم من بحيرا الراهب ومن ورقة بن نوفل وكلاهما مسيحي . وأما حجم العلوم فهو كل الديانات المسيحية واليهودية وغيرها، وأما الدين الأساسي فغير معروف ولكن شيوخه مسيحيون .
وهنا لنتأمل هذه الأجوبة :
فقد اجتمع الرسول ببحيرى الراهب في بصرى سويعات، وكان معه جده عبد المطلب ، فهل كان يمتلك بحيرى قمعا لزق العلوم العجيبة بدماغ الناس في ساعة واحدة؟ لا نعرف كيف يصدق جاهل هذه الحجة. ولم يثبت أبدا تتلمذه على بحيرى وإنما القصة تقول إن بحيرى توسّم في محمد النبوة و أوصى جده برعايته. فأين هذه القصة من دعوى تعلمه عليه وأخذه الدين منه وتمرده على الديانة النصرانية.
ورقة بن نوفل لم يكن على علاقة بالرسول متماسة وإنما كان عم خديجة زوجة الرسول ولم يكن على علاقة به، والأقرب عندي انه مسيحي رغم شك الكثير من الباحثين بمسيحيته ، وذلك لورود نص بأنه من القسيسين وهذا لا يطلق على غير المسيحي وقد ورد انه متنصّر بروايات غير واضحة الثبوت، وأما قصة بدء الوحي التي ترويها السيد عائشة ..فليس فيها أكثر من اقتراح أمنا السيدة خديجة سلام الله عليها، أن تعرض أمر ما عراه على ورقة، فأشار عليها ورقة إن هذه علامات النبوة, فأين ما يزعمون من التعلم والدراسة؟"

و لو كان هناك ادنى احتمال لتعلم النبى من ورقة لكانت هذه ابرز و اشهر حجج كفار مكة عليه , و لما اضطروا الى الادعاء بانه يتعلم من اعجمى , و البعض يتوهمون ان القران ربما نسب اليهم ما لم يقولوه و هو وهم مرضى ليس اكثر ,فمن يتوهم ان الصحابة كانوا مهتمين باختراع اتهام على لسان قريش لم تقله و وضعه فى المصحف ثم تاليف رد عليه, هو انسان مريض لا يستحق الالتفات الى اوهامه , فالقران بلا ريب عند اى عاقل ان لم يكن كتابا الهيا فهو على الاقل وثيقة تاريخية صادقة بل اصح وثيقة تعرفنا باحداث و اراء تلك الفترة
يقول الدكتور طه حسين :
"القرآن أصدق مرآة للعصر الجاهلي . ونص القرآن ثابت لا سبيل إلى الشك فيه ...أن القرآن أصدق مرآة للحياة الجاهلية . وهذه القضية غريبة حين تسمعها ؛ ولكنها بديهية حين تفكر فيها قليلا . فليس من اليسير أن نفهم الناس قد أعجبوا بالقرآن حين تليت عليهم آياته إلا أن تكون بينهم وبينه صلة هي هذه الصلة التي توجد بين الأثر الفني البديع وبين الذين يعجبون به حين يسمعونه أو ينظرون إليه . وليس من اليسير أن نفهم أن العرب قد قاوموا القرآن وناهضوه وجادلوا النبي فيه إلا أن يكونوا قد فهموه ووقفوا على أسراره ودقائقه . وليس من اليسير بل ليس من الممكن أن نصدق أن القرآن كان جديدا كله على العرب . فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ، ولا آمن به بعضهم ولا ناهضه وجادل فيه بعضهم الآخر . إنما كان القرآن جديدا في أسلوب ، جديدا فيما يدعو إليه ، جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ، ولكنه كان كتابا عربيا ؛ لغته هي اللغة العربية الأدبية التي كان يصطنعها الناس في عصره ، أي في العصر الجاهلي . وفي القرآن رد على الوثنيين فيما كانوا يعتقدون من الوثنية ، وفيه رد على اليهود ، وفيه رد على النصارى ، وفيه رد على الصائبة والمجوس . وهو لا يرد على يهود فلسطين ، ولا على نصارى الروم ، ومجوس الفرس ، وصائبة الجزيرة وحدهم ، وإنما يرد على فرق من العرب كانت تمثلهم في البلاد العربية نفسها . ولولا ذلك لما كانت له قيمة ولا خطر ، ولما حفل به أحد من أولئك الذين عارضوه وأيدوه ، وضحوا في سبيل تأييده ومعارضته بالأموال والحياة .. وكذلك كانت الحال حين ظهر الإسلام : هاجم الوثنية فعارضوه الوثنيون ، هاجم اليهود فعارضه اليهود ، هاجم النصارى فعارضه النصارى , ولم تكن هذه المعارضة هينة ولا لينة ، وإنما كانت تقدر بمقدار ما كان لأهلها من قوة ومنعة وبأس في الحياة الاجتماعية والسياسية . فأما وثنية قريش فقد أخرجت النبي من مكة ونصبت له الحرب واضطرت أصحابه إلى الهجرة . وأما يهودية اليهود فقد ألبت عليه وجاهدته جهادا عقليا وجدليا ، ثم انتهت إلى الحرب والقتال . وأما نصرانية النصارى فلم تكن معارضتها للإسلام إبان حياة النبي قوية قوة المعارضة الوثنية واليهودية . لماذا ؟ لأن البيئة التي ظهر فيها النبي لم تكن بيئة نصرانية ، إنما كانت وثنية في مكة ، يهودية في المدينة . ولو ظهر النبي في الحيرة أو في نجران للقى من النصارى هاتين المدينتين مثل ما لقى من مشركي مكة ويهود المدينة ...

فالقرآن إذن أصدق تمثيلا للحياة الدينية عند العرب من هذا الشعر الذي يسمونه الجاهلي ."

و اما ان محمدا صلى الله عليه و اله و سلم لم يتلق اعداد عملى على هذا العمل القيادى المفاجىء فهذا لا يشك فيه منصف

و بهذا يتبين اعجاز الشخصية المحمدية فلا يوجد انسان يمكنه ان يحدث كل هذا
و من كان فى ريب فى هذا مع وضوحه فليات باسم انسان مثل محمد و قدم و حقق ما قدمه و حققه محمد
فالخلاصة : ان الشخصية المحمدية يعجز اى انسان ان يقدم و يحقق ما قدمته و ما حققته , و يعجز اى انسان ان ياتى بمثلها
و كما يقول الاستاذ جمال البنا :"اننا اذا وضعنا مآثر اكبر الزعماء و القادة الذين انجبتهم البشرية امام مآثر محمد , لبدت الاولى ضئيلة , قميئة معيبة امام الثانية
فقد كان محمد نبيا جاء بدين ناجح و سياسيا بنى اساس دولة ورثت الامبراطوريات القديمة و مشرعا وضع قانونا عبقريا يشمل العقوبة الجنائية و العلاقات الشخصية و الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية , و بليغا جاء بجوامع الكلم و اعتبرت احاديثه قبسا من الحكمة , و قائدا عسكريا مظفرا , و مثلا اعلى فى الخلق الكريم ..
من ذا يسامى هذه المآثر او يظفر بمثل هذه المنزلة ؟
لقد كان الاسكندر فاتحا عسكريا مظفرا , و تتلمذ على يد اعجوبة البشرية ارسطو و لكنه لم يكن المشرع و لم يكن النبى و ما اكثر ما غلبته انفعالته و ورطته فى منكرات
و كان اعجوبة البشرية ارسطو فريدا فى الفلسفة و المنطق و الاداب و العلوم , و لكنه لم يكن رجل الدولة و لا رجل الدين و لا القائد العسكرى .و كان قيصر رجل دولة و رجل سياسة و اداب و قائدا منتصرا , و لكنه لم يكن رجل الدين او المشرع ...و كان نابليون رجل دولة و رجل سياسة و قائدا عسكريا و مشرعا , و لكنه لم يكن صاحب الدين او رجل اللغة و الادب او المثل الاعلى فى الاخلاق
و كان كل من شكسبير و جوته علما من اعلام الادب و الشعر و المسرح و لكنهما كانا اصفارا فى السياسة و التشريع و القيادة العسكرية او الرسالة الدينية
ان الشخصية الباهرة غير العادية للرسول قد فرضت نفسها .. و كل هذا يصدر من عربى ..لم يتعلم على يد فيلسوف ..
اذا لم يكن هذا وحيا و اذا لم يكن محمد (ص) نبيا فان البديل الوحيد هو ان يكون محمد كما كان يرى اليونان و الرومان الها او نصف اله ! "
و يقول الدكتور مصطفى محمود :
" ان تبلغ الذروة فى الخطابة فانت ديموستين .. و ان تبلغ الذروة فى الشعر فانت بيرون , و ان تبلغ الذروة فى الزعامة فانت بركليس , و ان تبلغ الذروة فى الحكمة فانت لقمان , و ان تبلغ القمة فى فنون الحرب فانت نابليون , و ان تبلغ الذروة فى التشريع فانت سولون
اما ان تكون كل هؤلاء , و ان تمتحنك الايام فى كل صفة فتبلغ فيها غاية المدى فهو الاعجاز بعينه
و اذا حدث هذا فانه لا يفسر الا بانه نبوة و مدد و عون من الله الوهاب وحده
و هذا هو برهانى على نبوة محمد
فها انت ذا امام رجل اذا تحدث كان ابلغ البلغاء , و اذا نطق كان افصح الفصحاء .. و هذه احاديثه المجموعة تشهد لنا بانها من جوامع الكلم
فاذا ذهب هذا المحدث الهادىء ليحارب راينا فيه مقاتلا فذا و مخططا عسكريا من الطراز الاول ..
هذا محمد النبى و قد اجتمعت فيه كمالات بلغ فى كل منها الذروة , فهو العابد المبتهل الذى يذوب خشوعا و يفنى حبا , و هو المقاتل الصنديد الذى يتعرض لجحافل الموت ثابت القدم .. و هو المخطط العبقرى الذى يرسم الخطط فيتفوق على اهل الحرفة , و هو السياسى الحاذق الذى يحرك المجاميع و يمسك بمقاليد المشاعر .. و هو المحدث الذى ينطق بجوامع الكلم , و هو الاب و الزوج و الصديق , و هو صاحب الدعوة الذى يقيم نظاما و ينشىء دولة من عدم ( من قبائل و شراذم متفرقة لا تعرف الا قطع الطريق و الثار و التفاخر بالاحساب و الانساب ) .. و هو الكريم الحليم الودود الرءوف الصبور الباش البسام اللطيف المعشر , لا تمنعه الاعباء الجسام من ملاطفة الطفل و الوليد فيحمله على كتفه راكعا و ساجدا و قائما , و لا من مغازلة زوجة فى حنان , لا ينضب لعواطفه معين , و كانه يستمد من بحر
هذه الذات هى المعجزة .

و اجتماع هذه الكمالات فى ذات واحدة معجزة و ليست عبقرية
فالعبقرية ان تتفوق فى صفة واحدة و حسب
اما ان تكون ذواتنا مجمع كمالات فهنا نبوة
هنا امر لا يمكن ان يكون الا بمدد الهى و عصمة و توفيق و تمكين و افاضة ممن عنده كنوز كل شىء
و هذا برهانى على نبوة محمد
اننا امام ذات متفردة تماما
مستوفية اسباب الكمال جامعة لاقصى الاطراف فى كل شىء
فاعلة منفعلة نشيطة مؤثرة , تصنع بطلا من كل رجل تلمسه ..
نحن لسنا اذن امام ابراهام لنكولن , و لا امام جيفارا ..
نحن لسنا امام مصلح اجتماعى
و لا امام ثورة اسبارتاكوس الاجتماعية

لا لقد هزلت التشبيهات "

و اقول صدقت يا دكتور مصطفى: لقد هزلت التشبيهات
و نحن نتحدى اى انسان من منكرى نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم او المرتابين فى نبوته ان ياتينا باسم لانسان واحد قدم و حقق مثل ما قدمه و حققه محمد
فمجموع ما قدمه و ما حققه محمد لا يقدر عليه انسان
و هذا واضح للغاية لكل عاقل يتامل ما تواتر و استفاض و اشتهر عن هذه الشخصية

و انصح كل عاقل تدبر ما سبق ان يتامل جيدا هذه الكلمة المعبرة التى كتبها الامام محمد عبده , و التى تلخص كل ما نريد قوله :
(ما هذا الذى رفع نفسه فوق النفوس ؟ ما الذى اعلى راسه على الرؤوس ؟ ما الذى سما بهمته على الهمم حتى انتدب لارشاد الامم و كفالته لهم كشف الغمم بل و احياء الرمم ؟ ما كان ذلك الا ما القى الله فى روعه من حاجة العالم الى مقوم لما زاغ من عقائدهم و مصلح لما فسد من اخلاقهم و عوائدهم , ما كان ذلك الا وجدانه ريح العناية الالهية تنصره فى عمله و تمده فى الانتهاء الى امله قبل بلوغ اجله
ما هو الا الوحى السماوى قام لديه مقام القائد و الجندى .
ارايت كيف نهض وحيدا فريدا يدعو الناس كافة الى التوحيد , و الاعتقاد بالعلى المجيد , و الكل ما بين وثنية مفرقة و دهرية و زندقة ؟
نادى فى الوثنيين بترك اوثانهم و نبذ معبوداتهم , و فى المشبهين المنغمسين فى الخلط بين اللاهوت الاقدس و بين الجسمانيات بالتطهر من تشبيههم , و فى الثنوية بافراد اله واحد بالتصرف فى الاكوان و رد كل شىء فى الوجود اليه , صاح بذوى الزعامة ليهبطوا الى مصاف العامة فى الاستكانة الى سلطان معبود واحد هو فاطر السموات و الارض ..
وخز بوعظه عبيد العادات و اسراء التقليد ليعتقوا ارواحهم مما استعبدوا له .. مال على قراء الكتب السماوية و القائمين على ما اودعته من الشرائع الالهية فبكت الواقفين عند حروفها بغباوتهم , و شدد النكير على المحرفين لها , الصارفين لالفاظها اتلى غير ما قصد من وحيها اتباعا لشهواتهم و دعاهم الى فهمها و التحقق بسر علمها حتى يكونوا على نور من ربهم
و لفت كل انسان الى ما اودع فيه من المواهب الالهية و دعا الناس اجمعين ذكورا و اناثا عامة و سادات الى عرفان انفسهم و انهم من نوع خصه الله بالعقل و ميزه بالفكر و شرفه بهما و بحرية الارادة فيما يرشده اليه عقله و فكره ..دعا الناس كافة الى الاستعداد فى هذه الحياة لما سيلاقون فى الحياة الاخرى و بين لهم ان خير يتزوده العامل هو الاخلاص لله فى العبادة و الاخلاص للعباد فى العدل و النصيحة و الرشاد

قام بهذه الدعوة العظيمة وحده , و لا حول و لا قوة , كل هذا كان منه ,.و الناس احباء ما الفوا و ان كان خسران الدنيا و حرمان الاخرة , اعداء ما جهلوا و ان كان رغد العيش و عزة السيادة و منتهى السعادة , كل هذا و القوم حواليه اعداء انفسهم و عبيد شهواتهم لا يفقهون دعوته و لا يعقلون رسالته , عقدت اهداب بصائر العامة منهم باهواء الخاصة و حجبت عقول الخاصة بغرور العزة عن النظر..
لكنه فى فقره و ضعفه كان يقارعهم بالحجة و يناضلهم بالدليل و ياخذهم بالنصيحة و يزعجهم بالزجر و ينبههم للعبر و يحوطهم مع ذلك بالموعظة الحسنة , كانما هو سلطان قاهر فى حكمه , عادل فى امره و نهيه , او اب حكيم فى تربية ابنائه شديد الحرص على مصالحهم , رؤوف بهم فى شدته رحيم فى سلطته
ما هذه القوة فى ذلك الضعف ؟ ما هذا السلطان فى مظنة العجز ؟..
ما هذا الرشاد فى غمرات الجاهلية ؟
ان هو الا خطاب الجبروت الاعلى, قارعة القدرة العظمى , نداء العناية العليا , ذلك خطاب الله القادر على كل شىء الذى وسع كل شىء رحمة و علما , ذلك امر الله الصادع يقرع الاذان و يشق الحجب و يمزق الغلف و ينفذ الى القلوب , على لسان من اختاره لينطق به و اختصه بذلك و هو اضعف قومه ليقيم من هذا الاختصاص برهانا عليه بعيدا عن الظنة بريئا من التهمة لاتيانه على غير المعتاد بين خلقه
اى برهان على النبوة اعظم من هذا ؟ ..
بعيد عن مدارس العلم صاح بالعلماء ليمحصوا ما كانوا يعلمون
فى ناحية عن ينابيع العرفان جاء يرشد العرفاء
ناشىء بين الواهمين هب لتقويم عوج الحكماء
غريب فى اقرب الشعوب الى سذاجة الطليعة و ابعدها عن فهم نظام الخليقة و النظر فى سننه البديعة , اخذ يقرر للعالم اجمع اصول الشريعة , و يخط للسعادة طرقا لن يهلك سالكها , و لن يخلص تاركها
ما هذا الخطاب المفحم ؟ ما ذلك الدليل الملجم ؟
أأقول ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ؟
لا لا اقول ذلك , و لكن اقول كما امره الله ان يصف نفسه : ان هو الا بشرا مثلكم يوحى اليه ".
----------
المراجع :
1- المرسل الرسول الرسالة / الشهيد محمد باقر الصدر
2- هذا الدين / الشهيد سيد قطب
3- عبقرية محمد / عباس العقاد
4- سيد المرسلين / جعفر السبحانى
5- تثوير القران / جمال البنا
6- الاسلام و العقلانية / جمال البنا
7- القران و الكتاب / القس يوسف الحداد
8- مصدر القران / الدكتور ابراهيم عوض
9- محمد / مصطفى محمود
10- رسالة التوحيد / الامام محمد عبده

يتبع باذن الله

الغزالى
02-09-2006, 06:16 AM
موقع يتضمن كتب الشيخ محمد الغزالى رحمه الله :

http://www.al-mostafa.com

انصح بقراءة الكتب التالية :
1- عقيدة المسلم
2- خلق المسلم
3- الجانب العاطفى من الاسلام
4- حقوق الانسان بين تعاليم الاسلام و اعلان الامم المتحدة
5- فن الذكر و الدعاء عند خاتم الانبياء
6- نظرات فى القران
6- نحو تفسير موضوعى لسور القران
7- جدد حياتك

و كذلك يحتوى الموقع على كتاب " عبقرية محمد " للاستاذ عباس العقاد

حازم
02-09-2006, 05:34 PM
بدا الاخ قسورة فى نسخ كتاب الرسول (ص) لسعيد حوى وهو كتاب هام جدا فى اثبات نبوة النبى ورد الشبهات المثارة حوله

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4402

dano
04-18-2007, 05:13 PM
بارك الله فيك أخي الغزالي. موضوع غاية في الأهمية والجمال والإتقان...
شكرآ جزيلا

القلم الحر
02-27-2008, 07:37 PM
فى اعجاز القرآن الكريم

اولا - طبيعة الالفاظ القرانية
المعلوم ان البيئة العربية فى الجاهلية كانت من الناحية الثقافية بيئة شعرية , و لم يكن لها نصيب يذكر فى الميادين الاخرى مثل العلوم و الفلسفة
و من المعلوم ان ممارسة الشعر يعتمد على قوة التخيل المستمدة من المحسوس , اى ما يدرك بالحواس
و قوة التخيل لا تتوقف عند تسجيل الانطباعات الحسية بل تقوم ايضا بعملية تركيبية اى تركيب موضوعات و اشياء من معطيات حسية فى صورة غير واقعية يعبر عنها فى صورة قصة او رسم او نحت
و اذا نظرنا الى الفاظ القران الكريم , فنلاحظ ظاهرة جديدة و هى وجود الفاظ معبرة عن " تصورات " ( concept ) لها محتوى مفهومى مجرد
او ما يسمى بالصورة الذهنية , التى تدرك ادراكا عقليا , و ليس ادراكا حسيا
و تتميز عن الالفاظ المعبرة عن التخيلات او الصور الخيالية التى تدرك ادراكا حسيا
اذن نحن امام انتقال نوعى من التخيل (imagination) الى التصور ( concept ) اى الانتقال من المحسوس الى المجرد
و من الامثلة على ذلك : مفهوم الخلق , و العدم ,و الخلود , و البعث , و النشور .. الخ
ان هذه المفاهيم لا تدرك ادراكا حسيا ,و ليست تركيبا للمحسوسات , فهى صور ذهنية , و ليست تخيلات , بل مدركات عقلية و لها محتوى مفهومى ,فهى تختلف جذريا عن التخيلات التى هى صور حسية فى المخيلة و النصور يمثل مرحلة فى التطور الحضارى , و فى تطور العقل الانسانى فى مجتمع معين
و تلك المرحلة لم يصل اليها العرب فى الجاهلية .
و يخبرنا تاريخ تطور الفكر البشرى ان الفلسفة عند اليونان فى العصور القديمة قامت على التجرد و التصورات , و لكن تجريداتهم و تصوراتهم كانت مرتبطة بالمحسوس , و على فرض المادة الاولى او الهيولى اى انه لا يمكن تصور الا ما هو موجود
و لم يتوقف التجريد فى القران الكريم عند مستوى التصور المجرد (abstrait concept) و لكنه انتقل الى مرحلة اعلى , و هى مرحلة التصور الصورى (formal concept ) و من الامثلة على ذلك : مفهوم الفطرة , و مفهوم النشاة , و مفهوم الملكوت ..الخ
فاذا كان العرب فى الجاهلية يفتخرون بشعرهم فهم توقفوا عند مستوى التخيل
و اذات كان اليونان النموذج المتطور للفكر الفلسفى فانهم لم يبلغوا مستوى التصور الصورى
فهل يستطيع عاقل ان يقول بان الرسول صلى الله عليه و اله و سلم بمكوناته الشخصية و تجاربه , ادرك ما لم يدركه قومه , و حتى الفلاسفة الكبار فى العصور القديمة ؟!
ثانيا - استعمالات التراكيب القرانية
استعمالات التراكيب اللغوية فى اى لسان من الالسنة محصورة فى الاتى :
1- الاستعمال الاخبارى
2- الاستعمال التعبيرى
3- الاستعمال التوجيهى
و العملية الاحصائية البسيطة تبين ان نسبة الاستعمال التعبيرى فى القران الكريم هى اقل بكثير من الاستعمال الاخبارى و الاستعمال التوجيهى
و لا يجادل احد فى ان نسبة الاستعمال التعبيرى كانت اعلى نسبة قبل نزول القران
لان البيئة العربية كانت بيئة شعرية بالدرجة الاولى
اذن استطاع القران الكريم ان يحدث تغييرا جذريا فى الاستعمالات اللغوية التى كانت سائدة قبل نزوله
فهل يستطيع الفرد الواحد بقوة خياله و مكوناته الشخصية و تجاربه ان يحدث مثل هذا التغيير ؟!
ان هذا التغيير هو وجه من اوجه الاعجاز القرانى الذى يجب دراسته دراسة معمقة , تضاف الى الاعجاز اللغوى الفنى الذى قيل فيه ما يكفى

القلم الحر
02-28-2008, 11:43 AM
رؤية اعمق للاعجاز القرآنى

أنزل القرآن على الرسول برهانا، يدل على صدق رسالته، وجاء متناسبا مع ما تميز به الوسط الجاهلي من تفوق ونبوغ لغوي، ولكن التساؤل القديم الجديد يتحدد في: ما هو وجه الإعجاز القرآني؟ فاختلاف الإجابات، ومدى مصداقيتها وقدرتها على الإقناع كشفت عن تحول وجه القرآن المثبت لإعجازه إلى لغز يحيطه الغموض، وهذا ما يفسر كثرة اللغط المثار حول هذا الموضوع، يضاف إلى ذلك شبهات المستشرقين، والملحدين

ان محاولة الكشف عن حقيقة الإعجاز القرآني، ينبغي ان تنطلق من القرآن نفسه، باعتباره تحدث عن معجزته، فطالعنا بالآيات التي تحدى بها المجتمع الجاهلي حين طالبهم بان يأتوا بعشر سور، ثم ما لبث ان اختصر التحدي عندما طالبهم بان يأتوا بسورة من مثله، لا بعشر! رغم ذلك لم يستجب العرب لذلك، والسؤال الذي يثار: ألا يستطيع العرب ان يجاروا القرآن ويحاكوا آياته، وبالتالي ينشئوا سورة قرآنية قصيرة، لاسيما وطبيعة السور القرآنية النازلة في مطلع الدعوة قصيرة، لا يتجاوز الكثير منها السطر والسطرين؟.

الجواب يكمن في فهم طبيعة التحدي:
إذ لم تطالب الآيات القرآنية العرب بأكثر من ان يأتوا بسورة من مثله، ليس كنص لغوي فحسب، وانما بمثل خصائصه
، بهذا نفهم ان القرآن في تحديه للعرب بإنتاج نص مماثل يحمل خصائص القرآن، مما يعني ان تحديد حقيقة الإعجاز القرآني رهينة الإجابة عن السؤال المتعلق بالخاصية التي تميز بها القرآن عن غيره من نصوص اللغة. وإذا ما بحثنا في القرآن عن خصائصه، فان القرآن يطالعنا بخصائص لنصه وردت الإشارة إليهما في السور المكية، أي في الحقبة التي طرح فيها القرآن نفسه للتحدي، بأن يأتوا بسورة من مثله، :

1- حدد القرآن التأويل كأداة منهجية قادرة على الكشف عن مدخراته الفكرية،"بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ"
وقد عرف العرب التأويل لاشتغالهم بتفسير الأحلام وتعبير الرؤى، فكان القرآن بصفته التأويلية قادرا على التصرف على وجوه، ليكون: (تبيانا لكل شيء)89/16،(وكل شيء أحصيناه كتابا)29/78، فالنص القرآني علم غير نافد
"قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا "
و نقصد بالتاويل :
الحاق الاية المتشابهة بالاية المحكمة بجامع ( التماثل ) القائم بينهما
النص القرانى نص ( متشابه مثانى )
فالقرآن يعتمد على التكرار في عباراته وألفاظه، الذي يمكن ان يلحظ بوضوح بتقليب صفحات المعاجم، التي استهدفت فهرسة ألفاظ القرآن، وهو التكرار الذي يؤسس للتماثل القرآني أساسه دون وضوح الهدف منه. هذا التشابه (:التماثل) القرآني تدل عليه الآية: (الله انزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً)
فالقرآن كتاب يشبه بعضه بعضا.
بل نجد فيه للاية( نظير ) ترتبط به بعلاقات :
1/ التعويض . 2/ والإكمال والحذف . 3/والتقديم والتأخير.
امثلة :
التعويض :
* في البقرة: (فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون)86/2، في ال عمران: (ولا هم ينظرون)88/3،

في آل عمران: (قالت رب أنى يكون لي ولد)47/3، في مريم: (قالت أنى يكون لى غلام)

بالحذف و الاكمال :
في البقرة: (ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم)174/2، في آل عمران: (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم)77/3، بالإكمال بـ (ولا ينظر إليهم)، مما يعني ان الأولى حذفتها
في البقرة: (ويكون الدين لله)193/2، وفي الأنفال: (ويكون الدين كله)39/8، واحدة بإسقاط (كله) والأخرى بالإكمال به
بالتقديم و التاخير :
البقرة: (ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطّة)58/2، في الأعراف: (وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً)161/7.

* في البقرة: (والنصارى والصابئين)62/2، ‎في الحج: (والصابئين والنصارى)
و هذه مجرد امثلة
ان نسبية صفتي المحكم والمتشابه، جعلت آيات القرآن توصف بالمتشابهة، كما يقول تعالى: (الله أنزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً)23/39، وتوصف تارة أخرى بالمحكمة، كما في قوله: (الر كتاب أحكمت آياته)1/11، ووصفت ثالثة بانها مقسمة إلى قسمين محكمة ومتشابهة، كما في قوله المتقدم: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات)7/3. فباعتبار ان كل آيات القرآن قابلة لان يرد عليها الاستفهام، بهذا اللحاظ صارت متشابهة. وباعتبارها كلها قابلة للإحكام بهذا اللحاظ صارت محكمة. وباعتبار ما من آية متشابهة الا ولها آية محكمة ترد إليها، بهذا اللحاظ أضحت منقسمة إلى محكمات وأخر متشابهات. ويجتمع في الآية الوصفات بلحاظين، فالآيات متشابهة من جهة ومحكمة من جهة أخرى.
2/تميز القرآن عن غيره من النصوص، عند إخضاعه للتأويل، بترفعه عن التناقض، فالنص القرآني لا يختلف على نفسه، بل يصدق بعضه بعضا،
فالاية القرانية اينما وجهت - بلحاظ الايات الاخرى الناظرة لها و المرتبطة بها بعلاقة ابدال او اكمال او تقديم و تاخير او حذف - فان التصريف لا يؤدى الا الى فكر سديد و علم جديد لا يمكن ان يتناقض او يختلف
و هذا هو ما يجعل القران يتميز عن كلام البشر , و يظهر ان وراء القران قدرة خارجة عن نطاق الطاقة البشرية

نضيف الى ذلك خاصية ثالثة هى ان القرآن نزل منجما
فالايات القرانية كانت رهينة بنزول حاجة ملمة او حدوث سبب عام او خاص , فاذا تبين هذا الواقع القرانى الذى ذكرناه و كونه نص متشابه مثانى للاية فيه نظير ترتبط به بعلاقات كما سبق ,فهذا- لو كان القران من تاليف بشر -يوجب ان تكون هناك خطة تفصيلية شاملة قد حددت بناء و مكونات الايات كلها من قبل نزولها بل من قبل ان تخلق اسبابها ,و هذا لا يمكن تصور حدوثه من بشر فهل رايت او سمعت ان احدا من الكتاب او الشعراء استطاع فى مفتتح حياته الابدية ان يحصى كل ما سيجىء به على لسانه من جيد الشعر او النثر فى المناسبات المتنوعة الى اخر عهده بالدنيا , و ان يضع من اول يوم منهاجه لديوانه المنتظر يفصله تفصيلا لا يقنع فيه بتقدير ابوابه و فصوله حتى يقدر كل باب عدة ما يحويه من خطاب او قصيد , ثم ينجح فى هذه التجربة نجاحا مطردا , فهذا امر لا يقدر عليه بشر

بهذه الخصائص طرح الإسلام القرآن كمعجزة، فمن أراد ان يتحداه عليه ان يأتي بنص له هذه الخصائص ، وهذا ما عجز عنه العرب وتبرؤوا من القدرة على الإتيان بمثله، وهو ما يرويه لنا القرآن في قوله تعالى: (بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه)12/5، يقصدون القرآن ، فهاهم يرفعون أيديهم مستسلمين معربين عن عجزهم عن مجاراة القرآن، الذي هو فى نظرهم بمثابة أضغاث الأحلام، التي تعرف بأنها الرؤيا المركبة من عدة رؤى، والقرآن جاء فى نظرهم بمثابة أضغاث أحلام يتألف من مواضيع شتى تتداخل مع بعضها، فما يكاد يبدأ القرآن بتناول موضوع حتى يقطعه ليشرع في آخر، وهكذا دواليك فهو فى نظرهم أضغاث أحلام. و العرب الجاهليون ان كانوا يعرفون تأويل الأحلام، فما هم بتأويل أضغاث الأحلام بعالمين. لذلك عجزوا عن مجاراة القرآن بنص يشبه أضغاث الأحلام، يتألف من مواضيع متراكبة، وعندما يؤول يصبح قادراً على إنتاج بيان كل شيء، وما ينتجه تصدقه بقية أجزاء النص ولا تتناقض معه، بل حين يقرأ بعضه في بعض يصبح نصا غير متناه.

انسانه
02-28-2008, 06:55 PM
سيبقى هذا الموضوع عالياً خفاقا وسأرفعه ماستطعت

سبحان الله ,, كم غبطت صاحب هذا الموضوع ونظر الله إليه

وكل من ساهم فيه من الأخوه كلام درر بحق , ماتشبع العين من قرآئته فضلا عن الدمع ..

فؤاد
03-29-2008, 07:25 PM
هذا الموضوع من افضل ما قرأت في منتدى التوحيد
يرفع لأساطير الأولين

ka3eka3e
05-25-2008, 11:38 PM
هذا الموضوع من افضل ما قرأت في منتدى التوحيد

القلم الحر
06-18-2008, 06:41 PM
من اعجاز القرآن

-من قصة نوح :
" نوح " فى القران هى تعريب " نوح " فى التوراة التى تنطق فى العبرية لا مدا بالواو , و انما مدا بالضم بعده فتح ( نو – وح )
و هى فى العبرية من الفعل العبرى ناح / ينوح
و معناها فى العبرية : التلبث و البقيا – الدعة و السكون – الكف و التوقف – الراحة و الاسترواح
و هو فى العبرية و الارامية سواء
و معنى الفعل الرئيسى هو البقيا و التلبث
و " ناح " العبرى هو اما " ناح " العربى من النواح كما قال بعض مفسرى القران , و هو كلام غير صحيح لانه ليس فى " ناح " العبرى من معانى النواح شىء
و اما هو " ناخ " العربى بخاء منقوطة من : الاناخة و التنوخ , اى التلبث و البقيا
و هو الصحيح لان هذا هو المعنى الرئيسى للفعل العبرى : ناح /ينوح
و ما كان فى العربية اصيلا بالخاء المنقوطة يرد فى العبرية و الارامية فورا الى الحاء غير المنقوطة مثال ذلك : "خلق " العربى يصبح فى العبرية و الارامية " حلق "
نوح اذن من النوخة و الاناخة اى اللابث , صار له علما لطول مكثه فى قومه
و قد فسر القران العظيم معنى نوح بالمرادف فى قوله تعالى :" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا" العنكبوت :14
فلاحظ لفظ " فلبث " فانه لم ياتى به القران اعتباطا بل هو تفسير لفظ نوح ,و هو التفسير الصحيح لان هذا هو المعنى الرئيسى للفعل العبرى "ناح /ينوح "
بينما نجد ان كاتب سفر التكوين يفسره بمعنى العزاء و الراحة
"و دعا اسمه نوحا قائلا هذا يعزينا عن عملنا و تعب ايدينا من قبل الارض التي لعنها الرب" التكوين :5/29
و ندع للقارىء ان يتسائل : لماذا اورد القران هذا اللفظ تحديدا :"فلبث " و هل من المصادفة ان يكون هذا اللفظ هو المعنى الرئيسى للفعل ناح /ينوح فى العبرية و الارامية ؟


=====================
ثانيا – مدين :
ينسب علماء التوراة "مديان " الى واحد من ابناء ابراهيم , و هم يشتقونه من العبرى " دان /يدين " بمعنى خاصمه و قاضاه
بينما يقول القران :" وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ" القصص :45
و نلفت نظر القارىء الى لفظ " ثاويا " فهو ايضا لم ياتى اعتباطا بل هو التفسير القرانى لمعنى مدين !
ماخوذا من العبرية – الارامية "دان /يدون "اى : حل و نزل و ثوى و اقام وسكن
فمن هذا جاءت " ميديان " العبرية – الارامية فهى " المثوى " و " المقام "
ففسر القران اللفظ الاعجمى على الجناس المعنوى " ما كنت مادنا فى مدين "
وخالف مفسرى عبرية التوراة الذين يشتقونها من "دان /يدين " على معنى الخصومة و المداينة
فهل يعقل ان تكون هذه الدقة المحكمة و الاستقلال المصيب عن اهل الكتاب من تاليف انسان مثل ابى الزهراء ؟
نترك الجواب للعقلاء

=====================
ثالثا- ابراهيم :
ابراهيم فى القران هى تعريب ابراهام فى التوراة
و علماء التوراة يشتقون ابراهام من ( اب +راب +هام ) و حذفت الباء التى فى راب للمزجية استثقالا
و معنى ابراهام عندهم ان راب تعنى " كثير " و هام يعنى " جمهور "فالاسم يعنى عندهم : ابو جمهور كثير
و لكن الواقع انهم اخطاوا , لان " راب " التى فى اب + راب +هام ( اب +كثير +جمهور )لا يصح عبريا ان تفهم فى هذا الاسم على الصفة بمعنى " كثير ", لان المفرد ( الاب ) لا يوصف بالكثرة فلا يجوز ان تقول " اب كثير "
و لا يصح عبريا ايضا ان تكون " كثير " هذه صفة لما بعدها ( الجمهور ) لان الصفة لا تتقدم على الموصوف كما فى العربية
و لا يصح فى عبرية التوراة و ان صح فى العربية اعمال الصفة فيما بعدها , كأن تقول : اب كثير الجمهور "
و اقرب من هذا للصواب ان تقول فى " راب " العبرية تلك انها صفة بمعنى " كبير " – و هو من معانيها فى العبرية – فيكون المعنى :
اب كبير لجمهور
و ليس هذا غرض سفر التكوين الذى جاء فيه تفسير الاسم بقوله " اب لجمهور من الامم "
"فلا يدعى اسمك بعد ابرام بل يكون اسمك ابراهيم لاني اجعلك ابا لجمهور من الامم" التكوين 17/5
بل ان " هام " لا تعنى " جمهور " كما قال سفر التكوين و علماء التوراة
و انما تعنى فى العبرية :" الناس " اخذا من ضمير الجماعة العبرى " هيم " و هى " هم " العربية
و من ذلك يتضح ان المعنى الاقرب للصواب للفظ " ابراهام " هو :
اب كبير للناس
و اضف الى ذلك ان " راب " على الاسمية لا الصفة تعنى " الرئيس " و " المعلم " و " الامام "
و منها " الربانى " و منها فى العبرية المعاصرة قولهم على النداء توقيرا : مورى و ربى , اى : معلمى و استاذى
يتضح لك ان " ابراهام " انما تعنى فى لغة صاحب هذا الاسم : امام الناس
و هى عبريا : راب +هام
و تكون "اب " على وجه الحشو المؤكد لان فيها من معنى الامامة بعض ما فى "راب "
و هو ما فسربه القران معنى ابراهيم بالمرادف فى قوله تعالى :
" وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" البقرة : 124
فهل كان ابو الزهراء اعلم بالعبرية من علماء اليهود ؟1

القلم الحر
06-19-2008, 03:23 AM
- ام موسى :
اسم ام موسى فى التوراة العبرية "يوكبد "بكسر الكاف و الباء
و علماء التوراة يقولون ان الاسم مزجى مركب من شقين : يو +كبد
و "يو " هو اختصار يهوا , و "كبد " اسم من مادة الجذر العبرانى "كبد " بمعنى ثقل و ايضا بمعنى تمجد و شرف و عظم ,و منه ايضا " كبود " التى تعنى المجد و الشرف , و تعنى ايضا فى مجازها : اللب و الفؤاد
و قد اختاروا ان يكون معنى كبد التى فى يوكبد هو المجد و الشرف و قالوا : ان معناه هو "الله مجد " اى الله مجدها
لكن هذا لا يصح عبريا لان معنى المجد و الشرف فى مادة "كبد " يجىء على "كبود " بالواو و لا يجىء قط فى بنيته الاسمية على "كبد " بكسر الكاف و الباء
و انما ما يصح عبريا هو ان يفهم الشق "كبد " على انه فعل ماض مسند الى المفرد الغائب "يو " جاء على زنة " فعل " العبرية فيكون اصل الاسم " يوكبد " بتشديد الباء المكسورة ثم خفف تشديد الباء للمزجية , فاصبحت " يوكبد "
و كبد العبرية كما سبق تعنى الوقر و الثقل , او تعنى المجد و الشرف
اى معنى اسمها اما " الله مجد " بتشديد الجيم المفتوحة يعنى التى مجدها الله
و اما يعنى " الله وقر " بتشديد القاف المفتوحة , اى التى وقرها الله , يعنى ثبتها و سكنها
او كما قال القران " لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين"
و مرة اخر لم يقل القران هذه العبارة " ربطنا على قلبها " اعتباطا بل هو معنى اسم ام موسى , و هو المعنى الصحيح المناسب لمحنتها فقد ربط الله على قلبها لتحتمل هذه المعاناة , و هذا الرباط على القلب هو نفسه معنى "كبد " العبرية كما تنص عليه معاجمهم و فى قول القران :" وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا" اشارة الى المام القران بمعنى الفؤاد الذى فى شطر اسم ام موسى و هو " كبود "فلو قلت "فؤاد ام موسى " بالعبرية لقلت :
(كبود يوكبد )
فتامل صياغة القران المعجزة و اكتشف كيف ان القران اعلم بالعبرية من اهلها !


و هذا غيض من فيض اعجاز الكتاب العزيز

القلم الحر
06-21-2008, 12:54 AM
موسى :
الشائع ان " موسى " فى القران تعريب " موشيه " التى فى التوراة , لكن الحقيقة المدهشة انها تعريب قرانى مباشر لهذا الاسم فى لغة " ال فرعون "
و علماء التوراة قالوا ان موسى عبرانية على زنة الفاعل من الجذر العبرى " مشا " و يفسرونها بانها تعنى " نشيل الماء " اى الذى التقطه ال فرعون من اليم , لقول كاتب سفر الخروج :
"و دعت اسمه موسى و قال انى انتشلته من الماء " خروج 2/10
لكن هذا لا يصح عبريا , لان موشيه على زنة الفاعل تعنى ان موسى كان هو الناشل لا المنشول
فلا يجوز فى العبرية استعمال زنة الفاعل على قصد المفعول و ان جاز هذا فى العربية
و منهم من قال ان "موشيه " على الفاعلية من "مشا " بمعنى " المخلص " اى الذى انتشل بنى اسرائيل من مصر , لكن كيف يقال ان هذا المعنى طرأ على ذهن التى انتشلته من الماء – ابنة فرعون فى التوراة ؟!!
فليس منطقيا ان تجزم ابنة فرعون فى قصر فرعون بانه من اولاد العبرانيين ثم تسميه تسمية عبرانية بل و تسميه مخلص بنى اسرائبل !!,بل المنطقى ان تسميه بلغتها هى اى بالمصرية القديمة
بينما نجد ان القران المعجز اتى بلفظ "موسى" اقرب ما يكون الى نطقه فى لغة ال فرعون
ان " موسى " لفظة فى المصرية القديمة منحوتة من جذر فى تلك اللغة هو (م/س/ى ) , فعل بمعنى :ولد /يلد/ولادة
و لفظة "موسى" اسم على المفعولية من ذلك , فهى "ولد " او "وليد "
و بهما فسر القران العظيم هذا الاسم على الترادف
قال سبحانه :" وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا" القصص :9
و قال ايضا حكاية عن فرعون :

"قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ" الشعراء :18
ففسر اسم موسى بلغة ال فرعون , و لم يفسره بلغة بنى اسرائيل
فهو "ولد " او "وليد "
و هو معناه فى اللغة المصرية القديمة
و لا يعقل ان يستعمل القران اعتباطا هذا اللفظ تحديدا "وليد " على لسان فرعون ,ثم يكون هو معنى "موسى " فى لغة ال فرعون !
بل علم القران وقت نزوله بما لم يعلمه مخلوق حتى اواسط القرن التاسع عشر و اوائل القرن العشرين



فرعون :
لفظ "فرعون "فى القران هو تعريب "برعا "المصرية القديمة , و هى اسم مزجى مركب من شقين : بر +عا
الشق الاول يعنى البيت , و الثانى صفة بمعنى الكبر و العظم
فهو : البيت الكبير , على غرار تلقيب العثمانيين الاتراك لقادتهم ب " الباب العالى ", و كما يعبر عن سياسة الرئيس الامريكى ب " البيت الابيض "
و يدلك على علم القران بمعنى البيت الذى فى "برعا " هو هذه المفاضلة بين "بيت " عند الله فى الجنة و بين "فرعون " البيت الكبير على لسان امراة فرعون :"
رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِه" التحريم :11
فلفظ " بيت " لا يعقل ان يورده القران اعتباطا فى مفاضلة مع فرعون ثم يكون معنى فرعون فى المصرية القديمة هو البيت الكبير
بل نجد ايضا ان القران استعمل لفظا هو التفسير الادق فى العربية للفظ "برعا " و هو لفظ : الصرح
قال تعالى :" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ " القصص :38
و قال سبحانه :" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ" غافر :36
فلو ارجعت " فرعون " الى اصلها المصرى القديم " برعا " لقلت فى مثل الاية الكريمة من سورة غافر :"و قال برعا يا هامان ابن لى برعا "

القلم الحر
06-21-2008, 12:59 AM
مصر :
فسر القران العظيم ايضا لفظ "مصر " بلغة المصريين القدماء التى لم يكن يعلمها مخلوق وقت نزول القران حتى من اهل مصر وقتها
ان "مصر " فى لغتهم هى : الارض:"تا "
و من الارض "تا " اشتقوا اسم مصر فهى :
"تاوى " مثنى "تا " , و منه " نب- تاوى " اى سيد الارضين اى ملك مصر
و هى : "تا –مرى " اى ارض المحيوب , او ارض الاحبة
و هى : "تا –كمت "او كمت اختصارا , و اصل " تا-كمت " هو " الارض السوداء "
و قد علم القران المعجز هذا فجاءت مصر فى عدة مواضع باسم " الارض "

قال تعالى : "فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" يوسف :80
و قال تعالى :
"قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ 55 وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ" يوسف :54-55
و قال تعالى :
"وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْض" الاعراف :127
و قال سبحانه :
"قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض" يونس :78
و قال تعالى :
"فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ" الاسراء :103
و قال تعالى :
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْض" القصص :4
و قال تعالى :
"وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْض" القصص :5
و قال سبحانه :
"وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْض" القصص :6
و قال تعالى :
"وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" غافر :26
و قال تعالى :
"يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ" غافر :29
و كما ترى فالقران يفسر " مصر " ب " الارض " تفسيرا مقصودا
و يقول تعالى :" فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْض" ثم قال على لسان موسى :" قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُم" البقرة :61
فمصر كما ترى هى الارض
و هكذا يتجلى اعجاز القران العظيم

القلم الحر
07-03-2008, 11:52 PM
نموذج للرد على محاولات معارضة القران

كتب بعضهم هذه المعارضة :

سورة الأسماء


كهس (1) إن المسلمين اليوم لفي ضلال بعيد (2) يقولون على الله ما لا يعلمون (3) وإذا أرادوا شيئاً قالوا أمرنا الله كلا إنهم لكاذبون (3) إن الله لا يستحي أن يغشى رؤوس الجبال فتهبط عليهم بما كانوا يفترون (4) أولم يروا من قبلهم الأمم كيف كانت دثيرا (5) إذ طغت فدمرناها تدميرا (5) ثم لم يكن لهم من ذلك شيءٌ إلا ما شاء الله وكان الله على كل شيءٍ قديرا (6) إنّا خلقنا كل شيءٍ فقدّرناه تقديرا (7) ثم خلقناه فقدّرناه تقديرا (8) ثم خلقناه من بعد ذلك خلقاً أخيرا (9) فمن اتبع سبيل الكاذبين ارتدّ في الآخرة خاسراً مقهورا (10) ومن ضلّ بعقله فقد أضله الشيطان وما يبيعكم الشيطان إلا غرورا (11) إنا زيّنّاكم بالعقل وجعلناكم آيةً فمن ترك عقله واتبع الضالّين فسيصلى سعيرا (12) وما كان من الذين من قبلكم إلا أن قالوا هذا ما كان عليه أباؤنا فسيصلون جحيما (13) وإن تسلموا لله كما أسلموا لآلهتهم فما يرى الله من إيمانكم إلا كفراً وفجورا (14) إن الله لا يسمع الشفاه التي ترتّل ويسمع القلوب التي ترتّل فلا تجعلوا من الله لاتاً ولا عزّى واجعلوا لله سبيلا (15) لو شاء الله تسبيحاً لسبّح له من في السماوات والأرض ولو شاء لخلقكم أنعاماً ثم آمنتم وكان ذلك على الله يسيرا (16) إنما كرّمنا الإنسان وجعلنا له العقل ليتدبّر في الكون تفكيرا (17) يا أيها الذين آمنوا لا تفتروا على الرسول ما ليس لكم به علم وتجعلوا منه لله ندّاً إن في ذلك خسراناً كبيرا (18) ليس للرسول أن يكون حكيماً ولا عالماً ولا أن يفتي ما ليس له به علم وما كان عند ربّه إلا عبداً مأمورا (19) وله في ذلك مثل موسى إذ حسب العلم بيديه وما كان ذلك على الله عزيزا (20) إنما الرسول مبلّغٌ من عند ربّه وما كان له أن يطبّب أو أن يفتري ما ليس له به علمٌ فاجعلوا العلم لأهله واتقوا الله إن ذلك كان عند الله كبيرا (21) ولا تجعلوا من أسماء الله مدداً ولا تعجلوا بها إنما هي لمن تدبّر فيها تدبيرا (22) إن الذكر ليس ما يلهج اللسان به ولو أسمعتم من في السموات لم يكن ذلك عند الله شيئاً مذكورا (23) فذروا ما تركتم عليه آباءكم إن الله يكره أن تؤمنوا به كرهاً ولا يغفره وإلى الله مرجعكم أخيرا (24)
=====================
الرد :
بداية فان الإعجاز اللغوى القرآنى رهن قيود اربعة، هى الفصاحة و البلاغة و النظم و الاسلوب
فالإتيان بكلام فصيح غايتها، وبليغ نهايتها، منضماً إلى روعة النظم، في هذا الأسلوب الخاص المعهود من القرآن، أمر معجز.
و رغم الركاكة و السخافة الواضحتين لكل محاولات معارضة القران الا انك لا تعدم من يقول لك اننى لا ارى فرقا بين هذه المعارضة و بين القران ! لذا لا بد من رد على هذه السخافات
و هذه نظرات فى النص الذى عارض به زميلنا كتاب الله

اولا – كالعادة فى معارضة القران احتوى النص على سطو على الفاظ و تراكيب القران مما يتضمن اعترافا من معارضى القران بتفوق النص القرانى
يقول :
إن المسلمين اليوم لفي ضلال بعيد (2) يقولون على الله ما لا يعلمون
فهذه الفاظ و تراكيب قرانية - ضلال بعيد , يقولون على الله ما لا يعلمون - سطا عليها كاتب النص
فهل هو عاجز عن معارضة القران دون السطو على اياته ؟!
و مثله ايضا :
1- إن الله لا يستحي
2- فدمرناها تدميرا
3- فقدّرناه تقديرا
4-خلقاً أخيرا( مع تغيير اخر الى اخيرا )
5- وما يبيعكم الشيطان إلا غرورا( مع تغيير يعدهم الى يبيعكم )
6- فسيصلى سعيرا

كل هذه الفاظ و تراكيب قرانية سطا عليها كاتب النص


--------------------

ثانيا – كما سبق فان من دعائم الاعجاز اللغوى القرانى عنصر البلاغة و نعنى به : سمو المعاني
و الواقع الذى يؤكد اعجاز النص القرانى ان كل من يحاول معارضته ان تمكن من تقليد اسلوبه المعهود فشل فشلا ذريعا فى جعل كلامه فصيحا بليغا سامى المعانى , و ان تمكن من صياغة كلام بليغ فصيح لم يتمكن من صياغته بالاسلوب القرانى المعهود
و ها هو كاتب الموضوع قارب تقليد الاسلوب القرانى الى حد ما لكن فشل فى ان يجعل لنصه نصيبا من سمو المعانى و البلاغة
فان النص الذى كتبه لا يسع اى منصف الا ان يعتبره كلاما سخيفا

يقول مثلا :
1- وإذا أرادوا شيئاً قالوا أمرنا الله كلا إنهم لكاذبون
فاى معنى لقوله ( قالوا امرنا الله ) ؟! هل المقصود ان الله امرهم ان يريدوا ؟!
و هل الارادة تكون بالامر اصلا ؟! فالامر يتعلق بالفعل لا بالارادة

2- إن الله لا يستحي أن يغشى رؤوس الجبال فتهبط عليهم
سرق الزميل تعبيرا قرانيا و هو " ان الله لا يستحيى " لكن ما هى النتيجة ؟ مجرد كلام بلا معنى اذ اى معنى للحياء من ان يغشى الجبال ؟!!
3- ثم لم يكن لهم من ذلك شيءٌ إلا ما شاء الله
السؤال الذى يفرض نفسه فى مواجهة هذا الكلام هو : لم يكن لهم من ماذا ؟!
فالفقرة السابقة هى ان الله دمرهم تدميرا فما هو الشىء الذى بقى لهم بعد تدميرهم تدميرا لكى يكون لهم بمشيئة الله ؟!
اليس الوصف المناسب لهذا النص الذى كتبه الزميل هو انه هراء يضحك الثكلى ؟.

4-إنّا خلقنا كل شيءٍ فقدّرناه تقديرا (7) ثم خلقناه فقدّرناه تقديرا (8) ثم خلقناه من بعد ذلك خلقاً أخيرا
هنا يذكر النص ان عملية الخلق تكررت ثلاث مرات فما هو معنى الخلق الثانى و الثالث ؟!!
و هل من الصحيح ان كل شىء يخلق اكثر من مرة ؟! اليس هذا كذبا يخالف الواقع ؟
و واضح ان الزميل كان يريد تقليد قوله تعالى (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ َ } و فاته ان الخلق الثانى هنا له معنى و هو أن الخلق المذكور قبله كان دون حياة ثم نشأ فيه خَلق الحياة وهي حالة أخرى طرأت عليه عبر عنها بالإنشاء.
5-فمن اتبع سبيل الكاذبين ارتدّ في الآخرة خاسراً مقهورا
ان الردة هى الرجوع فهل من يتبع سبيل الكاذبين يرجع فى الاخرة , يرجع الى ماذا و الى اين ؟!
6-ومن ضلّ بعقله فقد أضله الشيطان
كيف يكون من ضل بعقله اضله الشيطان ؟ هل الشيطان هو العقل ؟! و هل يقصد كاتب النص هنا اختراع نظرية معرفة جديدة خلاصتها ان الشيطان هو العقل البشرى و ان احكام العقل شيطانية ؟!
نحمد الله على نعمة العقل و الدين !
7-انا زيّنّاكم بالعقل وجعلناكم آيةً فمن ترك عقله واتبع الضالّين فسيصلى سعير
هنا يقرر الكاتب ان العقل حجة الهية يجب اتباعها لكن اليس هذا تناقضا فجا مع قوله السابق ان من يضل بعقله فقد اضله الشيطان , فقد جمع الكاتب فى سطور قليلة بين ذم العقل و مدحه
8-ولو شاء لخلقكم أنعاماً ثم آمنتم وكان ذلك على الله يسيرا
المفروض ان الاله يمتدح نفسه هنا فاى مدح فى ان يجعل الناس انعاما و بهائم ثم يؤمنوا؟

9- ليس للرسول أن يكون حكيماً ولا عالماً
هل يقول عاقل ان الرسول لا يصح ان يكون عالما ؟ و لا يصح ان يكون حكيما ؟!
اى ان الصحيح حسب هذا النص المبدع ! ان يكون الرسول جاهلا احمقا !
و نكتفى بهذا القدر !

القلم الحر
07-04-2008, 11:22 AM
قال سبحانه :
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)
و كما سبق ففى العهد الجديد فيستدل على ورود اسمه صلى الله عليه و سلم بنبوءة " البركليت " التى وردت فى انجيل يوحنا حيث بشر المسيح عليه السلام بمجىء شخص من بعده عبر عنه بلفظ ينطق باليونانية : بركليت
(الفارقليط)Parakletos التى سمى بها المسيح هذا الاتى بعده هى من اليونانية الكنسية التى لم تسمع قط من اليونان قبل عصر المسيح وهذا يعنى انها منحوتة نحتا لتسمية هذا الاتى.
وليس بصحيح ان Parakletos لاتعنى (أحمد) وانها لو كانت أحمد لقيلت بلفظ Periklitos بل Parakletos بذاتها ودون افتراض تحريف او تحوير تعنى (أحمد) ايضا ان اشتققتها لا من Parakalein وانما اشتققتها من Parakleiein المقطع الاول Para بمعنى المبالغة وتجاوز الحد والمقطع الثانى Kleiein فعل بمعنى مجده وحمده بتشديد الجيم فى مجده والميم فى حمده فهو المحمود أكثر من غيره شأن (أحمد) التى جاءت فى القرءان وفى هذا تعليل لمجيئها على أحمد وليس محمد لأن القرءان ينظر الى المكتوب فى الاناجيل اليونانية لا الى ما نطق به المسيح بلغته وليس فى اليونانية صيغة (مفعل) بضم الميم وفتح الفاء وتشديد العين وفتحها التى فى العربية والعبرية وانما فيها المقطع Para الذى يفيد المبالغة وتجاوز الحد

القلم الحر
07-06-2008, 03:34 PM
برحاء الوحى

" كلنا نعرف تلك الظاهرة العجيبة التى كانت تبدو على وجهه الكريم – صلى الله عليه و سلم - فى كل مرة حين ينزل عليه القران , و كان امرها لا يخفى على احد ممن ينظر اليه . فكانوا يرونه قد احمر وجهه فجاة و اخذته البرحاء حتى يتفصد جبينه عرقا , و ثقل جسمه حتى يكاد يرض فخذه فخذ الجالس الى جانبه , و حتى لو كان راكبا لبركت به راحلته , و كانوا مع ذلك يسمعون عند وجهه اصواتا مختلطة تشبه دوى النحل – هذه الاوصاف كلها ثابتة فى الاحاديث الصحيحية عند الشيخين و ابى داود و الترمذى و غيرهم – ثم لا يلبث ان تسرى عنه تلك الشدة فاذا هو يتلو قرانا جديدا و ذكرا محدثا .

فمن شاء ان يبحث عن مصدر هذا القران فهاهنا اقرب مظانه ففيها فليحصر الباحثون بحوثهم , و لينشد طلاب الحق ضالتهم , و اين تلتمس الاسباب الصحيحة لاثر ما ان لم تلتمس حيث يظهر ذلك الاثر , و حيث يدور وجوده و عدمه ؟

فلننظر الان فى هذه الظاهرة :

هل كانت شيئا متكلفا مصنوعا و طريقة تحضيرية يستجمع بها الفكر و الروية ؟ ام كانت امرا لا دخل فيه للاختيار ؟ و اذا كانت امرا غير اختيارى فهل كان لها فى داخل النفس منشا من الاسباب الطبيعية العادية , كباعثة النوم , او من الاسباب الطبيعية الشاذة كاختلال القوى العصبية ؟ ام كانت انفعالا بسبب خارجى منفصل عن قوى النفس ؟



و ان نظرة واحدة نلقيها على عناصر هذه الظاهرة لتهدينا الى انها لا يمكن ان تكون صناعة و تكلفا ... فهى اذا حالة غير اختيارية

ثم اننا نرجع البصر كرة اخرى فنرى البعد شاسعا بينها و بين عارض السبات الطبيعى الذى يعترى المرء فى وقت حاجته الى النوم , فانها كانت تعروه قائما او قاعدا , و سائرا او راكبا , و بكرة او عشيا , و فى اثناء حديثه مع اصحابه او اعدائه , و كانت تعروه فجاة و تزول عنه فجاة و تنقضى فى لحظات يسيرة ..



ثم نرى المباينة التامة و المناقضة الكلية بينها و بين تلك الاعراض المرضية و النوبات العصبية التى تصفر فيها الوجوه , و تبرد الاطراف , و تصطك الاسنان , و تنكشف العورات , و يحتجب نور العقل , و يخيم ظلام الجهل .

لانها كانت كما علمت مبعث نمو فى قوة البدن , و اشراق فى اللون ..

و كانت الى جانب ذلك مبعث نور لا ظلمة , و مصدر علم لا جهالة

بل كان يجىء معها من العلم و النور ما تخضع العقول لحكمته , و تتضاءل الانوار عند طلعته

ها نحن اولاء قد كدنا نصل , فلتقف بنا وقفة يسيرة لنرى مبعث هذا الضوء الذى كان يبدو حينا و يختفى احيانا من حيث لا يد لصاحبه فى ظهوره او اختفائه : هل عسى ان يكون منبعثا من طبيعة هذه النفس المحمدية ؟ اذا و الله لكان خليقا ان ينبعث منها ابدا..

هى اذا قوة خارجية لانها لا تتصل بهذه النفس المحمدية الا حينا بعد حين و هى لا محالة قوة عالمة , لانها توحى اليه علما

و هى قوة اعلى من قوته لانها تحدث فى نفسه و فى بدنه تلك الاثار العظيمة "عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ"...

فماذا عسى ان تكون هذه القوة ان لم تكن قوة ملك كريم ؟"

النبا العظيم /70-73 بتصرف

القلم الحر
07-08-2008, 06:55 PM
خاتمة

اعتقد ان ما كتب هنا كافى للمنصف و انما خطابنا للمنصفين

و احب ان انبه فى الختام الى امرين :

اولا - ان ابا الزهراء روحى فداه ليس هو من نشك فى صدقه
افى محمد شك ؟!
و ليس صحيحا ان الأصل في مدعي النبوة التكذيب حتى يثبت خلافة ، فهذه القاعدة ليست صحيحة بإطلاقها، إنما نقول الأصل في كل ادعاء بحسب صاحبها وصفاته فإذا كان قابلا للتصديق فيقال أن دعواه ممكنة التصديق (بل الأصل في الصادق الصدق) ويطلب منه مواد الدعوة وينظر في قبولها ثم تقام الأدلة بالشكل المناسب ، وإذا كان غير قابلا للتصديق فترفض دعواه أصلا ككونه مشهورا بالخداع والكذب والدجل.
و قد ذكرنا من الادلة على نبوته بما فيه الكفاية , و لا تصمد ادلة النفى امام النقد العلمى

ثانيا -- ان هناك حقيقة يغفل عنها كثيرون سيما من يتعرضون للشك بسبب كتابات خصوم الاسلام و هى ان نشر اللادينية جزء من مخطط غربى يهدف لاخراج الامة من دينها تمهيدا لسيطرة الصهاينة على الامة و سيطرة امريكا عليها
و بينما الناس فى امريكا الان يؤمنون بدينهم مع انه دين خرافى يريد هؤلاء ان نترك ديننا العظيم
لذا انبه الى ضرورة الا يشغلنا الحوار مع اللادينيين عن الحوار مع الخصم الحقيقى اعنى اهل الكتاب فانهم الداء الدوى
و لا يستفيد من اخراج شباب الامة من اسلامهم الا جحافل الانجلوسكسون و ربيبتهم اسرائيل
فلنفق جميعا



وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دُونَ الأُمَمِ الْمَـاضِيَةِ وَالْقُـرُونِ السَّالِفَةِ، بِقُدْرَتِهِ الَّتِي لاَ تَعْجِزُ عَنْ شَيْءٍ وَ إنْ عَظُمَ، وَلاَ يَفُوتُهَا شَيْءٌ وَإنْ لَطُفَ، فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيْعِ مَنْ ذَرَأَ، وَجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ، وَكَثَّرَنا بِمَنِّهِ عَلَى مَنْ قَلَّ . اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ، وَنَجِيبِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَفِيِّكَ مِنْ عِبَادِكَ، إمَامِ الرَّحْمَةِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ، وَمِفْتَاحِ الْبَرَكَةِ، كَمَا نَصَبَ لأَِمْرِكَ نَفْسَهُ،وَعَرَّضَ فِيْكَ لِلْمَكْرُوهِ بَدَنَهُ، وَكَاشَفَ فِي الدُّعَاءِ إلَيْكَ حَامَّتَهُ، وَ حَارَبَ فِي رِضَاكَ أُسْرَتَهُ، وَقَطَعَ فِىْ إحْياءِ دِينِـكَ رَحِمَهُ، وَأَقْصَى الأَدْنَيْنَ عَلَى جُحُـودِهِمْ، وَقَرَّبَ الأَقْصَيْنَ عَلَى اسْتِجَابَتِهِمْ لَكَ، وَوالَى فِيكَ الأَبْعَدِينَ، وَ عَادى فِيكَ الأقْرَبِينَ، وَأَدْأَبَ نَفْسَهُ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِكَ، وَأَتْعَبَهَا بِالدُّعاءِ إلَى مِلَّتِكَ، وَ شَغَلَهَا بِالنُّصْحِ لأَهْلِِدَعْوَتِكَ، وَهَاجَرَ إلَى بِلاَدِ الْغُرْبَةِ وَمحَلِّ النَّأْيِ عَنْ مَوْطِنِ رَحْلِهِ، وَمَوْضِـعِ رِجْلِهِ، وَمَسْقَطِ رَأسِهِ وَمَأنَسِ نَفْسِهِ؛ إرَادَةً مِنْهُ لإعْزَازِ دِيْنِكَ، واسْتِنْصَاراً عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ بِكَ، حَتّى اسْتَتَبَّ لَهُ مَا حَاوَلَ فِي أَعْدَائِكَ، وَاسْتَتَمَّ لَهُ مَا دَبَّرَ فِي أوْلِيائِكَ.

فَنَهَدَ إلَيْهِمْ مُسْتَفْتِحاً بِعَوْنِكَ وَمُتَقَوِّياً عَلَى ضَعْفِهِ بِنَصْرِكَ؛ فَغَزَاهُمْ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ وَهَجَمَ عَلَيْهِمْ فِي بُحْبُوحَةِ قَرَارِهِمْ؛ حَتّى ظَهَرَ أَمْرُكَ، وَعَلَتْ كَلِمَتُكَ؛ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. أَللَّهُمَّ فَارْفَعْهُ بِمَا كَدَحَ فِيكَ إلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مِنْ جَنَّتِكَ، حَتَّى لاَ يُسَاوَى فِي مَنْزِلَةٍ، وَلاَ يُكَاْفَأَ فِي مَرْتَبَةٍ، وَلاَ يُوَازِيَهُ لَدَيْكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَعَرِّفْهُ فِي أَهْلِهِِالطَّاهِرِينَ وَأُمَّتِهِ الْمُؤُمِنِينَ مِنْ حُسْنِ الشَّفَاعَةِ أَجَلَّ مَا وَعَدْتَهُ. يَا نَافِذَ الْعِدَةِ، يَا وَافِيَ الْقَوْلِ يَا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأضْعَافِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ، إنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ.

محمد كمال فؤاد
06-28-2009, 10:39 AM
رااااااااااااااااااااائع

القلم الحر
06-30-2009, 10:04 AM
بين معاجز محمد (ص) و موسى


قال ابن حامد: فإن قالوا: فإن موسى عليه السلام ضرب بعصاه البحر فانفلق فكان ذلك آية لموسى عليه السلام، قلنا: فقد أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلها، قال علي رضي الله عنه: لما خرجنا إلى خيبر فإذا نحن بواد سحت وقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة، فقالوا: يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي من أمامنا، كما قال أصحاب موسى: إنا لمدركون. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعبرت الخيل لا تبدي حوافرها والابل لا تبدي أخفافها، فكان ذلك فتحا،
* وإما تظليله بالغمام في التيه، فقد تقدم ذكر حديث الغمامة التي رآها بحيرا تظله من بين أصحابه، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، صحبة عمه أبي طالب وهو قادم إلى الشام في تجارة، وهذا أبهر من جهة أنه كان وهو قبل أن يوحى إليه، وكانت الغمامة تظلله وحده من بين أصحابه، فهذا أشد في الاعتناء، وأظهر من غمام بني إسرائيل وغيرهم، وأيضا فإن المقصود من تظليل الغمام إنما كان لاحتياجهم إليه من شدة الحر، وقد ذكرنا في الدلائل حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم ليسقوا لما هم عليه من الجوع والجهد والقحط، فرفع يديه وقال: اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فأنشأت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال أنس: فلا والله ما رأينا الشمس سبتنا
و لما سألوه أن يستصحي لهم رفع يده وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما جعل يشير بيديه إلى ناحية إلا انحاز السحاب إليها حتى صارت المدينة مثل الاكليل يمطر ما حولها ولا تمطر * فهذا تظليل عام محتاج إليه، آكد من الحاجة إلى ذلك، وهو أنفع منه والتصرف فيه وهو يشير أبلغ في المعجز وأظهر في الاعتناء والله أعلم * وأما إنزال المن والسلوى عليهم فقد كثر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام والشراب في غير ما موطن كما تقدم بيانه في دلائل النبوة من إطعام الجم الغفير من الشئ اليسير، كما أطعم يوم الخندق من شويهة جابر بن عبد الله وصاعه الشعير، أزيد من ألف نفس جائعة صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين * وأطعم من حفنة قوما من الناس وكانت تمد من السماء، إلى غير ذلك من هذا القبيل مما يطول ذكره * وقد ذكر أبو نعيم وابن حامد أيضا ههنا أن المراد بالمن والسلوى إنما هو رزق رزقوه من غير كد منهم ولا تعب، ثم أورد في مقابلته حديث تحليل المغنم ولا يحل لاحد قبلنا، وحديث جابر في سيره إلى عبيدة وجوعهم حتى أكلوا الخبط فحسر البحر لهم عن دابة تسمى العنبر فأكلوا منها ثلاثين من يوم وليلة حتى سمنوا وتكسرت عكن بطونهم، وأما قوله تعالى: * (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم) * [ البقرة: 60 ] الآية فقد ذكرنا بسط ذلك في قصة موسى عليه السلام وفي التفسير. وقد ذكرنا الاحاديث الواردة في وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء الصغير الذي لم يسع بسطها فيه، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه أمثال العيون، وكذلك كثر الماء في غير ما موطن، كمزادتي تلك المرأة، ويوم الحديبية، وغير ذلك، وقد استسقى الله لاصحابه في المدينة وغيرها فأجيب طبق السؤال وفق الحاجة لا أزيد ولا أنقص وهذا أبلغ في المعجز، ونبع الماء من بين أصابعه من نفس يده، على قول طائفة من العلماء، أعظم من نبع الماء من الحجر فإنه محل لذلك * قال أبو نعيم الحافظ: فإن قيل: إن موسى كان يضرب بعصاه الحجر فينفجر منه إثنتا عشرة عينا في التيه، قد علم كل أناس مشربهم. قيل: كان لمحمد صلى الله عليه وسلم مثله أو أعجب، فإن نبع الماء من الحجر مشهور في العلوم والمعارف، وأعجب من ذلك نبع الماء من بين اللحم والدم والعظم، فكان يفرج بين أصابعه في محصب فينبع من بين أصابعه الماء فيشربون ويسقون ماء جاريا عذبا، يروي العدد الكثير من الناس والخيل والابل * ثم روى من طريق المطلب بن عبد الله بن أبي حنطب: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، حدثني أبي. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها، فبات الناس في مخمصة فدعا بركوة فوضعت بين يديه، ثم دعا بماء فصبه فيها، ثم مج فيها وتكلم ما شاء الله أن يتكلم، ثم أدخل إصبعهفيها، فأقسم بالله لقد رأيت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تتفجر منها ينابيع الماء، ثم أمر الناس فسقوا وشربوا وملاوا قربهم وأداواتهم

القلم الحر
06-30-2009, 10:23 AM
بين معاجز المصطفى و المسيح

وأما معجزات عيسى عليه السلام، فمنها إحياء الموتى، وللنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كثير، وإحياء الجماد أبلغ من إحياء الميت، وقد كلم النبي صلى الله عليه وسلم الذراع المسمومة، وهذا الاحياء أبلغ من إحياء الانسان الميت من وجوه. أحدها، أنه إحياء جزء من الحيوان دون بقيته، وهذا معجز لو كان متصلا بالبدن، الثاني: أنه أحياه وحده منفصلا عن بقية أجزاء ذلك الحيوان مع موت البقية، الثالث: أنه أعاد عليه الحياة مع الادراك والعقل، ولم يكن هذا الحيوان يعقل في حياته الذي هو جزؤه مما يتكلم ، وفي هذا ما هو أبلغ من حياة الطيور التي أحياها الله لابراهيم عليه السلام * قلت: وفي حلول الحياة والادراك والعقل في الحجر الذي كان يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام عليه، كما روي في صحيح مسلم، من المعجز ما هو أبلغ من إحياء الحيوان في الجملة، لانه كان محلا للحياة في وقت: بخلاف هذا حيث لا حياة له بالكلية قبل ذلك، وكذلك تسليم الاحجار والمدر عليه، وكذلك الاشجار والاغصان وشهادتها بالرسالة، وحنين الجذع
ومن معجزات عيسى الابراء من الجنون. وقد أبرأ النبي صلى الله عليه وسلم - يعني من ذلك - هذا آخر ما وجدته فيما حكيناه عنه. فأما إبراء عيسى من الجنون. فما أعرف فيه نقلا خاصا، وإنما كان يبرئ الاكمه والابرص والظاهر ومن جميع العاهات والامراض المزمنة * وأما إبراء النبي صلى الله عليه وسلم من الجنون، فقد روى الامام أحمد والحافظ البيهقي من غير وجه عن يعلى بن مرة أن أمرأة أتت بابن لها صغير به لمم ما رأيت لمما أشد منه، فقالت: يا رسول الله ابني هذا كما ترى أصابه بلاء، وأصابنا منه بلاء، يوجد منه في اليوم ما يؤذي، ثم قالت: مرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناولينيه، فجعلته بينه وبين واسطة الرحل، ثم فغرفاه ونفث فيه ثلاثا وقال: بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله، ثم ناولها إياه فذكرت أنه برئ من ساعته وما رابهم شئ بعد ذلك * وقال أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلامة، عن فرقد السبخي، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن أمرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن به لمما، وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا، قال فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فسغ (1) سغة فخرج منه مثل الجور الاسود فشفي * غريب من هذا الوجه، وفرقد فيه كلام وإن كان من زهاد البصرة، لكن ما تقدم له شاهد وإن كانت القصة واحدة والله أعلم * وروى البزار من طريق فرقد أيضا عن سعد بن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فجاءته امرأة من الانصار فقالت: يا رسول الله إن هذا الخبيث قد غلبني، فقال لها: تصبري على ما أنت عليه وتجيئي يوم القيامة ليس عليك ذنوب ولا حساب ؟ فقالت، والذي بعثك بالحق لا صبرن حتى ألقى الله، ثم قالت، إني أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها، وكانت إذا أحست أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها وتقول له: أخسأ، فيذهب عنها * وهذا دليل على أن فرقد قد حفظ، فإن هذا له شاهد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت: بلى، قال، هذه السوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وأنكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: لا بل أصبر، فادع الله أن لا أنكشف، قال: فدعا لها فكانت لا تنكشف * ثم قال البخاري: حدثنا محمد، حدثنا مخلد عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء أنه رأى أم زفر - امرأة طويلة سوداء - على ستر الكعبة
• وأما إبراء عيسى الاكمه وهو الذي يولد أعمى، وقيل هو الذي لا يبصر في النهار ويبصر في الليل، وقيل: غير ذلك كما بسطنا ذلك في التفسير، والابرص الذي به بهق، فقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد عين قتادة بن النعمان إلى موضعها بعد ما سالت على خده، فأخذها في كفه الكريم وأعادها إلى مقرها فاستمرت بحالها وبصرها، وكانت أحسن عينيه رضي الله عنه، كما ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة وغيره ، وقد دخل بعض ولده وهو عاصم بن عمر بن قتادة على عمر بن عبد العزيز فسأله عنه فأنشأ يقول: أنا ابن الذي سالت على الخد عينه * فردت بكف المصطفى أحسن الرد فعادت كما كانت لاول أمرها * فيا حسن ما عين ويا حسن ما خد فقال عمر بن عبد العزيز: تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبو الا ثم أجازه فأحسن جائزته * وقد روى الدار قطني أن عينيه أصيبتا معا حتى سالتا على خديه، فردهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكانهما. والمشهور الاول كما ذكر ابن إسحاق. قصة الاعمى الذي رد الله عليه بصره بدعاء الرسول قال الامام أحمد: حدثنا روح وعثمان بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن أبي جعفر المديني سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف: أن رجلا ضريرا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يعافيني، فقال: إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك، وإن شئت دعوت: قال: بل ادع الله لي، قال: فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني أتوجه به في حاجتي هذه فتقضي، وقال في رواية عثمان بن عمر: فشفعه في، قال: ففعل الرجل فبرأ * ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي جعفر الخطمي. وقد رواه البيهقي عن الحاكم بسنده إلى أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف فذكر نحوه، قال عثمان: فوالله ما تفرقنا ولا طال الحديث بنا حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضر قط
• وأما قوله في عيسى بن مريم عليه السلام: إنه قال لبني إسرائيل * (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) * الآية، [ آل عمران: 49 ] فهذا شئ يسير على الانبياء، بل وعلى كثير من الاولياء، وقد قال يوسف الصديق لذينك الفتيين المحبوسين معه: * (لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي) * الآية. [ يوسف: 37 ] وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاخبار الماضية طبق ما وقع وعن الاخبار الحاضرة سواء بسواء كما أخبر عن أكل الارضة لتلك الصحيفة الظالمة التي كانت بطون قريش قديما كتبتها على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة، فأرسل الله الارضة فأكلتها إلا مواضع اسم الله تعالى، وفي رواية: فأكلت اسم الله منها تنزيها لها أن تكون مع الذي فيها من الظلم والعدوان، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب وهم بالشعب، فخرج إليهم أبو طالب وقال لهم عما أخبرهم به، فقالوا: إن كان كما قال وإلا فسلموه إلينا، فقالوا: نعم، فأنزلوا الصحيفة فوجدوها كما أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء بسواء، فأقلعت بطون قريش عما كانوا عليه لبني هاشم وبني المطلب، وهدى الله بذلك خلقا كثيرا، وكم له مثلها كما تقدم بسطه وبيانه في مواضع من السيرة وغيرها ولله الحمد والمنة * وفي يوم بدر لما طلب من العباس عمه فداء ادعى أنه لا مال له، فقال له: فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل تحت أسكفة الباب، وقلت لها: إن قتلت فهو للصبية ؟ فقال: والله يا رسول الله إن هذا شئ لم يطلع عليه غيري وغير أم الفضل إلا الله عز وجل

White-dove
07-09-2009, 07:06 PM
شاب ابلغ من العمر 21سنة ادرس بالجامعة ، مصاب بالوسواس القهري منذ 6 سنوات ، بلا دين ، تركت الصلاة ، لكنني معجب جدا جدا بتعاليم الديانة الاسلامية و بشخصية النبى محمد ، تراودني افكار بأن النبى محمد (...) و فقط هو عبارة عن شخص طيب جدا جدا اراد الخير للناس فاخترع فكرة وجود الله و اخترع الديانة الاسلامية لمساعدة الناس على الخير ! و لكن هذا شيء ظني فقط و ليس يقيني !! فما رأيكم في هذا و شكرا

القلم الحر
07-09-2009, 09:57 PM
الاخ المحترم
لقد سميت نفسك "دراز " و هو اسم لعالم جليل ندين له بافضال ,
فهل قرات النبا العظيم ؟
اما الوسواس القهرى فمن قرينك من الجن و علاجه ان تتخذ لك وردا من كتاب الله : و تحديدا (( سورة الكافرون ))و هى اكثر سورة يعاديها مردة الجن , فكررها كثيرا تقهر قرينك , و هذا هو اعجازها

و لو اجتمعت الانس و الجن على ان ياتوا بمثلها لا ياتون بمثلها و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا

و عد الى الصلاة و تجاهل اى وساوس تعتريك فى اداءها


قال زين العابدين سلام الله على جده الحبيب محمد :
اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ نَزَغَـاتِ اْلشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَكَيْدِهِ وَمَكَائِدِهِ، وَمِنَ اْلثِّقَةِ بِأَمَـانِيِّهِ وَمَوَاعِيدِهِ وَغُرُورِهِ وَمَصَائِدِهِ، وَأَنْ يُطْمِعَ نَفْسَهُ فِي إضْلاَلِنَا عَنْ طَاعَتِكَ، وَامْتِهَانِنَا بِمَعْصِيَتِكَ؛ أَوْ أَنْ يَحْسُنَ عِنْدَنَا مَا حَسَّنَ لَنَا، أَوْ أَنْ يَثْقُلَ عَلَيْنَا مَا كَرَّهَ إلَيْنَا.

اللَّهُمَّ اخْسَأْهُ عَنَّا بِعِبَادَتِكَ، وَاكْبِتْهُ بِدُؤُوبِنَا فِي مَحَبَّتِكَ، وَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِتْراً لاَ يَهْتِكُهُ، وَرَدْماً مُصْمِتاً لا يَفْتُقُهُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِـهِ، وَاشْغَلْهُ عَنَّا بِبَعْضِ أَعْدَائِكَ، وَاعْصِمْنَا مِنْهُ بِحُسْنِ رِعَايَتِكَ، وَاكْفِنَا خَتْرَهُ، وَوَلِّنَا ظَهْرَهُ، وَاقْطَعْ عَنَّا إثْرَهُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَمْتِعْنَا مِنَ الْهُدَى بِمِثْلِ ضَلاَلَتِهِ، وَزَوِّدْنَا مِنَ التَّقْوَى ضِدَّ غِوَايَتِهِ، وَاسْلُكْ بِنَـا مِنَ التُّقى خِـلافَ سَبِيلِهِ مِنَ الـرَّدى.

اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ لَهُ فِي قُلُوبِنَا مَدْخَلاً، وَلاَ تُوطِنَنَّ لَهُ فِيمَا لَدَيْنَا مَنْزِلاً. اللَّهُمَّ وَمَا سَوَّلَ لَنَا مِنْ بَاطِلٍ فَعَرِّفْنَاهُ وَإذَا عَرَّفْتَنَاهُ فَقِنَاهُ؛ وَبَصِّرْنَا مَا نُكَايِدُهُ بِهِ، وَأَلْهِمْنَا مَا نُعِدُّهُ لَهُ؛ وَأَيْقِظْنَا عَنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ بِالرُّكُونِ إلَيْهِ، وَأَحْسِنْ بِتَوْفِيقِكَ عَوْنَنَا عَلَيْهِ.

اللَّهُمَّ وَأَشْرِبْ قُلُوبَنَـا إنْكَارَ عَمَلِهِ، وَالْـطُفْ لَنَا فِي نَقضِ حِيَلِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَوِّلْ سُلْطَانَهُ عَنَّا، وَاقْطَعْ رَجَاءَهُ مِنَّا، وادْرَأْهُ عَنِ الْوُلُوعِ بِنَا.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْ آباءَنَا وَاُمَّهَاتِنَا وَأَوْلاَدَنَا وَأَهَالِينَا وَذَوِي أَرْحَامِنَا وَقَرَابَاتِنَا وَجِيْرَانَنَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ مِنْهُ فِي حِـرْزٍ حَـارِزٍ، وَحِصْنٍ حَافِظٍ، وَكَهْفٍ مَانِعٍ؛ وَألْبِسْهُمْ مِنْهُ جُنَنَاً وَاقِيَةً، وَاعْطِهِمْ عَلَيْهِ أَسْلِحَةً مَاضِيَةً.

اللَّهُمَّ وَاعْمُمْ بِذَلِكَ مَنْ شَهِدَ لَكَ بِاْلرُّبُوبِيَّةِ، وَأَخْلَصَ لَكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَعَادَاهُ لَكَ بِحَقِيقَةِ الْعُبُودِيَّةِ، وَاسْتَظْهَرَ بِكَ عَلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْعُلُومِ الرَّبَّانِيَّةِ.

اللَّهُمَّ احْلُلْ مَا عَقَدَ، وَافْتُقْ مَا رَتَقَ، وَافْسَخْ مَا دَبَّرَ، وَثَبِّطْهُ إذَا عَزَمَ، وَانْقُضْ مَا أَبْرَمَ.

اللَّهُمَّ وَاهْزِمْ جُنْدَهُ وَأَبْطِلْ كَيْدَهُ، وَاهْدِمْ كَهْفَهُ، وَأَرْغِمْ أَنْفَهُ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي نَظْم أَعْدَائِهِ وَاعْزِلْنَا عَنْ عِدَادِ أَوْلِيَائِهِ، لا نُطِيعُ لَهُ إذَا اسْتَهْوَانَا، وَلا نَسْتَجِيبُ لَهُ إذَا دَعَانَا؛ نَأْمُرُ بِمُنَاوَاتِهِ مَنْ أَطَاعَ أَمْرَنَا، وَنَعِظُ عَنْ مُتَابَعَتِهِ مَنِ اتَّبَعَ زَجْرَنَا.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الـطَّاهِرِينَ، وَأَعِذْنَا وَأَهَـالِينَا وَإخْـوَانَنَا وَجَمِيـعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِمَّا اسْتَعَذْنَا مِنْهُ، وَأَجِرْنَا مِمَّا اسْتَجَرْنَا بِكَ مِنْ خَوْفِهِ؛ وَاسْمَعْ لَنَا مَا دَعَوْنَا بِهِ، وَاعْطِنَا مَا أَغْفَلْنَاهُ، وَاحْفَظْ لَنَا مَا نَسِيْنَاهُ، وَصَيِّرْنَا بِذَلِكَ فِي دَرَجَاتِ الصَّالِحِينَ وَمَـرَاتِبِ الْمُؤْمِنِينَ، آمينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

مؤمن
08-17-2009, 07:11 AM
بالتأكيد للرفع

الدرادو
08-17-2009, 06:56 PM
بحث قيم , يبدو أن الكثير من الوقت سينقضى فى تأمله...

مؤمن
08-19-2009, 12:07 PM
بحث قيم , يبدو أن الكثير من الوقت سينقضى فى تأمله...

اقرأ هداك الله:emrose:

القلم الحر
08-21-2009, 12:54 PM
نفثات مهموم
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=18682

WaLd MosLem
10-19-2009, 01:36 AM
..

ألــــف ألـــف شكر وجزاك الله خيرآآآ ..

..

القلم الحر
11-17-2009, 09:14 AM
لو كان القران من تاليف محمد (ص) لظهر فيه اسلوبه
و قد درس هذه القضية الدكتور ابراهيم عوض فى كتابه القيم " القران و الحديث – مقارنة اسلوبية " و من طالع الكتاب يقطع باستحالة ان يكون القران من تاليف محمد (ص)
و قد انتقيت منه نماذج لا تغنى عن مطالعة الكتاب و هو موجود فى هذا الموقع

http://www.al-maktabeh.com/a/
و التعبيرات النبوية الواردة فى دراسة الدكتور ابراهيم عوض هى روايات متضافرة عن النبى ص ليس لها ما يعارضها
و لا يكون ثمة وجه للتشكيك فى دلالتها بالقول باحتمال الرواية للحديث المحمدى بالمعنى ,

كما لا تواجهنا مشكلة احتمال ان يكون بعض الرواة جعل الرواية المرسلة او المنقطعة موصولة و ذلك لورود التعبير المحمدى من طرق عديدة متضافرة

كما انها روايات بعيدة عن احتمالات الوضع لاسباب الهوى المذهبى و السياسى


و المؤسف ان ظروفى لا تسمح لى بنقل كل ما اريد فليت الاخوة يتعاونون فى ذلك فانه استدلال بارع من الدكتور ابراهيم



نماذج :

1- النية
اثر عن النبى محمد ص احاديث كثيرة فى النية
-البخارى بدء الوحى /1
-مسلم / امارة /155
-النسائى /جهاد /23
-البخارى /اكراه /7
-النسائى جنائز /14 , الموطا /جنائز /36
-البخارى /صوم /6
-مسند احمد /5/183
-ابن ماجة /زهد /2
و للنية اهمية عظيمة فى الاسلام و قد افرد لها البعض دراسات مستقلة
و مع ذلك فان هذه الكلمة لا وجود لها فى القران و لا يوجد فيه شيئا من مادتها

2-الوضوء
مع اهمية الوضوء و ارتباطه بالصلاة عماد الدين لم يرد لفظه فى القران قط و لم يرد فيه شىء من مادتى " نقى " و " نظف " لكنهما وردا فى الحديث بكثرة و تواتر
-البخارى /مظالم /1و رقاق /48
-مسند احمد /6/96
-مسلم /طهارة /32 و الموطا /طهرة 31
- المسند /5/364
- المسند /2/351
- المسند /6/464
- الترمذى /ادب /41
- ابوداود /فتن /3
- الترمذى / ادب /41
- البخارى /وضوء/36
- البخارى /تهجد/12
- مسلم /توبة /45
- ابوداود /طهارة /15
- البخارى /وضوء /2
- المسند /4/226
- ابن ماجة /طهارة /115
- البخارى /تيمم /5,6
- البخارى /بيوع /5
- ابو داود /صلاة /9


3-فى الحج:
ان من ابرز ما يميز الحج عبارة التلبية و مع ذلك لا اثر لها فى القران و اى من مشتقاتها لكنها تكررت كثيرا فى الحديث المحمدى
-الموطا /حج/52
-الترمذى /حج14
-النسائى /مناسك /48
-الموطا /حج/28
و كذلك الاهلال بالحج لا اثر له فى القران
-مسلم /حج/28
-النسائى /مناسك /6
-مسلم /حج/127
-مسلم /حج /127
-المسند /2/240,272,513,540
و كذلك لم يرد فى القران من الفاظ الاحرام شىء مع تكرره فى الحديث المحمدى
-الترمذى /حج/102
-الموطا /حج /52
-ابو داود/مناسك /9
-ابن ماجة /مناسك /24
- البخارى /طب/13
و كذلك لفظ " الاضحية " و " التضحية "
و فى مجال الزواج لم ترد مثلا كلمة " محرم "فى القران مع تكرر ورودها فى السنة و استفاضتها و اشتهارها فى الاستعمال الاسلامى
-الترمذى /حدود/29
-البخارى / تقصير الصلاة /4
-البخارى /نكاح /111
-مسلم /سلام /19

4-شبهة
لم ترد تلك الكلمة لا مفردة و لا جمعا فى القران رغم اتصالها اوثق الاتصال بمسائل الحلال و الحرام مع تكررها فى الاحاديث المحمدية
- المسند /4/267,271
- الترمذى /قيامة /17
- ابوداود /ملاحم /14
- البخارى /ايمان /39
- الدارمى /مقدمة /23
- المسند/4/431
5-وطء
ورد الوطء و مشتقاته فى القران ست مرات و لم يستعمل فى اى منها بمعنى الجماع على حين ان ذلك معنى من المعانى التى استخدمته الاحاديث النبوية فيها
- ابو داود /نكاح/44
- الموطا /اقضية/24,25
- الدارمى /وضوء /86
- المسند /5/378
6- وجب
لم ترد وجب فى القران الا بمعنى" وقع , سقط "و ذلك فى قوله تعالى "فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَر" الحج :36
اى انها لم تات فيه بمعنى " لزم الشىء و اصبح فرضا لا بد من ادائه " و لا بمعنى " اصبح الشىء حقا لفلان لا بد من تاديته له "اللذين استعملت فيهما فى عدد من الاحاديث المحمدية
مثل :
- الموطا /طهارة /71,73,75
- ابوداود /حدود/6
- البخارى /بيوع /45
- الترمذى/دعوات /15
- المسند /4/144
- ابوداود/جهاد/40
- مسلم/امارة/116
- ابن ماجة /احكام/9

7- هم :
لم يرد الفعل " هم " فى القران الا عند الشروع فى ارتكاب خطا لا يتم مع ذلك
- المائدة /11
- يوسف/24
- ال عمران /122
- النساء /113
- غافر /5
- التوبة /13
- التوبة /74
اما فى الحديث فكثيرا ما يستعمل الفعل "هم " فى الصواب و الخير كما ان فعله قد يقع
- البخارى /تهجد/25
- النسائى /زكاة /61
- البخارى /لباس/9
- مسلم /ايمان/206
- المسند /2/424
- المسند /3/410
- البخارى /خصومات /5

8-عبدى/عبادى
استعمل القران مرارا كلمة "عباد "مضافة الى ياء المتكلم
-البقرة /186
-الحجر /42
-الزمر/17
-الزخرف/68
-الدخان/21
-الفجر/29
لكنه لم يستعمل قط مفردها مضافا الى ياء المتكلم بخلاف الحديث المحمدى الذى تواتر فيه ذلك
- المسند /2/444
- الموطأ/عين/5
- المسند/2/159,198
- النسائى /اذان/26
- النسائى/صلاة/9
- مسلم/صلاة/40
- البخارى /رقاق/6
- البخارى /توحيد/15
- مسلم/صلاة/38,40
- البخارى /توحيد/43
و اما عندما يتكلم الله عن فرد من عباده فى القران فانه اما ان يقول "عبده " متحدثا عن نفسه بضمير الغائب مثل
-الاسراء /1
-الكهف/1
-الزمر /36
-الحديد/9
و اما ان يستخدم "نا " الفاعلين مثل
-البقرة /23
-الانفال/41
-ص/41
-القمر/9
و لا يقول فى هذه الحالة ابدا :"عبدى " خلافا لما تواتر فى الحديث المحمدى

9- حدود
وردت هذه الكلمة فى القران اربع عشرة مرة مضافة فيها كلها الى " الله " و منها مرة اضيفت فيها الى ضميره
و هى فى ذلك كله تعنى " احكام الله " اى اوامره و نواهيه مثل :
- البقرة /187
-البقرة /230
-المجادلة /4
-الطلاق/1
- النساء/14
اما فى الحديث المحمدى فقد تواتر ورودها فى معنى لم ترد به فى اى موضع من القران و هو : العقوبة المحددة كحد الزنا و حد القذف و نحوه
- البخارى /حدود/42
- البخارى /حدود/42
- البخارى /حدود/9
- المسند/2/362
- الدارمى /حدود/21
- ابوداود/حدود/6, النسائى /سارق /5
- مسلم /حدود/8,9,27
- الترمذى /ديات/9
- المسند/6/181
و لم تضف كلمة حد فى الاحاديث النبوية الى لفظ الجلالة او ضمير يعود عليها على عكس ما فى القران

10-طعن :
وردت هذه الكلمة مرتين فى القران و كلتاهما فى الطعن المعنوى فى الدين
التوبة /12
النساء/46
اما فى الحديث المحمدى فقد تواتر استعمالها فى المعنى الاصلى اى الطعن المادى المعروف
ابن ماجة /طب/39
-ابوداود/اضاحى/16
-البخارى /لباس/75
-البخارى /بدء الخلق/11
-البخارى /جنائز/83
وكما يشير الدكتور ابراهيم عوض فقد كانت حياة المسلمين فى ذلك الوقت كلها طعن و طعان سواء فى ميادين الحروب اوفى الصيد و الذبائح و مع ذلك يخلو القران من استعمال هذه المادة فى معناها الحقيقى الذى وضعت له و لا يستعملها الا مجازا و مرتين فقط و فى الدين لا غير
11-"وصل – ارحام ":
لم يقرن القران مطلقا بين كلمة "وصل " و كلمة " رحم – ارحام " و ان كان قد قرن فى موضع واحد منه بين " قطع " و "ارحام " :
محمد/22
بينما نجد فى الحديث المحمدى ان كلمتى "وصل " و " رحم / ارحام " تردان معا بتواتر :
- الترمذى /بر/16
- البخارى /ادب/15
- المسند/4/230,231
- المسند/1/401,436
- البخارى /كفالة/4
- البخارى /زكاة/1
- الترمذى/زهد/48
- الترمذى/بر/49
- الموطأ/استئذان/9
- ابو داود/ادب/120
- المسند/6/159
- مسلم/مسافرين/294
- المسند/6/68,432
- البخارى /ادب/12
- ابن ماجة /زهد/23

12-الدماء – الاموال :
لم يقرن القران فى اى موضع بين المال و الدم , و لكنه قرن كثيرا بين الاموال و " البنين "
اما فى الحديث المحمدى فقد قرن بتواتر بين الاموال و الدماء :
-المسند /2/102, و 5/73,412
-مسلم / الايمان /37
- الترمذى/فتن/30
-البخارى /صلاة/28
-ابن ماجة /ديات/31
-البخارى /تفسيرسورة 3/2
-ابن ماجة/مناسك/76
-الدارمى/سير/40
-البخارى /ايمان/17

13-بغض – حب :
وردت " البغضاء " فى القران خمس مرات , اما مادة "حب " فقد وردت مشتقاتها كثيرا جدا , ومع هذا فلم يجمع بين هذين المعنيين فى القران قط
بينما فى الاحاديث تواتر الجمع بينهما :
-مسلم/بر/157, و الموطأ/شعر/15
-الترمذى/قيامة/60
-ابوداود /جهاد/104, و النسائى /زكاة /66
-الترمذى /مناقب /20, و النسائى / ايمان /19,20
-الترمذى /جنة /25, و النسائى /زكاة /75
-الترمذى /بر/60
- النسائى /ايمان /19
-البخارى /ايمان/1
-ابوداود /طلاق/19

و من الثنائيات التى وردت عن النبى محمد ص فى الاحاديث و لا وجود لها فى القران :
-اجر/وزر
البخارى /جهاد/48
المسند/3/483
مسلم/زكاة/69
النسائى/زكاة/64
-جد/هزل
المسند/1/410
الترمذى/طلاق/9
البخارى /دعوات/61
آجل /عاجل
-ابو داود / استسقاء /2
-الترمذى / زهد 18, و ابن ماجة /1/389
- البخارى / تهجد /25, و ابو داود /وتر /31, و النسائى /نكاح /27
-المسند /1/407
- المسند/6/134,147
- ابو داود/صلاة /135
ظهر /بطن :
جمع القران بين الفعلين " ظهر و بطن " و الصفتين " ظاهر و باطن " " ظاهرة و باطنة " لكنه لم يجمع البتة بين الاسمين " ظهر و بطن " بخلاف الاحاديث :
-الترمذى / فتن /78
- الترمذى /طهارة /25
- ابو داود/وتر /23
- -مسلم /زكاة /25 , و ابن ماجة /جهاد/14
- - الترمذى /بر /53, و جنة /3
صبر و احتسب
- النسائى /جنائز/23,و ابن ماجة /جنائز /55, و الدارمى /رقاق /76 ,و ابن حنبل /2/265, و 3/156, و 4/375
- المسند /5/166
- البخارى / جنائز /32 و ايمان /9 , ومسلم /جنائز /11,13 , و النسائى /جنائز 22
- المسند /5/155
- مسلم /امارة /117, و الترمذى /جهاد/32, و النسائى/جهاد/32
العهد و الميثاق
ذكرت الكلمتان معا فى القران فى مواضع :
- البقرة /27
- الرعد/20
- الرعد/25
لكنهما لم تعطف احداهما على الاخرى سواء اكانتا مفردتين ام مجموعتين
اما فى الاحاديث فترد معطوفتين :
- البخارى /اذان/129 , و توحيد/24 , و مسلم /ايمان /299 , و المسند/2/276
- البخارى /توحيد/24, و مسلم /ايمان /299 , و المسند/2/534
- البخارى /رقاق/52
- المسند/5/135
- البخارى /نفقات /3 , و اعتصام /5, و مغازى /14
- المسند /1/278

القلم الحر
11-21-2009, 10:36 AM
كثيرة هى اوجه اعجاز الكتاب العزيز , الا ان من اروعها ذاك الروح الالهى السارى فى هذا الكتاب



و لنتامل مثلا تعامل القرآن مع حالتين واقعيتين : حال النصر وحال الهزيمة

فمما جاء في بدر :" وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 123 إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ 124 بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ 125 وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ 126 لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ 127 لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ" ال عمران




و لا نجد هنا اى تعبير عن فرحة النصر التي هي شعور بشرى متوقع في مثل تلك الحالة



اما ما جاء في سورة الانفال:

"وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ 7 لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ 8 إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ 9 وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 10 إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ 11 إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ 12 ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 13 ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ 14 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ 15 وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ 16 فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 17 ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ 18 إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ"





و لا نجد هنا أيضاً اى نشوة للانتصار بل نجد تنبيها للمسلمين الا يشعروا بالزهو ) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ)



اما في حالة الهزيمة في احد فيقول القرآن :





"ولا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 139 إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 140 وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ 141 أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ 142 وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 143 وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ 144 وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ 145 وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ 146 وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 147 فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 148 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ 149 بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ 150 سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ 151 وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ 152 إِذْ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ ولا مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 153 ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ 154 إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 155 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأرض أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 156 وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ 157 وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ 158 فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159 إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ" ال عمران


و لا نجد في الآيات اى تعبير عن لوعة الهزيمة بل نجد فحسب صوتا يضمد الجراح في هدوء واثق خال من اى ملامح للضعف البشرى

و عميت عين لا ترى فى الايات الشريفة روحا الهيا ساريا و نداءا من العناية العليا
و انها لا تعمى الابصار ..

ATmaCA
11-21-2009, 12:10 PM
منكم نستفيد أخى الحبيب , ومضات رائعة منكم , بارك الله فيكم وزادكم يقينًا وثباتًا على هذا الدين .

وعندى تعليق بسيط على كلامك السابق , فعلى فرض ان محمد صلى الله عليه وسلم كان هو مؤلف القرآن فلماذا نجد هذا الحب لله تعالى والتعلق به لدرجة تكاد تمزق العيون والابصار من شدة وضوحها ؟ هل الكاذب المؤلف يتعلق بربه لهذه الدرجة ؟ درجة ان يضحى كل هذه التضحيات من اجل الله تعالى ؟ ثم ما هى المصلحة التى سيجنيها من هذا التعلق - على فرض انه مؤلف للقران الكريم - يعنى لو كان نسب الفعل لنفسه لقلنا يريد مصلحة شخصية مثل الزعامة مثلًا ومن وراء الزعامة تعلق بمال او امور دنيوية اخرى لاتخفى على احد , ولكننا لانجد ذلك على الاطلاق , نجد فقط محاربة للاصنام وللشرك وللاعمال الخبيثة , فلماذا ينطلق ويحارب هذه الافكار وقد قارب على الشيخوخة ؟ فربما لو كان يقاوم هذه الاعمال الخبيثة من صغره لقلنا هو مجرد تمرد على العادات والتقاليد , انما هو فعل ذلك وقد قارب على الشيخوخة او مر نصف عمره باكمله ..
والكاذب دائمًا يكون جبان , لذا فحتى التمرد على العادات والتقاليد لايجعل الانسان يضطر الى المشقات والعذاب من اجل مجرد تمرد .
اننا لو قلبنا السيرة كلها فلن نجد إلا ان هذا الرجل نبى صلى الله عليه وسلم , ولا يمكن ان يكون الا نبى مرسل من قبل الله تعالى خصوصًا ما اتى به من معجزات بعد سن الاربعين , فلو كان ساحر لقلنا هو ساحر يصنع السحر , ولكنه لم يصنع السحر ابدًا فى حياته .

والجميل انه جاء بما يوافق الفطرة , جاء بالذى يبحث عنه البشر , بداية من الله تعالى والوصف الفطرى له : ( ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ) الى الشريعة السماوية التى تكون كمال فى اى مجتمع يطبقها , وتحقق توازن بديع وتجمع بين الروحانيات والبحث العلمى والحياة بدون ادنى خوف على النفس او الاهل ان طبقت تطبيق سليم .

النرجس
11-21-2009, 04:56 PM
انا ارى في كل عصر و زمن رجل عظيم يمجده التاريـخ ..
فمثلا هناك مخترع وهناك مكتشف ويوجد في التاريخ مؤسسين ومؤرخين وفلاسفة ومفكرين
ومؤلفين كتب علمية ومخترعين آلات واجهزة من رآها في الوهلة الاولى يظن انها معجزة او خيال ..
على سبيل المثال ..اختراع اديسون للمصباح والتي مازالت البشرية تستفيد منه إلى الآن ..ويستحيل ان يقول احد ان بيته يخلو من المصباح بل اصبحنا لا نستغني عنـه .. هذا فقط مصباح !!
هناك الاف والاف الكتب بل الاف المجلدات في المكتبات والبيوت نستطيع ان نلجيء اليها وقت الحاجة للسؤال او معرفة .. بما فيها من شتى العلوم ..
ما تفسير ذلك ؟؟ وما الفرق

دمتم بخير

.
.

niels bohr
11-21-2009, 05:47 PM
الفرق أن أولئك المؤسسين والمؤرخين والفلاسفة والمفكرين إلخ كانت الامكانيات متاحة أمامهم للاختراع والابداع, ولأنهم فعلا عباقرة فقد استغلوا امكانياتهم ونجحوا وحققوا شهرة واسعة, لكنهم لم يأتوا بشئ خارج على قوانين الطبيعة مثلا.

القلم الحر
11-21-2009, 06:21 PM
بارك الله فيكم اخى اتماكا
و شكرا لمرورك الكريم
وثبتنى الله و اياكم على طريق النور نور ابى القاسم روحى فداه

اما الاخت او الاخ ازهار فالفرق ان محمدا(ص)نبى جاء بمعجزات لا تحصى فشخصه نفسه معجزة كما اوضح العبد الفقير فى صدر هذا الموضوع
و القران معجزة
و ايده الله بمعجزات حسية اوصلها بعض الاعلام الى الف معجزة كما فى انوار القجر لابن العربى ,
و كما يقول اليهودى ابن كمونة :
ان من لم يظهر عليه شىء من المعاجز اصلا يستحيل ان يجتمع الجمع العظيم على اسنادها اليه .

و ختاما ان نبوة ابى الزهراء يكاد زيتها يضىء و لو لم تمسسه نار

النرجس
11-21-2009, 07:54 PM
بارك الله فيكم اخى اتماكا
و شكرا لمرورك الكريم
وثبتنى الله و اياكم على طريق النور نور ابى القاسم روحى فداه

اما الاخت او الاخ ازهار فالفرق ان محمدا(ص)نبى جاء بمعجزات لا تحصى فشخصه نفسه معجزة كما اوضح العبد الفقير فى صدر هذا الموضوع
و القران معجزة
و ايده الله بمعجزات حسية اوصلها بعض الاعلام الى الف معجزة كما فى انوار القجر لابن العربى ,
و كما يقول اليهودى ابن كمونة :
ان من لم يظهر عليه شىء من المعاجز اصلا يستحيل ان يجتمع الجمع العظيم على اسنادها اليه .

و ختاما ان نبوة ابى الزهراء يكاد زيتها يضىء و لو لم تمسسه نار

..

يا أخي ليش انت وبعض الاخوان هنا ظالميني وشاكين اني أخ
انا لـ أول مرة اشارك في هذا المنتدى ولي مشاركات عدة في منتديات اخرى بنفس الاسم
للعلم لي خصلة ربما يظنها البعض سيئة وهي اني صادقة حتى الجرح ولو عن طريق المواجهة ما يدفع البعض احيانا في التفكير لقتلي :sm_smile:
لكن يبقى الصدق صفة اسمى من النفاق ..

وهنا في الرد لم اكن ضدكم بل اريد ان اتوصل الى شي يقنعني ويزيل شكوكي
ولست ادري ربما هدايتي من جديد بايديكم .. او ربما اظل على حالي الميؤوس لا اقتنع
بـ حق لستُ ادري

مودتي

niels bohr
11-21-2009, 08:38 PM
..

يا أخي ليش انت وبعض الاخوان هنا ظالميني وشاكين اني أخ
انا لـ أول مرة اشارك في هذا المنتدى ولي مشاركات عدة في منتديات اخرى بنفس الاسم
للعلم لي خصلة ربما يظنها البعض سيئة وهي اني صادقة حتى الجرح ولو عن طريق المواجهة ما يدفع البعض احيانا في التفكير لقتلي :sm_smile:
لكن يبقى الصدق صفة اسمى من النفاق ..

وهنا في الرد لم اكن ضدكم بل اريد ان اتوصل الى شي يقنعني ويزيل شكوكي
ولست ادري ربما هدايتي من جديد بايديكم .. او ربما اظل على حالي الميؤوس لا اقتنع
بـ حق لستُ ادري

مودتي
الأخ الرد الحر لم يشك فيك. أعتقد أنه بالفعل لم يكن يعلم إذا كنت أخا أو أختا.
على العموم مرحبا بك في المنتدى وأتمنى أن تظلي لتفيدي وتستفيدي.
سلام.:emrose:

اخت مسلمة
11-21-2009, 11:04 PM
انا ارى في كل عصر و زمن رجل عظيم يمجده التاريـخ ..
فمثلا هناك مخترع وهناك مكتشف ويوجد في التاريخ مؤسسين ومؤرخين وفلاسفة ومفكرين
ومؤلفين كتب علمية ومخترعين آلات واجهزة من رآها في الوهلة الاولى يظن انها معجزة او خيال ..
على سبيل المثال ..اختراع اديسون للمصباح والتي مازالت البشرية تستفيد منه إلى الآن ..ويستحيل ان يقول احد ان بيته يخلو من المصباح بل اصبحنا لا نستغني عنـه .. هذا فقط مصباح !!
هناك الاف والاف الكتب بل الاف المجلدات في المكتبات والبيوت نستطيع ان نلجيء اليها وقت الحاجة للسؤال او معرفة .. بما فيها من شتى العلوم ..
ما تفسير ذلك ؟؟ وما الفرق

هناك فرق بين أن يكون هناك شخصا مؤثرا , وأن يكون عظيما , فليس كل شخص ذو تأثير يكون عظيما يا أزهار ولكن كل عظيم بالتأكيد ذو تأثير , فحين نقارن بانصاف بين سيدنا محمد عليه وأي عظيم أو ذو تأثير عبر كل عصور البشرية ستجدين كل مايمكن أن يقال من صفات العظمة والكمال الديني والدنيوي والخلقي والاجتماعي وكل ماحوته العربية الفائقة من تعابير للكمال والتفوق في شخص سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وسيرة حياته , لايحسها الا من قرأ سيرته عليه الصلاة والسلام وتابع مشاهدا بحسه كل مامر به رسولنا الكريم من مصاعب وشدائد وملمات تظهر معدن الانسان بتجلي ووضوح لايظهر في الهدوء والراحة , لذلك لتصلي الى هذا التصور عن يقين وترغبين في ذلك صدقا عليك بقراءة سيرته العطرة , وان كنت شخصية سمعية اطلبي فقط ونضع لك الروابط التي يمكن ان تتعرفي من خلالها على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام , والله ان حبه في قلوبنا محفور لايزيله اي مؤثر عليه افضل الصلاة واتم التسليم , شوه الكثير من أعداء الدين في كل عصر وأوان عاطر سيرته بادخال الشبهات وتحريف الحقائق فبات بعض أهل الاسلام الذي عاش وبذل في سبيل ايصاله الينا غضا كما انزل عمره ووقته وصحته وهناء باله ورغيد عيشه عليه افضل الصلاة والسلام , فعودي اختاه الى سيرة الحبيب لتعلمي من كان محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام .


تحياتي للموحدين

القلم الحر
11-22-2009, 10:36 AM
الاخت المحترمة ازهار
ارجو المعذرة ففى النت رجال يسمون انفسهم تسمية كتسمية الانثى ,و يشعرون بحرج بالع عندما تناديهم باختاه! مثلا الاخ الفاضل ومضة الذى اشتقت اليه فعلا كنت احسبه اختا ثم نبين لى انه رجل فاضل و الرجال قليل

و على اى حال ما التانيث لاسم الشمس عيب , و لا التذكير فخر للهلال :ANSmile:


احب ان اضيف رابطا لكتاب الشفا للقاضى عياض لينهل منه كل محب لرسول الله (ص)

http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=m000832.pdf



و قد كان هذا االكتاب سميرى حتى رايت فى جمادى الماضى رسول الله روحى فداه فى منام و اخذت استسمحه فسامحنى,و ازاح برحمته المهداة هما ظل ناصبى


و الحمد لله القائل فى كتابه المعجز :" ان فى ذلك لايات و ان كنا لمبتلين "


و استودعكم الله جميعا

ATmaCA
11-22-2009, 08:09 PM
ماشاء الله و تبارك الله .
اللهم اجمعنى بحبيبى صلى الله عليه وسلم فى الجنة مع الاخ القلم الحر وجميع المخلصين لهذا الدين العظيم !
اللهم آمين آمين .

ahmedmuslimengineer
11-16-2010, 03:06 PM
للرفع

القلم الحر
11-17-2010, 02:34 PM
من طرق اليقين بعيدا عن الاعجاز :تدبر القران مع ملاحظة الايات التى تخاطب النبى و هى كثيرة بل اغلبه كذلك ثم تفكر هل يعقل ان تكون من تاليفه ؟
و لنستعرض بعض ايات القران لتتضح الحقيقة
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} [الإسراء:79].
وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ 205 إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (الاعراف)
"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ 1 قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا 2 نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا "
و هنا نتوجه الى من يقولون ان القران من تاليف محمد كيف و لماذا الف هذه الايات ؟؟
فمن يفترى على زعمكم – على الله,لماذا يفرض على نفسه قيام الليل عبادة لله , و التهجد طمعا فى مقام محمود عنده
و يفرض على نفسه الذكر الدائم لله ؟؟
بشىء من التامل فى ذلك يتضح سخافة و تهافت مزعمة تاليف النبى لهذا الكتاب العظيم

ثم ضم الى تاملك سورتى الشرح و الضحى مثلا و اسال عقلك هل يحكم بارتياح بتاليف محمد لهما ؟ام الحقيقة ان السورتين تسلية من الوحى للنبى ككثير من ايات القران و سوره كسورة يوسف و غيرها
اخيرا لا اخرا تدبر خاتمة سورة الانسان :
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا 24 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا 25 وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا 26 إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا 27 نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا )
هل يقبل ضميرك القول بتاليفه لهذه الايات , ام يعترف بالروح الالهى يسرى فى نداء من العناية العليا ؟


يقول سبحانه :
(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [ص: 86]
ان المتامل فى سيرة محمد يدرك أنه بقي على طريقته المرضية أول عمره إلى آخره والكاذب لا يمكنه ذلك وإليه الاشارة بقوله تعالى "وما أنا من المتكلفين"
و يكفى تامل عبادته لله , فقد ظل منذ نزلت سورة المزمل مجتهدا فى احياء الليل بالصلاة حتى تتورم قدماه الى اخر عمره ,و هو القائل لبعض زوجاته المتعجبة من اجتهاده بعد نزول قوله تعالى { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ...) : افلا اكون عبدا شكورا ؟
افهذه صفة كذاب ؟؟
و ورث عنه ذلك اهل بيته و ذريته و اصحابه , فكان مثلا من ذريته على بن الحسين الملقب بزين العابدين سمى ذو الثفنات حيث صار فى ركبتيه من كثرة الصلاة مثل ثفنات البعير

و قد تحمل في أداء الرسالة أنواع المتاعب والمشاق فلم يغيره ذلك عن المنهج الأول ولم يطمع في مال أحد ولا في جاهه بل صبر على تلك المشاق والمتاعب ولم يظهر في عزمه فتور ولا في اصطباره قصور ثم أنه لما قهر الأعداء وقويت شوكته ونفذت أوامره في الأموال والارواح لم يتغير عن منهجه الأول في الزهد في الدنيا والاقبال على الآخرة وكل من أنصف علم أن الكاذب وحاشاه من ذكر ذلك لا يكون كذلك فان الكاذب إنما يروج الكذب والباطل على الحق لكي يتمكن من الدنيا فاذا وجدها لم يملك نفسه عن الانتفاع بها لكيلا يكون ساعيا في تضييع مطلوبه بل تضييع مطلوبه بل تضييع دنياه وآخرته وذلك ما لا يفعله أحد من العقلاء
سيقول السفهاء كيف يكون الزهد مع تعدد الزوجات, و هو اشكال تافه من قوم اعمت اشعة نور محمد ابصارهم العليلة
و الجواب ان التعدد كان لاجل اغراض اجتماعية و لطلب الولد, و لا ينافى الزهد بل كان لا يطلب من الله الا الكفاف و مارس الجوع مع اهله ,حتى جاء فى القران قوله تعالى "وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ "
و تلك بيوت زوجاته قبل ان يغيرها بنو امية كانت ناطقة بزهده و تقشفه و الى يومنا تامل مساحتها و ضيقها
و فى الحديث المشهور عن على أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها وأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبى فانطلقت فلم تجده ولقيت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ثم قال ألا أعلمكما خيرا مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين وتسبحاه ثلاثا وثلاثين وتحمداه ثلاث وثلاثين فهو خير لكما من خادم

هذا هو محمد الذى يكذبه الظالمون و يتطاول عليه المجرمون

القلم الحر
11-26-2010, 12:54 AM
تحدثنا عن اعجاز الشخصية المحمدية و اعجاز القران و بشارات كتب اهل الكتب الواضحة و غيره و نشير هنا الى معجزاته (ص) الاخرى
و هى مشهورة شهرة معركة بدر و نحوه
-فمن المشهور الظاهر ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال لعمار: (( تقتلك الفئة الباغية )) ، وهذا جرى مخبَره بعد نحو من ثلاثين سنة على ما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا الحديث معلوم صحته ، لا إشكال فيه ولا لبس عند أهل النقل .
وذلك لما اشتهر من تفاوض أصحاب معاوية واضطرابهم في تأويله ، فمرة يقولون: أنحن قتلناه ؟! إنما قتله من جاء به -ومرة يقولون: نحن البغاة ، لأنا نبغي دم عثمان .او كما قال شاعرهم : نبغى ابن عفان باطراف الاسل

ومن الخبر المشهور ايضا ما كان من (( النبي صلى الله عليه وآله وسلم من إنذار عائشة رضى الله عنها ، وتعريفه إياها: أن كلاب الحوأب تنبحها في مسراها
واشتهرت القصة فيه ، حتى ذكر كلاب الحوأب أهل اللغة في كتبهم .
وقال الخليل في كتاب (( العين )): (( الحوأب موضع حيث نبحت الكلاب عائشة )) ، وقال ثعلب في كتاب (( الفصيح )): (( وهي كلاب الحوأب مهموز - يعني الحوأب ))
ومن ذلك (( نعيه النجاشي وهو صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة ، وصلاته عليه ، ثم ورد الخبر بموته في اليوم الذي كان نعاه ))ولشهرته جعل كثير من الفقهاء تكبيره صلى الله عليه وآله وسلم أصلا في الصلاة على الجنائز .

ومن ذلك حديث (( الشاة المسمومة ، التي قدمتها امرأة يهودية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بخيبر ، فلما أكل منها لقمة أو لقمتين ، وأكل منها مَن هناك من أصحابه ، قال: إنها تخبرني أنها مسمومة ، وقال لها: لم فعلت ذلك ؟ قالت: أردت إن كنت كاذبا أن يستريح الناس منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك )) . وهذه قصة
مشهورة حتى تكلم المتكلمون في كيفية خبر الشاة ، وأن ذلك يكون كلامها ، أو كلاما يخلقه الله تعالى فيها ، ومن يكون متكلما به .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال عند وفاته: (( ما زالت أكلة خيبر تعاودني ، فالآن قطع أبهري )) ، وكل ذلك يبين اشتهارته واستفاضته .
ومن ذلك حديث الاستسقاء ، وهو (( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شُكي إليه الجدب وهلاك المواشي ، لانقطاع الأمطار ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى السماء ، وجعل يدعو الله عز وجل وما في السماء سحابة ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده إلى نحره وصدره ، حتى ابتدأت السحائب ترتفع وتجتمع وأرخت عزاليها ، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولون: الغرق . الغرق . تهدمت البيوت .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: حوالينا ، ولا علينا . اللهم على الظهران والجبال ، وبطون الأودية . فانجاب السحاب عن المدينة ، وصار حولها كالإكليل ، ومطروا بعد ذلك مدة طويلة ، وقد اختلفوا في مقدار تلك المدة .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لله درُّ أبي طالب ، لو كان حياً لقرت عيناه . من ينشدنا قوله . فقام علي :radia: فقال: يا رسول الله . كأنك أردت:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

. . . إلى آخر الأبيات .
وهذه قصة مشهورة ، حتى صار قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( حوالينا ولا علينا )) . مثلاً يضرب لاشتهاره .

-ومن المشهور (( تعريفه صلى الله عليه وآله وسلم أويس القرني ، وأنه به برص ، دعا ل‍ه الله فبرىء منه ، إلا قدر الدرهم )) ، إلى غير ذلك من أحواله ، حتى ذكره عمر ، وسأل عنه وطلبه حتى ظفر به .


و هى اخبار نقلها الرواة مع اختلاف فرقهم و تضليل بعضهم بعضا فيبعد احتمال التواطؤ ,و مع ذلك فما سبق مشهور يلزم من يجحده ان ينكر كل ما اشتهر من سيرة المصطفى (ص) و هو الجنون بعينه

القلم الحر
11-26-2010, 11:21 PM
يقول الامام المؤيد بالله الهارونى فى كتابه النفيس "اثبات نبوة النبى (ص)" :
اختص صلى الله عليه وآله وسلم .. بالصبر في مواطن الجزع ، على وجه لم يسمع بمثله لغيره ، فقد جرى عليه في أول مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم ما لا يخفى على حامل أثر ، ولا ناقد خبر ، من الأذى ما يطول ذكره .
ثم جرى على عمه حمزة بن عبد المطلب رحمة الله عليه بمرأى منه ومسمع . وجرى عليه صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه يوم أحد من الكفار ما جرى . وجرى عليه من المنافقين قبل ذلك وبعده ، ما هو مشهور عند أهل الآثار . ومع ما كان يقاسيه من الضر والجوع ، ويقاسي معه أهل عنايته وهو في أثناء نكد الأحوال ، لم ينفد صبره ساعة من حياة ، ولم يظهر لأحد ضيق صدره ، ولا جزع لشيء من ذلك .
ثم كان صلى الله عليه وآله وسلم من الوفاء ، بحيث لم يَدَّعِ عليه عدو مكاشح ، ولا منابذ مكافح ، خلاف ذلك ، لظهور الأمر فيه ، ثم انضم إلى ذلك الزهد الخشن ، الذي لم يُرتَبْ فيه ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم ملك العرب ، وأقصى اليمن إلى أقصى الحجاز ، وإلى عمان ، ثم توفي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم ينقل أنه ترك عينا ولا وَرِقا .
ولا كان بنى دارا ، ولا شق نهرا ، ولا استبقى عينا .
واستأثر الله به ، وعليه دَين ، وكفن صلى الله عليه وآله وسلم في ثيابه التي كان يعبد الله فيها .
وحاله في ذلك أجمع ، كانت مشهورة عند أوليائه وأعدائه ، لم يختلف فيه اثنان ، ثم كان مع ذلك أشد الناس تواضعا . كان يأكل على الأرض ، ويجلس عليها ، ويلبس الخَلِق ، ويمشي في الأسواق ، كواحد من العامة ، ويجالس المساكين . وروي أنه كان يقول: (( إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبيد ، وأشرب كما يشرب العبيد ))
ثم كان مع ذلك أشجع الناس ، وأقواهم قلبا ، وأثبتهم وأشدهم جماحا ، ما فرَّ قط ، ولا خاف ، ولا كان منه ما اتفق للشجعان من حَولِه ، أو قوته .
ويوم حنين لما ولَّى أصحابه مدبرين ، ثبت هو الثبات الحسن في نفر من عترته ، حتى رجع إليه أصحابه ، وأظفره الله على أعدائه . ويوم أحد لما شاع في أصحابه القتل الذريع ، وجرى على حمزة ما جرى ، ثبت أحسن الثبات ، ولم يولِّ القوم دبره ، ولم يقف موقفا - مع قلة تجلد أصحابه وكثرة أعدائه - إلا ثبت ، ولم يعرض ل‍ه فيه اضطراب ولا عجز ، ثم انضاف إلى ذلك كرمُ عفوه ، وعظيم صفحه ، مع كثرة الأعداء عليه .
فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقف من أحد ، ولا وقف مع أحد موقف المغتاظ الحنق ، بل كان يعفو ويصفح ، ثم لا يتبع ذلك منَّاً ولا أذى ، ولا يفسده بتنغيص أو تكدير ، وأظهره الله بأبي سفيان بعد تمثيله بعمه حمزة عليه السلام ، وبذله الوسع في معاداته ، فلم يَلْقَه إلا بأحسن صفح ، وأكرم عفو ، وتجاوز عنه أحسن التجاوز ، ولما أظهر الاسلام أكرمه بقوله: (( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ))
ولم يشف غيظه من أحد من أهل مكة ، مع ما كان منهم صلى الله عليه وعلى آله ، وإلى أصحابه من الأسباب القبيحة ، وطلبهم دمه ودماء أصحابه ، وتسفههم عليه وعليهم ، ولم يكافئ أحدا منهم على سوء صنيعه ، وقبيح فعاله . ولم يعاتب أحداً منهم على ما كان منه ، ولم يواقفه عليه ، وقال لما قام فيهم خطيبا: (( أقول كما قال أخي يوسف صلى الله عليه: لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم )) .
ثم انضاف إلى ذلك حسن العشرة ، مع القريب والبعيد ، والولي والعدو . وخفض الجناح ، ولين الجانب ، وبُعده عن الغلظة والفظاظة ، كما قال الله عز وجل: { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران: 159] .
فتأمل - رحمك الله - هذه الخلال التي خصَّه الله بها ، وأبانه بفضائلها دون الناس كافة ، فنبَّه ذلك على أنه صلى الله عليه وعلى آله مراد لأمر جسيم ، وخطر عظيم ، كما قال الله عز وجل: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم] ، وقال: { اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [الأنعام: 124] .
ومن ذلك ما اشتهر وعرف من أحواله صلى الله عليه وعلى آله ، أنه لم يكن في مولده ومنشأه وخروجه إلى ناحية الشام - حين خرج - يخالط أهل الكتاب ، ولا يشتغل بمدارستهم ومجالستهم ومجاراتهم .
وأن قومه الذين كان نشوؤه معهم ، وبين أظهرهم ، لم يكونوا يتعاطون شيئا من علوم أهل الكتاب ، بل لم يكونوا يعرفون شيئا منه ، فهو صلى الله عليه وعلى آله لم يفارق قومه في مقامه ولا ظَعَنه ، ولا شيء من أحواله .
ثم إنه صلى الله عليه وآله أتى بالأقاصيص التي كانت في كتبهم ، من قصة إبليس مع آدم صلى الله عليه ، وسائر أقاصيص آدم ومَن بعده إلى قصة المسيح صلى الله عليه ، وسردها وتلاها على ما في كتبهم ، ولم ينكر أهل الكتاب إلا يسيرا .
فكيف يجوز أن يكون عرف تلك إلا من جهة علام الغيوب ؟‍‍
وكيف يرتاب في ذلك مَن علم مِن حاله أنه لم يكن يشتغل بعلوم أهل الكتاب ؟كما يعلم أنه لم يكن يشتغل بعلوم التنجيم والهندسة والفلسفة

القلم الحر
11-29-2010, 03:39 AM
"وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ "
هذه الايةالشريفة من روائع اساليب القران الذى لا تنقضى عجائبه فى الهداية و الاقناع ,فقد تقرر عقلا ان البارى لا يمكن ان يترك البشر بلا ارشاد وهداية اى ان من يثبت البارى يجب ان يثبت النبوات ,لان البشر فى حاجة الى التكليف , و لا يتاتى معرفته الا برسل من الله فتقتضى حكمة البارى بعثتهم و هو ما تثبته الاية ان من لوازم الالوهية وخصائص الربوبية أن ينزل الوحى والكتاب لغرض هداية الناس إلى مستقيم الصراط
ثم تسوق الاية برهانا على وجود الانبياء فى الامم المختلفة وهو كما يقول بعض اهل العلم : أنكم علمتم ما لم يكن في وسعكم أن تعلموه أنتم من عند أنفسكم بالاكتساب ولا في وسع آبائكم أن يعلموه فيورثوكم علمه وذلك كالمعارف الالهية والاخلاق الفاضلة والشرائع والقوانين الناظمة للاجتماع والمعدلة له أحسن نظم وتعديل الحاسمة لاعراق الاختلافات البشرية الاجتماعية فإنها وخاصة المواد التشريعية من بينها ليست مما ينال بالا كتساب، والتى تنال منها من طريق الاكتساب العقلي كالمعارف الكلية الالهية من التوحيد والنبوة والمعاد والاخلاق الفاضلة في الجملة لا يكفى مجرد ذلك في استقرارها في المجتمع الانساني، فمجرد العلم بشئ غير دخوله في مرحلة العمل واستقراره في المستوى العام الاجتماعي، فحب التمتع من لذائذ المادة وغريزة استخدام كل شئ في طريق التوصل إلى الاستعلاء على مشتهيات النفس والتسلط التام على ما تدعو إليه أهواؤها لا يدع مجالا للانسان يبحث فيه عن كنوز المعارف والحقائق المدفونة في فطرته ثم يبنى ويدوم عليها وفي مسيرحياته وخاصة إذا استولت هذه المادية على المجتمع واستقرت في المستوى فإنها تكون لهم ظرفا يحصرهم في التمتعات المادية لا ينفذ في شئ من أقطاره شئ من الفضائل الانسانية ولا يزال ينسى فيه ما بقى من إثاره الفضائل المعنوية الموروثة واحدا بعد واحد حتى يعود مجتمعهم مجتمعا حيوانيا ساذجا كما نشاهده في الظروف الراقية اليوم أنهم توغلوا في المادية واستسلموا للتمتعات الحسية فشغلهم ذلك في أوقاتهم بثوانيها وصرفهم عن الاخرة إلى الدنيا صرفا سلبهم الاشتغال

ولم يضبط التاريخ فيما ضبطه من أخبار الامم والملل رجلا من رجال السياسة والحكومة كان يدعو إلى فضائل الاخلاق الانسانية والمعارف الطاهرة الالهية وطريق التقوى والعبودية بل أقصى ما كانت تدعو إليه الحكومات الفردية الاستبدادية - هو أن يتمهد الامر لبقاء سلطتها واستقامة الامر لها، وغاية ما كانت تدعو إليه الحكومات الاجتماعية - الديمقراطية وما يشابهها - أن ينظم أمر المجتمع على حسب ما يقترحه هوى أكثرية الافراد أيا ما اقترحه فضيلة أو رذيلة وافق السعادة الحقيقية العقلية أو خالفها غير أنهم إذا خالفوا شيئا من الفضائل المعنوية والكمالات والمقاصد العالية الانسانية التى بقيت أسماؤها عندهم وألجاتهم الفطرة إلى إعظامها والاحترام لها كالعدل والعفة والصدق وحب الخير ونصح النوع الانساني والرأفة بالضعيف وغير ذلك فسروها بما يوافق جارى عملهم والدائر من سنتهم كما هو نصب أعيننا اليوم.
وبالجملة فالعقل الاجتماعي والشعور المادى الحاكم في المجتمعات ليس مما يوصل الانسان إلى هذه المعارف الالهية والفضائل المعنوية التى لا تزال المجتمعات الانسانية على تنوعها وتطورها تتضمن أسماء كثيرة منها واحترام معانيها وأين الاخلاد إلى الارض من الترفع عن المادة والماديات.
فليست إلا آثارا وبقايا من الدعوة الدينية المنتهية إلى نهضات الانبياء ومجاهداتهم في نشر كلمة الحق وبث دين التوحيد وهداية النوع الانساني إلى سعادته الحقيقية في حياته الدنيوية والاخروية جميعا فهى منتهية إلى تعليم إلهى من طريق الوحى وإنزال الكتب السماوية.

القلم الحر
11-29-2010, 07:06 PM
ان القران معجزة لمن تدبره ,تلك حقيقة يدركها من تعمق فى هذا الكتاب الالهى فهو لا تنقضى عجائبه ,بلى قشيب الدهرو اعجازه جديد, و هرم شباب الزمان و رونقه الى مزيد
و لنعطى مثالا
هناك من ينكر وقوع النسخ فى القران و تراهم يستدلون عليه بقوله تعالى "لا تبديل لكلمات الله "
و ليس هنا محل بحث المسالة لكن نلفت الانتباه الى تدبرهم القاصر بما يكشف عن عجائب اسرار هذا الكتاب
اننا اذا تتبعنا الايات التى ورد فيها هذه الجملة نجد انها جميعا تتعلق بعدم تبديل وعد الله
"لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" يونس -64
هنا نجد الوعد واضحا
"وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ" الانعام -34

هنا الوعد بالنصر

و فى السورة ايضا "أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ 114 وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 115
ان كلمات الله هنا هى وعده اهل الكتاب بانزال القران فالتّمام يطلق على حصول المنتظر وتحقّقه، يقال: تَم ما أخبر به فلان، ويقال: أتم وعده، أي حقّقه، ومنه قوله تعالى:
{ وتمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا"

و يشبهه قوله تعالى :
( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ( 107 ) ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا(الاسراء )


و يقول سبحانه :" وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا " الكهف -27
والمعنى.انه لما وعدهم الجواب عن الروح وعن أهل الكهف وأبرَّ اللّهُ وعدَه إياهم قطعاً لمعذرتهم ببيان إحدى المسألتين ذيل ذلك بأن أمر نبيئه أن يقرأ القرآن كما أنزل عليه وأنه لا مبدِّل لكلمات الله،

تبين مما سبق ان المراد هو عدم تبدل وعد الله
و تلك الطريقة فى التدبر هى ما اشار اليه قوله تعالى : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"
يسمى الشئ مثاني إذا كانت له مطاوي ومحاني ومعاطف ومنعَرَجات .

تقول : ثنى الشيء ثَنْياً : أي ردَّ بعضه على بعض وقد تثنى وانثنى . وأثناؤه ومثانيه : قواه وطاقاته وأثناء واحدها ثني ومثناة ومثناة عن ثعلب .ومثاني الوادي ومحانيه : معاطفه . والثِّني : واحد أثناء الشيء أي تضاعيفه تقول : أنفذت كذا ثِنْيَ كتابي أي في طيه .

وثِنْي الناقة ولدها وكذلك المرأة . أقول سمي ولد الناقة او ولد المرأة ثني ، لانه كان في أحنائهما وطياتهما .

وفي ضوء ذلك يتضح ان وصف الكتاب بالمثاني معناه ان آياته لها ارتباط بعضها ببعض كارتباط المحاني ومعاطفها ومنعرجاتها بعضها ببعض ، وكارتباط محاني الوادي ومنعطفاته ومنعرجاته بعضها ببعض .

ولم يترك القرآن قارئه حيران لا يهتدي الى هذه المنعرجات والمحاني والبطون بل هداه إليها بواسطة ألفاظ الآية أو مترادفاتها غالبا وأحيانا بواسطة عبارة أو جملة منها
ثم تبين الايات الشريفة ان القران له خاصية اقشعرار جلد قارئه االمؤمن ثم اطمئنانه بذكره و هو امر مشاهد مجرب و هو هدى الله يهدى اليه من طابت سريرته اما الظالمون فلا يزيدهم الا خسارا

القلم الحر
12-05-2010, 11:36 AM
"ُ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " [ سورة البقرة الآية :146]

تناولت فى المشاركة الاولى مسالة بشارات كتب اهل الكتاب بمحمد (ص) و اوردت نصا صريحا من سفر حجى
و نسهب هنا فى المسالة
تعتبر ابرز البشارات ما ورد فى كتاب دانيال
و هذا نصها :

دانيال2: الإصحاح الثاني من كتاب دانيال بتمامه
"وفي السنة الثانية من ملك نبوخذنصر (1) حلم نبوخذنصر أحلاماً فانزعجت روحه وطار عنه نومه، فأمر الملك بأن يُستدعى المجوس والسحرة والعرافون والكلدانيون ليخبروا الملك بأحلامه فأتوا ووقفوا أمام الملك... إن لم تنبئوني بالحلم وبتعبيره تُصيَّرون إرباً إرباً... أجاب الكلدانيون قدّام الملك وقالوا ليس على الأرض إنسان يستطيع أن يبين أمر الملك... لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جداً وأمر بإبادة كل حكماء بابل فخرج الأمر وكان الحكماء يُقتلون فطلبوا دانيال (2) وأصحابه ليقتلوهم... حينئذ لدانيال كُشف السر في رؤيا الليل... أجاب دانيال قدّام الملك وقال السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون على أن يبينوه للملك لكن يوجد إله في السماوات كاشف الأسرار وقد عَرَّف الملك نبوخذنصر ما يكون في الأيام الأخيرة... أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهيّ جداً وقف قُبالتك ومنظره هائل رأس هذا التمثال من ذهب جيّد، صدره وذراعاه من فضة، بطنه وفخذاه من نحاس، ساقاه من حديد، قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف، كنت تنظر إلى أن قُطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما فانسحق حينئذٍ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها. هذا هو الحلم فنخبر بتعبيره قدّام ( أي أمام) الملك.
أنت أيها الملك ملك الملوك لأن إله السماوات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً. وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلّطك عليها جميعاً. فأنت هذا الرأس من ذهب. وبعدك تقوم مملكة أُخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أُخرى من نحاس فتتسلّط على كل الأرض. وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء. وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف الفخّار والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين. وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قَصِماً. وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف. وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً، وُملكها لا يُترك لشعب آخر، وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد. لأنك رأيت أنه قد قُطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. الله العظيم قد عرّف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين.
حينئذ خرّ نبوخذنصر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بأن يقدموا له تقدمة وروائح سرور. فأجاب الملك دانيال وقال حقاً إن إلهكم إله الآلهة ورب الملوك وكاشف الأسرار إذ استطعت على كشف هذا السر. حينئذ عظّم الملك دانيال وأعطاه عطايا كثيرة عظيمة وسلطة على كل ولاية بابل وجعله رئيس الشَّحِن على جميع حكماء بابل .."
حين رأى ملك بابل نبوخذنصر بالمنام رؤيا، قتل عليها حكماء بابل عند عجزهم عن سردها ثم تفسيرها.. وقد طلب منهم سرد الرؤيا وتفسيرها.. ويتضرع دانيال لإله السماوات عز وجل أن يكشف له الرؤيا وتفسيرها فقد باتت حياته وإخوانه من المؤمنين في خطر.. ويرحمهم الله فيوحي لدانيال بالرؤيا وتفسيرها، فيحكي دانيال للملك رؤياه ويفسرها، فتُنقذ حياتهم، ويمكّن لهم في ارض بابل من بعدها..
وتتلخص الرؤيا في أن الملك رأى في منامه تمثالاً كبيراً، صُنع رأسه من ذهب، وصدره وذراعاه من فضة، وبطنه وفخذاه من نحاس، وساقاه من حديد.. واختلط الحديد بالخزف في قدميه.. ثم رأى حجراً قُطع بغير يدين ( أي لم تصنعه يدي إنسان)، فضرب به التمثال على طبقة قدميه.. فسحقها واستحال التمثال كله هباء تذروه الرياح.. واستقرّ الحجر مكانه، فنما حتى صار جبلاً كبيراً، وملأ الأرض كلها.. وفسّر دانيال للملك الرؤيا بأنه ستحكم الأرض أربع ممالك منذ عصره، الذي مثّل له بطبقة الرأس الذهبية، ثم ستلي مملكته ثلاث ممالك أخرى، كل واحدة منها مثلت في التمثال بطبقة من معدن خاص، وتتسلط المملكة الثالثة ( والتي مثلت بطبقة النحاس) على كل الأرض، ولكن المملكة الرابعة هي الأقوى، وستحكم شعوباً كثيرة غير متجانسة كما لا يتجانس الحديد والخزف اللذان مثلت بهما، ويلاحظ أن الخزف لم يظهر بالتمثال إلا في قدميه ولعل في ذلك إشارة لتمثيله للشعوب المحكومة والمستضعفة ضمن المملكة (الحديدية) الرابعة، وفي أيام المملكة الرابعة يقيم إله السماوات مملكته التي ستقضي على المملكة الرابعة ولن تنقرض، بل ستثبت إلى الأبد..
ويتفق هنا سجل التاريخ مع تفسير أهل الكتاب في أن الممالك الأربع هي مملكة الكلدانيين أو البابليين (المملكة الأولى) التي كان نبوخذنصر نفسه أحد حكامها، والتي غلب عليها سايروس الفارسي عام 539 قبل الميلاد حين أنشأ المملكة الفارسية ( المملكة الثانية)، ثم أتى الإغريق (المملكة الثالثة) حين نزعوا الأرض من الفرس عام 331 قبل الميلاد، وظلّوا بها حتى انتزعها منهم الرومان عام 63 قبل الميلاد.. وكانت مملكة الرومان بذلك هي المملكة الأخيرة ( الرابعة) التي ينبغي أن تأتي بعدها مملكة الله.. وكل هذه الممالك الأربع ( البابليون ثم الفرس ثم الإغريق ثم الرومان ) استولت على الأرض المباركة بفلسطين وحَكَمتها.. ويجدر هنا الإشارة إلى أن لفظ الأرض قد استخدم هنا ليعني أساساً الأرض المباركة ( فلسطين) وما حولها ممّا وُعد أبناء إبراهيم بحكمه ووراثته حتى قيام الساعة كما يفهم من التوراة .. ويؤيد كتاب دانيال نفسه في مواضيع عدة في إصحاحاته الأخرى تفسير الممالك الأربع بالممالك المذكورة أعلاه.. فالأولى فسرتها الرؤيا نفسها أنها دولة الكلدانيين التي منها صاحب الرؤيا ( نبوخذنصر الملك)، والثانية وهي الإمبراطورية المادّية والفارسية، وقد اعتبرتا دولة واحدة كما في الإصحاح الخامس من كتاب دانيال 28:5 حين صورتا بكبش واحد ذو قرنين أحدهما للمادية والآخر للفارسية، فهما دولتان من شعب واحد، ولا خلاف في أن المملكة الثالثة هي دولة الإغريق فقد صورت في الإصحاح السابع كما سيأتي معنا بنمر له أربعة أجنحة يرمز كل جناح منها إلى أحد أجزاء الإمبراطورية بعد انقسامها، كما صورت في الإصحاح الثامن بعنزة لها قرن بارز من بين عينيها يمثل ملكها الأول ( الإسكندر) يبرز بعد انكساره أربعة قرون جديدة تمثل الأجزاء التي انقسمت إليها الإمبراطورية الإغريقية حيث تم التصريح باسمها في الإصحاح الثامن.. فاتضح بذلك بشكل تام أن الإمبراطورية الأخيرة ( أي الرابعة) والسابقة لمملكة الله هي إمبراطورية الرومان التي خلفت الإغريق مباشرة في حكم الأرض المباركة حين استولت عليها منهم عام 63ق.م.. ولعل تمثيل دولة الرومان بالخصر والرجلين يُشير إلى إنقسام الدولة لاحقا إلى شرقية وغربية كما يرى بعض الباحثون.. وفي هذا دلالة على أن نهاية دولة الرومان المعتبرة هنا هي بخروجها من الأرض المباركة عام 638- 640 م.. وليس بسقوط الجزء الغربي منها عام 476م.. إذ أن الجزء الشرقي ( وهو الجزء الحاكم للأرض المباركة) ظل ممثلا بالصنم بصورة مستقلة..
إن هنالك إتفاقاً بين الباحثين على اعتبار سنة الإنتقال بين المملكة الثالثة ( اليونانية) والرابعة (الرومية) هو عام 63 ق م، وهو عام دخول الروم إلى أرض سوريا وفلسطين وإسقاطهم لحكم السلوقيين اليونان الحاكمين قبلها للأرض المباركة.. مع أن دولة اليونان بأرض اليونان كانت قد سقطت تحت الحكم الروماني قبل ذلك بأكثر من قرن.. لكنّ ذلك لم يكن له اعتبار لبقاء الحكم بأرض فلسطين تحت حكم دولة منبثقة عن إمبراطورية اليونانيين.. ومثل هذا عودة دولة الفرس إلى الوجود بعد سقوطها الأول تحت الإسكندر المقدوني، لم يعني شيئا بهذه النبوة لإنتهاء دورها في حكم الأرض المباركة منذ عام 331 ق م.. الذي كان هو عام انتزاع اليونان للأرض المباركة من إيدي الفارسيين..
ومن هنا، فمنذ عصر قسطنطين انتقلت عاصمة دولة الروم إلى مدينة القسطنطينية ( استانبول).. وظلت تبعية الأرض المباركة للإمبراطور الحاكم بالقسطنطينية.. ولا يعني شيئاً لنبوتنا انفصال الجزء الغربي عن العاصمة أو سقوطه بعد ذلك.. إذ ظلت الأرض المباركة تحت حكم القسطنطينية.. ومع أنّ المسلمين هم مَن أسقط القسطنطينية إلا أنّ التاريخ لإنتهاء الحكم الروماني ( المملكة الرابعة) بهذه النبوة يجب أن يكون عام 638 م الذي هو عام خروج الرمان من حكم الأرض المباركة.. وليس عام 1453 م الذي كان عام استيلاء المسلمين على القسنطينية وإنهاء الإمبراطورية الرومانية.. وإن كان ذلك لا يؤثر على الإستنتاج بأنّ مملكة الله المنتظرة هي دولة الإسلام..
قد يتسآءل البعض فما عبرة الإشارة إلى الجزء الغربي من دولة الرومان بإحدى الرجلين.. والواقع هو إن إنفصال الدولة الرومانية لم يكن ثابتا.. فقد توحدت في عدد من المرات بعد إن كانت أصلا موحدة.. ومن هنا تمّ ذكر الدولة الميدية مع الفارسية.. مع أن الذي أسقط البابلييين هم الفرس.. لكن إنضمام الدولة الميدية بعد ذلك إلى الفارسية، وتوحيدهما في دولة واحدة يُعطي إنطباعا بمشاركة غير مباشرة للميديين في حكم الأرض المباركة.. ومثل هذا كان دور الجزء الغربي الروماني بعد إنفصاله.. ومع هذا فلا يعني بالضرورة تمثيل دولة الرومان بهذه الطبقة الأخيرة من جسد التمثال انها ترمز إلى جزئي الإمبراطورة.. فالتسلسل الزمني هو السبب في ترك المنطقة السفلى من الجسد لتمثل المملكة الرابعة والأخيرة قبل ظهور مملكة الله..
والسؤال هنا بعد كل هذا هو مَن حَكَم الأرض المباركة من بعد الرومان ؟ وهل كان يستحق لقب مملكة الله؟ فإن الرجاء ألاّ تكون دولته دولة وثنية أخرى كالأربع الممالك قبلها، فعندها تبطل النبوة التي تبشر بمملكة تشريعها من عند الله تأتي بعد المملكة الرابعة ( الروم) ؟
والإجابة ساطعة باهرة… مَن غير دولة الإسلام ورث الأرض المباركة وحكمها من بعد الرومان ؟ ومَن غير دولة الإسلام أنهى إمبراطورية الرومان وقضى عـليها حتى أصبحت عاصمتها الـوحيدة ( القسطنطينية) حينها عاصمةً لدولة الإسلام ؟
…ومَن غير دولة الإسلام دولةً قامت على رسالة سماوية ودعوة للإيمان بالله والاحتكام إلى شرعه؟ من غير دولة الإسلام دولة جاءت بهدى الله الخاتم وبدينه الأخير الباقي إلى يوم القيامة ؟ .. ولو أن دولة الإسلام لم تحمل رسالة من السماء لجاز لليهود والنصارى أن يبحثوا عن تأويل آخر للبشارة ! أمّا وقد جاءت دولة الإسلام برسالة سماوية عالمية، لا تحكم باسم قومية ولا جنس بل بدين منفتح للجميع يستوي فيه العربي والأعجمي فإنها بلا شكّ هي مملكة الله التي بشر بها المرسلون..
وبمجيء دولة الإسلام أسلم سكان الأرض المباركة ومازالوا إلى اليوم.. وسيعمرونها إلى الأبد رغم عودة اليهود إلى أجزاء منها.. فعودة اليهود هذه هي عودة جزئية ومؤقتة كعودة الصليبيين إليها من قبل.. وسيظل المسلمون – وما زالوا - يعمرون بيت المقدس وما حوله حتى قيام الساعة..
ولنا أن نتأمل أنّ الدول الإسلامية المتعاقبة على الأرض المباركة لا تُعدُّ إلاّ دولة وإمبراطورية واحدة ذات خلفية واحدة، وإن تعددت شخصيات حكامّها أو مواطنهم الأصلية.. تماماَ كما اعتبرت البشارة السابقة ( وما ارتبط بها من بشارات أخرى) دولتي الفرس والماديين دولة واحدة لخلفيتهما العرقية المشتركة..
ويبقى أن نتساءل كيف وجد اللذين أصروا على الكفر من أهل الكتاب مخرجاً لهم لصرف هذه البشارة عن وجهتها الصحيحة.. لقد اتفق أكثرهم كارهين على التفسير المذكور أعلاه للمالك الأربع، بما فيه أنّ المملكة الرابعة هي مملكة الرومان.. واتفقوا على أنها قد زالت.. وأن المملكة التي ستزيلها هي مملكة الله.. ولمّا كان يلزمهم - على هذا الأساس - الإقرار بأنّ دولة الإسلام التي تلتها والتي أزالتها من الأرض المباركة ( بل ومن الوجود) هي بلا شكّ مملكة الله، فقد زعموا أنه سيكون لدولة الرومان نهوض جديد في آخر الزمان، وذلك لكي تصدق البشارة في أن المملكة التي ستسبق مملكة الله هي مملكة الروم ( الرابعة من زمن البشارة)! ولم ينتبه هؤلاء المتعصبون بذلك أنهم قد نقضوا البشارة حين لم يسلموا لدولة الإسلام، فإن مملكة الله لم تعد بذلك هي المملكة الخامسة من عصر دانيال ؟ ولم يعد لإيراد تسلسل الممالك الأربع المتتالية من بعد دانيال أي معنى إذا تم السكوت بعد بذلك على ما يزيد عن ألف عام من بعد خروج الروم من الأرض المباركة؟؟ وتواصوا به يخدعون أنفسهم بأنهم يؤمنون بالكتاب، إذ يؤمنون بما كتب دانيال أن مملكة الله هي فعلاً التي ستزيل دولة الرومان، ولكنها على زعمهم دولة الرومان القادمة في المستقبل!!.. وصرف القوم بذلك أنفسهم عن الإيمان بآية من آيات الله البينة... وتمّ لهم في الواقع تمييع البشارة وتعطيلها من كل معنى وهدف كان وراء إيرادها...
ولا يسع المرء المسلم إلاّ أن يعجب غاية العجب كيف عطّل هؤلاء هذه البشارة ؟ وكيف تكلفوا هذا الافتراض بقيام دولة للروم بعد أن زالت وأخرجت من حكم الأرض المباركة منذ ما يقرب من ألف وأربعمائة عام.. إنه العمى عن آيات الله الذي اختاره الكفار لأنفسهم.." فإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم، فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون.." الطور 45-46.

تباشير الانجيل و التوراة بالاسلام و رسوله محمد /نصر الله ابو طالب

فتاة الأسلام
12-05-2010, 03:22 PM
هل أجد هذا الكلام في كتاب واحد ,وما اسمه اريد أن اقرأه من الكتاب لو سمحت
بارك الله فيك

القلم الحر
12-05-2010, 05:15 PM
لا اعرف كتابا يتضمن كل ما فى الموضوع ,و انما هو من كل بستان زهرة و من كل غيث قطرة
لكن هناك كتب مفيدة
مصدر القران /دكتور ابراهيم عوض
محمد /مصطفى محمود
اثبات نبوة النبى /المؤيد بالله الهارونى
الظاهرة القرانية /مالك بن نبى
تباشير التوراة و الانجيل بالاسلام و رسوله /نصر الله ابو طالب

القلم الحر
12-10-2010, 10:53 AM
وجه من وجوه اعجاز القران الكريم
من وجوه الاعجاز التى اشار اليها المؤيد بالله الهارونى ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتدأ الاتيان بهذا القرءان على غاية الاحكام والاتقان ، قال :وقد ثبت جريان العادة أن كل أمر يقع على وجه لا يصح وقوعه عليه إلا بعلوم تحصل للفاعل له ، لا يصح وقوعه ابتداء على غاية الاحكام والاتقان ، وأن بلوغه الغاية يتعذر على مر الدهور والأعصار ، وتعاطي جماعة فجماعة له . وأنه لا فرق في ذلك بين شيء من الأمور التي هي منظوم الكلام ومنثوره ، أو ما يتعلق بالتنجيم أوالطب أو الفقه أو النحو ، أو الصناعات التي هي النساخة أو الصياغة أو البناء أو ما أشبه ذلك .
فإذا ثبت ذلك وثبت وقوع القرءان على الوجه الذي بيناه ، ثبت أنه وقع على وجه انتقضت به العادة ، وما وقع على وجه تنتقض به العادة ، وجب كونه معجزا ، وجرى مجرى قلب العصا حية ، وإحياء الموتى ، والمشي على الماء والهواء .
فإن قيل: ولم ادعيتم أن القرءان وقع على غاية الاحكام والاتقان ؟!
قيل له: قد علمنا ذلك كما علمنا أن الشعر بلغ الغاية في أيام امرئ القيس ، والنابغة ، وزهير ، والأعشى ، وأن النحو بلغ الغاية في أيام سيبويه والخليل ، وأن الخط بلغ الغاية في أيام ابن مقلة ، وكذلك سائر الصناعات والمهن ، وكان الطريق إلى الجميع أنا قد علمنا من حال كل واحد ممن تعاطاه ، بأن كل من حاوله وتعاطى مثله ، إما أن يكون قصر عنه قصورا بينا ، وبَعُدَ بُعداً متفاوتا ، أو قاربه ، أو زاد عليه شيئا ، زيادة كانت يسيرة لا يؤبه لمثلها .
فدلنا ذلك على أن جميع ما ذكرناه وقع على غاية الاحكام والاتقان في بابه ، في الأوقات التي ذكرناها .
على أنه لو ثبت أن وراء غاية القرءان غاية يترتب وقوعها مزيدا يُطلب ، لم يقدح ذلك في استدلالنا هذا ، لأنا قد علمنا أنه لما حصل ووقع ، لم يكن وقوعه على أدنى مراتب الكلام وأضعف وجوهه ، بل كان متجاوزا لذلك شأوا بعيدا ، وأمدا مديدا .
وهذا القدر كافٍ في وقوعه على وجه انتقضت به العادة .
على أنا نقول لهذا السائل: إن كنت تعرف شيئا من الأشياء بلغ الغاية في مجرى العادة ، فَأَبِن عنه لنوضِّح بمثله أن ما ادعيناه في حال القرءان أوضح من ذلك ، ولسنا نريد بالغايات التي ذكرناها في هذه المواضع أجمع الغاية التي لا تكون في المقدور أو المعلوم ما يزيد عليها . وإنما نريد ما يسمى غاية ، ويُعد نهاية في مثله من طريق العادة ، فليكن ذلك مقصورا عند الناظر في كلامنا هذا . فإن المدار عليه ، والغرض ينتهي إليه .
فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن ما ادعيتموه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتداء الاتيان به لا يصح ، لأن الفصاحة لم يكن هو صلى الله عليه وآله وسلم ابتدأها ، بل كانت متقادمة العهد ،متداولة [بين] العرب ، قد استمرت عليها الأعصار ، وتصرفت فيها الأفكار ؟
قيل له: لسنا نزعم أن الذي اختص به القرءان هو الفصاحة فقط ، حتى يلزمنا ما ذكرتموه ، وإنما نقول: إن الذي اختص به هو هذا النظم المخصوص ، والأسلوب المتميز ، واقعا في أعلى طبقات الفصاحة . وإذا كان هذا هكذا ، ولم يعرف للعرب قبله صلى الله عليه وآله وسلم هذا النظم المتميز عن غيره ، صح ما قلناه من أنه ابتدأ به على الغاية في معناه .

فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أدار القرءان في نفسه نحوا من خمسة وعشرين سنة ، من حين بلغ إلى أن بعث ، حتى رتبه ونقحه وهذبه ، ثم أظهره على ما هو عليه من الغاية؟
قيل له: ذلك مما لا يصح ، لأن القرءان ليس دون الأشعار والرسائل .
وقد علمنا: أن الشعر لم يبلغ الغاية في هذا القدر من الزمان . ولا برجل واحد ، وكذلك الرسائل ، وكذلك سائر الصناعات ، وأن العادة جارية بأن كل من ابتدأ صناعة وابتكرها ، لا يتسع لبلوغ آخرها في مقدار عمره ، وأنها لا تبلغ الغاية إلا بأزمنة تتصل ، وبجماعات يقتدي بعضهم ببعض ، ويستعين بعضهم بخواطر بعض ، ويبني الخالف على ما أسسه السالف . فوضح بذلك سقوط هذا السؤال .


فإن قيل: إن الخليل بن أحمد ابتدأ العروض فأورده على غايته ، ولم يدل ذلك عندهم على انتقاض العادة ، فما أنكرتم أن يكون القرءان مثل ذلك ؟!
قيل له: إن العروض هو ضرب من تقطيع الأصوات وترتيبه ، وقد سبقه بذلك صاحب المسيقى ، وبلغ الغاية فيه .
وقد سمعنا من كان يعرف اللغة السريانية يذكر أن للأشعار المعمولة على ذلك اللسان عروضا قد عملت ، ويجوز أن يكون الخليل بنى على تلك الطريقة ، ولا يكون له إلا بتتبع أشعار العرب ، وعدِّ أجناسها ، وردها إلى الوزن ، مقتفيا به ما ذكرناه .
ثم قد سقط عنه أوزان وأضرُبٌ ، منها الوزن المسمى: ركض الخيل ، وقد جاء عليه الشعر المنسوب إلى عمر الجني ، وهو:
أشجاك تشتيت شعب الجن ... فأنت له أرق وصب

وهي قصيدة طويلة .
وفي المحدثين من عمل على ذلك ، فقال قصيدة طويلة أولها:
أنسيت أفعالهم السمحا ... فأراك تذكرهم لهجا

وسقط عنه أيضا ضربٌ من الوزن المسمى بالمنشرح ، وهو أن يقع في القافية (( مفعولات )) بدل (( مفتعلن )) ، وقد جاء على ذلك أشعار كثيرة ، وتَتَبُّعُ هذا مما يخرجنا عن غرض كتابنا هذا ، وفيما أشرنا إليه كفاية .
فبان بما ذكرناه أنه لا يصح أن يقال: إن الخليل أورد ذلك ابتداء على الغاية ، كما أورد النبي صلى الله عليه وآله وسلم القرءان مبتدئا به ، ومبتكراً له على الغاية في معناه ، فسقطت المعارضة .

فإن قيل: هذا الذي بنيتم استدلالكم عليه فاسد ، لأنه يؤدي إلى أن السبق إلى الشيء يوجب كونه معجزا ، وقد علمنا فساده ، لأن أمورا كثيرة تتجاوز الاحصاء والعد ، قد وقع إليها السبق ، كالصناعات والمهن وما جرى مجراها ، وكثير من العلوم ، وليس يكون شيء من ذلك معجزا .
قيل ل‍ه: مَن تَأمَّلَ كلامنا لم يسأل هذا السؤال ، لأنا لم نقل: إن الابتداء بالقرءان فقط يدل على أنه معجز ، وإنما قلنا: إنه وقع على وجه انتقضت به العادة ، لأن العادة جارية بأن الأمر المبتدأ به لا يجوز وقوعه على الغاية في الباب المقصود إليه ، وأوضحنا ذلك وكشفنا عن صحة ما قلناه .

القلم الحر
12-11-2010, 09:26 AM
التامل فى اعجاز القران الكريم لا ينته , و يقال لمن يرتاب فى اعجازه لماذا حاربت قريش النبى صلى الله عليه و اله و سلم ؟
هل حاربته لانه سفه احلامها و دعى الى التوحيد ؟
لا شك انه سبب لكن غير تام فقد كان هناك حنفاء من فحول الخطباء و الشعراء وكانت خطبهم و اشعارهم
مشحونة بالدعوة لنبذ الوثنية
هل لانه ادعى النبوة ؟الواقع ان هذا ادعى لاهماله لان من يدعى مثلها دون حجة قاهرة لا يلتفت اليه الا بالسخرية لا بالحرب
ليس الا انه جاء بالقران مع ما عرف من صدقه و كونه الابيض الذى يستسقى الغمام بوجهه
فقد وجدوا فى القران قوة غلابة و تيارا جارفا عجزوا عن معارضته و هو يتحداهم به
فكانت الحرب الشعواء وكانت الحيلولة بكل وسيلة بين الناس و بين هذا القران
و يحكي لنا القرآن أنّ المشركين تواصوا بترك سماع القرآن والإلغاء عند قراءته في قوله: (وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرَوُا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) أي عارضوه باللّغو بما لا يُعْتَدُّ به من الكلام، حتى لا يصل كلامه إلى أسماع الآخرين
و اشير هنا الى ان تسجيل القران لمواقف قريش و مجادلاتهم للنبى هو من شواهد صحته التاريخية كما يقر مثل هشام جعيط فى كتابه السيرة و غيره
هذه الجملة تدل على تفرد القران و مفاجاته للعرب ,فاضف اليها النتيجة النهائية الباهرة و هى ان عصرنزول القران هو ازهى عصور البيان العربى , و تلك هى المنابر المرفوعة هنا و هناك اسواق العرب تعرض انفس بضائعها بضاعة الكلام و صناعة الشعر و الخطابة و اذ بالقران ياتى فاذا الاسواق انفضت الا منه و اذ الاندية صفرت الا عنه
و صار للقران دوى فى جزيرة العرب كدوى النحل
و خشعت اسماع الجاهلية التى كانت بالامس للذى يتلى عليهم
و اخبتت السنتها اقرارا لهذا القران و ماجت بهم جزيرة العرب مهللين مكبرين مسبحين
فهذه جملة تدلك على هذا الاعجاز القرانى
فان شئت التعمق لاستكشاف سره فانه النظم مع الفصاحة
فقد فاجاهم القران بنظم جديد بائن عن كلامهم مع فصاحة و بلاغة معجزة
و هى معجزة لان القران الى يومنا لا يقدر بشر على الاتيان بمثل نظمه مع الفصاحة و البلاغة
فمن اصاب نظمه اخطا الفصاحة و البلاغة و جاء بما يضحك الثكلى
و من جاء بكلام فصيح بليغ عجز عن صياغته باسلوب القران المعهود

القلم الحر
12-11-2010, 09:29 AM
ذكرت نماذج من الاجاز العلمى فى لقران العظيم و نذكر نماذج اخرى
ـ القرآن والجاذبية العامة

اكتشف العالم الإنجليزي نيوتن (ت 1642 ـ م 1727 م ) ناموس الجاذبية العامة، وأثبت به وجود جاذبية بين الكواكب والسيارات، وحتى في باطن الذرّة. وقد كان لاكتشاف هذا القانون في القرن السابع عشر أهمية عظمى، حتى سمّي ذلك القرن باسم كاشفه.

وحاصل ما كشفه أنّ الأجرام السماوية كلّها متجاذبة فيما بينها ولا يشذّ جرم منها عن هذا الأثر العام، وأنّه كلما قربت الأجسام من بعضها، زادت الجاذبية بينها، وكلما تباعدت قلَّت الجاذبية بينها. وعلى ضوء ذلك، فلو كان القانون السائد هو قانون الجاذبية فحسب، للزم صيرورة الكون كله كتلة واحدة، ولكن هناك قوّة أُخرى مقابلة تحفظ النظام الكوني، هي قوة طاردة ناتجة عن الفرار من المركز. فالكواكب الّتي تدور حول الشمس، تنازعها قوّتان، قوة جاذبية إلى الشمس، وقوة طاردة عنها، ناتجة من دورانها حولها. وفي ظل تعادل هاتين القوتين، يأخذ النظام الكوني حالة الاستقرار، وتقع الأجرام الكبيرة في الفراغ من دون ماسك لها.

هذه خلاصة النظرية، بلفظها البسيط الواضح. وهي نظرية علمية محقّقة، هذا.

وبالرجوع إلى آيات الذكر الحكيم والتأمّل فيها، يظهر أنّ القرآن الكريم، قد أشار إلى هذا القانون الكوني، حيث يرى أنّ السموات مرفوعة في الفضاء بلا عمد مرئية يقول تعالى: (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّموَاتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَل مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)

إنّ الضمير في قوله: (ترَوْنَها)، يرجع إلى (عمد) لا إلى (السَّموات)، لقرب الأول وبُعْد الثاني، والمعنى «الله الّذي رفع السموات بعمد غير مرئية الخ». بمعنى: إنّ للسموات عمداً، ولكن لا ترونها. فما هذه الأعمدة الّتي يثبتها القرآن للسموات، ولا نراها؟. فإذا كانت الجاذبية العامة، والقوة المركزية الطاردة، عمد تمسك السموات، فتكون الآية ناظرة إلى تلكما القوتين المتعاندتين، وإنّما جاء القرآن بتعبير عام حتى يفهمه الإنسان في القرون الغابرة والحاضرة، ولو أتى بما اكتشفه العلم الحديث، لَرُمِيَ القرآن قبل الاكتشاف، بالخطأ والزلل.
وعلى كل تقدير فقد اختار القرآن في إفهام هذا الناموس تعبيراً صادقاً في جميع الأدوار، مفهماً أنّ هذه المُعَلَّقات في الفضاء، تحملها أعمدة غير مرئية، ممسكة لها

القرآن وكروية الأرض

إنّ في القرآن الكريم آيات صريحة ناطقة بكروية الأرض، يعرفها من أمعن فيها. يقول سبحانه: (وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا).

ويقول سبحانه: (رَبُّ السَّموَاتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ رَبُّ الْمَشَارِقِ).

ويقول: (فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَ الْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ).

ومن المعلوم أنّ الأرض على فرض انبساطها لا تخلو من مشرق واحد ومغرب كذلك، وإنّما تتعدد مشارقها ومغاربها إذا كانت كروية، فتكون النقاط الشرقية، غربية لسكنة النقاط الشرقية، والنقاط الغربية، شرقيةً لسكنة النقاط الغربية

نعم، كان للفلاسفة الأقدمين نظريات شتى حول شكل الأرض وكرويتها، وكان الاعتقاد بكرويتها منتشراً عند ظهور نظرية بطلميوس، غير أنها لم تكن معروفة في الحجاز، وإنّما كان تفكير الأُميين من العرب حول الأرض، تفكير إنسان بدوي يعيش في الصحراء القاحلة. فالإجهار بهذه الحقيقة في تلك البيئة البعيدة عن الحضارة، لا يصحّ إلاّ إذا اعتمد المخبر، على منطق الوحي

القرآن والعالم الجديد

من الأسرار الّتي كشف عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً، وجود العالم الّذي اكتشفه البَحّار كريستوف كولمبوس.

قال سبحانه: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ).

وقد شغلت الآية بال المفسّرين، ففسّروها تارة بمشرقي الشمس والقمر، ومغربيهما، وأُخرى بمشرقي الصيف والشتاء، ومغربيهما. ولكن الظاهر هو الإشارة إلى وجود قارة أُخرى، على الوجه الآخر من الكرة الأرضية، يلازم شروق الشمس عليها، غروبها عنّا، وذلك لقوله سبحانه ـ حاكياً عن المجرمين يوم القيامة ـ: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْني وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ). فالظاهر أنّ المشرقين في الآيتين متحدّان أوّلاً، وأَنَّ البُعْد بينهما أطول مسافة محسوسة للمتمني ثانياً. وليست المسافة بين مشرقي الشمس والقمر أو مشرقي الصيف والشتاء أطول مسافة محسوسة، فلا بدّ من أن يكون المراد منه المسافة الّتي ما بين المشرق والمغرب. ومعنى ذلك أن يكون المغرب مشرقاً لجزء آخر من الكرة الأرضية، ليصحّ هذا التعبير. فالآية تدلّ على وجود هذا الجزء الّذي لم يكتشف إلاّ بعد مئات السنين من نزول القرآن، كما أنّ إِفراد المشرق والمغرب في قوله سبحانه: (وَ للهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَ مَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)، لأجل الإشارة إلى المشرق والمغرب المحسوسين لمن يعيش على هذا الوجه من الأرض.

وبالجملة، إنّ تفسير المشرقين بالمعنى الأول والثاني، بعيد عن الأفهام العرفية، وإنّما يختصّ التفسير بهما بالفلكيين الأخصائيين في هذا الفن، والقرآن ينقله عن المجرم المتمني يوم القيامة

القرآن وحركة الأرض

إنّ الهيئة اليونانية كانت تصرّ على سكون الأرض، ومركزيّتها بمعنى أنّ الشمس وجميع الكواكب والنجوم تدور حولها. وأوّل من خالف هذه النظرية ـ في الغرب ـ وكشف حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس، العالم البولوني «كوبرنيك» (1473 ـ 1534 م). وقد أيّده العالم الايطالي «جاليلو» (1554 ـ 1624 م)بعد أن صنع لنفسه منظاراً فلكيّاً صغيراً ليشهد به حركة الأرض بالدقّة والحسّ. ولكنّه لقي بسبب تأييده هذا معارضة الكنيسة وملاحقتها حتى حكم عليه بالإعدام بعدما سجن طويلاً. ولأجل ذلك كان العلماء يكتمون اكتشافاتهم خوفاً من الكنيسة الرومية
ولكن القرآن أشار إلى حركة الأرض بعبارات لم تتضح إلاّ بعد قرون من الزمن، وقد جاء ذلك في ضمن آيتين:

الأُولى ـ قوله تعالى: (الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا) فقد استعار للأرض لفظ المهد الّذي يعمل للرضيع ويُهَزّ بهدوء لينام فيه مستريحاً هادئاً. وكذلك الأرض، مهدٌ للبشر، وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية. فكما أنّ الغاية من حركة المهد رعاية الطفل وطمأنينته، فكذلك الأرض، فإنّ الغاية من حركتها اليومية والسنوية، تربية الإنسان، بل وجميع ما عليها من الحيوان والنبات والجماد. وإنّما أشار إلى الحركة ولم يصرّح بها، لأنّها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها، حتى أنّه كان يُعَدُّ مِنَ الضروريات الّتي لا تقبل التشكيك.

الثانية ـ قولهُ تعالى: (وَ تَرى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)

إنّ بعض المفسّرين يخصّ الآية بيوم القيامة، لأنّها وردت في سياق آياتها، فقد ورد قبلَها: (وَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ وَ كُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ)

ويلاحظ عليه: أنّ الآية المتقدمة على هذه الآية، تبحث عن الحياة الدنيوية، يقول سبحانه: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لِقَوْم يُؤْمِنُونَ) فَتَوَسُّطُ الآيةِ الراجعةِ إلى يوم القيامة، لا يمنع صلة الآية بالحياة الدنيوية، إذا كان هناك صلة وتناسب بين الآيات، هذا.

مع أَنّ القرائن الموجودة في نفس الآية تؤيّد خلافه، أَمّا أَوّلاً: فإنّه سبحانه يقول: (تَحْسَبُهَا جَامِدَةً)، مع أنّ يوم القيامة، يوم ظهور الحقائق وكشف البواطن، وليس هناك ظَنٌّ وحسبان، بل كلُّ ما هناك إذعان ويقين، يقول سبحانه: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَة مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)

وثانياً: فإنّ الآية تبحث عن الجبال الموجودة، مع أنّ يوم القيامة يوم تبدلّ النظام وتغيّره، يقول سبحانه: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَ السَّموَاتُ)

ويقول سبحانه: (وَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً)

ويقول سبحانه: (وَ إِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ)

ويقول سبحانه: (وَ تَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ)

فالكل يدل على زوال النظام بما فيه الجبال، فكيف تكون الآية ناظرة إلى يوم القيامة؟

وثالثاً: إنّ قوله سبحانه في ذيل الآية (صُنْعَ اللهِ الذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء)، دليل على أنّه لا صلة للآية بالقيامة، إذ الصنع يناسب حياتنا الدنيوية، وأمّا يوم القيامة، فهو يوم إبادة نظام الحياة فالجبال تتلاشى وتتمزق، فلا يناسبه التركيز على إتقان الصنع.

ورابعاً: فإنّ قوله في ذيل الآية: (إنّه خبيرٌ بِما تَفْعَلونَ)، صريح في أنّ الآية راجعةٌ إلى الحياة الدنيوية، ولو كانت ناظرة إلى يوم القيامة، لكان المناسب أن يقول: «خبير بما فعلتم
فهذه القرائن تؤيّد كون الآية راجعة إلى حياتنا الدنيوية.

وأمّا دلالتها على حركة الأرض، فلا شكّ أنّ حركة الجبال متّصلة بحركة الأرض وتابعة لها، لرسوخها فيها، وتَشَعُّب أُصولها في بواطنها، فحركتها تلازم حركة الأرض. ومعنى الآية: إنّ الأرض والجبال وما عليها وما فيها، في حركة مستمرة كحركة السحاب. وأمّا تخصيص الجبال بالذكر، فلأجل ما فيها من الوزن والثقل والارتفاع، وقدرة الله تسيرها كالسحاب. والقرآن ذكر الجبال لعظمتها وثقلها، ليبرهن بها على أنّ قدرة الله نافذة في كل موجود، ووسعت كل شيء.

وأمّا تشبيه حركتها بحركة السَّحاب، فلإفهام أمرين:

1 ـ كما أنّ حركة السَّحاب تكون بسكون وهدوء، بدون صخب واضطراب، فكذلك حركة الجبال تتحقق بسكون وطمأنينة.

2 ـ سرعة الحركة، حيث تتحرك كتحرك السحاب حين تهب الريح. فإنّ حركة السُّحب عند هبوب الرياح والعواصف حركة سريعة، ولأجل ذلك يشبهون مرور الفُرَص بمرّ السحاب، كما يقولون: «الفرصة تَمُرُّ مَرّ السحاب».

القلم الحر
12-11-2010, 09:32 AM
معجزة
من الامور الجديرة بالتامل ايمان الانصار رضى الله عنهم بنبوة ابى الزهراء(ص)
فهو امر كالمعجزات
لقد تابعه من امن به في دار هجرته لما سمعوا القرآن واثرت قوته في قلوبهم، فآووه ونصروه، واحبوا من هاجر اليهم، واتخذ بعضهم بعضا اخوانا، وواسوهم باموالهم واووهم في ديارهم، ونابذوا ابائهم وابنائهم وعشائرهم، فقطعوا كل عهد وذمة كانت بيهم وبين من يحاددهم، وردوا كل جوار وحرمة كانت بينهم بعضهم في بعض، وآثروا محمدا ومن هاجر معه اليهم، على جميع من ذكرنا من القريب والبعيد، ونزلوا على حكمه، ولم يقبل ايمانهم حتى حكموه في انفسهم واموالهم وذراريهم

و رضوا بذلك وسلموا له، وهم مختارون غير مجبرين وطائعون غير مكرهين

و تلا عليهم قول الله عزوجل" فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُو تسليما "، وقوله :"ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة في امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "

فقبلوا ذلك منه والزمهم هذه الشرائط، وهو رجل وحيد فريد لا سلطان له عليهم، ولا مال له ولا عشيرة تعينه ولا قبيلة

فقبلوا منه هذه الشرائط طيبة بذلك انفسهم مع ما قد جبل الله عليه البشر من حب من احسن اليها، والنفور ممن اساء اليها، ولم ينالوا منه من امر الدنيا شيئا، من اعراضها التي يعدها من يؤثر الدنيا احسانا

بل نالوا منه هذه الاسباب التي يعدونها اساءة إذا اثروا الدنيا على الآخرة

القلم الحر
12-11-2010, 09:39 AM
اضف الى تلك المعجزة أن العرب لم تزل معروفة بالأنفة ، وشدة الحمية ، مشهورة بالتكبر والتعاظم ، ولذلك قط لم يجمعهم على الطاعة ملِك منهم ، ولم يخضعوا لعظيم من عظمائهم ، ولم يدينوا لأحد منهم .
خلاف سائر الأمم ، فإن أمة من الأمم لم تخل من ملك منهم يصرفها ، وعظيم يدبر أمورها منها ، ولم يكن ذلك إلا لأن الجل من العرب كانوا يعتقدون من أنفسهم أحوالا من الكبرياء ، تمنعهم عن أن ينقاد بعضهم لبعض ، لعزة نفوسهم ، وقوة قلوبهم ، وظهور فضائلهم النفسية .
ثم دانوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالطاعة ، وخفضوا ل‍ه جناح الذلة ، وخضعوا تحت أحكامه ، وتصرفوا على قضايا أوامره ونواهيه ، جارفين عاداتهم العادية ، ومخالفين سجاياهم القديمة ، ويَجِلُّون أن يكونوا فعلوا ذلك إلا لأنه صلى الله عليه وآله وسلم بهرهم وقهرهم بحجته ، وقطع معاذيرهم بآياته المعجزة ، ودلالاته الواضحة .
وهل يكون لنقض العادة إلا مثل ما اتفق في أحوالهم ، والخضوع بعد الاستكبار ، والانقياد بعد الإباء ؟! ولهم الإصابة والفهم البيِّن ، والرأي الثاقب ، والبصيرة الثابتة ؟!

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ

القلم الحر
12-11-2010, 06:39 PM
لااحب ان انهى هذا الموضوع لكن مؤقتا اختم بخاطرة ..
ان معدن الهداية هو القران الكريم و قد تكلمنا عن وجوه لاعجازه و نحوه لكن الامر فى تصورى اكبر من ذلك
فهذا الكتاب قد تجلى الله تعالى فيه لخلقه
ان من يؤمن بوجود الله – و نحن نخاطب فى اثبات النبوة من يؤمن بوجوده – لا يخف عليه اذا تفكر ان الله يتعرف الينا فى حياتنا بجماله و جلاله , بل الانسان فى كل احواله فى هذا الحال فالمرض مثلا اثر لجبروت الرب تعالى يفحم من يتصورون الها رقيقا يستحيل ان يعذب , و الصحة و سائر النعم التى لا تحصى مظاهر جماله
و صفات الجمال و الجلال الالهى تكاد تنطق فى ايات هذا الكتاب
القران هو الكتاب الوحيد الذى يتضمن اقوى اقناع دائم على وحدانية الله و جماله و جلاله مقدما اصدق تصور للذات الالهية بوعى انكر معه التثليث المسيحى و اله اليهود القومى و اله نيوتن الذى انعزل عن العالم فضلا عن اله قريش الذى انجب بناتا
لقد تعرف الينا الله بصفاته فى هذا القران العظيم فمن تدبره كانه يرى الله
و هو ما يصل اليه من قراه قراءة الصلحين من سلف الامة الذين كانوا يرتلونه ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم فاذا مروا بآية فيها تشويق .. ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً .. وظنوا أنها نصب أعينهم .. وإذا مروا بآية ، فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم ، وشهيقها .. في أصول آذانهم
ان ايات الوعد الكاشفة عن رحمة الله و ايات الوعيد الكاشفة عن جبروته تمضى فى القران بتوازن مدهش
مثلا يقول سبحانه :
"لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ 196 مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ 197 لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ"

و الامثلة لا تحصى فى ذلك فتاملها و عش مع كتاب الله ليتفجر ينبوع النور فى قلبك فان هذا اصح طريق لليقين و عندها تلمس انه نداء العناية العليا و جبروت القدرة العظمى و كتاب الله ذى الجلال و الاكرام
ثم قل الله و ذر من يقراون القران بكل جهلهم المدقع باحثين عن تناقض لا يثبت او خطا دون اثباته خرط القتاد كالخفافيش التى تكره النور

القلم الحر
12-27-2010, 08:19 PM
تناول الفقير الى عفو ربه اعجاز الشخصية المحمدية و شيئا من اعجاز الكتاب العزيز البيانى و العلمى و اعجاز وقوعه على الغاية ابتداءا مع اشارة لمعجزات المصطفى الاخرى و بشارة كتب اهل الكتاب به و دلائل اخرى على نبوته صلى الله عيه و اله و سلم
و اسلط الضوء هنا على لب اعجاز القران البيانى و هو اعجازه فى الفصاحة
و لادراك هذا الاعجاز طريقان :
الاول – عجز فصحاء العرب عن معارضته مع حرصهم التام على ابطال نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم
الثانى – دراسة الفصاحة القرانية

اولا – التحدى القرانى :
لقد تحدى ابو الزهراء قريش و كل العرب بان ياتوا بسورة من مثل سور القران وكان من الجدير بالعرب - وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة – أن يجيبوا التحدى فيسقطوا حجة هذا المدعي الذي تحداهم في أبرع كمالاتهم ، وأظهر ميزاتهم ، ويسجلوا لانفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر ، وسمو الشرف والمكانة ، ويستريحوا بهذه المعارضة البسيطة من حروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمل شدائد ومكاره .

ولكن العرب فكرت في بلاغة القرآن فأذعنت لاعجازه ، وعلمت أنها مهزومة إذا أرادت المعارضة ، فصدق منها قوم داعي الحق ، وخضعوا لدعوة القرآن ، وفازوا بشرف الاسلام ، وركب آخرون جادة العناد ، فاختاروا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف ، وآثروا المبارزة بالسنان على المعارضة في البيان ، فكان هذا العجز والمقاومة أعظم حجة على أن القرآن وحي إلهي خارج عن طوق البشر .
و قد اشكل خصوم الاسلام على هذا اشكالات نجيب عن اهمها
(1)قيل : اننا لا نسلم بتواتر ايات التحدى
الجواب :
أن العلم بكل آية من القرءان ، مما أتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم ضروري ، كما أن العلم بجملته ضروري .
لأن القرءان كله آية آية ، فلو لم يكن العلم بكل آية علما ضروريا ، لم يكن العلم بجميع القرءان ضروريا . لكنا لا نقتصر على هذا القدر ،
والتفاصيل كالجملة في التواتر لا فرق بينهما إلا أن التفاصيل ربما احتاجت إلى البحث، والذي يدل على عدم الفرق بينهما العلم الضروري بأنه لو زاد أحدنا في القرآن لفظة أو حرفاً، أو نقص منه ذلك لعلمه كل من يقرأ القرآن حتى الصبيان فضلاً عن العلماء، وليس ذلك إلا لتشدد أهل الإسلام في حفظ القرآن ومنعه من التغيير، وإذا كان هذا التشديد في الزمن المتأخر، فالمعلوم ضرورة أن الصحابة إن لم يكن تشددهم أعظم فهو لا يقصر عن تشدد غيرهم.
الوجه الثاني: أنه لو أمكن القول بزيادة آيات التحدي لأمكن أن يقال بزيادة أقيموا الصلاة وغيرها بل سائر القرآن، ومعلوم فساده.
الثالث: أن هذه الآيات مسموعة، والتحدي قائم على وجه الدهر، والفصحاء موجودون بكثرة؛ فيجب أن يأتوا بمثله ليظهر فساد التحدي، والمعلوم أن أحداً لم يقدر على معارضته إلى يومنا هذا.
فإن قيل: إن الفصاحة قد نقصت ولو ظهرت تلك الآيات في أيام توفر فصاحة العرب لعارضوه.
قيل: لا نسلم فإن في خطباء الأزمنة المتأخرة من الفصاحة والتفنن فيها ما لا يوجد في العرب، وغايته نقص الفصاحة في الشعر، وهي لا تتعلق بما نحن فيه.
و لا إشكال أن هذه الآيات كانت كلها في المصاحف التي كتبت أيام عثمان ، وتلك المصاحف كتبت بمشهد أقوام لا يجوز التواطؤ عليهم لكثرتهم ، وفيهم الحفاظ ، منهم من كان يعرف الفرق بين ما هو من القرءان ، وما ليس من القرءان ، بل كان أكثرهم - والله أعلم - بهذه الصفة . كما أن عامة المسلمين اليوم - وإن لم يكونوا حفاظا - يفصلون بين ما هو من القرءان وما ليس من القرآن . فلم ينقل عن أحد أنه تكلم في ذلك ، وأنكر معرفتهم ، كما نقل ما كان من ابن مسعود في المعوذتين ، وفي آي سورة القنوت
فلولا أن هذه الآيات بَانَ كونها من جملة القرءان ظاهرا مكشوفا لجرى فيها التضاد ، وعرض فيها النزاع .
فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إنهم جميعا سكتوا عنها ، لأنها كانت مقوية لأمرهم ، معليةً لكلمتهم ، مصححة لنحلتهم .
قيل له: الاتفاق على مثل ذلك لا يصح من العدد الكثير ، ولولا ذلك لم يصح أن يقع العلم بشيء من الأخبار التي تعلق بها الأغراض .
وذلك أن الطبائع مبنية على نشر الأخبار إذا عرفتها الجماعة الكثيرة ، ضرتهم أو نفعتهم ، لأن الدواعي إلى النشر كثيرة مختلفة ، فيخرج المكتوم لأغراض مختلفة ، فلو كان الأمر على ما ذكرتم ، والحال على ما توهمتم ، لظهرذلك ، ونقل ولم ينكتم . لأن واحدا كان لديانته ، وسداد طريقته ، يذكره إنكارا وتوجعا .
وآخر كان لسخافة دينه ، وضعف عقيدته ، يذكره لبعض أعداء الدين تقربا وتوددا .
وآخر كان يورده ويحكيه لأهله ولولده تحيرا وتعجبا .


(2)قيل لو سلمنا بتواترها لا نسلم انها دالة على التحدى و لو كان الغرض منها الدلالة على النبوة لاشتهر عن النبى ذلك و لكن لم ينقل احد من اصحاب الاخبار انه استدل به و لم ينقل ممن امن به انه امن بسبب القران !
الجواب:أن هذا إنكار لما هو معلوم بين الأمة وغيرهم، فإن المعلوم عند كل من عرف أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ادعى النبوة من المؤمنين والفاسقين والكافرين أن القرآن معجزته العظمى، وأنه تحدى به العرب، واستدل به على نبوته، وإنكار ذلك سفسطة.
و قولهم: لم ينقل أصحاب الأخبار...إلخ.
بل نقلوه كما في إسلام عمر والبراء بن عازب وغيرهما كما تضمنته كتب التاريخ.
و قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله كان يتلو القرءان على أصحابه ، وعلى من كان يفد عليه من المشركين من أحياء العرب ومدنها ، ثلاثا وعشرين سنة حتى تَحَقَّقَه الخلق من الصحابة ، وكانوا يتلونه في المحافل والمجامع ، وبين أهليهم في صلواتهم ومدارسهم ومجالسهم ، وكان المشركون يسمعون ذلك ، ويقرع أسماعهم ، وإن لم يكونوا يحفظونه .
وانتهى الاسلام في هذه المدة إلى اليمن ، وسائر نواحي العرب ، ويكفي في آية واحدة من آيات التحدي أن تقرع أسماعهم . فكيف يصح أن يقال: إنهالم تبلغهم ؟! إلا أن يكون الله تعالى قد صرفهم عن سماعها ، ولئن جاز ذلك ، فالصرف من عظيم المعجزات .
على أن عامة آيات التحدي إنما هي في السور المكية ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وعلى أهله وهو بمكة شغل بالجهاد ، وبيان الاحكام . وإنما كان أكثر شغله صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء الى الله تعالى ، وقراءة القرءان ، على ما كان يستدعيه .
يؤكد ما ذكرناه ويوضحه: الآثار الواردة في اجتماع مشركي العرب على التشاور والنظر في حال القرءان ، وتدبر أمره ، حتى قال الوليد بن المغيرة لعنه الله: (( قد سمعت الأشعار والخطب ، وكلام الكهنة ، وليس القرءان شيئا من ذلك )) ، ثم قال ما حكى الله تعالى عنه في قوله: { ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) } [المدثر] .
فالتجأ إلى أن قال: إنه سحر ، لما بهره أمره .


3- قيل :لعلهم عارضوا القران لكن لم تنقل المعارضة و منعهم خوف المسلمين من نقلها.
والجواب: أن الخوف إنما يمنع من الظهور والاشتهار لا النقل فلا يمنعه؛ بدليل أنه قد نقل أقوال المنكرين للصانع والسابين للرسل، ولم يمنع من ذلك خوف المسلمين، و يكفى شاهدا فضائل على بن ابى طالب فقد حاربه بنو أمية و بالغوا في طمس فضائله وكتمها فخرج من بين الكتمين ما ملأ الخافقين، ولم يؤثر الخوف إلا في ظهورها واشتهارها في أيام بني أمية، وأما نقلها وروايتها فلم يؤثر في منعه بحال، وبعد فكان أعداء محمد صلى الله عليه وآله وسلم في عزة ومنعة، وفي غير أرضهم مواضع يمكنهم إظهار المعارضة فيها كبلاد فارس والروم وغيرها،
وأيضاً لو جوزنا ذلك لجاز لقائل أن يقول: إنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنبياء إلا أن المسلمين قتلوهم ولم يجسر أعداؤهم على نقل ذلك للخوف، وكذلك يقال في زمن موسى وعيسى عليهما السَّلام ، والمعلوم أنه لو ادعى ذلك مُدَّعٍ لَكَذبه العرب والعجم، ثم إن المعارضة لو كانت لوجب نقلها لما مر، وقد نقل منها معارضة مسيلمة وابن المقفع مع أنها غير معارضة لركتها وسماجتها.

و المعارضة لو وجدت لظهرت وتواترت؛ لأن الداعي إلى فعلها وهو إبطال أمره صلى الله عليه وآله وسلم هو بعينه الداعي إلى إظهارها؛ إذ لايبطل أمره إلا بإظهارها لا بمجرد فعلها، ولو ظهرت لتواترت لما نعلمه ضرورة من حرص اليهود والنصارى وغيرهم على إبطال أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونقل ما يدل على كذب دعواه في حياته وبعد وفاته إلى زماننا هذا ولا مانع لهم يقدر إلا خوف المسلمين، وذلك إنما يلزم لو طبقت شوكة المسلمين أقطار الأرض، والمعلوم خلافه فإن أكثر الأقطار كفرية وهم في القوة والسطوة في الغاية التي ينتفي معها خوفهم من المسلمين، فثبت أن السبيل إلى القطع موجودة

4- قيل : أن خبر التحدي لم ينقل أنه بلغ إلى كل واحد من العالمين فإنا نعلم ضرورة أن أهل الهند والصين، وسائر الأطراف الشاسعة لم يعلموا وجود محمد صلى الله عليه وآله وسلم في زمانه فضلاً عن نبوته وتحديه بالقرآن،
الجواب: أن فصحاء العرب إذا عجزوا عن المعارضة فعجز غيرهم بالأولى، وتقدير وجود فصيح لم يبلغه التحدي لا يضر؛ لأن فصاحته إن لم تبلغ فصاحة القرآن كان مثل الحاضرين و المعتبر فيه عجز من ظهر عليه وتحداهم به، ونقض عادتهم
(4) قيل: لوكان القرءان معجزا لأنه لم يُعارَض ولم يؤت بمثله ، لوجب أن يكون اى كتاب ممتاز معجزا يدل على نبوة من أتى به .
الجواب : أنَّا لم نقل: إن القرءان معجز لأنه لم يؤت بمثله قط ، بل لأنه تحدى به ، ولم يؤت بمثله ، و تلك الكتب ، لا يصح أن يقع التحدي به ، لأنه إن تعذر على غير من أتى به يكون تعذره لأحد وجهين:
إما أن يكون قد استنفذ الطرق ، فلم يبق هناك طريق آخر لذلك الشيء ، وما جرى هذا المجرى فالإتيان به مستحيل ،لا تصح القدرة عليه ، وما لا تصح القدرة عليه لا يصح التحدي به
ألا ترى أن إنسانا لو أتى بشعر مركب من هذه الحروف التي هي ثمان وعشرون ، ثم تحدى به ، فقال: ائتوا بمثله من غير هذه الحروف ، لم يصح التحدي به ، لأنه ليس في المقدور
و هذه الكتب لو صح التحدي بها ، لم يلزمنا أن نقول: إنها معجزة . على قولنا: إن القرءان معجز .
لأنا لم نعلم أن القرءان معجز بأن صح التحدي به ، وإنما علمنا ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى به قوما هم في الفصاحة والمعرفة بأساليب الكلام مثله أو دونه بيسير ، فتحداهم به وقرعهم بالمعجز عن الاتيان بمثله ، وادعا عليهم أنهم له خاضعون في نفوذ أحكامه فيهم ، وأنهم يلزمهم مفارقة ما كانوا عليه من الدين ، وتكفيرهم لم يفارقه والإنقياد له ولأوامره ، والقوم له كارهون ، وفي تكذيبه جاهدون ، وظهرت قوة دواعيهم إلى كل ما دعا إلى إفساد أمره ، وتوهين حاله ، وإظهار كذبه ، ولم يأتوا بمثله .
فدلنا ذلك على أنه كان متعذرا عليهم ، ولم يثبت في تلك الكتب شيء من ذلك ، لأنه لم يثبت أن مؤلفا لها أتى قوما مثله في تلك الصناعة وتحداهم بالعجز عن الاتيان بمثله ، وجعله لنفسه حجة عليهم ، في أنهم يلزمهم الجري على أحكامه ، والتصرف تحت أوامره ونواهيه ، مع كراهة القوم له ولأحواله ، ووفور بواعثهم إلى إفساد أمره ، والإبانة عن كذبه ، وأنهم لم يأتوا بمثله ، مع تطاول الزمان على تلك الأحوال .

القلم الحر
01-01-2011, 11:46 PM
6- قيل : التحدى لم يكن بالفصاحة
الجواب :
وجوه اعجاز القران كثيرة لكن التحدى كان بالفصاحة فهى محور الإعجاز في عصر النزول وعند فصحاء الجزيرة، وبُلغائهم، وبها وقع التحدي. وأما إعجازه من جهات أخرى، كهديه او كون حامله أميا، وكونه مبينا للعلوم الكونية التي وصل إليها البشر بعد أحقاب من الزمن، أو إخباره عن المغيبات، أو كونه مصدرا لتشريع متقن ومتكامل، أو غير ذلك من الجهات، فالقرآن الذي كان في أيام الدعوة الأولى، كان مجردا عن هذه الأشياء التي جاءت فيما بعد، وكان مع ذلك محتوياً على هذا النبع الأصيل الذي تذوقه العرب، فقالوا إن هذا إلا سحر يُؤثر.
انّنا نقرأ الآيات الكثيرة في هذه السور فلا نجد فيها تشريعاً محكماً، ولاعلوماً كونية، ولا نجد إخبارا بالغيب يقع بعد سنين، ومع ذلك سحر عقول العرب وتحدث عنه ابن المغيرة بعد التفكير والتقدير، بما تحدّث
و التحدى كان بأن ياتوا بسورة مثله
و اسم (السورة )لا ينطلق على الشعر، ولا الخطبة، ولا الرسالة، ولا اسجاع الكهنة، ولا المحاضرة
و انما ينطلق على الكلام الفصيح الذى له هذا النظم المخصوص الذى جاء به القران
و لم تكن العرب تستعمل هذا اللفظ قبل نزول القرآن

القلم الحر
01-05-2011, 11:53 PM
ثانيا -دراسة الفصاحة القرانية
أصل الفصاحة هو الإبانة عن المعنى المقصود بحسن البيان . وهذا معنى ما حكى الله عز وجل عن موسى صلى الله عليه: { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا } [القصص: 34] ، أي: أحسن بيانا
فمن أقسام الفصاحة أن يكون الكلام مركبا من اللغات الفاشية في العرب ، التي لم يسترذلها أحد منهم ، نحو (( عنعنة تميم )) ، و (( كشكشة ربيعة )) ،
ومن ذلك جر الاسم لمجاورة المجرور ،
فأصل الفصاحة أن يَسْلم الكلام من ذلك وأشباهه ، وقد سَلِمَ كل القرءان من أوله إلى آخره . فهذا باب من الفصاحة .
ومن أقسام الفصاحة: أن يكون الكلام مؤلفا من لغات ترتفع عن المبتذل السوقي ، وتنحط عن المستفل الحُوشي. ولهذا نجد أشعار الفصحاء المجيدين ، نحو امرئ القيس ، والنابغة ، وزهير ، والأعشى ، جارية على هذه الطريقة ، لا يكاد يوجد فيها الحوشي المستفل ، إلا أن تتفق ندرا ، وإنما يكثر ذلك في كلام الأجلاف من العرب والمتكلفين ، نحو الشماخ ، ورؤبة ، ومن نحَّا نحوهما .
فأما السوقي المبتذل ، فَقَلَّ ما يتفق في كلام أهل البادية ، وإنما يكثر ذلك في كلام الموَلَّدين وأشعارهم ، والقرءان من أوله إلى آخره مؤلف من النمط المختار في هذا الباب .
فهذان القسمان من الفصاحة قد استمرا في جميع القرءان
ومن أقسام الفصاحة: جزالة اللفظ ، وهي موجودة في جلِّ القرءان وجمهوره ، وإن لم يوجد في جميعه - كما قلناه - في القسمين الأولين ، لأنه في قوة الطويل الذي يصرف على معاني مختلفة ، ومقاصد متباينة ، وأغراض متمايزة ، كالأوامر والنواهي ، والزواجر والمواعظ ، والوعد والوعيد ، والقصص والمثل ، أن يكون جميعه مؤلفا من ألفاظ جزلة ، لأن جزالته تكون لتأليفه من حروف مخصوصة ، والكلام مبني من الأسماء والأفعال والحروف ، وفي الكثير من الأسماء والأفعال والحروف ما لم يؤلف من الحروف التي تقتضي الجزالة ، والفصيح إذا صار إلى تلك الأسماء والأفعال والحروف ، فلا بد من إيرادها على ما هي عليه ، إذا كان متكلما بكلام العرب .
ولهذا لا يمكن في شيء من أشعار فحول الشعراء ، وكلام البلغاء ، أن يكون من أوله إلى آخره مؤلفا من ألفاظ جزلة .
فأما العذوبة فهي أمكن ، لأنها تكون بالتلاؤم ، وأن لا تكون الكلمة مؤلفة من حروف متنافرة ، وذلك أمكن من الجزالة ، وقد يكون ذلك بتلاؤم الحركات والسكنات ، كما يكون بتلاؤم الحروف ، وأما مواضعها من القرءان فأكثر من أن يأتي عليها الاحصاء والعد ، ونحن نذكر منها مواضع ننبه بها على ما سواها .
من ذلك قوله عز وجل: { كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) } [البقرة] .
وقوله: { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ } [البقرة: 20] ، وفي هذه الآية من وجوه الفصاحة سوى الجزالة ما نبينه في موضعه .
وكقوله: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة: 197] .
وكقوله عز وجل: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } [البقرة: 179] ، وقوله: { وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } [البقرة: 194] .
وقوله عز وجل: { فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) } [البقرة] ، وقول عز وجل: { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ (137) } [الأعراف] ، وقوله: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) } [الأعراف] .
وكقوله: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) } [الأعراف] .
وقوله عز وجل: { فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) } [الأعراف] .
وكقوله عز وجل: { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [هود] ، وهذه السورة أكثر ألفاظها من ألفاظ الجزالة مع العذوبة . وفيها: { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء
أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ } [هود: 44] ، وفيها: { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } [هود] .
ومن ذلك عامة سورة القصص وهو من الفصاحة العجيبة ، لأن أول هذه السورة في اقتصاص أحوال موسى صلى الله عليه من مولده إلى مبعثه إلى قصده فرعون ، مبلِّغاً ما أرسل به إليه ، وذلك مما يصعب جدا في اقتصاص أحوال بعينها ، لأنه لا بد من ضعف يَعرِض فيما جرى مجراه ، فإذا أردت أن تتحقق ذلك ، فتأمل كلام الفصحاء إذا قصدوا هذا القصد .
ومن ذلك عامة { حم } السجدة . تأملها تجدها على ما قلناه .
ومن ذلك: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) } [النجم] ، وما بعدها من الآيات .
ومن ذلك قوله عز وجل: { أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) } [النمل] .
ومن ذلك في السور القصار قوله: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5) } [الفيل] .
وقوله عز وجل: { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) } [العاديات] .
وتتبُّعُ هذا مما يتعذر ، فإن أكثر القرءان على هذا

القلم الحر
01-07-2011, 04:05 PM
و من أقسام الفصاحة: الاستعارات والتشبيهات ، وإحداهما قريبة من الأخرى ، وإن كان بينهما فصل ، وذلك أن التشبيه هو أن يذكر الشيء باسمه ، ويشبهه بغيره ، كقولك: زيد مثل الأسد شجاعة ، وكالريح جودا ، وكالبدر حسنا .
والاستعارة أن تنقل إليه اسم الشيء المشبه به ، وذلك كقولك: حمار ، إذا وصفته بالبلادة ، أو كلب ، إذا وصفته بالخساسة . والاستعارات والتشبيهات في القرءان كثيرة حسنة ، واقعة موقعها لحسنها ، وشرف موضعها .
ونحن نذكر منها جملا ننبه بها على ما سواها ، لأن استيفاءها مما يطول ويتعذر .
فمن ذلك قوله عز وجل: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) } [البقرة] ، فشبَّه المنافقين الذين أظهروا الإيمان ، وانتفعوا به بين المسلمين ، بمن استوقد نارا ، حتى أضاءت ما حوله ، وشبَّه أحوالهم عند الموت وبعد الموت ، في أنهم لا ينتفعون بما أظهروه من الإيمان ، ثم { ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ } حتى بقوا في { ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) } ، ثم استعار لهم عز وجل اسم الأصم والأبكم ، وضم الأعمى فقال: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18) } [البقرة] ، فهم في إعراضهم عن استماع الحق بمنزلة الصُّم الذين لا يسمعون ، وفي تركهم النطق بالحق - على ما أمرهم الله عز وجل ودعاهم إليه - بمنزلة الخرس الذين لا ينطقون .
ثم قال عز وجل: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ . . . } [البقرة: 19] إلى آخر الآية ، فشبههم في حيرتهم وتبلدهم ، واضطراب أمورهم ، وحرج صدورهم ، بمن يكون في ظلمات ورعد وبرق ، ثم ذكر هذا المعنى بقوله عز وجل: { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } [الأنعام: 125] ، ثم زاد في وصف أحوالهم ، فقال: { يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ } [البقرة: 20] ، ثم رد عز وجل هذا المعنى - أعني تأثير البرق في الأبصار - في غير هذه الألفاظ ، فقال: { يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) } [النور] ، وهذا من الفصاحة العجيبة والبلاغة التامة ، أن يَرِد معنى واحد بألفاظ مختلفة تجمعها الفصاحة .
ثم عاد عز وجل إلى ذكر من بدأ بذكرهم ، فقال: { واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19) } [البقرة] ، وهذا قسم من الفصاحة ، وهو أن يجري ذكر شيء ثم يتجاوز إلى ذكر غيره ، ثم يعطفه عليه ويعاد ذكره - أعني المذكور أولا - مثل قول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام

فجمعت هذه الآية أنواع الفصاحة ، منها الجزالة في اللفظ ، مع التشبيهات والاستعارة الواقعة ، والعطف آخر الكلام على أوله .
ومن الأمثال الحسنة والتشبيهات الواقعة ، ما ذكره عز وجل من قوله عز وجل: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ . . . إلى قوله: يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) } [البقرة] ، فشبَّه عز وجل من أنفقوا ابتغاءً لوجه الله ، وطلباً لثوابه الرادع (1) ، بما يحصل لهم من الربح بحبة ، وبمن ل‍ه جنة بربوة ، آتت أكلها ضعفين .
وشبَّه من أحبط ثواب انفاقه بطلب الرياء والسمعة ، بصفوان عليه تراب إذا أصابه الوابل ، وبمن ل‍ه جنة وله ذرية ضعفاء ، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت . وكلها تشبيهات وأمثال ، واقعة بألفاظ جزلة .
ومن الاستعارة الحسنة قوله عز وجل: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } [الإسراء: 24] ، وقوله: { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) } [الشعراء] ، فجمعت الآية بين الاستعارة الحسنة ، والجزالة البالغة ، والعذوبة اللطيفة . وأخذ هذا المعنى الكميت فقال:
خفضت لهم مني جناحي مودة ... إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
فأخذ اللفظ والمعنى ، ولكن لم يرزق تلك العذوبة الصافية ، وذلك الماء المتسلسل ، على أن هذه اللفظة في غرة هذا البيت مع ما بها ، والباقي كما ترى
ومن الاستعارة الحسنة العذبة مع الجزالة قوله عز وجل: { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا } [مريم: 4] ، فاستعار للبياض اسم الاشتعال ، مصبوبا في قالبه ، مقصورا عليه ، وهذا من الفصاحة البالغة .
ومن ذلك قوله عز وجل: { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . . . } [النور: 35] إلى آخر الآية ، فسمى نفسه باسم: النور ، لَمَّا كان عز وجل هو خالق النور ومنشؤه ، مع ما فيه من النفع العظيم لأهل السماوات والأرض ، وهذا من الاستعارة الحسنة ، ومن تسمية الفاعل بفعله . ومنه قول الشاعر:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار
ومن الاستعارة الحسنة العذبة مع الجزالة قوله عز وجل: { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا } [مريم: 4] ، فاستعار للبياض اسم الاشتعال ، مصبوبا في قالبه ، مقصورا عليه ، وهذا من الفصاحة البالغة .
ومن ذلك قوله عز وجل: { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . . . } [النور: 35] إلى آخر الآية ، فسمى نفسه باسم: النور ، لَمَّا كان عز وجل هو خالق النور ومنشؤه ، مع ما فيه من النفع العظيم لأهل السماوات والأرض ، وهذا من الاستعارة الحسنة ، ومن تسمية الفاعل بفعله . ومنه قول الشاعر:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار
وعلى هذا تَأَوَّل مَن قرأ: إنه عمَلٌ غير صالح - برفع اللام وفتح الميم - ثم شبَّه نوره بالمصباح ، فقال: { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } [النور: 35] ، ثم شبَّه الزجاجة بالكوكب ، فقال: { الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } ، وهو أضوأ الكواكب ، ثم عاد إلى ذكر المصباح ، وهذا يسمى الالتفات ، فقال: { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ . . . إلى قوله: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء } ، فعاد إلى ذكر النور ، وهذا أيضا مما يسمى: الالتفات ، وهو أن يجري ذكر شيء ثم يتجاوزه إلى غيره ، ثم يذكر ثانياً ، كما قال جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام

فجمعت هذه الآيات وجوها من الفصاحة ، منها جزالة اللفظ ، ومنها الاستعارة ، ومنها تشبيه بعد تشبيه ، ومنها الالتفات بعد الالتفات .

ومن التشبيه الواقع قوله عز وجل بعد هذه الآية: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } [النور: 39] . لما كانت أعمالهم محبطة لا نفع فيها في الآخرة ، شبهها بالسراب الذي لا نفع فيه ، ولأنه مما يظن الناظر أنه ماء ، وكذلك الكافر لما يظن أن ل‍ه نفعا في عمله ، شبهه أيضا به ، فهذان وجهان من التشبيه . وفيه تشبيه ثالث وهو انكشاف حال كل واحد منهما عن أنه لا نفع فيه لراجيه . وفيه تشبيه آخر وهو تشبيه الكافر بالظمآن ، وتشبيه ظنه بظنه ، وتشبيه خيبته بخيبته عند شدة حاجته إليه ، و قوة تعويله عليه ، فقد جمعت الآية هذه الوجوه من التشبيهات مع جزالة اللفظ ، وحسن المعنى ، وقد عُدَّ من محاسن امرئ القيس أنه جمع بين تشبيهين في بيت واحد ، حيث يقول:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

القلم الحر
01-10-2011, 12:31 AM
ومن أقسام الفصاحة: الإيجاز .
وذلك ينقسم إلى قسمين ، قد يكون بتقليل الحروف مع استيفاء المعنى ، وقد يكون بالحذف ، والحذف على أنحاء شتى ،
فمن الإيجاز بتقليل الحروف ، قوله عز وجل: { وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ } [النمل: 91] ، ومن ذلك قوله عز وجل: { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) } [النازعات] ، قلَّلَ الحروف في هذا الموضع ، لما أراد الإيجاز ، وبسط حيث أراد البسط في هذا المعنى ، فقال: { أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) } [عبس] ، وقال أيضا: { خَلَقَ الانسان مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (4) } [النحل] .
فانظر إلى شرف هذا الكلام ، فإنه أوجز هذا الإيجاز ، وذكر للإنسان حالتين:
إحداهما: أضعف الحالات .
والأخرى: أقواها .
ثم نبَّه على ما بينهما . فجمع في الآية وجهين من الإيجاز:
أحدهما: تقليل الحروف .
والثاني: حذف الوسائط بين الحالتين ، مع جزالة اللفظ ، وحسن المعنى ، ثم لما أراد عز وجل بسط هذا المعنى قال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الانسان مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) } [المؤمنون] .
وهذا باب كبير من الفصاحة ، لأن البليغ هو الذي يبسط الكلام إذا شاء بسطه من غير خطل ، ويرخي عنان الخطاب ، ويتمطى ظهر الاطناب ، ويوجز إذا شاء الإيجاز من غير تحيف للمعنى .
وحكي عن بعض الفصحاء أنه وصف كاتبا بالبلاغة ، فقال: (( إن أخذ طوبارا ملاه ، وإن أخذ شبرا كفاه )) ، يريد: أنه كان يبسط إذا شاء ، ويوجز إذا شاء .
ومن هذا الباب قوله عز وجل: { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) } [الذاريات] ،
فأراد عز وجل هذا الإيجاز ، ثم لما أراد أن يزيد هذه الصفة يسيرا مع البسط ، قال: { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (19) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) } [القمر] .
ثم لما أراد أن يزيد على ذلك في البسط ، قال عز من قائل: { فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (8) } [الحاقة] .
ثم لما أراد عز وجل البسط التام ، بسط في السورة التي يذكر فيها هودا صلى الله عليه ، والسورة التي يذكر فيها الأعراف ، والسورة التي يذكر فيها الشعراء ، وعلى هذا أوجز ذكر ثمود ، فقال عز وجل: { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) } [الحاقة] ، ثم بسط ذلك في سائر المواضع ،

ومن ذلك قوله عز وجل: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } [النحل: 53] . فانظر إلى هذا الإيجاز مع استيفاء المعنى ، تعلم أنه أبلغ ما يمكن في بابه .
ثم زاد عز وجل بسطه يسيرا ، فقال: { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ } [الجاثية: 13] .
وقال أيضا: { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } [لقمان: 20] ، ثم بسط عز وجل ذكر الآية ونعمه في السورة التي يذكر فيها النحل من قوله: { وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ إلى قوله: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) } [النحل] ، ثم من قوله: { وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا . . . إلى قوله: أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) } [النحل]
ومن ذلك قوله عز وجل: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) } [فصلت] ، وقوله { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) } [الأعراف] ، فدلَّ عز وجل بهاتين الآيتين على حسن العشرة بأوجز اللفظ ، ثم ضبط ذلك في السورة التي يذكر فيها الحجرات أتم بسط .
ومن الاختصار الحسن قوله عز وجل: { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } [المنافقون: 4] ، وقد طلب هذا المعنى بعض الشعراء فقال:
ولو أنها عصفورة لحسبتها مسومة ... تدعو عبيدا وأرنما

وقال آخر: ... ... ... ... ...
ما زلت تحسب كل شيء بعدهم ... خيلا تكر عليكم ورجالا

وقال آخر: ... ..
أراني الخوف عدَّتهم ألوفا ... وكان القوم خمسا في ثلاث

فلم يتفق لهم هذا الاختصار ولا هذه العذوبة .

القلم الحر
01-12-2011, 04:07 PM
نواصل مع المؤيد بالله الهارونى ..

وأما القسم الثاني من الاختصار فهو الذي يكون بالحذف ، وذلك يتنوع أنواعا كثيرة .
فمن ذلك أن يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه ، كقوله عز وجل: { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) } [يوسف] ، أراد: أصحاب العير ، وأهل القرية
وكقوله: { إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ } [الإسراء: 75] ، أي: ضعف عذاب الحياة ، وضعف عذاب الممات .
وهذا مذهب للعرب مشهور ، وهو في القرءان كثير .
وقد يكون بحذف اسم أو فعل أو جواب ، كقوله عز وجل: { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى } [الرعد: 31] ، وتقديره: لكان هذا القرءان ، فحذفه .
وكقوله: { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ } [التوبة] ، تقديره: لكان ذلك خيراً لهم ، فحذفه .
ومثله قوله عز وجل: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10) } [النور] ، ومثل ذلك: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] ، وتقديره: أيساويه من لا يكون كذلك ؟! فحذفه .
ومثله في الشعر كثير ، فمن ذلك قول الشاعر:
فأقسم لو شيٍ أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا(امرؤ القيس )
معناه: أردناه ولم نقبل منه .
ومثله قول الشاعر:
عصاني إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها (1)
معناه
عصيت إليها القلب إني لأمرها
معناه: فما أدري أرشد هو أم غي ؟ فحذف .
ومثله قول النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا ... لما يزل برحالنا وكأن قد

يريد: كأن قد زالت ، فحذف .
ومن ذلك أن يضمر أحد المذكورين ويظهر فعل الآخر لهما ، وذلك كقوله عز وجل: { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } [البقرة: 6] - إذا قرئ بكسر اللام - المراد: وألحقوا الغسل بأرجلكم .
وكقوله عز وجل: { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (18) } [الواقعة] ، ثم قال: { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) } [الواقعة] ، والمراد: ويؤتون بفاكهة ولحم طير ، لأن الفاكهة واللحم لا يطاف بهما .
وكذلك تأويل من قرأ: { وَحُورٌ عِينٌ (22) } [الواقعة] - بالجر - تقديره: ويتزوجون بحور عين ، فحذف ذلك أجمع .
ومن الحذف قوله عز وجل: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (78) } [الصافات] ، يعني: ذكرا حسنا ، وثناء جميلا .

القلم الحر
01-12-2011, 04:13 PM
ومن أقسام الفصاحة: التجنيس ، وهو أن يجمع بين كلمتين التقتا من حروف متجانسة ، وذلك مثل قوله عز وجل ، حاكيا عن صاحبة سليمان صلى الله عليه: { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) } [النمل] .
ومن ذلك قوله عز وجل:{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى }[ يونس:26] .
وكذلك قوله:{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى}[الروم: 1] .
وقوله عز وجل حاكيا عن يعقوب صلى الله عليه: { يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } [يوسف: 84] .
وكذلك قوله عز وجل: { يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) } [النور] .
وكذلك قوله عز وجل: { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) } [الليل] .
وقوله: { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم } [التوبة: 38] ، ولم يكثر هذا الباب في القرءان لما نذكره ، وكذلك في أشعار المتقدمين
والجمع بين الحروف المتجانسة يوجب للكلام ضربا من التنافر . ألا ترى إلى قول الأعشى:
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاو مشل شلول شلشل شول

كيف يظهر عليه التنافر ؟
وكذلك قول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر

فأما إذا وقع ذلك في الكلام لُمعاً ، فإنه يزيده حسنا وبهجة ، فلذلك - والله أعلم - وجد في القرءان قليلا ولم يكثر .

القلم الحر
01-12-2011, 04:21 PM
ومن أقسام الفصاحة: التلاؤم ، وهو نقيض التنافر ، وهذا الباب هو من أكثر أبواب الفصاحة ، وكنا نبهنا عليه في أول هذا الباب عند ذكرنا جزالة الألفاظ ، لكن أعدنا ذكره في آخر الباب لنوضحه فضل إيضاح ، لأنه هو العمدة . وذلك أن عامة ما ذكرنا من أقسام الفصاحة بل كلها غير هذا القسم ، للتكلف والتعمل فيها مجال ومسرح . ويمكن التوصل إليها باحتذاء آثار من تقدم فيها ، بأن يُتعلم طرائقها ، ويستفاد مناهجها ، وهذا القسم الذي هو التلاؤم يتعذر ، إلا أن يسمح به طبع مخصوص ، يعرف ذلك كل من ل‍ه أدنى حظ من الأدب والمعرفة بنقد الكلام .
وذلك أن التلاؤم به تكون العذوبة والحلاوة ، وعنه تكون حسن ديباجة الكلام ، ولهذا تجد الكلام المنظوم المنثور جيد السبك ، رصين النظم ، صحيح الوضع ، متسق المعنى . ومع ذلك تجده نابيا عن السمع ، نافرا عن الطبع ، إذا لم تحصل ل‍ه العذوبة التي يكون سببها التلاؤم .
واعلم أن التلاؤم يكون بتلاؤم الحروف ، وتلاؤم الحركات والسكنات ، وتلاؤم المعنى ، فإذا اجتمعت هذه الوجوه ، خرج الكلام غاية في العذوبة ، وفي حصول بعضها انحطاط درجة العذوبة عن الغاية
، وسائر أقسام الفصاحة مع عدم التلاؤم يُعد تكلفاً ، وكلما ظهرت الصنعة أكثر ، كان الكلام أقرب إلى أن يكون تعسفاً ، وإذا حسن التلاؤم ، وحسن معه يسير الصنعة أشرق تأليف الكلام ووضعه .
ألا ترى إلى قول الشاعر:
تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار
ألا يا حبذا نفحات نجد ... وريَّا روضه بعد القطار
شهور ينقضين وما شعرنا ... بأنصاف لهن ولا سرار

لما حصل التلاؤم حصل في النفس القبول التام مع قلة الصنعة فيه .
ومن ذلك قول القائل:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسَّح ركن البيت من هو ماسح
نزعنا بأطراف الأحاديث بيننا ... ومالت بأعناق المطي الأباطح (لكعب بن زهير )

ألا ترى إلى ديباجته كيف حسنت ؟ وإلى عذوبته كيف ظهرت ؟ وإلى سلامته كيف استمرت ؟ مع خلوه من الصنعة ، ووقوعه بالبعد عن التعمل .
وهذا باب تأملته في الأشعار والخطب ، والرسائل والمحاورات ، في الجد والهزل . وصح لك بيانه ، وقام عندك برهانه . وهذا القسم من الفصاحة موجود في القرءان من أوله إلى آخره ، وأهل هذا الشأن يختلفون في أجناس ذلك والتبين ل‍ه .
ومن كان منهم أعرف بنقد الكلام ، كان إلى تبيين ما ذكرناه أقرب ، فإن ساعده على ذلك الطبعُ الجيد ، كان في طريق تصوره أذهب ، وقد يكون في أهل كل صناعة من الشعر والخطب والرسائل مَن إذا سمع كلام غيره عرف صاحبه ، وميَّز بين طبعه وطبع غيره ، كما حكي أن جريرا رأى ذا الرمة ، وهو ينشد قصيدة أولها:
نبت عيناك عن طلل بحدوى ... .
فقال ل‍ه: ألا آمرك بأبيات تلحقها بشعرك ؟ فقال: بلى .
فقال:
يعد الناسبون إلى تميم ... بيوت المجد أربعة كبارا
يعدون الرباب لهم وعمرا ... وسعدا ثم حنظلة الخيارا
يعد الناسبون بني تميم ... كما ألغيت في الدية الحوارا
ويهلك بيتها المرئي لغوا

ثم أنشد ذو الرمة هذه القصيدة الفرزدق مع هذه الأبيات ، فلما انتهى إليها قال ل‍ه: مه ، فإن هذه الأبيات لأكلها أشد لحيين منك .
فميَّزَ بطبعه بين شعره وشعر جرير ، وهذا ظاهر بين أهله ، وإنما أردت أن أبين بهذا أن غباوة من يغضي عن هذه الحالة التي وصفناها في القرءان لا يؤثر فيها ، لشهرتها وظهورها عند أهله .
والذي أحوجنا إلى هذا التنبيه على هذا القسم ، أنه لا يظهر لكل من يفهم العربية ، ولا يمكن كما أمكن سائر أقسام الفصاحة ، لأن استدراكه يفتقر إلى العلوم الضرورية المعبَّر عنها بالطبع ، كما أن الاتيان به مفتقر إليه ، ولأن القرءان كله من هذا النمط .
والأَوجَهُ ذكر آيات منه ، لأنا نريد تنبيه المبتدئ والشادي عليه .
فمن ذلك قول الله عز وجل: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) } [النجم] وما بعدها .
وقوله عز وجل: { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى
يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) } [القصص] . . . إلى آخر القصة .
فتأمل هذه الألفاظ ووقوعها مواقعها ، لتعلم شرف هذا الكلام ، وهل تجد لفظة لسوء أبدل مكانها غيرها ، فنابت منابها حسنا وعذوبة ورونقا ؟! ألا ترى أنه عز وجل لو قال: (( والكوكب إذا سقط )) ، أو (( إذا غرب )) ، أو قال: (( إذا أفل )) ، لم يَنُب في الحسن مناب قوله تعالى: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) } .
ورأيت في كلام الجهال أنه لو قال: (( والنجم إذا علا )) ، كان أولى . ولن يكون ذلك ، فمن ل‍ه حاسة في هذا الباب . فبين اللفظتين في هذا الموضوع في باب الحلاوة والعذوبة ما لا يخفى على بصير .
ولو قال: (( ما زاغ نبيكم عن الهدى )) ، أو (( ما أخطأ رسولكم )) ، أو قال: (( ما حاد عن الرشد والهدى )) ، وما أشبه ذلك ، لم يغن غناء قوله عز وجل: { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) } .
ولو قال: (( فهرب منها مذعورا )) ، أو قال: (( مرعوبا )) ، أو غير ذلك من الألفاظ التي تؤدي معناها ، لم يسد مسد قوله عز وجل: { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } [القصص: 21] ، حلاوة وعذوبة .
ولو قيل: (( ولما أخذ على سمت مدين )) ، أو (( مضى حذاء مدين )) ، أو (( جهة مدين )) ، لم يقع موقع قوله عز وجل: { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ } [القصص: 22] . وكذلك عامة ألفاظ هذه الآيات ، فتأملها تجدها على ما أقول .
واعلم أن كثيراً من الألفاظ تكون ل‍ه حلاوة وعذوبة ، إذا وقع في بعض المواقع دون بعض ، وإنما حصلت لهذه الآيات العذوبة التامة ، لما حصل لحروفها من التلاؤم ، ولحركاتها وسكناتها من الاعتدال ، ولمعانيها من حسن الاطراد والمقاصد ، لأن الحروف لو لم تتلاءم لكان يحصل للكلام بعض التنافر .
والحركات والسكنات لو لم تعتدل لم يتم حسن النظم ، لأن كثرة الحركات توجب للكلام بعض الثقل .
ألا ترى إلى ما روى أهل العروض في جنس البسيط ، وزعموا: أنهم لقيهم رجل فأخذوا ماله وضربوا عنقه ، كيف حصل الثقل لما كثرت حركاته ؟!
وكثرة السكنات توجب لنسج الكلام بعض الضعف والسخافة . ولهذا صار الكلام موزونا باعتدال الحركات والسكنات ، ويتكسر البيت بخروج الحركات أو السكنات عن الاعتدال .
وأما حسن أطوار المعاني والمقاصد فلا بد منه ، لأن موضوع العبارة إنما هو للمعنى ، فإذا لم يحسن المعنى ، كان بمنزلة تعليق الحلي على المرأة الشوهاء .
ومن ذلك قوله عز وجل: { أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) } [النمل] ، وقوله عز وجل في أول السورة: { إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) } [النمل] . . . إلى آخر القصة .
وعلى نحو من هذا عامة هذه السورة ، وكذلك عامة السورة التي يذكر فيها القصص بعد هذا .
ومن ذلك قوله عز وجل: { حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) . . . إلى قوله: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) . . . إلى قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) } [غافر] (1) .
وقوله عز وجل بعد هذه الآيات: { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) } [غافر] . . . إلى آخر القصة .
ولو تتبعنا الآيات الجارية هذا المجرى في العذوبة ، وحسن الديباجة ، لاحتجنا أن نذكر عامة آيات القرءان ، ولكن نبهنا بما ذكرنا على ما سواه ، فتأمل - رحمك الله - مواقع هذه الألفاظ ، وحسن نظامها ، وخِفَّتها على السمع ، وقبول النفس لها ، واهتزازك لسماعها ، لتعلم حقيقة ما ذكرناه . وأنت إذا راعيت هذا الباب في عامة القرءان إذا تلوته ، تبينت صحة ما قلناه ، وظهر لك شواهده ، ووضحت دلائله .

القلم الحر
01-13-2011, 05:40 PM
ومن كبير أقسام الفصاحة: حسن التصرف .
وهذا الباب أيضا لا يمكن بالتعمل ، ولا يستجيب للمتكلف ، بل لا بد ل‍ه من العلوم الضرورية المعبَّر عنها بالطبع . وبهذا تفاضل الخطباء والشعراء وأصحاب الرسائل .
وإذا تأملت تصرف القرءان في المعاني المقصودة ، عرفت أنه زائد في الحسن على تصرف جميع أقسام الكلام وأنواعه ، وشهد لك قلبك أنه ليس من كلام البشر ، لمجاوزته في الحسن جميع كلامهم ، لأنك تجد عامة كلام الناس إذا أخذوا في الاقتصاص والتصرف في المعاني المختلفة
والأغراض المتباينة ، والمقاصد المتغايرة ، يضعف بناؤه ، ويَهِي نسجه ، ويظهر عليه الاختلال ، وحال القرءان بخلاف ذلك .
ألا ترى إلى قوله عز وجل: { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) } [الرعد] .
ومعنى هذه الآية: معنى كلمي ، فإذا أردت أن تعرف حال هذا التصرف ، وشريف موقعه ، فتأمل كلام المتكلمين . هل تجد لشيء منها هذا الجنس الرابع ؟لأنه جمع فيها بين حسن المعنى وشرف الوضوح ، وجزالة اللفظ وعذوبته ، مع جمع المقاصد الكثيرة في ألفاظ يسيرة ، بحيث ربط بعضها ببعض ، وحسم عنها مطاعن المعترضين . من ذلك قوله عز وجل بعد هذه الآية: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) } [الرعد] ، فتأمل ما جمعت هذه الآية من المعاني ، بأن ذكر جهل القوم باستعجالهم السيئة قبل الحسنة ، ثم بيَّن عز وجل أنه أنزل العذاب بمن كان قبلهم من المنحرفين عن طاعته ، المسرعين إلى معصيته ، زاجراً لهم عما هم فيه ، ومحذراً لهم عواقب مَن قبلهم .
ثم بَيَّن لهم أنه عز وجل يغفر لعباده وإن كانوا ظالمين ، إذا تابوا وأنابوا ، وأنه عز وجل شديد العقاب ، لمن أصرَّ وأقام على ما نهي عنه . فجمع هذه المعاني وكساها حسن اللفظ ، إذ فيه ما يسميه أهل الصنعة: المطابق . لأنه ذكر الحسنة والسيئة ، والمغفرة والعقاب ، مع الجزالة والعذوبة . فهل يكون في التصرف أحسن من هذا ؟!!
ثم تأمل من هذه السورة قوله عز وجل: { اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) . . .
إلى قوله: وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ (14) } [الرعد] ، وتأمل عامة هذه السورة وما في آياتها من حسن التصرف ، وضرب الأمثال .
وتأمل قول الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء } [النساء: 1] ، ثم تأمل آية المواريث ، فإن معناها معنى فقهي
فانظر هل تجد ما يقارب ذلك في شيء من ألفاظ الفقهاء ؟ وإذا أردت ذلك فتأمل أقاصيص القرءان وأحكامه ، لترى من ذلك ما يبهر عقلك ، ويكشف لك أنه كلام مرتفع عن كلام البشر أجمع ، وعلى هذا تجد ما يتضمن الوعد والوعيد ، وأدلة العدل والتوحيد .
وإذا تأملت ذلك ، فتأمل أشعار العرب من جاهلي ، أو مخضرمي ، أو إسلامي ، وتأمل أشعار المحدثين ، وتأمل الخطب المحفوظة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن أمير المؤمنين ، وسائر الصحابة ، ومن بعدهم أو قبلهم من الفصحاء ، تجد القرءان مبايناً لها ،
مميزا بمزايا أقسام الفصاحة عليها ، فيتضح عندك أنه على ما ادعيناه في أعلى طبقات الفصاحة ، وأن من ذهب من العلماء إلى أن الاعجاز راجع إلى مجرد الفصاحة لم يبعد عن الصواب كل البعد ، وإن كان الأصح عندي على ما قدمت أنه راجع إلى النظم والفصاحة معاً .
ومما يبين بلوغ القرءان غاية الفصاحة ، أن الشاعر ربما ضمَّن لفظة من القرءان بيتا من الشعر ، أو حشا الخطيب بها فصلا من الخطب ، أو وشَّح الكاتب بها موضعا من الرسالة ، فيتميز بحسنها عن غيرها ، ويتبين ببهجتها على ما سواها ، ويصير الموضع الذي تضمنها غرة من سائره ، وبحسنه الذي اكتسبه من تلك اللفظة ، وزبرجه الذي استعاره منها .
ومما يبين ذلك: أن كثيرا من الفصحاء ، وُجِدَ في كلامهم كلمات فصيحة رائعة ، صارت لبلاغتها أمثالاً سائرة ، ووُجِدَ معناها في القرءان ، إلا أنك إذا تأملتها وجدت التفاهم بينها كثيرا ، وظهر لك فضل ألفاظ القرءان على تلك الألفاظ ظهوراً تاماً . فمنها ثلاث كلمات تذكر عن أمير المؤمنين إحداها : (( مَن جهل شيئا عاداه )) ، ومثله قول الله عز وجل: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) } [الأحقاف] ، وقوله: { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } [يونس: 39] .
والثانية: (( أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما )) وفي قريب من معناه قوله عز وجل: { عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً } [الممتحنة] .
والثالثة: (( المرء مخبوء تحت لسانه )) ، وفي قريب من معناه قوله عز وجل: { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } [محمد: 30] . فتأمل التفاوت الذي بين تلك الكلمات الثلاث ، وبين ألفاظ الآيات التي ذكرناها ، يَبِنْ لك صحة ما ادعيناه .
ومن ذلك قول الله عز وجل: { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل: 88] ، فانظر كم بينه وبين قول الشاعر:
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم ... وقوف لحاج والركاب تهملج(النابغة )
:

القلم الحر
01-13-2011, 05:46 PM
ومن ذلك قوله عز وجل: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ } [البقرة: 179] ، وفي معناه قيل ما قدمنا ذكره: (( بعض القتل أحيا للجميع )) ، وقيل: (( القتل أفلُّ للقتل )) ، فلم تلحق واحدة من الكلمتين بشأوِ قوله عز وجل: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } .
ومما افتخر به النابغة قوله :
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

فانظر أين يقع ذلك من قوله عز وجل: { واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19) } [البقرة] ، ومن قوله: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } [الأنعام: 13] .
وقد ذكرنا فيما مضى ما قيل في معنى قول الله تعالى: { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } [المنافقون: 4] .
وقد عُدَّ من فصيح الكلام ما حكي عن بعض المتقدمين من قوله: (( سل الأرض من شق أنهارك ، وغرس أشجارك ، فأخرج ثمارك ، فإن لم تجبك حوارا ، أجابتك اعتبارا )) . فانظر أين يقع ذلك من قول الله عز وجل: { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) } [النمل] ؟! بل أين يقع ذلك من قوله: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِزْقًا لِّلْعِبَادِ } [ق] ؟!
ومن الكلام الفصيح قول الشاعر:
بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل (حسان بن ثابت )

لكن أين يقع ذلك من قول الله عز وجل ، حاكيا عن أهل النار: { سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21) } [إبراهيم] ؟!! وتتبُّعُ هذا مما يطول لكثرته . وفيما ذكرناه كفاية

القلم الحر
01-14-2011, 07:25 AM
نختم بنماذج من فصاحة الكتاب العزيز
1-قوله سبحانه: (وَ مِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ)
إنّ لهذه الآية تمّيزاً ذاتياً عن كلام البشر، لا يتمارى فيه منصف، ولا يشتبه على من له ذوق في معرفة فصاحة الكلام. وذلك التميز رهن فصاحة أبنيتها،وعذوبة تركيب أحرفها، وكونها مجانبة للوحشي الغريب، وبعدها عن الركيك المسترذل، مضافاً إلى سلاسة صيغها.
فإنّه سبحانه قال: (الجَوَار)، ولم يقل: «الفُلْك»، لما في الجَرْي من الإشارة إلى باهر القُدرة حيث أجراها بالريح، وهي أرق الأشياء وألطفها، فحرّك ما هو أثقل الأمور، وأعظمها في الجرم. (والفُلْك، وإن كان مثل الجوار في العذوبة، لكنه يفقد النكتة الّتي يشملها الآخر).
وقال سبحانه (في البحر)، ولم يقل: «في الطمطام». ولا: «في العُباب». والكل من أسماء البحر، لأنّ البحر أسهل وأسلس، وبالتالي أعذب وأجمل.
وقال سبحانه: (كالأعلام)، ولم يقل: «كالروابي»، ولا: «كالاكام»، إيثاراً للأخف الملتذ به، وعدولاً عن الوحشي المشترك
2-من عجائب القرآن أنّه يعمد إلى ألفاظ ذات تركيب يغلب عليه الثقل والخشونة، فيجمعها في معرض واحد، ثم ينظم منها آياته، فإذا هي وضيئة مشرقة، متعانقة متناسقة. ومن نماذج ذلك، قوله سبحانه:
(قَالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ)
إسمعها، هل تجد نَْبَرةً تخدش أذنك؟. واقرأها، فهل تجد لفظاً يتعسر على شفتيك، أو يضطرب في لسانك، فيا لها من سلاسة وعذوبة واتّساق، مع أنّ فيها كلمات ثقيلة بمفردها ثقلاً واضحاً في الأذن وعلى اللسان، أعني قوله: «تالله... تفتؤا... حَرَضاً». ولكنها حين اجتمعت في نظم قرآني، خفّ ثقيلها، ولان يابسها. وسلس جامحها، وانقاد وذلّ نافرها، فإذا هي عرائس مجلوة، تختال في روض نضير. فهذه ثلاث كلمات من أثقل الكلام، قد انتظمت مع خمس كلمات أخرى، فكان من ثمانيتها عقد نظيم يقطر ملاحة وحسناً.
3-من بدائع القرآن وغرائبه، أنّه يكرر الحرف الثقيل في آية واحدة، ولكنه يلطفه بحروف خفيفة بنحو يعلو مجموعه العذوبة والخفة، مكان الثقل والخشونة، ومن هذا النوع قوله سبحانه: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَم مِنَّا وَ بَرَكَات عَلَيْكَ وَ عَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَكَ وَ أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ)
فقد جمعت هذه الآية ثمانية عشر ميماً، منثورة بين كلماتها، حتى كأنّ الآية مشكلة كلّها من ميمات، كماترى في «أمم ممن معك... وأمم سنمتعهم»، ومع هذا فإنّك إذ ترتل الآية الكريمة على الوجه الّذي يُرَتَّل به القرآن، لاتحسّ أنّ هنا حرفاً ثقيلاً قد تكرر تكراراً غير مألوف، بل تجد الآية قد توازنت كلماتها وتناغمت مقاطعها في أعدل صورة وأكملها فلا تنافر بين حرف وحرف، ولا تباغض بين كلمة وكلمة.
ونظير هذا قوله سبحانه: (قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)
ففي الآية عشر ميمات، قد جاءت في مطلعها، ولكنها مع ذلك كأنّها ميم واحدة، ولو أنّ حرفاً آخر دخل في نظم الآية لما انبعث منها هذا الصوت القوي المجلجل، الّذي يقتضيه المقام هنا، ولتفككت أوصال النظم وتخاذلت قواه.
وهكذا، إنّ القاف من أثقل الحروف نطقاً، تستنفر طاقة الحلق واللسان ليشتركا في حملها وإخراجها مخرج الأصوات. ومع هذا الثقل، فقد جاءت في بعض الآيات مكررة بصورة مأنوسة لا يلتفت قارئها إلى التكرار، ولا يجد فيها الجهد والعناء.

4-قال سبحانه: (وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
فقد جاء فيها أحد عشر قافاً، لو نثرت هذه القافات في كلام أبسط من هذا، لظهر عليه الثقل، ولكنها جاءت في هذه الآية من غير أن تحدث قلقاً واضطراباً. وإنّما حصل هذا، لكثرة الباءات واللامات في الآية، فإنّ الباء مخرجها الشفة، فهي أخفّ الحروف، وتليها اللام في الخفة، فإنّ مخرجها اللسان. وقد بلغت عدّة الباء أحد عشر، واللام خمس عشر، فأوجب كثرة دوران هذين الحرفين، تلطيفاً في الثقل الّذي توجبه القاف في كيان الآية.
ومثل ذلك، قوله سبحانه: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَ قَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ وَ نَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقَ)
فقد اجتمعت فيها عشر قافات، وتكررت فيها اللام أحد عشر مرة، فكسرت حدّة الثقل في القاف، فترى ماءَ الحُسْن يترقرق على محياها، والملاحة تقطر من جبينها

القلم الحر
01-14-2011, 07:47 AM
تم مناقشة الشبهات حول التحدى القرانى
و القاء ضوء على اعجاز القران فى الفصاحة بما يعقله العالمون و من ليس له قدم فى ذلك يكفيه ثبوت عجز العرب عن معارضة القران حتى آثروا المقابلة بالسيوف و ركوب الحتوف على المقاومة بالحروف
و اختاروا التعرض لحروب طاحنة ، وبذل أموال ، ومفارقة أوطان ، وتحمل شدائد ومكاره و لو امكنهم المعارضة بسورة واحدة لاستراحوا من كل ذلك
كيف و قد اصاب منهم موضع عزتهم و فخارهم اعنى البيان و الفصاحة ؟
و هم الاعداء الالداء و اباة الضيم الاعزاء
لكنهم لم يجدوا ثغرة ينفذون منها الى معارضته بل وجدوا انفسهم منه امام طود شامخ
فما اسطاعوا ان يظهروه و ما استطاعوا له نقبا
و نشير الى معنى المعارضة التى عجز عنها العرب و خصوم القران العظيم
المعارضة التى عرفها العرب أن الرجل إذا أنشأ خطبة أو قال شعرا ، يجي الآخر فيجاريه في لفظه ويباريه في معناه ليوازن بين الكلامين، فيحكم بالفلج على أحد الطرفين.
اى ان من طلب معارضة القران عليه الاتيان بكلام يتحد مع الكلام المعارض في جهة من الجهات ، أو غرض من الاغراض ، ولكنه يأتي بكلام مستقل في ألفاظه وتركيبه
وليس معنى المعارضة أن يقلد الكلام المعارض في تركيبه ويتصرف فيه بتبديل بعض ألفاظه ببعض ، وإلا لامكنت معارضة كل كلام بهذا النحو من المعارضة .
و قد ناقش العبد الفقير نموذجا لمعارضة كتبها بعض الخصوم و عليها فقس ما تراه من مهازل :

http://www.eltwhed.com/vb/showpost.php?p=94973&postcount=33

القلم الحر
01-14-2011, 08:33 AM
تنبيه :
ما ذكرناه من معنى المعارضة و التحدى ينطبق على كل سور القران الطوال منها و القصار
فمفاده ان البشر عاجزون عن معارضة اى سورة قرانية , بان يطلبوا الابانة عن غرضها بكلام فصيح فانهم لا يقدرون على الاتيان بافصح من تلك السورة بذاك النظم

القلم الحر
01-14-2011, 09:24 AM
لا يفوتنى التنبيه على اهمية كتاب " النبأ العظيم " للعلامة محمد عبد الله دراز ففيه بغية الرائد و ضالة الناشد
و الكتاب متوفر على الشبكة ادعو الجميع لتحميله
http://www.4shared.com/get/46394097/fd2010d7/__online.html
و من درره فى الحديث عن " الايجاز " الذى سبق تناوله :
ان القران يستثمر دائما برفق اقل ما يمكن من لفظ فى توليد اكثر ما يمكن من المعانى
اجل تلك ظاهرة بارزة فيه كله
يستوى فيها مواضع اجماله التى يسميها الناس مقام الايجاز و مواضع تفصيله التى يسمونها مقام الاطناب و لذلك نسمية ايجازا كله
لاننا نراه فى كلا المقامين لا يجاوز سبيل القصد و لا يميل الى الاسراف ميلا ما , و نرى ان مراميه فى كلا المققامين لا يمكن تاديتها كاملة العناصر و الحلى باقل من الفاظه و لا بما يساويها
فليس فيه كلمة الا هى مفتاح لفائدة جليلة ,و ليس فيه حرف الا جاء لمعنى "
بعد ان اشار الى ان من خصائص القران فى قطعة قطعة منه : القصد فى اللفظ و الوفاء بحق المعنى , فى خصائص اخرى شرحها
و من درره :
الجديد فى لغة القران انه فى ىء يتناوله من شئون القول يتخير له اشرف المواد و امسها رحما بالمعنى المراد و اجمعها للشوارد و اقبلها للامتزاج , و يضع كل مثقال ذرة فى موضعها الذى هو احق بها : بحيث لا يجد اللفظ فى معناه الا مراته الناصعة و لا يجد اللفظ فى معناه الا وطنه الامين "
فهذا غيض من فيض النبا العظيم


ملحوظة :
يثير بعض اشباه العجم شبهات لغوية حول الكتاب المعجز و مطاعن على روعة فصاحته المعجزة, و ما هى عند العارفين بلسان العرب الا كصرير باب او طنين ذباب
و من يك ذا فم مر مريض * يجد مرا به العسل الرضابا
ومن اجود ما فى تفنيد تلك الشبهات و امثالها : كتاب "عصمة القران الكريم " للدكتورابراهيم عوض حفظه الله
و مما انتقد على الكتاب العزيز ما يسمونه التكرار , و ليس فى الكتاب العزيز تكرار - لمن تدبره - بل هو كما قال تعالى "متشابه مثانى "و المثانى على قول من التثنية , فقد تقرا السورة و السورة فتجد تشابها لكنك لا تلبث ان تجد نفسك امام شىء جديد فانت من تصريف السور فى الغرض الواحد فى استمرار و فى تجدد معا يذكرك بقوله تعالى"كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً "
فاللون واحد و الطعم مختلف " يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ "
و يكفى ردا قول الخصم معروف الرصافى:
(و من العجيب الذى ما فوقه عجب ان القران بتاثيره على نفوس قارئيه و سامعيه مدين لهذا التكرار , فليس من السهل و لا من المتعارف عند اولى البيان ان يكرر كتاب هذا التكرار ,فيخرج منه سليما غير معيب الا القران )

و كلامه اقرار بأن فى القران شىء ليس بمقدور البشر الذين عبر عنهم باولى البيان

القلم الحر
01-17-2011, 12:46 AM
هل هناك ادلة تنفى نبوة محمد ؟
لقد تقرر عند العقلاء ان اليقينيات لا تتعارض
و ما تقدم يثبت نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم- يقينا
و اليقين لا ينقض بالشك وهذا حكم العقل المجرد ، لأن قيمة العلم ذاتية ، وحتى من يقول بأن قيمة العلم عارضة فلا يستطع أن ينقض اليقين بالشك. فإن أدلة الإثبات إذا أوجدت يقينا فلن تستطيع أن تنفيها بالشك والاحتمالات، ولا ينقض اليقين إلا اليقين.
و العرش قبل النقش .
فالملحد لا معنى لنقاشه امر النبوة لانه لا يؤمن باله اصلا حتى يناقش فى ثبوت نبوة انبياء الله فهل هو مجنون ليبحث عن رسولٍ لمرسِلٍ غير موجود عنده؟
و اللادينى المؤمن باله لا يتصل بخلقه يثبت الها مجردا من الحكمة
لان الحكمة تقتضى بعثة الانبياء الى البشر
فالبشر محتاجون إلى التكليف في طريق تكاملهم ، فإذا لم يكلفهم الله سبحانه ، فإما أن يكون ذلك لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف ، وهذا جهل يتنزه عنه الحق تعالى ، وإما لان الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم ، وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق ، وإما لانه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك ،
وهو عجز يمتنع على القادر المطلق ، وإذن فلا بد من تكليف البشر ، ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلغ من نوع البشر يوقفهم على خفي التكليف وجليه
كما ان الإنسان «مدني بالطبع و الحياة الإِجتماعية رهن القانون و يجب ان يكون المقنّن عارفاً بالإنسان عرفاناً كاملاً، واقفا على زوايا روحه وأعماق ضميره وخصوصيات بدنه وطاقاته، وما يرجع إليه بالصلاح أو الفساد
و الا يكون المقنِّن منتفعاً بالقانون وهذا الشرط بديهي
و يضاف لما سبق :إصلاح الباطن فللعقيدة دورها وأثرها في اختيار الفعل وانتخابه وكلُّ ما يصدر من الإنسان من فعل أو ترك فهو وليد عقيدته وتفكيره فالمؤمن بالله وشرائعه يسعى للإتيان بأعمال يرضي بها ربَّه، كما أنّ الملحد والكافر به وبشرائعه يسعى إلى الأعمال الّتي فيها رضى غرائزه ومتطلبات نفسه.
فالضمان الكامل لإجراء القانون لا يتحقق إلا بتوجه المقنن إلى إصلاح الباطن مع إصلاح الظاهر، ولا يكون نظره محصوراً بوضع الضوابط الماديَّة الجافّة

هذه أبرز الجهات الوافية بكمال القانون فهلمّ نرى أين تتحقق هذه الشرائط، وعند مَنْ؟.
أما الشرط الأول، فإنا لن نجد في صفحة الوجود موجوداً أعرف بالإنسان من خالقه، فإن صانع المصنوع أعرف به من غيره. يقول سبحانه: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ)(.
واما الشرط الثاني، فلن نجد أيضا موجوداً مجرداً عن أي فقر وحاجة وانتفاع سواه سبحانه، ووجه ذلك أن الإنسان مجبول على حب الذات، فهو مهما جردّ نفسه من تبعات غرائزه، لن يستطيع التخلص من هذه النزعة، وإلا لزم أن ينسى نفسه، ويَخْرُجَ بالتالي من عداد البشر.
وأما الشرط الثالث، أي تشريع القانون على صرح الإيمان والإعتقاد بصحة التشريع، فلن نجده أيضاً في غيره سبحانه، لأنه يدعو إلى ربوبية نفسه وعبوديّة غيره، ويبين للناس أن صلاحهم في إطاعته وشقاءهم في مخالفته وبهذا يسري قانونُه وتشريعُه في الحياة والمجتمعات البشرية سريان الماء في الشجر والنبات، ويكون مضمون الإجراء والتطبيق
فمن يثبت الها لا يكلف البشر و يتصل بهم فقد جرد الخالق من الحكمة
و على هذا الاساس تنهار شبهات اللادينيين لان مدار اغلبها على ادعاء مخالفة الرسالة او الرسول للحكمة و العدل /وهم لا يؤمنون باله حكيم اصلا فاى قيمة لاشكالاتهم و هم غارقون فى وحل الجهالة و التناقض الفكرى
لذا نقول ان النقاش مع هؤلاء يكون في المقدمات لا الموضوعات،

و حجة الاسلام اوضح من الشمس فى رائعة النهار لا يطفىء نوره شبهات الخفافيش فكلها تحت قدم الحجة و البرهان
و نضرب مثالا لشبهات هؤلاء المتناقضين
الشهوانية / يثير الخصوم شبهات حول زيجات النبى و يشنعون
لكن تامل حقيقة مدهشة هى ان هؤلاء المشنعين لا يوجد اى مانع لديهم ان ينكحوا امهاتهم طالما انه بالتراضى !
- فمن يقبل هذا كيف يستشنع شيئا لولا الحقد و العمى؟
و من قرأ حياته صلى الله عليه و اله وهو في شرخ شبابه إلى ان ذرّف العقد السادس من عمره الشريف يقف، على أنّه كان بعيداً عن أيّ عمل يمت إلى ذلك بصلة.

«فهو قد تزوج خديجة وهو في الثالثة والعشرين من عمره وهو في شرخ الصبا، وريعان الفتوة، ووسامة الطلعة، وجمال القسمات وكمال الرجولية، ومع ذلك ظلَّت خديجة وحدها زوجه ثماني وعشرين سنة حتى تخطّى الخمسين، هذا على حين كان تعدد الزوجات أمراً شائعاً بين العرب في ذلك العهد وعلى حين كان لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مندوحة في التزويج على خديجة أن لم يعش له منها ذَكَر، في وقت كان تُوأد فيه البنات، وكان الذكور وحدهم هم الذين يعتبرون خلفاً وقد ظل النبي مع خديجة سبع عشرة سنة قبل بعثه وإحدى عشرة سنة بعده وهو لا يفكر قط في أن يُشرك معها غيرها في فراشه، ولم يعرف عنه في حياة خديجة ولم يعرف عنه قبل زواجه منها، انّه كان ممن تغريهم مَفاتن النساء، في وقت لم يكن فيه على النساء حجاب بل كانت النساء يتبرجنَّ فيه ويبدينّ من زينتهنّ ما حرّم الاِسلام من بعد».

فمن غير الطبيعي ان تراه وقد تخطى الخمسين ينقلب فجأة هذا الانقلاب ..

وأمّا تعدد زوجاته ونسائه، فمن قرأ صفحات تاريخه يقف على أنّه كان لاَجل غايات سياسية أو اجتماعية أو ما يشبههما.

مثلاً انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشرك مع خديجة أحداً مدى 28 سنة، فلمّا قبضها اللّه إليه تزوج سودة بنت زمعة أرملة السكران بن عمرو بن عبد شمس، ولم يرو راو انّ سودة كانت من الجمال أو من الثروة أو من المكانة بما يجعل لمطمع من مطامع الدنيا أثراً في زواجه بها، إنّما كانت سودة زوجاً لرجل من السابقين إلى الاِسلام الذين احتملوا في سبيله الاَذى والذين هاجروا إلى الحبشة بعد ان أمرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهجرة وراء البحر إليها، وقد أسلمت سودة وهاجرت معه وعانت من المشاق ما عانى، ولقيت من الاَذى مالقي، فإذا تزوّجها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك ليعولها وليرتفع بمكانتها إلى أُمومة الموَمنين، فذلك أمر يستحق من أجله أسمى التقدير وأجلَّ الحمد.)
فاغلب زيجاته فرضت عليه لاعتبارات انسانية سامية مثل مواساة وتشريف زوجة شهيد أو مهاجر مات بين اصحابه في هجرته

أو توثيق بعض الروابط القبلية بين القبائل التي تعاهد معها

أو ايجاد جو مناسب لعتق اسرى قبيلة باكملها _ وقد كانوا بالفعل في ايدى المسلمين واعتقهم المسلمون في الحال نظرا لقرابتهم الجديدة بالرسول ..

هذا مع ملاحظة اعباءه وهمومه المختلفة مثل :
اقامة الصلوات الخمس من الفجر حتى العشاء،
وتعليم القرآن،
وتوزيع الصدقات العامة،
والفصل في المنازعات،
ومقابلة الوفود، ومراسلة الملوك،
وقيادة المعارك العسكرية،
وسن التشريع، وتاسيس الدولة ..

و باختصار العناية بكل شيء وبكل الناس ثم بعد ذلك قيام الليل راكعا أو ساجدا أو قائما

كل هذا يدعونا إلى القطع بان الباعث الحقيقى على الزواج هو شيء آخر بعيد كل البعد عن ارضاء الغريزة

مثال اخر
يثيرون ايضا شبهة الدموية و نحوه و نقول :
ان من لا يؤمن بحكمة الاله كيف يعتبر اى تصرف غير حكيم من مدعى نبوة دليلا على انه ليس نبى ؟

الا يعقلون ؟
و الحق ان القرآن الكريم ينهى عن إهلاك الحرث والنسل
قال تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الاَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ)
كماان الإسلام كرّم بني آدم
فالأصل الأوّلي في الإنسان عموماً ، هو أن يكون مكرّماً ، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وهذا يشمل المسلمين وغير المسلمين ، هذا هو الأصل الأوّلي ، فاى انسان كما نقل عن الامام على "إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق" والجهاد فى الاسلام اما: دفاعي او ابتداءا ، والجهاد الدفاعي ، هو استخدام لغة القوّة ردّاً على استخدام العدو للغة القوّة ، أمّا الجهاد ابتداءا فهو جهاد دفاعي أيضاً مع فارق أنّ فيه مبادرة باستخدام القوّة العسكرية مع وجود الغطاء الحقوقي ، وبالتالي يكون جهاداً دفاعياً في المصطلح الحقوقي لا الفقهى
و من عد من قتل من المشركين فى معارك النبى يدهشه قلتهم
و كما يقول الشيخ محمد الغزالى : (ان أشرف قتال وقع على ظهر الأرض هو القتال الذى خاضه محمد وأصحابه ..ولقد شعرت بشىء غير قليل من الضيق وأنا أقرأ قول الكاتب الأسيوطى “ توفى محمد عن ثلاث وستين سنة بعدما رفرفت راية التوحيد وطهرت الأرض من الوثنية فى أعقاب غزوات ضارية، متعددة بلغت تسع عشرة غزوة هى على التوالى: العشيرة، بدر، أحد، الرجيع، رعل وذكوان، الخندق، بنو قريظة، ذات الرقاع، بنو المصطلق، الحديبية، خيبر، مؤتة، تبوك، الفتح، حنين، الطائف، ذات السلاسل، سيف البحر “ .
وبغض النظر عن الترتيب التاريخى، ما رأى القارئ إذا قلت له: إن عشراً منها على الأقل لم يقتل فيها أكثر من عشرة أشخاص هم مجموع خسائر المشركين !!!
وأن جملة الوثنيين فى شتى المعارك الكبرى تتجاوز المائتين قليلاً .
هذه هى الغزوات الضارية خسائرها الحربية عشر، بل نصف عشر الفتنة التى وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت فى عيد “ سان بارتلميو “ !! .))

الرق
و يثيرون شبهة الرق , مع من اعظم مزايا الاسلام انه شجع على تحرير العبيد !
وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية عند المسلمين ترغّب الإنسان في تحرير العبيد بالثواب الجزيل كما أنّ التشريع الإسلامي جعل بعض الكفارات عتق رقبة عبد ، بل الكثير من الكفارات لا تقع إلاّ بتحرير رقبة لأجل تطويق ظاهرة الرق ، كما أنّ الإسلام قد حثّ على معاملة العبيد بالرفق والحسنى
إذن الإسلام كان عنده برنامج للقضاء على هذه الظاهرة ، قد تحمل لون العقوبة في الكفارة على الشخص المخالف للحكم الشرعي ، ولكنّها تحمل في طرفها الآخر تحرير للعبد ، كما أنّ التشريع قد أوجب على السيد الذي يملك الأسير نفقته وضمانه الصحي وضمانه الاجتماعي ومسؤوليته الجنائية ، وسيتحمّل الكثير من أجل أن يبقى هذا العبد تحت عهدته .
و القضاء الفورى على الظاهرة مما يقوله السطحيون لأن هناك إقطاعيات كبرى فيها عبيد يمكن أن يكونوا هم أنفسهم اكبر خطر على من يريد تحريرهم. كما حدث لأمريكا وأوربا فقد طافت البلدان معارك عظمى في سبيل تحرير العبيد. قام بها العبيد انفسهم بسبب تجييش ملاكهم لهم.
و لم يسترق المسلمون في حروبهم إلا بالمعاهدة
والاسترقاق له شروط منها انه حكم مثلي أي المقابلة بالمثل. أي اسر من كان في المعركة من رجال ونساء محاربين وليس هو الهجوم على الآمنين وأسرهم في منازلهم،

لكن ما اهمية هذا الرد طالما ان من يثير الاشكال لا يؤمن باله حكيم اصلا ؟
و لو اثبت حكمة الخالق لزمه كما سبق اثبات وجود انبياء و لن يجد نبيا كمحمد
و من تناقضهم انكارهم معجزات النبى رغم شهرة كثير منها كما سبق بيانه ,و احتجاجهم باحاديث احاد مع تجاهل ما فى كتب الحديث من معجزات النبى و دلائل صدقه و اذا نوقشوا فيه قالوا انها من وضع المسلمين مع ان المنطق ان من يروى ما ظاهره ضد دينه فانه لا يكذب نصرة لدينه ,بل كان عليه كتم ما يحتج به الخصم
و تراهم يلغطون حول الزواج من زينب بنت جحش و تحريم التبنى سعيا لاثبات ان النبى كان يشرع لمصلحته , و يقال لهم اذا كان هو مؤلف الوحى فلماذا اذن ايات التشديد للتكليف ؟
لماذا الف سورة المزمل فارضا على نفسه قيام نصف الليل حتى تتورم قدماه ؟
هل هذا العابد الطاهر هو من تشككون فى صدقه ؟
بقى ما يثار من دعاوى اخطاء او تناقضات فى القران و كلها لا تصمد امام النقد العلمى , و قد اثبتنا اعجازه بما يكفى العاقل المنصف
و فى ما تقدم ناقشنا شبهات اخرى و لا يعنينا تتبع كل اشكال يثيره الحاقدون او الجهال بعد ما ثبت يقينا نبوة ابى الزهراء
فلا يوجد دليل حقيقى ينفى النبوة المحمدية و يصلح لمناهضة ادلتها القاطعة

القلم الحر
01-17-2011, 09:59 AM
اشرنا الى الفرق المهم بين المؤمنين و بين اللادينيين و هو نفى اللادينية لحكمة الخالق و ذكرنا ادلة على لزوم بعثة الانبياء و تنافى عدم البعثة مع الحكمة ,
فان نفى التكليف الالهى و بعثة الانبياء يعنى ان الخالق اوجد البشر عبثا بلا غاية او غرض

و البشر كما مر فى حاجة للتكليف و فى حاجة إلى القانون الكامل الذى بينا انه لا بد ان يكون من عند الخالق,و نضيف ان البشر ايضا فى حاجة الى المعرفة
فتامل قصور العلم البشري في العلوم الالهية، فان هناك الملايين من البشر يقطنون بلدان جنوب شرق آسيا على مستوى راق في الصناعات والعلوم الطبيعية، إلى حد أوقعوا العالم في إسارة استهلاك مصنوعاتهم، ومع ذلك فهم في الدرجة السفلى في المعارف الالهية. فجلّهم ـ إن لم يكن كلّهم ـ عبّاد الأصنام والأوثان، وأسراء الأحجار والاخشاب.

وقد بلغ الحد في بلاد اليابان أن جعلوا لكل حادثة ربّاً، حتى أن هناك رباً باسم «رب الزواج»، يتوسل إليه البنات الذين تأخروا في الزواج، ليؤمن لهم الأزواج المناسبين.

وببابك بلاد الهند الشاسعة، وما يعتقده مئات الملايين من أهلها من قداسة وتأله في «البقر». وليست بعيدة عنّا أيام أصاب الجوع تلك البلاد، وأصدر المجلس العام إجازة بذبح قسم من الأبقار لسدّ الجوع ورفع الموت عن أبناء الشعب، فقد ثارت ثائرة الجماهير إلى الحدّ الّذي أجبر الحكومة على إلغاء القانون. فرضوا أنه يموت الإنسان بجوعه، ويعيش البقر بأطيب عيشه، يأكل محاصيلهم ويتلف ممتلكاتهم.

فإذا كان هذا هو حال المعارف الإلهية في عصر الفضاء والذرة، وبعد ما جاءت الرسل تترى لهداية البشر، فما هو حالها في غابر القرون والأزمان؟!. بل بأي صورة ياترى كان وضعنا الان لولا الهداية الإلهية عن طريق الرسل؟!.

نعم، هناك نوابغ في التاريخ عرفوا الحق وتعرفوا عليه عن طريق التفكير والتعقل، كسقراط وأفلاطون وأرسطو. ولكنهم أُناس استثنائيون، لا يعدون معياراً في البحث، ولا ميزاناً في نفي لزوم البعثة،. وكونهم عارفين بالتوحيد، لا يكون دليلاً على مقدرة الآخرين عليه. على أنه من المحتمل جداً أن يكون وقوفهم على هذه المعارف في ظل ما وصل اليهم من التعاليم السماوية عن طريق رسله سبحانه وأنبيائه.

اضف اليه قصور العلم الإنساني عن تشخيص منافع البشر والمجتمعات ومضارّها، ويدل على ذلك: أولاً ـ إن المجتمع الإنساني ـ مع ما بلغه من الغرور العلمي ـ لم يقف بعد على ألفباء الأقتصاد. فقد انقسم العالم الحديث إلى طائفتين: واحدة تزعم أن سعادة البشرية في نظام الرأسمالية والإقتصاد الحر المطلق، وانه هو العامل الوحيد لرفاه المجتمعات وتفجّر الطاقات. والأخرى تدّعي أنّ سعادة البشر في النظام الاشتراكي بدءً والشيوعي غايةً، فالسعادة كلها في سلب الملكية عن أدوات الإنتاج وتفويضها إلى الدولة الحاكمة.

فلو كان الإنسان قادراً بحق على تشخيص المصالح والمفاسد، وما ينفعه وما يضره، لما حصل هذا الإختلاف، الّذي انجر إلى انقسام خطير بين دول العالم.

وكما أن الإنسان لم يصل إلى النظام الاقتصادي النافع له، فهو كذلك لم يصل إلى وفاق في مجال الأخلاق وقد تعددت المناهج الأخلاقية في العصر الأخير إلى حد التضاد فيما بينها.
و قد جاء في الكتاب العزيز إشارة إلى هذا الدليل نذكر منها:

قوله سبحانه: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيَما اخْتَلَفُوا فِيهِ...)

فإن الاختلاف ـ إن كان عن نوايا صادقة ـ آية عجز البشر عن الوصول إلى الحقيقة.

بعثة الأنبياء أولى من الكماليات

يعتمد هذا الدليل بنحو رئيسي على مشاهدة النعم الّتي أودعها الخالق في وجود الإنسان وما يحيط به ليُسهِّل عليه معيشتَه وتكاملَه في الحياة. وليست كلّ هذه النعم دخيلة في ضروريات حياته، بحيث ينعدم وجوده بدونها، بل إن كثيراً منها ممّا يدخل في الكماليات، وتسهيل مجاري الحياة. وكثير من هذه الكماليات أُمور جزئية بسيطة لا يلتفت إليها الإنسان إلا بالتأمل والتدبّر. ولأجل زيادة التوضيح نمثِّل ببعض الأَجهزة في بدن الإنسان.

إن الصانع الحكيم جهّز العين بأجهزة مختلفة، منها ما هو دخيل في أصل تحقق الرؤية، ومنها ما هو دخيل في سهولتها وتيسرها.

1 ـ فجعل العين في أعلى أجزاء بدن الإنسان حتى يتسلط بنحو كامل على ما أمامه .

2 ـ وجعل العين بمختلف طبقاتها في إطار جسم شحمي صلب أبيض اللون، حفظاً لها ممّا قد يصيبها.

3 ـ وجعل العين بإطارها وجميع طبقاتها في حفرة عظمية، زيادة في صيانتها من الصدمات الطارئة.

4 ـ وجعل فوق العين حاجباً يمنع من نزول العرق إليها، وأوجد في ناصية الإنسان خطوطاً ليسهل إنحراف العرق يميناً ويساراً.

5 ـ وجعل لكل عين جفنين حافظين لها، وخلق فيهما أشفاراً وأهداباً، صيانة لها عن الدخان والأغبرة. وهما، مع أنهما يمنعان بضمهما دخولَ ما يؤذي العين، لكنهما لا يمنعان من الرؤية. فهما في هذا المجال أشبه بالستائر الحيديديّة تسمح للنور بالدخول من دون دخول أشعة الشمس.

6 ـ وجعل في باطن كل جفن غدداً يترشح منها سائل لزج يصون أنسجة العين من الإحتكاك بما يحيطها، ويسهل دوران كرة العين في جميع الجهات.

7 ـ وأحاط عدسية العين بمجموعة من الأنسجة العضلية، تجعلها تنقبض أمام الأَنوار القوية وتنبسط أمام الضعيفة منها، صيانة للعين عن دخول أزيد ممّا تتحمله أو أقل ممّا تحتاج إليه من النور.

هذا بعض يسير ممّا يرجع إلى العين، وفي الأجهزة الأُخرى بدائع وفوائد لا تحصى نذكر نذراً منها:

إنّ يد الخلقة جعلت تحت قدم الإنسان، أخمصاً حتى يَسْهُل عليه الوقوف والسير .

وجعلت في اليد أصابع، ثم فاوتت بينهما في الطول، ليسهل على الإنسان القيام بأعماله، وليكون بذلك صانعاً فناناً مبدعاً.

وجعلت في بواطن الأنامل خطوطاً وتعاريج ليسهل عليه الإمساك بالأجسام.

وهكذا إذا درسنا خلقة الإنسان وجدنا أنها مشتملة على أجهزة مختلفة بين دخيلة في أصل الحياة ودخيلة في كمالها وسهولتها. وكل ذلك يدفعنا إلى التساؤل: هل يمكن لخالق الإنسان أن يسهَل له كل طرق التكامل الظاهرية، ثم يترك ما هو دخيل في تكامله الروحي والمعنوي؟.

اضف اليه ان مجموع حمل كل شىء لقانون ربانى و اختصاص الانسان بظاهرة الاختيار يوجب: بعثة انبياء الى البشر و فيه نفى العبث عن الخالق
و تفصيل ذلك ان كلّ شيء في هذا الكون الواسع يحمل معه قانونه الربّاني الصارم، الذي يوجّهه ويرتفع به مدى ما يتاح له من ارتفاع وتطوّر، فالبذرة يتحكّم فيها قانونها الذي يحوّلها ضمن شروط معينة إلى شجرة، والنطفة يتحكّم فيها قانونها الذي يطوّرها إلى إنسان، وكلّ شيء من الشمس إلى البروتون، ومن الكواكب السيّارة في مدار الشمس إلى الألكترونات السيّارة في مدار البروتون يسير وفق خطّة، ويتطور وفق إمكاناته الخاصّة.

وهذا التنظيم الربّاني الشامل امتدّ ـ بحكم الاستقراء العلمي ـ إلى كلّ جوانب الكون وظواهره.

وقد تكون أهمّ ظاهرة في الكون هي ظاهرة الاختيار لدى الإنسان، فإنّ الإنسان كائن مختار، ويعني ذلك أ نّه كائن هادف، أي يعمل من أجل هدف يتوخّى تحقيقه بذلك العمل، فهو يحفر الأرض من أجل أن يستخرج ماءً، ويَطهى الطعام من أجل أن يأكل طعاماً لذيذاً، ويجرّب ظاهرةً طبيعيةً من أجل أن يتعرّف على قانونها، وهكذا، بينما الكائنات الطبيعية البحتة تعمل من أجل أهداف مرسومة من قبل واضع الخطّة، لا من أجل أهداف تعيشها هي وتتوخّى تحقيقها.

فالرئة والمعدة والأعصاب في ممارسة وظائفها الفيسيولوجية تعمل عملا
هادفاً، ولكنّ الهدف هنا لا تعيشه هي من خلال نشاطها الطبيعي والفيسيولوجي الخاصّ، وإنّما هو هدف الصانع الخبير ; ولمّا كان الإنسان كائناً هادفاً ترتبط مواقفه العملية بأهداف يعيها ويتصرّف بموجبها، فهذا يفترض ضمناً أنّ الإنسان في مواقفه العملية هذه ليس مسيّراً وفق قانون طبيعيّ صارم، كما تسقط قطرة المطر في مسار محدّد وفقاً لقانون الجاذبية ; لأ نّه في حالة من هذا القبيل لا يمكن أن يكون هادفاً، أي يعمل من أجل هدف يعيش في داخل نفسه.

فلكي يكون الإنسان هادفاً لابدّ أن يكون حرّاً في التصرّف ; ليتاح له أن يتصرّف وفقاً لما تنشأ في نفسه من أهداف، فالترابط بين المواقف العملية والأهداف هو القانون الذي ينظّم ظاهرة الاختيار لدى الإنسان.

كما أنّ الهدف بدوره لا يتواجد بصورة عشوائية، فإنّ كلّ إنسان يحدّد أهدافه وفقاً لما تتطلّبه مصلحته وذاته من حاجات، وهذه الحاجات تحدّدها البيئة والظروف الموضوعية التي تحيط بالإنسان، غير أنّ هذه الظروف الموضوعية لا تحرّك الإنسان مباشرةً كما تحرك العاصفة أوراق الشجر ; لأنّ هذا يعطّل دوره ككائن هادف، فلابدّ للظروف الموضوعية إذن من تحريك الإنسان عن طريق الإثارة والإيحاء بتبنّي أهداف معيّنة، وهذه الإثارة ترتبط بإدراك الإنسان للمصلحة في موقف عمليّ معيّن، ولكن ليست كلّ مصلحة تحقّق إثارةً للفرد، وإنّما تحقّقها تلك المصالح التي يدرك الفرد أ نّها مصالح له بالذات.

وذلك أنّ المصالح على قسمين : فهناك مصالح على خطٍّ قصير تعود بالنفع غالباً على الفرد الهادف العامل نفسه، ومصالح على خطّ طويل تعود بالنفع على الجماعة، وكثيراً ما تتعارض مصالح الفرد ومصالح الجماعة، وهكذا نلاحظ من ناحية أنّ الإنسان غالباً لا يتحرك من أجل المصلحة لقيمها الإيجابية، بل بقدر ما تحقّق له من نفع خاصّ، ونلاحظ من ناحية اُخرى أنّ خلق الظروف
الموضوعية لضمان تحرك الإنسان وفق مصالح الجماعة شرط ضروري لاستقراء الحياة ونجاحها على الخطّ الطويل، وعلى هذا الأساس واجه الانسان تناقضاً بين ما تفرضه سنّة الحياة واستقرارها من سلوك موضوعيّ واهتمام بمصالح الجماعة، وما تدعو إليه نوازع الفرد واهتمامه بشخصه من سلوك ذاتيّ واهتمام بالمنافع الآنيّة الشخصية.

وكان لابدّ من صيغة تحلّ هذا التناقض وتخلق تلك الظروف الموضوعية التي تدعو إلى تحرّك الإنسان وفق مصالح الجماعة.

والنبوّة بوصفها ظاهرةً ربّانيةً في حياة الإنسان هي القانون الذي وضع صيغة الحلّ هذه، بتحويل مصالح الجماعة وكلّ المصالح الكبرى التي تتجاوز الخطّ القصير لحياة الإنسان إلى مصالح للفرد على خطّه الطويل ; وذلك عن طريق إشعاره بالامتداد بعد الموت، والانتقال إلى ساحة العدل والجزاء التي يحشر الناس فيها لِيُرَوا أعمالهم : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شرّاً يَرَهُ) ; وبذلك تعود مصالح الجماعة مصالحَ للفرد نفسه على هذا الخطّ الطويل.

وصيغة الحلّ هذه تتأ لّف من نظرية وممارسة تربوية معيّنة للإنسان على أساسها، والنظرية هي المعاد يوم القيامة، والممارسة التربوية على هذه النظرية عملية قيادية ربّانية، ولا يمكن إلاّ أن تكون ربانيةً ; لأ نّها عملية تعتمد على اليوم الآخر، أي على الغيب، فلا توجد إلاّ بوحي السماء، وهي النبوّة.

ومن هنا كانت النبوّة والمعاد واجهتين لصيغة واحدة، هي الحلّ الوحيد لذلك التناقض الشامل في حياة الإنسان، وتشكّل الشرط الأساسي لتنمية ظاهرة الاختيار وتطويرها في خدمة المصالح الحقيقية للإنسان.
و دون واجهتى بعثة الانبياء و المعاد /يلزم عبث الخالق سبحانه فى منحه الاختيار للبشر و خلقه لتناقض بلا حل
بل النبوة قانون ربانى لا بد منه تماما ككل قانون اوجده الله لكل شىء فى الكون
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
لذا تصرح بعض الآيات القرانية بأنه لو لم تكن القيامة لكان الخلق عبثاً، وهذا يعني أنها جعلت بمنزلة الغاية. وقد تكرر هذا المفهوم في القرآن الكريم كثيراً. {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون}(المؤمنون/115).

والعبث يطلق على الشيء الذي لا غاية حقيقية له، وهو يأتي في قبال الحكمة.

القلم الحر
01-21-2011, 11:46 PM
مما ينبغى الحاقه ببحث اعجاز القران البيانى رؤية الدكتور عبد الصبور شاهين :
حيث التفت الى وجه اعجاز فى اللفظ القرانى كان جديرا بان تخرس امامه السنة العرب
يقول رحمه الله :

" فان تفسير النصوص الادبية يتم عبر الاجيال بطريقة واحدة هي دراسة دلالات الالفاظ ومتابعة المعنى التركيبى المتالف من معاني المفردات في سياقاتها، وتعتبر المعاجم القديمة مصادر لمعرفة المعانى القديمة وليس من المنطق تفسير بيت قديم شعرى بحمل الفاظه على معان محدثة

لكن القرآن يخرج تماما عن هذه القاعدة، حيث تتسع الفاظه للمعانى المحدثة في حالات كثيرة ولا سيما " الالفاظ المفاتيح " والتي تتصل بمعانى الصفات الالهية، والغيب، والعلم الالهى، والموجودات الكونية التي اثبت القرآن وجودها، بل وكثير من الالفاظ الأخرى

و من امثلة ذلك كل صفات الله في القرآن، ومن امثلته الفاظ الملك والجن والسماء والعرش والكرسي واللوح والقلم

و من امثلته الفاظ الجنة والنار، والحساب والصراط والكتاب والقيامة

فكلها الفاظ عربية دات مدلول لغوى محدد، ولكن مدلوها القرآني غير محدد

اى اننا نعرف مبتداها ولكنا لا نعرف منتهاها

و نرى ان اللفظ يبدا في لسان العرب قبل الاسلام محدود الدلالة، فاذا هو معنى متراحب لا يطيق العقل ان يدركه أو يحدد دلالته في لغة القرآن

و كمثال لفظ " القلم "

قد كانت لاهل الجاهلية اقلام يستخدمونها في الكتابة ويتخذونها من اعواد النبات، لا يتعدى لفظ القلم هذا المدلول المادى الضئيل

و مع ذلك نجد ان القرآن في الآيات الاولى يذكر " القلم " مرتين، مرة في سورة العلق " الذي علم بالقلم "، وبعدها مباشرة في سورة القلم :"ن والقلم وما يسطرون "

و المقصود في بالكلمة في الآية الثانية هو المعنى الاصلى الحقيقى، نظرا لارتباطه بما يستخدم فيه على أيديهم " وما يسطرون "

و لكن المقصود في الآية الاولى متصل بعلم الله الذي يفيضه على الإنسان

فالقلم هنا هو ذلك الوجود المخلوق الذي يسجل كل شيء، والذي علم الله به الإنسان ما لم يعلم

و بين المعنى الاصلى والمعنى القرآني مسافة تنتهى إلى المجهول

فهو بلا شك البعد الالهى في الدلالة، وهو بعد لا نهائى، على شكل المخروط الذي يبدا بنقطة وينتهى إلى علم الله اللامحدود )


و يضيف بما له صلة بما تقدم :
كلمات العلم و الحكمة و العمل و التقوى و الحب و حسبك بهذه الاخيرة فى دلالتها على معنى لا نهائى فى قوله تعالى " و الذين امنوا اشد حبا لله "
و لا سيما اذا لاحظنا تضامن التركيب كله فى اداء هذه القيمة الدلالية غير المحدودة
هذا هو الاعجاز القرانى الذى منح اللفظ امتدادا فى المدلول فاحدث ثورة لغوية لم تعرفها لغة من لغات البشر ...
اولا - انه قد احدث بتاثير كتاب فى لغة و هو امر لم يحدث فى تاريخ الانسان منذ عرف اللغة و استخدم اللسان فالعهد بها ان تتطور عبر القرون
و ثانيا- ان اساس التحدى فى الاعجاز هو الكلمة
و ثالثا – قابلية اللفظ القرانى لتحمل المزيد من الدلالة
و هو بذلك يمنح العربية مرونة فى الاداء و مواكبة لتطور العم
و قدرةعلى استيعاب حقائقه فى كل جيل " بتصرف

و بخصوص النقطة الثالثة يشير رحمه الله الى لفظ السماء فهو يحتمل معناه العربى التقليدى اى كل ما علاك فهو سماء , لكنه يحتمل ايضا ان يكون بمعنى الكون كله " و السماء بنيناها بايد و انا لموسعون " -الصحيح فى نظر الفقير ان السماء الدنيا هى هذا الكون – المهم ان اللفظ القرانى احتمل معنى الفضاء الكونى و انه كروى لاحاطته بكرتنا الارضية , يقول تعالى "عرضها كعرضها السماء و الارض "فاقتصر على ذكر العرض
و هو دليل على هذه الكروية الكونية اذ لا طول للكرة و كما يقول رحمه الله : انما هو بعد قطرى عبر عنه القران بالعرض فى هذه الاشارة المعجزة التى طالما غفل عنها المتحدثون فى النص الكريم فتسائلوا من باب التعظيم هذا العرض فما بال الطول "

القلم الحر
05-01-2011, 06:23 PM
من نبوءات القرآن :

قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة] ، يعصمه الله عز وجل من الناس كما وعده ، وجرى الأمر فيه إلى قبضه صلى الله عليه وآله وسلم ، على ما دل عليه الخبر .
وهذا أمر الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه ، لأن الانسان لا يدري ما يجري عليه إلى أن يموت ، سيما من كان على مثل حاله صلى الله عليه وآله وسلم في كثرة الأعداء .
قوله عز وجل: { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } [الأنفال: 7] ، وهذه الآية قد تضمنت خبرين من أخبار الغيوب .
أحدهما: ما وعدهم الله عز وجل به من كون إحدى الطائفتين لهم ، وأنه يظفر بها ، والطائفتان:
أحدهما: العير التي كانت مع أبي سفيان .
والثانية: الذين خرجوا للمحاماة عنهم من أحزاب قريش ، فأظفرهم الله تعالى بأحزاب قريش يوم بدر ، وأنجز لهم الموعود .
فإن قيل: الآية نزلت بعد الكائنة ، وإذا كان هذا هكذا ، فليس فيه خبر عن الغيب ، لأنه خبر عن الواقع المعلوم ؟!

قيل ل‍ه: الآية تضمنت تقدم الوعد على الكائنة ، لأن الوعد لا بد من أن يتقدم الموعود ، ولولا أنه كان معلوما عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ذلك الوعد كان قد حصل لهم ، لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليتلو عليهم ما تلاه ، لأنه جرى مجرى أن يقول لهم: قلت لكم أمس شيئا ، وهم يعلمون أنه لم يقله لهم ، وأنه يفضح القائل ، ويظهر كذبه ، وتقوُّله بين أصحابه . فبان أن الوعد في الأمل والوعيد كان قد تقدم . وأن الموعود جرى على ما وُعِدوا به . ومثل هذا لا يجوز أن يصدر إلا عن علام الغيوب سبحانه وتعالى .
ويبين ما قلناه من أن الوعد كان قد تقدم ، قوله عز وجل بعد هذه الآيات: { وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } [الأنفال: 10] ، والبشرى لا تكون إلا قبل حصول الشيء . فدل ذلك أيضا على أنهم كانوا مبشرين قبل وقوعه .
الوجه الثاني الذي تضمنته الآية من الإخبار عن الغيوب ، قوله عز وجل: { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } [الأنفال: 7] ، وهي العير التي كانت مع أبي سفيان ، فأخبر عما في نفوسهم ، ولم يقل أحد منهم: إن الذي كان في نفسي خلاف ذلك .

على أن ذلك لو لم يكن معلوما أنه صدق ، وأنه من عند علام الغيوب ، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يتلوه عليهم ، خشية أن يكون المخبَر بخلافه فيظهر كذبه .
فإن قيل: هذا معلوم لكل عاقل أنكر فيه ، فإن المعلوم من أحوال الناس أن الظفر بالأموال التي لا مدافع عنها ، أحب إليه من الظفر بالمقاتلة للذين لا يظفر بهم إلا بعد شدة ، وبعد أن يقتل منهم من يقتل ، ويجرح من يجرح .

قيل ل‍ه: هذا الذي ادعيتم غير مستمر ، وإن كان الأكثر ما ذكرتم . وذلك أن من الناس من يكون قتلُ الأعداء وأسرُهم وجرحُهم والظفر بهم ، أحب إليه من كثير من الأموال التي تأتيه عفوا ، ولهذا ترى الرجل ينفق ماله من طارف وتليد ليتوصل به إلى النكاية في العدو .
وإذا ثبت ذلك ، ثبت أن إخباره عن جميعهم - مع كونهم معروفين بشدة الحمية والعصبية - أنهم يودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم ، خبر عن الغيب .
قوله عز وجل: { الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ } [الروم]
وهذه الآية قد تضمنت ثلاثة من الأخبار عن الغيوب .
أحدها: قوله عز وجل: { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) } ، هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل .
والثاني: قوله: { فِي بِضْعِ سِنِينَ } ، والبضع: فوق الثلاثة ودون العشرة ، وهذا التحديد أيضا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله .
والثالث: قوله عز وجل: { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء } ، فأخبر أنهم يفرحون في ذلك الوقت بنصر الله .
وهذا أيضا من الغيب ، لأنه خبر عن بقاء المؤمنين إلى ذلك الوقت مع قلتهم ، وطمع الأعداء في ابتسافهم . وعن أنهم يفرحون ، ولا تعرض هناك أحوال تمنعهم الفرح ، لأن هذه الآية نزلت بمكة قبل
الهجرة ، في حال ضعف المسلمين وقلتهم ، واستيلاء المشركين عليهم ، والقصة في ذلك مشهورة ، وهي (( أن الفرس كانوا غلبوا الروم ، ففرح لذلك المشركون واغتم المسلمون ، لأن الروم كانوا أهل الكتاب ، فكان المسلمون بهم آنس ، والفرس كانوا مجوسا ، وكان المشركون بهم أشبه . فأنزل الله عز وجل: { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ } ، ففرح المسلمون ، وأنكره المشركون واستبعدوه ، فخاطر أبو بكر أمية بن خلف الجمحي ، على أن تعود الغلبة للروم على الفرس إلى ثلاث سنين ، وظن أن بضع معناه: ثلاث ، فقال ل‍ه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( زد في الأجل وفي الخطر )) ، وكان ذلك قبل نزول التحليل والتحريم ، وحين كانت المخاطرة مباحة ، ففعل أبو بكر ذلك ، وظهرت الروم على فارس لتمام سبع سنين ، ففرح المسلمون يومئذ ))
والنصر الذي ذكر الله عز وجل أن المؤمنين به يفرحون .
فقد قيل: إنه نصر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، بما أظهر له من الاعجاز الظاهر ، بإطلاعه على هذا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل ، لأن فيه آية بينة ، ودلالة واضحة على نبوته .
ويحتمل أيضا أن يكون المراد به أن ذل الفرس كان فيه قوة للمسلمين ، ونصرة لهم على المشركين ، لِمَا كان من ميل المشركين إليهم ، وطمعهم في الإعتضاد بهم ، لأن الله عز وجل لا يجوز أن ينصر الكفار بعضهم على بعض ، وإن كان جائزاً أن يزيد في خذلان بعضهم ، إذا كان في ذلك ضرب من المصلحة .
قوله عز وجل: { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) } [الأحزاب] ، يعني: يوم الأحزاب ، ثم يقول بعد ذلك: { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } [الأحزاب: 22] ، فدل بهاتين الآيتين على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان وعد أصحابه وعداً ظاهراً ، أن الأحزاب يأتون ، وأن الله ينصرهم عليهم ، حتى عرفه المؤمنون والمنافقون وانتشر فيهم ، حتى قال المنافقون: { مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) } ، وقال المؤمنون حين رأوا الأحزاب: { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } ، وهذا مما لا يعلمه ولا يطلع عليه إلا الله عز وجل ، لأنه لا سبيل إلى العلم بأن الأحزاب يأتونه ، وأنهم مع قوتهم وكثرتهم ينهزمون لا محالة .
فإن قيل: هذه الآية نزلت بعد يوم الأحزاب .
قيل ل‍ه: هذا وإن كان كذلك ، ففيها دلالة على أن الوعد به كان قد تقدم .
ألا ترى إلى ما حكى الله تعالى عن المؤمنين والمنافقين في ذلك . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم تلا ذلك عليهم ، ولو لم يكن الأمر كذلك ، لم يكن ليتلو صلى الله عليه وآله ذلك عليهم ويدعيه ، لئلا كون منبهاً لهم على كذبه ، حاشاه صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك !!
ومن ذلك قوله عز وجل: { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) } [الأحزاب] ، فأخبر عما في ضمائرهم من إرادة الفرار ، تعللا بأن بيوتهم عورة ، وهذا لو لم يكن كذلك ، لظهر منهم إنكاره .
قوله في السورة التي يذكر فيها { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) } [ص] ، { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ (11) } [ص] ، وهي سورة مكية . أولها: ذكر قريش ، وما كان من قولهم: { هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) } [ص] ، فأخبر عز وجل في حال ضعف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقلة أنصاره ، وقوة مشركي قريش ، أنهم جند مهزوم . فكان الأمر على ما أخبر به - عز وجل - هزموا يوم بدر .
وكذلك قوله في السورة التي يذكر فيها القمر ، وهي أيضا سورة مكية ، مخاطباً لقريش: { أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) } [القمر] ، فأخبر أنهم يهزمون ويولُّون الدبر ، وهذا أمر الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل .
ومن ذلك قول الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ }
[الأنفال: 36] ، فكان الأمر على ما أخبر به عز وجل ، لأن الكفار أنفقوا ما أنفقوا من الأموال للخروج إلى أحد ، وصار في آخر الأمر عليهم حسرة .
وكذلك ما أنفقوا لجمع الأحزاب ، وما أنفقه مالك بن عوف حين جمع هوازن يوم حنين ، صار جميع ذلك حسرة عليهم ، وغلبوا ، على ما أخبر الله عز وجل ، وهذا أيضا من الغيب الذي لا يطلع عليه أحد إلا الله عز وجل ، وليس لأحد أن يدعي أن هذه الآية نزلت بعد الانفاق ، لقوله عز وجل: { فَسَيُنفِقُونَهَا } ، والسين إذا دخلت على الفعل المضارع حققت أنه للاستقبال . فدلَّ ذلك على أن الآية نزلت قبل الإنفاق .
ومن ذلك قول الله عز وجل: { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } [التوبة] ، فجرى الأمر على ما أخبر الله عز وجل به ، فإنه تبارك وتعالى عذَّب الكفار بأيدي المؤمنين ، إذ أمكنهم من قتلهم وأسرهم وسبي ذراريهم ، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم وأخزاهم ، كما وعد سبحانه . ونصر المؤمنين عليهم وشفى صدورهم ، وأذهب غيظ قلوبهم كما أخبر . وهذا مما لا يجوز أن يعلمه قبل كونه إلا الله عز وجل .
ومن ذلك قوله عز وجل: { أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ } [الحشر] ، وهذه قصة مشهورة ، وهي قصة بني النضير ، وذلك أنهم كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فغدروا ونقضوا العهد ، وهموا باغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأوحى الله بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وبما تآمروا بينهم . وهذا إحدى المعجزات .
ثم تقدم إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمفارقة موضعهم ، والجلاء عنه ، وأعلمهم أنهم نقضوا العهد وبما تآمروه بينهم .
فأذعنوا وعزموا على الجلاء ، فراسلهم عبد الله بن أبي بن سلول ، وكان من كبار المنافقين ، ووعدهم بالنصرة . وأنه مع أصحابه معهم ، وأنهم إن خرجوا إلى الجلاء أجلوا معهم ، وإن قاتلوا نصروهم ، وأنهم لا يطيعون فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فشهد الله عز وجل أنهم لكاذبون ، وأنهم لا يفون لليهود بما وعدوهم ، فجرى الأمر في ذلك على ما أخبر الله به عز وجل وشهد به عليهم ، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخرج بني نضير عن حصونهم ، فلم يخرج المنافقون معهم ، ولا نصروهم في قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني قريظة صبرا ، وسبي ذراريهم ونسائهم بعد ما حاصرهم ، وحارب أهل خيبر حتى ظفر بهم وبديارهم وأموالهم ، فلم ينصروهم ، كما أخبر الله عز وجل في ذلك عنهم ، فكان في القصة ثلاث من المعجزات:
إحداها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مضى إلى بني النضير ، ومعه أمير المؤمنين عليه السلام وأبو بكر وعمر وغيرهم ، في أمر كان عرض ، وجلس مستندا إلى جدار حصنهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فتآمروا فيما بينهم ، واتفقوا على أن يرسلوا عليه من فوقه صخرة تقتله ، فأتاه الوحي في الحال ، وعرف ما كانوا تآمروا ، فقام في الوقت من موضعه ذلك وعاد إلى المدينة ، ولم يعرف أحد من أصحابه السبب في ذلك ، إلى أن عرَّفهم صلى الله عليه وآله وسلم ذلك .
فكان ذلك أمرا واضحا في وقوفه على سرهم ، من غير خبر أتاه من جهة أحد من الناس ، ولا يجوز أن يكون إلا من جهة الوحي .
والثانية: ما أخبر من سر المنافقين ومراسلتهم ، فإنهم كانوا مجتهدين في إخفاء ذلك .
والثالثة: خبره عز وجل عنهم أنهم كاذبون ، وأنهم لا يفون لهم بما وعدوهم ، فجرى الأمر على ذلك .
ومن ذلك قوله عز وجل بعد هذه القصة: { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ } [الحشر: 14] ، فجرى الأمر على ما أخبر عز وجل . فإن من قاتل منهم لم يقاتل إلا من { وَرَاء جُدُرٍ } ، ولم يبرزوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما برز المشركون يوم بدر ، ويوم أحد وحنين . وهذا مما لا يجوز أن يطلع على حقيقته إلا الله عز وجل ، العالم بالمغيبات .

NiceBird
08-10-2011, 03:10 AM
جزاك الله خير

القلم الحر
11-05-2011, 10:23 AM
للرفع

القلم الحر
11-10-2011, 06:52 AM
تعامل القران العظيم مع قضية وجود الله باعتبارها بدهية لا تحتاج الى برهان
بل ان القران الذى اعتنى باثبات التوحيد اعتبر التوحيد ايضا مسالة بدهية
{وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ)

فانكار وجود الله او وحدانيته الغاء للعقل و استخفاف به
و الايمان هو نداء الفطرة و موقف العقل السوى
و كما فى الحديث " إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين"
و ياتيك الملحد الشاذ المنكر لله و الشيطان ليجادل
فيلجئنا عقله غير السوى الى البرهنة , ليس على وجود الله فحسب , بل و البرهنة على ان عقل الملحد مريض يحتاج الى علاج, هذا على فرض سلامة سريرته و حرصه بالفعل على ادراك الحقيقة , و الا فقد اشار الكتاب المعجز الى ان من اسباب الكفر الحب المرضىللدنيا
" إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ"

و لا انسى اعتراف احد مشاهير اللادينية فى دنيا النت انه يشعر بلذة لا توصف لاحساسه انه لا اله فى هذا الكون و لا قيود و لا حساب !
و نعود الى البرهان المذكور
عندما تتامل موقف الملحد و اللادينى من الدين تجد مبرره فى النقد ان فى الدين نقص , فالقران و الدين و السيرة فى زعمه فيها نقائص
فهو كما ترى ينشد الكمال
و ليس كمالا محدودا بل كما ل مطلق
و عندما تتامل موقفه من الله المستجمع فى عقيدة المسلمين لصفات الكمال تجده ينكر هذا الخالق العظيم
و عندما تتامل ما سبق تكتشف انه سفه نفسه
فلا شك ان الانسان يشعر فى اعماقه بانه يحب الكمال اللامحدود
و المحبة وصف وجودى لا تكون دون موصوف و محبوب
تماما كما ان العطش دليل وجود الماء
فالحب قرين الواقعية و الوجود
و الانسان عاشق للحقيقة اللامحدودة و اذا رايته مندفعا وراء تحقيق كمالات مؤقتة او محدودة فانما يتحرك فى هذا السبيل بدافع ن طلب الكمال المطلق و ان اشتبه فى المصداق
فالتناقض بين طلب الكمال التام فى الدين و النبى , و بين انكار وجود الكمال المطلق اى الله تعالى لا يصدر الا ممن سفه نفسه
و هى ملة ابراهيم عليه السلام -الذى لا يحب الافلين -و التى لا يفارقهاالا سفيه
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ 76 فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ 77 فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ 78 إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ 79

و لا يختلف موقف اللادينى المقر بوجود خالق عن موقف الملحد

فكلاهما يطلب الكمال المطلق و هو دليل وجود هذا الكمال , و مع ذلك ينكر الملحد وجود الخالق المستجمع لصفات الكمال
و يثبت اللادينى خالقا ناقصا لا يتواصل مع خلقه و لا يعنى بامرهم و مع انه لا شك بين العقلاء فى حاجتهم الى التكليف فى طريق تكاملهم , و عدم تكليف الخالق اما لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف ، وهذا جهل يتنزه عنه الحق تعالى ، وإما لان الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم ، وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق ، وإما لانه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك ،
وهو عجز يمتنع على القادر المطلق ، فلا بد من تكليف البشر ، ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلغ من نوع البشر يوقفهم على خفي التكليف وجليه
و الخالق الذى يخلق خلقا كالانسان و يهمله و لا يحاسب و لا يعتنى مطلقا بكل المظالم و الافساد البشرى فى الارض و لا يعوض من انهكته الالام هو خالق عابث و ناقص
و بهذا تثبت للعاقل النبوة و يثبت المعاد و الاخرة
و يثبت معها ان منكر النبوة ايضا قد سفه نفسه

نبوة محمد (صلى الله عليه و اله و سلم )
سفاهة الرافض لملة ابراهيم هى سفاهة المنكر لنبوة محمد - دعوة ابراهيم - عليهما صلوات الله
فمن ابسط ادلة نبوة ابى القاسم انه قدم للبشرية الهدى الذى تحتاجه من الخالق
و قد كان كفار مكة يعرفون فى قرارة انفسهم انه جاء بهذا الهدى (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا)
فسيرته صلوات الله عليه قصة كفاح فى سبيل ان يعرف الناس ان لهم الها واحد فى محيط جاهلى يعتقد ان لله بنات و ابن و شركاء ,فجاهد من اجل الله و و كان يقدم فى المعارك احب الناس اليه بل كانوا يحتمون به اذا حمى الوطيس , وصحح انحرافات الاديان الكتابية و واجه اهل الكتاب الذين يزعم البعض انه تعلم منهم بكل ثقة , و لم يسال على ذلك اجرا الا المودة فى القربى
فلماذا الشك فى صدق هذا الانسان الشريف ؟
(اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)
فالاسلام قام و يستمر فى الواقع على حب الناس لمحمد(و اجعل افئدة من الناس تهوى اليهم )و ادراكهم انه اكمل من ان يفترى على الله

فصلاته – حتى تتورم قدماه – و نسكه و حياته وموته كان لله رب العالمين

و هم يرونه ينسب : القران لغيره و هو حسب افتراض خصومه انفس اثار عقله و اغلى ما جادت به قريحته؟ .
فلماذا لا ينسبه لنفسه ؟
ان قيل انه راى فى نسبته الى الوحى الالهى ما يعينه على هدفه المفترض باستيجاب طاعة الناس له و نفاذ امره فيهم لان تلك النسبة تجعل لقوله من الحرمة و التعظيم ما لا يكون له لو نسبه لنفسه
فهذا فى الواقع قياس فاسد فى ذاته لان صاحب هذا القران قد صدر عنه الكلام المنسوب الى نفسه و الكلام المنسوب الى الله فلم تكن نسبته ما نسبه الى نفسه بناقصة من لزوم طاعته شيئا , و لا نسبة ما نسبه الى ربه بزائدة فيها شيئا , بل استوجب على الناس طاعته فيهما على السواء ,فكانت حرمتهما فى النفوس على سواء , و كانت طاعته من طاعة الله و معصيته من معصية الله , فهلا جعل كل اقواله من كلام الله تعالى لو كان الامر كما يهجس به ذلك الوهم؟

و هو انسان كامل يقول عنه احد القسس المعادين له :
كانت شخصية محمد بن عبد الله الهاشمى القرشى ، النبى العربى ، مجموعة عبقريات مكنته من تأسيس أمة و دين و دولة من لا شىء .
و هذا لم يجتمع لأحد من عظماء البشرية . كان محمد عبقرية دينية ... و كان محمد عبقرية سياسية ... و كان عبقرية دبلوماسية ... و كان محمد عبقرية عسكرية ... و كان محمد عبقرية إدارية ... و كان محمد عبقرية تشريعية ... و أخيرا كان محمد عبقرية أدبية"
و قد ادرك المسلمون الذين عايشوا هذ الانسان الطاهر ان الامر ليس عبقرية او سحر كما تقول قريش بل نبوة , و كما نقول العبقرية تكون فى ميدان او اثنين لا فى كل الميادين
و كنت اناقش بعض اللادييين حول تهمة شهوانية النبى- الذى لم يتزوج الا بعد الخامسة و العشرين من سيدة غير شابة ظل مخلصا لها حتى بعد زيجات لاسباب اجتماعية واضحة لا تثبت شهوانية غير منطقية بعد تجاوز الخمسين- , و فى خضم وقاحتهم ذكرت لهم اسماءا لاشخاص يعظمهم هؤلاء و يجعلونهم من القمم المحترمة مع انهم معروفون بالشذوذ الجنسى !
فبما تفسر هذا الطعن فى محمد وهذا التعظيم و الاحترام لهؤلاء الحثالى ؟

هل هو سفه ام حقد يغلى فى نفوس غير سوية ؟

و مرة اخرى يلجئنا السفه الى البرهنة ,فيقولون اين المعجزة ؟
و اول جواب ان العقل السوى يثبت وجود النبوة و الانبياء كما سبق , و اذا لم يكن محمد
نبيا فلا انبياء
و قد كان اهل الكتابين يعرفون نبوته لانها تثبت عندهم بدليل بسيط هو عند اليهود حلول اللعنة على بنى اسرائيل حتى بعد المسيح ابن مريم كما شرح ذلك صاحب الرسالة السبعينية فكان لا بد من نبى يضع الاصر عن بنى اسرائيل و كانوا ينتظرونه –لذا تجد فى اشارة القران العظيم لبشارة التوراة بمحمد انه يضع عنهم اصرهم و الاغلال –
فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به
اما المعجزة فمن تامل شخصية محمد سيجد فيها المعجزة
و قد كان قرانا يمشى و القران ايضا معجز
و لن نتحدث عن الاعجاز البيانى و العلمى و نحوه بل نلخص الامر فى جملة وصف بها القران فى الاثار :
(لا تنقضى غرائبه )
القران معجزة لمن تدبره لا لمن يفتشون فى اياته عن نقاط ضعف متوهمة ليهاجموا الدين
هذا الكتاب العزيز لا مثيل له و لا يقدر بشر على الاتيان بمثله , فهو كلام الخالق المطلق الذى لا تنفذ ذخيرته و لا تنقضى عجائبه المبهرة
لكن كيف يتوصل الباحث الى هذا الادراك ؟
الوصول لذلك يكون بتدبر القران مع الوقوف على كتب علماء الاسلام التى تحتج بالقران و تستنبط منه المعانى و الادلة , و ستبهرك الغرائب و العجائب مع توفيق الله لطالب الحق المخلص الذى يطلب الهداية من الخالق العظيم و كما فى الحديث " استهدونى اهدكم "


و لنضرب مثالا
قد يتسائل المرءعن الغرض من العقوبة الالهية ؟
فهل هو التّشفي كما في قوله سبحانه: (وَ مَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا)؟
ولكن هذه الغاية منتفية في جانب الحق سبحانه لأنه أجلّ من أنْ يكون له هذا الداعي
. ام هو لياخذ الاخرون العبرة ؟
لكن هذا إنَّما يصح في دار التكليف لا في دار الجزاء. يقول سبحانه: (الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَة وَ لاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الآَخِرِ وَ لْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَـائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)
فقوله: (وَ لْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَـائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) قرينة على أنَّ الغاية من جلد الزانية و الزاني هو اعتبار الآخرين، أو أنه أَحد الغايات.
نقرر بدءا حقيقة عقلية هى ان السؤال عن غاية العقوبة، و إنها هل هي للتشفي أو لإِيجاد الإِعتبار في غير المعاقَب إنما يتوجه على العقوبات التي تترتب على العمل عن طريق التقنين و التشريع، فللتعذيب في ذلك المجال إحدى الغايتين: التَشَفّي أو الإِعتبار
أما إذا كانت العقوبة أثراً وضعياً للعمل -كما سياتى -، فالسؤال ساقط، لأَن هناك ضرورة وجودية بين وجود المجرم والعقوبة التي تلابس وجوده في الحياة الأخروية، فعند ذلك لا يصح أن يُسأل عن أن التعذيب لماذا، و إِنما يتجه السؤال مع إمكان التفكيك، و الوضع والرفع، كالعقوبات الإِتفاقية
نفتش فى القران فنجد قوله تعالى
: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَـامَى ظُـلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا)
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَـاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
(يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)
هذه الآيات تدل على حضور نفس العمل يوم القيامة، لكن باللباس الأخروي، و هذا يعرب عن أَنَّ لفعل الإِنسان واقعية تتجلى في ظرف بصورة و في آخر بأُخرى
و هذه الإعمال تلازم وجوده و لا تنفك عنه، فإِذا كان عمل كل إِنسان يعد من ملازمات وجوده، و ملابسات ذاته، فالسؤال عن أنَّ التعذيب لماذا، يكون ساقطاً، إِذ السؤال إِنما يتوجه إذا كان التفكيك أمراً ممكناً
فالانسان لا يحشر وحده بل يحشر مع ما يلازم وجوده و يقارنه و يلابسه و لا ينفك عنه
و فى ذلك يقول تعالى
"وَ كُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَـاهُ طَـائرَهُ فِي عُنُقِهِ"

و تتوالى الايات و العجائب
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُّحْضَر"
"وَ وَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْـلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)
(يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِى صَخْرَة أَوْ فِي السَّمَـاوَ اتِ أَوْ فِي الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ)
و تواصل التدبر فتجد قوله تعالى قال سبحانه: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا "
ِفذات العمل طاعة كان أو عصيانا، حَبٌّ يزرعه الإِنسان في حياته الدنيوية، و هذا الحَبّ ينمو و يتكامل و يصير حرثاً له في الاخرة

هذه قطرة من بحر لا ينزف

القلم الحر
11-15-2011, 04:04 PM
كنت ختمت الموضوع من قبل بنصح اكرره و هو الا نكون معشر المسلمين سطحيين بل لندرك جيدا ان وراء الاكمة ما وراءها , فما تراه من دعاية لادينية و الحادية ليست فى حقيقة الامر الا رداء طائفى خلفه كفرة اهل الكتاب و خصوصا اشد الناس عداوة للذين امنوا الذين قتلوا نبيك اخى المسلم
ليقرا كل مسلم بروتوكلات حكماء صهيون و يدرس فى ضوءها الواقع و يفطن الى عدوه الحقيقى الذى يحاول قيادة العالم بمؤسسته الماسونية الشيطانية
لذا فلا تهتم كثيرا بالرد على اللادينى بل الزمه ان يؤمن بخالق الكون ثم لزوم بعثة الانبياء
اما الكلام فى اثبات نبوة محمد صلى الله عليه و اله و سلم فيكون مع من يقر بتلك المقدمات و ليسوا الا الداء الدوى اهل الكتاب
و قد ذكر العبد الفقير شيئا من دلائل نبوة ابى القاسم فى كتبهم و نختم بشىء عن خاتم النبوة
ذكر اشعيا فى سفره نبوءة عن احدى صفات النبى المنتظر فقال :
" لانه يولد لنا ولد و يعطى لنا ابن يحمل الرئاسة على كتفه" اشعيا 9/6
يفسر اهل الكتاب هذا الخاتم تفسيرا معنويا اى انه دليل العظمة و الرياسة فحسب
ولكن المعنى يحتمل هذا و ذاك
و يفصل فى الامر هل هو جسدى ام معنوى المخطوطات الكتابية المكتشفة حديثا الا و هى مخطوطات البحر الميت فقد ذكرت (40 MESSQ 1:2) ان هناك علامات على جسد النبى المنتظر تشبه حبات العدس
و هذا يتفق تماما مع الحبيب محمد صلى الله عليه و اله و سلم فمن المشهور وجود خاتم النبوة بين كتفيه ذكر ذلك سلمان الفارسى فى نهاية سرده لقصة اسلامه و ذكر ذلك ايضا الصحابى عبد الله بن سرجيس
و من الكتب المهمة انجيل برنابا و قد اجاد الدكتور نصر الله ابو طالب فى الدفاع عنه فى كتابه المهم جدا (تباشير التوراة و الانجيل بالاسلام و رسوله ) و فيه نعرف حقيقة رسالة المسيح عليه السلام و صراعه و معاناته مع اليهود لعنهم الله لانه قال لهم ان النبى الخاتم- الذي يسمونه " مسيا " سيكون من نسل اسماعيل لذا كفروا به
و هنا عصارة بحث للاستاذ جمال الدين شرقاوى يؤكد بالحجة هذه الحقيقة :
"- ان كلمة " مسيا " مكونة من المقطعـين ( مِسَّا ) و ( يا ) . ولك أن تقول من الاسمين ( مِسَّا ) و ( يا )
و المقطع ( يا ) كان العرب القدماء يشيرون به الى اله السموات و الارض ب الاسم ياه الذى يكتب يا فى آخر الأسماء كما جاء فى زكريا و زنوبيا و أرميا و صفنيا و أشعيا ... الخ .
وهذا الاسم عندما يلحق بآخر الأسماء يحذف منه فى معظم الأحيان حرف الهاء الأخير .
امثلة :
إرميــــا إرم يا ومعناه الرب يؤسس أو يثبت .
أشعيـــا أشع يا ومعناه الرب يخلص .
إيليَّـــــا إيلى يا ومعناه يا إلهى أو إلهى يا .
حزقِيَّــا حزقى يا ومعناه الرب يقوى أو الرب قوى .
زكريَّــا زكرى يا ومعناه الرب قد ذكر .
صدقيَّـا صدقى يا ومعناه الرب عدل .
طوبيَّــا طوبى يا ومعناه الرب طيب .
عوبديا عوبد يا ومعناه عبد يا .
نحميــا نحم يا ومعناه الرب تحنن .
يحيــى يحى يا قياسا على ما سبق يكون معناه الرب يحيا .

2 - كلمة مَسَّا بفتح الميم والتى تكتب فى الإنجليزية هكذا ( Massa ) تجدها فى سفر التكوين ( 25 : 14 ) وفى سفر الأخبار الأول ( 1 : 30 ) .
هذه الكلمة وردت فى هذين الموضعين كاسم علم للابن السابع لإسماعيل بن إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام .
جاء فى دائرة المعارف الكتابية المصورة الأمريكية أنَّ مَسَّا هو الابن السابع لإسماعيل بن إبراهيم u . وقد ورد اسم قبيلة مَسَّا و اسم قبيلة تيما أخوه فى وثائق الملك الآشورى تجلاث فيلاسر الثالث ( 745 ـ 727 ق . م ) . حيث كانت هاتان القبيلتان القاطنتان فى الشمال الغربى لجزيرة العرب تدفعان الجزية إلى الملك الآشورى العربى فى ذلك الوقت.
وعُثِرَ فى منطقة جبل كنعان على وثيقة من القرن السادس قبل الميلاد تبين تواجد قبيلة مَسَّا فى المنطقة الواقعة بين الجوف و تيما . وقد بَيَّنَ الموقع أكثر دِقَّة علماء آخرون فقالوا بأنها كانت تقيم فى منطقة العلا حاليا (3) بالدولة السعودية . هذا وقد أشار إلى قبيلة مَسَّا الجغرافى اليونانى القديم بطليموس تحت اسم مَسَنُوى ( Masanoi ) كإسم لمنطقة فى الصحراء العربية .
وإن تابعت بحثك عن الكلمة مَسَّا فسوف تجدها أيضا فى سفر الأمثال ( 30 : 1 ؛ 31 : 1 ) . اقرأ معى مثلا نصّ سفر الأمثال ( 30 : 1 ) من نسخة كتاب الحياة المصرية : " هذه أقوال أجور بن متقية من قوم مَسَّا " . وجاء النصّ فى نسخة الآباء العربية ط 1991هكذا : " أقوال آجور بن باقة المَسَّاوى " .
فـ أجور بن متقية أو آجور بن باقة قالت عنه النسخة المصرية أنه من قوم مَسَّا . ونسبته النسخة اللبنانية لـ مَسَّا فقالت عنه المَسَّاوى . فالمَسَّاوى نسبة إلى مَسَّا سواء كان مَسَّا اسم بلد أو اسم قبيلة أو اسم الجدّ الأعلى .
وعلماء المسيحية فى الشرق والغرب يعلمون جيدا أنَّ أجور هذا عربىّ ابن عربىّ موطنـه جزيرة العرب ،

و كما يقول جمال شرقاوى صفحة 360فقد "تلاعبوا فى ترجمة كلمة مَسَّا المنسوب إليهــا ذلك العربىّ فحاروا قديما وداروا حديثا حول ترجمة الكلمة مَسَّا .
فظهرت لنا الكلمة تحت ثوب كلمة وَحْىّ ( oracle ) فى الترجمات اليونانية والإنجليزية المعروفة ( LXX ; NASB ) كما وردت أيضا الكلمة تحت ستار نبوءة ( prophecy ) فى ( نسخــة الملك جيمس المعتمدة AV ) ثم تغيرت هذه الكلمة إلى نُطْق أو تَلَفُّظ ( utterance ) فى نسخة الملك جيمس ولكن الجديدة ( NKJV ) ..!!
والكلمة لا تزال كما هى فى بعض النسخ مثل ( NEB ; RSV ) الإنجليزية والعربية حيث نجدها تشير إلى اسم بلد أو اسم قبيلة فى جزيرة العرب ..!!
وفى نصّ سفر الأمثال ( 31 : 1 ) نجد عبارة ملك مَسَّا وبنفس الطريقة تم التشويش على كلمة مَسَّا لتختفى من النصّ فى بعض نسخ الكتاب المقدس حديثة الترجمة .
وكل هؤلاء الأشخاص المذكورين تحت كلمة مَسَّا ما هم إلا بشر من ذرية مَسَّا ابن إسماعيل بن إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام ، ولكن القوم يقولون عنهم بأنهم جميعا أبناء هاجر ( Sons of Hagar ) ..!! أى العرب عن طريق زوجته المصرية هاجر ..!!"الإسماعيلية المنسوبين إلى إبراهيم

حالة كسر الميم مع المحافظة على تشديد السين
يقول جمال شرقاوى صفحة 361:
"فى سفر التكوين ( 10 : 30 ) نجد الكلمة العبرية مِيشَا مكتوبة فى الترجمات العربية للكتاب المقدس بدون التصويت العربى أو العبرى القديم . المعروف بشفة كنعان . وهذا الأمر يدعو الباحث عن الحقيقـة أن ينظر فى النسخة اليونانية السبعينية المكتوبة من قبل النسخة العبرية الجديدة بحوالى 1300 سنة (1) حيث نجد أنَّ الكلمة مِيشَا مكتوبة فيها هكذا ( μασσε ) والتى تنطق مَسِّى أى بفتح حرف الميم وتشديد حرف السين . ومعلوم أنَّ حرف الشين فى العبرية الجديدة يعادل حرف السين فى العربية فيكون النطق اللغوى العربى الصحيح للكلمة هو مَسِّى مطابقا للقراءة اليونانية وليس مِيشَا كما هو مسجل فى الترجمات العربية ..!!
جاء فى موسوعة (The New Bible Dictionary ) عن هذه الكلمة ما معناه " اسم مكان يشير إلى نهاية حدود المناطق التى كان يقيم فيها ذرية يقطين ( تك 10 : 30 ) . والنهاية الحدودية الثانية هى ظِفَار (sephar ) . وهناك بعض الوثائق القديمة ترد فيها الكلمة مَسَّا بدلا من مِيشَا وهى تقع جغرافيا فى جنوب الجزيرة العربية
وجاء فى قاموس الكتاب المقدس نشر دار الثقافة بالقاهرة عن يقطين ( يقطان ) : " هو شخص أو بالأحرى قبيلة من نسل سام ، تفرعت منها ثلاث عشرة قبيلة عربية ( تك 10 : 25 ـ 30 ؛ 1 أخبار 1 : 19 ـ 23 ) "
: فالاسم عربى أصيل وقديم جدا منذ عصر أبناء نوح u لأنَّ يقطين هذا هو أحد أحفاد نوح u . حسب ما جاء فى التوراة"
يستنتج مما سبق ان الاسم مِـَسَّا بفتح الميم وكسرها وتشديد السين .هو اسم لم يتَسمَّ به إلاَّ العرب خاصة . ولم تُعْرَفْ بقعة من الأرض تسمى مِـَسَّا إلاَّ المنطقة العربية التى سكنتها ذرية مِسَّا بن إسماعيل بن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام . وكل مَن ينتسب إلى هؤلاء القوم العرب أحفاد مِسَّا يطلق عليه اسم المِسِّى . فكلمة المِسِّى أو المَسِّى تشير إلى جنسية صاحبها . فإن أضفت إليها اسم إله العرب القدماء ( يا ) تصبح الكلمة مِسِّـيَّا فكل من تسَمَّى بهذا الاسم المبارك مِسِّـيَّا لابد وأن يكون عربياً إسماعيلياً وأن يكون متصلا بالإله يا .
فالملك عجور ـ أجور ـ المذكور فى سفر الأمثال ( 30 : 1 ؛ 31 : 1 ) كان عربيا من قوم مِسِّا كما جاء فى نسخة كتاب الحياة ، وكان مِسَّاويا كما جاء فى نسخة الآباء العربية . أى أنَّ جنسيته مَسِّى نسبة إلى جَدِّه الأكبر مَسَّا تماما كما ينسب الإسرائيلى إلى جَدِّه الأكبر إسرائيل . ولكن عجور لم يكن متصلا بالإله يا . فاكتفوا بنسبته إلى جَدِّه الأكبر فقالوا عنه مَسَّاوى أو مَسِّى أى عربى إسماعيلى .
فـ المِسِّيـَّا هو ذلك الإنسان العربى الإسماعيلى الذى اتصل بالإله فكان رسول الإله إلى البشر . إنه رسول يا . فإن كان الاسم المختصر ( يا ) هو الله تعالى كما يقولون فإنَّ المعنى العربى اللغوى لكلمة المِسِّيـَّا هو ( رسول الله ) ولا معنى لها غير ذلك . ))

القلم الحر
11-23-2011, 11:15 PM
فى هدى القرآن
إن عظمة ما قدمه القرآن من الهداية في المعارف الإلهية، تتجلى بمقارنتها
مع ما يقابلها في العهد العتيق والجديد من الآيات التي ما زال يعتقد بها مئات
ملايين البشر إلى اليوم من اليهود والنصارى، وبنيت على الإيمان بها كل كنيس
وكنيسة.
ونكتفي بنماذج من توراتهم فهو يمثل تصوراتهم لله تعالى:
أ - ورد في الإصحاح الثاني من سفر التكوين:
(وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع
من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من
جميع عمله الذي عمل الله خالقا....!
وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار
آدم نفسا حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا. ووضع هناك آدم الذي
جبله، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل.
وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر....
وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب
الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر
فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت.
ب - في الإصحاح الثالث من سفر التكوين:
وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله، فقالت
للمرأة: أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ فقالت المرأة للحية: من ثمر
شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه،
ولا تمساه لئلا تموتا!
فقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح
أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر!
فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية
للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت
أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر، وسمعا
صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من
وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟
فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت!
فقال: من أعلمك أنك عريان، هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن
لا تأكل منها... ".
وفي نفس الأصحاح: " وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا
عارفا الخير والشر! والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل
ويحيا إلى الأبد ".
وفي الإصحاح السادس:
فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسف في قلبه.
فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته. الإنسان مع بهائم
ونباتات وطيور السماء. لأني حزنت أني عملتهم ".
ونكتفي بتسجيل بعض الملاحظات:
(١)
زعمت توراتهم أن الله تعالى نهى آدم وحواء عن معرفة الحسن والقبيح، مع
أن الله تعالى خلق الإنسان ووهبه العقل ليعرف به الحسن والقبيح، والخير والشر،
فكيف يعقل أن ينهى عن معرفتهما!
وأما هداية القرآن فهي: {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما
يتذكر أولوا الألباب} ، {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} .
والآيات القرآنية في الترغيب في العلم والمعرفة والتعقل والتفكر والتدبر
أكثر من أن تذكر في هذا المختصر.
وخلق الله الإنسان للاستباق إلى الخيرات وأمره بها، وللاجتناب عن الشرور
ونهاه عنها، والغرض من هذا التكوين والتشريع لا يتحقق إلا بمعرفة الخير والشر،
والأمر بذي المقدمة والنهي عن المقدمة مع انتهائهما إلى اجتماع النقيضين كيف
يصدر عن سفيه فضلا عن الحكيم على الإطلاق؟!
(٢)
وزعمت توراتهم أن الله تعالى قال لآدم وحواء: إذا أكلتما من شجرة المعرفة
تموتان، فأكلا منها فلم يموتا!
فإن كان الله بزعمهم لا يعلم أنهما لا يموتان، فهو جاهل!
وإن كان يعلم فهو كاذب! وكيف يليق بالجاهل والكاذب أن يسمى بالإله؟
والأعجب من ذلك أن الحية ترشد آدم وحواء إلى الأكل من شجرة معرفة
الخير والشر، وتكشف لهما كذب الإله (المزعوم لهم) وخداعه!
وهذه نماذج من هداية القرآن في علم الله تعالى:
{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء} .
{لا يعزب عنه مثقال ذرة} {إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ
علما}
(٣)
كيف يكون الموجود المحدود - الذي يضيع آدم بين أشجار الجنة، وتحول
الأشجار دون رؤيته له، ويناديه: أين أنت؟! حتى يعرف مكانه من صوته! -
جديرا بأن يكون إله العالمين، وعالم السر والخفيات، والمحيط بالأرض
والسماء، وخالق الكون والمكان؟!
وأما نموذج هداية القرآن فهكذا: {و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم
ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس الا في كتب مبين}.
(٤)
بينما يعلم القرآن الناس توحيد الله وتنزيهه ويقول: {ليس كمثله شئ وهو
السميع البصير} ، فإن التوراة تعلم الناس الشرك بالله تعالى، وتشبهه بمخلوقاته
حيث تقول: " وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير
والشر... ".
(٥)
نسبت توراتهم إلى الله تعالى، أنه ندم على خلق آدم، فكان جاهلا بعاقبة
خلقه له! فكيف يصح لكتاب سماوي جاء لهداية البشر إلى ربهم، أن ينسب إلى
الله تعالى الجهل المستلزم لمحدودية الذات وتركب الحق المتعال من نور العلم
وظلمة الجهل، الموجب لاتصاف الخالق بصفة المخلوق.
وهداية القرآن هكذا: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} ، {و إذ قال
ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} .
(6)
نسبت توراتهم إلى الله تعالى الاستراحة والحزن والغم والهم والأسف، وهي
صفات من لوازم الجسمية والجهل والعجز!
ويقول الرب امحو عن وجه الأرض الإنسان والبهائم والنباتات والطيور
تشفيا لتأسف قلبه، ولأنه صار محزونا بخلقه لهم، ومع ذلك ندم عما أخبر به،
فلماذا يقول ما لا يفعل؟! وهل هذا إلا تجهيل لنفسه وتكذيب لقوله؟! {سبحانه
وتعالى عما يصفون} .
أما القرآن فيقول: {سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له
ملك السماوات والأرض يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير * هو الأول والاخر و
الظهر والباطن وهو بكل شئ عليم} .

القلم الحر
11-24-2011, 08:11 AM
اسهبنا فى مسالة لزوم بعثة الانبياء و هذا مزيد ..
ضرورة التعليم والتربية الإلهية:
لكي نفهم احتياج البشر إلى هداية الأنبياء، لابد أن نعرف طبيعة خلقة
الإنسان، والهدف من خلقته، والعوامل الموصلة إلى ذلك الهدف والمعيقة عنه.

إن الإنسان موجود له غرائز مختلفة، وحياته تبدأ من أضعف مراتبها التي
هي الحياة النباتية، وتصل إلى الحياة العقلانية، بل إلى أرقى منها، فإن المؤمن
ينظر بنور الله .
والإنسان مخلوق مركب من طبع وعقل، وجسم ذي حاجات محدودة،
وروح ذات مطلوبات غير محدودة، وهو في تساميه وتعاليه أعلى من الملائكة،
وفي تسافله وتنزله أحط من البهائم.
والإنسان يدرك أنه لم يخلق لحياة مادية محدودة، فإن الحكمة توجب أن
تكون الأدوات متناسبة مع العمل المطلوب منها، والخلقة متناسبة مع الهدف
منها، فلو كانت الحياة التي خلق من أجلها حياته الدنيوية فقط، لكانت قوة
الشهوة التي تجلب الملائمات وقوة الغضب التي تدفع المنافرات كافيتين له،
ولم يكن موجب لأن يعطى عقلا متطلعا إلى علم غير محدود، مشتاقا إلى التجمل
بالكمالات الأخلاقية والعملية، وفطرة لا تقنع بأي مقام يصل إليه، بل تتعطش
ما هو أعلى منه، فإعطاء الإنسان ذلك العقل وتلك الفطرة دليل على أنه مخلوق
لحياة غير محدودة،
ومن ناحية أخرى، إن حكمة الحكيم على الإطلاق تدلنا على أن كل قوة
أودعها في الموجود فقد هيأ لها عوامل الوصول إلى مرحلة فعليتها، لأن إفاضة
قوة لا تتحول إلى الفعل أصلا، وطلب لا يصل إلى المطلوب، لغو وعبث، تعالى
الله عنهما.
فأنت ترى أن العلم والقدرة المطلقة، عندما أعطى قوة الإثمار للحبة، خلق
لها الماء والتراب والهواء، وجعل لها فيها عوامل وصولها إلى هدفها!
وعندما أعطى نطفة الإنسان قوة التحول إلى أعضاء وجوارح، خلق لها
الرحم وعوامل فعليتها فيه!
فكيف يمكن أن يخلق الله بذرة عقل الإنسان، ويودع فيها قوة الوصول إلى
ثمرة العلم والعمل، ويخلق روح الإنسان اللطيفة ويودع فيها استعداد الوصول
إلى الكمال العلمي والخلقي والعملي، إلى أن يصل إلى معرفة الله بالله، ثم لا يهئ
للعقل عوامل بلوغه إلى ثمره، والشرائط التي توجب فعلية استعداد النفس
الإنسانية لأعلى مراتب الكمالات العلمية والعملية، ووصول الروح إلى أوج
فعليتها؟!
وكيف يمكن أن لا يهدي الإنسان إلى الغرض المقصود من خلقته؟!
فهل يمكن أن يخصص قانون {اعطى كل شئ خلقه ثم هدى} ويستثنى منه
خلق الإنسان؟!
كلا، ولهذا كانت ضرورة الهداية الإلهية لإيصال الإنسان إلى الهدف من
خلقه واضحة {ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها}

وبعد أن اتضح ضرورة هداية الإنسان إلى المبدأ والمعاد والهدف من خلقه،
، يتضح أن هذه الأهداف لا تتيسر إلا عن
طريق الوحي والنبوة، وكفاية هذه المهمات لا تتحقق بالفكر الذي لا يصون عن
الخطأ وباليد المغلولة بقيد الهوس والهوى.
إن مصباح فكر الإنسان مهما كان قويا، ليس بإمكانه أن يضئ النقاط
المبهمة والمجهولة في فطرته، ويستغني في مسيرة حياته عن الأنبياء
وهدايتهم (عليهم السلام).
لقد بذل نوابغ البشر جهودهم في البحث عن أسرار العالم، فتصوروا أنهم
توصلوا إلى نتائج ونظريات افتخروا بكشفها، وصدقها الناس، ومضت قرون
وأجيال على التصديق بها، فإذا هي أوهام باطلة!
فهذه نظريتهم القائلة إن بدن الإنسان يتركب من العناصر الأربعة، وأن
أمراضه تنشأ من الطبائع الأربع، انكشف بطلانها!
وهذه نظريات القدماء عن تكوين الكون من عناصر التراب والماء والهواء
والنار، وأن الأجرام السماوية لا تقبل الخرق والالتئام، ذهبت هباء أمام
ما اكتشفه العلم!
وهاهو الإنسان عرف أنه لم يكن يفهم تركيب بدنه الذي هو أقرب الأشياء
إليه! ولا كان يعرف أسباب مرضه وصحته، وأن كثيرا من أفكاره حول الطبيعة
والكون، وعن القمر الذي هو أقرب الكواكب إليه، لم تكن غير أوهام خاطئة!
فهل يمكن أن يكون هذا الفكر هاديا للإنسان إلى معرفة المبدأ والمعاد،
وإلى موجبات سعادته وشقائه؟! كلا!
بل كيف يمكن لفكر الإنسان العاجز عن معرفة الأسرار المخبأة في داخل
ذرة من الذرات، أن يعرف بداية خلق الإنسان والكون، ونهاية الإنسان والعالم،
وأن يعرف ما يهديه إلى المبدء والمعاد، وإلى موجبات سعادته وشقائه

horisonsen
11-24-2011, 12:40 PM
قال ابن حزم في "الفصل": وكانت العرب بلا خلاف قوما لقاحا لا يملكهم أحد كمضر وربيعة وإياد وقضاعة أو ملوكا في بلادهم يتوارثون الملك كابرا عن كابر كملوك اليمن وعمان وشهر بن بارام ملك صفا والمنذر بن ساوى ملك البحرين والنجاشي ملك الحبشة وجيفر وعياذ ابني الجلندي ملكي عمان فانقادوا كلهم لظهور الحق وبهوره وآمنوا به صلى الله عليه و سلم طوعا وهم آلاف آلاف وصاروا أخوة كبني أب وأم وانحل كل من أمكنه الانحلال عن ملكه منهم إلى رسله طوعا بلا خوف غزو ولا إعطاء مال ولا يطمع في عز بل كلهم أقوى جيشا من جيشه وأكثر مالا وسلاحا منه وأوسع بلدا من بلده كذي الكلاع وكان ملكا متوجا ابن ملوك متوجين تسجد له جميع رعيته يركب أمامه ألف عبد من عبيده سوى بني عمه من حمير وذي ظليم وذي زود وذي مَرّان وذي عمرو وغيرهم كلهم ملوك متوجون في بلادهم هذا كله أمر لا يجهله أحد من حملة الأخبار بل هو منقول كنقل كون بلادهم في مواضعها وهكذا كان إسلام جميع العرب أولهم كالأوس والخزرج ثم سائرهم قبيلة قبيلة لما ثبت عندهم من آياته وبهرهم من معجزاته وما اتبعه الأوس والخزرج إلا وهو فريد طريد قد نابذه قومه حسدا له إذ كان فقيرا لا مال له, يتيما لا أب ولا أخ ولا ابن أخ ولا ولد, أميا لا يقرأ ولا يكتب, نشأ في بلاد الجهل يرعى غنم قومه بأجرة يتقوت بها فعلمه الله تعالى الحكمة دون معلم وعصمه من كل من أراده بلا حرس ولا حاجب ولا بواب, ولا قصر يمتنع فيه على كثرة من أراد قتله من شجعان العرب وفتاكهم, كعامر بن الطفيل وأربد بن جزء وغورث بن الحارث وغيرهم مع إقرار أعدائه بنبوته كمسيلمة وسجاح وطليحة والأسود وهو مكذب لهم. فهل بعد هذا برهان أو بعد هذه الكفاية من الله تعالى كفاية وهو لا يبغي دنيا ولا يمني بها من اتبعه بل أنذر الأنصار بالأثرة عليهم بعده وتابعوه على الصبر على ذلك.
قام له أصحابه على قدم فمنعهم وأنكر ذلك عليهم وأعلمهم أن القيام لله تعالى لا لخلقه ورضوا بالسجود له فاستعظم ذلك وأنكره إلا لله وحده. ولا شك في أن هذه ليست صفة طالب دنيا قط أصلا ولا صفة راغب في غلبة ولا بعد صوت بل هذه حقيقة النبوة الخالصة لمن كان له أدنى فهم.
حتى قال : وأما محمد صلى الله عليه و سلم فلا يختلف أحد في مشرق الأرض وغربها أنه عليه السلام أتى إلى قوم لقاح لا يقرون بملك ولا يطيعون لأحد ولا ينقادون لرئيس نشأ على هذا آباؤهم وأجدادهم وأسلافهم منذ ألوف من الأعوام قد سرى الفخر والعز والنخوة والكبر والظلم والأنفة في طباعهم وهم أعداد عظيمة قد ملئوا جزيرة العرب وهي نحو شهرين في شهرين قد صارت طباعهم طباع السباع وهم ألوف الألوف قبائل وعشائر يتعصب بعضهم لبعض أبدا فدعاهم بلا مال ولا أتباع -بل خذله قومه- إلى أن ينحطوا من ذلك العز إلى غرم الزكاة ومن الحرية والظلم إلى جري الأحكام عليهم ومن طول الأيدي بقتل من أحبوا وأخذ مال من أحبوا إلى القصاص من النفس ومن قطع الأعضاء ومن اللطمة من أجلّ من فيهم لأقل علج غريب دخل فيهم. وإلى إسقاط الأنفة والفخر إلى ضرب الظهور بالسياط أو بالنعال إن شربوا خمرا أو قذفوا إنسانا. وإلى الضرب بالسوط والرجم بالحجارة إلى أن يموتوا إن زنوا, فانقاد أكثرهم لكل ذلك طوعا بلا طمع ولا غلبة ولا خوف ما منهم أحد أخذ بغلبة إلا مكة وخيبر فقط وما غزا قط غزوة يقاتل فيها إلا تسع غزوات بعضها عليه وبعضها له فصح ضرورة أنهم إنما آمنوا به طوعا لا كرها وتبدلت طبعائهم بقدرة الله تعالى من الظلم إلى العدل ومن الجهل إلى العلم ومن الفسق والقسوة إلى العدل العظيم الذي لم يبلغه أكابر الفلاسفة وأسقطوا كلهم أولهم عن آخرهم طلب الثأر وصحب الرجل منهم قاتل ابنه وأبيه وأعدى الناس له صحبة الأخوة المتحابين دون خوف يجمعهم ولا رياسة ينفردون بها دون من أسلم من غيرهم ولا مال يتعجلونه فقد علم الناس كيف كانت سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكيف كانت طاعة العرب لهما بلا رزق ولا عطاء ولا غلبة فهل هذا إلا بغلبة من الله تعالى على نفوسهم وقره عز و جل لطباعهم كما قال تعالى (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) ثم بقي عليه السلام كذلك بين أظهرهم بلا حارس ولا ديوان جند ولا بيت مال محروسا معصوما وهكذا نقلت آياته ومعجزاته.اهـ

ومن أجلّ الآيات على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم أنه بعث بين ظهراني قوم فصحاء بلغاء وهم العرب قد أفنوا الدهور والعقول في اختلاق الشعر وضرب الأمثال ونثر الكلام على امتداد الزمان حتى قال الراجل منهم لراكبهم: "سر فلا كبا بك الفرس" فرد عليه على البديهة: "دام علا العماد" [يقرآن من الجهتين], بل إنهم يأتون بما هو أعجب من ذلك لمن كان له أدنى اطّلاع, وكان عندهم من كمال الرغبة والحرص على معارضة القرآن ما هو معروف لجميع الأنام, منضافًا إلى ذلك الحسد والعصبية ومعرفتهم لجميع صفاته صلى الله عليه وسلم وأموره عن خبرة ومخالطة فكانوا أحرص الناس على أن يجدوا فيه شيئا للثلب فيجهروا به, فلما عدم منهم الإتيان بما يضاهي هذا القرآن مع كمال الداعي استلزم عدم القدرة,- وإذا كانت "دواعي العرب وغيرهم على المعارضة تامة, وانتفت المعارضة علم عجز جميع الأمم عن معارضته" - ,ثم إنهم أسلموا عن بكرة أبيهم وأثنوا عليه خيرا وعلموا أنّ ما دافعوه به إنْ كان لَبهرجا وكذبا, أفَيَصِحُّ بعد كل ذلك أن يأتي بعدهم من هو أقل معرفة منهم بحاله فيكذبه ويجحده؟!!
فتدبر ذلك تعرفْ ما للعرب من الفضل في كونهم حجة على غيرهم في لزوم اتباع خاتم الأنبياء.

القلم الحر
11-24-2011, 07:19 PM
شكرا لاثراءك الموضوع اخى الكريم

ماجد
11-24-2011, 09:43 PM
جزاكم الله جميعاً كل خير .

القلم الحر
11-26-2011, 04:38 AM
مسألة الحسن والقبح
هذه المسالة اصل كبير فى معالجة الشبهات حول الرسالة
فان اهم الشبهات تدور حول مسالة الحسن و القبح , و لا شك ان هناك بدهيات يستقل العقل بالحكم بحسنها و قبحها فكل عاقل يحكم بان الظلم قبيح و ان العدل حسن
لكن المعترك هو فى التفاصيل ,لقد قال الكفار : ( إنما نحن مصلحون ) حينما قيل لهم : ( لا تفسدوا في الأرض )فإنهم ارجعوا أفعالهم إلى الصلاح وليس إلى الفساد ومعنى ذلك أنّهم يحكمون عموماً بحسن الصلاح وقبح الفساد .
فالاختلاف في الأفعال وأفرادها فعلاً فعلاً والحكم على كل منها أنه من الصلاح أو الفساد
و لو كان للعقل هذه القدرة على التفصيل وإرجاع كل فعل إلى عنوانه لما كانت هناك حاجة إلى الشرع ولاكتفى المولى بحجة العقل وحده . وفي هذا وحده دليلٌ كافٍ على أن العقل لا يقدر على بعض الأحكام
فمن يثبت النبوة -و قد ذكرنا باسهاب دليل لزوم بعثة الانبياء- لا بد ان يقر بان الشرع الالهى هو الذى يحدد تفاصيل الحسن و القبيح من الافعال
و عليه فتأمل عامة اعتراضات اللادينيين و الملاحدة على افعال فعلها النبى صلى الله عليه و سلم او احكام شرعية يعتبرونها بعقولهم قبيحة و قد جاء الشرع بها مقررا بالتالى حسنها
و لو كان الحكم للعقول فى ذلك لانتفت الحاجة الى الانبياء و هو باطل كما مر
ان عقيدة الاسلام و فلسفته تقوم على التسليم لحكم الله و تحطيم الانا
فيلغى الانسان ذاته فى مقابل الله , لذا كان شيخ الكافرين ابليس لانه اعترض على حكم الله و تضخمت فيه الانا
اساس الاسلام هو هذا و من لم يفهم ذلك لم يفهم الاسلام
و الملاحظ ان عامة اللادينيين و الملاحدة ذووا ذوات متضخمة تكاد تعتبرهم مدعين للالوهية
بينما الاسلام هو ان الحكم لله لا للانسان و يقول القران العظيم ملخصا القضية :" أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ"

القلم الحر
11-27-2011, 06:11 AM
تأملات فى هدى الاسلام : الصلاة نموذجا
من حكم الصلاة وأسرارها
تشتمل الصلاة على أجزاء وشروط وموانع:
فشرط إباحة المكان في الصلاة ينبه المصلي أن لا يعتدي على حق أحد.
وشرط الطهارة من الخبث والحدث والخبث يرشده إلى أن النجاسة التي تطهر
بالماء، أو الكدورة المعنوية التي تحصل قهرا في الروح من الجنابة - مثلا وإن
كانت من غير اختيار - وتزول بالغسل، توجبان بطلان الصلاة، وتمنعان الإنسان
من التوجه إلى ذي الجلال والإكرام سبحانه.
وبهذا يمكن أن يتصور تأثير قذارة الأعمال القبيحة الاختيارية، مثل
الكذب، والخيانة، والظلم، والتعدي، وكدورة الأخلاق الرذيلة، في حرمانه من
حقيقة الصلاة التي هي معراج المؤمن، وقربان كل تقي.
*إن فصول الأذان الذي هو دعوة إلى الحضور في محضر الله تعالى، وفصول
الإقامة التي هي مقدمة لتهيئة الروح للعروج إلى مقام القرب منه سبحانه، تشتمل
على خلاصة معارف الإسلام.
والتأمل في افتتاح الأذان والإقامة بالتكبير، واختتامهما بالتهليل، يصور لنا
جو التربية والتعليم في الإسلام.
ولما كان ابتداء التكبير بلفظ الجلالة " الله " وختام التهليل أيضا به، فإن
المصلي يتعلم أنه {هو الأول والاخر}
كما أن افتتاح الأذان والإقامة بكلمة (الله) وانتهائهما بهما، واستحباب الأذان
في أذن المولود اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى، واستحباب تلقين المحتضر
كلمة التوحيد، يعني أن افتتاح حياة الإنسان وختامها يكون باسم الله تعالى.
وتكرار لا إله إلا الله بعد الشهادة بهما مرتين في أول الأذان وآخره، يكشف
عن دور هذه الكلمة الطيبة في تكامل الإنسان العلمي والعملي.
ولهذه الجملة خصائص في لفظها ومعناها:
فحروفها نفس حروف كلمة (الله)، وهي من الذكر الخفي الذي لا يتطرق
الرياء إليه، حيث يمكن للإنسان أن يذكر الله بها ولا يظهر عليه.
وهي تشتمل على نفي وإثبات، والاعتقاد الراسخ بهما يؤثر في نفي الباطل
وإثبات الحق، في عقائده وأخلاقه وأعماله.
ومنه نكشف عمق كلام الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)
وبهذا النفي والإثبات يرتبط الروح بنور السماوات والأرض،كما أن بالشهادة بالرسالة يجدد عهده بالرسول وما أرسل به.
وفي الأذان والإقامة يكون المبدأ والمنتهى هو الله، والوسط هو الصراط
المستقيم الذي أرسل الله رسوله به، فيستعد العبد للعروج إلى الله بالكلم الطيب
الصاعد إليه، والعمل الصالح الذي يرفعه سبحانه.
وعندما يصفي المصلي روحه بالتدبر في معنى (لا إله إلا الله)، يصل إلى
مستوى: {إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من
المشركين} وعندما يتجه إلى فاطر السماوات والأرض، يرتفع عن الأرض والسماء،
ويخرق الحجب وعندما يرفع يديه إلى جانب أذنيه، يجعل كل شئ غير الله وراء ظهره.
وعندما يقول (الله أكبر) يلغي أمام عظمة الله تعالى كل أفكار الذهن البشري
وأوهامه عنه تعالى، وكل الأوصاف والحدود، فهو سبحانه أكبر من أن يوصف.
ثم يبدأ كلامه مع الله تعالى، والصلاة كلام الإنسان مع الله، والقرآن كلام الله
مع الإنسان، لكن الإنسان يبدأ كلامه مع الله بكلام الله تعالى، لأنه لا يمكن
للإنسان أن يحمد الله إلا بما علمه الله من حمده، وبحرمة كلام الله تعالى يصير
كلام الإنسان لائقا لأن يسمع (سمع الله لمن حمده).
والصلاة لابد أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب بمقتضى (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) ،
وكما أن القرآن الذي هو كلام الخالق مع الخلق يبدأ بسورة الحمد، فكذلك
الصلاة التي هي تكلم الخلق مع الخالق، تبدأ بسورة الحمد.
والمصلي لابد أن يأتي بالحمد والسورة بقصد القراءة، لكن الوصول إلى
حقيقة الصلاة إنما يحصل بالتوجه إلى المعاني والإشارات واللطائف التي في
أفعال الصلاة وأقوالها، ولذا نشير إلى بعض خصائص سورة الحمد:
تضمنت هذه السورة المباركة خلاصة الإسلام ففيها معرفة المبدأ والمعاد،
وفيها أسماء الله تعالى وصفاته، وهي عهد الإنسان مع الله، وعهد الله للإنسان.
وتمتاز سورة الحمد بأن الله تعالى قسمها بينه وبين عبده، فنصفها إلى (مالك
يوم الدين) لله تعالى، ونصفها الآخر من آية (إهدنا الصراط المستقيم) إلى آخرها
للإنسان، وآية (إياك نعبد وإياك نستعين) مشتركة لله تعالى وعباده، العبادة لله
والاستعانة للإنسان .
تبتدئ السورة باسم الله تعالى، الذي به بدأ فجر الرسالة المحمدية فقال الله
تعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله): {اقرأ بسم ربك الذي خلق}
ومعنى (الله) : (المعبود الذي يأله فيه الخلق ويؤله إليه)
وغاية ما يمكن للبشر من معرفته سبحانه، أن يعرفوا عجزهم عن معرفته.
وقد صف الله تعالى نفسه ب‍ (الرحمن الرحيم)، ، ومما ينبغي الالتفات إليه أن الله تعالى جعل ابتداء
كلامه مع الإنسان، وابتداء كلام الإنسان معه، ب‍ (بسم الله الرحمن الرحيم) وجعل هذه
الجملة السماوية طليعة قول المسلم وعمله، وألزمه بتكرارها كل يوم في صلواته
الخمس، وعلمه أن نظام الكون قائم على الرحمة، وأن كتاب التكوين والتشريع
يبدأ بالرحمة.
وحتى الحدود والتعزيرات التي شرعها، رحمة لمن تأمل فيها وفقهها..
وهذا يتضح من مراتب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه إذا
أعرض عضو من المجتمع عن الصلاح، أو أقبل إلى الفساد، فلابد من معالجته
أولا بالحسنى والطرق الملائمة،
يقرأ المصلي (الحمد لله رب العالمين) فيقرر أن كل الحمد والثناء لله
تعالى، لأنه سبحانه (رب العالمين)، وكل كمال وجمال مظهر من مظاهر تربيته
وربوبيته.
وعندما يقرأ المصلي هذه الآية ويرى آثار ربوبية الله تعالى وتربيته، في
نفسه وفي العالم، في سمائه، وأرضه، وجماده، ونباته، وحيوانه، وإنسانه..
يدرك أن الثناء مختص به.
وبما أن آثار تربيته تعالى في جميع المخلوقات، من أخس الكائنات إلى
أشرفها، ظهور رحمته العامة والخاصة، يقول المصلي ثانية: (الرحمن الرحيم).
وبعد أن يستغرق في فضل الله ورحمته، لابد أن يستذكر عدله تعالى،
فيقول: (مالك يوم الدين).
ومجازاة العباد في يوم الدين ضرورة لتحقيق العدل، لأن معصية الإنسان لله
تعالى تعد على حرمته، والهتك والتعدي على حرمة غير المتناهي لا يقاس
بالتعدي على حرمة غيره، فصاحب العظمة غير المتناهية حرمته غير متناهية!
ومعصية الذي حقه ونعمته على الإنسان لا تعد ولا تحصى، لابد أن تجازى
بما يناسبها.
والذنب الذي يرتكبه الإنسان مع ربه ليس بالأمر السهل كما قد يتخيل، فإن
الطاقة التي يصرفها فيه حصيلة الكون، إذ حياته مترابطة مع الكون، فالذنب الذي
يرتكبه الإنسان خيانة لما يسعى اليه عالم الكون.
لذلك كان لابد من كتاب وحساب وجزاء بالعدل، في ذلك اليوم العظيم،
الذي وصفه الله تعالى بقوله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم *
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس
سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}.
إن المصلي العارف عندما يقرأ (مالك يوم الدين) ترتعد فرائصه
إن آيتي (الرحمن الرحيم) و (مالك يوم الدين) تعطيان المصلي جناحي الخوف
والرجاء، فيعرف بهما رحمة الله وعزته، فيطمع بالأولى بالمغفرة والثواب، ويرى
في الثانية المجازاة والعقاب
الالتفات إلى الخطاب
وبعدما أقبل قلب المصلي إلى عظمة الألوهية والربوبية ورحمانيته اليه
ورحيميته وفضله وعدله وأدرك أن غيره لا يليق أن يكون معبودا ينتقل من الغيبة
إلى الخطاب فيقول: (إياك نعبد).
وبما أن العبادة تحتاج إلى هداية وحول وقوة، يقول (وإياك نستعين)، ففي
(نعبد) يرى أن العبادة منه، وفي (نستعين) يرى أنها بالله تعالى حيث (لا حول ولا قوة إلا
بالله).
وفي (إياك نعبد) ينفي الجبر، وفي (إياك نستعين) ينفي تفويض المعتزلة
وبهيئة المتكلم مع الغير (نعبد) يربط نفسه بجماعة المسلمين، فيتحقق عملا
كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
وبعد أن يؤدي المصلي مراسم العبودية، يدخل في مرحلة الدعاء، مرحلة
طلب العبد من مولاه.. فيقول (إهدنا الصراط المستقيم)، وبذلك يطلب أعظم جوهر
ينفعه في كل مراحل وجوده، لأن علو همة الإنسان، وإكرام مقام الألوهية يقتضي
أن يطلب طلبا عظيما، هو جوهر الهداية إلى الصراط المستقيم، السليم من كل
إفراط وتفريط.
والخط المستقيم واحد لا تعدد فيه، فالله واحد وصراطه واحد، وهو خط
يبدأ من نقطة نقص الإنسان التي يقول عنها الله تعالى: {والله أخرجكم من بطون
أمهاتكم لا تعلمون شيئا} وينتهي إلى الكمال الإنساني المطلق، مستوى قوله تعالى: {وأن إلى ربك المنتهى}
وعندما يطلب المسلم في صلاته من ربه أن يهديه {صراط الذين أنعمت
عليهم} وهو الصراط الذي فصله الله تعالى في قوله: {ومن يطع الله والرسول
فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقا} ، فهو بذلك يطلب أن يرزقه سبيل النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وان يبعده عن المغضوب عليهم وعن الضالين،
وهذا يعني أن عليه أن يتخلق بأخلاق هؤلاء الأنبياء ويبتعد عن سلوك أهل الضلال والمغضوبين.
وبمقتضى قوله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى
النور} عليه أن يتوجه بكله إلى القدوس تعالى الذي هو: {نور السماوات
والأرض} ، ويرى عظمته سبحانه بعين قلبه وحقيقة إيمانه.
ثم ينحني راكعا لعظمته امتثالا لقوله: {فسبح بسم ربك العظيم} ، ويقول:
سبحان ربي العظيم وبحمده.
وبذلك يأخذ نصيبه من أسرار الركوع، ويتهيأ لمقام القرب من ربه في
السجود، ثم يقع على الأرض امتثالا لقوله تعالى: {سبح اسم ربك الاعلى}
ويعفر جبينه على التراب، فيتذكر قدرة ربه الذي أضاء نور عقله من التراب
المظلم، وليرى في سجوده على التراب سر {ولقد خلقنا الانسان من سلالة من
طين} ، ويقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، ثم يرفع رأسه فيدرك سر {ثم أنشأناه خلقا
آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} ، ويرى حياته الدنيوية.
ثم يقول (الله أكبر) ثم يعود للسجود على التراب، ويتذكر يوم يرى الموت بعد
حياته ويتخذ منه مسكنا، ثم يرى الحياة بعد الموت فيرفع رأسه، ويتذكر حياته
بعد الممات، ويعرف من السجدتين معنى قوله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم
ومنها نخرجكم تارة أخرى} ، فيفهم بذلك مراحل وجوده.
* *
إن ما ذكرناه ليس إلا أشعة أو لمعة من أنوار شمس الحكمة والهداية في
الصلاة


مقارنة بين صلاتنا وصلاة النصارى
نذكر نموذج العبادة النصرانية مقابل ما ذكرنا من نموذج العبادة في الإسلام،
قال في إنجيل متى، الأصحاح السادس:
(وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة
كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن
تسألوه. فصلوا أنتم هكذا:
أبانا الذي في السماوات. ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك
كما في السماء كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما
نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة. لكن نجنا من الشرير. لأن
لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد. آمين) انتهى.
ونشير هنا إلى بعض النقاط في هذه الصلاة:
١ - أنها تخاطب الله تعالى بلفظ (أبانا الذي في السماوات)!
وإطلاق لفظ الأب على الله تعالى إن قصدوا به المعنى الحقيقي فقد جعلوا الله
مخلوقا، حيث نسبوا إليه صفة التوليد التي هي صفة المخلوق!
وإن قصدوا به المعنى المجازي فقد شبهوه بالمخلوق، وتشبيه الله بمخلوقاته
يعني إثبات صفاتها له.. وحينئذ تكون صلاتهم وعبادتهم للمخلوق لا للخالق!
أما العبادة في الإسلام فهي لله تعالى الذي ليس كمثله شئ وهو السميع
البصير.. فلا تعطيل للعقل عن معرفته، ولا تشبيه له بشئ من خلقه.
٢ - بعد هذا الثناء على الله تعالى نرى أن صلاة النصرانى تعلمه أن يطلب من
الله تعالى الخبز الذي يكون لجسده كالعلف للحيوان (خبزنا كففنا أعطنا اليوم)!.
بينما يطلب المسلم في صلاته بعد الثناء على ربه، نور البصيرة في عقله
حتى يجد الصراط المستقيم للحركة إلى الغرض المقصود من خلقه والتوفيق
للسير إلى هدفه {اهدنا الصراط المستقيم}، فلا جوهر أشرف وأغلى من الهداية
التي هي كمال الإنسان ولا طريق إلى المقصد أعدل وأقوم وأقرب من الصراط
المستقيم، ولا هدف أجل وأعلى من الله تبارك وتعالى.
3- يزعم النصارى في صلاتهم أنهم يغفرون خطأ من يسئ إليهم،
فيقولون لله تعالى في صلاتهم (اغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا)
ونحن نراهم لا يغفرون خطأ من يسئ إليهم، فهم بذلك يكذبون عند الله تعالى،
والكذب من القبائح عند العقول ومن الكبائر عند الشرائع الإلهية، ولا يمكن
التقرب إلى الله بالقبيح، وعبادته بمعصيته، والاستغفار بالذنب من الذنوب.
ونكتفي بهذه المقايسة للصلاة الإسلامية عن صلوات بقية الأديان.

و الحمد لله على نعمة الاسلام

القلم الحر
11-29-2011, 11:32 AM
يقول سبحانه :
(أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ )
اشرنا الى دور العقل فى تحديد الحسن و القبح , و نضرب مثالا لقصور العقل البشرى و هو فى مسالة الحدود التى تثار عند كل حديث عن تطبيق شريعة الله
لقد كان الاصل فى انظمة العقوبات هو العقوبات الجسدية و هو ما عرفته البشرية منذ فجر الحضارة و استمر تطبيقه فى العالم كله حتى اواخر القرن التاسع عشر اى منذ اقل من 150 عاما فقط
و لم تكن عقوبة الحبس تطبق الا فى حالات نادرة جدا ثم انتشرت تلك العقوبة من اوربا الى العالم كله بسبب الغزو الاوروبى العسكرى و الثقافى و احساس الشعوب المستعمرة بالدونية امام هذا الغزو
ان عقوبة الحبس التى ضحينا بنظام العقوبات الاسلامى من اجلها لم تختبر لفترة كافية و لم يظهر بعد للعيان اى نتائج مبهرة لها
لقد فشلت السجون فى معالجة مشكلة الجريمة و فى توفير الاصلاح و التاهيل الذى يحتاجه المساجين
و بدات تنهار لدى الاكاديميين تلك الصورة الوردية التى رسمها المصلحون الاوائل لنظام عقوبات لا يهدف للعقاب فى المقام الاول و انما يهدف لمنع الجريمة عن طريق اصلاح المجرمين
ان نظام السجون الحالى هو نظام مكلف جدا ماديا و يعتمد بالكامل على الميزانيات الحكومية و مع الازمات الاقتصادية المتلاحقة سيكون من الحماقة ان تضحى الحكومات بمخصصات التعليم و العلاج و الدفاع من اجل المؤسسات العقابية العملاقة
بينما نظام العقوبات الجسدية فى الشريعة الاسلامية هو الاعلى و الاسمى بين جميع انواع العقوبات الجسدية الاخرى التى عرفتها المجتمعات بما يوفره من ضمانات و حقوق للمتهمين لم تعرفها القوانين الغربية الا حديثا جدا
و منع الاحكام شديدة القسوة باستثناء عقوبة الرجم فى جريمة الزنا للمحصن التى وضع الاسلام لها ضوابط تمنع اثباتها عمليا الا باعتراف الفاعلين
اضف اليه ان نظام العقوبات الجسدية الاسلامى اكثر رحمة و انجع فى تحقيق الهدف و تحقيق القاعدة القانونية البدهية التى تقصر العقوبة على المذنب فقط
على عكس نظام السجون الذى يوزع العقوبة على المجتمع بكامله و خصوصا عائلة السجين

القلم الحر
11-29-2011, 11:37 AM
هنا مثال اخر لقصور العقل الانسانى الذى هو منشأ عامة اعتراضات اللادينيين على الاسلام من باب قوله تعالى " بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ"
يقولون لماذا يجب علينا ان نعبد الله مع انه غنى عن عبادتنا له و ليس فى ترك العبادة ضرر بالغير ..
والجواب يقف عليه المتدبر للقرآن هذا الكتاب الالهى العظيم :
ان العبادة ضرورة لنا وليس له تعالى، لأنها جزء من استكمال إنسانيتنا وهي أداة تهذيب لازمة لتكويننا الجسدي والنفسي . وهي صلة بالله تديم النعم وتوجب الكرم . وفيها جنبة تكوينية يتعلق بها التشريع بحسب تكويننا ، و القرآن يشير إلى ناحية تكوينية عجيبة في العلاقة بين الطاعة وأمور كونية خارجية غير متوقعة مثل المطر والمعادن وما شابه ذلك. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (96) سورة الأعراف وقال تعالى : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}(نوح/10 - 12).

وهذا يعني بكل تأكيد بأن هناك ترابطا تكوينيا بين الطاعة وأمور كونية تتعلق بحياة الإنسان والحيوانات وقد يؤثر ترك الإنسان الطاعة على الحياة البرية (حيوانات ونباتات ومكروبات) وهذا الكلام لمن يفكر جيدا في علاقة الله بمخلوقاته وترابط حاجات وتكوين المخلوقات بشكل عجيب فاذا انقطع المطر أو زاد بشكل كارثي تضررت الأحياء بفعل الإنسان ، وفي المقابل يقرر القرآن إن الكفر بعد نزول المطر وعدم العظة ولزوم الطاعة سيكون سببا لفناء أقوام وهلاكهم: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (6) سورة الأنعام وهذا يفسر لنا دمار الكثير من الأمم مع توفر الخير عندهم فقد بادت أمم في أوربا وآسيا وهي في عز النعيم وحسن عطاء الأرض والسماء.

القلم الحر
11-30-2011, 05:51 AM
ان من الاشكالات حول الرسالة ما يتصل بالعلوم الحديثة , و ربما اتخذ المسلم موقفا دفاعيا انهزاميا , لكن نهمس فى اذنه ان النظريات العلمية نسبية فثق بالوحى و لا تستسلم
مثلا ذكر القران كثيرا نزول الماء من السماء
. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة : 22]
2. وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأنعام : 99]
3. إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ [الأنفال : 11]
4. أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ [الرعد : 17]
5. اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ [إبراهيم : 32]
6. وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر : 22]
7. هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ [النحل : 10]
8. وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [النحل : 65]
9. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى [طه : 53]
10. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [الحج : 63]
11. وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ [المؤمنون : 18]
12. وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان : 48]
13. أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ [النمل : 60]
14. وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [العنكبوت : 63]
15. وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الروم : 24]
16. خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [لقمان : 10]
17. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ [فاطر : 27]
18. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ [الزمر : 21]
19. وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ [الزخرف : 11]
20. وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ [قـ : 9]

إن هذه الآيات تؤكد على إن الماء أتى الى الارض من السماء
و هناك من يفهم المعنى بانه مجرد عملية هطول الامطار و تجد ملاحدة يتهكمون من اهتمام القران بذلك , و لكن ما نفهمه ان الماء أتي من السماء في بادئ الأمر بصورة تختلف عن ما هو عليه الآن ثم دخل الى الارض واستقر فيها على شكل (h2o) وأصبح عنصراً من العناصر الأرضية ،
ولم يعد هذا الأمر خافياً فلقد توصل العلم الى هذه النتيجة بنظرية تم تسميتها (نظرية المياه الكونية)
وهى تؤكد على ان الماء اتى الى الارض من الفضاء الخارجى ، وتفيد بأن هناك تيارات من الاشعة الكونية تتحرك فى الفضاء الكونى من جسيمات ذات طاقة عظيمة تحتوى على نوى ذرات الهيدروجين ، اى البروتونات ، لدى حركة كوكب الارض اثناء دورانه حول نفسه وحول الشمس تخترق هذه البروتونات جو الارض وتحصل على الالكترونات الضرورية ، وتتشكل ذرة الهيدروجين حيث تتفاعل مباشرة مع الاوكسجين مشكلة جزئيات على ارتفاعات كبيرة ، وفى ظل درجات حرارة منخفضة ، تتكاثف على جسيمات من الغبار الكونى مكونة سحبا.. وهذه النظرية تشرح لنا معنى قوله تعالى : وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ [المؤمنون : 18].
و المقصود ان حقائق القران بعد ثبوت مصدره الالهى لا تعرض على النظريات العلمية و انما اتى الملاحدة على فرض انهم غير مغرضين من كونهم لم يؤتوا من العلم الا قليلا
مثلا كان من القواعد الأساسية لعلم الفيزياء أن أسرع جسيمات في العالم هي جسيمات الضوء ولم يستطع العلماء على مدى أعوام من إثبات العكس، تلك القاعدة التي أرساها "ألبرت أينشتاين" خلال القرن العشرين وبُنيَ على إثرها الكثير من أساسيات الفيزياء الحديثة.
و الآن وفي اكتشاف مذهل اكتشف العلماء جسيمات من المحتمل أن تكون تتحرك بسرعة أعلى من سرعة الضوء، وتسمى هذه الجسيمات "نيترينو" ( Neutrino) وهي جسيمات شبيهة بالإلكترونات ولكنها لا تحمل شحنة كهربية.
لب القضية ان اشكالات خصوم القران و المصطفى صلى الله عليه و اله و سلم منشأها الجهل البشرى العميق مع غرور القوم و تضخم الانا فيهم

القلم الحر
12-08-2011, 09:10 PM
خاتمة
بدا العبد الفقير بتاسيس لاثبات نبوة سيد الخلق الحبيب المصطفى صلى الله عليه و اله و سلم , ثم جمع من كل بستان زهرة و ما يتذكر الا اولوا الالباب , و نختم بهذه الزهرة :

دلالة الألفاظ القرآنية

كلمات القرآن كلمات منفردة بذاتها وبخصائصها، لا تستطيع أن تغيّر كلمة أو تبدل عبارة أو تقدم جملة، فكُلُّ كلمةٍ تمسك بالأخرى مثل الذرات في مجالٍ مغناطيسيٍّ محكم.. حتى الحرف لا يأتي في القرآن إلا لضرورة، ولا يمكنك أن ترفع حرفاً من مكانه أو تستبدله بحرفٍ آخر.

يقول القرآن عن الصبر على المصيبة:

يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ . لقمان 17.

ثم نراه يضيف حرف (اللام) للتوكيد حينما يتكلم عن الصبر على اذى الآخرين فيقول:

وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ . 43 الشورى.

لماذا اضاف حرف "اللام" في الآية الثانية! لأن الصبر على أذى الغريم يحتاج إلى عزمٍ أكبر.. فالصبر هنا ليس كالصبر على مصيبةٍ لا حيلة لك فيها..

وبالمثل نرى الله تعالى يقول لليهود الماديين:

فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ. 24 البقرة.

ويقول للمؤمنين أولي الالباب:

وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ .197 البقرة.

لأن العقليات المادية لا تخاف الا النار المادية. أما أولوا الالباب فإنهم يعرفون أن خالق النار أخطر شأناً من النار، ولهذا نراه يضيف الضمير فيقول:
واتقونِ يا أولي الألباب.

وهكذا نرى أن الحروف في القرآن لا ترد إعتباطاً وإنما تأتي بحسابٍ وحكمة.

ومثال آخر على عدم اعتباطية الألفاظ نرى القرآن يقول:

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ. 2 التكاثر.

لماذا لم يقل سكنتم المقابر أو دخلتم المقابر، أو حللتم في المقابر أو ملأتم المقابر؟

لماذا قال: زرتم!.. ليلفت النظر إلى أن المقام في القبر مقامٌ مؤقتٌ وأن الدخول إلى القبر دخول زيارة لا دخول سكنى.

وتدل على ذلك آيةٌ ثانيةٌ عن الموت:

قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ . 154 آل عمران.

فيصف رقدة الموت بأنها مجرد ضجعة وأن القبر مجرّد مضجع.. والضجعة بعدها إنتباهٌ وقيام.

وتلك دقةٌ بالغةٌ في التعبير تجعل كُلَّ كلمةٍ مقصودةٍ لضرورةٍ ولا يمكن استبدالها.

ثم نرى القرآن يختار الفعل المتعدد المعاني للمناسبة المتعددة المعاني.. فهو يقول عن الأرض:

وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا.30 النازعات.

والفعل "دحى" هو الفعل الوحيد في القاموس العربي الذي يفيد البسط والتكوير معاً، ولا يصلح للتعبير عن حال الأرض إلا هذا الفعل، لأن الأرض منبسطة في الظاهر مكورة في الحقيقة، ثم أن تكويرها بيضوي أشبه بتكوير "الدحية" أو البيضة.
ولا يوجد في المعجم العربي أي لفظٍ آخر يعطي هذه المعاني المتعددة ويستوفي الوصف الظاهر والوصف المستتر للأرض غير هذا اللفظ.. فنحن أمام لفظٍ ليس له بديل.

وبالمثل نراه يصف الرياح أنها "لواقح" :

وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ . 22 الحجر.

والرياح تلاقح بين السحب الموجبة والسحب السالبة التكهّرب، وهي أيضاً تحمل حبوب اللقاح من أعضاء التذكير إلى أعضاء التأنيث في الزهر.. ثم هي أيضاً تحمل بخار الماء الذي ينزل مطراً على الأرض فيلقحها ويخصبها.
ثم هي تحمل ذرات التراب التي تنمو حولها القطيرات وذلك أيضاً تلقيح.

فانتقاء اللفظ هنا انتقاء مطلق بحيث لا يصلح في القاموس لفظ غيره.. فلا يمكن استبداله بحال.

ثم أنك لا تستطيع أن تُؤخر أو تُقدم كلمة من مكانها في السياق لأن التأخير والتقديم في الكلمات القرآنية هو الآخر محسوب وهو دائماً لوظيفةٍ وهدف.

فالزانية تأتي قبل الزاني في الآية:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ . 2 النور.

في حين نرى السارق يأتي قبل السارقة في قوله:

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا. 38 المائدة.

ذلك لأن المرأة هي التي تبادر بالخطوة الأولى في الزنى منذ أن تقف أمام المرآة لتضع المكياج وتلبس العريان.. أما في السرقة فالرجل هو الأكثر إيجابية لتطلب السرقة جرأة تفتقدها المرأة عادة وهكذا..

وبالمثل نجد السمع مقدماً على البصرفي ستة عشر موضعاً قرآنياً.

ومعلومٌ الآن أن جهاز السمع أدق تشريحيّاً من جهاز البصر، وأن السمع أرهف، وأن تنوع النغمات أكثر من تنوع الألوان، وأن موهبة السمع تصل إلى إمكان الإستماع إلى الوحي من الملائكة..

فهذا هو القرآن تجده بنياناً محكماً من الألفاظ لا تستطيع أن ترفع منه كلمة أو تبدلها أو تؤخرها أو تقدمها.. وتكرار الالفاظ بحساب وحكمةٍ وهدفٍ، فهي لا تتكرر أبداً وإنما تكشف عن مكنونها وتبوح بأسرارها، ثم إن التنوع والتفصيل ينتهي بالقارئ الى كمال مراد المقصود وإلى تمام في الفهم والتصور.

ولا يقدر على هذا اللون من تركيب الألفاظ بشر.

و الحمد لله الذى هدانا لهذا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله

القلم الحر
12-24-2011, 11:09 AM
للرفع

القلم الحر
12-31-2011, 05:34 AM
مسك الختام : سر اعجاز القرآن
يقول العلامة رفاعى سرور :
الفاعلية القرآنية الكونية:
وإدراك الفاعلية الكونية لا يمكن تحقيقه إلا بقياس أثر القرآن في الوجود الكوني بصورته المباشرة. ومن هنا يأتي قول الله عز وجل: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).
ولكن الفاعلية الكونية المباشرة لا تظهر إلا باعتبار طبيعة الحجية القرآنية وإنه ذو طبيعة عقلية إقناعية .
ومن هنا يجب تصوره باعتباره حجة عقلية من خلال قياسه على جميع المعجزات والخوارق الكونية التي أرسل بها الأنبياء من قبل؛ ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) .
ويقول ابن كثير في هذا الحديث: إن البراهين التي كانت للأنبياء انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إلا الخبر عنها، وأما القران فهو حجة قائمة كأنما سمعه السامع من فم رسول الله صلى عليه وسلم إذ لو لم يكن الأمر كذلك لأصبح القرأن أولى الكتب بالفاعلية الكونية الخارقة، ولهذا جاء في قول الله عز وجل: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً).
قول ابن كثير: يقول الله تعالى مادحا القران الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ومفضلا له على سائر الكتب المنزلة من قبله: (ولو أن قرأنا سيرت به الجبال)، أي لو كان في الكتب الماضية كتاب تسير به الجبال عن أماكنها أو تقطع به الأرض وتنشق، أو تكلم به الموتي في قبورها لكان هذا القران هو المتصف بذلك دون غيره أو بطريق الأولى أن يكون كذلك لم فيه من هذا الأعجاز.
واستمرارا في تفسير الفاعلية القرانية نذكر أن الفاعلية تتحقق من خلال عدة نواحي:
1) الفاعلية من خلال ناحية سبب النزول:
ومنه كلمة (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) التي أورد فيها البخاري والنسائي في قول ابن عباس: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، قالها إبراهيم عليه السلام حين القي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، فأصبحت سببا باقيا في تفريج أي كربة يقع فيها أي مسلم إلى قيام الساعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، وقال إذا غلبك أمر فقل: (حسبي الله ونعم الوكيل) فدل ذلك على ان الآية باقية الآثر قدرا من خلال سبب نزولها.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم إمتداد فاعلية الكلمة حتى قيام الساعة فقال: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحني جبهته ليستمع متي يؤم فينفخ). فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نقول؟ قال: (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا).
2) الفاعلية من خلال الصيغة القرآنية:
ومنه قول الله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: (لن يغلب عسر يسرين)، فتقررت حقيقة أن العسر لا يغلب يسرين من تكرار (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)، مرتين.
3) الفاعلية من خلال الموضوعية القرآنية:
ومعناها أن موضوع الآية أو السورة هو المحقق لفاعليتها مثل تفسير سور المعوذتين التي تكون بها الرقية من الشيطان وفيها الاستعاذة.
ويقع تحت الفاعلية الموضوعية أن تصبح كل الأخبار الواردة في القرآن شاهدا صادقا على البشرية منذ بداية الخلق حتى قيام الساعة. ومثال ذلك أن يأتي القرآن شاهدا على قوم نوح بأن الله أرسل إليهم رسولا.
4) الفاعلية من خلال مصدر الآيات:
ومثالها خواتيم سورة البقرة التي أنزلت من كنز من تحت عرش الرحمن فكان فاعليتها (أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه خواتيم سورة البقرة) ، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.
التفسير الأساسي للفاعلية القرآنية:
غير أن التفسير الأساسي للفاعلية الكونية القرانية الذي يؤكد الأرتباط بين مضمون الحق في الايات وفاعليتها الكونية هو سورة الفاتحة، وفيه يربط ابن القيم بين هذا المضمون وتلك الفاعلية من خلال اشتمال الفاتحة على مضمون الحق الكامل، وفاعليتها الكونية الثابتة، فيقول في اشتمال الفاتحة على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة:
وهذا يعلم بطريقتين مجمل ومفصل:
إما المجمل فهو أن الصراط المستقيم متضمن معرفة الحق، وإيثاره وتقديمه على غيره، ومحبته والانقياد له والدعوة إليه، وجهاد أعدائه بحسب الإمكان.
والحق هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما جاء علما وعملا في باب صفات الرب سبحانه وأسمائه وتوحيده وأمره ونهيه ووعده ووعيده، وفي حقائق الأيمان التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى، وكل ذلك مسلم إلى رسول صلى الله عليه وسلم دون اراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم.
فكل علم أوعمل أو حقيقة او حال او مقام خرج من مشكاة نبوته، وعليه السكة المحمدية بحيث يكون ضرب المدينة فهو من الصراط المستقيم، ومالم يكن ذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال. فما ثم خروج عن هذه الطرق الثلاثة طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وماجاء به، وطريق أهل الغضب وهي طريق من عرف الحق وعانده، وطريق أهل الضلال وهي طريق من عرف الحق وعانده، وطريق أهل الضلال وهي طريق من أضله الله عنه، ولهذا قال عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: الصراط المستقيم هو الإسلام وقال عبد الله بن مسعود وعلى بن أبي طالب رضي الله عنهما: هو القران وفيه حديث مرفوع وهو الترمذي وغيره، وقال سهل بن عبد الله: طريق السنة والجماعة، وقال بكر بن عبد الله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولاريب أن ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وعملا وهو معرفة الحق وتقديمه وايثاره على غيره، هو الصراط المستقيم، وكل هذه الأقوال المتقدمة دالة عليه، جامعة له فبهذا الطريق المجمل يعلم أن كل ماخالفه فهو الباطل، وهو من صراط الأمتين أمة الغضب وأمة أهل الضلال.
وأما تضمنها لشفاء الأبدان فنذكر فيه ماجاءت به السنة وماشهدت به قواعد الطب ودلت عليه التجربة، فأما ما دلت عليه السنة، ففي صحيح من حديث أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحا النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب فلم يقروهم ولم يضيفوهم فلدغ سيد الحي فأتوهم فقالوا: هل عندكم من رقية أو هل فيكم من راق؟ فقالوا: نعم ولكنكم لم تقرونا، فلا تفعل حتى تجعلوا لنا جعلا، فجعلوا لهم على ذلك قطيعا من الغنم، فجعل رجل منا يقرأ عليه الفاتحة، فقام كأن لم يكن به قلبه لاتجعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيناه فذكرنا له ذلك فقال: مايدريك أنها رقية كلوا واضربوا لي معكم بسهم .
فقد تضمن هذا الحديث حصوله شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء، وربما بلغت من شفائه مالم يبلغه الدواء، وهذا مع كون المحل غير قابل، إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين، أو أهل بخل ولؤم فكيف إذا كان النحل قابلا؟!
ثم يأتي الموضوع المباشر للاستشهاد بقول ابن القيم. ومنكر هذا ليس معدودا من بني آدم إلا بالصورة والشكل فإذا قابلت النفس الزكية العلوية الشريفة التي فيها غضب وحمية للحق هذه النفوس الخبيثة السمية، وتكيفت بحقائق الفاتحة وأسرارها ومعانيها، وماتضمنه من التوحيد والتوكل والثناء على الله وذكر أصول أسمائه الحسنى، وذكر اسمه الذي ماذكر على شر الا أزاله ومحقة، ولاعلي خير الا نماه وزاده دفعت هذه النفوس بما تكيفت به من ذلك أثر تلك النفس الخبيثة الشيطانية، فحصل البرء، فإن مبني الشفاء والبرء على دفع الضد بضده وحفظ الشئ بمثله فالصحة تحفظ بالمثل والمرض يدفع بالضد، أسباب وبطها بمسبباتها الحكيم العليم خلقا وأمرا. ولايتم هذا إلا بقوة من النفس الفاعلة، وقبول من الطبيعة المنفعلة. فلو لم تنفعل نفس الملدوغ لقبول الرقية ولم تقو نفس الراقي على التأثير لم يحصل البرء.
فهنا أمور ثلاثة: موافقة الدواء للداء، وبذل الطبيب له، وقبول طبيعة العليل.
فمن تخلف واحد منها لم يحصل الشفاء، وإذا اجتمعت حصل الشفاء ولابد بإذن الله سبحانه وتعالى.
ومن عرف هذا، كما ينبغي تبين له أسرار الرقي، ويميز بين النافع منهما وغيره، ورقي الداء بما يناسبه من الرقي، وتبين له أن الرقية براقيتها وقبول المحل، كما أن السيف يضاربه مع قبول المحل للقطع، وهذه إشاره مطلعة على ماوراءها لمن دق نظرة وحسن تأمله، والله أعلم.
وأما شهادة التجارب؛ بذلك فهي أكثر من أن تذكر، وذلك في كل زمان وقد جربت أنا من ذلك في نفسي وفي غيري أمورا عجيبة، ولاسيما مدة المقام بمكة، فإنه كان يعرض لي الام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني، وذلك في أثناء الطواف وغيره، فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط. جربت ذلك مرارا عديدة، وكنت أخذ قدرا من ماء زمزم. فأقرأ عليه الفاتحة مرارا، فأشربه فأجد به من النفع والقوة مالم أعهد مثله في الدواء. والأمر أعظم من ذلك، ولكن بحسب قوة الأيمان وصحة اليقين والله المستعان.
مما سبق من أمثلة تفسر مفهوم الفاعلية القدرية القرانية. ومن ناحية أسباب نزول الأيات وموضوعها وصيغتها ومصدرها ومن ناحية مضمونها.
فإذا كانت الدعوة هي السبب الأصلي لنزول القران وهي موضوع القرأن ومضمونه فأن المجاهدة بالقران في هذه الدعوة هو الذي يحقق أقصي فاعلية قدرية للقرأن وهي التي تتمثل في إنشاء واقع الدعوة الصحيح وتحقيق غايتها التامة.

أبو يحيى الموحد
12-31-2011, 10:56 AM
اياك و أن تنقطع مواضيعك عن المنتدى ايها الاخ

القلم الحر
12-31-2011, 11:07 PM
حسنا لنختم باحسن الحديث :
قال سبحانه : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(121). البقرة
هل تعلم اخى سلمة ان اشد الناس حرصا على تدبر القران هم اليهود و النصارى ؟
و الله من ورائهم محيط

استودعكم الله

العبد الحر

سبح الله تغنم
01-01-2012, 12:57 PM
اللهم صل على محمد وعلى اّل محمد , كما صليت على إبراهيم وعلى اّل إبراهيم. اللهم بارك على محمد وعلى اّل محمد, كما باركت على ابراهيم وعلى اّل إبراهيم إنك حميد مجيد..

أخى القلم الحر أسأل الله عز وجل أن يجمعك بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والاّخرة وأن يقر عينك به عند الممات ..أحسن الله مثواكم وإيانا وأثابكم جزيل وعظيم الثواب إن شاء الله رب العالمين

القلم الحر
01-01-2012, 07:49 PM
اخى الكريم
انى اعتذر لجدى الحبيب المصطفى صلى الله عليه و اله

القلم الحر
01-02-2012, 06:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

انصح و الدين النصيحة بتدبر كتاب " الظلال " للشهيد سيد قطب رحمه الله
حتى سورة الحج
لان الرجل اعاد النظر فى تفسيره فى سجون الطاغية و لم يكمله فانتبه اخى القارىء
و بالمناسبة شبهة التكرار حلها سهل : ان الانسان ينسى فلا بد من رحمة التكرار
قال سبحانه فى ذكره المحدث :
"وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ"
صدق الله العظيم

القلم الحر
01-02-2012, 07:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
(اقرا باسم ربك الذى خلق)
صدق الله العظيم
من الكتب التى اوردناها:
- عبقرية محمد /العقاد
و هو صلى الله عليه و اله و سلم نبى لا عبقرى
-كتب الشيخ الغزالى
و فيها عثرات يعرفها اهل الحديث
و قد وضع بعض الاحباب كتاب " الرسول " للشيخ سعيد حوى و هو صوفى مخرف
و اخيرا لا اخرا : الاب يوسف درة الحداد مات مسلما رحمه الله
رحمنا الله و اياكم

القلم الحر
01-25-2012, 10:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل عن على كرم الله وجهه قوله : العلم نقطة كثرها الجاهلون
و اضع هنا قبس من موضوع كتبته هنا باسم عبد الله , بعنوان اثبات : نبوة محمد صلى الله عليه و اله , قبل ان افتن نتيجة لشبهات لينة كسائر شبهات خصوم هذا الدين
قال سبحانه :
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }


و لا شك ان هذا التحدى قد بلغ كافة الناطقين بالعربية الذين عاشوا فى بلاد المسلمين منذ زمن الخلفاء الراشدين و الى يومنا هذا .و فيهم اهل الكتاب الذين كانوا فى جدال دائم مع المسلمين , و القران يامر المسلمين بجدالهم بالتى هى احسن .

و إلى عصرنا هذا، لم يتمكن فرد، ولا لجنة علمية من الإتيان بسورة من مثل القران .

و قد حاول بعض المتاخرين من النصارى و اللادينيين ان يقبلوا التحدى الذى عجز عنه بلغاء العرب طيلة القرون الماضية , و جاءت محاولاتهم على نوعين :

1- محاولات تدل على جهل اصحابها بمعنى المعارضة, كالمحاولات المنشورة فى مواقع مسيحية ...
فمعنى المعارضة أن الرجل إذا أنشأ خطبة أو قال شعرا ، يجي الآخر فيجاريه في لفظه ويباريه في معناه ليوازن بين الكلامين، فيحكم بالفلج على أحد الطرفين.
و هذه المعارضات لم يقصد اصحابها معارضة سورة معينة من القران فى لفظها و معناها حتى يمكن الموازنة بين السورة القرانية و بين السورة التى عارضوا بها السورة القرانية .


2- معارضات التزم اصحابها بمعارضة سورة قرانية معينة فى لفظها و معناها , لكنها كانت معارضات فاضحة تجلى فيها عجز الناس عن الاتيان بسورة من مثل القران الكريم .
و جهل هؤلاء ان المألوف في معارضة كلام بمثله ، أن يأتي الشاعر أو الكاتب بكلام يتحد مع الكلام المعارض في جهة من الجهات ، أو غرض من الاغراض ، ولكنه يأتي بكلام مستقل في ألفاظه وتركيبه واسلوبه ؟
وليس معنى المعارضة أن يقلد الكلام المعارض في تركيبه واسلوبه ، ويتصرف فيه بتبديل بعض ألفاظه ببعض ، وإلا لامكنت معارضة كل كلام بهذا النحو من المعارضة .
وقد كان أيسر شئ لمعاصري النبي صلى الله عليه وسلم من العرب ، ولكنهم لمعرفتهم بمعنى المعارضة الصحيحة ومعرفتهم بوجوه البلاغة في القرآن لم تمكنهم العارضة ، واعترفوا بالعجز فآمن به من آمن منهم وجحد به من جحد : " فقال إن هذا إلا سحر يؤثر " .

انتهى النقل
و ان فيه الكفاية لطالب البرهان على نبوة ابى الزهراء
و قد اطنب الفقير هنا فى تفنيد كل الشبهات حول التحدى القرآنى


ملحوظة : ما ذكرته عن اسلام الحداد خبر قد يكون غير صحيح و لا اهمية للامر
و نصيحة لكل من تنتابه شكوك ان يتوقف و لا يسارع الى الجحود حتى يتبدد ظلام الشك بتوفيق الله
و الحمد لله رب العالمين

القلم الحر
04-05-2012, 10:16 PM
اللهم صل على محمد وعلى اّل محمد , كما صليت على إبراهيم وعلى اّل إبراهيم. اللهم بارك على محمد وعلى اّل محمد, كما باركت على ابراهيم وعلى اّل إبراهيم إنك حميد مجيد..

القلم الحر
04-07-2012, 03:54 AM
نور ..
روى مسلم عن أبي هريرة أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما وشكت العمل فقال ما ألفيتيه عندنا قال ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم تسبحين ثلاثا وثلاثين وتحمدين ثلاثا وثلاثين وتكبرين أربعا وثلاثين حين تأخذين مضجعك

القلم الحر
04-07-2012, 03:57 AM
اعجاز لا ينتهى

ان اعجاز القران العظيم و دلائل نبوة ابى الزهراء صلى الله عليه و اله و سلم لا تنتهى
و هنا مثال ناصع لاعجاز الكتاب العزيز
يقول تعالى :
 وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسيَ مِنْ فَوقِهَا  فصلت 10
يستخدم المنهج اللفظي الطريقة التالية في خطوات:

(من فوقها)
نستخدم الاقترانات اللفظية لمعرفة الفرق بين (الفوق) و(من فوق) ففي قوله تعالى:
 أَحمِلُ فَوقَ رَأسي خُبْزَاً يوسف 36
وقوله تعالى:
 بَنَينَا فَوقَكُم سَبعَاً شِدادا  النبأ 12
يظهر التضاد لأوّل وهلة.
ففي الآية الأولى لامسَ الخبز فروة الرأس. بينما في الثانية فقد ارتفع حتى كان الفضاء بين السماء والخَلق.
لكن هذا التضاد هو وهمٌ منّا، ذلك لأَنَّ السماءَ تبدأ كاسمٍ وحقيقةٍ من الأرض.
وإذن فالفوق هو ما لامسَ الذي تحته وعلا عليه.
أمَّا (من فوق) فقد ورد هذا التركيب في مثل قوله تعالى في الآيات:
 لأكَلوا مِنْ فَوقِهِم  المائدة 66
 فَخَرَّ عَلَيهِم السَقفَ مِن فَوقِهِم  النحل 26
 يَغشاهُمُ العَذَابُ مِنْ فَوقِهم  العنكبوت 55
وهذا يعني أنَّ (من فوق) هو بحركةٍ عكسيةٍ، أي الآتي من الأعلى ليلامس الأسفل

(الرواسي)
انَّ الرواسي شيء، والجبال شيء آخر، فماذا عن حقيقة الرواسي وحقيقة الجبال.
من استقراء عددٍ قليلٍ من الآيات بشأن الجبال مثل:
 وإلى الجِبَالِ كَيفَ نُصِبَتْ  الغاشية 19
وهي الآية التي جاءت بعد الأمر (أفلا ينظرون).. فإنَّه يعلم فوراً أنَّ الجبال هي الجبال المعهودة والمعروفة والمنظورة، والتي هي منصوبةٌ على الأرض. أمَّا الرواسي فلم يلفت النظر إليها، لأنَّها غير منظورة بالعين.

المقارنة اللغوية الأولية والاقتران اللفظي الأولي
نلاحظ الفرق اللغوي بين كلٍّ من الألفاظ (رسا) و(أرسى) و(جبل) كأفعالٍ أو أسماءٍ أو مصادر.
فبالنسبة للفظ (جبل) فإنَّ قوله تعالى:
 والجبِلّة الأولين 
يستلزم أن تكون الجبال من تراب الأرض، لاشتراك اللفظ نفسه في عملية إنشاء الإنسان والجبال.
وقوله تعالى:
 وَكَانَتْ الجِبَالُ كَثيباً مَهيلا  المزمل 14
هو دليلٌ آخر على أنَّ الجبال هي كثبانٌ من تراب الأرض.
أمَّا اللفظ (أرسى).. فهذا الفعل يعني ثبات الشيء المتحرّك أصلاً ليكون مستقرَّاً في حركةٍ منظّمةٍ. ومنه (مرسى) السفن على سواحل البحار، و(الراسي) اسم فاعل، أي ما له قدرةٌ على هذا الفعل. فيمكن أن تكون (الراسية) هي قوّةً معيّنةً لا شيئاً منظوراً.
ولغرض التفريق بين لفظين فإنَّه يستخدم طريقة الاقتران. فهو يبحث عن الآية أو الآيات التي تجمع بينهما على أيّة صورةٍ كان فيها اسماً أو فعلاً أو مصدراً. وبتطبيق ذلك على لفظي (الجبال) و(الرواسي) نجد أن الآية التي تجمع بينهما هي قوله تعالى:
 وَالجِبَالَ أرسَاها  النازعات 32
إذن الجبال جزءٌ من كتلة الأرض وهي تحتاج إلى (إرساء) أو (رسو).

متابعة الاقتران لألفاظ أخرى
إذا كانت الرواسي هي قوّة، والجبال هي تلك المعهودة التي تحتاج إلى إرساء. فهذا يعني أنَّ تثبيت الأرض يجب أن يكون بالرواسي لا بالجبال.
وحيث أنَّ لفظ الأرض قد اقترن بلفظ آخر هو (المَيَدان)، فإنَّ المنهج يستعرض الآيات ليعلم: هل اقترن (المَيَدان) بأحد اللفظين أم بكليهما؟ أي بالجبال أو بالرواسي أو بكليهما؟.
يجد المنهج في كتاب الله ثلاث آياتٍ فقط تتحدّث عن عملية تثبيت الأرض من المَيَدان أو هي تتحّدث عن احتمالية المَيَدان الفعلي بنفس الرواسي. وهذه هي الآيات:
 وَجَعَلنَا في الأرضِ رَوَاسيَ أنْ تَميدَ بِهِم  الأنبياء 31
 وَألقَى في الأرضِ رَوَاسيَ أنْ تَميدَ بِكُم  لقمان 10
 وَألقَى في الأرضِ رَوَاسيَ أنْ تَميدَ بِكُم  النحل 15
فهذا اقترانٌ بين الرواسي والمَيَدان. في حين لا يوجد أي اقتران بين الجبال والمَيَدان. هذا يعني أنَّ الرواسي هي التي لها علاقةٌ بالمَيَدان. أمَّا الجبال فهي من لواحق الأرض وليس شيئاً منفصلاً عنها.
كما يُلاحَظ هنا أنَّ (الإلقاء) اقترنَ بصيغة المخاطب، و(الجعل) اقترن بصيغة الغائب (أنْ تميدَ بهم).

المقارنات اللغوية المتّصلة
يعود المنهج إلى اللغة مرَّةً أخرى ليتأكَّد من أنَّ الرواسي ربَّما تكون قوّةً معيّنةً. فيلاحظ أنَّ الجبال (نُصِبت) باعتبارها هيكلاً من الحجر، بينما هذا اللفظ (أي نُصبت) لم يقترن بالرواسي، بل اقترن لفظ الرواسي بـ (الإلقاء) مرّتين وبـ(الجعل) مرّةً واحدةً وبـ(الميدان) ثلاث مرّات. وبملاحظة عمل اللفظين (جعل) و(ألقى) في كتاب الله، فإنَّنا نجد أنَّهما استعملا كثيراً مع القوى والأشياء غير المادية كالحبّ والرعب والظلمات والنور. فالشيء المُلقى هو شيءٌ منفصلٌ عن المُلقى عليه، في حين أنَّ الشيء المنصوب هو جزءٌ من الشيء المنصوب عليه ارتفع منتصباً فوقه. ففي قوله تعالى:
 وإلى الجِبَالِ كَيفَ نُصِبَتْ  الغاشية 19
تنبثق الحركةُ من نفس الأرض لتكوين الجبال، في حين أنَّ القوى الخارجية تُلقى من الأعلى إلى الأرض إلقاءً كالرواسي. وكذلك كلُّ شيءٍ يُلقى، فإنَّما تكون الحركة من جهةٍ إلى جهةٍ أخرى منفصلةٍ عنها. لا حظ بعض الموارد:
 وَألقيتُ عَليكَ مَحبَّةً منِّي  طه 39
 يُلقي الروحَ مِن أمرهِ على من يَشَاء  غافر 15
 سَنُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَروا الرّعبَ  آل عمران 151
 فَلِيلْقِهِ اليَمُّ بالسَاحِلِ  طه 39
ولمَّا كان لفظ (ألقى) هو المستعمل مع الرواسي، فيدلُّ ذلك على أنَّها شيءٌ منفصلٌ عن الأرض، بخلاف الجبال التي هي جزءٌ من الأرض.
ثم يلاحظ المنهج اللفظي الموارد الكليّة لإلقاء الرواسي أو جعلها، فيرى أنَّ الإلقاء ورد مرّتين أخريين، فالمجموع أربعة موارد. والجعل ورد خمس مرّاتٍ. فجميع موارد الرواسي هي تسع آياتٍ منها ثلاثة موارد اقترنت بالمَيَدان.

الخطوة التالية: مقارنة مع علم خارجي (العلم الحديث)
في هذه الخطوة يذهب المنهج إلى العلم الحديث ليستأنس برأيه في آخر ما توصّل إليه بشأن القوّة المغناطيسية، وهو إذ يذهب فهو يؤكِّد على (أنَّ العلم التجريبي لا يفسِّر القرآن لأنَّه علمٌ استقرائيٌّ ناقصٌ، وعلم القرآن علمٌ يقينيٌّ).
ويُعتبر هذا القانون إحدى قواعده.
لكنه يذهب إلى العلم الحديث لهدفين: الأول: ليتعرّف على ما أمكن التوصّل إليه من حقائق بشأن تلك القوّة بشكلٍ يقينيٍّ ثابت. والثاني: ليتعرّف على أماكن الخطأ عند علماء الطبيعيات.
إنَّ لتفسير القوّة المغناطيسية الأرضية ثلاثة اتجاهات علمية. وهذه الاتجاهات لا زالت فروضاً، إذ نصّت النشرة العلمية الأخيرة (نشرة علوم الفيزياء) وكذلك (89 The Universe) على ما يلي: (من المستبعد وضع نظرية حصيفة تفسّر نشوء القوّة المغناطيسية الأرضية وقادرة على تفسير كافة الظواهر قبل ثلاثمائة سنة من الآن).
وهذه الفروض هي:
1. أنَّها ناشئة عن اللف المحوري للأرض حول نفسها.
وعورضت الفرضية بشدّةٍ في الآونة الأخيرة، وكانت سابقاً يؤخذ بها كفرضٍ علميٍّ وحيدٍ.
2. أنَّها ناشئة عن دوران وحركة المعادن المنصهرة في قلب الأرض المغناطيسي. وقد فشلت في تفسير أكثر الظواهر.
3. نظرية القصف أو الإلقاء: وهي نظرية شديدة التعقيد وشرحها يطول. خلاصتها أنَّ منشأ المغناطيسية هو الفضاء الخارجي حيث يتمُّ (إلقاء) أجسام موجبة الشحنة (بروتونات) بسيلٍ كثيفٍ، وأجسامٍ سالبةٍ بثلاثة اتجاهات تتشكّل منها سطوح مشحونة على هيئة جبال عظيمة، تؤدي في المرحلة الثالثة إلى تشكيل الخطوط المغناطيسية في حقل مغناطيسي ذي قطبين.
أمَّا علاقة القوّة المغناطيسية بحركة الأرض، فالمؤكَّد علمياً هو أنَّها تسيطر على زاوية الميل الأرضي، أي وضع المحور الطولي للأرض.
أمَّا علاقتها بالزلازل فهناك اتّجاهان لوصف العلاقة بينهما:
الأول: إنَّ القوّة المغناطيسية تمنع نشوء الزلازل.
الثاني: إنَّ القوّة المغناطيسية هي التي تسبّب الزلازل.

المقارنة مع ما هو مؤكّدٌ علمياً ومنطقياً:
يأخذ المنهج الموضوع المؤكَّد علمياً والصحيح منطقياً وهو أنَّ القوّة المغناطيسية تتحكّم بزاوية الميل.
وإذا كان الأمر كذلك فإنَّ زاوية الميل هي التي تعرّض الأرض بصورةٍ مختلفةٍ لأشعّة الشمس وبذلك تنشأ حركة الرياح بسبب التباين الضغطي للهواء.
والريح هي التي تحرّك الأمطار وتثير السحاب وتسوقه إلى أماكنه فتتكوّن بذلك الأنهار والغابات والزروع. وإذن فالحياة كلها مرتبطة بزاوية الميل هذه.
ويرى المنهج اللفظي أنَّ الفرض إذا كان صحيحاً فيجب اقتران قضايا الحياة (الرياح والمياه والأمطار والنبات والكائنات) مع ذكر الرواسي مع حتمية عدم ذكر الجبال لتحقيق الأمرين التاليين سويةً: (كون الرواسي قوّةً مرتبطة بالحياة وكون الحياة شيئاً آخر غيرها). ولهذا فإنَّه يستعرض آيات الرواسي والجبال كلٌّ على انفراد:

أ. موارد الجبال: وهي موارد كثيرةٌ ولكثرتها فإنَّنا سنسوقها وصفياً على شكل مجموعات:
المجموعة الأولى: الموارد التي ذكر فيها أن الجبال تُنسفُ أو تدكُّ أو تكون كالعهن، وهي أحوالها في أيام الله المنتظرة. وهي (15) مورداً.
المجموعة الثانية: الموارد التي ذكر فيها الجبال على أنَّها من جملة النعم كونها أكناناً، أو لنحت البيوت، أو أنَّها من الآيات لاختلاف ألوانها. وهذه الموارد هي بحدود (7) موارد.
المجموعة الثالثة: الموارد التي ذَكَرَت الجبال موضوعاً للأمثال أو للتشبيه أو للتسبيح. وهي بقية الموارد.
ويظهر من تتبّع هذه الموارد أنَّ عوامل الحياة كالماء والزرع والأنهار والرياح لم تُذكر مطلقاً مقترنةً بالجبال.
ب. موارد الرواسي: وهذه هي موارد الرواسي التسعة (دون باقي المشتقات):
1.  والأرْضَ مَدَدنَاهَا وَألقَينَا فيهَا رَواسيَ وَأنبَتْنَا فِيها مِن كُلِّ زَوجٍ بَهيج  ق 7
2.  وَجَعَلَ خِلالَهَا أنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَواسيَ وَجَعَلَ بَينَ البَحرينِ حَاجِزاً  النمل 61
3.  وَأَلقَى في الأرضِ رَواسيَ أن تميدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأنبَتنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوجٍ كَريم  لقمان 10
4.  وَأَلقى فِي الأرضِ رَواسيَ أن تميدَ بِكم وأَنهَاراً وَسُبُلاً لَعلَّكُم تَهتدون النحل 15
5.  والأرْضَ مَدَدنَاهَا وَألقَينَا فيهَا رَواسيَ وَأنبَتْنَا فِيها مِن كُلِّ شيءٍ مَوزون  وجَعَلنَا لَكُمْ فيهَا معَايشَ وَمَنْ لَستُم لَهُ بِرازقين  الحجر 19 ـ 20
6.  وَهو الَّذي مَدَّ الأرضِ وَجَعَلَ فِيهَا رَواسيَ وَأنهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيهَا زَوجَينِ اثْنين يَغشَى اللَّيلُ النَّهَارَ إنَّ في ذَلك لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفكَّرون  الرعد 3
7.  وَجَعَلنَا في الأرضِ رَواسيَ أن تميدَ بِهم وَجَعلنا فِيهَا فِجَاجَاً سُبُلاً لَعلَّهُم يَهتَدو ن  وَجَعلنَا السَّمَاءَ سَقفَاً مَحفوظَاً وَهُم عن آياتِهَا مُعرضُون  وَهوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيلَ والنَّهَارَ الأنبياء 31 ـ 32 ـ 33
8.  وَجَعَلنَا فِيهَا رَواسيَ شَامِخَاتٍ وأسقَينَاكُم مَاءً فُرَاتا  المرسلات 27
9.  وَجَعَلَ فِيها رَواسيَ مِنْ فَوقِها وَبَاركَ فِيهَا وَقَدَّر فِيهَا أقوَاتَها في أربَعةِ أيامٍ سَواءً للسَائِلين  فصلت 10
وينتج من استعراض آيات الرواسي أنَّ عناصرَ الحياة ارتبطت مع الرواسي في جميع الآيات التسعة وهي: الليل والنهار والماء والأنهار والزوجية في الكائنات والنبات والثمار والبركات والأقوات ونشوء الطرق والمعايش والأرزاق وامتداد الأرض والأوزان والمَيَدان. وهي أربعة عشر موضوعاً مختلفاً تمثّل أسس وعناصر الحياة على الأرض. وليس في الآيات أي تكرار، بل تفصيلٌ لهذه العناصر، ولا تظهر هذه التفاصيل والقوانين إلاَّ عند استخدام هذا المنهج مع كل تركيبٍ وكلِّ لفظٍ في كلِّ آيةٍ على حدةٍ.

تصحيح أخطاء
في هذه الخطوة وبعد إن تأكّد المنهج من معنى الرواسي على أنَّها قوّةٌ مسيطرةٌ على حركة الأرض، فإنَّه يعود لتصحيح الأخطاء التي ارتكبها أثناء البحث وهي:
1. ارتكب المنهج خطأً لغوياً، إذ سار على معاني المعجم عندما قال (أرسى بمعنى ثبت) وذلك في أوّل البحث. فالتثبيت هو منع الشيء من الحركة وتسكينه، بينما معنى (أرسى) هو حرّكَ الشيء حركةً منتظمةً. فالمرسى ليس هو الموضع الذي تثبت فيه السفن، بل الموضع الذي تتمّ فيه السيطرة على حركتها وتنظيم دخولها وخروجها. وإذن.. فالرواسي لا تثبِّت الأرض، بل العكس تحرِّكها حركةً منتظمةً لتكوين الليل والنهار والمعايش والأنهار. وبهذا نقرّر أنَّ القلّة من العلماء الألمان الذين قالوا أنَّ اللف الأرضي ناشئٌ عن المغناطيسية لا المغناطيسيةُ ناشئةٌ عن اللف، هو الصحيح.
إنَّ المنهج يرى أن الذي يفسّر القرآن باللغة والعلم يرتكب عملاً إجرامياً. فهو هنا يعتبر الأكثرية العلمية على خطأٍ على حساب القلّة، ويعتبر المعنى المعجمي معنىً خاطئاً ولو أجمعوا عليه. ويقرّر هذا اعتماداً على صرامة اللفظ القرآني.
شواهد قرآنية:
أ.  وَالجِبَالُ أَرسَاها  ـ يكون المعنى جعلها في حركةٍ منتظمةٍ، لا بمعنى ثبَّتها. وعليه تزول إحدى مسائل التناقض مع قوله تعالى:
 وَتَرَى الجِبَالَ هَامِدةً وَهيَ تمرُّ مَرَّ السَّحَابِ  النمل 88
حيث أنَّها تتحرّك حركةً منتظمةً ولطيفةً.
ب.  قَالَ اركَبُوا فِيهَا بِسمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمَرسَاهَا  هود 41 ـ ليس معنى مرساها هو توقّفها عن الحركة، بل إمكان السيطرة على حركتها، لأَنَّ مجراها هو مرحلة فقدان السيطرة:  وَهيَ تَجري بِهِم في مَوجٍ كَالجِبَالِ  هود 42.
ج.  وَقُدورٍ رَاسياتٍ  : قال المفسِّرون (ثابتات لعظمتها)، ولكن إذا كانت ثابتة ما أمكن استعمالها للطعام. فالمعنى الصحيح هو أنَّها تتحرّك بحركةٍ لطيفةٍ منتظمةٍ بإمكانياتٍ علميةٍ أوتِيَت لسليمان عليه السلام.
د. آيات في الساعة 1.  أيَّانَ مَرسَاهَا  الأعراف 187: وإذا كانت الساعة تعبيراً عن الزمان فإنَّ توقّف الزمان يعني انتهاء الحياة، بينما الساعةُ ومرساها هي بدء الحياة الحقيقية. قال تعالى:
 وَإنَّ الدَّارَ الآخرةَ لَهيَ الحَيَوان  العنكبوت 64

2. تصحيح الخطأ في الاعتقاد أن قوله تعالى  أنْ تَميدَ بِكم  حيث ورد مرّتين، وقوله تعالى  أنْ تَميدَ بِهم  حيث جاء مرّةً واحدةً هما بمعنى (كي لا تميد) أو (كراهية أن تميد).
ويرى المنهج أنَّ وضع مفردةٍ بدلَ أخرى في المعنى هو أمرٌ مرفوضٌ في قواعده، لهذا فإنَّه يرفض أن يكون معنى الآية السابقة (كي لا تميد) أو (كراهية أن تميد) لنفس السبب. وإذا كان المَيدان هو الزلزال نفسه، فالمعنى الأول (كي لا تميد) يعني أنَّ الزلزال لا يحدث أبداً وهو خلاف الواقع، والمعنى الثاني أنَّ الزلزال يحدث أبداً وهو خلاف الواقع أيضاً. وبالنسبة للمنهج اللفظي فإنَّ المعنى هو أنَّه تعالى ألقى رواسي وأنَّ الأرض تميد بالخلق أحياناً، وهو المعنى المتحقّق من التركيب (أن تميد). وهذا يعني أنَّ الاتّجاهين المتعاكسين بشأن الزلازل كلاهما صحيحٌ، ومثل ذلك مثل المهد الذي تربطه بخيطٍ مطّاطٍ عاليَ المرونةِ، فهو يحرّك المهد بلطفٍ، وهو يحرّكه إذا شئت بعنفٍ.
ويتحقّق في المثال هذا معنى المغناطيسية إذ هي جذبٌ من جهةٍ ودفعٌ من جهةٍ لوجود قطبين. فمعنى (أرسى) يُتأكَّد بذلك من أنَّه ربطُ الحركةِ: شدّها وجذبها، أي السيطرة عليها، وليس معناه تثبيت الجسم.

هذه هي بعض النتائج التي تظهر للمنهج من تركيبٍ قرآني واحدٍ هو  وَجَعَلَ فِيها رَواسيَ مِنْ فَوقِها  عند استخدام قواعده سقناها كمثالٍ على طريقة تدبِّر ألفاظ القرآن الكريم

القلم الحر
04-08-2012, 04:37 PM
اعلم ان القران العظيم لم ينزل بلغة قريش فضلا عن سائر لغات العرب و العجم
بل بلسان عربى سماوى
فلا تفسره لغة قريش او غيرها
و ليس فيه بالتالى اعجمى , لان العربية هى اصل كل اللغات فافهم
و قد سعى الذين يريدون اطفاء نور الله بافواههم الى نسبة هذا الكتاب العزيز الى لغات اعجمية سيما السريانية
و يكفى ابطالا لسعيهم تامل لفظة واحدة وردت فى القران هى : حنيف
فال حنيف فى السريانية هو : الوثنى !
فلو كان القران متاثرا بالسريانية لما جعل الحنيف: الموحد

القلم الحر
04-08-2012, 04:40 PM
نماذج من تعاليم القرآن في سعادة الإنسان
إنّ وجوه إعجاز القرآن في بقيّة تعليماته وتشريعاته آثيرة واسعة ، تشمل العقائد ، والأخلاق ، والعبادات ،
والمعاملات ، والسياسات . . ونكتفي بذآر بعضها :
( ١ )
في مقابل الإمتيازات الإجتماعية التي آان الناس يتمايزون بها ، آالقوّة ، والمال ، والقبيلة ، والنسب ،
واللون ، جاء القرآن بميزان للفضائل وهو المسارعة والإستباق إلى مراتب الكمالات الإنسانية علمية وعملية،
وأنّ آرامة الإنسان بحقيقتها ومراتبها تدور مدار ما هو عند الله، لا ما هو عند الناس، وهو التقوى بنطاقها الواسع
من الإتّقاء عمّا يوجب آدورة اللطيفة الإنسانية ويكون حجاباً بينه وبين مبدء الكمال والجمال والجلال ، فقال
تعالى : (يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّنْ ذَآَر وَ أُنْثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوباً وَ قَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَآْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَيكُمْ إِنّ
. ( اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)( ١٣٨
( ٢ )
عالج الأفكار الفاسدة التي تحدث بسبب شرب المسكرات ، والأمراض الإقتصادية الناشئة من أآل الأموال
الحاصلة بالأسباب الباطلة بقوله تعالى : (يَأَيُّهَا الَّذينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الاَْنْصَابُ وَ الاَْزْلَمُ رِجْسٌ
مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَنِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)( ١٣٩ ) ، (وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَواْ)( ١٤٠ ) ، (وَ لاَ تَاْآُلُواْ أَمْوَلَكُمْ
. ( بَيْنَكُمْ بِالْبَطِلِ)( ١٤١
( ٣ )
وفي عالم آان يسترخص قتل الإنسان ويفتخر به ، حرّم القرآن القتل ، وشدّد على ضمان حياة الإنسان ،
وبنى فقهه على أشد مراتب الإحتياط في النفوس (وَ لاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ)( ١٤٢ ) ، (وَ مَنْ
. ( أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)( ١٤٣
( ٤ )
سدّ باب الجور والطغيان بتشديد النهي عن الظلم والعدوان، وفتح أبواب الخير والفضيلة على الإنسان بتأآيد
الأمر بالعدل والإحسان (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)( ١٤٤ ) ، (وَ أَحْسِنْ آَمَآ أَحْسَنَ
اللَّهُ إِلَيْكَ وَ لاَتَبْغِ الْفَسَادَ فِى الاَْرْضِ)( ١٤٥ ) ، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاِْحْسَانِ وَ إِيتَآىِ ذِى الْقُرْبى وَ يَنْهَى عَنِ
. ( الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَآَّرُونَ)( ١٤٦
( ٥ )
ونزل القرآن في عصر آانوا يعاملون المرأة معاملة الحيوان ، فقال عزّ من قائل : (وَ عَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ)( ١٤٧ ) ، (وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)( ١٤٨ ) ، (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَمِل
. ( مِّنْكُم مِّنْ ذَآَر أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْض)( ١٤٩
( ٦ )
حرّم آلّ أنواع الخيانة وقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ
. ( تَعْلَمُونَ)( ١٥٠
.( وقال: (إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)( ١٥١
وفرض أداء الأمانة فقال: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُآُمْ أَنْ تُؤَدُّواْ الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)( ١٥٢ )، وقال: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ
.( بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِى اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ)( ١٥٣
( ٧ )
وجعل الوفاء بالعهد من علامات الإيمان ، فقال : (وَ الَّذِينَ هُمْ لاَِمَنَتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رَعُونَ)( ١٥٤ ) . وأمر
. ( بالوفاء بالعقد والعهد فقال: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)( ١٥٥ )، (وَ أَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ آَانَ مَسْؤُلاً)( ١٥٦
( ٨ )
وأنقذ الأمّة بقوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَات)( ١٥٧ )، وبقوله تعالى:
(يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْراً آَثِيراً)( ١٥٨ ) من هاوية الكفر والجهل والسفاهة ،
وجعلها حاملة مشعل الإيمان والعلم والحكمة.
( ٩ )
وأمر أتباعه بكلّ معروف ، ونهاهم عن آلّ منكر ، وأحلّ لهم الطيّبات وحرّم عليهم الخبائث ، وحرّرهم من
القيود المكبّلة لإنسانيّتهم ، المخالفة لفطرتهم السوية ، فقال : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الاُْمِّىَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ
مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالاِْنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِى آَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِى
. ( أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)( ١٥٩
( ١٠ )
وأسّس المدينة الفاضلة المبنيّة على الحكمة والعفّة والشجاعة والعدالة، على الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، (آُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ)( ١٦٠ ) وآلّف المؤمنين والمؤمنات
.( بهاتين الوظيفتين (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)( ١٦١
ومع استلزامهما للعلم بالمعروف والمنكر، وائتمار الآمر بالمعروف وانتهاء الناهي عن المنكر، وعموم
المنكر للعقائد الباطلة والأخلاق الرذيلة والأعمال الفاسدة يتحقّق مجتمع يدور مدار المكارم والفضائل، لا يميل
عن الصراط المستقيم إلى الإفراط ولا التفريط، (وَآَذَلِكَ جَعَلْنَاآُمْ أُمَّةً وَسَطا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ
.( الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)( ١٦٢
هذه لمعةٌ من أشعّة شمس القرآن وأنوار هدايته للعالم ، ولو أردنا أن نستعرض علومه وقوانينه في مجالات
الحياة البشرية ، في العقائد ، والأخلاق ، والعبادة ، والاقتصاد ، والسياسة ، وما فيها من هداية بليغة للبشر إلى
سعادتهم في الدُّنيا والآخرة . . لاحتجنا إلى تدوين آتب مفصّلة!

القلم الحر
04-09-2012, 10:34 AM
أخرج البخاري في صحيحه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مَشْيُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مرحباً يا ابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها لم تبكين ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت: أسر إليَّ أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين فضحكت لذلك.

القلم الحر
04-22-2012, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

طوفنا فى هذا الموضوع على نكات كثيرة فى دلالئل النبوة و الاعجاز و بقى ان نذكر فصل الخطاب و ابلغ الحجج بالنسبة للعبد الجانى على الاقل
يقول تعالى :
{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم..
ان ايات القران العظيم خزائن نور و معرفة , فلنتامل نور هذه الاية الشريفة
لقد جعل القران اكبر شهادة على نبوة الصادق الامين ص : الله سبحانه !
لان الحقيقة ببساطة اننا نعرف محمدا ص بالله تعالى
فمن سار على درب هذا الانسان الطاهر يغمره النور المجرب عند ملايين المسلمين
نور التقوى و الخشية
نور الصبر و ضياؤه
نور الشكر و تحطيم الانا و عبادة الذات
نور البر و الصلة
نور الدمع الجارى فى الاسحار
نور الرفق
نور الله تعالى يشق غيوب القلوب و حجب الظلمات النفسية
و هذه امور مجربة ثابتة كثبوت الحقائق العلمية

الخلاصة انه لا سبيل الى الله الا بوسيلة محمد
و قد يقال هنا اننا نجد نصارى و بوذيين .. الخ يشعرون بالسكينة و نحوه
و الواقع انها سكينة البهائم بل اضل !
لانهم لم يعرفوا الله الاحد /و هنا يتميز دين الحبيب محمد ص فهو نور مع عقل يعترف بحقيقة وحدانية الله فضلا عن وجوده
ان الله تعالى هو المتكفل بهداية الناس الى محمد ص فهو اكبر شهيد على نبوته
فقط جرب ان تثق فى نزاهة هذا المخلوق الطاهر و قم ليلة كتلك الليالى التى ظل يقيمها خاشعا لرب العزة و سيغمرك النور السوى
و تدرك عندها حلاوة الايمان , و مقولة سبط محمد ص :
الهى ماذا وجد من فقدك
و ماذا فقد من وجدك
و السلام ختام

أبو عثمان
04-22-2012, 04:59 PM
ما أجمل الاستدلال بكلام الله على هذه القضايا الكبرى
تهجم على القلب هجوماً لا يُدفع !
بارك الله فيك اخي قلم واني متابع لك , ونتعطش للمزيد اهرق علينا اراق الله عليك من السلسبيل .

القلم الحر
04-22-2012, 07:24 PM
الاخ الكريم
لا اريد التطويل رغبة فى التركيز
نعم ايات القران خزائن و لنقف على ايتين كنموذج للتامل فى نور الكتاب المعجز :
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ.
[السجدة:24]
ماذا يقول المرء امام هذا الذكر الحكيم ؟
ان كل لفظ له قصد شريف فهو كتاب لا اعتباط فيه, و كل كتب البشر غارقة فى الاعتباط
لفظ : الصبر
انه الجانب العملى و منتهى الحكمة العملية
و الاسلام قوامه الصبر بدءا من صبر اللسان و العينين و الاذنين وصولا الى الصبر فى جنب الله
لفظ : اليقين
انه الجانب العلمى . و الحكمة النظرية
ارايت كيف اختار لكل قصد لفظه العربى المبين فهيهات ان يعبر مخلوق عن المعنى باعلى من ذلك

2-[color="#0000ff"]وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً[/co
lor]
هل لا زالوا يتسائلون عن مؤلف القران ؟؟
اين الابصار و البصائر لتتامل هذه الاية الشريفة ؟
لقد كان الامام زين العابدين تعتريه صفرة عند الاقبال على الصلاة و هو شىء من حال جده المصطفى ص
هنا نفهم لماذا يخشى النبى ص المصطفى من الله عقاب ربه ؟
انها عظمة الله تعالى التى تحكيها تلك الاية
فلو شاء الله ان يذهب بالوحى و يهلك محمدا ص نفسه/ من يمنعه ؟
انه ان شاء فعل لكنه لا يفعل !

القلم الحر
05-04-2012, 02:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ
هنا يحتج مشركوا مكة بغياب التوحيد فى عقائد بيئتهم اليهودية و النصرانية
لقد دعا الرسول الاكرم ص الناس إلى عبادة الله المنزّه عن كلّ نقص ، الذي منه آلّ آمال وجمال ، وله كلّ حمد وثناء ، وأعلن
أنه وحده يليق للعبادة وأنّ ما يدعون من دونه كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً ، وأنه أكبر من أن يحدّ بحدٍّ أو
. « سُبْحَنَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُلِلّهِ وَ لاَ اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَ اللَّهُ أَآْبَرُ » . . يوصف بوصف (الله وصف نفسه بأوصاف فنصفه بها ولهذا قال الإمام الشافعي :الحمد الله الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلقه )
وتحدّى في ذلك الجوّ الذي كانوا يصفون خالق العدد والمعدود بالتركيب والتثليث ، والمنزّه عن الصاحبة
والولد بالإحتياج والتوليد ، ويصوّرون له مثيلاً وشريكاً ، ويزعمون أنه مجسّدٌ في صنم ينحتونه ، أو شجرة
يقدّسونها!
في هذا الجوّ نزل القرآن ، فنزّه الله عن جميع تلك الأوهام ، وأعلن أنه أحد منزّه عن التركيب العقلي
والوهمي والحسّي ، وأنه بذاته غنيّ عن كلّ شيء ، وما سواه فقيرٌ محتاجٌ إليه بالذات ، ونزّه ساحته المقدّسة عن
كلّ أنواع التوليد العقلي والحسّي ، وبيّن أنّ الموجودات وجدت بقدرته ، وخلقت بمشيئته ، وأنه لا كفؤ له ، لا في
ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله .
ونزلت أكثر من ألف آية من القرآن الكريم في معرفة الله تعالى ، وصفاته العليا ، وأسمائه الحسنى ، لو
تدبّرنا منها سطراً واحداً هو سورة التوحيد لعرفنا عظمة الهداية التي جاء بها(صلى الله عليه وآله) : (قُلْ هُوَ اللَّهُ
. ( أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كفْوًا أَحَدٌ)
لقد كانت بيئة مشركة
اما شرك النصارى فمعلوم و كانت تمثل مدرسة الاسكندرية هذا الضلال البعيد
اما اليهود فقد كانوا يؤمنون بان عزيرا ابن الله و هو مما يشغب فيه بعض الجهلة , و نناقش المسالة و امر المؤمن ما عليه بغمة , بل لكل سؤال جواب , و لكل باطل حجة تدمغه فاذا هو زاهق
لقد جمع عزرا الكاهن التوراة بعد السبي
لكي يُبررون عملية كتابته للتوراة فإذا كان حبرا عاديا او من طبقة السنهدريم سوف تفقد التوراة التي دونها رونقها وقدسيتها . ولكنهم لما رأوا أن في التوراة كثرة أبناء الله فكل من هب ودب كانوا يطلقون عليه ابن الله لا بل أن امم بكاملها اطلقوا عليهم بأنهم ابناء الله تعالى . فلذلك عمدوا إلى حذف كلمة ابن الله ، وجعلوه كاهن الله الأعظم . وكلمة كاهن الله الأعظم مصطلح خطير جدا لا يعطونه إلا لمن قدم لهم خدمات جليلة . ولذلك فلم يحصل على هذا اللقب إلا اثنين .
الأول : ملكي صادق ، الذي يعتبرونه مساويا لله تعالى فقالوا عنه كما ذكر في رسالة العبرانيين الاصحاح 7 : 1 حيث قال : (( لان ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي الذي بلا اب بلا ام بلا نسب.لا بداءة ايام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا الى الابد)) . فملكي صادق بلا أب بلا أم لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة . يعني خالد خلود الله تعالى . فعزرا الكاهن أيضا نسبوا له كل هذه الصفاة وإن لم يذكروها حرفيا ولكنهم قالوا بأنه كاهن الله فشبهوه أولا بملكي صادق ، ورفعوه ثانيا فوق مرتبة ابن الله كما ذكرت المزامير ذلك حيث تقول : (( قد أقسم الرب ولن يندم.انت كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق. )) المزمور 110 : 4 .هل رايتم كيف يلوي النص اليهود ويجعلوا من عزرا أبديا خالدا على رتبة ملكي صادق المذكورة صفاته في التوراة والإنجيل . وقد ذكرت التوراة ذلك ونسبت إلى عزرا كتابة التوراة التي فُقدت فقالت في سفر عزرا الاصحاح 7: 11 : (( عزرا الكاهن الكاتب كاتب كلام وصايا الرب وفرائضه على اسرائيل)). وهذا دليل آخر على ضياع التوراة . ومن هنا فقد أفردوا لعزرا اصحاحا كاملا سُمي بإسمه سفر عزرا . وطبعا هذا السفر هو من كلام طبقة السنهدريم العليا التي مجدت عزرا وجعلته وكأنه هو الله وهو الوحي ولذلك وضعوا هذا السفر على لسانه وادرجوه ضمن التوراة التي هي كلام الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا . لأن عزرا على رتبة ملكي صادق لا نهاية ولا بداية له ولا أم ولا أب فماذا تشم من وراء ذلك غير الألوهية فتمعن .
و بخصوص قضية تحريف التوراة فما مع اهل الكتاب هى نسخ مترجمة و ليست النسخ الاصلية , و فيها مع ذلك بشارات بالمصطفى صلى الله عليه و اله لان الله يابى الا ان يتم نوره

عبدالرحمن الحنبلي
05-05-2012, 05:57 PM
ليتك اخي الكريم تلخص الموضوع على شكل نقاط لكي تكون الفائده اكثر ....لان من يفتح الموضوع يجده طويلا جدا ....ليتك تلخصه بشكل نقاط مختصره حتى تعم الفائده وبطريقه جذابه مع استخدام الالوان

القلم الحر
05-06-2012, 02:40 AM
مختصر مفيد ..
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?36674-%C7%CB%C8%C7%CA-%E4%C8%E6%C9-%E3%CD%E3%CF-%D5%E1%EC-%C7%E1%E1%E5-%DA%E1%ED%E5-%E6-%C2%E1%E5-%E6-%D3%E1%E3-%28%E3%CE%CA%D5%D1%29

القلم الحر
05-31-2012, 03:39 AM
محمد سيد الكونين والثقليـ * ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ * أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته * لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به *مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ *ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ *غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم *من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهوالذي تم معناه وصورته *ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه * فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم *واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف * وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له *حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم

صلوا على رسول الله
05-31-2012, 03:41 AM
صلى عليك الله ياعلم الهدى
صلى الله وسلم وبارك عليه حبيب المتقين

القلم الحر
05-31-2012, 07:28 PM
ثمة دليلان يلزمان الإنسان ، أيّ إنسان ، على وجوب المعرفة ..
وثمّة مقدّمة ضروريّة ..
فالإنسان ، أيّ إنسان ، ذكراً كان أم أنثى ، كافراً كان أم مؤمناً ، حتى قبل بلوغه ، تلزم عليه نفسه ، ويوجب عليه عقله ، من دون إرادة واختيار ، أو تأمّل وتفكير ، أن يجد جواباً عن ثلاث تساؤلات هي أصل المعرفة الإنسانيّة ..
الأول :من أوجده ؟!!!!!!
الثاني : كيف أوجده ؟!!!
الثالث : لماذا أوجده؟!!!

وإلزام النفس هذا ، اعترف به كلّ المسلمين ، ، يرشد إليه قوله تعالى : (فطرت الله التي فطر الناس عليها) ، وهو الذي يسميه الحكماء والمناطقة (العقل الفطري) .
وهذا العقل هو الذي أوجب -دون إرادة وإختيار- معرفة الموجِد (=الصانع) ؛ من هو وكيف أوجد ولماذا...؟!!! .
أي بعد بعد أن سلّم فطرياً ، واستيقن عقلياً ، أنّه لا بدّ من موجد ؛ لاستحالة الوجود من العدم !!!
والأشاعرة وغيرهم اعترفوا بهذا كلّه ، لكن قالوا : إيجاب العقل للمعرفة وإيجاب ما يترتب على ذلك لا يقدم ولا يؤخر ، لولا إيجاب الشرع ، وسخفه ظاهر . (بل قولهم هنا موافق لقول اهل السنة والجماعة في هذه القضية وهو الذي دل عليه القرآن العظيم ,والسخف هو مخالفة القرآن الذي فيه "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ")

وأياً كان تساءلت النفس (العقل) مرّة أخرى ..
هل هذا الموجِد ، واحد أم متعدد ؟!!!.
هل هذا الموجد ، حكيم أم سفيه ؟!!!
هل هذا الموجد ، عالم أم جاهل ؟!!!!
هل هذا الموجد قادر أم عاجز ؟!!!!
هل هذا الموجد كامل أم ناقص ؟!!! وهكذا ..

هنا انطلق العقل للإجابة عن هذه التساؤلات معتمداً على البديهيات الثلاثة المعروفة (النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان وو) وما تناتج عنها عبر ما أسماه أرسطو :
البرهان ، الحجة ، الدليل ، القياس ..
فتوصّل العقل بالبرهان (الإنّي) وهو المتيقن واختلفوا في صلاحيّة بل إمكانيّة (اللمي) إلى أنّ ..
الموجد : واحد ، أحد ، حيّ ، عالم ، قادر ، حكيم ، ... سبحانه .
لاستحالة أن يكون الموجِد أكثر من واحد كلاهما مطلق ، فثبت أنه واحد ..
### كلام فلسفي لا نعرّف به الله. تفسير الأحد معلوم باللغة وما قلته ليس معنى الأحد ###.
ولاستحالة أن يكون ميتاً؛ ضرورة أنّ الميت لا يوجد الحيّ ، فثبت أنّه حيّ .
ولاستحالة أن يكون سفيهاً أو جاهلاً ، بداهة أنّ هذا الانتظام في الخلق ، وهذا الاعتدال في الخليقة و...، وتعاقب الليل والنهار و...بسنّة رائعة عجيبة ، لا يصدر عن جاهل سفيه ، فثبت أنه عالم حكيم .
ولاستحالة أن يكون ناقصاً ، وإلاّ لاحتاج إلى غيره، فثبت أنه كامل سبحانه .
وكل آيات القرآن التي سردت صفات فعله جل وعلى ترشد إلى هذا : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء : 22]. وقوله سبحانه (أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ) [النحل : 48]

لكن لم يقف العقل الفطري عند هذا ، فلقد تساءل مرّة أخرى قائلاً :
وما قيمتي أنا المخلوق أمام من أوجدني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أجاب العقل (ببرهان الإن) قائلاً بيقين : أنا عبد له ، فقير إليه حدوثاً وبقاءً ، وهو الغني ، وهو سيّدي وخالقي وموجدي ومولاي ؟!!!!

وهل اكتفى العقل بهذا بعد كل ذلك؟!. كلا وكلا وكلا ، فلقد تساءل هذه المرّة هكذا :

هل يريد منّي شيئاً لما خلقني أم أنّه سبحانه ، خلقني من دون أي غرض؟!!!
لم يجد العقل بدّاً إلاّ يجيب نفسه (بالبرهان) قائلاً : أقلّ ما يلزم فعله أنّي أخضع له ، لأنه ربي وسيدي ومولاي ، وأسعى لمعرفته ومعرفة ما تريد حكمته ؛ لأني عبده ومخلوقه ومربوبه ؛ لدفع غضبه وعقابه إذا ما عارض تقصيري مشيئته وحكمته وإرادته .
وهذا هو الدليل الأول ويسمونه : دليل دفع الضرر .

ولقد لطفَ الربّ سبحانه بعباده ؛ (=كتب على نفسه الرحمة) فاقتضت حكته ورحمته بعث الأنبياء وإنزال الكتب ، ليبلور الخضوع الذي توصل إليه العقل بأقرب مقرّب للطاعة وأبعده عن المعصية
ومن ههنا بدأ بناء صرح العقائد والأصول تفصيلاً شرعاً باللطف ، بعد أن كانت إجمالاً عقلاً بالفطرة .
فالعقل على سبيل المثال : ألزم النفس بالخضوع للرب (=عقلاً) ، لكنه لا يدرك أنّ الخضوع لله فجراً لا يتحقق إلا بركعتين لولا تفصيل الشرع ، وهكذا .

ثمّ هل سلم العقل بالنبي اعتباطاً ؛ فلقد تساءل بإلحاح في هذه المرحلة : ما الدليل أنّ هذا النبي مبعوث من قبل الرب ، وأنّ الكتب منزلة من قبله ؟!!!
المعجزة كانت هي الجواب ؛ والمعجزة : ما يكشف كشفاً تاماً عن عجز العقل فيما سوى اليقين بالنبوة عن الله تعالى .
اى اعجاز العقول كما فى معارف القران

ولقد قال العقل : مهلاً ، أيجب عليّ معرفة ما يريد الرب ؛ لمجرّد دفع الضرر والعقاب ؟!!!
توصل العقل – على رأي الأكثر- إلى أنّ الله تعالى أخرج عباده من العدم إلى الوجود ، ومن عليهم بهذه النعمة التي لا يحصيها حاص ؛ فوجب شكره (=قاعدة وجوب شكر المنعم ) ، لكن كيف نشكره ؟!!.(شكر المنعم عند المعتزلة واجب بالعقل والصواب ترتب الثواب والعقاب إنما هو بالشرع )
توصل العقل أيضاً : إلى أن العبد لا يستطيع شكره إلاّ إذا عرفته حق معرفته (مولويته ، ربوبيته ، ألهويته ، حكمته ...) بما أقدر العبد الله عليه ، ولا يكلف نفساً إلاّ وسعها ..

تم التعليق على بعض المخالفات العقدية بما يلزم

القلم الحر
06-01-2012, 04:46 AM
من معجزات المصطفى (ص)
في معركة أحد ، هرب كلّ الناس تقريباً ، ولم يبق في ميدان القتال الحقيقي إلاّ هو و نفر يسير ، ومعلوم بأنّ جيش المشركين كان ثلاثة آلاف مقاتل في كامل العتاد والعدّة ، وهنا نسأل أهم سؤال في تاريخ مقارعات الفرسان ، وقتال الأبطال ..

لِمَ لمْ يستطع ثلاثة آلاف فارس أن يقضوا على النبي ، وهو -أوّل الأمر- وحده وحده وحده ، ردحاً من الزمن ليس بالقليل ؟؟؟

كل مصادر التاريخ تذكر أنّ النبي كان يقاتل هذا الجيش وحده ، حيث لم تستطع سيوف المشركين ولا رماحهم أنْ تنال منه قليلاً أو كثيراً إلاّ جراحات وخدوش بسيطين !!

وهنا السؤال الأعظم : ماذا فعل هذا الجيش في آلافه الثلاثة ، لمّا عجز عن مقارعة النبي ومجالدته ،
الجواب : رضخوه بالحجارة الكثيرة من بعيد ؛ وقد تواتر في التاريخ أنّ المشركين كسروا رباعية النبي رضخا بالحجارة ، لا بالسيوف ولا بالرماح !!

فلِمَ لمْ يقض جيش عدته ثلاثة آلاف عليه صلوات الله عليه مع أنّهما في القياسات العسكريّة أيسر من شربة ماء؟؟؟؟؟؟ فبهت الذي كفر !!

مشرف 11
06-01-2012, 05:14 AM
طلبت الإدارة من الأخ الكريم القلم الحر وعدا بعدم إقحام معتقداته المخالفة لأهل السنة والجماعة في سلسلته ومن المؤسف ان يلجئنا لإغلاق موضوع آخر حول نفس الموضوع فيطعي انطباعا أننا نغلق الموضوعات التي تصب في نصرة الإسلام ورسول الله ! ولهذا نقول :إن تعهدت من جديد عدنا لفتح موضوعك وإن نكثت عدنا والله ولي الصادقين