Digital
11-09-2011, 05:16 PM
"تحرير"ليبيا
انتهى القذافي ، قتل ، ولا يهم الآن ان كان قتل في مواجهة مباشرة،او بعد ان قصفت قافلته من طائرات الناتو،هذه مسائل غير مهمة من حيث التقنية.
لكن هناك ما يجب ان يشغل بالنا للغاية بعد مقتل القذافي،ليس حزنا عليه،
بل حزنا على ليبيا وشعبها.
بحسب وسائل الإعلام فان المجلس الانتقالي سيعلن قريبا عن "تحرير ليبيا"،
وهذا الكلام يحتاج إلى وقفة ،
هي أهم في رأينا من مقتل القذافي،
الذي يحاول البعض الآن ان يشغل الليبيين به،
والعرب معهم.
ولنلاحظ ان مصر مثلا لم "تحرر" من مبارك،
ومثلها تونس،
فلماذا ليبيا بالذات هي التي سيعلن عن تحريرها ولماذا؟؟؟.
كانت بلادنا دائما تحرر من الاستعمار،وكان التحرير دائما يرتبط في وعينا وما زال بالاستعمار،فكيف يكون التحرير الآن مرتبطا بالتخلص من أنظمة ،
هي دكتاتورية ومتآمرة على شعوبها،
هذا صحيح،لكن لم يحدث في أي مرة أن أطلق على التخلص من نظام،
مهما كان مارقا وفاشيا،بالتحرير،
فممن تحررت ليبيا؟
المصطلح الجديد الذي تتناقله وسائل الإعلام حتى دون وضعه في مزدوجين خطير للغاية،تكمن خطورته في أكثر من جانب.
الأول هو إعادة تعريف مفهوم التحرير،والتحرير هنا لا يأتي في سياق برئ،لو كان الشعب الليبي لوحده هو الذي اسقط القذافي لكان في الأمر ما يقال،وان كان مثل هذا المصطلح لم يستعمل من قبل حتى في حالة ثورة الشعوب على أنظمتها.
الشعب الليبي (والان لا نريد ان نناقش موقفنا من أي شئ)،
فعل ذلك بالشراكة مع قوات أجنبية هي قوات الناتو،مما يجعل للمفهوم دلالات أخرى،
هي في غاية الخطورة ليس على ليبيا فحسب،
هنا نقول انه بالإمكان التعاون مع القوى الأجنبية(والحديث يدور عن الناتو لمن لا يعلم)،للتخلص من طاغية ،واعتبار ما حدث عملية "تحرير".
هذا سيجوز على أي بلد عربي،المسألة
اننا اجزنا مثل هذا التدخل،
واعتبرناه بعد ذلك عملية"تحرير"،
هل يمكن ان يكون هناك اخطر من مثل هذه العقلية.
المسألة الثانية والأشد خطورة في ذات السياق ،
هي التقليل بشكل ملفت للنظر من خطورة التدخل الأجنبي،إلى جانب الانشغال المذهل للغاية في جرائم النظام.
مثلا لا احد يعلم حتى الآن أي دمار أحدثته القوات الأجنبية في ليبيا،في طرابلس وغيرها،لقد تم إخفاء حجم ما قامت به هذه القوات من عدوان على ليبيا،وهي مسألة مهمة بالنسبة لحلفاء الناتو لتبرير وجودهم في ليبيا ما بعد القذافي .
ما هو أكثر مقلق في ما يحدث في ليبيا هو الصراع القائم بين القوى الثلاث المركزية المتقاتلة على نفط ليبيا،ا
يطاليا وفرنسا وبريطانيا،
وهو ما يجب ان يثير غضب كل إنسان ،
فالنفط الليبي يبدو وكأنه مسألة غربية داخلية لا علاقة لليبيين بها ،
و"إعادة اعمار" ليبيا هي مسألة غربية داخلية،
تقاسمتها القوى المشتركة في مؤتمر باريس ،
ومستقبل ليبيا سيكون بالضرورة مسألة غربية داخلية ،
لسبب بسيط للغاية ، لأنه سيشتق من تقاسم النفط الليبي و"إعادة اعمار ليبيا"،نحن من هذه الزاوية أمام بوسنة وعراق جديدين.
ما هو مقلق للغاية أكثر،
هو انه ورغم الإعلان عن نهاية القذافي فان المشاكل الداخلية في ليبيا ،
بين الليبيين تحديدا لم تنته بعد،
بالعكس هناك من يقول انها بدأت الآن.
أكثر المشاكل التي تواجه ليبيا داخليا هي الصراع بين القبائل،وهو صراع يبدو بالنسبة لنا مسألة هامشية للغاية،لكنه أكثر ما يهدد النسيج الاجتماعي الليبي الداخلي.
جبهة أخرى للصراع تتمثل بين الموالين للغرب وأمريكا خاصة،وبين الموالين لليبيا الحرة الحقيقية.
لا يمكن الاستهانة بما ينتظر ليبيا في المرحلة القادمة،لا يمكن التغاضي عن التواجد الاجنبي منذ الان في ليبيا حتى وان كان اعلن عن "انسحاب قوات الناتو حتى نهاية الشهر"،هذه فرية اعلامية كبيرة،نحن نعلم ان الاستعمار حين يدخل لا يخرج بمثل هذه السهولة،التاريخ يعلمنا والتجارب،والعراق وافغانستان،اذا كنا نعتقد ان الغرب بعد ان احكم السيطرة على ليبيا ونفطها سيترك البلاد،فان لدينا مشكلة،الاستعمار لا يترك البلاد التي يحتلها بالقوة،ويواجه بها مقاومة شرسة،كما في العراق وافغانستان،فكيف اذا وجهت له دعوة رسمية باحتلال البلاد ل"يحررها"؟
الفلتان الأمني
أثارت جملة قالها رئيس المجلس الانتقالي في ليبيا حول تشكيل شركات أمنية خاصة لمواجهة الفلتان الأمني حفيظة الكثير من الليبيين.
الفلتان الأمني والفوضى الأمنية هي معادلة أثبتت نجاعتها في إعادة بناء الدول من جديد،العراق هو نموذج حي ماثل أمامنا.
الشركات الأمنية الخاصة على شاكلة بلاك ووتر في العراق(التي هي ليست من ضمن القوات النظامية الأمريكية الرسمية)،ما زالت في العراق.
عشرات الاف الجنود من المرتزقة ما زالوا يعيثون في العراق ارهابا وقتلا وفسادا.
نحن نعلم،لمن لا يعلم،ان الشركات الامنية الخاصة،أي جيوش المرتزقة،تحتاج الى من يدربها،ويوجهها،ل"ضبط امن البلد"،وهذه كما نعلم مسائل لا يملكها الليبيون،الشركات الأمنية الخاصة،التي ستشكل ،ونظنها كذلك،ستكون تحت رعاية وحماية اجنبية،والان ستكون بترخيص رسمي للاسف.
لن يترك الغرب ليبيا تهنأ بالأمن ،لان احد المهام التاريخية الملقاة على عاتق الاستعمار وهؤلاء هو ان لا يهنأ عربي ومسلم ومستضعف على الارض بالامن والامان،هذا ليس مشروعا سياسيا بالنسبة لهم،هذا مشروع عقدي بالدرجة الاولى،هكذا فهمنا الصراع وهكذا سنبقى نفهمه حتى لو وزع علينا الاستعمار ورودا بدل القنابل.
من سايكس-بيكو الى سار-كام
في الزيارة التي قام بها كل من الرئيس الفرنسي نيقولاي ساركوزي ورئيس الحكومة البريطاني دافيد كاميرون،لتقديم "التهاني" للشعب الليبي،اعلن الاثنان عن بداية حقبة سار(ساركوزي)-كام(كاميرون).
كانت سايكس بيكو (فرنسا وبريطانيا للمفارقات)
هي اللحظة التي تم بها تقسيم العالم العربي بحسب حدود وجغرافيا جديدة اثر انهيار الامبراطورية العثمانية،
وقد صفق الكثيرون ورقصوا في الشوارع ابتهاجا للثورة العربية الكبرى والثورات التي لحقتها,
وعاشت البلاد العربية فترة استعمارية من اشد واظلم ما عاشته في حياتها.
سار-كام جاء ليرث انقاض سايكس بيكو،
ليعيد تقسيم العالم العربي والاسلامي من جديد على اساسين
:الاعراق والقبليات والاقليات والثاني على اساس الموارد(النفظ والغاز بالاساس).
العراق وافغانستان والسودان ولبنان وليبيا وما يحدث في مصر مؤخرا،
اليمن وسوريا الجزائر والسعودية هي المرشحة القادمة،
الأردن هي دولة احتياط لتوطين الفلسطينيين مستقبلا،ولا حاجة لفعل أي شئ في الإمارات الخليجية ما زالت ليست أكثر من مزارع أمريكية وإسرائيلية.
نحن الان في خارطة التقسيم الثاني للوطن العربي،ليس هناك اسهل من نبش الفتن،ما حدث في مصر قبل فترة قصيرة هو مؤشر خطير على ما ينتظرها.
دعاء
اللهم انا نعوذ بك من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن،اللهم سلمنا من فتن هي كقطع الليل المظلم،التي يصبح بها الحليم حيرانا.
اللهم فاشهد إني أكثر المتفائلين في هذه الأيام.
عبد الحكيم مفيد
انتهى القذافي ، قتل ، ولا يهم الآن ان كان قتل في مواجهة مباشرة،او بعد ان قصفت قافلته من طائرات الناتو،هذه مسائل غير مهمة من حيث التقنية.
لكن هناك ما يجب ان يشغل بالنا للغاية بعد مقتل القذافي،ليس حزنا عليه،
بل حزنا على ليبيا وشعبها.
بحسب وسائل الإعلام فان المجلس الانتقالي سيعلن قريبا عن "تحرير ليبيا"،
وهذا الكلام يحتاج إلى وقفة ،
هي أهم في رأينا من مقتل القذافي،
الذي يحاول البعض الآن ان يشغل الليبيين به،
والعرب معهم.
ولنلاحظ ان مصر مثلا لم "تحرر" من مبارك،
ومثلها تونس،
فلماذا ليبيا بالذات هي التي سيعلن عن تحريرها ولماذا؟؟؟.
كانت بلادنا دائما تحرر من الاستعمار،وكان التحرير دائما يرتبط في وعينا وما زال بالاستعمار،فكيف يكون التحرير الآن مرتبطا بالتخلص من أنظمة ،
هي دكتاتورية ومتآمرة على شعوبها،
هذا صحيح،لكن لم يحدث في أي مرة أن أطلق على التخلص من نظام،
مهما كان مارقا وفاشيا،بالتحرير،
فممن تحررت ليبيا؟
المصطلح الجديد الذي تتناقله وسائل الإعلام حتى دون وضعه في مزدوجين خطير للغاية،تكمن خطورته في أكثر من جانب.
الأول هو إعادة تعريف مفهوم التحرير،والتحرير هنا لا يأتي في سياق برئ،لو كان الشعب الليبي لوحده هو الذي اسقط القذافي لكان في الأمر ما يقال،وان كان مثل هذا المصطلح لم يستعمل من قبل حتى في حالة ثورة الشعوب على أنظمتها.
الشعب الليبي (والان لا نريد ان نناقش موقفنا من أي شئ)،
فعل ذلك بالشراكة مع قوات أجنبية هي قوات الناتو،مما يجعل للمفهوم دلالات أخرى،
هي في غاية الخطورة ليس على ليبيا فحسب،
هنا نقول انه بالإمكان التعاون مع القوى الأجنبية(والحديث يدور عن الناتو لمن لا يعلم)،للتخلص من طاغية ،واعتبار ما حدث عملية "تحرير".
هذا سيجوز على أي بلد عربي،المسألة
اننا اجزنا مثل هذا التدخل،
واعتبرناه بعد ذلك عملية"تحرير"،
هل يمكن ان يكون هناك اخطر من مثل هذه العقلية.
المسألة الثانية والأشد خطورة في ذات السياق ،
هي التقليل بشكل ملفت للنظر من خطورة التدخل الأجنبي،إلى جانب الانشغال المذهل للغاية في جرائم النظام.
مثلا لا احد يعلم حتى الآن أي دمار أحدثته القوات الأجنبية في ليبيا،في طرابلس وغيرها،لقد تم إخفاء حجم ما قامت به هذه القوات من عدوان على ليبيا،وهي مسألة مهمة بالنسبة لحلفاء الناتو لتبرير وجودهم في ليبيا ما بعد القذافي .
ما هو أكثر مقلق في ما يحدث في ليبيا هو الصراع القائم بين القوى الثلاث المركزية المتقاتلة على نفط ليبيا،ا
يطاليا وفرنسا وبريطانيا،
وهو ما يجب ان يثير غضب كل إنسان ،
فالنفط الليبي يبدو وكأنه مسألة غربية داخلية لا علاقة لليبيين بها ،
و"إعادة اعمار" ليبيا هي مسألة غربية داخلية،
تقاسمتها القوى المشتركة في مؤتمر باريس ،
ومستقبل ليبيا سيكون بالضرورة مسألة غربية داخلية ،
لسبب بسيط للغاية ، لأنه سيشتق من تقاسم النفط الليبي و"إعادة اعمار ليبيا"،نحن من هذه الزاوية أمام بوسنة وعراق جديدين.
ما هو مقلق للغاية أكثر،
هو انه ورغم الإعلان عن نهاية القذافي فان المشاكل الداخلية في ليبيا ،
بين الليبيين تحديدا لم تنته بعد،
بالعكس هناك من يقول انها بدأت الآن.
أكثر المشاكل التي تواجه ليبيا داخليا هي الصراع بين القبائل،وهو صراع يبدو بالنسبة لنا مسألة هامشية للغاية،لكنه أكثر ما يهدد النسيج الاجتماعي الليبي الداخلي.
جبهة أخرى للصراع تتمثل بين الموالين للغرب وأمريكا خاصة،وبين الموالين لليبيا الحرة الحقيقية.
لا يمكن الاستهانة بما ينتظر ليبيا في المرحلة القادمة،لا يمكن التغاضي عن التواجد الاجنبي منذ الان في ليبيا حتى وان كان اعلن عن "انسحاب قوات الناتو حتى نهاية الشهر"،هذه فرية اعلامية كبيرة،نحن نعلم ان الاستعمار حين يدخل لا يخرج بمثل هذه السهولة،التاريخ يعلمنا والتجارب،والعراق وافغانستان،اذا كنا نعتقد ان الغرب بعد ان احكم السيطرة على ليبيا ونفطها سيترك البلاد،فان لدينا مشكلة،الاستعمار لا يترك البلاد التي يحتلها بالقوة،ويواجه بها مقاومة شرسة،كما في العراق وافغانستان،فكيف اذا وجهت له دعوة رسمية باحتلال البلاد ل"يحررها"؟
الفلتان الأمني
أثارت جملة قالها رئيس المجلس الانتقالي في ليبيا حول تشكيل شركات أمنية خاصة لمواجهة الفلتان الأمني حفيظة الكثير من الليبيين.
الفلتان الأمني والفوضى الأمنية هي معادلة أثبتت نجاعتها في إعادة بناء الدول من جديد،العراق هو نموذج حي ماثل أمامنا.
الشركات الأمنية الخاصة على شاكلة بلاك ووتر في العراق(التي هي ليست من ضمن القوات النظامية الأمريكية الرسمية)،ما زالت في العراق.
عشرات الاف الجنود من المرتزقة ما زالوا يعيثون في العراق ارهابا وقتلا وفسادا.
نحن نعلم،لمن لا يعلم،ان الشركات الامنية الخاصة،أي جيوش المرتزقة،تحتاج الى من يدربها،ويوجهها،ل"ضبط امن البلد"،وهذه كما نعلم مسائل لا يملكها الليبيون،الشركات الأمنية الخاصة،التي ستشكل ،ونظنها كذلك،ستكون تحت رعاية وحماية اجنبية،والان ستكون بترخيص رسمي للاسف.
لن يترك الغرب ليبيا تهنأ بالأمن ،لان احد المهام التاريخية الملقاة على عاتق الاستعمار وهؤلاء هو ان لا يهنأ عربي ومسلم ومستضعف على الارض بالامن والامان،هذا ليس مشروعا سياسيا بالنسبة لهم،هذا مشروع عقدي بالدرجة الاولى،هكذا فهمنا الصراع وهكذا سنبقى نفهمه حتى لو وزع علينا الاستعمار ورودا بدل القنابل.
من سايكس-بيكو الى سار-كام
في الزيارة التي قام بها كل من الرئيس الفرنسي نيقولاي ساركوزي ورئيس الحكومة البريطاني دافيد كاميرون،لتقديم "التهاني" للشعب الليبي،اعلن الاثنان عن بداية حقبة سار(ساركوزي)-كام(كاميرون).
كانت سايكس بيكو (فرنسا وبريطانيا للمفارقات)
هي اللحظة التي تم بها تقسيم العالم العربي بحسب حدود وجغرافيا جديدة اثر انهيار الامبراطورية العثمانية،
وقد صفق الكثيرون ورقصوا في الشوارع ابتهاجا للثورة العربية الكبرى والثورات التي لحقتها,
وعاشت البلاد العربية فترة استعمارية من اشد واظلم ما عاشته في حياتها.
سار-كام جاء ليرث انقاض سايكس بيكو،
ليعيد تقسيم العالم العربي والاسلامي من جديد على اساسين
:الاعراق والقبليات والاقليات والثاني على اساس الموارد(النفظ والغاز بالاساس).
العراق وافغانستان والسودان ولبنان وليبيا وما يحدث في مصر مؤخرا،
اليمن وسوريا الجزائر والسعودية هي المرشحة القادمة،
الأردن هي دولة احتياط لتوطين الفلسطينيين مستقبلا،ولا حاجة لفعل أي شئ في الإمارات الخليجية ما زالت ليست أكثر من مزارع أمريكية وإسرائيلية.
نحن الان في خارطة التقسيم الثاني للوطن العربي،ليس هناك اسهل من نبش الفتن،ما حدث في مصر قبل فترة قصيرة هو مؤشر خطير على ما ينتظرها.
دعاء
اللهم انا نعوذ بك من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن،اللهم سلمنا من فتن هي كقطع الليل المظلم،التي يصبح بها الحليم حيرانا.
اللهم فاشهد إني أكثر المتفائلين في هذه الأيام.
عبد الحكيم مفيد