المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منقول: لماذا تكثر المصطلحات الأجنبية في مقالات الباحثين المسلمين؟



كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
12-01-2011, 02:55 PM
فقط عندي سؤال شيخنا الفاضل لو تكرمت ؟؟
ما المعنى من إثراء المقالات بالعبارات الإنجليزية والتي أرفق قبلها المعنى العربي للمصطلح ؟
هذا ملموس بكثرة في جهود الباحثين فما السبب في الحصر دون غيرها من اللغات ؟

جزاكم الله خيرا

إلى حب الله
12-01-2011, 09:46 PM
فقط عندي سؤال شيخنا الفاضل لو تكرمت ؟؟
ما المعنى من إثراء المقالات بالعبارات الإنجليزية والتي أرفق قبلها المعنى العربي للمصطلح ؟
هذا ملموس بكثرة في جهود الباحثين فما السبب في الحصر دون غيرها من اللغات ؟

جزاكم الله خيرا

من بعد إذن أخينا وأستاذنا أبي الفداء جزاه الله خيرا ً...
أخي الحبيب محب ..
بالنسبة لاستخدام اللغة الإنجليزية أولا ً: لصيرورة كتابة مختلف العلوم بها اليوم ..
وخصوصا ًأمام الباحث العلمي : مسلما ًكان أم غير مسلم ..
أما تعمد استخدام بعض الألفاظ والمصطلحات الإنجليزية في الموضوع :
فله أسباب عدة : يمكنني أن أعرض عليك بعضا ًمنها مثل :

1...
معرفة القاريء بأن الكاتب : مُطلع على علوم القوم وكتاباتهم : فيعلم باتساع ثقافته ..
وهذا لا يطعن في خلفية الكاتب الإسلامية ومنطلقه منها في شيء ..

2...
بعض الناس يسمعون أحيانا ًألفاظا ًيتداولها علماء أو أشباه علماء أو مَن يتعولمون على الناس بأن يلوكوا مثلها في أفواههم : مما يوحي للسامع أو القاريء لهم : أنهم فوق ثقافة البشر ..
ولا يدري أولئك الناس أن هذه الألفاظ لها معانٍ عادية وليست بالصورة العميقة ولا الصعبة التي تخيلوها من أفواه هؤلاء ..

3...
من المفيد أيضا ً(ومن باب التوعية للقاريء) : أن يُوضع المقابل اللغوي والترجمة الصحيحة للكلمات والمصطلحات الهامة في موضوع ما : ليتعرف القاريء عليها : ويستطيع تتبعها إذا أراد بمزيد من البحث والتحري .. إلخ
فلا مانع مثلا ًفي كتابة موضوع عن التطور المزعوم :
أن أذكر مصطلح random mutation بعد ذكري للطفرات العشوائية مثلا ً..
أو أذكر مصطلح natural selection بعد ذكري للانتخاب أو الانتقاء الطبيعي ..
وخصوصا ًوأن بعض المصطلحات تختلف تراجمها المعتادة عن المتوقع :
مما يجعل من المفيد بيان ترجمتها الصحيحة المقابلة للمعنى المراد باللغة الإنجليزية ..

وهكذا أخي الحبيب ..
وبارك الله في أستاذنا الفاضل أبي الفداء ..
وفي تعقيبات أستاذنا المُجد عبد الله الشهري ..

والله الموفق ..

أبو الفداء
12-01-2011, 11:27 PM
أخي الحبيب عبد الله: جزاك الله خيرا وشكر الله لك الإضافة الطيبة.
أخي الفاضل البرازيلي: كما تفضل الشيخ أبو حب الله، جزاه الله خيرا، وأضيف أن الأمر ليس "حصرا" في هذه اللغة بعينها، وإنما قد صارت هي لغة عامة الأبحاث المعاصرة في تلك العلوم رضينا أم أبينا، ولذا فهي اللغة التي وضعت بها مصطلحاتها الحادثة لا سيما في القرون الثلاثة الأخيرة. وترجمة المصطلح إلى العربية قد لا تبلغ أن تكون مصطلحا في نفسها (من حيث شهرة الاستعمال بين أصحاب اللسان العربي)، وقد تتعدد الترجمات للمصطلح الواحد، فتدعو الحاجة إلى إثبات المصطلح الأصلي بلغته في محله حتى لا يقع الالتباس، والله أعلم.
أخي الكريم أبا حب الله: جزاك الله خيرا وبارك فيك.

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
12-01-2011, 11:43 PM
الله يكثر خيركم جميعاً أيها المؤمنون ..
لكن الذي انقدح في ذهني ولا مهرب منه أنها التبعية اللاشعورية للغرب إذ أن الضعيف يقتدي بالقوي لا العكس ، فالمناهج الدراسية والمقررات التعليمية رسخت هذه المفاهيم جبراً وقسراً شعورياً ولاشعورياً فلم يكن هناك بد من التقليد !
ولكن السؤال شيخنا متى يحدث العكس وكيف ؟
متى يمكن قلب هذه الوقائع لصالح الإسلام ؟
وإن لم يكن هذا ممكناً فمتى يمكن فك الإرتباط من هذه التبعية وكيف ؟

أبو الفداء
12-02-2011, 03:32 PM
جزاك الله خيرا.
هذا سؤال جيد ومهم للغاية، ويحتاج إلى تحرير دقيق.
فأقول والله الموفق: يحدث العكس عندما يحدث العكس. أي عندما يكون عامة الباحثين المسلمين (أصحاب اللسان العربي) هم منتجو المحتوى المعرفي التنظيري الذي يكتبون فيه، انتاجا أصليا غير مسبوق، يتابعهم عليه غيرهم أخذا عنهم، لما يرونه من حاجتهم إلى ذلك. فببداهة العقل، عندما نضع نحن العرب علما جديدا مستقلا عن عامة المعارف التي وضعها أصحاب الألسن الأخرى بألسنتهم، فإننا نصبح أهل تلك الصنعة الجديدة ومؤسسوها ومبدعوها، ويصبح الاصطلاح فيها ما اصطلحنا نحن عليه فيما بيننا بلساننا، لا لأنه حقنا الفكري، ولكن لأن من أراد أن يواصل البحث في تلك الصنعة الجديدة إكمالا لما بدأناه نحن فيها، فسيضطر إلى التعلم على أيدينا أولا، وإلى موافقة اصطلاحنا نحن، حتى يتمكن من تحقيق التواصل المعرفي الذي يرجوه مع أهل تلك الصنعة المختصين فيها، أصحاب السلطان المعرفي فيها. لذا فكل من يأتينا يريد أن ينتفع بتلك الصنعة التي كنا نحن من بدعها، فسيتعلم مصطلحنا فيها ولابد، وسيكون هو المطالب بتعلم هذا اللسان (الذي يصح أن يسمى حينئذ بلسان تلك الصنعة، أو لغة ذلك العلم) والتزامه في كل ما يريد أن يخاطب به أهل ذلك الاختصاص !
ولهذا، اضطر المختصون من مجالات شتى في القرون السالفة إلى تعلم اللسان اللاتيني حتى يتمكنوا من التخصص في مختلف العلوم، ثم بعد ذلك في القرون الوسطى أصبح لزاما على الباحثين من كل الأمم أن يتعلموا اللسان العربي حتى يتمكنوا من دراسة بعض العلوم التي أحدثها العرب في زمانهم (منها على سبيل المثال علم "الجبر" الذي لا يزال إلى الآن محتفظا بحقه في أن يظل اسمه كما سماه واضعوه!). ولهذا السبب نفسه ، كان لزاما (من جهة العقل فضلا عن الشرع) على المسلمين الجدد أن يتعلموا اللسان العربي، لأن السلطان المعرفي فيها عربي اللسان، وأم الكتب فيها (كتاب الله أولا ثم كتب السنة، ثم مصنفات علماء الشريعة) كلها باللسان العربي! لا يُقبل بحال من الأحوال أن يأتينا من يريد أن يصنف كتابا في أصول الفقه أو أصول التفسير أو مصطلح الحديث - مثلا - باللغة الانكليزية! هذه سنة كونية ماضية لا تبديل لها.
ولو تأملت لوجدتني قيدت كلامي بقيد دقيق في قولي: "إنتاجا أصليا غير مسبوق". فأنا بطبيعة الحال لا أقصد بقولي "أصلي" أنه ليس بمنسوخ أو مستورد أو مسروق أو مقتبس أو غير ذلك، هذا المعنى واضح لا يحتاج إلى بيان. وإنما أقصد بكونه أصليا، ألا يكون متفرعا عن علم آخر. فالعلوم صنفان: أصلي وفرعي. فتجد مثلا تحت لواء علم الاجتماع، عدة علوم فرعية مستحدثة، وكذلك تحت علم النفس وغيره من العلوم الإنسانية، وكذا في العلوم الطبيعية، بل وكذلك في العلوم الشرعية (وهو أمر أصبح من ضرورات هذا الزمان، أن تتوالد الفروع العلمية دقيقة الاختصاص تحت علم الفقه وعلم التوحيد وغيره، وهذا مطروح للنقاش في دوائر البحث الأكاديمي الشرعي، وقد أشرت له في غير موضع). هذه العلوم الفرعية يضطر الباحثون فيها إلى عرض ما لديهم على أصحاب العلوم الأصلية ومناقشتهم فيه، حتى ينشأ ذلك العلم الفرعي الجديد نشأة صحيحة، مستمدا ما يلزم استمداده من الأصل الذي تفرع عنه، ومن ثمّ فسيكون اللسان مشتركا بين العلمين لا محالة. فلا يمكن أن يلهمني ربي وأنا باحث عربي اللسان، إلى إبداع علم جديد تحت علوم النفس - مثلا - كفرع عنه، فإذا بي أضع أفكاري ونظرياتي وما أضربه من مصطلحات جديدة لذلك العلم، كل ذلك باللغة العربية! كيف سأتواصل مع أهل الصنعة الأم التي أريد أن أتفرع عنها، وكيف سأفيد من نقدهم العلمي الأكاديمي، ملتزما بأصول عامة متقررة لديهم في البحث العلمي، إنما أردت التفريع والتخريج عليها - على سبيل التخصيص لما عمموه (غالبا) - لا نسخها بما عندي، وأنا أكتب أبحاثي العلمية بغير لسان تلك الصنعة؟
دعني أحدثك عن تجربتي الخاصة في مسألة لغة العلم هذه. فلقد كنت في أول طريق البحث الأكاديمي المتخصص في مجالي، باحثا حدثا متحمسا للغة القرءان، أرى كما أظن كثيرا من الباحثين المسلمين يرون أنه ينبغي أن نتمسك بسلطان لساننا العربي، وألا نكتب البحث الأكاديمي في أي علم من العلوم إلا به، وكنت أظن أن نفع المسلمين بما نكتب لن يتحقق إلا بذلك. وكنت شديد الحماسة لمطلق فكرة "تعريب العلوم"، أدعمها دعما كاملا. وكان من أثر ذلك أن شرعت في تصنيف رسالتي للدكتوراة باللغة العربية. والتزمت ذلك طوال فترة البحث (على مدى خمس سنوات كاملة)، حتى انتهيت منها باللغة العربية. مع أن اختصاصي الدقيق الذي صنفت فيه، كانت لغة "السلطان المعرفي" فيه انكليزية خالصة. فكان من أثر ذلك، أن عجزت عن اختيار محكم أجنبي من أهل تلك الصنعة، ليشارك في تحكيم رسالتي كما تشترط الجامعة، واضررت - إمضاء للائحة الجامعة - إلى اختيار محكم عربي ممن سافروا إلى الخارج لتعلم ذلك العلم عند أصحابه! وصار يواجهني عائق آخر ألا وهو كيفية التواصل الأكاديمي مع أهل الصنعة لإيصال ما توصلت إليه في تلك الرسالة من نظريات جديدة في مجال اختصاصي إليهم، وللانتفاع بما عندهم على الوجه الأكمل، فأجدني مضطرا إلى إعادة كتابة تلك الأفكار كلها من جديد بلسان آخر، فلك أن تتأمل ما في ذلك من جهد ووقت مهدر!
والقصد أخي الكريم، أنه إذا ما تحرر لدينا أن لكل علم لسانا تستعمله السلطة المعرفية وتحرر به مباحثها وتستولد به مصطلحات العلم نفسه، وجب أن نفرق بين مقامين في الكتابة والخطاب عامة كثيرا ما يختلطان على عامة الباحثين الأكاديميين في بلادنا. وما أحسب إلا أن مسألة التعريب قد أتي فيها كثير من أصحابها من هذه الجهة. (1):
- مقام البحث المتخصص (أي الذي يخاطب به المتخصصون من أهل الصنعة)،
- ومقام الخطاب الموجه إلى العوام من خارج دائرة الاختصاص العلمي.
فأما المقام الأول، فيجب فيه التزام ما يصطلح عليه أهل التخصص، ويراعى فيه إيصال المقصود إليهم بطريقتهم، ومن ذلك التزام لغتهم في الكتابة لا محالة. وأما المقام الثاني، فيراعى فيه تذليل العلم وتسهيله، وإيصال ما يلزم إيصاله منه إلى العامي لتحقيق المنفعة المنشودة من ذلك العلم، وهذا – بطبيعة الحال – يجب أن يكون بلسان المخاطب العامي (اللسان العربي في حالتنا) ويجب أن يكون المصطلح العلمي فيه عند أدنى حد ممكن. وفي شريعتنا نظير ذلك التفريق في الخطاب وقد كان يلتزمه أئمة السلف والعلماء المتقدمون في التفريق بين المدونات والمطولات المخصصة لبسط مسائل العلم والغوص فيها، والمختصرات والمتون الموجزة المخصصة للطلبة المبتدئين، ففرق بين مقام التعليم ومقام البحث، ومقام ثالث: الدعوة والخطاب للعامة والدهماء (وهو قريب من مقام التعليم أو لعله داخل تحته)، فلا يكون خطاب العوام وأشباههم إلا بلغة تناسب أفهامهم. وإن كنا نعاني اليوم في زمان فوضى المعلومات وفوضي التصنيف والتأليف والدعوة والنشر، من اختلاط تلك المقامات الثلاثة اختلاطا كبيرا في بلادنا، والله المستعان. هذا الاختلاط المدمر لا يعاني منه الأكاديميون من أصحاب التخصصات العلمية في تلك البلاد التي أورثتنا تلك الفوضى في النشر و"حرية التعبير"، لأسباب وضوابط أجمعت عليها دور النشر العلمي المتخصص عندهم، لا يتسع المحل ههنا لذكرها، وقد أرجئها لمقال مخصوص، إن مدّ الله في العمر.
هذان المقامان الأساسيان: البحث المتخصص من جانب، والخطاب الموجه للعامة من جانب آخر، تتأرجح فيما بينهما عامة المقالات والأبحاث التي يتفضل بها الإخوة الكرام في هذا المنتدى المبارك، والسبب في ذلك في الحقيقة: طبيعة الشبهات الفلسفية التي يتعامل معها المحاورون والأساتذة الكتاب ههنا. فهي في عامتها مأخوذة من نظريات فلسفية معاصرة، ومصطلحات ما بين لاتينية وانكليزية، لا يقرأ من تلقوا تلك الشبهات ما يقرؤون إلا بلسانها، ومنها استشربوا ما استشربوا. فصحيح إنهم ليسوا باحثين متخصصين في تلك الحقول المعرفية التي يتقافزون فيما بين مراجعها المعاصرة يتهافتون عليها تهافت الفراشات على النار، يأخذون من كتابات من يكتبون فيها سواء كانوا متخصصين فيها حقيقة أم غير ذلك (ولا تمييز لأكثرهم في ذلك أصلا ولا مرجعية كما تعلمون)، إلا أنهم كذلك لا ينبغي أن تخلو مخاطبتهم من تلك المصطلحات التي يحسبون أنهم قد حازوا العلم كله بسبب ما ظنوا أنهم فهموه من معانيها! ففي مقالي الأخير الذي جعلته بعنوان "بل القطع قطع والظن ظن وإن كرهتم"، كان منطلقي للكتابة أن جاءني من لا يعجبه أن قلت لأحد الأعضاء اللادينيين إنه لا يدري الفرق بين ما يقال له كذا وما يقال له كذا عند فلاسفة المعرفة، مع أن هذا التفريق بين مسمى المصطلحين ومفهومهما، تفريق عقلي فطري ضروري لا ينبغي أن يخالف فيه عاقل (وإن خالفه من خالفه من أصحاب الفلسفات السوفسطائية المعاصرة)، بل إن عليه – أي على استصحابه كأصل عقلي كلي - قام علم النفس المعاصر كله، وجملة كبيرة من العلوم الإنسانية! ففي هذا المقام يكون استعمال المصطلح (بلسانه الأصلي) بحسب الحاجة، ولا نبالغ حتى لا ينقلب المقال إلى صورة الخطاب البحثي الذي لا يوجه مثله إلا لفلاسفة ومختصين في تلك المعارف لا يبلغ هؤلاء الذين يناوشوننا من الملاحدة في المنتديات أن يكونوا منهم فنفوت بذلك المقصد الدعوي المرجو من مخاطبة هذا الصنف من العوام، وفي نفس الوقت لا ننزل عن قدر الحاجة فلا يتحقق لنا ما نريد. وهو أمر تقديري واسع على كل حال، تتفاوت فيه أنظار الباحثين الشرعيين.
فرجوعا إلى سؤالك الأصلي: متى ترجع لنا وللساننا الريادة في صناعات المعارف والعلوم كما كان الأمر في القرون الوسطى، فجوابه كما أسلفت: عندما ترجع لنا الريادة في إنتاج العلم (تنظيرا وتأليفا)، وعندما يصبح لأهل لساننا شراكة فعالة في أوساط التنظير الأكاديمي على المستوى العالمي، وعندما يصل عامة العقلاء في أمة الدعوة إلى التحرر من سطوة الفلسفة المادية الإلحادية على ساحات البحث الأكاديمي في العلوم الطبيعية والإنسانية، ويكون قد وفق باحثونا في الوقت نفسه في إرساء دعائم التنظير في فلسفات المعرفة بما يوضح بجلاء أن هذا الدين إنما جاء بحقيقة العلم وأساسه المتين، وأن ريادة هذه الأمة في القرون الوسطى في العلوم الدنيوية لا تستوي بريادة الغرب في هذا الزمان كما هي غاية طموح بعض إخواننا أن يثبتوه، بل إنها تفوقه بمراحل كثيرة، لأنها تأسست – إجمالا - على أساس علمي، لا على جهل وتخرص وادعاء العدمية في محل ما جاء به الوحي من الماورائيات، وهذه أمور لا يوصل إليها إلا باجتماع جهود جيش عظيم من العلماء وطلبة العلم والمنظرين المنضبطين المبدعين كل في تخصصه، والله أسأل أن يمن علينا برؤية مقدمات ذلك الأمر قريبا، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.



----------
(1) يعني ما وجه أن نقوم بتعريب علم الطب الحديث كله بمصطلحاته - مثلا - إلى اللغة العربية، ونحن ندري تمام الدراية أن باحثينا العرب مهما أضافوا إلى تلك الصنعة من جديد ومبتكر، فهم مضطرون لمناقشة رؤوس التنظير فيها بلسانهم، والمباحثة معهم والإفادة منهم والتواصل معهم في الزيادة والبناء على ما هو مأخوذ منهم بالأصالة؟ هذا جهد مهدر لا قيمة له! وآية أنه لا قيمة له، أن تلك المصطلحات المعربة العجيبة كانت ولا تزال شاذة على أهل التخصص حتى في البلاد التي ظهر فيها ذلك التعريب!! وهل يرضينا - بالقياس - أن نرى قوما قاموا بأنكلة (نحتا من الانكليزية) كافة مصطلحات علم مصطلح الحديث - مثلا - لمجرد أنهم يرون أن لسانهم الانكليزي ينبغي أن يكون له السيادة في كل شيء؟ السيادة المعرفية لا تؤخذ إلا بحقها! وهي ليست جزءا واحدا لا يتجزأ، بل هي في كل صنعة من صناعات المعرفة بحسبها، وبحسب تاريخها ومحل نشأتها وارتباطها بما تتلقى عنه من مصادر استمداد معرفي وهكذا. فمن العجيب أن ترى بعض المفكرين يظن أن سيادة اللسان الانكليزي في زماننا جاءت من سيادة القوى الغربية العظمى عسكريا، ومن غزوها لبلادنا خلال القرنين الماضيين. والواقع أن من يرى هذا الرأي، يجعل السبب نتيجة والنتيجة سببا، ويضع العربة أمام الحصان! فالصواب أن يقال إنهم لم يتمكنوا من السيادة العكسرية والغزو، حتى كانت السيادة العلمية في سائر العلوم الدنيوية لهم وبلسانهم أصلا! فإذا انضاف إلى ذلك، حالة الانهزام النفسي التي يبتلى بها الضعيف بإزاء القوي المكتسح، تضاعفت التبعية أضعافا في نفس ذاك الضعيف، وجاوزت الحد الذي تجيزه الضرورة المعرفية عنده إلى صور من الغلو في التقليد شديدة القبح والمذمة عقلا وشرعا، صور أفرز مجموعُها في القرن قبل الماضي ذلك المسخ الثقافي الذي ما زلنا نعاني منه إلى اليوم أشد المعاناة، والله المستعان! فعندما نروم مخاطبة هذه الإشكالية فلسفيا، فلا نأتي إلى تلك العلوم المستوردة نعربها ونطالب المختصين بالتزام التعريب هكذا عنوة، ونحسب أننا بذلك نحقق لأنفسنا السيادة المعرفية التي افتقدناها! هذا مدخل سطحي وساذج للغاية في التعاطي مع المسألة.

إلى حب الله
12-02-2011, 03:49 PM
ما شاء الله أستاذنا ..
بارك الله لنا في علمك ..ونفعنا وإياك بما منّ عليك به من الفهم ..
وشكرا ًللأخ البرازيلي أن (نكش) تلك (النكشة) :):

والله يحفظكم ..

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
12-02-2011, 04:02 PM
حفتكم الملائكة بأجنحتها وذكركم الله فيمن عنده .. رفع الله قدرك عمنا أبو الفداء وغفر لك